|
أحزاب في مفترق الطرق.. و« سوق التشاشة»..!
|
أحزاب في مفترق الطرق.. و« سوق التشاشة»..! أما قبل: الصادق الرزيقي
تتلذذ أحزاب المعارضة كلّما ضاع عليها الطريق وفقدت الرجاء في كل شيء، بأن تتحدث في يأس مقيم عن الحكومة القومية، كأنها فقط المخرج الوحيد للسودان من قضاياه وأزماته
الملحة، وهي تعلم أن ذلك أبعد من مناط الثريا في ظل الأوضاع الحالية والاحتقانات التي تسد المنافذ بسبب المواقف المتعارضة بين الحكومة وأحزاب المعارضة وما تقوم به هذه الأحزاب من أفاعيل تتناقض مع الأجندة الوطنية، في تماهيها مع العمل المعادي للبلاد وسعيها لتقويض النظام من خارج قواعد اللعبة السياسية ، وتعضيدها لتوجهات الحركة الشعبية ودعمها.
ومعروف أن أحزاب المعارضة التي لا تجتمع على رؤية وقاسم مشترك من الأفكار، وتتباعد في مرتكزاتها الفكرية والسياسية، تخادع نفسها إن ظنت أن ما تقوم به يصب في مصلحة البلاد، وفي مصلحتها هي ذاتها، فلا يوجد ما تتقارب به من بعضها، سوى كراهيتها للنظام القائم وأحلامها بزواله بشتى الطرق وإن كان ذلك بالاستعانة بالأجنبي.
والمؤسف أنها تلدغ من جحر الحركة الشعبية آلاف المرات، فكلّما نسّقت معها الحركة في شيء ورتّبت لعمل معارض كالذي حدث العام الماضي في ديسمبر قبل شهور من الانتخابات، تمعن الحركة في إذلالها ببيعها على الرصيف السياسي بثمن بخس على قارعة الطريق، وظلت الحركة تستخدم هذه الأحزاب وتركب على ظهرها فكلّما وجدت الفرصة سانحة للفظها لفظتها، وابتعدت عنها كما الصحيح من الأجرب، والتجارب كثيرة.
اختارت الحركة الشعبية الانفصال، والأحزاب التائهة لا تزال معلقة في ثوب الحركة، تتوهم الوحدة وتعيش على أحلام خائبة، لا تقوم على أساس سليم من منطق قويم، ولا تجرؤ هذه الأحزاب على انتقاد مواقف حليفتها التي تتعامل معها كسقط المتاع، ولا تستطيع لومها على تحريضها على الانفصال أو حتى انتقاد ما تقوم به مع مواطني الجنوب لتمرير مشروعها السياسي.
والمضحك أن أحزابنا الكبيرة التي تمشي في وسط الجوقة، تركت خطامها ولجامها في يد فاروق أبوعيسى وبعض قيادات قطاع الشمال بالحركة وقليل من كادرات الأحزاب من وزن الريشة، وعدد من الشيوعيين، يوجهونها كما يريدون، وصار كبار قادة هذه الأحزاب حيارى يساقون لغير مصالح أحزابهم وقواعدهاو وظنوا أن كل شيء في الدنيا يهون بعد إسقاطهم للنظام القائم الآن، وكأن إسقاط هذا النظام عملية سهلة وميسورة مثل الخطب المنبرية للسيد الصادق المهدي وتهكمات زعيم المؤتمر الشعبي واحترازات مرشد الاتحاديين وقهقهات كبير الشيوعيين وأحلام مبارك الفاضل خفيفة الوزن ضئيلة الحجم.
تعلم هذه الأحزاب أنها فوّتت الفرصة في الانتخابات الماضية، لم تستطع توحيد نفسها والتنسيق لإسقاط مرشحي المؤتمر الوطني واختارت في تقديرات خاطئة مقاطعة الانتخابات، أو أسرفت في الظن والحلم والوهم، ولم تخض نزال العملية الانتخابية، لاختبار قدرتها وقوتها ووزنها بما يكفي لمواجهة المؤتمر الوطني، ولا ينبغي لهذه الأحزاب كلما وقفت البلاد عند مفترق مصيري ومنعرج تاريخي يقتضي الوقوف، تهرب للأمام وتعلن جاهزيتها لإسقاط النظام ووضع شروط صحة ووجوب لنوعية الحكم الذي تريد.. دون أن تعمل من أجل ذلك بالوسائل الصحيحة التي يتقبلها الشعب ووافق عليها.
فنوع من التدليس يعبِّر عن الخيبة تمارسه أحزاب المعارضة لتهرب من مسؤولياتها في ترسيخ التبادل السلمي للسلطة والتنافس العلني عبر صناديق الاقتراع وتكون جزءاً من اللعبة الديمقراطية والحياة السياسية النقيّة المبرأة من هذا النوع من الترخص السياسي. فلا الحكومة القومية يمكن أن تحل مشاكل البلاد، لأن الحكومة القومية في عرف هذه الأحزاب يعني تربع قياداتها في كراسي السلطة وأخذ تفويض لم يمنحه لهم أحد، فمنذ متى كان أبو عيسى وقيادة الحزب الشيوعي نصراء للديمقراطية والحريات...؟!!
|
|
|
|
|
|