الصحفي عبد النبي شاهين في حوار مع رياك مشار ... والذي يحلم بتحويل جوبا الى "دبي إفريقيا " - صور

Quote: "الشرق" ترصد اللحظات التاريخية لميلاد أحدث دولة على خارطة العالم.. جنوب السودان .. من الثورة إلى الدولة!2011-01-07 رياك مشار أكبر مهندسي الثورة والدولة يحلم بتحويل جوبا إلى "دبي إفريقيا" جوبا-جنوب السودان-عبد النبي شاهين: انفصال جنوب السودان عن شماله أصبح عملياً أمرا واقعا بلا أدنى شك ، ولم يتبقَ إلا إعلانه رسمياً عبر الاستفتاء المزمع إقامته الأحد المقبل ، وفقا لاتفاقية " نيفاشا " الموقعة في يناير 2005 م ليصبح هذا اليوم هو اليوم الأكثر أهمية في تاريخ السودان الحديث ,لما قد ينجم عنه من تفكك أكبر دولة عربية وإفريقية . ويسيطر القلق على الشارع السوداني والجوار العربي والإفريقي من إمكانية الحفاظ على الأمن والاستقرار في هذا البلد وفي المنطقة عموما في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها السودان من تاريخه ، ولعل التراشق الإعلامي باتهام كلا الطرفين " الشمال والجنوب " بالقيام بخروقات عسكرية قد رفع من درجة القلق من إمكانية أن تتطور الأمور إلى ما هو أخطر . "الشرق" رصدت بالكلمة والصورة اللحظات الأخيرة والتاريخية لميلاد أحدث دولة على خارطة إفريقيا والعالم العربي ، وذلك من خلال مرافقة موفدها عبد النبي شاهين لنائب رئيس حكومة جنوب السودان ، نائب رئيس الحركة الشعبية د. رياك مشار في جولة قام بها إلى عدة مناطق في جنوب السودان في أيام التسجيل للاستفتاء كان يناشد فيها شعب الجنوب لممارسة حقهم الديمقراطي في الاستفتاء قائلا إن الثوار الجنوبيين حاربوا 50 عاما لينالوا حق تقرير مصيرهم وأن الطلقة الأخيرة التي تبقت في هذه المعركة هي الورقة التي يلقي بها المواطنون في صناديق الاقتراع . د. رياك مشار الذي يعد أحد أهم مهندسي ثورة الجنوب السوداني هو حاليا أكبر مهندسي الدولة الوليدة ، يخشاه الكثيرون رغم أنه في قرارة نفسه رجل التوازنات السياسية والقبلية الذي يعول عليه مثقفو جنوب السودان والمهمومين بمستقبل الدولة الجديدة وهو يحلم بتحويل مدينة "جوبا" عاصمة الدولة الجديدة الى "دبي إفريقيا" كما قال لـ"الشرق". اقترح د. مشار على "الشرق" مرافقته في جولة قام بها إلى عدة مناطق في الجنوب فكانت محطتنا الأولى منطقة "واط" حيث يوجد مرقد نبي النوير أو كاهنهم "دينق نوقون" الذي سرق الإنجليز عصاه بعد موته وبعد أن قتلوا ابنه قبل 80 عاما، وقد أعاد الأكاديمي البريطاني دوجلاس جونسون هذه العصا إلى قبيلة النوير في شهر أكتوبر الماضي بعد شرائها من مزاد في بريطانيا، وأقيمت احتفالات كبيرة في جوبا بهذه المناسبة حيث كان د. رياك مشار في استقبال من أحضر العصا في المطار . في منطقة "واط" حيث لا توجد كهرباء ولا تغطية للهاتف النقال أجريت حوارا صحفيا مطولا استكملته لاحقا في مدينة ملكال حاضرة ولاية أعالي النيل. وشهدت خلال جولتي كيف أن أشواق الجنوبيين للاستقلال لا تدنوها أي مشاعر أخرى ، بحيث يصبح من الصعب على أي شخص أن يتحدث لاحقا عن تزوير إرادة هذا الشعب المندفع بقوة نحو الاستقلال . قلت في نفسي وأنا أستمع إلى خطب رياك مشار ولقاءاته الجماهيرية في مناطق " واط " و" ملوط " و" فيام " التابعة لمقاطعة فلوج حيث آبار النفط ومكاتب شركة بترودار النفطية " ومقاطعتي " مابان " و " " أونق شوك " ومدينة ملكال " أن جنوب السودان الذي ولدت فيه ونشأت على أرضه قد ذهب الى غير رجعة . لم أسمع طوال جولتي مع د. رياك مشار شخصا يتحدث عن الوحدة مع الشمال في استفتاء المرتقب فكل الأغاني والأناشيد كانت تقول للشمال باي باي، ونعم للانفصال لا للوحدة ،، قال لي أحد الدبلوماسيين العرب في جوبا إن ذلك مرده أن كل من يحتشد حول قائد انفصالي مثل رياك مشار لابد أن يرفع صوته بالانفصال وأن ذلك لا يعني عدم وجود أصوات أخرى تدعو للوحدة رغم أنها حتما لا تظهر خلال اللقاءات الجماهيرية التي نظمت للرجل الثاني في الحكومة وقيادة الحركة الشعبية . ولكن أسوأ ما سمعته خلال هذه الجولة هو ما كان يقوله عدد من مسؤولي الحركة الشعبية ومحافظي المقاطعات التي زرتها خلال اللقاءات الجماهيرية من أن الحكومة ستعرف من هم الذين صوتوا للوحدة ، وكان ذلك ترهيبا معلنا للمواطن الجنوبي البسيط ما يتنافى مع مبادئ الديمقراطية ويخالف قانون الاستفتاء نفسه الذي يضمن سرية الاقتراع ، ولم يكن هؤلاء يحتاجون لقول ذلك لأنه يعطي رسالة خاطئة للمراقبين بأن الحركة الشعبية ربما كانت قلقلة من نتيجة الاستفتاء . * من وراء تقسيم السودان؟ خلال لقاءاته الجماهيرية لتعبئة الجنوبيين لتسجيل أسمائهم للاستفتاء كان د. مشار يتحدث بلغة القائد المحنك عن ضرورة إجراء استفتاء نزيهة وشفاف ،وكان يناشد شعبه للمسارعة لتسجيل أسمائهم في سجلات الاستفتاء ، كان يريد أن يقنع المجتمع الدولي من خلال إشراك أكبر عدد من الجنوبيين في الاستفتاء بأن خيار الانفصال المرجح هو تعبير عن إرادة حرة للجنوبيين . ولكن في المقابل هناك من مثقفي الجنوب الوحدويين من يرى أن هناك أدوارا خارجية مهمة كانت وراء تقسيم السودان ، وأن اتفاقية نيفاشا من تصميم وتنفيذ الولايات المتحدة بالكامل من الألف إلى الياء، وأن التصريحات الأمريكية تمثل حافزًا للانفصال. ويؤكد خبراء سياسيون أن "مخطَّطات صهيونيَّة وأمريكيَّة تستهدف تقسيم السودان والعراق ولبنان ومصر" ووصفوا مخطط التقسيم بـ "سايكس بيكو" جديد في المنطقة لن يستهدف السودان فحسب، بل سيطول أطرافًا عربيَّة في المنطقة، ، وأشاروا في هذا الصدد إلى أن وثيقة "إسرائيليَّة" صدرت عام 1982 تؤكد خطأ إنجلترا وفرنسا عام 1916 وذلك عندما تعاملا مع العالم العربي على أنه 22 دولة فقط. وتؤكِّد الوثيقة، على أنه كان يجب على إنجلترا وفرنسا احتساب الدول العربية 50 أو 60 دولة، وأنه لابد من السعي إلى تفتيتها إلى طوائف وجماعات؛ فمصر لابدَّ من تقسيمها إلى 3 دول والسودان إلى 4 دول والعراق إلى ثلاث دول ولبنان إلى أربع دول. يقول شول بيتر وهو محامي ومثقف جنوبي " هناك دراسة إسرائيلية أخري صدرت في عام 2004 عن « مركز دايان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا » تحت عنوان « إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان: نقطة البداية ومرحلة الانطلاق » أعدها موشي فرجي العميد المتقاعد وكشف فيها الدور الإسرائيلي في دعم حركات التمرد في الجنوب وتغذية النزعة الانفصالية " . وتؤكد الدراسة وفقا لبيتر أن الايادي الصهيونية تعبث بأمن السودان واستقراره بدعمها لحركات التمرد بالمال والسلاح، وأن الهدف من وراء كل ذلك التمدد في القرن الإفريقي هو محاصرة مصر والسيطرة على منابع النيل، مع الحرص على إبقاء بؤر التوتر والقلاقل في محيطها. وأضافت الدراسة أن السودان لا يعتبر دولة مواجهة مع إسرائيل حتى يستدعي كل هذا الاهتمام لكنه في المنظور الأمني والعسكري الإسرائيلي تهديد للكيان الصهيوني في المستقبل وأن وضعه شبيه بوضع العراق من حيث كثافة السكان وتصاعد موجة العداء فيه لإسرائيل * تداعيات الانفصال: من المؤكد أن انفصال الجنوب ستكون له تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية على الشمال، خاصة إذا ما كان انفصالاً متوتراً صحبته عمليات عسكرية أو انفلاتا أمنيا، يقول د. سايمون مكواج وهو أكاديمي وناشط سياسي جنوبي إن من التداعيات المتوقعة زيادة وتيرة الاضطرابات السياسية في أقاليم السودان الشمالية للمطالبة بالمزيد من الحكم اللامركزي . وأضاف قائلا " كذلك خروج نصيب حكومة السودان من عائدات بترول الجنوب والتي تساوي حالياً حوالي 80% من كل عائدات البترول (تبلغ عائدات البترول بصورة عامة حوالي 60% من موازنة الدولة الاتحادية، وأن الانفصال يعني خروج أكثر من نصف هذه النسبة من الموازنة العامة بعد 2011م) . غير أن د. رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب يرى أن الانفصال يتطلب أن تكون العلاقة بين الشمال والجنوب متميزة بين الدولتين استنادا إلى العلاقات الأزلية بينهما لحاجة كل منهما للآخر ولمصالحهما الاقتصادية والأمنية المشتركة. وقال " لا أرى أن هناك أسبابا يمكن أن تقود إلى حرب جديدة بين الجانبي ، لأن قضية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وقضايا ما بعد الانفصال كلها يمكن حلها بالطرق السلمية ، لذلك أنا أستبعد الحرب لأن مصالحنا المشتركة أكبر مما يمكن التحارب من أجله ، وإذا كان البعض يعتقد أن النفط يمكن أن يقود إلى الحرب فإنهم واهمون لأن كلا من الشمال والجنوب يعتمدان عليه لذلك سيحافظان عليه " . * جدلية العلاقة مع إسرائيل صحيح أن الثوار الجنوبيين يفخرون بأنهم قدموا مليونين ونصف مليون شهيد لينعموا بالمواطنة والمساواة والعدل في دولتهم المستقلة وبالتالي يكون لهم الحق في إنشاء علاقاتهم الدبلوماسية وفق ما يختارون، إلا أن إقامة تلك العلاقة مع إسرائيل تحديدا تظل دوما مثار جدل ، رغم أن رئيس حكومة الجنوب لم يستبعد إقامة هذه العلاقة ولكن دون أن يقدم سببا جيوسياسيا دامغا يوجب ذلك . ، فيما يرى د. رياك مشار " أن الإسهام في حل القضية الفلسطينية يستوجب التواصل مع إسرائيل والانفتاح عليها والحوار معها " . وتاريخيا فإن حركات التمرد في جنوب السودان أو الثوار الجنوبيين كانت لهم اتصالات مع إسرائيل منذ الستينيات حتى قبل العرب وقد اعترف زعيم حركة الأنيانيا العسكرية التي تمردت ضد الحكومة في الخرطوم في تلك الفترة الفريق جوزيف لاقو في كتاب أصدره مؤخرا أن إسرائيل زودت حركته في بالأسلحة والمعدات العسكرية ودربتهم. * التحديات التي تواجه الدولة الجديدة :- يشغل جنوب السودان حوالي 700 ألف كيلو متر مربع من مساحة السودان البالغة 2.5 مليون كيلومتر مربع تقريبا، أي ما يعادل 28 في المئة. وللجنوب حدود تمتد إلى 2000 كيلومتر تقريبا مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وإفريقيا الوسطى. ويرى مراقبون تأمين كل هذه الحدود مع وجود اضطرابات أمنية وربما دعوات انفصالية في عدد من هذه الدول يشكل تحديا أمنيا مهما لدولة الجنوب الناشئة وإن كان هذا التحدي ربما يبرز في وقت لاحق وليس تحديا آنيا ، إضافة إلى تحديات أمنية أخرى تتمثل إلى اندلاع حرب مع الشمال بسبب التوترات في الجانبين حتى قبل موعد الاستفتاء بسبب عدم اكتمال ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب والخلاف القائم حول تبعية منطقة أبيي الغنية بالنفط. ولكن د. ريك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب يقلل من أهمية كل هذه التحديان ويرى أنه يمكن حلها وتجاوزها ويقول " أن أهم تحدي يوجه الدولة الجديدة هو تلبية طموحات المواطن الجنوبي لأن هذا المواطن يتوقع بعد الانفصال والاستقلال بدولته أن تتحول هذه الدولة الوليدة الى دولة متطورة خلال سنة واحدة ". وأضاف مشار قائلا " كما شاهدت خلال مرافقتك لي خلال هذه الجولة على مناطق في الجنوب فإن الأهالي في كل مكان لهم مطالب سواء تتعلق بالحصول على خدمات المياه أو الكهرباء أو الصحة أو التعليم أو طرق معبدة وكلها مطالب مشروعة ، فلو حدث الانفصال فإن البترول الذي تتقاسمه معنا حكومة الشمال سيؤول بأكمله إلى الجنوب ، مما يساعدنا في تشييد البنية التحتية المنعدمة أو المدمرة في جنوب السودان ، كما سيساعدنا في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة وتقديم الخدمات للمواطنين . * أبيي فتيل على برميل بارود أبيي تلك المنطقة الواقعة في ولاية جنوب كردفان أصبحت محل جدل سياسي وقضية صراع إقليمية حول تبعيتها إلى حدود الشمال أو الجنوب بعد أن تم إنشاء بروتوكول خاص بها في اتفاقية السلام الشامل بنيفاشا وتم ترحيل المشكلة منذ ذلك التاريخ باتخاذ قانون استفتاء خاص بها وإدارة تنفيذية أيضاً خاصة بها وتقسيم عائد البترول فيها عبر نسبة محددة لقبيلتي المسيرية ودينكا نقوك وللولاية ، وهكذا تعقدت الأمور فيها وتمرحلت عبر الخمس سنوات فترة تنفيذ الاتفاقية لحين الاستحقاق الثاني وهو استفتاء جنوب السودان لتحديد الانفصال أو الوحدة. ومن حينها والمنطقة تشهد حالات شد وجذب سياسي مرت عبره بفترات عصيبة حول الأرض وترسيم الحدود شمالاً وجنوباً وتداخل قبائل المنطقة وتعايشهم على حدود التماس ومن الصعب تحديد وترسيم المنطقة بحكم طريقة العيش لقبيلة المسيرية التي تتجول مع الماشية جنوباً إلى بحرالغزال وتواجد قبيلة دينكا نقوك بمشايخها التسعة في المنطقة كمزارعين أو رعاة مما شكل وضعاً استثنائياً وفي جدلية رفض قرار اللجنة الفنية المعنية بترسيم الحدود بعد اتفاقية السلام الشامل والتي عرفت حينها بتقرير لجنة الخبراء!! ولكن الشريكان " حزب المؤتمر الوطني " في الشمال وحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب عندما لم يتفقا حول تقرير لجنة الخبراء تم رفع الأمر إلى محكمة لاهاي للتحكيم والتي إعادة ترسيم الحدود بالمنطقة وضمت مناطق لدينكا نقوك وأخرى للمسيرية ورحبت الحركة بالقرار بينما رفضت قبيلة المسيرية الحكم وظلت المشكلة عالقة بين الشريكين ورحى التصريحات تطحن أي حل أومبادرة تبدو على الأفق السياسي!! ومع اقتراب موعد استفتاء جنوب السودان في التاسع من يناير 2011م برز الخلاف حول من يحق له التصويت من سكان أبيي حيث أشار بروتوكول ابيي إلى قبائل دينكا نقوك والقبائل الأخرى المقيمة من هنا برز الاختلاف في تعريف القبائل الأخرى المقيمة حيث اعتبرت قبائل المسيرية أنها من القبائل التي يحق لها التصويت بحكم تواجدها التاريخي بالمنطقة وترحالها دليل تواجدها عبر السنين. 2011 © s