جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية..

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 04:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-13-2011, 09:23 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية..

    اتفاقيات مشاكوس نيفاشا
    مواقف الأحزاب والقوى السياسية
    محمد علي جادين

    مقدمة:
    ترجع بدايات المفاوضات التي أدت إلى اتفاقيات مشاكوس/ نيفاشا إلى فترة الديمقراطية الثالثة 1985-1989، حيث بدأت الاتصالات بين التجمع الوطني لانقاذ الوطن والحركة الشعبية لتحرير السودان بعيد انتصار انتفاضة مارس/ أبريل 1985 وسقوط نظام نميري. وفي مارس 1986 توصل الطرفان إالى ما سمى (إعلان كوكادام) كأساس لإيقاف الحرب الأهلية وتحقيق السلام في البلاد، ولكن الأتفاق لم يجد طريقه للتنفيذ بسبب معارضة الحزب الاتحادي وبعض القوى السياسية الأخرى. وفي نوفمبر 1988 نجح الحزب الاتحادي الديمقراطي في الوصول مع الحركة الشعبية إلى اتفاق عرف بـ (إتفاقية الميرغني/ قرنق) التي دعت إلى حل مشكلة الجنوب والأزمة السودانية بشكل عام عن طريق مؤتمر دستوري وطني، تشارك فيه كل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة. وفي 1989 دخلت حكومة الجبهة الوطنية المتحدة، برئاسة السيد الصادق المهدي، في برنامج عملي لتنفيذ هذه الاتفاقية وتهيئة المناخ لعقد المؤتمر الدستوري الجامع في سبتمبر 1989. وفي هذه الظروف بالتحديد جاء انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة الجبهة الإسلامية القومية بهدف اجهاض التجربة الديمقراطية وقطع الطريق على عملية السلام الجارية وقتها، باسم ثورة الانقاذ الوطني وشعارات (الدفاع عن العقيدة والوطن والشريعة الإسلامية) وبذلك أهدرت فرصة ثمينة لحل مشكلة الجنوب وإيقاف الحرب الأهلية بجهد سوداني جماعي لأول مرة منذ إعلان الاستقلال في مطلع 1956. وفي السنوات اللاحقة أدت سياسات النظام الانقلابي، نظام ثورة الانقاذ، إلى تصعيد الحرب الأهلية في الجنوب وتمديدها للشمال بشكل واسع، وإلى تحويلها من مشكلة سياسية تتركز حول مطالب محددة إلى حرب دينية وعرقية بين الشمال (العربي المسلم) والجنوب (الزنجي المسيحي) من خلال شعارات الجهاد وتفويج الطلاب والشباب في قوات الدفاع الشعبي. وفي الخارج ظلت سياسات الحكومة تجري وراء المبادرات الخارجية بمختلف أشكالها ومصادرها، حيث تواصلت المفاوضات مع الحركة الشعبية في أديس أبابا ونيروبي وأبوجا. وفي 1993 استقرت هذه المبادرات في مبادرة دول الإيقاد IGAD. وفي فترة قصيرة أدت هذه السياسات إلى ظهور شعار حق الجنوب في تقرير مصيره وتكوين دولته المستقلة وإلى تدويل مشكلة الحرب الأهلية بشكل واسع، وذلك نتيجة لتطاولها دون حل منظور ولإتساع تأثيرها في استقرار المنطقة وأمتها. ويشار إلى أن (حق تقرير المصير) ظلت تطرحه الحركة الجنوبية المسلحة في ستينات القرن الماضي وتراجع بعد اتفاقية أديس أبابا 1972. وفي عام 1991 طرحه تيار إعلان الناصر، الذي أنقسم من الحركة الشعبية، بقيادة ريك مشار ولام أكول، بحجة أستحالة تحقيق الوحدة مع الشمال على أسس جديدة، كما يقول منافستو الحركة. ومع اشتداد الصراع بين الطرفين، اضطر التيار الرئيسي للحركة، بقيادة جون قرنق، إلى تبني شعار تقرير المصير في مؤتمر توريت 1991 جنباً لجنب مع خياري الوحدة الطوعية في إطار سودان جديد والكونفيدرالية. ومن جهة أخرى قامت حكومة الانقاذ بتوقيع اتفاق في فرانكفورت في عام 1992 مع تيار الناصر يعترف بحق الجنوب في تقرير مصيره وتكوين دولته المستقلة. ويمثل ذلك أول اعتراف حكومي بهذه الحق طوال فترة ما بعد الاستقلال. وفي عام 1993 وجد هذا الشعار طريقه إلى لقاء واشنطن بين جناحي الحركة الشعبية، الذي نظمته دوائر في الكونغرس الأمريكي، بهدف توحيد الحركة الجنوبية المسلحة في مواجهة نظام الانقاذ. وفي 1994 طرحت مبادرة الإيقاد إعلان مبادئ يشكل أساساً للمفاوضات بين الحكومة والحركة الجنوبية المسلحة. وتضمن الإعلان (إقامة دولة مدنية ديمقراطية موحدة .. أو .. منح الجنوب حقه في تقرير مصيره وتكوين دولته المستقلة)، ولكن الحكومة رفضت ذلك بحجة أن الجنوب قرر مصيره عند إعلان استقلال السودان في مطلع 1956. وقبل ذلك رفضت اقتراحاً مماثلاً واقتراحاً بالكونفيدرالية في مفاوضات أبوجا عام 1993. وفي 1995 قررت قوى التجمع الوطني المعارض، الذي كان يضم معظم القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، بما في ذلك الحركة الشعبية، تبني شعار حق تقرير المصير كآلية لإيقاف الحرب وكحق إنساني وفرصة لإعادة بناء وحدة السودان على أسس جديدة. ووجد ذلك رفضاً قوياً من الحكومة لإنقاذ واتهمت قوى التجمع الوطني بالتفريط في وحدة البلاد. ولكنها تراجعت عن موقفها هذا خلال فترة قصيرة، حيث وقعت مع الفصائل المنشقة عن الحركة الشعبية في منتصف 1996 ما عرف بـ (مثياق السلام) وفي 1997 وقعت معها (اتفاقية السلام من الداخل)، وأكد الميثاق والاتفاقية على حق الجنوب في تقرير مصيره وتكوين دولته بعد فترة انتقالية محددة وضمنت ذلك في دستور 1998. ونتيجة لذلك عادت إلى منبر مبادرة دول الايقاد بعد مقاطعته لأكثر من ثلاث سنوات. وبذلك دخل شعار (حق تقرير المصير) بقوة في السياسة السودانية بشكل عام وفي مفاوضات مبادرة الايقاد بشكل خاص. ومن خلال تركيز الحكومة على هذه المبادرة واتساع مآسي الحرب الأهلية وتأثيرها في المنطقة، جرى تدويل المشكلة بشكل واسع واصبح منبر الايقاد هو المنبر الوحيد المعتمد من دول الجوار الأفريقي والقوى الدولية المؤثرة في السياسة السودانية. ولذلك رفضت المبادرة المصرية الليبية المشتركة التي طرحت في منتصف 1999 ورفضت كافة مطالبات التجمع الوطني بتوحيد المبادرتين في مبادرة واحدة. ومع ذلك تعسرت المفاوضات خلال الفترة اللاحقة بسبب احتلالات برزت في مبادرة الايقاد. وتمثل أهمها في الآتي:
    (1) أنها تحصر المفاوضات في طرفين فقط، هما الحركة الشعبية والحكومة، وتستعبد التجمع الوطني وقوى المعارضة الأخرى. وأنها أيضاً ظلت، بحكم إعلان مبادئها، تركز على قضية الجنوب ومشكلة الحرب الأهلية وتتجاهل الجوانب الأخرى اللازمة السودانية (الديمقراطية، نظام الحكم، الوحدة الوطنية، التنمية الشاملة والمتوازنة.. إلخ).
    (2) أنها تمثل البعد الأفريقي في محيط السودان الإقليمي وتتجاهل بعده المصري والعربي، خاصة بعد رفض المبادرة المصرية الليبية المشتركة في 1999.
    (3) أنها خلال فترة قصيرة وجدت دعم ومساندة القوى الدولية المؤثرة في المنطقة خاصة أمريكا وبريطانيا. وبذلك تحولت إلى مدخل لتدويل الأزمة السودانية، حيث برز ذلك من خلال ظهور منبر شركاء مبادرة الإيقاد، الذي ضم معظم الدول الكبرى الغربية، وتحول هذا المنبر إلى فاعل رئيسي في عملية السلام السودانية بعد 1999 على حساب الدور الوطني والإقليمي. وتركز اهتمام هذه القوى في مشكلة الحرب والسلام واستقرار المنطقة وتجاهل الجوانب الأخرى.
    أتفاقية السلام الشامل:
    هذه الاختلالات الأساسية ظلت تتحكم في مسار مفاوضات منبر الإيقاد طوال تسعينات القرن الماضي وظلت تعرقل تقدمها في اتجاه تحقيق السلام الشامل في البلاد. ومع ذلك ظلت مبادرة الإيقاد تجد دعم ومساندة أطرافها الأساسية، الحكومة والحركة ودول الإيقاد وشركائها، لأسباب مختلفة. ويشار إلى أن الحكومة والحركة دخلتا في تلك الفترة في حالة من الإنهاك والتعب الشديد، بسبب استطالة الحرب وخسائرها الفادحة. كان من الطبيعي أن يعملا معاً للوصول إلى تسوية ملائمة من خلال هذه المبادرة، لذلك ظلت الحكومة ترفض توسيع أطار المبادرة وأجندتها، بهدف إبعاد القوى السياسية المعارضة وضمان سيطرتها على الشمال من خلال صفقة مناسبة مع الحركة وتحسين علاقاتها مع القوى الدولية المؤثرة في السودان والمنطقة العربية والأفريقية. وفي الجانب الآخر كانت الحركة تعمل للمحافظة على هذا المنبر كما هو للعمل من خلاله على تعظيم المكاسب الإقليمية للجنوب والمشاركة الواسعة نسبياً في إدارة المركز وطرح بعض قضايا التسوية الوطنية الشاملة. ولذلك كانت، هي الأخرى، لا تبدي أي رغبة في توسيع إطاره وأجندته ولم تبذل اي جهد لضم حلفائها في التجمع الوطني للمفاوضات. ودول الإيقاد وشركاؤها كانت تركز على قضايا الحرب والسلام دون أي اهتمام بالجوانب الأخرى اللازمة السودانية. وهذا التناقض في التوجهات العامة ظل يقف خلف تعسر المفاوضات وتزايد دور الشركاء والقوى الدولية المؤثرة. وفي هذا المناخ جاء صعود الحزب الجمهوري في الإدارة الأمريكية، بتوجهاته المختلفة عن الإدارة الديمقراطية السابقة، ليفتح الطريق أمام تطوير علاقات نظام الإنقاذ مع الولايات المتحدة الأمريكية. وساعدته في ذلك أحداث سبتمبر 2001. ومن هنا ظهر تقرير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأمريكي (مارس 2001) الذي دعى إلى العمل على احتواء نظام الإنقاذ وحل مشكلة الحرب الأهلية ومشكلة الجنوب عن طريق إقامة دولة واحدة بنظامين مختلفين في الشمال والجنوب. وبعد ذلك جاء تعيين القس دانفورث مبعوثاً أمريكياً خاصاً للسلام في السودان ونجاحه في تحقيق أتفاق بين الطرفين حول منطقة جبال النوبة (يناير 2002) وفي تحريك عملية السلام حتى وصلت إلى اتفاق مشاكوس في يوليو 2002 الذي حسم قضايا حق الجنوب في تقرير مصيره، علاقة الدين والدولة، نظام الحكم في الفترة الانتقالية وآليات الرقابة الدولية والإقليمية. ويبدو أن الاتفاق كان مقايضة وجد فيها المؤتمر الوطني اقراراً باستمرار مشروعه الإسلامي في الشمال ووجدت الحركة اقراراً بحق الجنوب في تقرير مصيره. وبذلك شكل اختراقاً كبيراً في اتجاه إنهاء الحرب الأهلية وتحقيق السلام. ولكنه في الوقت نفسه أدى إلى تدويل مشكلة الحرب الأهلية والأزمة السودانية ووضع الأساس لإتفاق ثنائي بين الحكومة والحركة يستند إلى إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد وتقرير مركز الدراسات الأمريكي وجهود المبعوث الأمركي الخاص للسلام في السودان ويركز على مشكلة الحرب والسلام. وعلى أساس هذا الاتفاق الأساسي جاءت اتفاقيات نيفاشا الخمس في الفترة 2003-2005 وهي برتكولات قسمة السلطة، قسمة الثروة، حسم نزاع منطقة اب ياي، حسم النزاع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والترتيبات الأمنية، إضافة إلى وقف إطلاق النار ووسائل وجداول التنفيذ الشامل (...) وهذه الاتفاقيات هي التي شكلت اتفاقية السلام الشامل وأدت إلى أنهاء الحرب الأهلية في الجنوب وبعض المناطق الشمالية ووضعت البلاد في مجرى تطور جديد يقود إلى بناء السودان على أسس جديدة تختلف كلية عن الأسس التي ظلت سائدة منذ إعلان الاستقلال في مطلع 1956 حتى الآن.. أو .. إلى فصل الجنوب وتكوين دولته المستقلة عن طريق استفتاء تقرير مصير شعب الجنوب في نهاية الفترة الانتقالية (2005 -2011) ومع أن هذه الاتفاقيات تركز على إيقاف الحرب وتحقيق السلام وحل مشكلة الجنوب وعلاقته بالمركز (الشمال) إلا أنها من الناحية العملية تتجاوز ذلك لتناول معظم جوانب الأزمة السودانية وتعمل على أحداث تغييرات أساسية في بنية النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم وتقرير مصير مستقبل البلاد في نهاية الفترة الانتقالية. ولذلك وصفها رئيس الجمهورية عمر البشير وزعيم الحركة الشعبية د. جون قرنق بأنها (تمثل استقلال السودان الثاني..) وبحكم ثنائيتها وتركيزها على مشكلة الحرب الأهلية والجنوب، تميزت هذه الاتفاقيات باختلالات وتناقضات واضحة فرضتها تناقضات مواقف الطرفين المتفاوضين وتدخلات القوى الدولية والإقليمية المرتبطة بوساطة مبادرة الإيقاد. وتمثلت أهم هذه الاخلالات والتناقضات في الجوانب التالية:
    *نظام الحكم في الفترة الانتقالية يقوم على أساس (دولة واحدة بنظامين مختلفين) في الجنوب والشمال ويرتكز على أسس معقدة وهياكل متعددة ومتفاوتة في مسئولياتها. فهو نظام رئاسي تقوده مؤسسة رئاسة تتكون من رئيس الجمهورية (مؤتمر وطني) ونائب أول (حركة شعبية) ونائب ثاني من المؤتمر. ويقوم على دستور اتحادي (قومي) في المركز يحدد سلطات المؤسسات المركزية وعلاقاتها بحكومة الجنوب وحكومات الولايات الشمالية، ودستور (علماني) في الجنوب يمنحه سلطات كونفيدرالية شبه كاملة لإدارة شئونه كإقليم موحد، وهناك دساتير أخرى للولايات الجنوبية (تتبع لحكومة الجنوب) ودساتير (إسلامية) للولايات الشمالية التي تتبع للحكومة المركزية. وذلك إضافة إلى حكم فيدرالي موسع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان (تتبع لرئاسة الجمهورية) وحكم ذاتي لمنطقة أب ياي يمنحها حق تقرير مصيرها في نهاية الفترة الانتقالية بالارتباط بالجنوب أو الشمال. وهناك وضعية خاصة للعاصمة القومية (...) وتبرز تناقضات واختلالات هذه الوضعية في اضعاف المركز وفي عدم الاتساق في صلاحيات المستويات الأدنى. فالجنوب يتمتع بوضعية إقليم موحد وصلاحيات كونفيدرالية شبه كاملة وولايات تتبع لحكومة الإقليم. وفي الوقت نفسه تحرم الأقاليم الشمالية من مثل هذا المستوى الإقليمي، بل يكرس تقسيمها إلى 14 ولاية تتبع للحكومة المركزية دون مستويات إقليمية وسيطة. وبينما تتمتع ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بسلطات فيدرالية واسعة نسبياً، تمنح الولايات الشمالية الأخرى سلطات أدنى مماثلة لسلطات الولايات الجنوبية. ويضاف إلى ذلك أن هذه التناقضات والاختلالات ترتبط باختلال كبير في تركيبة المؤسسات التشريعية والتنفيذية الانتقالية في المركز وحكومة الجنوب والولايات. ويتجسد ذلك في شراكة مغلقة بين حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، حيث يسيطر الطرفان على مؤسسة الرئاسة بشكل كامل، بجانب الحكومة المركزية والمجلس التشريعي القومي (52% للمؤتمر و28% للحركة) مع مشاركة محدودة للقوى السياسية الأخرى (14% للقوى الشمالية و6% للقوى الجنوبية) وتشمل هذه الشراكة المفوضيات واللجان والخدمة المدنية والقضائية والأجهزة العسكرية والأمنية .. إلخ وتشمل أيضاً سيطرة المؤتمر الوطني على الولايات الشمالية (70%) وهيمنة الحركة على الولايات الجنوبية وحكومة الجنوب (70%) وسيطرة الطرفين على ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان (55% للمؤتمر الوطني و45% للحركة).
    *اتفاقية السلام الشامل تتعامل مع قضايا التحول الديمقراطي كمنتوج ثانوي لمشكلة الحرب الأهلية وقضية الجنوب وليس كقضية أساسية مستقلة. فهي تتحدث عن احترام حقوق الإنسان وإعلاناتها ومواثيقها العالمية، وعن ضرورة تضمينها في الدستور القومي وعن إجراء مصالحة وطنية شاملة وانتخابات في منتصف الفترة الانتقالية .. إلخ وكل ذلك يشير إلى إمكانية تحول ديمقراطي واسع نسبياً ينهي نظام الحزب الواحد القائم ويقيم مكانه نظاماً ديمقراطياً على أساس المساواة في حقوق المواطنة وواجباتها.. ولكنها في الوقت نفسه تضع نفسها فوق الدستور ولا يمكن تعديلها إلا بموافقة الطرفين وتفرض برنامج واجتهادات نخبة الإنقاذ حول (الشريعة الإسلامية) كأمر واقع في الشمال غير قابل للتغيير. وهناك أيضاً إتفاق الشريكين على استمرار القوانين السارية حتى تغييرها من المؤسسة التشريعية، ويشمل ذلك قوانين الأمن الوطني والصحافة والنقابات والأحزاب والخدمة المدنية وغيرها. والاتفاقية تتحدث عن إجراء مصالحة وطنية شاملة، لكنها لا تربطها بالحريات العامة والمشاركة الواسعة والمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري في الفترة السابقة كحد أدنى من الشروط الضرورية لأي مصالحة. وإذا أضفنا إلى ذلك إقرار الاتفاقية بنظامين مختلفين في دولة واحدة، وتكريس الشراكة المغلقة بين المؤتمر الوطني والحركة، واستمرار نخبة الإنقاذ في السيطرة على جهاز الدولة في المركز والولايات الشمالية وسيطرة الحركة على الجنوب، فإن كل ذلك يتناقض مع ما تبشر به الإتفاقية والدستور القومي الانتقالي المرتبط بها من تحول ديمقراطي واسع وتغييرات أساسية في بنية النظام الشمولي القائم لمصلحة شعب السودان بمختلف فئاته وأقاليمه وأحزابه وتنظيماته.
    * الاتفاقية تتحدث عن أولوية الوحدة الوطنية والعمل على جعلها (جاذبة) لشعب الجنوب عند استفتاء تقرير المصير في نهاية الفترة الانتقالية. ولكنها من الناحية العملية تسير في طريق فصل الجنوب عن الشمال منذ البداية. ويتمثل ذلك في توجهها لإنشاء دولة موحدة بنظامين مختلفين في الشمال والجنوب، ومنح حكومة الجنوب سلطات كونفيدرالية شبه كاملة، وإقرارها بوجود جيشين أحدهما للحركة (الجيش الشعبي) والآخر للحكومة (القوات المسلحة) وثالث مشترك (القوات المشتركة بين الطرفين)، ووجود نظام مصرفي عالمي في الجنوب ونظام آخر إسلاموي في الشمال، وتقسيم عائدات البترول على أساس جغرافي بين الشمال والجنوب، إضافة إلى الاختلافات الأساسية في مناهج التعليم العام وتوجه خطة إعادة إعمار وبناء البلاد (خطة JAM) للفصل بين البنية الاقتصادية في الشمال والجنوب وتناقضات برنامج الحركة الشعبية (مشروع السودان الجديد) وبرنامج المؤتمر الوطني (المشروع الإسلاموي) ويبدو أن هذه التناقضات والاختلالات ترتبط بإتفاق مشاكوس الإطاري (يوليو 2002) وتناقضات مواقف الطرفين وبالتالي تمسك الحركة بحق تقرير المصير وحماية خصوصية الجنوب وإصدار نخبة الإنقاذ على مشروعها الإسلاموي والتمييز بين المواطنين على أساس الدين، رغم تركيز الاتفاقية والدستور القومي الانتقالي على المساواة في حقوق وواجبات المواطنة، وبالتالي استبعاد خيار الدولة الموحدة المدنية الديمقراطية وحصر المفاوضات حول خيار وحيد هو تقسيم الوطن على أسس دينية وعرقية. والوضعية الخاصة لولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان تسير في نفس الاتجاه، بحكم تكوينهما الأثني والثقافي وارتباطهما بالحركة الشعبية ومشاركتهما إلى جانبها في فترة الحرب الأهلية، وبحكم أن الاتفاقية منحتهما حق (المشورة الشعبية) لتحديد مستوى علاقتهما بالمركز. ومن جهة أخرى لم تجد قضايا الثقافة والهوية الوطنية اهتماماً كبيراً، رغم أهميتها البارزة في مجرى علاقة الجنوب والشمال والحرب الأهلية في الفترات السابقة. ولكن الاتفاقية أشارت إلى اعتبار جميع اللغات المحلية لغات قومية واعتبار اللغة العربية، اللغة الرئيسية على الصعيد القومي، واللغة الإنجليزية لأداء الأعمال الحكومية ولغتي التدريس في التعليم العالي. وأشارت أيضاً إلى ربط السودان بمحيطه العربي والأفريقي من خلال السعي لتحقيق التكامل العربي والأفريقي في إطار الخطط والمنتديات الراهنة وتعزيز الوحدة العربية والأفريقية والتعاون العربي الأفريقي.
    *إتفاقية قسمة الثروة التزمت معايير وأسس إقليمية جغرافية في تقسيم عائدات البترول (50% لكل من الشمال والجنوب) وفي الوقت نفسه تجاهلت ضرورة التخطيط الاقتصادي ودور الدولة والقطاع العام في أحداث تنمية شاملة ومتوازنة. ولذلك ركزت بشكل واضح على نهج اقتصاد السوق الحر ودور القطاع الخاص في التنمية والنشاط الاقتصادي، انطلاقاً من برنامج حكومة الإنقاذ الجاري تنفيذه منذ سنوات. ووجد هذا النهج تجسيده العملي في (خطة البعثة المشتركة لتقدير احتياجات السلام (JAM) وهي خطة تركز على البنيات الأساسية وبناء القدرات وتعتمد، بشكل أساسي، على القطاع الخاص المحلي والأجنبي. ومثل هذا النهج لا يساعد في تنمية الجنوب والمناطق المهمشة الأخرى ولا في تنمية الاقتصاد الوطني بشكل عام، بل سيؤدي إلى تعميق أوضاع التخلف والتهميش في كافة الأقاليم وبالتالي إثارة النزاعات الجهوية والقبلية والحروب الأهلية.
    *إتفاقية السلام الشامل لها بعدها الإقليمي والدولي. فقد لعبت دول مبادرة الإيقاد وشركاؤها دوراً أساسياً في تحقيها، بل أن هذه القوى تعدت دور الوساطة إلى المشاركة الفعالة من خلال الضغوط المباشرة وتقديم البدائل في حل خلافات الطرفين المتفاوضين. وأمتد هذا البعد الدولي والإقليمي ليشمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومشاركة القوى الإقليمية والدولية المعنية في ضمان الاتفاقية ومراقبة ومتابعة تنفيذها طوال الفترة الانتقالية، وذلك إضافة إلى دورها في دعم برامج إعادة الإعمار والبناء ودور بعثة الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام وصلاحياتها المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1590. وتجسد كل ذلك في حضور أكثر من عشرين دولة لاحتفال بتوقيع الاتفاقية في نيروبي في بداية يناير 2005 ووقع عليها كشهود الأمم المتحدة وكينيا ويوغندا وأمريكا وبريطانيا والنرويج وأيطاليا والاتحاد الأوربي والاتحاد الأفريقي ومصر والجامعة العربية، وهذا يؤكد الاهتمام الدولي والإقليمي بإيقاف الحرب الأهلية في السودان والدور الحاسم الذي لعبته هذه القوى في الوصول لإتفاقية السلام الشامل.
    هكذا جاءت اتفاقية السلام الشامل لتنهي أطول حرب في أفريقيا وفتح الطريق لتحقيق السلام والاستقرار ومواجهة الأزمة السودانية بكافة جوانبها. وانطلاقاً من ذلك وجدت دعم ومساندة كافة القوى السياسية والاجتماعية في البلاد رغم تناقضاتها واختلالاتها الواضحةكما تشير مواقفها المعلنة.
    موقف المؤتمر الوطني والحركة الشعبية:
    في احتفال نيروبي أكد رئيس الجمهورية تعهده بوقف الاقتتال في كافة أنحاء السودان وأشار إلى أن الاتفاقية تمثل عقداً اجتماعياً جديد بين كل أهل البلاد لمعالجة قضاياها المختلفة بالحوار والمشاركة في في السلطة والثروة، وأكد أيضاً أن الاتفاقية (تمثل نموذجاً يمكن تطبيقه لوقف الحرب في دارفور وتحقيق السلام في كافة أنحاء السودان)، وأكد أن، المؤتمر الوطني سيعمل مع الحركة الشعبية لكي يكون السلام شاملاً لا يستثني جماعة ولا يعزل حزباً (لأننا نتطلع لبداية جديدة في بلادنا).. وفي نفس الاحتفال اشار جون قرنق، زعيم الحركة، إلى أن (المرحلة القادمة سوف تشهد تحولاً ديمقراطياً كاملاً لا يعزل أحداً على أساس الدين أو العرق) لأن الحركة سوف تعمل لإرساء الوفاق الوطني بين كافة القوى السياسية لبناء سودان جديد. وتعهد بالعمل مع المؤتمر الوطني (لتطبيق اتفاقية السلام الشامل في كل أقاليم السودان خاصة دارفور والشرق)، وأكد توجهه لدعم الحوار الجنوبي الجنوبي (..) ويشير ذلك إلى أن الاتفاقية تدخل البلاد في مرحلة جديدة وإلى أنها ليست نهاية المطاف وأنما تمثل خطوة مهمة في طريق تحقيق السلام الشامل ومواجهة الأزمة الوطنية في كافة جوانبها. ولذلك وجد الشريكان نفسهما أنهما يواجهان مشكلة إعادة ترتيب أوضاعها لمواجهة متغييرات التسوية السياسية الجارية. ويشمل ذلك بالنسبة للمؤتمر الوطني مشكلة استمرار سيطرته على الوضع الداخلي، على الأقل في المركز والولايات الشمالية، ومشكلة توحيد رؤيته حول الاتفاقية ووحدة صفوفه وتماسكها. فمع تتابع التوقيع على اتفاقيات نيفاشا بدأت وحدة النخبة الحاكمة تتعرض لخلافات وتوترات عديدة ومتواصلة. وفي هذا الإطار ظهر (منبر السلام العادل) بقيادة المهندس الطيب مصطفى، الوزير والقيادي في الحزب الحاكم، مع مجموعة من المسئوليين السياسيين والحكوميين. وتركزت وجهة نظر هذا المبنر في أن اتفاقية السلام الشامل تتضمن تنازلات أساسية لمصلحة الجنوب والحركة على حساب برنامج الحكومة ومشروعها الإسلامي وأنها تحمل الشمال أعباء السلام وإعمار الجنوب والمتجه عملياً نحو الانفصال. ولذلك يرى المنبر ضرورة (فصل الشمال عن الجنوب منذ الآن) بدل الانتظار 6 سنوات تكلفنا موارد وتنازلات كبيرة) والملفت أن قيادات المنبر ظلت في مواقعها الحكومية والحزبية الأمر الذي أثار شكوكاً حول ارتباطتهم بتكتيك متنفق عليه وسط المؤتمر الوطني. والواقع أن هذا التحرك كان يعبر عن توترات وخلافات وسط نخبة الإنقاذ ترتبط باحتمالات أضعاف سيطرتها على السلطة بعد الاتفاقية. وفي هذا الاتجاه وجه غازي العتباني، مسئول المفاوضات السابق، انتقادات حادة للتسرع في تحويل قيادة وفد المفاوضات للنائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه ولتقديم تنازلات كبيرة في برتكول الترتيبات الأمنية، ولعدم استيعاب القوى السياسية الأخرى في عملية السلام، وللترجع عن إعطاء الأولوية للوحدة الوطنية خلال الفترة الانتقالية واستبدالها بخطوات عملية لفصل الجنوب منذ البداية. وشاركت في حملة الانتقادات قيادات معروفة في النخبة الإسلاموية، مثل حسن مكي والطيب زين العابدين والأفندي وقطبي المهدي من مواقع مختلفة. وشارك فيها أيضاً المؤتمر الشعبي، بقيادة حسن الترابي، الذي انقسم من الحزب الحاكم في عام 1999. وموقفه من التسوية الجارية كانت له تاثيراته في صفوف الحزب الحاكم وفي خلافاته وتوتراته بين المتطرفين المدافين عن المشروع الإسلامي والمعتدلين والمدافعين عن التنازلات باعتبارها ضرورة للبقاء والاستمرار في الحكم. ونتيجة لذلك نشط الحزب في إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية حيث عقد في 2004 المؤتمر السادس لما سمى الحركة الإسلامية، لأول مرة بشكل علني بهدف توحيد رؤية الإسلاميين داخل المؤتمر الوطني الذي يضم مجموعات جنوبية وشمالية أخرى. وخاطبه رئيس الجمهورية بقوله: (ينعقد مؤتمركم هذا وبلادنا تمر بأخطر مراحل تطورها.. وشاءت الأقدار أن يكون لنا أسهام وافر في هذا التغيير. واليوم نحصد ثمار غرس الشهداء سلاماً مستداماً دون أن نفرط في عقيدتنا أو نحنث بقيمنا أو نضيع عهودنا) كأنه بذلك يرد على المعترضين على التنازلات التي تضمنتها اتفاقية السلام الشامل. وعكست مداولات المؤتمر خلافات واستقطابات وتنافساً حول موقع الأمين العام للحركة. وبجانب ذلك اهتم الحزب الحاكم بترميم تحالفاته مع القوى الأخرى وخاصة وسط القوى الجنوبية، مثل جبهة الإنقاذ الديمقراطية، والشمالية مثل الحزب الاتحادي (الشريف الهندي)، وفي الوقت نفسه اتجه إلى تعزيز موقفه في مواجهة الحركة الشعبية عن طريق تحريك المجموعات الجنوبية المعادية لها وتنشيط حواراته مع التجمع الوطني وحزب الأمة القومي والتوجه لمعالجة أزمة دارفور من خلال مبادرة الاتحاد الأفريقي. وكذلك اتجه لتطوير علاقاته مع مصر والجامعة العربية. وفي كل ذلك كان يستهدف تأمين موقفه للأنفراد بعملية السلام الجارية حتى يتمكن من هندستها بما يتلاءم مع مصالحه وضمان سيطرته على المركز والولايات الشمالية. ومن جهة أخرى أدت الاتفاقية إلى تحسين علاقات السودان مع المؤسسات المالية الدولية ومع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي. وساعدت هذه التطورات في توحيد صفوف الحزب الحاكم لمواجهة مرحلة ما بعد الاتفاقية والشراكة مع الحركة الشعبية. ويبدو أن الاختلاف كان يتركز في الأساس حول تناقض مشروع الدولة الإسلامية مع وحدة الكيان السوداني بتنوعه الديني والثقافي. وفي الجانب الاخر بدأت الحركة مع اقتراب نهاية المفاوضات، تدخل مرحلة جديدة في تطورها تقربها من تحقيق أهدافها من خلال المشاركة في السلطة المركزية والانفراد بحكم الإقليم الجنوبي. وأدى ذلك إلى بروز تحولات أساسية في توجهاتها السياسية والفكرية وخلافات وتوترات في علاقاتها مع التجمع الوطني، حليفها الأساسي طوال الفترة السابقة. فبعد التوقيع على اتفاقية قسمة الثروة (1/2004) أشار باقان أموم إلى أن منح الحكومة 50% من عائدات البترول المنتج في الجنوب سوف يؤدي إلى إتساع التوجه الانفصالي وسط شعب الجنوب، بحجة أن الوحدة مع الشمال سوف تحرمه من نصف عائدات بتروله. ويشار إلى أن الحركة بدأت منذ عام 2000 تقريباً في فتح الطريق لإعادة المنشقين عنها إلى صفوفها، بما في ذلك القيادات البارزة في انقسام الناصر (عام 1991) والمجموعات الأخرى، ربما بهدف توحيد جبهتها الداخلية لمواجهة ما بعد السلام. وأدى ذلك بالضرورة إلى تقوية (تيار القوميين الجنوبيين) المعروف تاريخياً في الحركة السياسية الجنوبية، أصحاب رؤية الجنوب أولاً، في داخلها وإضعاف موقف (تيار رؤية السودان الجديد) وهو تيار حديث ارتبط بصعود الحركة في بداية 1983 وزعيمها الدكتور جون قرنق بشكل خاص. وتصريحات باقان أموم تشير إلى ذلك، وتشير إلى أن اتفاقيات مشاكوس/نيفاشا قد أدت إلى ترجيح (رؤية الجنوب أولاً) في أوساط الحركة والنخبة الجنوبية عموماً. وفي هذا الاتجاه جاء قيام بعض رموز هذه الرؤية، مثل فرانيسس دينق وأبل ألير وجوزيف أكيلو البعدين عن الحركة الشعبية بدور هام في المفاوضات من موقع الحرص على إيقاف الحرب الأهلية وتحقيق تطلعات الجنوب في السلام والحكم الذاتي. وإضافة إلى ذلك ظلت قيادات الحركة تتهرب من تحديد موقف واضح من مسألة الوحدة والانفصال وتتحدث فقط عن مسئولية الشمال والمؤتمر الوطني في جعل الوحدة (خياراً جاذباً) لشعب الجنوب خلال الفترة الانتقالية دون تحديد للمطلوبات العملية لذلك. وفي هذا الإطار أشار باقان أموم إلى أن الحركة ستعمل خلال الفترة الانتقالية في مسارين مختلفين، مسار الوحدة على أساس رؤية السودان الجديد ومسار الانفصال في نفس الوقت. ومن الناحية العملية تركزت نصوص الاتفاقية بشكل رئيسي على وضعية الجنوب وعلاقاته بالمركز والشمال. ونجحت الحركة في تجاوز اعتراضات المؤتمر الوطني لحسم مشكلة ابيي باقتراح أمريكي يمنحهها وضعاً خاصاً حتى إجراء استفتاء يحدد تبعيتها للجنوب أو الشمال، وكذلك لمناقشة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان الشماليتين في مسار خاص واتفاقية منفصلة، ابعدهما عن الشمال ولم تربطهما بالجنوب، واخضعتهما لسطلة الطرفين (45% للحركة و55% للمؤتمر الوطني) خلال الفترة الانتقالية. وهذه الوضعية تمكن الحركة من تعزيز تحالفها ونفوذها في هاتين الولاياتين في مواجهة الحزب الحاكم. وقد أشار جون قرنق إلى ذلك، بعد التوقيع على اتفاقية السلام، حيث أكد أن أولوياته في المرحلة القادمة تتحدد في حكومة الجنوب والجيش الشعبي وحكومات الولايات الجنوبية ومنطقة أبيي وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والحكومة المركزية والقوات المشتركة. وهذا يشير إلى تراجع شعارات (رؤية السودان الجديد) والتركيز بشكل اساسي على تكريس المكاسب الإقليمية للجنوب. ووضح ذلك في تطور علاقات الحركة مع المؤتمر الوطني، بحكم مقتضيات الشراكة الجديدة، وابتعادها تدريجياً عن حلفائها في التجمع الوطني. وقد أدى توقيع اتفاقية نيفاشا إلى توتر علاقاتها مع التجمع والقوى السياسية الشمالية والجنوبية الأخرى. ويشار إلى أن جون قرنق ظل يقدم تنويراً في اجتماعات قيادة التجمع حول الاتفاقيات الموقعة يؤكد التزام الحركة بوحدة السودان الطوعية ووحدة قوى التجمع الوطني وضرورة مشاركتها في الجولات القادمة في المفاوضات. وظل يؤكد أيضاً أن الاتفاقيات الموقعة تنطلق من الوصول إلى (حل سياسي شامل) يقود إلى (الديمقراطية والتعددية وتكوين حكومة ذات قاعدة عريضة). وكانت قيادة التجمع تبدي ملاحظاتها وتبارك ما تقوم به الحركة. ولكن فشلها في ادخاله في المفاوضات وانتهاء الطرفين من التوقيع على معظم الاتفاقيات الأساسية جعلها تشعر بالاحباط والتهميش. ولذلك قامت في بداية 2004 بطرح انتقادات قوية لتلك الاتفاقيات بحضور جون قرنق وقيادات أخرى من الحركة وحدد سلبيالتها. ولكن قرنق دافع عن موقفه وأكد وجود سلبيات وحق التجمع في طرحها، كما أكد ضرورة مشاركته في المفاوضات وفي مؤسسات الحكم خلال الفترة الانتقالية. واشار إلى أنهم بذلوا كل ما وسعهم في ظل توازن القوى بين الطرفين المتفاوضين (..) ومع ذلك ظلت قيادة التجمع تصّر على ملاحظاتها حول سلبيات واختلالات الاتفاقيات الموقعة. المهم أن تلك كانت أول مرة تحدث فيها توترات وخلافات بين الطرفين حول مسار المفاوضات بين الحركة والحكومة. ومع أنها لم تؤدي إلى قطيعة بينهما إلا أنها أحدثت شرخاً كبيراً أدى في النهاية إلى تخلي الحركة عن التجمع بشكل كامل. ومع أنها ظلت تضع مسئولية عدم مشاركة التجمع على رفض الحكومة إلا أنها لم تبذل جهدالً ملموساً في هذا الاتجاه. وبينما ظل الناطق الرسمي باسم الحركة يكرر تأيديها لعقد مؤتمر وطني جامع بهدف مناقشة الاتفاقيات الموقعة أجازتها، كما كان يدعو التجمع الوطني، فقد أشار نفس الناطق الرسمي بعد التوقيع على الاتفاقية إلى أن الدعوة للتمؤتمر الجامع كلمة حق يراد بها باطل. وهذا يعني التخلي عن مواقفها السابقة داعماً التجمع الوطني واستبدالها بالشاركة الثنائية مع المؤتمر الوطني خلال الفترة الانتقالية وأياً كانت الأسباب، أسباب ابعاد التجمع والقوى السياسية الأخرى من مفاوضات نيفاشا وعملية التسوية الناتجة عنها، فقد أدت ذلك عملياً إلى إجهاض المشروع الوطني المرتكز على (الحل السياسي الشامل) ومقررات مؤتمر اسمرا 1995 وتستبداله باتفاقية ثنائية بين الحركة والمؤتمر الوطني يركز على خصوصية الجنوب وتعظيم مكاسبه الإقليمية.
    موقف التجمع الوطني وحزب الأمة:
    حدد التجمع الوطني موقفه في الترحيب باتفاقيات نيفاشا باعتبارها خطوة هامة في طريق إنهاء الحرب الأهلية وتحقيق السلام ومواجهة الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد بكل جوانبها، وذلك عن طريق تركيز ايجابياتها وبذل الجهد المطلوب لمعالجة سلبياتها واتخلالاتها من خلال تحويلها من اتفاق ثنائي بين طرفين إلى اتفاق قومي يضم كل القوى السياسية والاجتماعية، ومن اتفاق جزئي يحصر نفسه في مشكلة الجنوب وعلاقاته بالمركز إلى اتفاق قومي يخاطب كافة جوانب الأزمة السودانية، وحدد قيادته ايجابيات الاتفاقية في إنهاء الحرب الأهلية وفتح الطريق لتحقيق السلام في البلاد، وتوجهها لإعادة هيكلة السلطة والدولة من خلال تحول ديمقراطي كامل وبناء نظام ديمقراطي تعددي، وفي طرحها لإجراء مصالحة وطنية شاملة (..) وحددت السلبيات في 14 نقطة تشمل أهمها في الآتي:
    أ-نظام الحكم المقترح في الفترة الانتقالية يقوم على مستويات معقدة وتفاوت في الصلاحيات, نظام حكم رئياسي في المركز ودستور قومي شبه علماني، ودستور علماني في الجنوب وإسلامي في الشمال، ووضع خاص لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ومنطقة أبيي والعاصمة القومية. وهناك تفاوت في صلاحيات حكومة الجنوب التي تتمتع بصلاحيات كونفيدرالية ومشاركة في السلطة المركزية بينما تتبع الولايات الشمالية للحكومة المركزية مباشرة ولا تتمتع بمستوى إقليمي وسيط كالجنوب.
    ب-أن الاتفاقية أنهت الحرب في الجنوب وتركت الحرب الجارية في دارفور والأوضاع المتوترة في الشرق.
    ج-أدت إلى سيطرة الطرفين على مؤسسة الرئاسة والحكومة المركزية وسيطرة المؤتمر الوطني على الولايات الشمالية والحركة على حكومة الجنوب والولايات الجنوبية وسيطرة الطرفين على المفوضيات واللجان وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية.
    د-تحدثت الاتفاقية عن إجراء مصالحة وطنية لتضميد الجراح دون ربطها بالكشف عن الحقائق المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري خلال الفترة السابقة والمشاركة الفعلية في السلطة والثروة.
    هـ-الاتفاقية تعطي الوحدة الوطنية أولوية في الفترة الانتقالية، لكنها تعمل لفصل الجنوب منذ الآن. فهي تنص على انشاء دولة موحدة بنظامين مختلفين في الشمال والجنوب، وتوجد ثلاثة جيوش واحد للحكومة والثاني للحركة والثالث مشتركة بين الطرفين، وتنص على انشاء نظام مصرفي إسلامي في الشمال وآخر عالمي في الجنوب وتقسم عائدات البترول على أساس جنوب/ شمال وحتى على أساس قبلي (دينكا ومسيرية).
    و-نصت على الالتزام بمواثيق وإعلانات حقوق الإنسان العالمية، لكنها أهملت بعض هذه الإعلانات؛ ووضعت عراقيل في طريق التحول الديمقراطي، مثل سريان القوانين المقيدة للحريات وسيطرة الحزب الحاكم على جهاز الدولة .. إلخ.
    وفي ضوء ذلك حدد التجمع الوطني تدابير أسذاسية يرى أنه لا يمكن أن تحقق اتفاقية السلام أهدافها بدونها. وشملت هذه التدابير تحويل الاتفاقية إلى إتفاق قومي عن طريق مؤتمر وطني جامع تشارك فيه كافة القوى السياسية، ربط اتفاقية السلام بحل أزمة دارفور، التزام الحكومة بمتطلبات التحول الديمقراطي وعلى رأسها إلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة، عقد مؤتمر اقتصادي قومي تكون قرارته جزءاً من برامج الفترة الانتقالية، الالتزام بمبادئ المحاسبة والمساءلة في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري، وإجراء مصالحة وطنية شاملة (..) ومن جهة اخرى شارك حزب الأمة في اجتماعات هيئة قيادة التجمع الوطني في 2004 كمراقب بهدف متابعة مداولاتها وتوطيد علاقاتها مع قوى التجمع. وأكد في ذلك تقاربه مع رؤيتها حول قضية السلام والتسوية الجارية واستعداده للتنسيق معها في القضايا الوطنية الكبرى. وفي أبريل 2004 قدم الحزب مذكرة للحكومة والحركة أكد فيها (..أن السودان على مفترق طرق .. فبإمكانه أن يبني نموذجاً للعبور من النزاع إلى السلام العادل، ومن حكم الحزب الواحد إلى الحكم الديمقراطي الراشد، ومن الهيمنة الدينية والثقافية إلى التعايش والتعددية، ومن العزلة الدولية إلى التضامن الدولي، ومن التسلط والإملاء الإسلاموي إلى الاستنارة الإسلامية، ومن التنمية الصفوية إلى التنمية المتوازنة، ومن النزاع العربي الأفريقي إلى الأخوة العربية الأفريقية.. ) ودعى الطرفين إلى تحويل اتفاقيات نيفاشا إلى إتفاق وطني شامل. وفي الوقت نفسه طرح ورقة أخرى بعنوان (نحو إتفاقية قومية للسلام وبرنامج للتحول الديمقراطي) في لقاء ضم عدد من الأحزاب وتنظيمات المتجع المدني وشخصيات مستقلة. وطالبت هذه القوى بتحويل الاتفاقية من ثنائية إلى قومية وباتخاذ خطوات عملية نحو التحول الديمقراطي وأكدت معارضتها لها إذا ظلت في ثنائيتها. (..). وهكذا نرى أن التجمع الوطني وحزب الأمة شددا على التحول الديمقراطي الكامل والمشاركة الواسعة باعتبارهما المدخل لمعالجة كافة جوانب الأزمة الوطنية وخاصة قضية الجنوب والوحدة الوطنية. وجاءت تطورات أزمة دارفور ومشكلة الشرق لتؤكد سلبيات وتناقضات اتفاقية السلام الشامل وضرورة الوصول إلى (حل سياسي شامل) للأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد. وفي هذا الاتجاه اضطرت الحكومة لقبول مبادرة الاتحاد الأفريقي لحل أزمة دارفور في مفاوضات أبوجا وأتفقت مع التجمع الوطني، من خلال الوسيط المصري، على الدخول في مفاوضات مباشرة بين الطرفين. وفي العموم ساعدت انتقادات التجمع الوطني لاتفاقيات السلام في توحيد رؤيته وتفهمت الحركة دوافعها وأسبابها. وأشار جون قرنق إلى أن هذه الاتفاقيات فرضها توازن قوي محدد وضغوط المساومة مع أطروحات الحكومة ولم يكن من الممكن الوصول إلى اتفاقيات أفضل. وأبدت الحركة أستعدادها باستمرار التعاون والمشاركة في مفاوضات التجمع مع الحكومة المزمع عقدها في القاهرة على أساس موقفه التفاوضي.
    أتفاق القاهرة:
    في جولة المفاوضات الاجرائية التي انعقدت في أغسطس 2004 اتفق الطرفان على تحديد أجندة تفاوض في القضايا الدستورية والسياسية والاقتصادية ومعالجة أوضاع أحزاب وتنظيمات التجمع الوطني. وهي أجندة تشمل كافة القضايا الأساسية للازمة الوطنية: السلام، الديمقراطية، الوحدة وطنية والتنمية المتوازنة. وتم الاتفاق على مرجعية اتفاقيات نيفاشا واتفاق جدة الإطاري بين الطرفين (2003) وهذا يعني عملياً استكمال وتركيز ما ورد في هذه المرجعيات. واشار بيان الجولة إلى اتفاق الطرفين على تحقيق الحل السياسي الشامل، وإلى أن السلام والاستقرار في البلاد لا يمكن التوصل إليه إلا عبر تسوية سياسية شاملة تشارك فيها كل القوى السياسية والاجتماعية. وهي عبارة مهمة واساسية لم تتطرق لها اتفاقيات نيفاشا، بحكم ثنائيتها وتركيزها على مشكلة الجنوب وعلاقاته بالمركز والشمال. ولكن ذلك وحده لا يكفي. فقد تميز وضع التجمع بضعف واضح. إذ أنه لا يستند إلى مظلة إقليمية ودولية قوية؛ كما هو حال مفاوضات نيفاشا مع الحركة ومنبر أبوجا مع الحركات الدارفورية، وأنما يسند فقط على جهود الحكومة المصرية في تحقيق السلام والاستقرار في السودان. ولم تكن تملكط أوراق ضغط قادرة على التوفيق بين الطرفين المتفاوضين وربما كان موقفها أقرب إلى الحكومة. ومن جهة أخرى كان التجمع وأحزابه يعاني من ضعف واضح في نشاطه السياسي في الداخل والخارج. ودخوله في مفاوضات القاهرة كان تعبيراً عن حاجته لاتفاق مع الحكومة حتى لا يفوته قطار التسوية الجارية. ولهذا السبب وبالتحديد لم تنجح الجولة الثانية من المفاوضات مع الحكومة في الوصول إلى اتفاق كامل بين الطرفين. وبذلك تم الاتفاق على مواصلة الحوار في جولة قادمة في نهاية عام 2004. وبعد التوقيع النهائي على اتفاقية السلام الشامل في بداية 2005 وجد التجمع نفسه في مأزق حرج، إما أن يلحق بركب التسوية على أساس اتفاقية السلام الشامل أو أن يقرر الوقوف في المعارضة، كما فعل حزب الأمة والمؤتمر الشعبي. فالتوقيع على الاتفاقية أفقده حليفاً قوياً، وتطورات الأحداث فرضت خلق منبر منفصل لأزمة دارفور وآخر لمشكلة الشرق. ونتيجة لضغوط الوضع السياسي العام وضغوط مصرية ومن زعيم الحركة الشعبية أستنأف الطرفان مفاوضاتهما في يناير 2005 وتضمن الاتفاق النهائي كافة القضايا الخلاف والنزاع: مبادئ عامة، واجراءات التحول الديمقراطي، الانتخابات، القضايا الدستورية، الحكم اللامركزي، العمل المشترك من أجل الحفاظ على وحدة السودان، قومية الخدمة المدنية، قومية القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وجهاز الأمن الوطني، رفع المظالم ورد الضرر، المصالحة الوطنية، القضايا الاقتصادية ومعالجة أوضاع قوى التجمع (..) وتبقت بعض القضايا المختلف حولها (..) وتميز هذا الاتفاق بالتركيز على الجوانب التي أهملتها أو لم تركز عليها اتفاقيات نيفاشا، خاصة قضايا التحول الديمقراطي وإعادة بناء جهاز الدولة على أسس قومية وقضايا الإصلاح الاقتصادي. وذلك بجانب تكوين لجنة عليا من الطرفين لمتابعة تنفيذ الاتفاق والبحث في كيفية مشاركة التجمع في أجهزة الحكم الانتقالية التشريعية والتنفيذية والمفوضيات. ووعدت الحكومة والحركة؛ التي شاركت في المفاوضات، بالنظر في زيادة نصيب التجمع في السلطة بما يتناسب مع وزنه وتمكينه من المشاركة الفاعلة (..) ووجد الاتفاق ترحيباً عاماً من قوى التجمع والقوى السياسية الأخرى، باعتباره يمثل دعماً لمسيرة السلام والتحول الديمقراطي وإعادة بناء السودان. وفي بداية يونيو 2005 تحرك زعيم الحركة لدفع الحكومة والتجمع لاستنئناف مفاوضاتهما لحسم قضايا الخلاف والتوقيع على الاتفاق النهائي. وفعلاً جرت المفاوضات وتوصلت إلى اتفاق شمل اتفاقية القاهرة الموقعة بين الطرفين في بداية العام وملاحق حول آليات التنفيد وتوفيق أوضاع حاملي السلاح.
    وتركت مسألة نسبة مشاركة التجمع في السلطة لاجتماع يضم نائب الرئيس، علي عثمان طه، وزعيم الحركة ورئيس التجمع، مولانا محمد عثمان الميرغني. وتخلت قيادة التجمع عن صلاحياتها في هذه المسألة وتركتها للرئيس.
    وعلى ضوء ذلك شارك التجمع في مفوضية المراجعة الدستورية وبذل ممثلوه جهداً مقدراً تمثل في تركيز الحريات العامة والحقوق الأساسية والتحول الديمقراطي في مناقشات إعداد الدستور القومي الانتقالي. وقررت قيادة التجمع العودة للداخل، حضور تنصيب جون قرنق نائباً أول لرئيس الجمهورية، الاسراع باستكمال برنامج الاجماع الوطني ومتابعة تنفيذ اتفاق القاهرة .. إلخ وفي بداية أغسطس توفي جون قرنق نتيجة تحطم الطائرة التي كانت تقله بعد زيارة قصيرة ليوغندا. وكان لغيابه تاثير كبير في ترجيح توازن القوى لصالح الحكومة. فقد كان الأمل أن يساعد في حل نسبة مشاركة التجمع وتنفيذ اتفاق القاهرة.
    وهذا ما شجع نخبة الانقاذ على المناورة والمطاولة وتهميش القوى السياسية الشمالية المعارضة، بما في ذلك التجمع. وفي النهاية قبلت قيادة التجمع بالمشاركة في المؤسسات التشريعية (20 معقداً) وترك الحرية لفصائله في المشاركة في السلطة التنفيذية (ثلاثة وزراء)، حسب النسب المنصوص عليها في اتفاقية السلام الشامل. وفي الجانب الآخر قام حزب الأمة بتكوين تحالف سياسي باسم تحالف القوى الوطنية ضم عدداً من الأحزاب وشمل ميثاقه معظم قضايا الوضع السياسي وحدد موقفه في: تصعيد النضال من أجل تغيير الوضع السياسي القائم، المحافظة على مكتسبات الجنوب والمناطق المتأثرة بالحرب في اتفاقية السلام، عقد مؤتمر قومي جامع بهدف تحقيق إجماع وطني حول اتفاقية السلام والدستور الانتقالي القومي وبرنامج التحول الديمقراطي والتعامل مع قرارات مجلس الأمن الدولي حول السودان والاتفاق على تكوين حكومة قومية لتنفيذ البرنامج الوطني المتفق عليه (...) وبذلك أصبح لحزب الأمة منبره المعارض الموازي للتجمع الوطني بعد أن كان يتأرجح بين الحوار مع نخبة الانقاذ والتنسيق المتقطع مع التجمع. ونتيجة لذلك رفض الحزب والتحالف المشاركة في مؤسسات الحكم الانتقالي، استناداً إلى سيطرة الشريكين عليها وممانعتها في تسريع خطوات التحول الديمقراطي (..) ويشير ذلك إلى تشتت قوى المعارضة وعدم توحدها في جبهة موحدة، ما أدى بالضرورة إلى عجزها عن فرض نفسها كرقم مهم في المعادلة السياسية التي فرضتها اتفاقيات نيفاشا، وخاصة بعد مصرع زعيم الحركة الشعبية في بداية الفترة الانتقالية.
    غياب قرنق وتداعياته:
    في 8 يوليو 2005 عاد زعيم الحركة، جون قرنق، إلى الخرطوم واستقبلته جماهير غفيرة في ميدان الساحة الخضراء، قدرتها الصحف بأكثر من مليون وقدرتها أوساط الحركة بحوالي خمسة ملايين. وهذه الجماهير كانت مدفوعة باشواق عارمة للسلام والاستقرار والتغيير السياسي. وفي استقبالها هذا أكدت وقوفها مع السلام والتحول الديمقراطي والعدالة، ونظرت لزعيم الحركة كرمز وطني للسلام والتغيير. وانفعل جون قرنق بهذا الاستقبال الكبير واعتبره استفتاء للسلام والوحدة والتغيير. وفي اليوم التالي جرى تنصيبه نائباً أول لرئيس الجمهورية، كأول سياسي جنوبي يحتل هذا الموقع الرفيع. واصبح أيضاً رئيساً لحكومة الجنوب، حسب نصوص الاتفاقية. ووجد ذلك ترحيباً واسعاً في الداخل والخارج. وكان الأمل أن يلعب دوراً رئيسياً في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية وتنفيذ الاتفاقية، بحكم قدراته الكبيرة وعلاقاته الداخلية والخارجية الواسعة واهتمامه الجاد بقضايا البلاد الأساسية. ففي كلمته في احتفال تنصيبه أكد استعداده للمشاركة في حل أزمة دارفور ومشكلة الشرق واستكمال مفاوضات القاهرة مع التجمع الوطني كخطوات مهمة في طريق تكوين حكومة الوحدة الوطنية. وهي قضايا تقع خارج نصوص الاتفاقية. ولكن شاء القدر أن يلقي حتفه في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقله بعد زيارة قصيرة ليوغندا في نهاية يوليو 2005 -وكان الحدث، بكل المقاييس، يمثل كارثة وطنية كبرى لها تاثيرها الواسع في مجرى تنفيذ الاتفاقية وفترتها الانتقالية، بحكم أنه كان مهندسها الرئيس وبحكم تحوله إلى رمز وطني لدى قطاعات واسعة في الشمال والجنوب. وكان يمثل امكانية حقيقية لتنزيل اتفاقية السلام إلى الواقع وبناء سودان ديمقراطي موحد.ومع أن الحركة الشعبية اعتبرت الحادثة قضاء وقدراً إلا أنه لا يمكن استبعاد دور قوى داخلية وإقليمية ودولية عديدة لها مصلحة مؤكده في غيابه عن المسرح السياسي. المهم أن رحيله كانت له تأثيرات مباشرة وكبيرة في إعادة ترتيب توازن القوى في البلاد لصملحة نخبة الانقاذ الحاكمة على حساب الحركة والتجمع الوطني وعموم قوى المعارضة. فقد أدى غيابه إلى تغيير واسع في توجهات الحركة رغم أن خلفه الفريق سلفاكير قد تعهد بالسير في طريق الزعيم الراحل. ويشار أن قوى جنوبية عديدة سارعت للالتفاف حوله ومحاولة جره لتيار (رؤية الجنوب أولاً والقوميين الجنوبيين) استناداً إلى اختلافه عن جون قرنق. وخلال فترة قصيرة نجحت هذه القوى في (جنوبة) الحركة ودفعها للتركيز على قضايا الجنوب وتجاهل قضايا المركز والشمال. وشمل ذلك اتبعادها عن التجمع الوطني، حيث أشار باقان أموم، الأمين العام للتجمع إلى أن حضور اجتماعات هيئة قيادة التجمع في تلك الأيام ليس من أولوياته (لأنه مشغول بمشاكل الجنوب والحركة الشعبية..) وأدى هذا التوجه إلى خلافات وصراعات واسعة وسط قيادات الحركة حول خطها السياسي وعلاقاتها مع قوى التجمع والقوى الأخرى، خاصة وسط قيادات قطاع الشمال. وفي الجانب الآخر فقد التجمع وقوى المعارضة الأخرى حليفاً مخلصاً وصلباً في الدفاع عن مطالبها في التحول الديمقراطي والمشاركة الفاعلة في مؤسسات الفترة الانتقالية. أما نخبة الانقاذ المسيطرة، فقد سعدت بغيابه لأنه أبعد عنها عقبة كبيرة كانت تقف في طريق سعيها للمحافظة على استمرار سيطرتها على البلاد بشكل عام والمركز والولايات الشمالية بشكل خاص. ولذلك بدأت تستهدف احتواء الحركة بعد غياب زعيمها ودفعها للغرق في مشاكل الجنوب بتعقيداتها المعروفة وإهمال قضايا المركز والشمال بشكل عام.
    وفي هذا المناخ بدأت مفاوضات الشريكين حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الوطني، حيث تنص الاتفاقية على (.. تكوين حكومة وحدة وطنية خلال الفترة الانتقالية تعكس التعددية الشمول وتعمل على تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وتعزيز الوحدة الوطنية.) وهذا النص يشير إلى تكوين حكومة وطنية ذات قاعدة عريضة تشمل كافة القوى السياسية والاجتماعية. ولكن الشريكين أصرا على التمسك بالنسب المحددة في الاتفاقية. ولذلك تركزت مشاركة القوى الشمالية الأخرى في الفصائل المنقسمة من حزبي الأمة والاتحادي، التي ظلت متحالفة مع حكومة الانقاذ طوال السنوات السابقة ومشاركة رمزية للتجمع الوطني. ويشير ذلك إلى اصرار نخبة الانقاذ على إقصاء القوى الشمالية الأساسية وتفتيتها والانفراد بالسيطرة على السلطة المركزية وحكومات الولايات الشمالية. وفي ذلك أشار د. نافع في تلك اليام إلى (أن العاوز يبقى وزير ينضم للمؤتمر الوطني.). وكذلك تعاملت مع الحركة الشعبية بنفس الطريقة، بهدف تطويعها وأضعاف دورها في المركز والشمال. وتجسد ذلك في تطاول مفاوضات تكوين الحكومة وإصرار نخبة الانقاذ على السيطرة على الوزارات المهمة، وبالذات وزارتي الطاقة والمالية، حتى اضطرت الحركة على قبول الأمر الواقع، حيث أشار سلفاكير بقوله (قبلنا بهذه القسمة غير العادلة في توزيع الوزارات للإسراع بتكوين الحكومة الانتقالية. وما حدث مؤسف وسيؤدي فقط إلى تقوية وتدعيم مواقع قوى الانفصال في الجنوب .) ويعني ذلك توجه الحركة للتركيز على قضايا الجنوب والتسليم بعدم قدرتها على القيام بأي دور إيجابي في قضايا المركز والشمال، وبالتالي تحميل المؤتمر الوطني مسئولية عدم جعل الوحدة خياراً جاذباً لشعب الجنوب. وانعكس هذا التوجه في ابعاد القيادات العليا للحركة عن تعيينات الحكومة المركزية، وبالذات العناصر المعروفة بارتباطها القوي بمشروع السودان الجديد، بينما تقدمت عناصر أخرى بعضها معروف بخلافاته مع زعيم الحركة جون قرنق. وفي جانب المؤتمر الوطني أدى تكوين مؤسسة الرئاسة إلى إضعاف دور نائب الرئيس علي عثمان طه في الدولة والحزب وحل محله نافع علي نافع ليصبح مساعد رئيس الجمهورية إضافة إلى موقعه كمسئول عن العمل السياسي والتنظيمي في الحزب الحاكم. واستبعدت كافة العناصر التي شاركت في مفاوضات نيفاشا وصعدت عناصر أخرى قريبة من ريئس الجمهورية ومعروفة بتشددها وتطرفها حسب التقديرات الصحفية في تلك الفترة. وبذلك تمكن المؤتمر الوطني من المحافظة على سيطرته على المركز والشمال وعرقلة أي توجه لمصلحة السلام الشامل والتحول الديمقراطي وتعزيز الوحدة الوطنية وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة. وساعدته في ذلك عدة عوامل، تمثل أهمها في تداعيات غياب زعيم الحركة جون قرنق، وتوفر عائدات ضخمة نتيجة للأرتفاع الكبير في أسعار البترول، وانشغال قوى المجتمع الدولي بمشاكل العراق وافغانستان وغيرها، إضافة إلى ضعف قوى المعارضة الشمالية وعدم توحدها في مركز موحد (...) ونتيجة لهذه العوامل وجدت نخبة الانقاذ نفسها في موقع جعلها تنجح في التهرب من دفع استحقاقات السلام والتسوية السياسية الجارية.
    وبدأت تنظر لاتفاقية السلام الشامل والاتفاقيات الأخرى ولشراكتها مع الحركة الشعبية كفرصة ثمينة للمحافظة على سيطرتها واستمرارها في كراسي الحكم طوال الفترة الانتقالية استناداً إلى شرعية جديدة داخلية وخارجية واسعة. ومن خلال ذلك يمكنها تركيز سيطرتها السياسية والاقتصادية على حساب القوى المهيمنة التقليدية. وهي تعي ضعف قاعدتها وهشاشة سيطرتها القائمة على القمع والديكتاتورية. فقد ظلت تعتمد، بشكل أساسي، على قاعدة حزب الجبهة الإسلامية القومية. وهي قاعدة ضعيفة. وازداد ضعفها بعد انقسامها في نهاية 1999 إلى مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي. ونتيجة لذلك أصبحت الفئة الحاكمة تعتمد فقط على الفئات الطفيلية والبيروقراطية المسيطرة على جهاز الدولة والسوق. وعلى هذا الأساس ظلت تتمسك بحصر الفترة الانتقالية في شراكة مغلقة مع الحركة الشعبية ورفض أي توجه لتطوير التسوية الجارية إلى تسوية وطنية شاملة. وبذلك اتفتح لها الطريق لتكريس سيطرتها السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد ولتدفع الحركة في اتجاه التركيز على قضايا الجنوب وإهمال قضايا المركز والشمال وبالتالي تقوية التيار الانفصالي في داخلها.
    خلافات الشريكين وتراجع الاتفاقية:
    طوال السنوات الخمس السابقة ظل السودان يحكم وفقاً لاتفاقية السلام الشامل، إضافة إلى اتفاقيات القاهرة مع التجمع الوطني وأبوجا مع حركة تحرير السودان الدارفورية وأسمرا مع جبهة الشرق واتفاقيات أخرى. وهي اتفاقيات مكملة للاتفاقية الأساسية، ولكنها لم تنفذ بشكل جيد وبعضها لم يجد اهتماماً جاداً، بسبب إصرار نخبة الانقاذ على استمرار سيطرتها الكاملة على البلاد وضعف القوى الموقعة عليها. وحتى اتفاقية السلام الشامل وجدت نفسها، منذ البداية، أمام عقبات كبيرة بدأت مع تشكيل الحكومة المركزية الانتقالية، كما أشرنا في السطور السابقة. وأدى ذلك إلى خلافات ومشاكسات ظلت مستمرة بين الشريكين طوال السنوات اللاحقة، وإلى ضعاف دور الحركة في مؤسسة الرئاسة والجهاز التنفيذي الاتحادي، بحكم تركيزها على قضايا الجنوب وزهدها في قضايا المركز والشمال بعد تجربة تكوين الحكومة القومية. ووصلت هذه الخلافات والمشاكسات ذروتها عندما قامت في أكتوبر 2007 بتجميد نشاط منسوبيها في الجهاز التنفيذي الاتحادي، احتجاجاً على صرار المؤتمر الوطني على عرقلة تنفيذ الاتفاقية. وتضمنت مطالبها في هذا الخصوص الاسراع بتنفيذ البنود الآتية: حل مشكلة أبيي، سحب القوات الحكومية من مناطق البترول في ولايتي الوحدة وأعالي النيل، إعادة نشر القوات الحكومية إلى الشمال، إجراء الاحصاء السكاني، ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، المصالحة الوطنية واجراءات التحول الديمقراطي (...) وهناك اسباب أخرى لها أهميتها، شملت قيام وزير الداخلية بتفتيش دور الحركة ومكاتبها بالخرطوم وتهميش دورها في السياسة الخارجية وأزمة دارفور، لأنها رأت في ذلك توجهاً لإذلالها وتهميشها. وإضافة لذلك قامت بعقد اجتماعات مع التجمع الوطني وأحزاب المعارضة الشمالية لتنويرها حول موقفها. وكذلك جمعت قيادات الحركات الدارفورية في جوبا بدعوى مساعدتها في توحيد موقفها التفاوضي مع الحكومة. ووجدت هذه الخطوات رفضاً قوياً من المؤتمر الوطني وأتهم شريكه بالتأمر لإسقاط النظام الحاكم. ورحبت قوى المعارضة بتوجه الحركة للحوار معها حول خلافاتها مع شريكها. واشارت الي أن أزمة الشراكة ترجع إلى ثنائية الاتفاقية وعدم شمولها لكافة جوانب الأزمة الوطنية الجارية في البلاد وسيطرة المؤتمر الوطني على السلطة بشكل شبه كامل ما أدى إلى شراكة غير متكافأة بين الشريكين (..). وأكدت أن ضعف موقف الحركة يرجع أيضاً إلى استبعادها عن قوى المعارضة الشمالية وإلى صراعاتها الداخلية التي أدت إلى غلبة تيار القوميين الجنوبيين، كما هو واضح في مطالبها المشار إليها أعلاه، التي تركيز بشكل رئيس على قضايا الجنوب وتجاهل القضايا الوطنية العامة وعلى استمرار التعاون مع المؤتمر الوطني بدعوى مصلحته في تنفيذ الاتفاقية. وإضافة لكل ذلك لم تنجح الشراكة نتيجة لإتساع عدم الثقة بين الطرفين وعدم اتفاقهما على رؤية مشتركة حول الاتفاقية ومسار تنفيذها. ومن هنا ظل الشريك الأكبر يعمل على عرقلة تنفيذ بنود الاتفاقية المتعارضة مع أهدافه في المحافظة على سيطرته على المركز والولايات الشمالية وإضعاف الحركة وجذب بعض اوساطها إلى جانبه مما أدى إلى تقوية التيار الانفصالي في الجنوب. وفي هذا الاتجاه أشار رئيس مفوضية المراجعة والتقييم إلى أن الجوانب الأساسية في الاتفاقية لم تنفذ. وأشار منصور خالد إلى أن 80% من بنود الاتفاقية تم تنفيذها ولكن ذلك لم يتضمن القضايا الأساسية وروح الاتفاقية (..) وأكدت قوى المعارضة أن أزمة الشراكة يتحمل مسئوليتها المؤتمر الوطني، الشريك الأكبر، وأنها تمثل تعبيراً عن أزمة وطنية شاملة، وطرحت برنامجاً عملياً للخروخ من هذه الأزمة شمل: التأكد على عدم العودة للحرب، تحويل الاتفاقية مع الاتفاقيات الأخرى إلى اتفاق قومي شامل، الالتزام بما تحقق من مكاسب للجنوب ودارفور والشرق، تعزيز الوحدة الوطنية، قومية مؤسسات الدولة، تأكيد التحول الديمقراطي الكامل، الالتزام بالمساءلة والمحاسبة والعدالة، حل أزمة دارفور، إلغاء القوانين المقيدة للحريات، إكمال التعداد السكاني، تكوين حكومة قومية جامعة لتنفيذ هذا البرنامج واجراء انتخابات حرة ونزيهة (..) وهو برنامج شامل قصدت منه قوى المعارضة تشجيع الحركة ودفعها لتوسيع اهتمامها بالقضايا الوطنية العامة والتحالف مع القوى السياسية الأخرى كطريق وحيد لضمان تنفيذ الاتفاقية. ولكن المحاولة لم تنجح لأن الحركة لا تثق في هذه القوي وتتهمها بمعارضة الاتفاقية. وفي هذا الاتجاه ركزت القوى الدولية والإقليمية على تعاون الشريكين وحل خلافاتهما بالحوار والتوافق. وبعد شد وجذب ومناورات أمتدت أكثر من شهرين توصل الشريكان في بداية ديسمبر 2007، إلى حل خلافاتهما استناداً إلى مصفوفة تضمنت جدولاً لتنفيذ كافة قضايا الخلاف. وشمل ذلك رفع مشكلة أبيي لمؤسسة الرئاسة واطلاق مبادرة وللمصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة الوطنية إضافة إلى الاسراع بإجراءات، التحول الديمقراطي وتوطيد العلاقات بين الشمال والجنوب بغض النظر عن نتائج الاستفتاء (..) ونتيجة لذلك شكلت الرئاسة لجاناً للمصالحة وتعديل القوانين المتعارضة مع الدستور (..) ويلاحظ هنا أن المصفوفة عكست اهتماماً ملحوظاً بقضايا التحول الديمقراطي وتعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية. وهي قضايا عامة لم تجد الاهتمام المطلوب من الشريكين في الفترة السابقة. وعكست أيضاً أن المؤتمر الوطني ظل يركز على تنفيذ بنود الاتفاقية الخاصة بالجنوب ويتجاهل القضايا الخاصة بعلاقات الجنوب والشمال وقضايا الاصلاح السياسي وتفكيك النظام الشمولي وتحويله إلى نظام ديمقراطي حقيقي. ووجد مساعدة كبيرة في ذلك من الحركة. ولكن استمرار الشريكين في مشاكساتهما وخلافاتهما لم يسمح بتنفيذ بنود المصفوفة. إذ لم تجد قضايا التحول الديمقراطي وتعزيز الوحدة الوطنية أي اهتمام وفشلت مؤسسة الرئاسة في معالجة مشكلة أبيي وكادت خلافاتهما حولها أن تتحول إلى صدام مسلح، الأمر الذي دفعهما إلى اللجوء للتحكيم الدولي (محكمة لاهاي) وجاء قرار المحكمة الدولي كحل وسط بين الطرفين. ولكن قبائل المسيرية الشمالية رفضته واعتبرته صفقة تنازلت فيها الحركة عن حقول البترول للمؤتمر الوطني مقابل تنازله عن الأرض والمياه، وهي الجانب الأهم بالنسبة للمسيرية. ولذلك لم يساعد قرار التحكيم في حل المشكلة إنما أدى إلى تعقيدها وتحويلها إلى نزاع شمالي جنوبي حول المنطقة. وجاء اتهام المحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير ومسئولين آخرين بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور والمطالبة باعتقالهم وانعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني وتدهور أسعار البترول ليشكلا ضربة مؤلمة لنخبة الانقاذ وسيطرتها على البلاد. وأدى ذلك عملياًَ إلى تشددها في التمسك بسيطرتها وعرقلة اجراءات التحول الديمقراطي وقوانين استفتاء جنوب السودان ومنطقة أبيي وبالتالي تصعيد خلافاتها وصراعاتها مع الحركة والجنوب وقوى المعارضة الشمالية بشكل عام. ومع شعورها بمناورات ومماطلات المؤتمر الوطني، ظلت الحركة تتهمه بزعزعة الاستقرار في الجنوب من خلال دعم الملشيات المعادية لها، واتهمته أيضاً بدعم وتمويل القوى الجنوبية المعارضة لحكومة الجنوب لعقد مؤتمر في كنانة بهدف تمزيق وحدة الصف الجنوبي. وفي مقابل ذلك اتجهت الحركة للتقارب مع قوى المعارضة الشمالية، التي ظلت تعمل في إطار (تجمع القوى الوطنية) للدفاع عن الحريات العامة والقضايا الوطنية الأخرى. وفي منتصف 2009 طرحت عقد مؤتمر لكل الأحزاب السياسية في جوبا. وبالفعل انعقد المؤتمر في نهاية سبتمبر 2009 وحضرته كل قوى المعارضة وقاطعه المؤتمر الوطني وحلفاؤه، وناقش قضايا تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والاتفاقيات الأخرى وأزمة دارفور وقوانين التحول الديمقراطي والأزمة الاقتصادية الجارية. وشكل المؤتمر دعماً قوياً للحركة في مواجهة المؤتمر الوطني. وشملت قراراته كافة مطالبها المتعلقة بالاسراع في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، خاصة قوانين استفتاء الجنوب ومنطقة أبيي والمشورة الشعبية لولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وشملت القرارات شروطاً محددة لإجراء الانتخابات العامة وضمان حريتها ونازهتها تمثل أهمها في:
    1-إلغاء القوانين المتعارضة مع الدستور الانتقالي والاتفاقيات الموقعة. 2-حل أزمة دارفور بشكل عادل وشامل. 3-ترسيم حدود الشمال والجنوب. 4-معالجة مفارقات التعداد السكاني الخامس. 5-ضمان قومية أجهزة الإعلام الحكومية. (..) واشترطت القوى المشاركة في المؤتمر تنفيذ هذه المطالب قبل 30 نوفمبر 2009 كشرط لمشاركتها في الانتخابات المزمع تنظيمها في مطلع عام 2010 (...) ولذلك واجه المؤتمر الوطني هذه القرارات برفض عنيف واتهم الحركة والأحزاب المشاركة معها بالعمل على إسقاط النظام بالتعاون مع الدول الغربية الكبرى. وفي الوقت نفسه ظل يعمل لتفكيك هذا التحالف ومنعه من التحول إلى تحالف انتخابي ضده.
    صفقة اللحظات الأخيرة:
    طوال السنوات الثلاث الأخيرة ظل المؤتمر الوطني يجري استعداده لإجراء الانتخابات العامة في مواعيدها (بداية 2010) وتحقيق فوز كاسح فيها، خاصة في الولايات الشمالية، وذلك بهدف اكتساب شرعية جديدة في نهاية الفترة الانتقالية ولحماية الرئيس البشير في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية. ويشار أن المؤتمر الوطني لا يزال يتمكس بمشروعه الأساسي لبناء الدولة الإسلامية في السودان. وينظر للجنوب كعقبة كأداء في طريق تنفيذ هذا المشروع. ومن هنا لم يبذل أي جهد في السنوات السابقة لتطوير علاقاته مع الحركة وجعل الوحدة الوطنية جاذبة لشعب الجنوب. ومواجهته العنيفه لمؤتمر جوبا وقراراته كانت تستهدف منع قيام تحالف انتخابي واسع ضده يهدد فوزه في الانتخابات العامة. ولذلك ظل يعمل بكل ما يملك لعزل الحركة عن قوى المعارضة الشمالية ولإضعافها عن طريق تغذية الصراعات السياسية والقبلية في داخلها. أما الحركة الشعبية فقد ظلت تركز على تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وبالذات قوانين استفتاء الجنوب ومنطقة أبيي وقانون المشورة الشعبية لولاياتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة ونهاية الفترة الانتقالية والبطء في تنفيذ الاتفاقية، أصبحت تشك في نوايا المؤتمر الوطني للتراجع عنها، تماماً كما ظلت تفعل القوى الشمالية في اتفاقياتها مع الجنوب. والمعروف أن الحركة السياسية الجنوبية ظلت طوال تاريخها، تتعامل مع حق تقرير المصير كحق مقدس لا يقبل التعديل والتأجيل. وفي الجانب الآخر كانت قوى المعارضة تركز على الاسراع باجراءات التحول الديمقراطي باعتبارها المدخل لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ولتحقيق أهداف الفترة الانتقالية بشكل كامل (...) ولذلك شهدت الفترة اللاحقة لمؤتمر جوبا مناورات وصراعات معقدة وسط مختلف القوى الأساسية. فقد عادت الحركة إلى التفاوض مع المؤتمر الوطني حول تنفيذ المصفوفة المشار إليها وقضايا الخلاف الأخرى، ومع وصولها إلى طريق مسدود حول قوانين التحول الديمقراطي، وخاصة قوانين الاستفتاء والمشورة الشعبية، قامت كتلة نواب الحركة والأحزاب الجنوبية الأخرى بمقاطعة جلسات المجلس الوطني. وقام المؤتمر الوطني بمواجهة هذه الخطوة بتعنت واستبداد وظل المجلس يواصل جلساته دون اعتبار لمقاطعة نواب الحركة والقوى الجنوبية الأخرى. وفي بداية ديمسبر 2009 قامت أحزاب مؤتمر جوبا بتنظيم موكب صامت إلى مباني المجلس الوطني لتسليم مذكرة لرئيس المجلس تطالبه باستعجال إجازة قوانين التحول الديمقراطي وقوانين استفتاء الجنوب وأبيي والمشورة الشعبية. ولكن السلطات الأمنية منعت الموكب واستخدمت العنف في تفريقه واعتقال أعداد من قياداته. وواصلت قوى مؤتمر جوبا تنظيم موكب آخر وعقد ندوات جماهيرية عديدة. وكشف ذلك عزلة الحزب الحاكم واتساع قوى المعارضة لتشمل الحركة الشعبية وحركة التحرير الدارفورية. وكشف أيضاً تخوفه من أي تحرك سياسي في الشارع. فقام بتنظيم ندوات في العاصمة ركزت على اتهام الحركة وقوى مؤتمر جوبا بالتخطيط لإسقاط النظام الحاكم بالتعاون مع القوى الغربية. وفي مواجهة حالة الصراع والاستقطاب الجارية لم يجد سوى التنازل لمطالب الحركة والوصول معها لصفقة تبعدها عن قوى المعارضة الشمالية من خلال الاستجابة لمطالبها حول قوانين استفتاء تقرير المصير وأبيي والمشورة الشعبية مقابل موافقتها على تمرير قوانين الأمن الوطني والمخابرات والنقابات والقوانين الأخرى في المجلس الوطني. ونتيجة لذلك عاد نواب الحركة والأحزاب الجنوبية الأخرى إلى المجلس. وبذلك تمت إجازة القوانين الثلاثة بإتفاق الشريكين على تفاصيلها، بينما انسحبت كتل التجمع الوطني ونواب دارفور وجبهة الشرق والاتحادي الديمقراطي (الهندي) إحتجاجاً على احتكار الشريكين لعملية الحوار حول القوانين الثلاثة وعلى عيوب اساسية تضمنها قانون استفتاء الجنوب. بعد إجازة هذا القانون قال أتيم قرنق، القيادي بالحركة ونائب رئيس المجلس، أن قانون الاستفتاء الجنوب ليس (للانفصال وأنما للاستفتاء على حق تقرير مصير شعب الجنوب) وأن ذلك يستوجب تحرك الجميع نحو الجنوب لإقناع مواطنيه للتصويت لوحدة السودان (..) وطالب إبراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني النواب بالعمل لإقناع شعب الجنوب بالوحدة الطوعية (..) وهذا يشير إلى أن الشريكين يرجحان خيار الانفصال في الاستفتاء القادم. وعند مناقشة قانون استفتاء أبيي انسحب نواب قبائل المسيرية واتهموا القانون بأنه يكريس الفصل العنصري بحصر الناخبين في قبيلة الدينكا انقوك (والسودانيين المقيمين في المنطقة) ويستبعد قبائل المسيرية بشكل كامل (..) وإجاز المجلس أيضاً قانون الأمن الوطني والمخابرات باتفاق الشريكين وانسحاب كتلة نواب التجمع الوطني ودارفور والشرق، احتجاجاً على تجاهل المشروع الذي قدمته كتلة التجمع الوطني وعلى السلطات التنفيذية الواسعة التي منحت لجهاز الأمن والمخابرات، بما في ذلك سلطة الاعتقال والتفتيش والحجز والمصادرة، التي تتعارض مع الدستور الانتقالي واتفاقية السلام الشامل. وحدث نفس الشيء عند إجازة قانون النقابات ولم تطرح قوانين التحول الديمقراطي الأخرى أمام المجلس، وتشمل حوالي 68 قانوناً سارياً تتعارض مع الدستور والاتفاقية. ولذلك وجدت الحركة ما تريده بإجازة القوانين الثلاثة، وضمنت إجراء استفتاء تقرير مصير شعب الجنوب في مواعيده. ووجد المؤتمر الوطني ما يريده بإجازة قانون الأمن والمخابرات وقانون النقابات وابقاء القوانين الأخرى كما هي. ولذلك ضمن استمرار سيطرته على المركز والولايات الشمالية.و مع شعور الحركة بالحرج وتخليها عن حلفائها في تحالف قوى المعارضة اعلن رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب أن الشريكين اتفقا على إصدار قرار رئاسي (بتجميد المواد القانونية التي تعيق التحول الديمقراطي ..) ولكن لم تتخذ أي اجراءات في هذا الاتجاه. لذلك انفتح الطريق لاجراء انتخابات أبريل 2010 في بيئة ملائمة لسيطرة المؤتمر الوطني على المركز والولايات الشمالية وسيطرة الحركة على الجنوب. وانفتح الطريق أيضاً لإجراء استفتاء تقرير المصير لشعب الجنوب في بداية 2011 في مناخ يرجح خيار الانفصال، بحكم فشل الشريكين في تحويل نظام الانقاذ لنظام ديمقراطي حقيقي و في جعل خيار الوحدة (خياراً جاذباً) لشعب الجنوب. ولكن المشكلة أن البلاد تسير في اتجاه الانفصال دون استعداد لتوفير متطلباتها. ولذلك اقترحت قوى المعارضة عقد مؤتمر وطني جامع لمناقشة ترتيبات الاستفتاء وقضايا الفترة اللاحقة، خاصة في حالة خيار الانفصال، وذلك حتى يتم بطريقة سلمية ويؤكد استمرار علاقات الجنوب والشمال ومصالحالهما المشتركة. وفي الوقت نفسه تزايد الاهتمام الدولي والإقليمي للمساعدة في استكمال اجراءات الاستفتاء بطريقة سلمية والاعتراف بنتائجه. ومع تواصل هذه الجهود طوال العام المنصرم ظلت خلافات الشريكين كما هي دون أي تقدم جدي، وبالذات في بنود الحدود ومشكلة أبيي والبترول والمواطنة واصول الدولة وغيرها. وفي الوقت نفسه تتصاعد حرب التصريحات العدائية بين الطرفين، ما يوحي أن الانفصال القادم سيكون دموياً وستكون له تاثيرات سلبية واسعة في استقرار وأمن السودان والمنطقة. وأخطر نتائجه تتمثل في فشل الإسلام والعروبة السودانية في التعايش والتساكن السلمي مع المجموعات الأخرى خاصة المجموعات الجنوبية، في وطن موحد تسوده الحرية والعدالة والمساواة في حقوق وواجبات المواطنة.
    * ملحوظة:
    معلومات الورقة مأخوذة من تقارير (التقرير الاستراتيجي السوداني) خلال السنوات السابقة وهو تقرير ظل يصدره مركز الدراسات السودانية بالخرطوم بشكل منتظم منذ عام 1999 حتى 2009 والكاتب من المشاركين في إعداده حتى الآن.
                  

01-13-2011, 10:38 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    نجمة بقوسين
                  

01-14-2011, 05:32 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    تتبع تاريخي سردي وخطي مهم جدا يجيب من وجهة النظر (السودانية -القومية, العربية) عن كيف آلت الأمور إلى ما آلت إليه .. لكن يظل السؤال هو : لماذا لم تُحدث قوى المعارضة أي نوع من الإختراقات في الجبهة الإسلامية ,طالما أنها(قوى المعارضة) تعلم أن(الجبهة الإسلامية) على هذاالقدر من السوء والمرواغة ونقض العهود..لأنه والحال كذلك ليس من المنطقي تحميل الجنوبيين عبء أي مراوغة؟!.................
                  

01-14-2011, 05:35 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

01-14-2011, 06:19 AM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    سلامات يا احمد ضحية..

    عارف المقال دا شحمان شديد ومفيد جداً لمن يقراهو بتركيز
    Quote: في احتفال نيروبي أكد رئيس الجمهورية تعهده بوقف الاقتتال في كافة أنحاء السودان وأشار إلى أن الاتفاقية تمثل عقداً اجتماعياً جديد بين كل أهل البلاد لمعالجة قضاياها المختلفة بالحوار والمشاركة في في السلطة والثروة، وأكد أيضاً أن الاتفاقية (تمثل نموذجاً يمكن تطبيقه لوقف الحرب في دارفور وتحقيق السلام في كافة أنحاء السودان)، وأكد أن، المؤتمر الوطني سيعمل مع الحركة الشعبية لكي يكون السلام شاملاً لا يستثني جماعة ولا يعزل حزباً (لأننا نتطلع لبداية جديدة في بلادنا).. وفي نفس الاحتفال اشار جون قرنق، زعيم الحركة، إلى أن (المرحلة القادمة سوف تشهد تحولاً ديمقراطياً كاملاً لا يعزل أحداً على أساس الدين أو العرق) لأن الحركة سوف تعمل لإرساء الوفاق الوطني بين كافة القوى السياسية لبناء سودان جديد. وتعهد بالعمل مع المؤتمر الوطني (لتطبيق اتفاقية السلام الشامل في كل أقاليم السودان خاصة دارفور والشرق)، وأكد توجهه لدعم الحوار الجنوبي الجنوبي (..) ويشير ذلك إلى أن الاتفاقية تدخل البلاد في مرحلة جديدة وإلى أنها ليست نهاية المطاف وأنما تمثل خطوة مهمة في طريق تحقيق السلام الشامل ومواجهة الأزمة الوطنية في كافة جوانبها


    واحسب انه دي مهمة شديد للناس البيفكرو حتي الآن في حل ازمات السودان عبر الحوار
    اعتقد الحوار تم وانتهي وانه سنري في القريب المنظور اتفاقية على شاكلة ح تقرير دارفور والشرق :
    ما كنا نتناوله هنا هازليين في تشظي السودان لدويلات سيتحقق في مقبل السنين
    التحية للاستاذ علي جادين ولك

    ــــــــــ
    عارف يا احمد ضحية مقالات شحمانة زي دي انصحك انك تقسمها لاجزاء بحسب كل فقرة عند ادراجها
    دا زمن التيك اوي يا صديق فطول المادة قد يصيب بالملل عند القراة لكن تقديمها على جرعات بنفس البوست لخمسة اجزاء مثلاً تحقق قدرا من القراءة والمناقشة للمهتمين

    مودتي



    * تعديل حروف

    (عدل بواسطة HAIDER ALZAIN on 01-14-2011, 06:24 AM)

                  

01-14-2011, 09:13 AM

الشفيع وراق عبد الرحمن
<aالشفيع وراق عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 11406

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: HAIDER ALZAIN)

    فعلاً سرد تاريخي مهم ويوثق للفترات الماضية يا أحمد
    المقال دسم جدا ويحتاج لوقفات كثيرة لفكفكته

    المقال أورد بعض المغالطات التي تؤكد (عدم) حيادية كاتبه، التي حاول وجاهد في الالتزام بها
                  

01-14-2011, 05:58 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: الشفيع وراق عبد الرحمن)

    فعلاً سرد تاريخي مهم ويوثق للفترات الماضية يا أحمد
    المقال دسم جدا ويحتاج لوقفات كثيرة لفكفكته

    المقال أورد بعض المغالطات التي تؤكد (عدم) حيادية كاتبه، التي حاول وجاهد في الالتزام بها ..
    __________________
    تحياتي الأخ الشفيع وراق..
    فعلا المقال يحتاج لوقفات كثيرة .لذا آمل أن تساهم معنا في هذه الوقفات ..إذ من المهم إدامة النقاش حول هذا الهم الكبير ..
    تقديري
                  

01-14-2011, 05:50 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: HAIDER ALZAIN)

    Quote: سلامات يا احمد ضحية..

    عارف المقال دا شحمان شديد ومفيد جداً لمن يقراهو بتركيز

    Quote: في احتفال نيروبي أكد رئيس الجمهورية تعهده بوقف الاقتتال في كافة أنحاء السودان وأشار إلى أن الاتفاقية تمثل عقداً اجتماعياً جديد بين كل أهل البلاد لمعالجة قضاياها المختلفة بالحوار والمشاركة في في السلطة والثروة، وأكد أيضاً أن الاتفاقية (تمثل نموذجاً يمكن تطبيقه لوقف الحرب في دارفور وتحقيق السلام في كافة أنحاء السودان)، وأكد أن، المؤتمر الوطني سيعمل مع الحركة الشعبية لكي يكون السلام شاملاً لا يستثني جماعة ولا يعزل حزباً (لأننا نتطلع لبداية جديدة في بلادنا).. وفي نفس الاحتفال اشار جون قرنق، زعيم الحركة، إلى أن (المرحلة القادمة سوف تشهد تحولاً ديمقراطياً كاملاً لا يعزل أحداً على أساس الدين أو العرق) لأن الحركة سوف تعمل لإرساء الوفاق الوطني بين كافة القوى السياسية لبناء سودان جديد. وتعهد بالعمل مع المؤتمر الوطني (لتطبيق اتفاقية السلام الشامل في كل أقاليم السودان خاصة دارفور والشرق)، وأكد توجهه لدعم الحوار الجنوبي الجنوبي (..) ويشير ذلك إلى أن الاتفاقية تدخل البلاد في مرحلة جديدة وإلى أنها ليست نهاية المطاف وأنما تمثل خطوة مهمة في طريق تحقيق السلام الشامل ومواجهة الأزمة الوطنية في كافة جوانبها



    واحسب انه دي مهمة شديد للناس البيفكرو حتي الآن في حل ازمات السودان عبر الحوار
    اعتقد الحوار تم وانتهي وانه سنري في القريب المنظور اتفاقية على شاكلة ح تقرير دارفور والشرق :
    ما كنا نتناوله هنا هازليين في تشظي السودان لدويلات سيتحقق في مقبل السنين
    التحية للاستاذ علي جادين ولك

    ــــــــــ
    عارف يا احمد ضحية مقالات شحمانة زي دي انصحك انك تقسمها لاجزاء بحسب كل فقرة عند ادراجها
    دا زمن التيك اوي يا صديق فطول المادة قد يصيب بالملل عند القراة لكن تقديمها على جرعات بنفس البوست لخمسة اجزاء مثلاً تحقق قدرا من القراءة والمناقشة للمهتمين

    مودتي

    تحياتي الصديق القديم حيدر
    فعلا المقال من أهم المقالات السياسية التي كتبت في الفترة الأخيرة فقد تتبع بدقة كبيرة مسيرة المفاوضات التي أفضت إلى نيفاشا..وأتصور أن أحد أغراضه الإعتبار بما جرى لتجنب ما سيجري ..حتى لا تتحقق نبوءات التشطي والتفتت وإلحاق ما تبقى من السودان الشمالي بمصر وهنا تحضرني دراسة قديمة صدرت عن مركز دراسات الوحدة في مجلة الودة التي يصدرها المجلس القومي - المغرب..الدراسة إستغرقت الباحثين خمسة سنوات (1985-1990) وخلصت إلى أن السودان سيتفتت ,والسيناريو المتوقع هو أن يتم فصل الجنوب وأن يتم إلحاق شمال السودان بمصر(خطورة الإلحاق بمصر إذا تم يتمثل في أن يعاني الشماليون من وضعية مماثلة للوضعية التي ظل يعاني منها جنوب السودان),ولا اذكر الآن بالضبط ما خلصت إليه الدراسة بخصوص شرق السودان وجنوب النيل الأزرق ودارفور ..لكن مع التعقيدات المنظورة يبدو كل شيء قاتما الآن ..
    انا الآن دخلت زمن الشغل ولن أتفرغ إلا يوم الإثنين لذلك سأحاول معالجة أمر تجزأة ورقة محمد علي جادين الإثنين عندما أعود إلى البيت ,فكلامك الذي قلته صحيح من الأفضل فعلا تجزأتها ..
    مودتي
                  

01-15-2011, 08:50 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    *
                  

01-14-2011, 08:42 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

01-15-2011, 00:54 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    *
                  

01-15-2011, 06:55 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

01-15-2011, 08:58 AM

Mohamed Yassin Khalifa
<aMohamed Yassin Khalifa
تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 6316

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)


    شكراً يا أبوحميد على نقل هذة الورقة الهامة

    ورغم تخفظاتي على بعض النقاط فيها أجد أن فيها جهد بحثي علمي توثيقي تنقصه المصادر
    ومشكلة عدم سرد المصادر هي مشكلة عويصة عند كتابنا وباحثينا السودانيون!
    فعدم إيراد المصادر الحقيقية فيه تعدي للحق الادبي والعلمي لصاحب المصدر

    وإيراد المصدر في ذيل البحث يعطيه المصداقية الكاملة... ويكمل أهم عنصر في البحث العلمي
    ففيه حفظ للحقوق وتوسيع لدائرة المعرفة ويعطي المشرف أو الناقد الفرصة للإثراء أو التحليل الموضوعي
    أو النقد البناء. فالمصادر هي دائما مصدر الثقل النوعي للمقال أو البحث.

    وعندما يتعلق البحث أو المقال للسرد التاريخي أو يتطرق للمواقف السياسية أو الفقهية والقانونية
    تذداد عندها حتمية ذكر المصدر لتثبيت الطرح وتنقية البحث من شوائب تطفو كثيراً عند مناقشة صاحبه!

    أسعدني سرد الاستاذ جادين المرتب ولكني عجزت عن التفريق بين ما يطرحه هو أو إضافته الشخصية وما بين
    ما أورده من أفواه أو ما كتبه او صاغه الآخرون الذين إستمد من فكرهم الانساني أو ما نشر من إتفاقات
    أو معاهدات أو مما جاء ذكره من مقررات أو ما نقله من محاضر تارخية.

    وهذا ما يؤرق القارئ المهتم بمثل هذة البحوث... ولربما أدى ذلك لحذف مثل هذا البحث في حد نفسه كمصدر لباحث آخر.

    نحن لا نحلل التاريخ الإنساني ولكننا نحلل المواقف والأفكار الإنسانية... فنحن نسرد التاريخ مدعوماُ بالمصادر
    الموثقة بينما تجدنا نمرح تحليلاً للفكر الإنساني بعوامله الزمنية والمكانية... وهذا ما أردت قوله.

    مع خالص مودتي....




    .............................

    بي. أس. في مكالمة هاتفية بين بوسطن وبرنسس آنا اليوم
    قطعنا فيك... بالخير والله وأكيد حا يصلك محتواها من جيرانكم
                  

01-15-2011, 01:26 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: Mohamed Yassin Khalifa)

    تحياتي أخي محمد يسين خليفة ..صدقني أنا الآن مشغول جدا سأعود إليك لاحقا ..
    مودتي
                  

01-17-2011, 08:41 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جادين واتفاقيات مشاكوس نيفاشا..مواقف الأحزاب والقوى السياسية.. (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de