"بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 00:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-05-2011, 04:21 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
"بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر



    مذكـرات مغتـرب



    "بَسْ دقيقة"



    كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية: الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً. فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة، وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة. وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً...0

    اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني، إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق، فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها...0

    كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل. بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة، ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور...0

    حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد: أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن! لكن السيدة منعتني و جلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف، فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها، فالتفتُ إليها...0

    عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك...0

    صبري على ماذا؟

    على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر...0

    لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي...0

    حسناً، سأقول لكَ لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لكَ الدين...0

    الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك...0

    عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لكَ اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟

    هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟

    إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة...0

    وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟

    لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد بهِ دَيني...0

    أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها. لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر، وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي. مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء، أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها...0

    أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة، جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أن سائق التاكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع. أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط، سأقول لكَ أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير...0

    قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك، لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟

    "بَسْ دقيقة".

    سأنتظر دقيقة...0

    لا، لا.. لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة...0

    ما فهمت شيئاً...0

    لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟

    ربما...0

    سأشرح لكَ: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة. في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً، عندما تفكر بهِ وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية، ستين ثانية. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟ في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط...0

    وما هو الشرط؟

    أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز، فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه. إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً. دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قد تكون كارثة. دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك. دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك، وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم... هل تعلم أن كل ما شرحته لكَ عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟

    صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو...0

    تفضل، أنا الآن أرد لكَ الدين وأعيد لكَ ما دفعته عني عند شباك التذاكر. والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي...0

    أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة، لأنتبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة: هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي، فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد...0

    حسناً، وماذا ستبيعينني لو أعطيتك مئة يورو؟

    سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً...0

    علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي وهي تمسك بيدي قائلة: اجلس، فزوجي متمسكٌ بيَّ وليس له مزاج أن يموت قريباً!

    وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...

    لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة، حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً...0

    قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها، ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد. فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو، والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك. إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لكَ فيها أمٌ ستستقبلك. فرددتُ عليها برسالة قلت فيها: عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أتجرأ أن أقولها لكَ، أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير...0

    "بس دقيقة"... حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير.. الكثير من الساعات دون فائدة؟
                  

01-05-2011, 05:29 PM

ياسر المك
<aياسر المك
تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: فيصل محمد خليل)

    [B]بس دقيقة ... ياسلام عليك يافيصل كلام يزكرتي لو صبر القاتل لما مات المقتول !!!
                  

01-05-2011, 07:25 PM

أسامه الكرور
<aأسامه الكرور
تاريخ التسجيل: 10-31-2008
مجموع المشاركات: 1525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: ياسر المك)

    ياسلام يافيصل

    حكمه ثمينه

    وموقف ثمين

    أعتقد أنكما متعادلين

    ولكن يبقى لك ثمنها

    شخصياً أأمل أن أرده لك يوماً ما ...

    تشكر ياحبيب
                  

01-05-2011, 07:32 PM

محمد الجيلى
<aمحمد الجيلى
تاريخ التسجيل: 01-24-2009
مجموع المشاركات: 1363

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: أسامه الكرور)

    سلامات فيصل

    مذكرات لا تُشرى بثمن وحكمة قيّمة


    تقديري
                  

01-05-2011, 08:31 PM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: محمد الجيلى)


    سلامات يا فيصل وبقية الأخوة المتداخلون ...
    محمد عبد الوهاب جسري
    كاتب رائع ومتميز ودوما ينقل مواقف إنسانية قيمة ...
    ويقدم حكم بالغة ... يعالج بها فلتات الأعراب وعجرفتهم
    وصلني عبر الايميل وفعلا أن حكمة "بس دقيقة" أثارت مشاعر الكثير من الزملاء معي بالشركة وأعجبوا بها وفي ذلك اليوم ...
    الجميع كان يناديني بس دقيقة .. بسبب أرسالها لهم عبر الايميل
                  

01-06-2011, 07:30 AM

وليد عبد اللطيف
<aوليد عبد اللطيف
تاريخ التسجيل: 08-09-2009
مجموع المشاركات: 6733

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: othman mohmmadien)

    سلامات ... يافيصل وكل عام وانتم بخير
    قصة جميله مليئه بالحكم والعبر
                  

01-06-2011, 07:52 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: وليد عبد اللطيف)

    kkkkkkkkkkkkkkkk.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    هاك دي يا ود المك من نفس المصدر

    تحياتي


    _____
    دي بسموها شنو في عالم الرياضة
                  

01-06-2011, 08:04 AM

Abdlaziz Eisa
<aAbdlaziz Eisa
تاريخ التسجيل: 02-03-2007
مجموع المشاركات: 22291

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "بَسْ دقيقة" ....كنت أقف في دوري على شباك التذاكر (Re: فيصل محمد خليل)

    oldies-02.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    بس دقيقة...



    بوست قمة يا سي فيسل


    تحياتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de