|
أرجو أن تدرك الحكومة أن الرجالة السودانية ليست حكراً لها وحدها.. وكذلك الحماقة السودانية..!!
|
للمرة الثانية ألفت نظر الجميع لهذا القلم الصادق الشجاع. نعم هو من رواد الحركة الاسلامية ولكنه أشجع من بعض منسوبى المعارضة فقد انتقد الانقاذ أيام التمكين لدرجة جعلت المرحوم محمد طه محمد أحمد يرد عليه فى مقاله المشهور " لا هجرة بعد الفتح"
تأليب الجبهة الداخلية..!! د. الطيب زين العابدين الحكمة والمنطق وحسن السياسة تقول بأن الحكومة فى رفضها المتشدد لقرار مجلس الأمن «1706» القاضى بمجئ قوات أممية الى دارفور من أجل تنفيذ اتفاقية أبوجا للسلام وحماية المدنيين، تحتاج الى تماسك الجبهة الداخلية وتعضيدها حتى تصبح فى موقف قوى يمكنها من مواجهة قرار مجلس الأمن. وقد دعا الأستاذ على عثمان محمد طه أثناء زيارته الناجحة الى شمال كردفان فى معرض دفاعه عن قرار الحكومة الى الوحدة الوطنية التى تؤدى بالضرورة الى تماسك الجبهة الداخلية. وأحسب أن مفهوم الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية فى هذا المقام، تعنى شيئاً أوسع وأكبر من حزب المؤتمر الوطنى وأحزاب التوالى المنخرطة فى الحكومة، فهى ينبغى أن تشمل أيضا شركاء المؤتمر الوطنى فى حكومة الوحدة الوطنية، تحديدا الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان. وهاتان الحركتان لهما موقف معلن بتأييد مجئ القوات الدولية لسبب مفهوم ومقدر أنهما وجدتا تعاطفا ودعما دوليا فى تمردهما على حكومة الخرطوم، وتأييدا أثناء مفاوضات السلام ووعدا بتعمير منطقتيهما اللتين دمرتهما الحرب، وليس من مصلحتهما الدخول فى مواجهة مع المجتمع الدولى الذى ترجوان منه الاشراف النزيه على تنفيذ اتفاقية السلام فى أرض الواقع اذا حاول المؤتمر الوطنى أن يلعب بذيله فى تطبيق الإتفاقيات المبرمة، وأن يناصرهما فى حالة حدوث خلاف فى تفسير الاتفاقية «نموذجاً منطقة أبيئ، حدود 56، عائدات البترول، تعويضات دارفور الخ...»، وأن يفى بتعهداته فى تعمير الجنوب ودارفور. وبالإضافة الى شركاء المؤتمر فى الحكومة ينبغى أن تشمل الجبهة الداخلية أحزاب المعارضة مثل حزب الأمة القومى والاتحادى الديمقراطى والمؤتمر الشعبى والحزب الشيوعى التى رحبت جميعا بدخول قوات الأمم المتحدة، وأن تشمل أيضا الفصائل المسلحة فى دارفور التى لم توقع على اتفاق سلام مع الحكومة والتى مازالت تهدد الأمن فى المنطقة، وهى قد أعلنت بدورها الترحيب بالقوات الأممية لتأمين وحماية المدنيين والنازحين الذين عجزت قوات الاتحاد الافريقى فى تأمينهم وحمايتهم، بل عجزت حتى عن حماية قواتها وممتلكاتها..!! ان كانت هذه هى مواقف القوى السياسية الداخلية من دخول قوات الأمم المتحدة، فإن الحكمة والمنطق وحسن السياسة تقول انه يجب على الحكومة ان تدعو هذه القوى الى حوار جاد حول مشكلة دارفور وكيفية تفادى مجئ قوات أجنبية الى دارفور، وأن تتعامل مع هذه القوى بالحسنى على الأقل فى هذه الفترة العصيبة حتى تكسبها الى جانبها، ولو بقدر ما، لأن ذلك فى مصلحتها وهى تخوض مواجهة غير متكافئة مع الأمم المتحدة وأخيرا مع الاتحاد الافريقى أيضا! ولكن الحكومة فعلت عكس ذلك تماما، وكأنما هدفها هو تأليب الجبهة الداخلية واحداث انشطار خطير داخل المجتمع، ودفع بعض القوى المشاركة فى السلطة وكل القوى المعارضة الى صفوف «العدو» كما تراه الحكومة!! لذلك يصعب على المرء أن يصدق أن قرار رفض القوات الأممية كان مدروساً ومحسوباً ومتأنياً كما تقول الحكومة، فالخطوات التى تتبعها الحكومة تجاه القوى السياسية الأخرى تشير الى عكس ذلك. ولنذكر بعض هذه الخطوات التى وقعت فى الأيام الأخيرة. درج بعض المسؤولين فى الحكومة والحزب الحاكم وكثير من الأقلام الصحفية المحسوبة عليهما، على وصف الزعماء والأحزاب والكتاب المؤيدين لدخول القوات الدولية بأبشع الألفاظ من عيار الخيانة للوطن والعمالة لجهات أجنبية والانتهازية بالاستنصار بعدو خارجى. فهل القيام بمثل هذه الحملة الشعواء مما يساعد فى تقوية الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية؟ وردت هذه القوى بأن هذا القول، ان صحّ، ينطبق على الحكومة أيضا لأنها قبلت بالقوات الأممية فى اتفاقية نيفاشا، وهذه القوات تعسكر حاليا فى الجنوب وفى جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق والخرطوم، ولها موقع متميز فى مطار الخرطوم..!! وصف دينق ألور الوزير برئاسة مجلس الوزراء الكيفية التى تم بها استصدار القرار بطرد قوات الاتحاد الافريقى فقال: ان مجلس الوزراء لم يناقش البتة فى جلسته أمس «الأحد 3/9» قراراً كهذا، لقد قدم الرئيس البشير «تنويراً» للمجلس عن زيارة جنداى فريزر مبعوثة الرئيس الأميركى الى الخرطوم، وختم تنويره بتناول انهاء نشاط البعثة الافريقية فى دارفور وعزمه على مخاطبة رئيس مجلس السلم والأمن الافريقى بهذا، وغادر بعدها القاعة دون أن يخضع الأمر لنقاش. وعقب ألور بقوله إن القرارات فى الحكومات الائتلافية «ولا فى الحكومات الآحادية الديمقراطية» لا تتخذ على تلك الشاكلة. وأضاف بأن التنوير كان من المفترض أن يقدمه الأستاذ على كرتى فى نهاية الجلسة، إلا أن البشير تولى الأمر وغادر الاجتماع!! وكأنما قصد ألور أن يقول بأن فى الأمر اخراجاً حزبياً من قبل المؤتمر الوطنى لذلك قال: ليس ذلك قرار مجلس الوزراء وأن الشركاء فى حكومة الوحدة الوطنية ليسوا جزءاً منه!! وهو اخراج غير ديمقراطى وغير ذكى، لأنه كان ينبغى أن يخضع لنقاش واسع فى المجلس عبر ورقة عمل معدة لهذا الغرض، وليس عبر تنوير عارض. وليس ذكياً لأن القرار كان يمكن أن يصدر بالقوة الميكانيكية للمؤتمر الوطنى ومن معه من أحزاب التوالى، ولن يجد ألور عندها حجة قانونية ضد القرار. فهل مثل هذا التعامل مع الشريك الأهم فى حكومة الوحدة الوطنية يدعم تماسك الجبهة الداخلية؟ بل وهل يمكن أن يجعل الوحدة جاذبة فى نهاية الفترة الانتقالية؟ لقد دعا ياسر عرمان رئيس الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية بعقلانية محمودة الى التشاور بين المؤتمر والحركة مسبقا قبل اتخاذ قرارات مهمة مثل زيادة أسعار السكر والبترول، ومنع مظاهرة أحزاب المعارضة، وانهاء مهمة القوات الافريقية. وستجد الحركة الشعبية نفسها ملزمة بمناقشة الأمر فى أجهزتها واعلان رأيها للناس، ولن يكون ذلك متماشيا مع قرار مجلس الوزراء. فأين المصلحة اذن فى اصدار القرار بهذه الصورة المكلفتة؟ فى ذات اليوم الذى جابت فيه مظاهرة الحكومة شوارع الخرطوم طولا وعرضا ترفض قرار مجلس الأمن «1706» وتتوعد قوات الأمم المتحدة بالويل والثبور فى نواحى دارفور، قامت الشرطة وعناصر الأمن بتفريق مظاهرة المعارضة المحتجة على زيادة أسعار السكر والبترول بالهراوات والغاز المسيل للدموع بحجة أن طلب المسيرة لم تتم الموافقة عليه. وأنا شخصيا أشك فى أن حزب المؤتمر قد كلف نفسه طلب إذن لمسيرته. ولماذا يفعل فالذين يعطون الاذن هم أنفسهم الذين يرفعون اللافتات؟ هل مثل هذه المعاملة غير العادلة وغير الدستورية تصب فى مصلحة الوحدة الوطنية التي نادى بها الأستاذ على عثمان؟ وهل تؤدى الى تماسك الجبهة الداخلية التى تحتاجها الحكومة فى هذا الوقت؟ دافع الأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر عن فض مظاهرة المعارضة بالقوة بأنها غير قانونية، ونسى سيادته بأنه يرأس مجلس الشورى القومى للحركة الاسلامية، وهى منظمة غير قانونية وغير مسجلة لدى الأجهزة الحكومية، ومع ذلك تباشر نشاطا علنيا فى الاعلانات بالصحف والاجتماعات فى قاعة الصداقة وفى ارض المعسكرات بسوبا. قليلا من الانصاف يا هؤلاء!! وليت الأستاذ أحمد بصفته رئيسا للمجلس الوطنى، يبعد نفسه شيئاً ما عن وعثاء المعارك السياسية اليومية! واذا اعتدت الحكومة فى قلب الخرطوم على حقوق المعارضة الديمقراطية، فلماذا لا يفعل والى شمال دارفور مثل ذلك وأكثر ليبرهن على اخلاصه وشجاعته؟ فقد أذن لقوات شرطته وأمنه أن يقتحموا حرم جامعة الفاشر ويعتدوا على طلابها ليس بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع فقط بل بالذخيرة الحية، مما أدى الى مقتل طالب وجرح العشرات لأنهم تجرأوا وعقدوا ركن نقاش داخل الجامعة غير مصدق به! ولا أدرى ما دخل الوالى بعقد نقاش داخل الجامعة اذا لم يحدث تخريب لممتلكات الجامعة أو اعتداء على آخرين وبعد دعوة من ادارة الجامعة. ولكن والى شمال دارفور يحكم بالهيبة والرهبة مثل ما كان يحكم سلاطين المنطقة قبل مائتى سنة، فهو يحرص الى يومنا هذا على أن يصطف كل المسؤولين والأعيان فى وداعه حين يغادر مطار الفاشر، وأن يصطفوا جميعا لاستقباله حين يطأ ركبه الميمون أرض الفاشر! وهذه فرصة للحكومة أن تعزل والى الفاشر ان أرادت أن تصطلح مع الآخرين وتوفر مقاعد فى السلطة للفصائل المسلحة القادمة، رغم اعترافى بأنه مفيد للحكومة فى هيجتها الراهنة، ولكن الى متى؟ وبدلا من أن تسعى الحكومة بجد لكسب الفصائل المسلحة التى لم توقع على اتفاق أبوجا، إذا بها تهددها بالويل والثبور، وتعد العدة لمهاجمتها فى مواقعها، وتحرض الاتحاد الافريقى لطردها من اللجان المشتركة، وتنذرها بأن الاتفاق قد تم وختم وليس فيه زيادة لمستزيد. هل بهذا السلوك تستطيع الحكومة أن تكسب هذه الفصائل لاتفاقية السلام؟ وهل بهذه السياسة توحد الجبهة الداخلية فى مواجهة عدو خارجى؟ أرجو أن تدرك الحكومة أن الرجالة السودانية ليست حكراً لها وحدها.. وكذلك الحماقة السودانية..!!http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147506024&bk=1
|
|
|
|
|
|