دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
تقرير (6) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 20-26 يونيو2010م
|
الأحد 20 يونيو 2010م اليوم هو أول أيام العام الدراسي الجديد، وعلي غير العادة، سوف يبدأ أبنائي (رؤي، 15سنة، أحمد، 12سنة وعلي 9 سنوات)، عامهم الجديد وهم يفتقدون نصائح وارشادات والدهم التي كانوا يفتتحون بها يومهم الدراسي الأول!!!!. فأبوذر قد امتدت فترة غيابه لشهر وخمسة أيام!!!!. وحرصت أن أعمل جاهدة منذ اعتقاله لأقوم بدور الأم والأب علي أكمل وجه، وركزت علي تلبية طلبات أبنائي بحيث لا يوجد شئ ينقصهم أو يقف أمامهم ليذكرهم بأبيهم الذي غيبّه الحبس عنهم!!!!. وأعتقدت في نفسي، أن أبنائي بخير وعلي ما يرام ولا ينقصهم شيئ!!!. وعلي عكس توقعاتي، بادرتني رؤي (ابنتي) بأنها لأول مرة في حياتها لا تفرح بقدوم العام الدراسي الجديد!!!! ذُهِلت عند سماعي ما سمعته!!! حاولت أن أعرف منها لماذا؟؟؟، صمتت ولم تزد علي ذلك بكلمة!!!. كنت أعرف أنه ليس من السهل عليها أن تطلعني علي مكنونات دواخلها، فرؤي ابنتي قد ورثت عن أبيها، رهافة الحس وكتمان المشاعر، فهي تجتهد وتفنن في إخفاء مشاعرها وقلقها، حتى أقرب الناس إليها لا يستطيع سبر أغوارها!!. فهمت ما عنته رؤي، وأيقنت أن موضوع والدها، يشغل كل كيانها وتفكيرها!!!، حاولت أن استرسل معها في الحديث لأفهم في أي اتجاه مضت بتفكيرها وإلي أي مدي قد بلغ بها الأمر!!!. قالت بصعوبة شديدة، أن ما حدث لوالدها لهو أمر جلل، وهي تدركه وتتفهمه، ولكنها لا تستطيع أن تشرح ذلك أو تتكلم عنه لصديقاتها بالمدرسة، فقد يسأءن الفهم ويعايرنها بذلك!!!!. فاجأني كلامها هذا للمرة الثانية، إذ لم يخطر ببالي أبداً أن يصل بها تفكيرها لهذا الحد!!!! فكرت في شيئاً لأقوله لها أو نصيحة يمكن أن أقدمها، إلا أنني لم أستطع أن أجد الكلمات المناسبة التي تتناسب مع هذا الموقف!!! ما أعرفه عن رؤي، أنها إنسانة محبوبة بين زميلاتها، مرحة، تحب الضحك جداً، وتقضي يومها كله في البحث عن أمور وأشياء لتضحكها وتسعد زميلاتها!!!. أحسست أنني الآن أقف أمام انسانة مختلفة، مثقلة بالهموم ومتشائمة!!!!. سري الخوف في أوصالي، من فكرة أن تتحول إبنتي لإنسانة تسيطر عليها العقد النفسية والأوهام!!!. فهي صغيرة السن، وتجربتها قليلة جداً في الحياة، مما يجعل ميزانها للأمور قد يكون مبالغ فيه بعض الشئ، وقد ينعكس ذلك قطعاً علي نفسيتها!!!!. كما خفت أيضاً أن ينعكس ذلك علي أدائها الأكاديمي، ففي هذه السنة يجب أن تتأهل رؤي لامتحان الشهادة السودانية وتنافس لدخول الجامعة!!!!. أحسست أنني غير مدربة كفاية لأواجه مثل هذه الأمور أو لم استعد الاستعداد الكافي، لأعرف كيف أتعامل مع مثل هذه المواقف!!! وشعرت أنني احتاج لمن ألجأ له وأستشيره ليسدي إليّ نصائح وإرشادات تجعلني أعرف كيف أستطيع التعامل في مثل هذه المواقف؟؟؟ وكيف يمكن أن أتوقع ما سيحدث لأبنائي وما يعرض نفسياتهم لخطر وهم يعيشون هذه اللحظات المؤلمة، لأعرف بالتالي، كيف يمكن أن اتجاوب معهم!!!!!!. ما ذكرته رؤي ابنتي، جعلني انتفض كالملدوغ، إذ تفتحت بصيرتي فجأة علي أخيها أحمد (12 سنة)، فهو منذ لحظة اعتقال أبوذر، فكل تفكيره وهمّه متمركز حول شئ واحد فقط، هو أن ينتقم لمن أذوا والده وعذبّوه، وأصبح ذلك بمثابة هاجس له، فما يفتأ إلا ويقسم بأغلظ الأيمان بأن لا يترك الفعلة يفلتون بفعلتهم هذه وأنه سينتقم منهم عاجلاً أو أجلاً!!!! خفت عليه هو الأخر، من سيطرة مشاعر الحقد والكّره والانتقام علي تفكيره، وأحسست فجأةً، أن ما يفكر به لهو أمر خطير!!!، فهو طفل يجب أن يفكر كما يفكر الاطفال في مثل عمره، لا أن تمتلئ نفسه ودواخله بمشاعر الحقد والانتقام!!! فكرت أن النتيجة الحتمية لهذا الأفكار، هي تأثيرها سلباً علي نفسيته وعلي حكمه وميزانه للأمور!!!!!. لم أفهم كيف أتعامل مع أحمد الذي امتلأ قلبه وعقله بالحقد والانتقام!!!!! وأما إبني علي (9 سنة) أصغرهم سناً، فهو أيضاً قد أصابه ما أصابه، فقد لاحظت عليه بعد اعتقال والده مباشرة، أنه أصبح شديد الالتصاق بي جداً وكأنه لم يكمل العام الأول من عمره!!!. فبعد أن كان مستقلاً جداً بشخصيته، مندمجاً في لعبه وبرامجه، أصبح كل موضوعه، هو أن يتتبع خطواتي أينما ذهبت!!! ويسألني: انتي تاني طالعة برة البيت!!!! فما أن أغيب عن ناظره لفترة قصيرة!!! حتي يأتيني منزعجاً، ويقول أنه يفكر أنني إذا خرجت من البيت، ربما لا أرجع إليه ثانية!!!، وأنه لا يريد أن يفقدني!!!! اندهشت لهذا التحول في شخصيته!!!!! لم أدري ماذا أفعل؟؟؟؟ وكيف أواجه هذه مثل الأمور؟؟؟، وكيف لأطفال صغار أن تتحول وتتبدل همومهم واهتماماتهم بين عشية وضحاها ؟؟؟. ما حدث لأبوذر، كان في فترة إجازتهم المدرسية، ولقد كان وجودهم في المنزل في فترة الإجازة يشعرهم بالأمان إلي حد ما!!!! سيطرت عليّ فكرة أنه ستكون هناك معاناة رهيبة ومحتمة لأبنائي عليهم مواجهتها مع مجتمع المدرسة!!!!! ولكن ما هي تفاصيل هذه المعاناة التي سوف يواجهها أبنائي مع مجتمع المدرسة في عامهم الدراسي الجديد!!!! وتساءلت: هل هيأوا أنفسهم للمواجهة مع مجتمع المدرسة؟؟؟ وهل سيتصرفون بطريقة طبيعية معه؟؟؟؟ وهل سيجد أطفالي إجابات لتساؤلات أصدقائهم والتي قطعاً، سوف تحاصرهم؟؟؟ وهل ماحدث لوالدهم سيشعرهم بالنقص أويحط من قدّرهم أمام مجتمع المدرسة؟؟؟؟ وهل سيصمد أبنائي في الامتحان، ويندمجون مع أقرانهم أم أن ما حدث لوالدهم سيشكل حجر عثرة تقف في طريقهم وتجعلهم ينزوون لهمومهم وأحزانهم!!! وهل سيمتد تأثير الصدمة ليشمل مستقبلهم القريب والبعيد؟؟؟. أحسست أنني لابد ان أفعل شيئاً لأنقذ أبنائي وألا أقف متفرجة!!! وفكرت، أن أذهب معهم كل يوم المدرسة وانتظرهم!!! ولكن من الصعب القيام بذلك، فقد أزيد المشكلة تعقيداً!!! ثم فكرت ان أبلغ الأساتذة بالمدرسة، ليلقوا لهم بالاً أثناء اليوم الدراسي ويستمعوا لهمومهم وشكاواهم!!!! ولكن الأساتذة منشغلون بالتدريس والحصص ومتابعة المئات من التلاميذ!!!!. لم أدري ماذا أفعل!!! أوكيف أدعم أبنائي في حل هذه المشكلة؟؟؟ او أي نوع من النصح والارشاد يجب أن أقدم لهم؟؟؟؟. وفكرت ان ربما يكون اولادي بحاجة إلي اختصاصي نفسي أطفال؟؟؟ ولكن أين أجد هذا الاختصاصي النفسي؟؟؟ فهذا المجال بالسودان لازال بكراً ويحتاج لبحث وتنقيب!!!! ويحتاج إلي من أثق به و.......و.........!!! حقيقة، لأول مرة منذ اعتقال أبوذر أشعر أنني أمام مشكلة كبيرة جداً، تتعلق بأطفالي!!!! خيبت كل أمالي وتوقعاتي!!!! ولا أعرف ما المخرج منها؟؟؟ وبأي السبل؟؟؟ فأطفالي الأن، يعيشون حياة مختلفة، ويفكرون بطريقة مختلفة، ولا أستطيع ان أمد يد العون والمساعدة؟؟؟ ولا املك من أمري شيئاً!!!!!، وأشد ما يقلقني ويرعبني في هذا الأمر، أن تنتج عنّه تأثيرات ومردودات سلبية، تؤثر علي مستقبل أطفالي!!!، ولا أعلم كيف أواجه هذا؟؟؟ وما هي السبل الكفيلة التي تعمل علي تغيير ذلك الوضع؟؟، وهل بوسعنا، إصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟؟؟!!! وكيف لأطفالي أن يحققوا استقرار وتوازن نفسي ليستطيعوا الخروج بأقل خسائر ممكنة؟؟؟. لم أفكر في كل ذلك من قبل، وبالاحري لم أتوقعه!!!، كما لم أعتقد أن حدوث مثل هذا الأمر، سيجعل أبنائي يدفعون ثمنه غالياً من صحتهم النفسية والفكرية!!!!! بذلت كل ما في وسعي، واعتقدت مخطئة أن أطفالي لن يصيبهم من الأمر شئ!!! وأن وقوفنا بجانبهم وتلبية احتياجاتهم وحلنا لمشاكلهم ومواساتنا لهم تكفي!!!، ولكني الأن تيقنت أن الأمر تجاوز ذلك، فقد تعمّق في نفسياتهم وفي فكرهم وشغل حيزاً في دواخلهم!!. وتجدني افتقر للتجربة والخبرة التي تمكنني من أن أعرف أو أقيس مدي تغلغله في وجدانهم سلباً أو ايجاباً!!!، أو معرفتي لأي مدي يمكنهم التأقلم والتعايش معه، أو تجاوزه، أو فشلهم في كل ذلك!!!! فهل يا تري يستطيع أبنائي أن يخرجوا من التجربة قويين، سليمين ومعافين، أم أن سيصيبهم منه شيئاً!!!!. وكيف يكون الحال، إذا طالت فترة حبس والدهم أكثر من ذلك بكثير، فهل يستطيعون الصمود أكثر!!! وهل.....؟؟ وهل....؟؟؟؟. لم أجد إجابات شافية لتساؤلاتي، بل وجدت أن الزمن سرقني، وأن مواعيد الذهاب للمدرسة قد حانت!!!! فهرعت، وودعت أولادي للذهاب لمدارسهم، ووصيتهم بأنفسهم خيراً، وسلمت امري لله، نعم المولي ونعم النصير!!!! الاثنين 21 يونيو 2010م ذهبت للمحكمة منذ الصباح لحضور الجلسة المحددة، وكالعادة، وجدت نفس الإجراءات الأمنية المشددة، صعدت للطابق الأول لقاعة مولانا مدثر الرشيد، ومن بعيد لاحظت أن الصالة مليئة بالعديد من الأشخاص وعرفت أنهم قصدوا محاكمة أبوذر، وصلت إلي حيث يقف الناس ونظرت حولي، ولم أجد من أعرفه!!!! بعد لحظات، أتوني رجالاً ونساءاً مرحبين، حيّوني بشدة وعرفوني بأنفسهم!!!. أحسست أن قضية أبوذر تقربني وتجمعني بالعديد من الناس، يوماً بعد يوم، والجميع يسألوني عن أحوال أبوذر!!!!! اندهشت جداً عندما سمعت من إحداهن أنها صديقة عملت لفترة قصيرة مع أبوذر وأنها أتت من (الدمازين) لتشهد المحكمة!!!، كما أخبرني أخر أنه كان صديقاً لأبوذر منذ المرحلة المتوسطة وأنه سمع بما حدث، وحضر مسافراً من (مايرنو) ليشهد المحكمة كذلك!!!. تعجبت لهؤلاء إذ أنهم تكبدوا مشاق سفر يصل لتسعة أو ثمان ساعات ليقابلوا أبوذر بالمحكمة، وقطعاً سيمنعوا من الدخول ولربما يتمكنون من رؤيته وهو داخل للقاعة فقط !!!!، تعجبت لإخلاصهم ولصدقهم ولايمانهم بقضية أبوذر فقد قطعوا الفيافي وتحملوا الصعاب!!!!! حانت لحظة الدخول للقاعة، وازدحمنا أمام الباب لنستطيع الدخول، إلا انني تفاجأت، إذ لأول مرة منذ أن بدأت المحاكمة أن يقف أمام باب قاعة المحكمة ضابط شرطة برتبة مقدم، ليتفحص بنفسه الحضور ويتأكد من البطاقات التي يحملونها!!!! عادة ما يتم إجراءات الفحص في الباب الخارجي للمحكمة، وقد حدث ذلك، فما أن مررنا بالباب الخارجي إلا وأبرزنا بطاقاتنا!!!!! ذكر مقدم الشرطة أنه لايسمح بالدخول إلا للمحامين فقط، كما فحص بنفسه بطاقات المحامين، وقام بإبعاد كل الصحفيين والأشخاص العاديين، وكذلك استبعد المحامون الذين نسوا بطاقاتهم!!!! وكان هنالك ما يقارب العشرون من شرطة المحاكم يقفون من حوله، أربعة منهم يحملون كلاشنكوف!!!!. أثناء دخولنا، قال لي معلقاً احد المحامين من هيئة الدفاع الجديدة، أن له باع طويل في المحاماة وحضر العديد من الجلسات في هذه القاعة حتي أحداث دارفور الاولي والثانية ولكنه مندهش جداً من الإجراءات الأمنية المشددة في محاكمة أبوذر والصحفيين، إذ طالت الاجراءات كل شخص، وكذلك المحكمة، داخلها وخارجها!!!. أثناء ذلك حضر أبوذر وبقية المتهمين، ولاحظت أن جميع من تم استبعادهم من الدخول للقاعة يبتسمون ويلوحون بأيديهم لأبوذر ولبقية المتهمين، ورد أبوذر والبقية التحية بدورهم!!!!. بدأت الجلسة وطالبت هيئة الدفاع الجديدة بتأجيل الجلسة نسبة لأنهم يريدون مقابلة المتهمين كما يودون الإطلاع علي ملف الدعوي، سمح القاضي بذلك وحدد جلسة قادمة يوم 27 يونيو 2010م الساعة الحادية عشراً صباحاً!!!. بعد ذلك، طلب أبوذر من مولانا مدثر الرشيد السماح له بالتحدث لأسرته، كما طلب منه أن تزوره أسرته بالسجن!!! وهز القاضي رأسه بالموافقة، وقال للشرطي أنه يسمح بجلوس جميع المتهمين مع ذويهم أمام قاعة محكمته، لأن عنده جلسة أخري، وأما بالنسبة للزيارة فقال ان اكتب طلب وأقدمه له. بعد ذلك أمر القاضي بإخلاء القاعة!!!. وفعلاً، خرج أبوذر وبقية المتهمين وأحضرت الشرطة كنبتين وضعتهم امام قاعة المحكمة وتم إجلاس أبوذر والبقية، وأحاطت بهم الشرطة من كل جانب، وسمحوا للحضور بالاقتراب منهم!!!، وفي هذه اللحظة تزاحمت جموع المنتظرين بالخارج وكادت تلتهم المتهمين!!!! نظرت أين يوجد أبوذر وسط هذه الجموع، وجدته محاطاً بفوج عاتي من البشر، يعانقونه عناقاً حاراً، وأبوذر يتبادل معهم العناق ويسترسل معهم الحديث!!!. وقفت جانباً، آثرت أن أترك الفرصة لهذه الجموع ولا أزاحمهم فيها، فهم يستحقونها عن جدارة، فقد تكبدوا في سبيل ذلك وتحملوا كل مشاق ليحظوا بمثل هذه اللحظة!!!! راقبتهم من بعيد، وجدت جميعاً يبتسمون وأن وجوههم تملؤها الفرح والغبطة والسعادة، وكان أبوذر يمسك بأيدي البعض منهم، ويميل منحنياً علي البعض الأخر، ويوّزع النظرات والبسمات بينهم جميعاً!!!. وكانت هذه لحظة فريدة، إذ لأول مرة منذ انعقاد هذه المحاكمات، أن يسمح القاضي للمتهمين بمقابلة ذويهم بخارج القاعة، وأن تتاح الفرصة ليتلاحم الحضور مع المتهمين وجهاً لوجه!!!!. كانت لحظات مليئة بصدق الأحاسيس، تحققت فيها أمنيات لأناس صبروا وصابروا ورابطوا!!!! وماهي إلا لحظات حتي نوّه رجال الشرطة: خلاص المدة انتهت والمتهمين راجعين الحبس!!!! نظرت للجموع وهي مغادرة، أحسست بانفراج أساريرهم، وبعلو هاماتهم وقاماتهم وبنشوة الانتصار والفوز تَفِر من أعينهم!!!. وشعرت أنهم يمشون بكل فخر واعتزاز وأن ملامح القوة تكسو ملامحهم وكأنهم أبطالاً قد كسبوا معركة صعبة المنال!!!!. بدأنا في الخروج من المحكمة، وعند خروجنا للشارع وجدت عدد من الصحفيين والأصدقاء منتظرين بالخارج، سألونا بلهفة عن الذي حدث داخل الجلسة وأجبناهم!!!، حاولت الاستئذان والذهاب لقضاء بعض شئوني، إلا أن بعض الجموع استوقفوني بأن نتحرك حالما تغادر عربة أبوذر والبقية للسجن، فهم يودون رؤيتهم من خلف سياج عربة السجن!!!!. تعجبت مرة ثانية، من قوة إيمانهم بقضية أبوذر، إذ كانوا وقوف في الشمس الحارقة ودرجة الحرارة تقارب ال45، كان بعض من الجموع ينتظرون خفية بالقرب من عربة السجن، ويتربصون لخروج أبوذر والبقية، وما أن خرج المتهمين من الباب الخلفي للمحكمة حتي انهالت بعض الجموع مرة ثانية عليهم، الأمر الذي أدي البوليس لإبعادهم للحيلولة بينهم والمتهمين!!! لوحت جموع الحاضرين لهم عند مشاهدتهم وهم يركبون عربة السجن!!! وبعد لحظات تحركت العربة والجميع يرفعون أيديهم وقد تعالت اصواتهم وهم يصيحون، معاً حتي النصر!!!! أحسست أن الجموع تلوح مودعة لشخصيات عظيمة الشأن، رفيعة المستوي، وفوق كل ذلك أبطال جسام، وقف الجميع، ولم يتحركوا حتي غابت عربة السجن عن الأنظار!!!!!. الثلاثاء 22 يونيو 2010م تشكلت هيئة الدفاع الجديدة من عدد من المحامين يتجاوز الأربعين محامي من مختلف ألون الطيف، يترأسهم الأستاذ العالم: عبدالمنعم عثمان ادريس!!!. وكنت قد علمت أن هيئة الدفاع الجديدة، قد تقدمت بإيداع قائمة بأسماء لمحامون الدفاع للقاضي مدثر الرشيد!!!!. اتصلت بمحمد صديق المحامي، والذي أخبرني أن هيئة الدفاع المستقيلة والجديدة مدعوون لاجتماع ليناقشوا فيه خطة هيئة الدفاع الجديدة!!!!. أعجبني ما سمعته منه!!! وأشار إلي ان هيئة الدفاع السابقة سوف تعمل كلجنة ظل مع هيئة الدفاع الجديدة!!! كما أعجبني الترتيب والتنظيم والعمل المجد من رئيس هيئة الدفاع الجديدة!!! فالهيئتين الآن يكملان بعضهما البعض!!! ويسيران علي الدرب سوية!!!!. لم تسنح لي الفرصة لأتعرف علي استراتيجية هيئة الدفاع الجديدة: ما هي ملامحها؟؟ وما هي تكتيكات الدفاع، بفرضية، ما الأفضل للموكلين؟؟؟ علمت كذلك، أنه تم عقد اجتماعين، وأن هيئة الدفاع تبنت وجهتي نظر، الأولي هو تقديم عدد من الاستئنافات، فقد يكون ذلك مجدياً وتسقط محكمة الاستئناف كل أو بعض التهم في مواجهة المتهمين!!!!، ووجهة النظر الثانية، أن لا يقدموا أي استئنافات، ويستمروا في السير بالقضية من تقديم قائمة شهود دفاع وغيرها!!!. وتساءلت: إذا تم تقديم استئناف من هيئة الدفاع؟؟، فهل من المتوقع أن يأخذ زمناً في دائرة الاستئناف وربما تمضي شهوراً دون البت فيه؟؟، أو ستبت المحكمة فيه فوراً ؟؟؟؟ وهل سيستفيد أبوذر والأخرون من ذلك؟؟؟؟ وإذا افترضنا أن تأخرت دائرة الاستئناف في البت، وقضي الاستئناف شهوراً في دواليب المحاكم، فهل سيؤثر ذلك علي إطالة مدة حبسهم؟؟؟؟ فهل من الممكن أن تبّت دائرة الاستئناف وتقر بإسقاط بعض أو كل التهم في مواجهة المتهمين!!!! وهل.....وهل........؟!!!!!. اتصلت بالأستاذ عبد المنعم عثمان ادريس، رئيس هيئة الدفاع، واتفقنا أن نتقابل في مكتبه لنتفاكر في خطة عمل الهيئة!!!! ذهبت وتحدث الأستاذ عبدالمنعم، عن أهداف خطة العمل لهيئة الدفاع الجديدة، وكيف أنهم يعدون العدة القانونية اللازمة لذلك. كما ذكر الأستاذ: ما هي الاستراتيجيات والبدائل الأخري للهيئة!!!. أضاف قائلاً: أن هيئة الاتهام والمحكمة وجهوا تهماً لا تتناسب مع البينة وهي المقال المكتوب!!!، إضافة إلي أن الشاكي (جهاز الأمن) مثلّه مستشار قانوني يتبع لوزارة العدل، وبمعني أخر أن المستشار القانوني، هو مكلف من النائب العام وليس عضو بجهاز الأمن، وبالتالي لا يحق له أن يقوم مقام الشاكي!!!. كما أن الشاهد الرئيسي لهيئة الإتهام هو المتحري، ويمثله وكيل نيابة أمن الدولة، وأيضاً لا يمكن أن يلعب المتحري دور الشاهد فهو لا تتوفر فيه شروط الشهادة!!!!. أكد الأستاذ عبدالمنعم أن هذه نقاط أساسية ولابد أن يقدم بها طلب فحص للمحكمة الأعلي، وغالباً ما سيقدمه يوم الأحد، ووعدني بأن يعطيني صورة منه!!!!. كما دعاني للاجتماع الذي سينعقد بمكتبه يوم الخميس القادم!!!!. أعجبني تكاتف وتآزر المحامين، وجديتهم في هذه القضية، فبعد أن انسحب عدد 46 محامي، أتي للهيئة الجديدة وتطوع 46 محامي أخر، أولوا لأنفسهم العمل في هذه القضية!!!!. رغم كل هذا، أحسست أنني لا أعرف في أي اتجاه تسير قضية أبوذر؟؟؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامها؟؟؟ وما هي الأسس والوقائع التي تستند عليها؟؟؟ هل هي قضية جنائية عامة باعتبار الجرائم ضد الدولة التي تم توجيهها مثل: اثارة الفتنة ضد الدولة، والتجسس وتقويض النظام الدستوري؟؟؟ أو هي قضية صحافة ومطبوعات تتعلق فقط بالمقال الذي كتبه أبوذر؟؟؟. تحدثت إليّ أفراد مختلفين حول قضية أبوذر، واستمعت إلي رؤاهم وتحليلاتهم، قال بعضهم، أن القضاء ليس بساحة عادلة لهذه المعركة، فهي قضية سياسية في المقام الأول!!!! ولربما كان القضاء نفسه، هو أنسب ساحة لتصفية خصومات سياسية وأحقاد شخصية!!!!. دُهشت لما سمعت، وتعجبت من فكرة استغلال القضاء لتصفية خصومات شخصية وسياسية!!!!. احسست أن هذا الأمر لا يعنيني كثيراً، جّل ما يعنيني فيه هو ان أبوذر كتب مقالاً ذكر فيه رأيه، وما أعرفه أن القانون لا يجرم الأراء بل الأفعال!!!. فكل ما فعله أبوذر، هو مجاهرته برأيه وذكره أموراً يؤمن بها ويعتقد بصحتها!!!!. قادني هذا الحوار إلي ان أتذكر، نصائح قدمها كثير من الأصدقاء لأبوذر، بأن يخفف من حدة أسلوبه وجرأته في كتاباته، فقد تشكل خطراً محتملاً عليه!!!! وأعلم أن أبوذر تلقي عروض كثيرة ليكتب في صحف يومية مختلفة بشرط أن يخفف من حدة قلمه وجرأته علي قول الحق!!!، وفي كل مرة كان يتلقي فيها أبوذر مثل هذه العروض كان جوابه الرفض!!! وعندما أصر أبوذر علي عدم تقديم أي تنازل، زهدوا فيّه وفي قلمه!!!!. عشت مع أبوذر وعاشرته فترة سبعة عشراً عاماً، لم يعرف فيها أبوذر يوماً، أنصاف الحلول، حتي في الأوقات التي لم نجد فيها ما يسد رمقنا كان يرفض المساومة!!!. ولطالما ضاق بنّا الحال سنوات، لم أسمعه يوماً يشتكي أو يئن، بل كان يقول: أنا لما أكون مفلس بكون مبسوط!!!!، ولجأ إليّ بعض الأصدقاء المقربين بأن أحاول جهدي معه، حتي نستطيع أن نأكل عيش!!!! كان يقول أن الرزق من الله، وأن المدبر هو الله وليس لإنسان في الأمر من شئ، لذا لم يخاف يوماً من الجوع أو من ضنك العيش!!!، بل كان يخاف ويرتعب من فكرة ألا يكون نفسه، وأن تتحول وتتبدل قناعاته!!!!! لذا فأبوذر صارماً جداً معنا في هذا الأمر، وعرِفنّا أن هذه منطقته المحرمة، وكنا نخاف جداً، مجرد الاقتراب منها!!!!. تعايشت مع هذا الأمر وخبرته لسنوات عديدة، عرفت أبوذر به ومن خلاله، ولم أتخيل يوماً، أن يغير قناعاته ولو كلفه الأمر حياته!!! فأبوذر الذي نعرفه لم ولن يتزحزح عنها، رغم كل ما عانيناه فهو لم يعرف معني المساومة أو الانحناء للعاصفة!!!! مما حدي ببعض الأشخاص وذهب بهم تفكيرهم، أن جعلهم يعتقدون أنه لا يمكن أن يكون في عالم الصحافة من يكتب بكل هذه الجراءة والبسالة والإقدام، وسمعت البعض يقول أن (أبوذر علي الأمين)، هو اسم حركي لشخص يكتب متخفي، وأنه من المستحيل وجود شخص بمثل هذه القوة والشجاعة!!!!. وسمعت أيضاً من يؤكد أنها شخصية مزعومة ولا تتواجد حقيقة بيننا، وإلا لأشار الناس إليه بالبنان!!! دفعني هذا لأن أتساءل: هل ياتري، أن التحلي بقوة الرأي والشجاعة أصبح في حكم المعدوم؟؟؟؟ وهل كُتب علي أبوذر أن يدفع ثمن شجاعته وإقدامه وإيمانه بمبادئه؟؟؟؟ وهل قوة الرأي والشجاعة جريمة لا تغتفر؟؟؟؟. كل ما أعرفه، أن لو امتد الحال بأبوذر مئات السنين لما تغيرت قناعاته أو تزحزحت مبادئه!!!! الأربعاء 23 يونيو 2010م لأول مرة منذ اعتقال أبوذر، أحس بأن والدته انهارت تماماً، وأنها لم تزل تحت وقع وتأثير الصدمة، رغم مرور شهر وأسبوع!!!. فهي لم تعد كالسابق، فقد كانت تشع حيوية، كثيرة النشاط والحركة، عانت صراعاً مع مرض سرطان الثدي، وكان الأطباء مندهشين لسرعة تجاوبها مع العلاج!!!! وقال لنا أحد الأطباء، هذه إمراة قوية وشجاعة، دحرت المرض بروحها المعنوية العالية، وقد ساعدت نفسها بنفسها حتي تعافت من المرض!!!! بعد إصابتها بالمرض مباشرة، هلعنا وجزعنا، وتعجبنا إذ أننا لم نلحظ أي تغيّر عليها، ولم يؤثر مرض السرطان علي نفسيتها!!!، فقد تقبلته بصدر رحب، وكانت دوماً تقول لنا: انها لا تعاني من أي شئ وأنها كويسة جداً !!!!. كما لم يؤثر وقع المرض علي حياتها وحركتها أوبرنامجها اليومي!!! حتي أبوذر كان دوماً يتجادل معها، في أن تخفف من نشاطها وتنتبه لصحتها !!!! وكثير من النساء اللائي أصبن بالسرطان كن يأتين لها ويأخذن منها الدرس في كيفية مواجهة وقهر هذا المرض!!!! تجاذبنا أطراف الحديث، وأنا أعلم كيف باستطاعتها قهر ومجابهة الصعاب، فقد فقدت إبناً، استشهد عام 1992م، ولم تهتز أو تضعف!!!. لكني أراها الأن أمامي صامتة، واجمة، حزينة، واهنة، منهارة القوي!!. سألتها ما بك، هل أنتي مريضة؟؟؟ قالت لي: إنها تشعر بأن هناك شئ ثقيل يجسم علي صدرها ولا يبرح مكانه، حتي أنها بالكاد تلتقط أنفاسها!!!!. فهمت فوراً تلميحها وما رمت بقولها، رغم أنني لم أتوقع لحظة أن تنهار نفسيتها أو تتأثر لهذه الدرجة!!!! أضافت بقولها: أنها أصبحت دائمة التفكير فيما حدث لأبوذر، وأن أشد ما يحِز في نفسها ويؤلمها هو تعذيبهم وإيلامهم الشديد له، حتي تغيرت هيئتة وشكله ومظهره ومشيته من شدة الإعياء!!! وأنها في حياتها المديدة، لم تتوقع يوماً أن يكون هناك سودانيين يحملون العداوة والبغضاء والحقد والكره لبعضهم البعض؟؟؟؟!!!!. واصلت حديثها متسائلة: لماذا كل هذا التغير والتحول؟؟؟ وماذا فعل لهم أبوذر، حتي يستبيحوا لأنفسهم ما فعلوه به؟؟؟ وأضافت: أنها تعرف أن ابنها لا يضمر شراً أو يحمل كرهاً لأحد!!! وظلت تتحدث طويلاً عن أنها مصدومة ومكلومة مما حدث لإبنها!!!! وأنها.......وأنها........ لم أدري كيف أخفف وقع الصدمة عليها وهي إنسانة صامدة وشجاعة، وكنا نستمد قوتنا منها!!!. قلقت وخفت من تأثير ذلك عليها!!! فلا صحتها ولا عمرها، يحتملانه ؟؟؟؟؟ أحسست بأنني لا أجد الكلمات المناسبة لأواسيها بها، وطال صمتي، ولم أدري ما أقول لها، وكل ما فتح الله عليّ، أن قلت لها: سلمي أمرك لله، ولا تكثري من التفكير في هذا الأمر!!!!!. الخميس 24 يونيو 2010م ذهبت إلي عزاء في الثورة بأمدرمان، ووجدت أن قضية أبوذر تأخذ الأولوية علي ما عداها من مواضيع في الساحة!!!!، سمعت بعض الناس يتهامسون ببعض الأقاويل التي تقول أن المحكمة سوف تحكم علي أبوذر والبقية بمدد طويلة من السجن كعقوبة وذلك بناءاً علي التهم الموجهة لهم والتي تتراوح عقوبتها من المؤبد للاعدام!!!. كما ذهب البعض الأخر بقوله: أن المحكمة ستحكم عليهم جميعاً بحكم مطول جداً ولكن قد يخرجون من السجن بعد مشاورات واتفاقات سياسية قبل إكمال العقوبة!!!!. وتساءلت، إذ كيف توجه المحكمة حكماً بسنوات طويلة لمقال قد يصل في عقوبته للغرامة ولا يتجاوزها!!!! وهل فعلاً أن هذه المحاكمة سياسية، قُصد منها توصيل رسالة، كما يقول بعض الناس؟؟؟ وماذا يكون المغزي في حكم لا يتناسب مع الجرم المقترف؟؟؟؟ أين عدالة ونزاهة القضاء؟؟؟؟. حقيقة لم أستطع أن أفهم عماذا يتحدث بعض الناس!!!! ولم أعرف، في أي موضع من المواضع يمكن أن أضع هذا الكلام، وعلي أي محمل أحمله!!!!!. في نفس هذا السياق، اتصل بيّ بعض الأصدقاء من خارج السودان يطمئنوني علي أن كل هذا الأمر لا علاقة له بالقانون، وأنه في ظرف شهرين سيتم الإفراج عن أبوذر والبقية، وأنني يجب ألا أقلق حيال هذا الأمر، انها فقط مسألة وقت قليل جداً!!!!. لم أعرف بمن أثق؟؟؟ ومن أصدق؟؟؟!!!. ذهب إحساسي إلي أن هذا الأمر به الكثير من الضبابية وعدم وضوح الرؤية ومن الصعب الاستقراء!!!، فمثلاً، في جانبه القانوني، من الصعب أن أتنبأ كيف تسير الأمور، فالاحتمالات كلها مفتوحة أمامي، بدءاً بأسوأها!!!!! ولكن ما هي مآلات الجانب السياسي؟؟؟ وكيف يمكن أن يؤثر في هذا الأمر؟؟؟ وإلي أي مدي يمكن أن تكون هنالك علاقة مباشرة تربط بين الجانبين؟؟؟؟؟ ولماذا؟؟؟؟ وكيف؟؟؟؟. حاولت أن أقنع نفسي بألا ألقي بالاً كثيراً لما سمعته، وألا أجهد تفكيري به!!!! وذلك كيلا أتجه بقناعاتي أو أميل لأحسن الخيارات، ثم بعد ذلك أصاب بخيبة أمل!!!. وبالطبع في مثل حالتي لابد أن اتوقع الأفضل والأحسن من خيارات وأميل له!!!!!!! أحسست أنني لا أريد أن أبني أوهاماً لنفسي علي أشياء مبهمة وغير واضحة التفاصيل والمعالم، لذا قررت أن أصفِّي ذهني وألا أشكل قناعة تجاه أياً من وجهات النظر المذكورة، ومن الأفضل ليّ أن أُهيئ نفسي لأسوأ الاحتمالات حتي لو كان السجن المؤبد!!!. أعلم أن كل هذه الاحتمالات قاسية جداً علي نفسي، ولا أستطيع تصورها ولا التعايش مع فكرتها، ولكن ما باليد حيلة!!!!! فإن حدث أمر الله، وكان هذا قدرنا، فلا مفر!!!! ونسأل الله العفو والعافية!!!!. الجمعة 25 يونيو 2010م استيقظت في الصباح وأنا منزعجة جداً، فقد تذكرت أنني منذ اعتقال أبوذر لم أراجع عداد الكهرباء، هرعت مسرعة للعداد وألقيت نظرة لمراجعته ووجدت رصيد الكهرباء (5) فقط، يعني من المحتمل أن تنقطع الكهرباء في غضون ساعات قليلة!!! وإذا حدث هذا، فلسوف أعتقد أن هذا انقطاع طبيعي من الإدارة المركزية، وغالباً قد لا انتبه لهذا الأمر!!!. ففي العادة ليس لي علاقة بموضوع الكهرباء أو الماء !!!! ولم يسبق لي أن قمت بهذا الأمر من قبل!!!! فتشت عن بطاقة الكهرباء ووجدتها في دولاب أبوذر، وحمدت الله علي هذا!!!! ولكني لم أجد أي شئ متعلق بالماء، كورقة السداد وما شابه !!!! ولم أدري ماذا أفعل!!!!!، وقلت في نفسي كيف يمكن أن أفّوت هذه الأمور الحيوية ولا أهتم حتي بسؤال أبوذر عنها!!! كما لم يخطر ببالي أيضاً أن أسأله في آخر جلسة بالمحكمة !!!! واحترت في أمري!!! فكرت في أن مشكلة الكهرباء علي الأقل محلولة، ولكن كيف يكون الأمر إذا انقطعت عنّا الماء لأننا لم نقم بالسداد!!!! وكيف أُسدد فاتورة الماء، وأنا لا أعرف شكلها أو أين يوجد مكان الدفع !!!! أحسست أنني أمر بأزمة حقيقة في إدارة المنزل، إذا أن هنالك أمور لا معرفة لي بها، ولابد أن أبدأ من جديد بتثقيف نفسي عنها!!!. فقد تحمل أبوذر بعض الأعباء بالمنزل لأمور لم أشاركه فيها أو حتي لم أعرف كيف يقوم بها!!!!. وتمنيت لو كان هناك اتصال هاتفي يربطنا بأبوذر لنسأله عن مثل هذه الأشياء!!!!! وكذلك لنطمئن علي صحته!!!!!! اتصلت بصديق قضي شهوراً بسجن كوبر لأسأله واستفسره عن إمكانية الاتصال تلفونياً بأبوذر من داخل السجن للاطمئنان عليه!!!! أجابني هذا الصديق قائلاً: أن التلفون بسجن كوبر ممنوعاً منعاً باتاً، ولا يسمح به أبداً!!!! وكنت قد فكرت من قبل أن نشتري جهاز موبايل ونرسله لسجن كوبر، إذ أن موبايل أبوذر أخذوه ضباط جهاز الأمن حين حضروا للمنزل ولم يرجعوه إلي الأن!!!. وفكرت في أن الاتصال تلفونياً بأبوذر من داخل السجن، لهو أمر حيوي للغاية، فهناك الكثير من الأمور التي نود الاطمئنان عليها!!!! وما يقلقني ان أبوذر قد قال لي عندما التقيته في آخر جلسة بالمحكمة في الأسبوع الفائت، أن بسجن كوبر وباء يتمثل في حالات التهابات صدرية حادة تنتقل وتصيب المساجين، وأنه يتحسب أن يصيبه شئ من هذا!!!! ولكنني لم أعرف كيف تكون حالته الأن، هل أصابه هذا الالتهاب أم لا؟؟؟ وما هي حالته الصحية الراهنة؟؟؟؟، نعرف أنه يعاني من ألام في الظهر وفي الكلية!!!!، فهل تنقصه آلام في الصدر لتزيد مرضه وهمومه؟؟؟؟ وذهبت بي تساؤلاتي: هل سيصمد أبوذر ويتحمل المزيد من الأمراض والأوبئة؟؟؟؟ وذهبت قناعاتي إلي أننا وصلنا لأخر المطاف بالنسبة لحالته الصحية!!! فقرار الطبيب العمومي بأن حالته لا تستدعي معاينته بواسطة أخصائيين وأنه لا يعاني سوي من تمزق في العضلات!!!! هو قرار نهائي لا رجعة فيه!!!! وفكرت في أن: هل يمكننا استئناف هذا القرار؟؟؟ وكيف يكون ذلك؟؟؟ ولأي جهة يمكن تقديمه؟؟؟ أهي المحكمة؟؟؟؟ ولكن أتذكر جيداً ما قاله القاضي في إمكانية معالجة أبوذر ومعاينته بواسطة أخصائيين وأستشاريين خاصين بواسطتنا!!!! رد القاضي بأن هنالك شكوي مقدمة من أبوذر ولايمكن معاينته إلا بواسطة طبيب في مستشفي الشرطة!!!، ولكن هل يمكن الاستئناف وأن تتم معاينة أبوذر بواسطة أخصائيين في مستشفي الشرطة نفسها؟؟؟؟ وهل يقبل القاضي بهذا الاستئناف؟؟؟؟ وإذا لم يقبل؟؟؟؟، كيف يكون الحال؟؟؟ وكيف إذا لم يصمد أبوذر في وجه كل هذه الأمراض؟؟؟ ما العمل؟؟؟ ومن هو المسئول؟؟؟. كل ما أعرفه، اننا كأسرة للآن لم نطمئن أو نثق بالتشخيص الطبي لحالته!!!! ولم تتبرع أي جهة رسمية بالتحدث إلينا بهذا الخصوص!!! أو أعطائنا الإذن بذلك حين طلبناه!!!! لم أدري ماذا أفعل حيال هذا الأمر!!!!! وتحيرت في عجزي وضعفي ووهني ومذلتي واستسلامي لامري!!!!! وحسبي الله ونعم الوكيل!!!! السبت 26 يونيو 2010م اليوم هو الذي تم تحديده لزيارة أبوذر بسجن كوبر وذلك لأنه يوافق يوم إجازة أبنائي من المدارس، وفضلت أن أخذهم ليروا والدهم ليفضفضوا له عما بداخلهم ويأخذوا منه مفيد الكلام!!!. فقد أذن لنا القاضي مدثر الرشيد مشكوراً الزيارة، كما قرر لنا مدة زمن للزيارة لا تقل عن ساعة زمن، وصلنا لسجن كوبر، وأول ما دخلنا واجهتنا نقطة تفتيش ومراقبة علي الناحية الشرقية من السجن!!!، أبرزنا لهم إذن الزيارة، سمحوا لنا بالدخول مشياً، وأوقفوا العربة بالخارج، ترجيناهم ان يسمحوا بالعربة لتنزلنا عند نقطة التفتيش الثانية حتى نكون علي مقربة من المدخل، وخاصة أن والدة أبوذر مريضة ولا تستطيع المشي الطويل!!!!. وافقوا لسائق العربة أن ينزلنا فقط ويرجع، أوقفنا السائق بنقطة التفتيش الثانية وواصلنا مسيرنا مشياً بالاقدام إلي أن وصلنا المدخل الأساسي، وهناك أبرزنا لهم الإذن وقالوا أن علينا الانتظار حتي يحضر السيد العقيد ليعرضوا عليه إذن الزيارة!!!!. فضلنا منتظرين بالخارج من الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتي الساعة الثانية عشرة والربع ظهراً، تململ أبنائي، وأقسم (علي) أصغرهم ألا يحضر معنا ثانية للسجن!!!!. بعد ذلك أشاروا لنا بأن ندخل، دخلنا وبدأنا في إجراءات إبراز البطاقات الشخصية، ثم مررنا بغرفة تفتيش حيث توجد إحدي الشرطيات، تم تفتيشنا، وأُخذت منّا الموبايلات!!!! قادونا إلي برندة صغيرة بها 3 كراسي، وتطل علي الاستقبال الرئيسي الذي دخلنا منه!!!! انتظرنا فترة نصف ساعة أخري، بدأ أبنائي في التذمر، وأوصيتهم بأن يصبروا!!! بعد برهة أطل علينا أبوذر، وهو لا زال يتعثر في مشيه!!!! جري أبنائي نحوه وارتموا في حضنه، سلم علينا أبوذر وسألنا عن أحوال الجميع!!! طمأناه أن الجميع بخير وعافية!!! سأل أبنائي بلهفة عن أحوالهم بالمدارس وأوصاهم بالانتظام في المذاكرة والالتزام بحل الواجبات المدرسية!!!! وقال لهم: قد تمتد فترة حبسي لسنين، وأريد أن اعتمد عليكم جميعاً!!!! وواصل مخاطبتهم قائلاً: أهم حاجة تعرفوها!!!! انتوا لازم تتعلموا تقولوا الصدق ولا شئ غير الصدق ولا تخافوا ابداً!!!!! وأنا الأن بالسجن لأني اخترت أن أقول الصدق، وأنا نفسياً مرتاح لهذا!!!! كانوا كلهم آذاناً صاغية لما يقول أبوذر، وقد تفتحت أعينهم عن أخرها حتي أصغرهم (علي)، هز رأسه بالايجاب!!!! سألته عن الاحوال بالسجن!!! قال أنه تعود جداً علي الأحوال بالسجن حيث برمج حياته وتكيف وضعه!!!! كما أصبح له رصيد من الأصدقاء يتشارك معهم الهموم!!! سألناه بأي عنبر في السجن هو؟؟؟؟ قال هو بعنبر المنتظرين حيث يوجد ما يزيد عن 217 منتظر وكلهم متهم بجرائم كبيرة!!!. قال أن العنبر يسع فوق طاقته والعدد كبير جداً!!! اشتكي ابوذر من كثرة تعاطي العطرون واستعماله في الأكل وحتى في الشاي!!!!! مما جعله لا يستطعم الأكل أو حتي الشاي!!!. سألنا عن الأشياء التي أوصانا بها!!!! وكنا قد جلبناها له معنا: مضادات حيوية، بن، سكر، جبنة، طحنية، بهارات!!!! وقال أبوذر أن نحضر له علب فول معلبة في المرة القادمة!!!! سألناه عن أحوال الالتهابات الصدرية بالسجن؟؟؟ قال أنه الأن يعاني من آلام في الحلق ويخشي من نزولها إلي الصدر، وأكد أنه سيلحق نفسه بهذه المضادات الحيوية!!!! قال أبوذر أنه يشعر بأن جسمه يعاني نقصاً في السكر كذلك!!!! وأما بقية ما يشعر به من آلام في الظهر وفي الكليتين؟؟؟؟ قال أن الحال في حاله!!!! سألناه عن إمكانية مقابلة أخصائيين؟؟؟ قال أنه سيناقش الأمر مع المحامين!!!! ما هي إلا لحظات حتي حضر شرطي معلناً انتهاء الزيارة، قال له أبوذر نحنا سمحوا لينا بساعة زيارة والأن لم نكمل النصف ساعة!!!! قلت لأبوذر قد يكونوا اقتطعوا زمن انتظارنا بالخارج من وقت الزيارة!!!! قال أبوذر للشرطي: أنت تعلم أن زمن الزيارة يبدأ من لحظة مقابلتي لهم وليس من زمن بدء الاجراءات والانتظار!!!! قال الشرطي: سوف أستأذنهم لكم لخمسة دقائق أخري!!!!. سألنا أبوذر عن إمكانية الاتصال تلفونياً قال لا يسمح بها!!! ودعناه وانصرفنا راجعين!!!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تقرير (6) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 20-26 يونيو2010م (Re: عبد المنعم سليمان)
|
منعم كيف حالك ؟
كانوا يترصدوه وينتظرون منه هنة لم يجدوها بالصدق ففضلوا أن يلفقوا له تهمة فقط من اجل الإنتقام
أذكر جيدا يا صديقي ومن خلال جلسة ضمتنا بأبي ذر على العشب الاخضر الذى تعرف أن أبا ذر كان مراقبا أمنيا وقد لاحظت ذلك بنفسي ولاحظه هو أيضا في ذات الجلسة
ورغم إنك حضرت وإنضممت لنا متاخرا فربما يكون قد ابلغك بما تيقنا منه
وهذا الامر حدث قبل شهور سبقت الإنتخابات المهزلة ما يؤكد ترصدهم له وانتظارهم لمرحلة الانتخابات ليستفردوا به من بعد
ربنا يفك اسره وأسر من معه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تقرير (6) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 20-26 يونيو2010م (Re: Al-Mansour Jaafar)
|
Quote: انوا يترصدوه وينتظرون منه هنة لم يجدوها بالصدق ففضلوا أن يلفقوا له تهمة فقط من اجل الإنتقام
أذكر جيدا يا صديقي ومن خلال جلسة ضمتنا بأبي ذر على العشب الاخضر الذى تعرف أن أبا ذر كان مراقبا أمنيا وقد لاحظت ذلك بنفسي ولاحظه هو أيضا في ذات الجلسة
ورغم إنك حضرت وإنضممت لنا متاخرا فربما يكون قد ابلغك بما تيقنا منه
وهذا الامر حدث قبل شهور سبقت الإنتخابات المهزلة ما يؤكد ترصدهم له وانتظارهم لمرحلة الانتخابات ليستفردوا به من بعد
|
الاخ مؤيد تحياتي اتذكر ذلك اليوم جيدا بل لدي معلومات كثيرة في هذا الموضوع ساكتب عنها قريبا .. لك الود
| |
|
|
|
|
|
|
|