دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
فاروق الأول ملك مصر والسودان. د. يوسف نور عوض.
|
[فاروق الأول ملك مصر والسودان /د. يوسف نور عوض. ربما كانت الحالة التي وصلت إليها الشعوب العربية هي التي استقطبت الاهتمام الكبير بمسلسل الملك فاروق خلال شهر رمضان، وليس ذلك بسبب النوستالجيا والرغبة في تقليب الأوراق القديمة، بل بسبب الرغبة في معرفة ما كان حقيقة وما حدث بعد ذلك. وكما نعرف جميعا لم تكن هناك صعوبة في تمرير خطاب الثورة المصرية إلي الجماهير العربية بسبب حالة التخلف والفقر التي كان يعيش فيها العرب بصفة عامة والمصريون بصفة خاصة، إذ كان يكفي أن تقول للناس إن ثروتهم تمتلكها حفنة من الباشاوات تتآمر مع الاستعمار وأن الذي يسوسهم ملك ضحي بكل القيم الأخلاقية ليصدقوك، كما كان يكفي أن تقول لهم إن الثورة جاءت لتحرر الشعب من حكم هؤلاء الباشاوات وتوزيع الأراضي للفقراء ولها طموحات في تحرير فلسطين لتجد الجماهير تندفع وراءك بكل طموحاتها وأحلامها، ولكن بعد أكثر من خمسين عاما يعود الشعب المصري من جديد ومن خلفه الشعوب العربية يتساءلون ما إذا كان خطاب الثورة حقيقيا؟ وعلي الرغم من أن الحقائق كلها لم تكشف بعد فإن الناس بكل تأكيد يعرفون أنهم لم يمتلكوا أقدارهم بأنفسهم وأن الطبقات المستغلة الجديدة هي أخطر من طبقة الباشاوات القديمة، وأن الحكم يتجه نحو التوريث كما كان شأن الملكية ويعلمون أن السجون والمعتقلات تمتلئ بالشرفاء وأن الحكام الجدد لا يعدمون التبريرات لمواقفهم المتراجعة أمام الحريات العامة وحقوق الشعب ويعلمون أن الشعارات الكبيرة التي رفعت لم يتحقق منها شيء وأن فلسطين هي اليوم في أسوا حالاتها وليس هناك دولة عربية واحدة من الدول التي ادعت أنها تناصر قضيتها تقف معها، بل وجدنا دولة عربية مثل سورية احتلت اسرائيل أراضيها في الجولان منذ أربعين عاما ولا تطلق طلقة واحدة، ومع ذلك تقول للشعوب العربية إنها الدولة الوحيدة الصامدة والتي تتمترس خلف المصالح العربية والرغبة الأكيدة في تحرير الأرض.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فاروق الأول ملك مصر والسودان. د. يوسف نور عوض. (Re: محمود الدقم)
|
كل ذلك جعل الناس ينجذبون إلي مسلسل الملك فاروق رغبة منهم في معرفة ما جري، وما إذا كان الانقلاب المصري في عام ألف وتسعمئة واثنين وخمسين مبررا من حيث منطلقاته السياسية والاجتماعية، ولكنهم لا يريدون معرفة ذلك من أجل العودة إلي القديم لأنه لا سبيل إلي ذلك بعد ما حدث وإنما يريدون المعرفة لرفع مستوي الوعي القومي وإيقاظ الضمير الذي سكت علي ظلم وقع علي أسرة محمد علي التي لعبت دورا مهما في إدخال منطقة الشرق الأوسط كلها إلي العصر الحديث وجعلت مصر علي وجه الخصوص قبلة الدول الطامحة إلي التقدم في هذه المنطقة، فإذا بها تنتهي هذه النهاية المرة بتهم ملفقة أو علي الأقل ليس هناك ما يدعمها أو يؤكدها وفي الوقت ذاته تشوه صورة الملك الذي عاش حياة الشقاء بين أفراد أسرته وأثبت في أوقات الشدائد أنه الوطني الغيور علي مصالح شعبه وأمته كما كان موقفه في حرب فلسطين، ولكن أعداءه شاؤوا أن يصوروه مرتبطا بالأسلحة الفاسدة التي جعلوها سببا من أسباب الهزيمة. وفي البداية نريد أن نوضح للأجيال الجديدة من هو الملك فاروق الذي عاد من جديد إلي قلوب المصريين وطالب الكثيرون بإنصاف أسرته وإعادة حقوقها إليها كما طالبوا بتنقية اسم هذا الملك مما ألصق به زورا وبهتانا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاروق الأول ملك مصر والسودان. د. يوسف نور عوض. (Re: محمود الدقم)
|
فاروق الأول ملك مصر والسودان هو ابن الملك فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا مؤسس الدولة المصرية الحديثة، ولد في عام ألف وتسعمئة وعشرين وكان الذكر الوحيد بين خمس من البنات، وقد لقبه والده منذ سن مبكرة بأمير الصعيد، وقد تولي فاروق العرش بعد وفاة والده وهو في سن السادسة عشرة وكان الوصي علي العرش ابن عمه الأمير محمد علي بن الخديوي توفيق، وكانت والدة الملك فاروق الملكة نازلي لا تثق في ولي العهد وتخشي أن يتآمر علي ابنها للاستيلاء علي الملك، وبالتالي فقد أقنعت الشيخ المراغي شيخ الأزهر أن يحسب عمره بالتاريخ الهجري وذلك ما مكنه من الجلوس علي العرش في وقت مبكر. واستمر محمد علي وليا للعهد حتي مولد الأمير احمد فؤاد. وكما هو معلوم فإن ملكية الملك فاروق استمرت حتي قيام ثورة يوليو في عام اثنين وخمسين. وقد تزوج الملك مرتين الأولي من صافيناز ذو الفقار التي أصبح اسمها الملكة فريدة والتي أنجب منها بناته فادية وفوزية وفريال وقد حظيت الملكة فريدة بشعبية كبيرة لم تستغلها لصالح ملك زوجها بل استخدمتها لتكثيف الضغط عليه وتنكيد حياته التي كانت منكدة أصلا بسبب تصرفات والدته غير المسؤولة والتي لم تراع أنها والدة ملك وتفرض عليها الظروف مسؤوليات خاصة، وقد اضطر الملك فاروق في نهاية الأمر إلي تطليق زوجته الملكة فريدة ليتزوج فتاة صغيرة في السادسة عشرة من عمرها هي ناريمان صادق التي أنجبت له ابنه الوحيد أحمد فؤاد الذي تنازل له عن العرش بعد قيام ثورة يوليو وهو تنازل لم يستمر فترة طويلة بعد أن أعلن من أطلقوا علي أنفسهم اسم الضباط الأحرار، الجمهورية وإلغاء الملكية في مصر. ولم يعترض الملك علي التنازل أو مغادرة مصر إلي إيطاليا وكانت مطالبه متواضعة ومنها أن يودع وداعا رسميا وحاول جمال سالم خلال لحظة الوداع أن يسيء إليه ولكن اللواء محمد نجيب منعه من ذلك. وفي المنفي عاش فاروق حياة التمزق وهو يتذكر وطنه، وكان ذلك في وقت كانت الصحف المصرية تصور حياته بأنها كانت حياة الترف والخمر والنساء والقمار، ولكن الملكة فريدة سخرت من كل ذلك وقالت إن الملك لم يكن يملك الكثير حين خرج من مصر وأن صناديق الذهب التي قالوا إنه حملها معه وهي حق شرعي لأسرته لم يكن لها وجود، بل إن كل ثرواته وممتلكاته سرقها اللصوص الذين اعتدوا علي القصور الملكية. كما قالت إنه لم يشرب الخمر في حياته مطلقا وإن ابنه أحمد فؤاد عاش في أول أمره تحت رعاية أمير موناكو. ونفت الملكة فريدة كل الصور المستهترة التي رسمت للملك، ولكن لم يحدث نفي للعبه القمار وذلك شيء يمكن أن يفسر من خلال ظروفه الخاصة والمأساة التي عاشها، وذهبت الملكة فريدة التي نكدت حياته إلي وصفه بأنه كان طيب القلب حنونا ويتميز ببراءة الأطفال وأن كل ما روي عنه مع العشيقات والممثلات كان من نسج الخيال، كما كان متواضعا بدرجة كبيرة إذ كان يقود سيارته بنفسه وينزل إلي المقاهي والمطاعم العامة، وكان يستقطب حب الشعب في مصر والسودان بدرجة كبيرة. وهناك شكوك حول ظروف موته في عام ألف وتسعمئة وخمسة وستين عن عمر يناهز الخامسة والأربعين إذ يقال إنه قتل بالسم في أحد مطاعم ايطاليا وكان قد أوصي بدفنه في مصر ورفض الرئيس عبد الناصر ذلك إلا أن الرئيس السادات قد أحضر جثمانه حيث دفن في مسجد الرفاعي خفاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاروق الأول ملك مصر والسودان. د. يوسف نور عوض. (Re: محمود الدقم)
|
ولا شك أن من أهم الأمور التي يجب أن يتوقف عندها المؤرخون موقفه من قضية فلسطين، ذلك أن الملك فاروق كان من أهم المهتمين بتخليص فلسطين من أيدي العصابات الصهيونية وأرسل في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين جيشا قوامه مئة وستة وثلاثين ألف جندي وقد حذر من أنه سيتعرض إلي خيانة من بعض حكام العرب، وخاصة ملك الأردن الذي قيل إنه كان يطمح في ضم الضفة الغربية إلي شرق الأردن ولكنه لم يستمع إلي هذه التحذيرات وقال إن مشاركة ملك الأردن في الحرب سيجعله يؤمن بالمبادئ التي انطلقت منها، ولكن الملك فاروق أدرك من خلال الأسلحة الفاسدة وحصار الفالوجة أنه كان يتعرض إلي مؤامرة كبيرة ومع ذلك لم يتراجع، وقد حاول خصومه وحتي الضباط الأحرار في ما بعد أن يعزو حصار الفالوجة إلي أسلحة فاسدة احضرها هو علي الرغم من أنه قال إنه كان ضحية كغيره وليس هناك ما يؤكد عدم صدقية ما ذهب إليه. وكان الملك إلي جانب ذلك من أكثر المؤمنين بوحدة وادي النيل وذلك شأن جده وأعمامه لإيمانه بالمصير الواحد الذي يربط مصر والسودان وهو مصير لم تهتم به ثورة يوليو التي تخلت عن السودان جريا وراء إرسال العمالة إلي دول النفط العربية، دون أن تقدر أن تفكك السودان الذي بدت معالمه الآن سيكون تأثيره علي مصر اكبر من تأثيره علي السودان. وعلي الرغم من هذا التاريخ الحافل والوطنية العالية فإن أسرة الملك فاروق عاشت حياة الفقر من بعده ولم تجد منصفا يرفع صوته لإحقاق العدل لملك أحب وطنه وبادله الوطن حبا بجفاء، ولكن التاريخ يستيقظ الآن ليذكر الناس بحرية مصر وديمقراطيتها في عهد الملكية حين كان القانون هو سيد الموقف وكان الباشاوات هم الذين يبدأون المشاريع التي يعيش عليها الفقراء ولا يهربون أموالهم لتخرج من دورة البلاد الاقتصادية. لترتفع الأصوات إنصافا لهذا الملك الذي أحب بلاده وليقدم الإنصاف لأعضاء أسرته من بعده.[/B]
| |
|
|
|
|
|
|
|