9 يـــنايـر .. يــوم العــار والانـتــصار !!!

Quote: مداخلة: #1 العنوان: بعد التخبط في الأفعال .. وهروب الأفيال : هل من بديل .. سوى الرحيل ؟؟!!!! الكاتب: خضر عطا المنان التاريخ: 20-08-2004, 01:46 ص Parent: #0 تذكرة اولى السودان البديع .. بلد عبث به الجميع .. وتعرى أهله أمام الملأ .. كل أهله ـ بفعل الأنقاذ ـ وما أدراك ما الأنقاذ !! .. لذا نسألهم ان كان بمقدورهم ـ بعد كل ما فعلوه بنا وبوطننا االمنكوب ـ الباسنا ثيابنا من جديد !! أما لماذا ؟؟ وكيف يتم ذلك ؟؟؟ ربما الاجابة قابعة بين هذه السطور وهي تمد لسانها ساخرة من الحال الذي آل اليه الوضع في وطن لم يعد له من( وجيع !! ) من أبناء ترابه وأضحى يتسول العلاج عبر موائد الآخرين وهو يريق ماء وجهه أمام الكل دون أن يرف للقائمين على أمره جفن أو يرتعش لهم جسد !!! . تذكرة ثانية كيف لنظام عجز حتى عن الحفاظ على وحدة جسده وتماسك كيانه أن يكون أمينا أو وصيا على وحدة وطن بحجم قارة ؟؟ .. كيف لنظام تخلى عنه حتى من كانوا يوما هم من صنعوه واستخلفوه علينا ؟؟ .. وهرب الكثيرون منه بجلدهم .. ولم يكتفوا بالابتعاد فحسب بل ساءهم ما وصل اليه حال كيان كان يوما مثالا يحتذى لقوة تمكن من خلالها ليس من الوصول الى السلطة فحسب وانماالبقاء فيها كل هذه السنين !! .. فقد عمد أولئك الذين فروا بجلدهم بعيدا عن النظام وضع أكفهم على وجوههم حتى لا يتبين احد ملامحها .. منهم من نصب نفسه هاديا وناصحا ومرشدا لهؤلاء الذين الذي لازالوا قابضين بأرواحهم على مناصبهم في السلطة وامتيازاتهم و تلك الامبراطوريات التى بنوها في بلد لا يزال يستجدي الاخرين ليس الحلول فحسب ولكن لقمة العيش الكريم لأهل لنا يتضورون جوعا في خيام الموت في دارفور وعلى الحدود مع تشاد .. لا بل في ما بات يعرف بـ ( حزام الجوع والموت ) حول العاصمة نفسها !!! فما بالنا بأهلنا الكرام في دارفور البعيدة .. حيث الريح تصوصو والمناخ يعربد ما شاء له العربدة دون حماية او شفقة أو رحمة . وفي هذا المقام ـ من هذه التذكرة ـ لابد أن أذكر من أولئك الفارين بجلدهم من جحيم الانقاذ بعد طول سنين الثلاثي المحترم : - الدكتور (عبد الوهاب الأفندي) والذي ـ وبقدرة قادر ـ تحول من منافح بقوة ومدافع بشراسة عن نظام الانقاذ حتى الأمس القريب ـ الى ناصح لا بل محذر من مخاطر جمة تحيط ليس بمستقبل الانقاذ وأهلها وأنما بمستقبل السودان برمته في ظل ممارساتهم ونهجهم التخبطي القاتل .. والمتجه بهذا البلد الثري وشعبه المغيب الى موارد التهلكة لا محالة .. وهنا أحيلكم الى اخر مقال به بصحيفة القدس العربي بتاريخ 17/8 /2004 تحت عنوان ( بين صوت الغوغائية وصوت العقل : ضرر من دعم الجامعة العربية للسودان قد يكون أكثر من النفع ) .وفيه يعلن الدكتور الأفندي كيف أنه تبرأ لله منهم بعد كانوا لا يخرجون من كارثة الا ليقعوا في اخرى أسوأ منها بما كسبت أيديهم !!! هذه ـ وللأمانة ـ هي نفس العبارات التي استخدمها هو في ذلكم ( المقال الاعتراف الموثق) ولكنه ليس المقال الوحيد بالطبع ولن يكون الأخير دون شك .. لأن الأسباب التي حدت به للتبرؤ منهم لاتزال قائمة بل تتوارد باضطراد وبكثافة وتسارع مهلك ليس لهم فحسب وانما لشعب وأمة ولوطن بالامس استنجد القائمون على أمره حتى بــ ( القذافي !!! ) وهو يقبع في خيمته الصحراوية منزو بعيدا عن العالم كله وصراعاته الآثمة المميتة لكثير من شعوب الأرض .. أنها لعمري تراجيديا انقاذية جد مضحكة مبكية .. وثاني الثلاثي الذين عنيتهم في مقالي هذا هو الدكتور (حسن مكي ) والذي كان حتى يوم أمس أحد منظري الانقاذ النافذين برأيه وتحليلاته ومفكريه المقربين قبل الطلاق البائن الذي جرت وقائعه على مرآى ومشهد من العالم كله مشرقه ومغربه بين عراب النظام الدكتور ( حسن الترابي ) القابع خلف قضبان السجون ومجموعة من تلاميذه ( المخلصين !! ) بقيادة ( أنجب تلاميذه !! ) علي عثمان محمد طه والذي ـ لن أذيع سرا اذا ما قلت أنه من يدير دفة الأمور في سودان ما بعد ( العصر الترابي ) الصرف المقبور !! . وهنا لا أملك ـ ابراءا لذمتي من التجني ـ الا ان ألفت نظر القراء الكرام الى حديث للدكتور ( المنسحب !! ) حسن مكي نشر بجريدة (الرأي العام )السودانية يوم 18 / 7 /2004 حيث وجه انتقادا بالغ الحدة لنظام الانقاذ الحاكم في السودان .. ولم يكتفي بلومه وتحميله المسؤولية لما حل باقليم دارفور وأهله فقط وانما قال صراحة بانه نظام فقد حتى مبررات وجوده .. واصفا الحال الذي وصلت اليه حكومةالانقاذ بانه هرولة واضحة نحو الأميركيين لكشف عورتها امامهم !! و أضاف بأن ذلك يعني أنهم لا يملكون من الناحية السياسية اوالاخلاقية أي مبررات لاستمرارهم في السلطة .. مشيرا كذلك الى أن المعارضة السودانية هي الأخرى تتاجر بما أسماها بـ ( عورات السودان ) في المزادات الخارجية !! . ويبقى ثالث الدكاترة الكرام ممن آثروا الفرار بجلدهم من حجيم الانقاذ وتخبطها المشهود .. وهو الدكتور أستاذ الاجيال (الطيب زين العابدين ) والذي ربما كان أكثرهم وضوحا في كشف المستور من علاقاته المعروفة بالاسلامويين الحاكمين اليوم في السودان والذين كان هو الآخر ركيزة من ركائز تنظيمهم منذ سنينه الأولى .. فقد رأيت ـ ومعي الملايين بالطبع من مشاهدي قناة الجزيرة الفضائية ـ يوم الأربعاء المصادف 4 / 8 / 2004 كيف أن الرجل كان صريحا لحد كشف عورات نظام متهالك تتخبطه الدروب وتبعثر شمل أهله الانقسامات الحادة و تنثر ما تبقى لديه من كرامة في الهواء كما رماد أنديرا غاندي بعد اغتيالها على أيدي المتطرفين الهنود السيخ المهووسين . تذكرة ثالثة السودان كله اضحى الآن دارفور .. فهناك في الشمال حكومة ينخر التشرذم في جسدها الذي أضحى كغربال الرمال من كثرة ما أصابته من طعنات وطعنات حتى ممن تربوا في كنفه وتنعموا بحماية شيوخه الكبار وذاقوا حلاوة السلطة ومن ثم جحيمها لاحقا !!!. وفي الجنوب معظم أجزائه المهمة لاتزال بيد قوات الجيش الشعبي لحركة تحرير السودان بقيادة العقيد الدكتور جون قرنق الذي جاب أرجائه مبشرا أهله هناك بأن ( سودانا جديدا هو في طريقه اليهم قريبا ) وأن عليهم أن ينتظروا ولكن ليس طويلا !!.. وهناك في الجنوب السوداني أيضا قصة تراجيديا اخرى تجري فصولها ـ الفضيحة !! ـ حيث ( عصابات جيش الرب ) التى تقاتل ضد حكومة يوغندا .. وآلاف من جيش النظام من تلك الدولة الجارة يطاردون أفراد تلك العصابة التي جعلت من احراش الجنوب ملاذا لها وبسببها مات الالاف من المدنيين من أبناء جنوب السودان كذلك ونفقت حيواناتهم وتم حرق قراهم الوادعة البسيطة ( وهي كل ما يملكون من نعيم هذه الحياة الفانية ) .. وكل ذلك يجري ـ ليس تحت سمع وبصر حكومة الانقاذ في الخرطوم فحسب ـ وأنما باذن منها !! وهنا سر الضاحك الباكي !! . اما في الشرق فالخطر قادم لا محالة و قوات معارضة تحتشد باعداد ضخمة تدعمها ارتريا !!!!!! وأنها فقط تنتظر ساعة الصفر لتنقض على ما تبقى من أراضي من شرق السودان الذي تتواجد فيه منذ زمن طويل .. هذه مهزلة .. بل أضحوكة مبتذلة حكاية ارتريا هذه .. فقوات المعارضة السودانية موجودة بالفعل هناك ولا أعتقد أنها بحاجة لمقاتلين ارتريين لمساندتها او القتال بجانبها .. أنه فيلم انقاذي لا ينطوي على أي مراقب للشأن السوداني لاسيما في ذلكم الجزء من السودان ( القرن الافريقي ) . أما في الغرب فيمكن لمن يود ان يستفسر عما يدور هناك بالتفصيل أن يسأل أحد أثنين : جورج دبليو بوش أو كوفي عنان أو من يمثلهما في صحراء دارفور او مخيمات الموت على الحدو د التشادية ! . تذكرة أخيرة هذه صورة مكبرة للجهات الاربع من سوداننا المنكوب بأهله!! . هل بعد ذلك ـ يا سادتي ـ من حل بديل للرحيل ؟؟؟؟ انه سؤال للعاقلين من أهلنا في نظام الانقاذ وللراشدين منهم .. وهل في الرحيل من منقصة ؟؟ . خضر عطا المنان الأمين العام لرابطة الاعلاميين العرب بالدنمارك / كوبنهاغن

Quote: عزيزي خضر تحياتي القلبية لشخصك الكريم. قد تكون هذه أول رسالة تصلك اليوم من دولة شمال السودان، ويا لها من مفارقة. بالأمس فقط كنا السودان، أمَّـا اليوم يا خضر فالحزن يلف شوارع الخرطوم على وطنٍ فشلت النخب الحاكمة في جعله وطناً للجميع، وطناً يشعر فيه المواطن السوداني في كل مكان بإنسانيته وآدميته حين تلفظه باقي البسيطة. يا لها من كارثة وطنية نمر بها. يا له من فشل ذريع لنخبنا الحاكمةالتي أدمنت الفشل. فماذا تبقى لها؟ أي مستقبل تصنعه لما تبقى من سودان؟؟ كل الود الذي تعرفه اسماعيل التاج الخرتوم 9 يناير 2011 الساعة الواحدة بعد الظهر

Quote: استاذي / خضر بعد السلام والاحترام نعم حقاً فمن الغريب ان يجتمع العار والانتصار معاً وفي آن واحد ان لم نقل مستحيل ، ولكن هذا ممكن جداً في تاريخ السوادان السياسي ، فالتاريخ السياسي للسودان لم يخبرنا يوماًعن حسنات صنعها السياسيون وخاصة الذين الحكموا ، فاجتماع العار والانتصار ليست بوليدة اليوم ، فها قواتنا المسلحة تحتفل سنويا علي مر العقود بانتصاراتها الوهمية التي احسبها عاراً في نظري . فكيف لقوات لم تطلق ولا حتي بطلقة واحدة ضد اجنبي او غازي منذ تاسيسها ان تحتفل ببطولات وانتصارات لا اساس لها !!؟؟ هل توجيه فوه البندقية ضد وطني سوداني مثلك يحسب انتصاراً يستحق الاحتفال !!؟؟ اليس هذا بعار !!؟ ما كان هذا سيحدث لولا خلط العسكريون العسكرية بالسياسة ، ليوصلوا البلاد والعباد لاسوأ نموزج ادهش العالمين قبل السودانيين وهو تفتيت السودان - الانفصال - . استاذي العزيز : سيذهب الجنوبيون اليوم لمراكز التصوت وانا اولهم ، والنتيجة معروفة للجميع ، ولكن الذي لا تعرفونه هو : ليس كل الجنوبيين فرحين بالانفصال ، فانا مثلاً لن اصوت للوحدة وفي نفس الوقت لست مسروراً بانفصال الجنوب لاسباب يطول شرحها ولا املك وقت لها هنا ، فالانفصال قد يكون انتظاراً للجنوبيين ولكني احسبه فشلاً ايضاً لساسته - الحركة الشعبية تحديداً - فمشروع السودان الجديد قد ذهب لادراج الريح بسبب الانفصال وكثيراً لا استطيع ان اقنع نفسي بسودان جديد يطبق بالجنوب دون الشمال. ( العار خشم بيوت ) اخي خضر وكذلك الانتصارات . ولو كان الامر بيدي لواصلت النضال المسلح ضد الانقاذ لاخر يوم في عمري من اجل سودان الذي اومن به انا وما كنت ساقبل ان يجبرني الانقاذ لهذا الخيار المؤلم. لست ادري ماذا اقول بعد !!؟؟ ولكني سابكي كثيراً علي اللبن المسكوب غصباً عني ! وشكراً

Quote: اليوم الأحد التاسع من يناير عام 2011 تاريخ سيذكره السودان شمالا وجنوبا والعالم أجمع لأنه يوم كتابة التاريخ الجديد للسودان بلد المليون ميل مربع بحيث إما أن يكون دولتين وهو الأرجح وإما دولة موحدة وهذا شبه مستحيل في ظل الواقع الحالي خاصة بعدما بدأ الجنوبيون احتفالاتهم وتحضيراتهم المسبقة حتى قبل قيام الاستفتاء المقرر اليوم ولذلك فالسودان ما بعد يوم التاسع من يناير2011 سيختلف تماما عن السودان ما قبل هذا التاريخ لأنه دخل مرحلة جديدة وبقيم ومفاهيم جديدة هزمت المشروع الحضاري في الشمال والقائم على الأسلمة والتعريب ومشروع السودان الجديد والقائم على التعدد الإثني والعرقي والديني والثقافي الذي تبناه الراحل جون قرنق ومات بوفاته الفجائية. فالسودان بعد التاسع من ينايرعام 2011 ليس السودان الذي ورثته الأجيال من جيل مؤسسي الاستقلال الإمام عبدالرحمن المهدي والزعيم إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد محجوب وليس ايضا السودان الذي حكمه الراحلان ابراهيم عبود وجعفر النميري ولا السودان الذي حكمه الصادق المهدي والراحل أحمد الميرغني ولا حتى السودان الذي حكمه المجلس العسكري الانتقالي برئاسة المشير عبدالرحمن وإنما هو سودان شريكي الحكم "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" وهو سودان نتاج الفشل السياسي بل حتى الأخلاقي في عدم الوفاء بالعهود والعقود. فسودان اليوم لا مكان فيه للوحدة بل إنه سودان دولتين شمالية وأخرى جنوبية نشأت في غفلة من الزمان بسبب تراكم الأخطاء المتعمدة وإلا لماذا اختار الجنوبيون الانفصال رغم أن الفترة الانتقالية حددت أسسًا للوحدة الجاذبة التي تحولت الى مجرد شعار أجوف ظل يرفعه أهل الحكم عند الحاجة الأمر الذي قاد الى الوضع الحالي الذى أصبح فيه لأول مرة يعمل الجنوبيون علنا من اجل الانفصال واقامة دولتهم المستقلة ويرفعون شعارات ولافتات مثل "باي باي ام درمان، ووداعا الخرطوم". فالسؤال الذي يطرح نفسه من المسؤول عن الانفصال؟ الحركة الشعبية أم المؤتمر الوطني، أهل الجنوب أم أهل الشمال؟ السودانيون بمختلف انتماءاتهم أم المجتمع الدولي؟ من الصعب الوصول الى جواب قطعي ولكن كل المؤشرات تدل على أن هناك عدة عوامل ساهمت في وصول السودان لهذا الواقع المؤلم الذي مهما حاول الجميع التخفيف من آثاره فليس بإمكانهم فعل ذلك لأن الأمر يتعلق بالتفريط في وطن بحجم قارة كان موجودًا في الخريطة. من المؤكد أنه لا زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق ولا نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه اللذين وقعا اتفاقية نيفاشا ولا وفديهما كانا انفصاليين، فجميع صانعي نيفاشا كانوا يريدون سودانا موحدا وإلا لماذا وردت في الاتفاقية المطالبة بتعديل الدستور السوداني ليوائم الواقع الجديد، الذي سيؤسس للوحدة الجاذبة كما وردت في صلب الاتفاقية ولكن وفاة قرنق الفجائية كانت فرصة لدخول قادمين جدد من الطرفين قادوا السودان لليوم الأسود. فإذا كانت الحكومة الاتحادية جادة ونفذت أقل من 50% من اتفاقية نيفاشا لحافظت على السودان الموحد، فصقور المؤتمر الوطني عملوا منذ اليوم الاول على تفريغ اتفاقية نيفاشا من محتواها ودفعوا الجنوبيين دفعا للانفصال لانهم لم يعملوا من اجل الوحدة وظل الشريكان يتناكفان ويتشاكسان في أمور انصرافية حتى استيقظ الجميع وتيقنوا بان الواقع المؤلم قادم. فالحركة الشعبية التي ظل قادتها صامتين طوال ست سنوات لعل شريكهم يعيد حساباته وعندما اكتشفوا الحقيقة أعلنوا أخيرا دعم خيار الانفصال الذي أصبح من وجهة نظرهم حقيقة واقعة والحيلولة دونه انتحار سياسي ولذلك تلاقت أصواتهم مع أصوات شعب الجنوب الذي يرى في الانفصال استقلالا من الشمال وكأن الامر بالنسبة لهم كان ما بين دولة مستعمرة واخرى مستعمرة ومن يكذب ذلك ينظر للشعارات المرفوعة في كل مدن الجنوب التي سبقت الاستفتاء واحتفلت بما يسميه النشطاء الاستقلال. الواقع الذي قد لا يدركه البعض من دعاة الوحدة الصورية أن الجنوب السوداني نظريا قد انفصل عن شمال السودان منذ 5 سنوات وطبقه الجنوبيون عمليا، فاتفاقية نيفاشا نصت بشكل صريح، على سؤال سكان الجنوب إن كانوا يريدون حكم الخرطوم أم الانفصال عن الشمال والواقع الحالي اكد بشكل قاطع أن الأغلبية ستختار الانفصال مهما كانت الخسائر فلا صوت يعلو فوق صوت قيام الدولة الوليدة التي سيقننها فقط الاستفتاء ويمنحها الشرعية الدستورية والاعتراف الدولي مهما كان موقف الخرطوم التي هي أضعف الحلقات في اتفاقية نيفاشا. فالواقع الجديد وضع كل الشعب السوداني أمام لحظة الحقيقة المؤلمة بغير إرادته حيث سيخسر السودان نصفه أو ثلثه في وقت يعمل العالم على التكتل والتوحد وعملت حكومتنا بوعي أو بغير وعي على التفريط في وحدة السودان وتتنصل من تبعات ذلك بإلقاء اللوم على الصهيونية العالمية واسرائيل. أسباب كوارثنا العديدة والمتشعبة تمكن في فشلنا في إدارة الأزمات، فالوقت ليس وقت اللوم ولا البكاء وانما وقت مواجهة الحقيقة وتبعات هذه الحقيقة، فقيام الدولة الجنوبية الجديدة سيكون له تبعات وانعكاسات على السودان الذي سينكمش في شماله وتزداد أزماته، فكان بالامكان ان يظل السودان موحدا شمالا وجنوبا وان يتحقق الامن لدارفور والهم الاكبر اليوم أن يكون انفصال الجنوب طلاقا بإحسان وان يتعايش الجانبان الشمال المتحسر على الانفصال والجنوب والمنتشي بالانفصال بأقل قدر ممكن من الخلافات حتى يواجها معا المرحلة الاصعب وهي مرحلة ما بعد الاستفتاء التي تقنن للدولة الوليدة. فالبكاء على اللبن المسكوب لن ينفع لان الفأس وقعت في الرأس والوقت غير ملائم للأصوات التي تريد فتح معارك في الخرطوم أو جوبا على هامش الانفصال الواقع فعلا وقولا. فالسودان لا يتحمل اي اوجاع سواء كانت بالشمال اوالجنوب، فالجنوبيون لديهم ما يكفيهم من اوجاع وانهم يريدون انفصالا سلسا وبدأوا يحتفلون من الآن ولملموا اطرافهم حتى الجنرال جورج اطور وقع اتفاقا مع جوبا لوقف اطلاق النار من اجل تمكين الجنوب من اجراء الاستفتاء. والخرطوم لديها ما يكفيها من أزمات ودخولها في معترك بغير معركة مع المعارضة الشمالية لإلهاء المواطن المغلوب على أمره عن صدمة انفصال الجنوب لن يفيدها بل يضرها ولذلك فان التلويح بتطبيق الشريعة في هذا الوقت لن يفيدها خاصة ان الجميع يدرك ان هدف ذلك ليس الشريعة في حد ذاتها وانما حماية النظام من التداعي هو السبب الرئيسي. فالجنوب اختار طريقه وقرر مصيره وبارادة ابنائه والشمال لا يزال يعيش في ازمات وعلى حكومة البشير الكف عن رفع ريات التحدي وعليها إدراك ما يدور أمامها وخلفها والتعامل مع الوضع الجديد بعقلانية متزنة لأنها تحت المراقبة الاقليمية والدولية وسلوكها تحت الاختبار، فمحليا المعارضة الداخلية التي استغلتها جوبا لتحقيق اغراضها أصبحت أقوى وأوسع من أي زمن مضى، والنظام صار في أضعف أيامه وهو يواجه ازمات داخلية وخارجية فيما ان حكومة الجنوب محط انظار العالم والجميع في انتظار إعلان الدولة الوليدة لدعمها . فدولة الجنوب اصبحت واقعا ولكن لا احد يريد ان يقول من الذي ساهم في الانفصال، فالحركة الشعبية تلقي باللائمة على المؤتمرالوطني الذى يلقي بدوره اللوم على الحركة وعلى المجتمع الدولي كما يقول المثل السوداني" الشينة منكورة" فالجميع تنصل من مسؤولية الانفصال حتى المواطن الجنوبي الذي يحتفي الان بالاستفتاء يلقي باللائمة على الشمال والشمال يمثله المؤتمر الوطني والمؤتمر الوطني يمثله البشير شخصيا وليس علي عثمان وجماعته الذين وقعوا اتفاقية نيفاشا فهولاء تم ابعادهم عن الملف وتولاه آخرون بالمصفوفات والمكايدات والمزايدات الامر الذي جعل الحركة الشعبية تجاريهم بشخصيات امثال باقان اموم وادوارد لينو وغيرهم. فقضية انفصال الجنوب لا تنفع معها فتاوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذين وضح انهم لا يعرفون السودان إلا بالقدر الذي يريده لهم النظام ان يعرفوه وإلا فكيف يفتون بحرمة استحقاق مصدق عليه في الدستور السوداني ومحمي به. فيوم التاسع من يناير سيكون يوما أسود في تاريخ السودان وعمر البشير سيصبح اول رئيس سوداني تسلم ارض المليون ميل وسيسلمها للاجيال القادمة منقوصة منها الجنوب وحلايب والفشقة وبعض المواقع في ام دافوق بجنوب دارفور وشرق كسلا ومثلث إليمي فرغم الحزن الذي سيعتري جميع السودانيين بوقوع الانفصال إلا أننا نقول لإخواننا الجنوبيين مبروك عليكم دولتكم وعليكم المحافظة عليها.