|
وبرضو تقول لي الطيارة مافيها بوري!!!
|
بالتفكير بما قام به العراقيون في بلادهم, تاكد لي ماكنت اقوله في كتاباتي السابقه ان السودانيين شعب من نسيج خاص. وعزا البعض الي ان مايقوم به العراقيون الي ان السلطه قد سقطت. ولكن السلطة قد سقطت عدة مرات في السودان ولم يحدث اي شئ يختشي منه السودانيون ففي سنه 1924 وتحت تاكيدات احمد بك قائد الجيش المصري بانه سيدك القواعد البريطانيه اذا طلبوا بانسحاب الجيش المصري تحرك الجنود السودانيين من معسكر المقرن تتقدمهم الزخيره علي عربة كارو كما اورد والدنا ومورخ التاريخ محمد عبد الرحيم ـ جدالاخ هاشم بدر الدين وشقيقته زوجة الكاتب يحي فضل الله ـ . وكانو يهتفون علي المفتوح كالعادة السودانيه لانهم في طريقهم الي "دواس" الانجليز. وقام الانجليز بقفل كوبري النيل الازرق ولم يحرك المصريون ساكنا والمعركة علي اشدها بين السودانيون والانجليز وذهب الضابط سيد فرح سباحة الي الخرطوم بحري لحث المصريين للاشتراك في المعركة وفائا بوعدهم , وبالرغم من الرصاصتين في جسده وصل سيد فرح الي المصريين, وبالرغم من هذا لم يشتركو في المعركة وواصل السودانيون الي ان خلصت زخيرتهم فاتجه عبد الفضيل الماظ الي المستشفي العسكري وبين ماهو يحاول كسر مخزن السلاح للحصول علي زخيرة قام احد الضباط الانجليز بمحاولة الامساك به من الخلف بقصد تقيده فتغلب عبد الفضيل عليه فيهرع اثنين من الاطباء الشوام ويقوما بالامساك بقدمي عبد الفضيل وطرحه ارضاوهنا يتدخل الجندي كودي من جبال النوبه ويقتل الضابط الانجليزي والاطباء ويتحصل عبد الفضيل علي الزخيرة وتستمر المعركة طيلة المساء مما يجبر الانجليز علي دك المستشفي بالمدافع ليموت البطل عبد الفضيل بين الانقاض ممسكا بمدفع المكسيم ووجد كودي تحت الانقاض ومازال به عرق ينبض في صبيحة اليوم الاخر. اما البقيه فعندما اكتشفوا الخيانة المصريه تراجعوا نحو ام درمان تاركين ماعرف بعسكري الماسوره الذي اوقف تحرك فرقة كاملة من الجنود الانجليز الي ان قتلوه اختناقا بالدخان. وفي الجزيرة في وسط النيل ترك المنسحبون اثنين لتغطية انسحابهم وكانت هناك باخرة تحمل الجنود الانجليز اتيه من الدويم وعندما شاهدو جنديا متمترسا في وسط الجزيره قتلوه رميا بالرصاص ونزلت مجموعة من الجنود الانجليز لاحضار جثته وسلاحه وفات عليهم ان جنديا اخر كان متمركزا في العشر ولم يرجع من الجنود الانجليز احد فقد اصطادهم الجندي المختبي في العشر وانطلقت الباخره بسرعة الي الخرطوم تاركة الجنود. وبالرغم من اختفاء السلطة والجيش الانجليزي الذي كان مهتما بدفن موتاه العديدين ورحيل الجيش المصري لم تحدث حادثة نهب او سطو او اغتصاب في الخرطوم اوفي كل عموم السودان وهذا علي حسب تقرير اللجنة التي شكلها الانجليز. في اكتوبر 1964 وفي ليلة المتاريس عندما خرج الناس لحماية الثورة لم تسجل الشرطة حادثة سطو واحدة بالرغم ان كثير من المنازل تركت بدون حماية. وعندما هجم البعض علي اجزخانة شاشاتي وحطموها اخذ احد الضعفاء بعض النقود التي كانت في الدرج وكما سمعت من الاخ الفاتح المليجي شقيق الدكتور محمود جمعة المليجي فان احدالحضور انتزع النقود من يد اللص وصفعه ومزق النقود وقال له " الناس في شنو وانت في شنو". عندما سقطت ام درمان في عام 1898 اباح الانجليز المدينه لثلاثة ايام ولكن لم تمتد اي يد بأساءة لنساء ام درمان وهذا ماسمعناه من الكبار واكده بابكر بدري في كتاب "تاريخ حياتي" واكد نعوم شقير بان الذهب والفضه وكل مالية الخليفه وبيت المال حتي معدات سك العملة كانت في اماكنها. كما يخبرنا بابكر بدري بانهم عندما احتلو الخرطوم كان مع مجموعة من الشباب قد وجدوا ذهبا في بئر المنزل الذي كانو يسكنونه فسلموه الي بيت المال ولم يهتموا به وكانه حجاره ووجدو سمنا وعسلا وطحينا وبالرغم من جوعهم لم يقربوهم وانتظروا حتي ان سمح لهم في اليوم الاخر وحتي بعد الاذن لم يصنعوا الا قراصة ناشفة بدون عسل او سمن كما وجدوا ابنة صاحب الدار مختبئة في احدي الغرف الداخلية وهي مصرية الجنسيه فامنوها علي حياتها, وبعد عشر سنوات من الحادث كانت احدي المدعوات الي حفل زفاف بابكر بدري الي نفيسة احمد المليجي وهي عمةالممثل المصري الكبير محمود المليجي وجدة العميد يوسف بدري. في بداية الخمسينات حاول بابكر بدري الاتصال بمحمود المليجي وبقية اسرة المليجي ويبدو ان محمود المليجي لم يكن مرحبا الي ان افهمه بابكر بدري بانهم ليس متلكحين وان ابنه احمد المسمي علي عمه هو اول قاضي سوداني وعلي بدري اول دكتور ووزير سوداني وان موسي بدري الذي برفقته اول طيار سوداني ويعمل عند الملك السنوسي بليبيا. وحتي عندما سقطت سلطة نميري في انتفاضة ابريل لم يتجه السودانين للنهب بل اتجهوا للتكاتف والمساعدة. في فترة الجفاف التي ضربت السودان في بداية الثمانينات اتت مجموعات ضخمة للمويلح والحاج ابزيد خارج ام درمان وخرج أهل ام درمان بكل مايستطيعون ان يقدموه من مساعده. في كتاب رودلف سلاطين"السيف والنار" تحدث عن مجاعة سنة ستة وكيف ان الناس كانت تعطي ابنائها الي من يستطيعون من الناس ثم يسترجعونهم بعد المجاعة واذكر ان في مجاعة الثمانينات كان كثيرا من الاسر يتكفل ببعض النازحين واذكر فتاة صغيرة في العاشرة اسمها حليمه اتي بها العم محمد بدري رحمة الله عليه وزوجته فاطمة بدري كما اذكر الدهشة في وجهها عندما شاهدت التلفزيون لاول مره. وكان يندر ان يخلو منزلا في ام درمان من النازحيين وسيدة توكد للمهندس احمد"كوريا" وزوجته ان يهتما بابنتها وانها تسلمها لهم كعزراء. ماأثارني اليوم هو الايتام في العراق وقد طردوا من مساكنهم ومدارسهم وصارو يهيمون في الطرقات بعد ان احتل البعض مساكنهم وشاهدنا في بداية الحرب كيف طوح بالجرحي ليقوم البعض بسرقةالاسره والاجهزه من المستشفي. في مجاعة الثمانينات قامت احدي العاهرات المشهورات ببيع منزلها في ام درمان والتبرع بما ثمنه الي الاطفال الجياع خارج ام درمان وصرف بعض النساء ذهبهم وتبرع ستات العرقي بمدخراتهم.وبرضو تقول لي الطيارة مافيها بوري!!! ونواصل
|
|
|
|
|
|