|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
الزمان : اواخر الثمانينات كنا وكان الزمان اخضراً ،
كان الدخول للقوز يتطلب جهداً خاصاً ومثابرة فمن يخطب الحسناء لم يغلها المهر كما يقولون . أفاء على الحظ ان اكون ممن تم قبولهم بها فطرت جزلاً بذلك بعد مجهود مضن بحثاً فى اضابير الكتب وجلوس على كراسى الدرس الممل والمضنى فى احايين كثيرة ،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
لما اذف اوان فتح المدرسة يممت شطر قرية جدتى وهى قرية ضاربة الجزور فى العراقة ترقد على إحدى روافد النيل الابيض قرية بارك الله فيها وفى زرعها وفى انسانها الصابر الكريم ، تبعد القرية عن شارع الاسفلت بقرابة 8 كيلو متر بحيث يعانى الاهل فى الخريف من انقطاع السبل المفضية إلى المدن التى حولها للمعاناة هنا وجه واحد ينظر بلا رحمة ويكاد بنظرته يفترس هؤلاء المساكين المصابرين .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
كان احتفاء الاهل بى عظيماً وبخاصة جدتى حيث تم التسيق مع طلاب القرية الذاهبين للقوز كان عددهم يتجاوز ال60 ونيف فتم تأجير بص لذلك الغرض ، كان اليوم الموعود للمغادرة يوم خريفى جميل الدعاش يطير من حولك بلا جناح والشمس ترسل بأشعتها بحياء والناس متحلقون علينا ما بين مودع ومستبشر وجازع ومتماسك وحق لهم ذلك فقد كنا فى ميعة الصبا الباكر العمر غض والتجربة كبيرة علينا ومفارقة البيوت لم تكن عادة لنا .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
فى باحة كوستى الداخلية حيث الحلم صار حقيقياً :
كان جل اليوم عبارة عن ترتيب وعد وتمحيص وتوزيع فقد كانت القوز بداخلياتها الخمس السوباط والنيل الابيض وبحر الغزال والنيل الازرق واليونسكو يبدو أنهن لم يتهيأن لاستقبال القادمين فبعض من العنابر غير مضاءة وبعضها غير مطلي جدرانها جيداً وبعضها تشكو اتساخ وبعضها كسرت منه الابواب .
كان الامر مفاجأة لى فقد كنت اظن الامر سهل لكنه يبدو انه صعب وان ايامنا هنا سوف تشهد جهد . كان نصيبى داخليىة السوباط وكان إسم عنبرى يدعى غزالى العنبر طويل يقارب من ال40 متر فى 10 امتار تخاله باخرة عظيمة من العصور الوسطى سافرت عبر الازمان ، الازدحام شديد والاسرة تتباعد بشئ يسير والانفاس تكاد تسمعها ، التوجس سمة بارزة فى المكان والتفحص بطرف خفي كان السائد وتكوين الانطباع السريع مشاهد واهو امر واقع .
كان جارى عمر الحاج العجب وهو من ابناء قرية تسمى بقبقت يبدو عليه انه غير عابئ بشئ حيث كان يجلس على سريره حيث ما اتفق نظراته حادة قاسية ووسمته جاد وبه حزر لا تخطئه العين ، تتطايرت كلمات الترحاب مننا نحن الاثنان وتبادلنا التعارف وبعدها خلد كل منا للسكون فلا موضوع مشترك يمكنه ان يعلف النقاش ولا امر جامع يمكنه افتراع كلام .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
كانت لصديقى العجب هذا فى صحوه ومنامه غرائب حيث لما يخلد الناس لسطان النوم اللذيذ وينتاب الجفون خدر جميل ويسترخي الجسد المنهوك بعد كد يوم طويل ، ينقلب فجأة صديقى الهلالي إلى مذيع متحمس فما أن يدخل كندورة خط ال18 ياردة حتى يعلو صياحه وترجف رجله ولما ينوي كندورة ان يشوت الكرة صوب المرمى المريخى تتحرك رجل عمر صديقى وتهوى كمالمطرقة لا تلوي على شئ فإن كنت تعيس الحظ فقد تصيبك الرجل الهاوية على أم رأسك وربما كنت بعدها تسلم الروح ، كان عمر صديقى كريماً معي وهو يخبرنى بالامر وتجنب مواجهة وجهى رجله لئلا يقع المحظور .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
هناك مصطلحات لا غنى عنك من استعمالها وإلا انقطع حبل التواصل مع الطلاب وهى مصطلحات ورثتها الداخلية كابر عن كابر ، لا احد على وجه الدقة يعلم من الذي اطلقها وفى أي عام وكيف حافظت على زخمها عبر العقود لا احد .
من مصطلحات الداخلية الاتي :
الكدارة : وتعنى انية الماء . الشراب بتشديد الشين وضمها : وتعنى الملعقة . روما : وهى السفرة المهيلة عزفت روما : ضرب جرس الوجبة . حصار روما : ضرب الطوق عليها من قبل الطلاب قبل الفتح الاكبر . الكنتور : الفضاء الخلاء على الجانب الغربى من الداخلية . الأليكم : ابريق الصلاة ويستعمل لماَرب أخرى سوف يأتى شرحه . السنتر : عمود فى منتصف دائرة الداخلية لا يقرع نهاراً ولا يطرق ليلاً إلا للامر الجلل ( القرع لا يكون إلا نهاراً والطرق ليلاً : قال تعالى ( والسماء والطارق وما ادراك ماالطارق النجم الثاقب ) ( لا ينتابك أي إحساس بشي رعاك الله ) . الهاف : نصف رغيف الخبز يتقاسمه الطلاب . الحفر : أكل طعامك إن فرطت فيه من ضعاف النفوس وكثير ما هم . الاوكار : بيوت طين تحف بالداخلية تؤجر للطلاب العائدين ممن لم يحالفهم الحظ للدخول للجامعة . المليقة : شراب العصير لا يشرب إلا فى حين غفلة من العيون المتربصة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
تفتحت اذهاننا على واقع جديد صعب بلا شك يبدأ اليوم عند عتبات الفجر الاولى نناجى الاله الخالق منا من يطوى جنح الظلام إلى المسجد هو غير بعيد ومنا من يقعد خشية من هوام الطريق او كسل الدعة الرخيص .
النور طالب الخلوة الذى حفظ اجزاء من القران فى بادية كردفان كان يسكن بالقرب من داخليتنا شاب ورع سيماء الصلاح على جبينه الوضاء وسمت الوقار يتلبسه بلا فكاك كان لا يتداخل فيما نحن فيه زهداً في الرواح او فى الحياة ، لكنه كان دائماً كثير السلام فربما سلم عليك مرة واخرى إن ظفر بك او إلتقاك إنه اقرب للصلاح .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
لما يسدل الستار على شرفة الضياء وتحتجب الشمس خجلاً من حضور المساء ! كان النور الرجل الصالح يطرق الابواب واعظاً غير غير هياب بلغة بليغة فصيحة ولسان حكيم سقي الله تلك الايام .
يسير اليوم رتيبا مملا لا شي ذا بال يكسر رعونة الانتظار الأشجار شاخصة ترمي بظل باهت وأعمدة النور تنتصب كما الشواهد لكن بين الفينة والفينة ربما ناحت حمامة او مرت في الأثير غمامه كالثغامة .
تلك حياة القوز الداخلية اليوم فيها كليل الكليم وضيق الحال ياخذ بجنان الحليم لكن ما يهون علينا الامر الصعب اناس جبلوا علي الإسعاد كلامهم غير مملول وظرفهم بائن لكل زول هم من يلتف حولهم الناس فيلونون حياتنا بكل جميل .*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
كان موسي ريقان من ظرفا القوز كان يمتاز بكلام قاطع ، ساخر يتلمظ بها فيمجها المستقبلين موسي هذا من مدينة مرابيع ود اللبيح عرف بينهم اخا كريم وحكم لكرة القدم لا يظلم عنده للاعبين ، أما ربيح محمد الفكي وهو من مدينة قلي فكان خطيبا مفلقا متقعرا بالحديث كان طيب القلب خفيض الجناح روحه سمحة تجري علي السجية .
تقعر ربيح هذا كان عجيبا في احتفال المدرسة بنهاية الدورة المدرسية الثقافية وقد نالت داخليتنا كأسها تم توزيع هدايا لبعض الأستاذة منهم استاذ أنور فقيري صاحب التاريخ المفلق المتمكن كان أنور بهي الطلعة أصلع طويل جسيم جهير الصوت ولما حان دوره لاستلام هديته وكان مقدم البرنامج ربيح فإذا به ينادي عليه السحابة الراحلة تتقدم نحو المسرح السحابة الراحلة تتقدم ! وصل السحابة الراحلة اقصد استاذ أنور وامسك بالمايكرفون وقال لربيح هل هذا مدح ام ذم فضحك الحاضرون . سقي الله تلك الايام النضيرة وتحية لربيح بن قلي حقيقة افتقده جدا فماذا فعلت به الحياة؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
الطلاب الجنوبيون: لما اشتد أوار حرب الجنوب كان لابد ان يدفع الناس الثمن الغالي فقد تشرد من استطاع الركض شمالا وتقطعت بالبعض السبل بينما يمم آخرين شطر الجيران وتوزع آخرين علي منافي الحر والصقيع في تراجيديا كالحة مؤسفة . حاجة الانسان بعض ايدام وبعض شراب ورضي نفسي وأمان ومن عجب ان الانسان قد يصبر علي شظف العيش الكدر لكنه لا يقوي علي الصبر في جو الحرب العكر تلك غريزة النفس ترنو للنجاة بما فطرها الله.
تقاسم معنا طلاب الجنوب مقاعد الدرس ورغيف الخبز وقد رأت إدارة المدرسة ان يوزع الطلاب الجنوبيين علي عنابر الداخلية لهدف دمجهم وشغلهم عن التفكير في مصيرهم ولعل الادارة كانت ترغب في وحدة جاذبة تعويلا علي أماني واشواق تعتمل بداخل القلوب ، لم يطق الجنوبيون معنا مركبا واحدا التشاكس المهلك كان السمة البارزة والاحتكاك اللفظي كان العلامة الفارغة فقامت بين الناس حواجز من جليد لبنته من قطب الجنوب او قل شمال الجنوب لا فرق!. لما اشتد الضرر كان لابد من امر قد قدر فتم فصل الناس بعد احباط ويأس منعا للفتنة التي اشرأبت تطل برأسها الكالح . وفرت الادارة لطلاب الجنوب اسرة فخمة ومراتب لينة ونمارق مصفوفة وبطاطين مفروشة بينما كثير من باقي الطلاب يعانون العذاب بسبب ضيق ذات اليد . كان لابد من وقوع المحذور فقد هجم طلاب الجنوب في ليلة غاب فيها معظم الطلاب وصلا لاهليهم علي مجموعة من مكث خميس وجمعة واعملوا فيهم جراح وضرر واستابحوا الزمالة في ليلة كان شاهدها قمير قد غاب خلف السحاب ! كان طلاب الجنوب يتوجسون خيفة فقد أحسوا ان الانتقام لابد ات فتركوا البيات عند عتبات الداخليات وغادروا الي جوف المدينة تنقصهم سكينة فمن اين للمعتدي إياها .
دائماً الاخبار غير الجميلة تجد لها أذان وافواه تنقل بالسماع وتسمع بالنقل بينما الاخبار الجميلة مرسالها معقور وساعيها كسلان . تكامل العدد من جديد وما بين جراح ونحيب قرر بعض الطلاب الانتقام فلم يجدوا أحدا غير الاسرة والهندام فارضعوها للنيران . بسبب هذه الاحداث تم إغفال المدرسة وتغريم الطلاب مالا غير كثير وضربا علي الظهور في مأساة اختلال ميزان العدالة بسياسة شر يعم وخير يخص وظلم يوزع .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
سلام اخ فصل الصادق سرد رائع فقط لاحظت مشكلتنا الابديه ما بين حرفى الزاى والذال
حتماً لم تقصد كم عدد من ال زكريا وانما هى ذكرياتك كذلك حلّت الزاى مكان الذال فى مفردات عديده اخرى
عفواً للملاحظه وواصل سردك الجميل لا تهتم بما قلت, لست وحدك فكلنا فعلناها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: محمد زكريا)
|
دخلناها فى بداية الثمانينات عواجيز مش كنا قادمين مدرسة كوستى الاهلية المتوسطة فعلا كانت القوز طموح الكثيرين من ابناء كوستى من هم فى جيلنا لانها كانت بمثابة جامعة لخرطوم لبقية المدارس فى كوستى كان فى دفعتنا لاعب المريخ الخطير دحدوح قادما من مدرسة الخدمات المتوسطة ومن يومها القوز بقت تشيل كاس الدورة المدرسية التى كان مسيطرا عليها التدريب المهنى كانت يام جميلة فى القوز العمل السياسى كان فى اوجه معرضة لعهد نميرى ولا زلت اذكر مسرح المدرسة المتوسط لفنائها ونحن نحول اذاعة المدرسة الى اذاعة ثورية تبث اكتوبريات ود الامين واناشيد وردى الوطنية
شكرا لك يا صاحب البوست رجعتنا الى ايام خوالى ما اروعها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وزكرياتى بالقوز كوستى (Re: عادل عبدالعزيز عبد الرحيم)
|
اخي فضل سلاماتوتحيات .. .. اعدتنا لأيام خوالد في عمر هذا الزمان .. .. صديقي ورفيق دربي عثمان بشرى عثمان أو كما كنا نسميه (عثمان الشريف أبوعلى) أو (عثمان العوده) ، كان قد القى قصيدة وداعية ، بازخة المحتوي بخصوص روما(الصفرة) ومن أول ابياتها: ودع فؤادك إذ توع رومة .. هيهات ياروما الفراق صعيب السلوى ياروما تؤرق خاطري .. إذا ماسلوت او وددت أغيب الخ الخ القصيدة الجياشة المعاني .. .. سنعود اليك..يوما ما بالمهلة .. لكننا في تلك الأيام كنا نأخذ علبة البوهية مع رفيق دربي عثمان بشري ثم نتجه الى الزريبة حيث تصطف اللواري والشاحنات، التي كنا نكتب على مؤخراتها أغاني ذاك الزمان الجميل.. من عيونك ياغزالي ..والدكتورة ..وأسماء لأعبي كرة القدم المشهورين أمثال (باتريك امبوما) .( وثيودور ماكاناكي) النيجيري ...وآخرين تفيض بهم علبة الذاكرة وصندوقها (الأسود) الصديء!! .. .. ونعود مع المغيرب وقد نفحونا ملاليما قلائل بعدها نيمم شطر آخر محطة.. حيث عمك الطيب.. ونتناول (الباسطة) على انغام الحليب.. .. .. تحيات لك والاستاذ محمد زكريا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وذكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
الاخ المحترم مصطفى بشار
لك التحية والتجلة
لقد كانت لكم كما لنا ذكريات تجيش بالحركة والحياة فى القوز العريقة ونحن نتسنم خطاكم ورسمكم حذو بحذو ، القوز كوستى كانت حلم بعيد المنال من ظفر به فقد غنم .
سقي الله تلك الايام الجميلة .
لك شكرى واحترامى .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وذكرياتى بالقوز كوستى (Re: فضل الصادق)
|
في رحلة "الشتاء و الصيف" من أجل البطش في الأرض" اليوم بعد البنتاغون بقليل إستمعت لعلي اللحو في رائعة عوض الكريم القرشي "عدت يا عيدي بدون زهور" ، تذكرته و تذكرتك !! من لأعيادنا!! عيدٌ بأية حال عدت يا عيد!! [..] حياتي كلها إنتظار ،كنت كتبت [..] عن كتاب غارسيا ماركيز "الكلونيل العجوز ينتظر جواباً " تحكي عن كولونيل متقاعد في قرية نائية ، لم يبق له من متعلقات الدنيا كبير شيء، أصبحت متعته الوحيدة أن يذهب لمقابلة مركب البريد الأسبوعي ، يسوقه لذلك إحساس غامض بأن ثمة من يرسل له خطاباً !! هو لا يدري من مرسل الخطاب ولا موضوعه ولكنه ينتظر علي كل حال، أصبح الذهاب لمقابلة المركب في حد ذاته برنامجاً ممتعاً له رغم الإحباط الذي يعايش لحظة أن تقلع المركب خيامها و لا يحظى بالخطاب الذي ينتظر ، في رحلة العودة للمنزل يبدع الكاتب في وصف مشاعر الإحباط الذي يعانيه ذلك الكلونيل العجوز، و لكن مع ذلك يتجدد فيه الأمل مع إقتراب موعد المركب القادم !! و هكذا يظل الكلونيل منتظراً و نحن معه.. مشهد آخر للإنتظار يحكي عن سيدة ظلت لأكثر من خمسين عاماً تحيك بأعمال الإبرة ملابس شتوية للإطفال و تبعث بها لملاجيء أطفال في بقع مختلفة من العالم ، أحياناً تصلها بطاقات باردة شاكرة حسن صنيعها و أحياناً لا تصلها و قد يصلها خطاب مطبوع علي الآلة معد سلفاً لإرساله "لمن يهمه الأمر" كل ما يضيفه الموظف و قتها إسم المرسل إليه والتاريخ؛ عمل روتيني بارد خال من أي مشاعر حقيقية!! كان ذات يوم بعد أكثر من خمسين عاماً أن وصلها خطاب مكتوب بخط اليد ، ورقة شبه مهترئة و خط يد ليس فيه مهارة واضحة و لكنه حبيب إلي النفس و يدخلها بتلقائية، الخطاب مرسل من قرية نائية في أستراليا، كتبته ممرضة بسيطة بلغة بسيطة لا تقعّر فيها، شكرتها الممرضة بحرارة و ذهبت تصف لها، جين عمرها خمس سنوات ولدت لأب سكير و أم كذا ، جاءت للملجأ منذ ثلاث سنوات ، مرحة و حيوية ، كان نصيبها التنورة الحمراء التي أرسلت، عندما سلمتها لها كانت تهم بتناول وجبة الطعام الفقيرة، هي فقيرة نسبياٌ و جبة الطعام و لكنها تشكل لهؤلاء الأطفال المحرومين حدثاً محبباً ينتظرونه بفارغ الصبر، ما أن سلمت الصغيرة التنورة الحمراء حتي انشغلت عن طعامها، بل نسيته !! أخذت تضع التنورة علي وسطها و ترقص، كانت تغني بأغنية لم أسمعها من قبل، كأنها وحي الخاطر، هي ليست شعراً و لا قواعد موسيقية ثابتة فيها، ولكن يمكنك أن تسمينها مشاعر!! ظلت الطفلة ترقص و تغني حتي ترك بقية الأطفال طعامهم وأخذوا يشاركونها الرقص!! أما ديف فقد أخذ الشال الأخضر وبدأ يركض حول المبني بلا توقف وفمه مليء بتمتمات تشبه التعاويذ!! وأخذت الممرضة تصف رد فعل كل طفل، ماذا تسلم و .. و.. ألخ ، لما تسلمت السيدة هذا الخطاب كانت قد تجاوزت الثمانين من عمرها، أخذت تبكي في صمت ثم تحول البكاء لنحيب، يتكرر ذلك كلما تحاول أن تكمل الخطاب، غريب أمر الفرح الذي يعبر عنه بالبكاء.. رأيت ذلك في مباريات كأس العالم و في الطفلة الأمريكية التي أصيبت في الأولمبياد و لكنها كانت أمل الفريق في الفوز بالذهبية كان مدربها يقول لها [ ستقدرين عليها] You can make it!! و فعلتها و بكينا كلنا معها!! بعد حين كتبت تلك السيدة للمرضة قالت لها أنني ظللت أنتظر أكثر من 80 عاماً مثل هذا الخطاب، لا مانع لدي إطلاقاً أن أعيش ثمانين عاماً أخري علي أمل أن يصلني مثل هذا- هل أنت معي!!- أحس بأني محتاج لقلع خيامي[..] سأبدأ منذ اليوم ، محاولتي ألاّ ألوم أحداً ، أن أحاول جهدي معاونة الآخرين و حسن الظن بهم، لن أخسر شيئاً إذا ما فعلت ذلك و لن أكسب شيئاً إذا لم أفعل، إذن عليّ أن أفعل، لعل مجرد النية مدخل طيب.. كنت أود أن أختم بذلك و لكن ذكرك لدفع الله و فقده للسعيد ذكرني بكوكو، لا أحد يحفل بمن يكون إسم والده، هو إسم علم كأن تقول في كوستي ود نواي أو دنقور، عند البدء في بناء مدرسة كوستي الثانوية كان كوكو غفيراً يحرس مواد البناء، حفر الساس، سقي الأشجار بالإبريق، الدفعة الأولي من الطلاب، يوقظهم للمذاكرة الصباحية، يشجع المنازل الرياضية، يحمل المرضي منهم للكومر العتيق للإسبتالية، ثمة قمصان قديمة يتلقاها شاكراً، محامين وقضاة وضباط صحة وأفندية صاروا كباراً أولئك الصغار و لكنهم جميعهم لا ينسون كوكو.. لا يدفع لمقابلة الأطباء وإن أراد سفراً لا يدفع للتذاكر و لكنه لا يسافر، لا يذكر أحدٌ حتي أنه رآه في المدينة، هو هناك في "القوز" -إسم المدرسة- 5 كيلومترات خارج حدود المدينة القديمة، سكناه ما بين الداخليات و بيوت المدرسين الغائب أهلها، ثم اتخذ أو أتخذ له كوخ في طرف المدن العشوائية التي تاخمت المدرسة – لا أحد يعرف له أهلاً و لكن يبدو أن بعضهم "جروهو" لسكن هناك طمعاً في "ماهية" هو لا يأبه لها و أكاد أجزم انه لا يعرف كم هي!! وماذا يفعل هو بالماهية!! طعامه هو ما يجده في الداخلية أو في بيوت المدرسين أو في صحون بوش الطلاب سواء أأكل معهم أو أكل بقاياهم ! و كذاك ملابسه!! الجميع يحبونه لعفوية فيه و بساطة يندر أن تجدها- و لو في عطاءات عمك نصار-!! ظل كذلك لا يحفل بترقية و لا يسأل عن علاوة و متي ما جئت للمدرسة فهو هناك إبتسامته العريضة تسبقه في الترحيب بك ، لا وظيفة محددة عنده و لكنه يشد ستاير المسرح مع طلاب جمعية الموسيقي ويغسل فنايل التيم في معمل العلوم مع تحضيرات معرض عيد العلم ويحمل شوالات الدقيق أو السكر لبيوت المعلمين، و هو هناك حين تريده صفية "عليك الله يا كوكو جيب لي محلبية من نفيسة" لا تقول ذلك لغيره!! يغيب العدس عن الداخلية و كوكو لا يغيب ! يضرب الطلاب ضد متعهد اللحوم و مورد الخبز و يلعنون سنسفيل جد الإدارة و لكنهم لا يجرأون علي تحدي إبتسامة كوكو. يختلف الكيزان و الشيوعيون علي "تانهسو" و "سواعد المجتمع" و يظن بعض الطلاب أن "شعبة الطلاب" صنيعة من صنايع الإتحاد الإشتراكي فيتركونها و لكنهم جميعاً يتفقون علي كوكو؛ فكوكو طلعته تسر القلب مثلما يفعل جنيه مامون بحيري ! يتفقون عليه لدرجة أن قد يقول قائلهم "والله السودان دة مشكلتو جناح لفت و زول زي كوكو ده نتفق عليه كلنا" !! و هو في أمسيات مباريات كرة السلة يسمع الأولاد يهتفون بإنجليزية يريدون إظهارها "Charity School cannot defeat us, it’s too weak to do so لا يفهم شيئاً و لكنه يبتسم مثل إبتسامة مسز هاريز في باريس و هي تسمع لغة الضفادع Ca incredible!! و يكفيه أن "الاولاد زي مبسوتين كده و فرهانين" و "والله ود الخيري ده متموس"!! قال لي أنور ظل كوكو هكذا إلي ان جاء يوم كان فيه موظف بؤدي عملاً روتينيا في مكتب بعيد ، أمامه سجلات لا يعرف من هو فلان أو علان و لكن حسب القانون أو سمه ما شئت ، علي هذا الموظف أن يكتب خطاباً لكوكو بالإحالة للمعاش !! بلغه أفندي آخر بنفس الروتينية "كوكو إنت تمشي معاش"!! إيه يعني معاش؟!! يعني تاني تمشي تقعد في بيتك إلخ !! يعني تاني مدرسة مافي!! لا شك أن كوكو قد رجع إلي كوخه و شجيرات المدرسة تذبل أمامه مثلما رآها تنبت، والطلاب الذين حملهم للكومر و ميداليات العدو وقفز الزانة ، و"ربيع" دة بقي دكتور كبير!! و كيف ما أعرف مولانا صلاح!! كل ذلك لا شك تبخر أمامه مثل قطرات ندي علي صفحة زجاج خرجت عليه شمس أغسطس!! أكمل كوكو مشواره ذاك للمنزل ولا شك أنه إضطجع أو لم يفعل وتزاول مخيلته أردية الأولاد الكاكية و كدوس الناظر وفطور المدرسين أيام المراقبة الطويلة ، تكسير ألواح الثلج في جرادل الزنك و أمطار أكتوبر، صوت الدينمو وعربة مولانا أبوبكر العتيقة و قد أخذ في دفرها مع بعض الطلاب، صلاح الزين و.. و.. وتنهد أنور ثم قال لي لم يعش كوكو بعدها كثيراً !! من يعرف كوكو في أضابير سجلات وزارة التربية !! إنه مجرد رقم !! و لكنه عندي وعند كثيرين مثلي يعني رقماً كبيراً و لكني أيضاً أضعته في زحمة التفاصيل!! آه علي كوكو و آه علي زمن النزوح !! هل ثمة "أبو الدفاع" هنا. أتركك هنا إلي أن ألتقيك مع خواطر رحلة "البطش" القادمة.
من فقدي إلى وجدي ..عم كوكو.. وباب الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وذكرياتى بالقوز كوستى (Re: عبدالله عثمان)
|
يا سلام يا الصادق كوستي القوز: أوائل الثمانينات. داخلية النيل الأزرق أولى خالد ثانية غزالي ثالثة ابن رشد كوستي القوز: أستاذ الطاهر، مدني العقاب وسالمين...للغة العربية . كوستي القوز: الطيب حاج المكي والفادني وعثمان بلة للرياضيات. محمد الكامل، الحاج طه وعبد الهادي للتاريخ. كوستي القوز: الأحياء، أستاذ بلة وعبد الرحيم للكيمياء الجغرافيا،.....؟؟؟؟؟نسيت ألحقنا يا عبد الله عثمان. تحياتي لخريجي كوستي القوز الذين جاءوا من: حي النصر الحلة الجديدة السكة حديد أبو شريف الأزهري المرابيع المرابيع ود اللبيح الجزيرة أبا قلي الفشاشوية تندلتي الشوال مريحلة حسن علوب الطويلة أمًهاني بقبقت الشور العليقة القردود 1 و 2 الوساع سليمه المقينص الرنك . . . وأخيرا ود ابدقل حلتنا. بس يا خوي الصادق ما وريتنا إنت من وين؟ تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يومياتى وذكرياتى بالقوز كوستى (Re: عبد الحي علي موسى)
|
شكرًا لك اخي عبدالله عثمان لرفد البوست حقيقة لا تعليق علي جمال الكلام وقوته وسحره.
لك أيضاً اخي عبدالحي كل كلمات الشكر قلادة يا زميل اما ما سألتني عنه فانا ابن النيل الابيض الكبير من جزيرة أبا مستقر لنا وربك بها الال وحتي جنة بلال لنا بها ظل نتفيا فيه بين الأهل وليس كوستي مني ببعيد.
| |
|
|
|
|
|
|
|