|
|
 "ضحكات إشتراكية"!
|
خط الاستواء
عبدالله الشيخ
"ضحكات إشتراكية"!
( أدرك سماءك يا خالقي ، بعد هذا المزاد ، بعد ذاك الجرس ) .. فأنا
كلما تعالى صوت الرصاص في ليبيا تذكرت شبابي الذي ضاع في طريق البحث عن غربة أخرى .. في ليل القاهرة الذي يقضيه السودانيون سهارى كنت أستأنس بصديقي جهاد، لماذا يحمل صديقي هذا الإسم ؟ فأنا من المؤمنين بأن الجهاد بالسكاكين هكذا ليس أصلاً فى الاسلام!!، أقول له بأنني أرغب في الهجرة الى امريكا أكثر مما يرغب سكان بيوت الاشباح فى الخلاص من (هذا النظام)..! أكثر مما يرغب قيس في رؤية ليلاه..! لكن ،،حملتني الأيام الى غربة في ليبيا الاشتراكية العظمى عبر منفذ السلوم، بدد صديقي جهاد حزمةالشجن والوداع، ونحن الى جوار كنيسة (سانت فاتيما) بمصر الجديدة ، القديمة جداً ،وقال ضاحكاً: "تعرف يا صديقي أنت اول كائن في هذه الكرة الأرضية يرغب في الهجرة الى امريكا عبر الدخول الى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"..!
غصة فراق القاهرة لن تفارقني فى وقت قريب.. أن تنتشل روحك من القاهرة ذاك أمر صعيب،،ضربت في الصحراء،دعاش الاسكندرية يأتي، والطريق الصحراوي في الليل له خرير الجداول،، انوار مضمحلة تتناثر كعطور عالقة في الذاكرة منذ متاريس الطفولة، اتحسس ذاكرتي، فينطلق منها دعاش (العشميق) والعرجون أوان الطلع ،وجدائل بنفسجية لعيش الريف، وعطور أخرى تتعلق بيوم ختان لم أفرح به أبداً.. رأيت البحر للمرة الثانية في مرسى مطروح، يقال أن الصحراء هنا حقل ألغام، لكن الشاطئ حتى يرث الله الأرض ومن عليها سيبقى مورداً للعاشقين الذين ما شبعوا من هذه الحياة،، هناك أنثى بتفاصيلها، تدع الرياح تناثر شعرها كما تتناثر الوشايات بين صبايا يكتشفن ـ لأول مرة ـ أنهن جزء من حديقة النساء..كما تتناثر وشايات مجلس قيادة الثورة بأن الانقاذ ستبقى لـ(61) سنة قادمة ..! مع رهاب البحر أحسست بالعزلة، وبالفراق، وبأن وطني لن يخرج من كوابيس الدفاع الشعبى أبداً.. سحنتى التى يُقال أنها سمراء جلبت الي أحاديث من يعرف، و من لا يعرف شيئاً عن السودان.. عند منفذ السلوم تتغير الأقوال والأفعال.. هناك تضطر الى تبني ما يسمى بـ (الثورة الاشتراكية ) ، يمكنك أن (تتشعبط) في جيفارا كيفما شئت، يمكنك أن تدعي أن جدك أو أبيك كان صديقاً ونديماً لجمال عبدالناصر عند خزان جبل الأولياء.. ما فى ذلك ضير ، فـ (الثورة) أنثى..!
أحكي شجني مع البحر عند منفذ السلوم ، بعد عشرين عاما من رحلتى هذه عاد مرغماً الى وطنه من (كسر الدبرياش) فى ليبيا..! بعد سبعة عشر عاماً عاد صديقي من غربته العاتية، واستقبلني بذات الضحكات ن انه يضحك كما لو أنه قام بتمشيط أمريكا اللاتينية (زنقة زنقة ) وأحاط بـ( الجرزان)..! حملتنى الأقدار الى هذه البلاد التى أراها تحترق الآن ، ثم بعد قليل لفظتنى داخل الوطن ..!أما هو فقد تهيأ له المقام فى الدنيا الجديدة التى كنت اشتهيها، ولم يكن هو من الراغبين فيها..! هكذا تعطى الدنيا حبالاً بدون بقر ، وأسورة لمن لا يمتلك تداوير..!
عدت ، وعاد ..هذا الرجل ، له القدرة فى أن يحتمل، أما أنا، فكيف أهنأ بشيخوختي، وما زال عبد الحي يوسف يصدر فتاويه من قناة الشروق؟ كيف أندرج مع شباب ( الفيس بوك) وهؤلاء القوم مازالوا يتحدثون عن (الاستراتيجية القومية الشاملة)؟.. وعن (رتق النسيج الاجتماعي) في دارفور)؟.. ان كانوا يريدون رتقه، لماذا فتقوه؟
ـ نواصل ـ
|
|
 
|
|
|
|
عبد الله الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست