|
عودة صحيفة السودانى .. وحديث المدينة حرب على الفساد
|
العدد رقم: 543 2007-05-23 حديث المدينة آه من قيدك أدمى معصمى
عثمان ميرغني كُتب في: 2007-05-23 بريد إلكتروني: [email protected]
الحمد لله وكل عودة وأنتم بخير.. لم تكن معركة صحيفة (السوداني) التي أوقفها كل جبروت الـ(لا) قانون.. بل كانت معركة الصحافة السودانية كلها التي ولأول مرة في تاريخها الذي يبلغ من العمر (104) أعوام تتحد بمثل هذه القوة والتضامن.. وشكراً للشدائد التي تهد عضد المكائد.. السلطة كالخمر تسكر.. فيظن البعض أن أدوات الحكم أسلحة شخصية يحملها كما يحمل المسدس في جيبه.. فإذا ما أغضبه مشهد أخرج المسدس وأطلق الرصاص بكل أريحية.. وعفوية.. عمود عادي كان من الممكن أن يُرد عليه كتابة.. أو ببيان أو أضعف الإيمان بلاغ وفق القانون يفضي إلى منضدة القاضي.. لكن كيف ذلك والمسدس في الجيب أسهل ما يمكن أن يشحذ بالرصاص ثم يضغط على الزناد.. كيف ذلك إذا ما كنت أنا الموقع أدناه مالك القانون.. في وقت صارت فيه سمعتنا العدلية ملفاً في المحكمة الجنائية الدولية.. وفي وقت يجتهد فيه المدعي الدولي (أوكامبو) ليثبت للعالم أن السودان صار منطقة كوارث قانونية تستدعي التدخل لفرض قيم عدم إفلات الجاني من استحقاقات جريمته. في كل هذا التوقيت العجيب نتطوع مجاناً – على سياق الكاراكاتير الذكي في الزميلة صحيفة (إيلاف) فنهدي أوكامبو مجاناً دليلاً آخر لا يقبل الشك على مستوى (رغبتنا) في إحقاق الحق وإقامة العدالة.. لكن مع ذلك.. المصيبة ليست في الدراما.. ولا من يصنعون الدراما.. ففي كل مجتمع سادة فوق القانون.. لكن المصيبة كانت في أن النظام (السيستم) وكأنما هو مُخدر بجرعة مخدر زائدة.. لا شيء يدعو للدهشة سوى أن هذه الدولة لا ترتعد ولا يطرف لها جفن إلا من أن يتجرأ صوت أو فم ليصرخ جهراً بما (يكشف!!) الفساد.. يزعجها الصراخ ألماً من الفساد.. لا الفساد.. وتتحسب لكتم الصوت لا الفساد.. وكأنما هو المشهد الذي رسمته الآية التي تقدم حيثيات دمار دولة اليهود في الماضي.. (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ.).. (المائدة:79) لماذا لا تنتفض الدولة كلها لما يطرق مسامعها أن السلطة تستغل.. وأن الحكم صار مطية الأجندة الخاصة.. لماذا ترتعد الدولة لما تسمع أنين المتوجعين من الفساد؟؟ أخواننا المصريون لهم طرفة تحكي أن مجموعة من الفلاحين قصدوا الخليج في سفينة بعد حرب الخليج الثانية ظناً منهم أن موقف مصر القوي في تلك الفترة سيكون شفيعاً لدخولهم دول الخليج بلا تأشيرة.. لكنهم في الميناء احتجزوا وأجبروا على العودة بنفس السفينة.. فلما اعتلوا ظهرها أخذوا يهتفون في وجه من طردهم (إن جيتو للحق.. صدام على حق..).. هل تمنح هذه الدراما شعب السودان إحساس الحاجة للهتاف (إن جيتو للحق.. أوكامبو على حق..). هل كان ذلك ما يقصده من ارتكبوا الجريرة الوطنية أمام سمع وبصر العالم كله.. في ذات الوقت الذي كان المدعي الدولي يبحث بكل رهق عن أسانيد و(معروضات) يقنع بها العالم أن الحكومة (غير راغبة) في تطبيق القانون وإقامة العدالة.. رجال.. من أجل الوطن..!! من عميق قلبي أزجي ثناءً حاراً لشرطة السودان من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.. كانوا كالنور في حلكة الظلام.. وجه مشرق حينما يتعالى التجهم.. وأخص بالشكر رجال الشرطة في المباحث عموماً والتحقيقات الجنائية خاصة.. من تشرفت بالأمان والأمن بينهم. بقية قوائم الشكر ستأتي تباعاً لضيق المساحة.
|
|
|
|
|
|