|
اعتذروا لسلفاكير ..واعيدوا للدبلوماسية مكانتها - محمد الحسن أحمد
|
عتذروا لسلفاكير ..واعيدوا للدبلوماسية مكانتها قبيل زيارة السيد سلفاكير الى بريطانيا كنت اتابع باهتمام اخبارها وسرني ان سفارة السودان في لندن كانت تبدي اهتماما بها بالرغم من انها لم تبلغ رسميا من وزارة الخارجية بها ولم تكن على علم بصورة رسمية ببرنامجها وكل ما طلبه منها هو المساعدة في اكمال اجراء شكلي. ومع ذلك كان السفير حسن عبدالعزيز ليس في استقباله فحسب وانما كان موجوداً في معظم الاحيان بمقر اقامة السيد سلفا.
وعندما هيأ لي الصديق الدكتور منصور خالد لقاءً صحفيا مع السيد سلفاكير كان في خاطري ان اسأله مستفسرا عن عدم اخطار سفارة لندن رسميا بالزيارة واشراكها على نحو ما في البرنامج وقلت للسيد النائب الاول لقد اثارت زيارتكم للولايات المتحدة الامريكية الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام لكونكم استبعدتم سفارة السودان كليا منها، البعض استنكر والبعض الآخر فسر ذلك الابعاد بانه يعود للتوتر القائم في علاقات السودان مع الادارة الامريكية والعقوبات المفروضة على السودان. لكن بالنسبة لزيارة بريطانيا بدا استبعاد السفارة غريبا لكون العلاقات البريطانية السودانية طبيعية فكيف تفسرون الامر؟
ولقد ادهشتني اجابة السيد سلفاكير واثارت قدراً كبيراً من التساؤلات والحيرة والاستغراب فقال بعد صمت بسيط وبهدوئه المعهود : ان كل هذا الحديث ليس صحيحاً فانا اخطر الرئيس بكل تحركاتي واستأذنه وابلغه بكل زياراتي حتى عندما ارغب في التوجه الى جوبا افعل ذلك.. وبالنسبة لزيارة الولايات المتحدة اخبرته طبعا وحدثته بما سأفعل وبالطبع ليس من مسؤولياتي ان اخطر الخارجية او السفارة ومجرد انني تحدثت مع الرئيس وصدق بالزيارة من المفترض ان تتحدث الوزارة وتنسق مع السفارة فهذا ليس من اختصاصي. وعندما ذهبت الى امريكا استقبلني الامريكيون على سلم الطائرة وتوجهت معهم مباشرة دون ان نمر عبر قاعة كبار الزوار لكن الوفد اخبرني لاحقا ان السفير كان موجودا ومع ذلك لم يحضر لمقابلتي في الفندق او لأي اجتماعات ولو حضر وطردته او ابعدته كان من الجائز طرح مثل هذا السؤال ومع ذلك لا اعرف لماذا لم يفعل وانا لم اسأل وعموما من حقي ان احاسبه اذا لم يحضر لاستقبالي في المطار.
وما حدث في واشنطون تكرر في لندن ولكن بصورة مختلفة الخارجية لم تخطر السفارة واستقبلني السفير في المطار وفي هذه اللحظة التي اتحدث فيها يقيم لي حفلا في بيت السفير توجه كل الوفد الى هناك وانا كان بودي ان اذهب لولا موعدي معكم الذي آثرت الوفاء به تقديراً لكم. ثم ابدى السيد سلفا استغرابه وهو يعقد هذه المقارنة: عندما أذهب الى يوغندا فالسفير هناك يحضر الاجتماعات معنا الا في الحالات ا لتي اجتمع فيها بشكل ثنائي مع الرئيس اليوغندي وذات الامر ينطبق مع سفيرنا عندما نزور كينيا اذن ما الفرق بين هذه الدول وامريكا وبريطانيا؟
ونحن ايضا نتساءل مع النائب الاول عن الاسباب التي تجعل الخارجية هنا تقوم بواجبها وهناك تتقاعس عنه؟ ونتساءل ايضا عن الاسباب التي جعلت القائم في واشنطون ينأى حتى عن زيارة نائب الرئيس في مقر اقامته بينما السفير في لندن يفعل ويلازم الوفد الى حد كبير في مقر اقامته ويقيم حفل عشاء بالمناسبة؟
ترى هل في الامر تقصير وسوء تقدير من وزارة رئاسة الجمهورية ام من وزارة الخارجية؟ ام من الاثنتين معاً؟
ليس لدى ما يحمل على الاعتقاد بان هناك شكوكا في ما سمعته من السيد سلفاكير ولكن لدى ما يحمل على الشك في ان يؤخذ ما اوردناه بكل ما يستحق من اهتمام وجدية للتحقيق فيه واظهار الحقيقة للشعب لان المحيط الاعلامي على وجه الاجمال خاض كثيرا في امر الزيارة التي قام بها سلفاكير الى الولايات المتحدة ووجه اليه الكثير من النقد والتفسيرات التي ذهب بعضها بعيدا والى الاعتقاد بان وراء تلك «السرية» ما يخفي منطلقات انفصالية، وكذلك اتهامات للولايات المتحدة بانها لعبت دورا في ابعاد الحكومة المركزية عن الزيارة في محاولة للتفريق بين مسالك الدولة الواحدة، والتعامل بوجهين مع السودان.
ولكل هذه الأسباب مجتمعة ولغيرها ولكي لا يتكرر ما حدث نطلب من جهات الاختصاص في الدولة ان تتقصى الحقائق في كل الملابسات وتعلن الحقيقة وتتفادى تكرار مثل ما حدث! ولا نطالب بمحاسبة المقصرين او المتسببين لانه لا يوجد في قاموس هذه الحكومة ما يعرف بالحساب لمن هم في زمرة المسؤولين فيها.
وبكل تأكيد ان امر الدبلوماسية السودانية يحتاج الى اكثر من التحقيق والتقصي فيما اشرنا اليه فهي تحتاج الى ما يعيد لها وهجها التاريخي ومكانتها وسمعتها. فلا نبالغ اذا قلنا ان السياسة الخارجية السودانية اضحت جزرا يبحر فيها كل مسؤول على هواه بما يتناقض مع اصولها بل وتكاد الدبلوماسية السودانية تكون مغيبة تماما عن الكثير مما يعد من صميم عملها في المجال الخارجي وهذا ما جعل السياسة السودانية مضطربة ومتناقضة ومحيرة في غالب الاحيان. وما لم يرد للدبلوماسية السودانية اعتبارها فستبقى سياسة السودان الخارجية نهباً للامزجة ولا يعلم العالم كيف يتعامل مع السودان . اخضعوا كل الامور للدراسة المتأنية واستمعوا الى آراء الدبلوماسيين فسوف تجدون ساعتها ان السودان ابتعد كثيرا من الورطات التي يواجهها الآن .. والاّ لن يعرف كيف يكسر طوق العزلة
http://www.rayaam.net/articles/article27.htm
|
|
|
|
|
|