|
حزب البعث السوداني محمد علي جادين : النظام وصل إلى نهايته ويجب تغييره
|
الأربعاء, 29 يونيو 2011 01:30 حوار: إشراقة الحلو:
محمد علي جادين :-انفصال الجنوب ليس نهاية المطاف، فقد تأتي معه انفصالات وتمزقات اخرى في دارفور وفي النيل الازرق وفي جنوب كردفان وربما حتى في شرق السودان، ان هذا النظام وصل الى نهايته، ويجب أن يتم تغييره لتوضع البلاد في بداية جديدة. واذا استمر اكثر من ذلك قد يؤدي الى كارثة، التغيير المطلوب تغيير ديموقراطي شامل، وهناك الظروف الذاتية المتعلقة بدور الأحزاب ودور الحركة الجماهيرية، وهذا نستطيع ان نقول ان به نواقص كثيرة،وقد لا تكون مهيأة لقيادة عملية التغيير في المدى القريب الانتفاضة قد تؤدي الى انهيار البلاد وتفتيتها وتمزيقها وتوسيع التدخل الدولي. في رأينا اذا كان هناك حوار مع المؤتمر الوطني لا بد أن يتم بصورة جماعية مع قوى الاجماع الوطني كلها، ونحن من جانبنا نؤيد أية جهود تبذل لتوحيد صفوف البعثيين وإعادة الوحدة لحزبهم، وهذا الأمر يجب أن يتم على اساس حوار ونقاش جدي للأسباب التي ادت للانقسام، ٭ يواجه السودان العديد من التحديات التي قد تعود به الى ما قبل نيفاشا، وعلى الرغم من امتلاء الساحة بالاحزاب والتيارات الساسية، الا انها لا تلعب دوراً ملموساً في الواقع السياسي، ومن بينها حزب البعث السوداني الذي مرَّ بأزمات كثيرة وخلافات حول أسلوب إدارة الحزب ومواقفه أدت الى انقسامه إلى أربعة أحزاب بعثية، ومع ذلك يمتلك حزب البعث السوداني رؤية واضحة للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد الآن، فكان أن جلسنا إلى رئيسه محمد علي جادين، لنستمع إلى رؤية الحزب ونقلب ملفات أخرى يقف الرجل حارساً لبوابتها وعاملاً نشطاً في داخلها. ٭ الآن كما هو معلوم توجد ثورات عربية أسقطت عدداً من الأنظمة القائمة في البلدان العربية.. هل الاجواء في السودان مواتية لحدوثها أم هناك اسباب تحول دون ذلك؟ ــ السودان شهد مثل هذه الثورات من قبل في اكتوبر 1964م وفي ابريل 1985م، حيث حدثت انتفاضات ضد أنظمة عسكرية، واستطاعت جماهير الشعب عبر الإضراب السياسي والعصيان المدني أن تسقط النظام العسكري الاول والنظام العسكري الثاني، فالتجربة الحالية للثورات العربية السودان مر بها السودان من خلال تجربتين، وهي انتفاضات وثورات شعبية سلمية ضد نظم استبدادية استمرت فترة طويلة جدا، وتجربة السودان في هذا المجال سابقة لما يجري الآن في بعض البلدان العربية، واعتقد أن الثورات الآن حدث مهم وكبير، باعتبار انه لاول مرة تقوم عدة ثورات عربية في وقت واحد ضد انظمة استبدادية استمرت لفترة طويلة، وأقل واحد في هذه الانظمة استمر حوالى ثلاثين عاماً، وهناك من استمر اربعين و خمسين عاماً، وهذه الثورات اعتمدت على العمل السلمي والانتفاضة الشعبية السلمية دون اللجوء الى استخدام العنف، كما أن ما يجمع هذه الثورات انها ديموقراطية تطالب بالحريات العامة وانهاء النظم الاستبدادية، ومسألة تكرارها في السودان ممكنة، وكما ذكرت في البداية فإن الانتفاضات الشعبية ضد نظام استبدادي او عسكري في السودان ليست جديدة، ويمكن أن تحدث للمرة الثالثة، واعتقد أن الوضع مهيأ لذلك، خاصة من ناحية موضوعية، باعتبار ان هناك نظاما استبداديا استمر لفترة طويلة جدا، وسيطر على السلطة لاكثر من عشرين عاما، فهو حزب واحد ونخبة محدودة، وهذه النخبة وصلت الى طريق مسدود بعد عشرين عاماً، وسياساتها العملية ادت الى فصل الجنوب اولاً، وهذا اصبح واقعا، وفي نفس الوقت قاد البلاد الى حافة الانهيار والتمزق، واعتقد ان انفصال الجنوب ليس نهاية المطاف، فقد تأتي معه انفصالات وتمزقات اخرى في دارفور وفي النيل الازرق وفي جنوب كردفان وربما حتى في شرق السودان، وهناك الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان الآن التي ستتضاعف بعد الانفصال ولا يوجد لها حل. وهذه في رأيي أسباب موضوعية كافية تدفع الناس للمطالبة بالتغيير، باعتبار ان هذا النظام وصل الى نهايته، ويجب أن يتم تغييره لتوضع البلاد في بداية جديدة. واذا استمر اكثر من ذلك قد يؤدي الى كارثة، وبعض الناس يقولون إن اتفاقية نيفاشا حققت السلام وأعطت أملاً بأن يستعيد السودان وحدته، ولكن في نهاية الفترة الانتقالية نجد أن الجنوب انفصل، وهناك عدة مؤشرات تدل على ان الحرب ستعود، فنيفاشا لم تحقق السلام ولم تحافظ على وحدة البلد، ويمكن القول إن الشعور بضرورة التغيير نلاحظه حتى في تصريحات بعض اركان النظام الحاكم، وعدد كبير منهم يناقش ضرورة التغيير، وهناك من يقول انه لا يوجد سبب للتغيير، لكن العكس هو الصحيح، فهناك عوامل موضوعية تتطلب التغيير، وبعض اهل الانقاذ يريدون تغييرا في اطار المحافظة على سيطرتهم على الدولة، وهذا لا يمكن، لأن التغيير المطلوب تغيير ديموقراطي شامل، وهناك الظروف الذاتية المتعلقة بدور الأحزاب ودور الحركة الجماهيرية، وهذا نستطيع ان نقول ان به نواقص كثيرة، وقد لا تكون مهيأة لقيادة عملية التغيير في المدى القريب، لكن بعد التاسع من يوليو ستتغير الظروف، ويمكن لهذه القوة ان تنشط وتتحرك في اتجاه التغيير، وما يحدث في الدول العربية اعتقد انه عامل مساعد ودافع للقوى السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني لكي تتجه نحو التغيير، واصبح هناك مثال في مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا، والناس يمكن ان تحذو حذوه. ومن الواضح خلال الشهور الثلاثة الماضية ان موجة التغيير شملت كل المنطقة وليس دولاً بعينها، لذلك السودان لن يكون استثناءً. ٭ هل لديكم رؤية معينة حول كيفية التغيير؟ ــ بما اننا جزء من قوى الاجماع الوطني التي تضم كل القوى السياسية المعارضة بمختلف اتجاهاتها، بالاضافة الى الحركة النقابية وتنظيمات المجتمع المدني، فمن الممكن ان نكون جزءاً من اي عمل مشترك في هذا الاتجاه، وقوى الاجماع الوطني الآن تناقش الكيفية التي يمكن ان يتم عبرها التغيير، فهذه مسائل خضعت للنقاش لفترة طويلة جدا، والآن اصبح النقاش اكثر الحاحاً واكثر جدية. وتصورنا للتغيير أن يكون عبر طريقتين، اولاً الضغط على المؤتمر الوطني بحيث يجبر على اجراء التغيير المطلوب، ونعتقد ان انفصال الجنوب وتكوين دولة جديدة في شمال السودان تتطلب بداية جديدة بمشاركة كل القوى السياسية، ونصر في طرحنا على أن المدخل الى الخروج من هذا المأزق يتم عن طريق مؤتمر دستوري تشارك فيه كل القوى السياسية والاجتماعية بما في ذلك المؤتمر الوطني، للوصول الى دستور دائم وديموقراطي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية، ويحل مشكلة دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ويعالج قضية العلاقة بين الجنوب والشمال. ولكن نعتقد اذا لم يستجب المؤتمر الوطني للضغوط فإن خيار الانتفاضة الشعبية يصبح وارداً، باعتبار أن هناك ظروفاً موضوعية كثيرة جدا تدفع في اتجاهه، وليس رغبة ذاتية من القوى السياسية أو تآمراً من الخارج، وهذه الانتفاضة قد تؤدي الى انهيار البلاد وتفتيتها وتمزيقها وتوسيع التدخل الدولي. ٭ ما هي أساليب الضغط على المؤتمر الوطني التي تحدثت عنها؟ ــ اعتقد أن الضغط يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة، كالمذكرات وإعلان المواقف والتحركات الشعبية والندوات العامة التي تنظمها قوى الاجماع الوطني وغيرها، وتتضمن ايضا الحوار مع المؤتمر الوطني. والآن هناك حوارات تجرى بين المؤتمر الوطني وحزب الامة، وبين المؤتمر الوطني والحزب الاتحادي الديمقراطي، وقد تصل الى صفقة ثنائية، ولكن املنا أن تذهب في اتجاه الضغط على المؤتمر الوطني لعمل التغيير الشامل. ٭ ألا تنوون الدخول في حوار مع المؤتمر الوطني أسوة بتلك الأحزاب؟ ــ حتى الآن الحوار يجري مع الحزبين الكبيرين ولا يشمل احزابا أخرى، وفي رأينا اذا كان هناك حوار مع المؤتمر الوطني لا بد أن يتم بصورة جماعية مع قوى الاجماع الوطني كلها، باعتبار انها تتفق على رأي واحد، فالحوار لا بد ان يتم مع مركز واحد، ومسألة تجزئة القضية الوطنية جربناها من قبل في اتفاق نيفاشا ولم نصل الى نتيجة، وفي دارفور مع مناوي وكذلك في الشرق، فتبقى الطريقة العملية أن يكون هناك حوار جماعي بين المؤتمر الوطني وقوى الاجماع الوطني في اطار مؤتمر دستوري. ٭ كيف تنظرون للحوار الذي يُدار الآن مع بعض الأحزاب السياسية بصورة ثنائية؟ ــ هذا الحوار الثنائي غير مجدٍ، والهدف منه تفتيت وحدة القوى المعارضة وجذب بعضها للتعامل مع المؤتمر الوطني، وأرى أن معالجة المشكلات تتم بشكل جماعي عبر مؤتمر دستوري. ٭ هل ترى أن حلول التاسع من يوليو سيكون نهاية للصراعات في السودان، ام بداية لصراعات جديدة؟ ــ ما يحدث الآن حتى قبل اعلان انفصال الجنوب بشكل رسمي، يوضح أن نذر الحرب بدأت بسيطرة القوات المسلحة على منطقة أبيي وتفجر الصراع الدموي بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة في جنوب كردفان. واعتقد انها حرب حقيقية، واعتبرها نذرا لحرب قادمة بصورة اوسع، لكنها بدأت بين الشمال والجنوب، وستتوسع هذه الحرب بعد قيام دولة الجنوب، بحيث تصبح بين دولة ودولة، والذي يساعد على توسيع الحرب عدة مؤشرات، أولها أن القضايا العالقة بين الجنوب والشمال لم تحل حتى الآن، وهي مشكلة أبيي ومشكلة الحدود والبترول والجنوبيون في الشمال والشماليون في الجنوب، ولا اعتقد انها يمكن ان تحل خلال الفترة المتبقية، بالتالي ستظل وقوداً لحرب قادمة تبدأ بتبادل الاتهامات، لكنها في النهاية ستتحول الى حرب حقيقية، وهناك ايضا استمرار ازمة دارفور رغم الجهود التي بذلت في منبر الدوحة، لكنه في النهاية لم يخرج بشيء عملي، بل خرج بوثيقة، والوثائق التي كتبت عن دارفور كثيرة جدا، وهذا ايضا مصدر من مصادر توسيع الحرب في المستقبل، وأيضا تأزم الوضع في جنوب كردفان والنيل الازرق بحكم علاقة المنطقتين مع الحركة الشعبية، وبالتالي مع دولة الجنوب باعتبار ان لديهما قضايا لم تحسم خاصة قضية المشورة الشعبية التي تبدو قضية بسيطة تهدف لاخذ رأي اهل جنوب كردفان والنيل الأزرق حول مدى استجابة اتفاقية نيفاشا لمطالبهم، لكن المعلن الآن أن هناك مطالب اكثر في الولايتين، فهناك مطالب بالحكم الذاتي وتقرير المصير. وما جرى في الفترة الاخيرة في جنوب كردفان خطورته تكمن في هذه النقطة، بحيث أنه يمكن ان يمتد في الفترة اللاحقة ويصبح مصدر نزاع داخل الولاية، خاصة أن النزاع في الفترة الاخيرة تحول الى نزاع قبلي واثني، أو بين عرب وغير عرب، وهذا شيء مؤسف، واعتقد انه سيستمر، وبالتالي يكون السودان بعد نيفاشا قد فقد السلام والوحدة معاً. ٭ ما هي رؤيتكم للواقع الاقتصادي خاصة بعد التاسع من يوليو؟ ــ لا بد من عقد مؤتمر اقتصادي وطني شبيه بمؤتمر عام 1986م الذي عقد عقب الانتفاضة لمناقشة الوضع الاقتصادي وكيفية معالجته، تشارك فيه كل الأحزاب السياسية والنقابات واصحاب العمل والخبراء، وان تكون معالجة الوضع الاقتصادي في إطار بداية جديدة تشمل الوضع السياسي برمته بعد التاسع من يوليو. وأتوقع أن يتفاقم الوضع الاقتصادي بعد انفصال الجنوب وخروج البترول من ميزانية الدولة، خاصة أن المواطنين الآن يعيشون ازمة حقيقية في شكل تزايد متواصل في اسعار السلع الضرورية ومعدلات التضخم وعجز الدولة عن القيام بمسؤولياتها العادية، ولا أرى ان تترك معالجة الازمة للادارات الاقتصادية التي تسببت فيها، والأزمة الاقتصادية في السودان بدأت عام 2008م تحت تأثير الازمة المالية الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار البترول، وتفاقمت في بداية عام 2011م، مما دفع وزير المالية إلى إجراء تعديلات واسعة في ميزانية عام 2011م بعد اجازتها من البرلمان بعد أقل من شهر. ٭ مرَّ حزب البعث بأزمات كثيرة بعضها داخلية لعبت فيه سياسة الحكومة السودانية دورا كبيرا، وبعضها تنظيمي مؤسسي يتعلق بالاختلافات والخلافات حول اسلوب ادارة الحزب، وترتيب مواقفه ورؤيته لمختلف القضايا، كما ان هناك انشقاقات أدت الى تعدد أحزاب البعث في السودان.. ماذا تقول حول ذلك؟ ــ حزب البعث تعرض لانقسامات في العشرين سنة الأخيرة، خاصة في فترة التسعينيات، فقد انقسم الى اربعة تيارات، والأسباب التي ادت الى الانقسامات سياسية وتنظيمية، وهي خلافات حقيقية حول الخط السياسي، فحدث خلاف في فترة التسعينيات حول عمل الحزب مع التجمع أو مع حكومة الإنقاذ أو العمل منفرداً، وكانت هناك خلافات تنظيمية حول قضايا كثيرة جدا، خاصة طريقة العمل وأسلوبه وقيادات العمل الحزبي، وكان الامل أن تحل هذه الخلافات بطريقة ديمقراطية ومؤسسية عبر الحوار الداخلي للوصول الى حل، وهذا لم يحدث لأن هناك جهات معينة داخل القيادة الحزبية رفضت النهج الديمقراطي ونهج المؤسسة الحزبية. وفي الفترة الاخيرة ظهرت اصوات كثيرة جدا تدعو الى وحدة التيارات البعثية، خاصة بعد أن اتضح ان الانقسام يضعف حزب البعث، والأسباب التي ادت الى الانقسام لم تعد مهمة، وقد تجاوزها الزمن وبالتالي يمكن الجلوس للحوار، وبالحوار والنقاش يمكن التوصل الى ما يجمع الاطراف الحزبية، بينما هناك تيار آخر يرفض الحوار والوحدة، وهؤلاء عقبة اساسية، ونحن من جانبنا نؤيد أية جهود تبذل لتوحيد صفوف البعثيين وإعادة الوحدة لحزبهم، وهذا الأمر يجب أن يتم على اساس حوار ونقاش جدي للأسباب التي ادت للانقسام، وأن يشمل الأسس التي يمكن أن تعيد توحيد حزب البعث واعادة تأسيسه على اسس جديدة، والآن معظم القيادات والكادر النشط بدأ يشعر بسلبيات الانقسام وعدم جدواه، وضرورة التوحد من جديد. ٭ حزب البعث كان له القدح المعلى في الثمانينيات في اسقاط نظام نميري.. أين هو الآن من النضال؟ ــ في السبعينيات والثمانينيات كان الحزب نشطا وواسع الانتشار وسط الشباب والقوى الحية، وقام بدور فعَّال ضد النظام المايوي وفي انتفاضة مارس ــ ابريل 1985م، وكانت هذه الفترة تمثل عصره الذهبي في السودان، اما الآن في عهد الانقاذ فقد تضافرت عدة عوامل ادت الى اضعاف تنظيمه الحزبي واضعاف دوره السياسي، وهذه العوامل هي التي ادت الى انقسامه في عام 1997م، ولكن مع كل ذلك ظل حزب البعث معارضا لنظام الإنقاذ، ويعمل في اطار التجمع الوطني الديمقراطي، ويعمل مع قوى الاجماع الوطني وكل اشكال العمل المشترك بين القوى السياسية الاخرى. ٭ أنتم متهمون من قبل الأحزاب السياسية الاخرى بأنكم هادنتم نظام الانقاذ ودافعتم عنه في عدة قضايا؟ ــ نحن لم نكن موالين لنظام الانقاذ، وليست لنا اية علاقة مع المؤتمر الوطني، سواء أكانت سياسية او غير ذلك، ولم نتحاور معه إلا في حالات محددة جداً وحول قضايا بعينها، ولكن لم نصل الى اي اتفاق مكتوب او وجهة نظر موحدة، وقد جمعت الحكومة كل الاحزاب السياسية لمؤتمر كنانة ومبادرة الرئيس التي أطلق عليها «مبادرة اهل السودان لدارفور»، وباستمرار كان موقفنا مع المعارضة في التجمع الوطني ومؤتمر جوبا وقوى الاجماع الوطني. ٭ كيف تؤثر الثورة الآن في سوريا على الحزب؟ ــ تأثيرها كبير، ولها جوانب سلبية، لأنه لأول مرة ينتفض الشعب السوري بشكل واسع ضد النظام الحاكم، ويطالب بإسقاطه وقيام دولة ديمقراطية، وكان الأمل أن تستجيب القيادة السورية لمطالب الانتفاضة في التغيير والتحول الديمقراطي، خاصة أن الرئيس بشار الاسد ابدى رغبة واستعدادا لاجراء التغيرات المطلوبة، ولكن ذلك لم يحدث بسبب اعتماد النظام الحاكم على مواجهة الانتفاضة بالعمل الأمني والعسكري، وعدم الرغبة في إجراء التغييرات المطلوبة، وهذا الوضع سيعطي انطباعاً بأن الحزب يقف ضد الجماهير وضد مطالب الحرية والديمقراطية. وهذا سيؤثر سلباً على مواقف كل تنظيمات حزب البعث في البلدان الأخرى، ويبدو لي أن عدم استجابة النخبة الحاكمة في سوريا لمطالب الانتفاضة يرجع الى سيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية والبيروقراطية على الوضع، بسبب خوفها من أن يؤدي أي تغيير سياسي إلى فقدانها لنفوذها وسيطرتها. ٭ حزب البعث لا يجد انتشاراً واسعاً خاصة وسط الشباب.. بماذا تبرر ذلك؟ ــ اعتقد أن حزب البعث نشأ نتيجة لعوامل سودانية وعربية، واستجابة لمطالب موضوعية في قلب الواقع السوداني، ونتيجة لذلك نما وتطور خلال فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، وكان نموه معقولاً وسط كافة قطاعات القوى الحديثة، وأصبح له وجود في معظم مديريات السودان باستثناء الجنوب، وفي العشرين سنة الأخيرة ظل يعاني مثل غيره من الاحزاب السودانية من مشكلات عدم القدرة على النمو والتوسع والفعالية السياسية، وهذه العوامل تشمل ظروف القمع السياسي التي مارستها سلطة الإنقاذ، وعوامل الحرب الأهلية وترييف المدن واتساع النزاعات القبلية والجهوية، وهذه الاسباب تخص كل الأحزاب. ٭ أنت الآن بصدد إصدار كتاب حول تاريخ حزب البعث.. نريد أن تعطينا لمحة حوله؟ ـ ـ الكتاب عنوانه «صفحات من تاريخ حركة التيار القومي لحزب البعث في السودان»، وصدر عن دار عزة للنشر بالخرطوم، وسيصل الى الخرطوم خلال ايام، وهو اول محاولة لكتابة تاريخ حزب البعث في السودان التيار القومي بشكل عام، واعتبره ضرورة لأسباب كثيرة، أولها تعريف البعثيين السودانيين بتاريخ الحزب وبسلبيات وايجابيات تجربته ونجاحاته وإخفاقاته، وفي نفس الوقت أعتقد انه اشارة الى ضرورة كتابة تاريخ الاحزاب السودانية لنفس الهدف، ليتعرف الناس على كيفية نشأتها، وكيف تطورت، والعوامل التي ساعدت على نموها وتطورها، والاسباب التي وقفت عقبة في طريقها، وبالتالي استخلاص الدروس من التجربة الحزبية السودانية للاستفادة منها مستقبلا، خاصة أن هناك كثيراً من الانتقادات تتعلق بضعف الأحزاب وأنها لا تستطيع القيام بدورها، وهو في رأيي كلام صحيح، ولكن لمعرفة أسباب الضعف لا بد أن نعرف تاريخ هذه الاحزاب، واعتقد ان صدور هذا الكتاب يمكن ان يكون فاتحةً لكتابة تاريخ كل الأحزاب السودانية، سواء من قياداتها او اعضائها، او من جهات أخرى اكاديمية وجهات مهتمة. والكتاب يدور محوره حول تاريخ الحزب منذ نشأته في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، وتطوره بالذات في فترة حكم الرئيس نميري، ومن خلال سرد التاريخ تطرقت لمواقف الأحزاب الأخرى والسياسات في البلاد، والمشكلات المطروحة في فترة ما بعد الاستقلال سواء أكانت متعلقة بالديمقراطية او مشكلة الجنوب والنظم العسكرية المسيطرة وغيرها، ومن أكثر الأشياء التي ركزت عليها تطور مفاهيم حزب البعث حول القضايا السودانية الأساسية، والى أي مدى تفهم الحزب هذه القضايا، ومدى ارتباطه بالواقع السوداني وقضاياه، وهل كان مرتبطاً بقضايا خارجية.
|
|
|
|
|
|