|
(عندما يذبح اللحن/ الوتر)- مهداة الى الدكتورة بيان.
|
1/ (قرص الشمس):- **** ياقرص الشمس نبئني عن ميلاد الزهرة.
وامنحني سر الحزن المفرح وسر عشق الميلاد. ماكنت وحيدا في حدق المنفى بل كنت طفلا تائه في اعماقي. واعماق مسام الذكرى ابحث عن منفى. 2/ (الجوهرة- تبصق في وجه الاكسير):- عندما يغسل الزبد سيقان الارصفة. وتنكشف الموانيء و{الغناء}. ويذوب الليل في احشاء المدن. وتجيئني احلام {الاوديسة} تدندن في الطريق. -ياصديق: لاتحلم بالشفق لاتحلم بالشفق لاتحلم بالشفق
3/ (عندما يذبح اللحن/ الوتر):- كن مملوكا لانفاس الامل المتبقي. كن ذنبقة. تنبت في احشاء الصخر. كن طلسم. كن مشدوها.. مشدودا مشنوقا- يتبسم. كن وهما يتوهم على الوهم. كن مقبرة تحتضن عذابات الاطفال. فانت مبخرتي في غسق العدم.
4/ (قوافل):- قوافل سفر القمر تاهت في الشعاع. وتحطم في قبضة القبطان الشراع. وامواج السراب في مضيق واتساع. بربك قل لي كيف ذاب في كف الطفلة اليراع. _______________________________________
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: (عندما يذبح اللحن/ الوتر)- مهداة الى الدكتورة بيان. (Re: محمود الدقم)
|
أخي محمود .. لكم التحيات النواضر قوافل سفر القمر تاهت في الشعاع. وتحطم في قبضة القبطان الشراع. وأمواج السراب في مضيق واتساع.
ليت د. بيان بيننا لتنقل لك بيراعها لا بلسانها ذلك الذي لم يكن بمقدوري أن أنقله كما ينبغي .. فأنا لست مقترباً من ذوات التعبير فيها وإن عمدت .. وإن جاهدت .. ليتها كانت بيننا ليلهج يراعها بالشكر لكم .. كم أعجبتها هذه الكلمات الدفيئة التي فاقت التعبير كم حز في نفسها ألا تقدر على فعل الكلام .. ألا تقدر على فعل الشكر، فقط الشكر !! في زمن عز فيه الوفاء .. فقد أعادت هذه اللفتة لها جزء من اعتبارها .. فتقبله مني وعساها أن تجد إلى تحيتكم وشكركم وتقديركم سبيلا .. والشكر لكم مني فقد أفلحت في تكريم الكرماء ..
تعالوا نتغنى إلى ذاك القمر المضيء لنستشرف زمن الصبح الندي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (عندما يذبح اللحن/ الوتر)- مهداة الى الدكتورة بيان. (Re: SalahDirar)
|
حقا لقد فقدنا يراعها وادبها وغذارة علمها الدكتورة بيان فقد ادبي عظيم للمنبر كانت تضفي على المنبر بهجة الحياة وخيال الشعر لا تذكر الدكتورة الا ويذكر علمها وابداعها وحسها الفني الرقيق والانيق ترحل بك في عالم الرواية فتحس بانتمائك لعالمها تشارك ابطالها حياتهم افراحهم واحزانهم تاخذك الى عالم الشعر فتخلب لبك وتبهج نفسك بكلماتها وسحر خيالها بحر من العلم والمعرفة يصعب الخوض في اعماقة نهر من الادب والشعر والرواية يسقيك من عذب كلماته عاصمة الحضارة الانسانية سهل ولوجها صعب فراقها
انها دكتورة بيان تتضاءل الكلمات والاحرف ويتورد خدها خجلا لعجزها عن التعبير عن هذه المراة النخلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (عندما يذبح اللحن/ الوتر)- مهداة الى الدكتورة بيان. (Re: محمد حسن العمدة)
|
الأخت الصديقة د. بيان من محبي القصة القصيرة وخصوصاً القصص المترجمة كما أن لها أعمال عديدة في هذا المضمار .. ومما لا شك فيه أنها حجة في الأدب والنقد الأدبي .. كمشاركة في بوست تكريمها من قبل الأخ/ محمود، أرجو أن أورد هذه القصة الرائعة.
العصافير ك. أ. عباس
عاد رحيم خان سادراً من الحقل عندما كانت الشمس ترخي بسدولها على حقول أشجار المانجو التي تحيط بالجانب الغربي للقرية. كان رحيم عريض المنكبين، قوياً، برغم سنينه التي ناهزت الخمسين، حاملاً محراثه على كتفه ويقود ثوريه الوحيدين أمامه. كان يمشي على الطريق العام المؤدي للقرية ويلفحه هجير ذاك النهار ورياحه القاسية.
حينما وصل إلى مكان قريب من القرية كان هنالك مكان للتجمع به ثلة من الفلاحين يمرحون ويدخنون على أنغام الموسيقى التي حالما تحولت إلى أخرى حزينة تحت همساتهم الخافتة، ثم عادت موسيقاهم إثر غيابه التدريجي عنهم فور ابتعاد خطواته الثقيلة وآلت خافتة شيئاً فشيئا .. قال نانها: ذلك الشخص اللطيف والمحبب لدى الجميع: إن هذا الشخص يزداد سوءاً كلما مر عليه يوم جديد، بالأمس القريب تعدى على ابن راموس بالضرب إثر رميه لثوره بحصا صغيرة.
قال رامناث الفضولي متطوعاً بتفاصيل إضافية عن رحيم خان بقوله: لقد كاد أن يقتل البغلة خاصتي بسبب أنها ضلت طريقها إلى مزرعته. والغريب في الأمر أن بقاء البغلة داخل مزرعته قد كان مخططاً له مسبقاً من قبل ابنه الماكر .. قال: الرجل ذو الشعر الرمادي وفمه الخالي من الأسنان بصوته الورع وكعادته في أن يكون آخر المتحدثين متضرعاً لله: (هاري رام) ثم مهمهماً: لم أر في حياتي رجلاً بهذه القسوة والفظاظة، رجل لا يحمل ذرة من العطف سواء أن كان ذلك تجاه الآخرين أو حتى تجاه الحيوانات .. لا عجب إن فر ولديه منه وهربا بعيداً.
بينما توالت مادة حديثهم عن رحيم خان الذي وصل إلى كوخه ذاك الذي كان معلماً ورمزاً في حد ذاته إذ يقف بعيداً منعزلاً بمسافة لا يستهان بها عن بقية الفلاحين في القرية. رفع محراثه ووضعه على حائط كوخه المنخفض، ثم طفق يقيد ثوريه في مربطيهما على عود خشبي مدفون على الأرض بالقرب من مدخل البيت الرئيسي.
حينما هم بدخول منزله، جاء صوت كسير متذلل ينادي عليه : رحيم خان ... من هناك ؟؟ سال بصوته الأجش مستديراً ليواجه امرأة عجوز أتت من منزل قريب له .. بعد أن ترددت قليلاً قبل أن تجيش بما دعاها للحضور، بادرها بأسئلة كثيرة متوالية.. ماذا هناك؟؟ ماذا يجري؟؟ من هناك؟؟ .. لماذا تترددين بالحديث يا امرأة ؟؟ هل ألقي القبض على ابنك مرة أخرى بسبب عدم سداده لالتزاماته أم أن ابنة زوجك قد وضعت طفلاً آخراً ؟؟
توقفت العجوز قليلاً قبل أن تسترد أنفاسها ومن ثم تستجمع أطراف شجاعتها لتقول: لقد هربت زوجتك .. ثم أكمل هو بابتسامة عريضة على شفتيه تنم عن إدراكه الواعي لما حدث .. لا ... لا ... سعت المرأة أن توضح الأمر بما يشبه الاعتذار وكأنها المسئولة عن هروب زوجته. لقد ذهبت لأخيها في (نوربو) وسوف تعود بعد عدة أيام .. بحركة تنم عن الاستياء والتعجب قذف بها خارج الباب لعلمه بأن زوجته لا يمكن أن تعود أدراجها .. دخل كوخه المظلم والغضب يغلي ويثور في دواخله .. جلس أرضاً .. سمع مواء القطة ذاك الذي ينبئ بأن لا أحد بالكوخ غيره .. لا أحد يمكنه أن يصب من خلاله جام غضبه .. قفل باب الكوخ بحركة عنيفة .. ليس هنالك من يجلب له الماء لغسل رجليه ويديه المغبرتان .. ليس هنالك من يقوم بلعنه وشتمه وضربه ..
شعر رحيم خان بعدم رضاء ممزوج بغضب دفين .. لقد كان دوماً غاضباً من زوجته حينما كانت بجواره ولكن غيابها قد أغضبه بشكل غير مسبق .. لقد ذهبت إذن !! .. قال: مستغرقاً في تأملاته ثم استلقى على فراشه وفي دخيلة نفسه ما يؤكد بأنه سوف يخلد للنوم بدون طعام .
خلال ثلاثون عاماً، قوام زواجهما، كان دوماً يحادث نفسه بأنها سوف تغادر المنزل يوماً ما .. وفي مرة من المرات تمنى لو أنها غادرته بالفعل .. منذ عدة أعوام خلت هرب إبنه الأكبر (بوندو) وذلك بسبب تهجمه القاسي وعلى غير العادة عليه بالضرب ومنذ ثلاثة أعوام كذلك لحق به الإبن الأصغر (نورو). ومنذ ذاك الحين أيقن رحيم خان بأن زوجته هاربةً هي الأخرى لمنزل أخيها لا محالة .. لكنها قد رحلت الآن ... شعر بمزيج من عدم السعادة وعدم الأسف في آن واحد .. خالجه إحساس بأنه لم يحب زوجته مطلقاً ولكن هنالك شعور بعدم الارتياح في أن هنالك بعض الأثاثات سوف تبعد جراء رحيلها الشيء الذي قد يزيد مرارته وحسرته وألمه.
لثلاثون أعوام خلت كانت زوجته رمزاً وهدفاً واحد لضيمه وظلمه في آن واحد .. تجاه أسرته تجاه المجتمع وتجاه حياته قاطبة. عندما كان في ريعان شبابه لم يكن هنالك من يتفوق عليه في شتى أنواع الرياضة ولم يهزمه أحدهم قط في ساحة المصارعة، في تلك القرية كابادي عند مصب القنال بجواري الكبري.
في إحدى الأيام لفتت نظره فتاة .. وفي ذلك الأثناء كان قد أتى سيرك زائر.. تزامن ذلك الحدث إبان اختمار رغبته في الانضمام لذاك السيرك. أحس بالارتياح في أنه قد وجد ضالته وذلك للطواف في كافة الأرجاء. رادها .. وهي إبنة رام شاران .. كان لحظتها قد أحس بأنه وجد ما كان يبحث عنه بالفعل .. كالذي وجد توأمةً لروحه .. لقد انتبه إليها في إحدى المرات وهي ترقبه بإعجاب حينما كان في حلبة المصارعة .. كانت تلك اللحظة من أسعد لحظات حياته حينما وقف مهللاً بالانتصار بعد فوزه على غريمه لحظتها، انتبه لنظراتها التي كانت ترمقه، لقد أحس أن بهما ضوء ينبئ بالإعجاب. توالت بينهما لقاءات سرية متحفظة .. لقد كان يعبر عن حبه وإعجابه بكلمات قليلة عرجاء تنم عن أمية قائلها .. لم يتوانى في إعلان حبه لتلك الفتاة، ولكن عائلته قد قتلت طموحاته بأن العمل في السيرك يعتبر لا أخلاقياً بالنسبة لطبيعتهم القروية وقد كان أبوه وجده وكل أسلافه يعملون بالأرض ولذا ينبغي عليه أن يكون كذلك. بينما كانت فكرة زواجه من رادها الهندوسية الكافرة يعتبر لديهم طفق من الزندقة مما يجلب سوء السمعة للأسرة قاطبة. ظل رحيم خان لبرهة من الزمن ملازماً امتعاضه الكبير وثورته على تلك القيم ولكن ذات القيم قد جرت في عروقه ولذا لم يتمكن من استجماع أطراف شجاعته للحيلولة دون تلك القرارات والقيم والمثل الاجتماعية التي سرت. بعد عدة أيام غادر أعضاء السيرك تلك القرية بدون رحيم خان وبدون لقاءاته السرية والرومانسية مع رادها .. لقد أتت النهاية سريعاً وبعكس ما كان يتوقع.
بدون سابق إنذار، اقترح والد رحيم خان لرام شاران بقوله: أن إبنته الآن قد أكملت الخمسة عشر من أعومها وعليه يجب تزويجها بدون إشارة منه لما يجره الزواج المتأخر من ويلات. وبعد أسابيع قليلة تم تزويج رادها إلى رام لال ، رجل متكرش في مقتبل العمر .. وبدمعات قليلة سقطت قسراً على خدي رادها ودعت تلك الليالي الرومانسية مع رحيم خان كما تحسرت على ذاك الأمل المفقود، وبسرعة سوت حاجياتها متوجهة إلى مصيرها الجديد صاغرة لتصبح بعد عدة سنوات أماً لنصف دستة من الأبناء.
لقد تزوج رحيم خان كذلك أو بالأحرى لم يكن له خيار إذ اختار أبواه الفتاة وحددا يوم عقد القران وطلبا مجموعة من الملابس المبهرة التي تقابل هذه المناسبة كما تم شراء حلية فضية للعروس المرتقبة .... امتطى رحيم خان صهوة جواد وزف إلى منزل عروسه .. وعندما ألقيت على رحيم خان الأسئلة التقليدية في هذه المناسبة، اكتفى بأن أومأ برأسه علامة الإيجاب بتلقائية ميكانيكية أكثر من أنها موافقة فعلية .. كما تم سؤال الفتاة التي كانت قابعة في غرفتها المظلمة مؤتمرة فيما يبدو بأمرهم بحياء بادي.
بعد انتهاء مراسيم الزواج، قال والد رحيم خان لزوجته بتفاخر: أنظري إليه كيف أنه لم يتجرأ في أن يعصي لي أمراً، لقد كان هاجسك الدائم في أنه لن يوافق على هذا الزواج، أنا أعرفهم جيداً ، فهم ميالون دوماً للضجر فقط في حالة تأخر زواجهم وليس العكس، ولهذا السبب فقط فقد كان أبانا حريصاً دوماً على تزويج أبناءه مبكراً والآن تأكد لي صحة وجهة نظره.
في تلك اللحظة، كان رحيم خان يقف على غرفة الاستقبال بينما كانت عروسه تقبع في انتظاره كالشاه التي تنتظر قصابها، لقد حمل رحيم معه كل الاحباطات التي سيطرت على حياته وسبقت زواجه ولذا أمعن في معاملة زوجته باضطهاد بادي لكي يخضعها ويذلها وكأنه ينتقم لاحباطاته المتتالية وخذلانه.
كان ذلك لثلاثون عاماً خلت، استرجع رحيم خان في تلك اللحظة كل تلك السنوات التي ولت وهو قابعاً في كوخه المظلم .. ثلاثون عاماً خلت وهو يعامل زوجته وأبناءه بقسوة وصلف لا يعلى عليه، كان دائم العراك معهم مفتعلاً الأسباب لشتمهم كما كان يفعل ذلك مع أهل القرية الشيء الذي جعله موضع كره أجمعوا عليه وصار الأسوأ في تاريخ قريتهم من ناحية تعامله مع الآخرين.
ليس هنالك في القرية، بالتأكيد، من كان قادراً على تقييم ذلك التحول الذي حدث في حياته، في البدء كان انطباعهم تجاهه ممزوج بالخصومة والكره ولكنه في نهاية الأمر صار مفعماً بالخوف منه وتجنبه وصاروا ينأون عنه بقدر الإمكان. كان رحيم خان في تلك اللحظة ينشد العزاء بالتأكيد تجاه تلك الأسئلة التي لم توجه إليه عن هروب زوجته تلك التي وهبها له مجتمعه.
لثلاثون عاماً كانت زوجته تمتثل لاضطهاده العبودي لها ، كانت سهلة الانقياد لأوامره واضطهاده بما يمليه عليها سلوكها وتربيتها، ثم طفقت تعتاد على ذلك العقاب الجسماني والضرب اليومي الذي كان يمارسه رحيم خان عليها. لقد كان شيئاً يدعو للاستغراب والتساؤل إن مر أسبوعاً كاملاً دون أن يوجه إليها ضرباً أو تقريعاً .. أما بالنسبة لرحيم خان، فقد كان ضربة لزوجته يعتبر جزءاً لا يتجزأ من وجوده في تلك الحياة الغريبة.
حينما تسلل النوم إلى أطراف جفناه كان آخر تفكير رحيم خان إن كان بمقدوره تحمل الحياة بدون فرصة أخرى في الانغماس في الملذات تلك التي صارت الآن خياره الثاني. ربما تكون هذه المرة الأولى التي أحس فيها رحيم خان بهذا الإحساس، ربما ليس من قبيل العطف تجاه زوجته بقدر ما كان الإحساس الجارف بالتوحد بدونها بالتأكيد. لم ينتابه يوماً ما شعوراً بأن هذه المرأة التي طالما كرهها كانت تمثل جزءاً هاماً في حياته ووجوده.
عندما كان يستيقظ رحيم خان من النوم يكون الوقت في العادة قبيل الظهيرة وسرعان ما يبدأ بسب زوجته في أنها هي التي من المفترض أن تستيقظ باكرة من النوم، ولكن ليس هنالك دواعي للعجلة في هذا اليوم بالتحديد. قام من فراشه بكسل، وبعد أن غسل وجهه بالماء وحلب غنمه من أجل لبن الفطور، جلس يدخن سيجارته، لقد كان الكوخ دفيئاً وضياء الشمس تتسلل إليه عن طريق الشباك المفتوح. كان في ركن الكوخ هناك نسيجاً من العنكبوت الشيء الذي فكر معه إعادة ترتيب كوخه، عندما بدأ بإزالة نسيج العنكبوت رأى عشاً على السقف، كان هنالك عصفوران يرفرفان ويغردان جذلين. عزم مباشرةً على تحطيم هذا العش بضربة واحدة لكنه سرعان ما تراجع عن هذه الفكرة بعد أن رمى المطرقة من على يده، وأحضر مقعداً ووقف عليه ليدنيه من عش العصافير وليمكنه رؤيتهم بشكل أفضل. كانت هنالك فرختان صغيرتان لونهما أحمر يقدر عمرهما بيوم واحد قابعتان بالداخل بينما كان أبواهما يرفرفان قبالة وجه رحيم. بينما نظر نظرة خاطفة إلى الداخل قبل أن تهاجمه الأم.
في اليوم التالي، بعد أن أنجز أعماله اليومية، حيث لم يتحدث إليه أحد من أهل القرية، كان يكدح في حقله منذ الصباح وحتى ساعة متأخرة من بعد الظهيرة، كان يحرث في أرضه ويسقي الزرع ولكنه عاد أيضاً قبل غروب الشمس. بعد أن وصل إلى كوخه استلقى على فراشه يدخن (الهوكا) ويراقب باهتمام بالغ العصافير التي على عشها، عصافيره التي أصبحت جزءا منه، أصبحت عائلته الجديدة .. لقد كبرت الفرختان قليلاً وأضحتا جميلتان .. ناداهما (نورو) و (بوندو) تيمناً بولديه الذين لم يرهما منذ عدة أعوام خلت. لم يكن لديه صديق أو قريب في هذا العالم سواء تلك العصافير الأربعة .. لا زال جيرانه يهابونه ويرقبون سلوكه الأخير بشيء من الحيطة والحذر. لم يكن أحد من الجيران يراه يضرب عجليه (ناتو) و (شيدو) كما أنهما كانا سعيدان لهذا التحول غير أن الكدمات التي على جلودهما في طريقها لتبرأ من آثار ضربه المبرح لهما.
في يوم من الأيام بينما هبت رياح موسمية وكانت السماء ملبدة بالغيوم، كان رحيم خان عائداً من حقله مبكراً قليلاً عما هو معتاد، وجد مجموعة من الصبية يلعبون على قارعة الطريق، وبمجرد رؤيته فروا هاربين ولم يعقبوا حتى بالنظر إليه مجدداً. صاح رحيم خان مهتاجاً: لماذا تهربون مني ؟؟ أنا لست عازماً على ضرب أحدكم .. ثم طفق مسرعاً لمنزله لكي يقوم بربط ثوريه قبل أن انهمار المطر ..
دخل رحيم خان كوخه، أضاء مصباحه الزيتي، وأحضر بعض الخبز المدقق لغذاء العصافير قبل أن يعد لنفسه وجبته .. (نورو) .. (بوندو) .. هكذا بادر رحيم خان بنداءه للعصافير ولكنها لم تخرج من عشها .. بدأ قلقاً عليها وطلع ليتفقد ما حدث لأصدقائه الجدد فوجد أربعتهم قابعون بجزع في عشهم .. كان السقف مثقوباً وبه تسرب من ماء المطر .. أحضر رحيم سلماً ليمكنه من إصلاح الثقب الذي أحدثته الأمطار.
بعد ذلك جلس رحيم على الأرض وبدأ يعطس .. ولكنه لم يستشعر هذا الإنذار وذهب لينام. وفي صبيحة اليوم التالي، صحا وجسمه بالكاد يقاوم حمى شديدة. بدأ القلق يتسرب إلى القرويون من حوله عندما لم يلحظوه ذاهباً لحقله منذ عدة أيام خلت، كما حضر بعضهم إلى كوخه للاطمئنان عليه. من خلال شق بالباب، رأوه ممداً على فراشه ينادي .. يا (بوندو) .. يا (نورو) .. من الذي يقوم بإطعامكم حينما أغيب عنكم .. حينما أذهب بعيداً .. حرك الفلاحون رؤوسهم آسفين للذي حدث .. مسكين رحيم .. لقد جن جنونه .. مسكين لقد فقد عقله .. يجب أن نرسل لزوجته لتقوم على رعايته.
في الصباح التالي، وعندما تسلل القلق إلى زوجته وبكت على الذي حدث، أتت إليه برفقة ولديها.. كان هنالك جمهرة من الفلاحين .. وكان باب الكوخ مقلقاً من الداخل وبرغم الطرق الشديد على الباب إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح إذ لا مجيب !! ولحظتها عمدوا على كسر الباب وجدوا رحيم خان الشامخ في صورة هزيلة جداً تدعو للرثاء وفي صمت مطبق لا يكسر حاجزه سواء رفرفة العصافير الأربعة.
تعالوا نتغنى إلى ذاك القمر المضيء لنستشرف زمن الصبح الندي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (عندما يذبح اللحن/ الوتر)- مهداة الى الدكتورة بيان. (Re: SalahDirar)
|
الشفيف/ المتالق/ الاستاذ صالح ضرار: التحيات.. الزكيات.. النديات لك. ومن خلالك الدكتورة بيان.. التي حملت طين الابداع.. وطوب الفكر.. على راس يراعها.. كي تبني المشهد الثقافي بمنبر سودانيز اون لاين.. مدماكا/ مدماك.. وبعد ان اكتمل المحراب.. وارتفع الهيكل طردت.!!! الاخ صالح مرة اخرى- حضوركم هنا اثلج صدري..
| |
|
|
|
|
|
|
( عندما يذبح اللحن / الوتر ) - مهداة الى الدكتورة بيان (Re: محمود الدقم)
|
العزيز محمود ليتنى كنت شاعرا أجيد صياغة الكلمات لكتبت فى العزيزة بيان كثيرا من الشعر ليتنى امتلك ناصية الكلمة والتعبير لصغت لها احرفا من نور ........... ولنظمت لها عقدا من الكلمات المضيئة بيان كحد السيف لا تزيف مشاعرها لا تستكين...... تتوقد ابداعا وفكرا تملآ البورد نشاطا و فرحا توقظ خبال الاخرين... وتحرضهم على الكتابة ليتها كانت بيننا لردت على هذا الوفاء بالوفاء .. اخى محمود ما أقسى ان لا يستطيع الانسان الرد على شىء يتغلغل عميقا ويمس شغاف قلبه.. وهذا عن تجربة فقد كنت خارج البورد قسرا لفترة من الزمن يسبب خلل فنى فكم كنت اتحرق شوقا لقول كلمة لاصدقائى. العزيزة بيان اننا نفتقدك كثيرا هنا فأنت من تجملين هذا المكان لك خالص الود والاحترام.
أحمد داود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (عندما يذبح اللحن /الوتر ) - مهداة الى الدكتورة بيان (Re: Ahmed Daoud)
|
الرائع دوما / محمود الدقم
تحية حب و اشتياق على هذا ألألق الشفيف فهي تستحق منا ان نكرمها على ادبها و تؤدبها عبر مسيرتها المذدانه بكل ماهو جميل و رائع و ها انت تطلق العنان ليراعك الذى يتقطر عسلا فى حق ألأديبة بيان و لعل ألأخ محمد حسن العمدة اجاد فى ثنائها..
Quote: حقا لقد فقدنا يراعها وادبها وغذارة علمها الدكتورة بيان فقد ادبي عظيم للمنبر كانت تضفي على المنبر بهجة الحياة وخيال الشعر لا تذكر الدكتورة الا ويذكر علمها وابداعها وحسها الفني الرقيق والانيق ترحل بك في عالم الرواية فتحس بانتمائك لعالمها تشارك ابطالها حياتهم افراحهم واحزانهم تاخذك الى عالم الشعر فتخلب لبك وتبهج نفسك بكلماتها وسحر خيالها بحر من العلم والمعرفة يصعب الخوض في اعماقة نهر من الادب والشعر والرواية يسقيك من عذب كلماته عاصمة الحضارة الانسانية سهل ولوجها صعب فراقها |
و لك ودى ............. الفولانى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (عندما يذبح اللحن/ الوتر)- مهداة الى الدكتورة بيان. (Re: محمد عوض إبراهيم)
|
العزيزين احمد داود والاخ الفولاني:- بحضوركما تثبتان لنا ان الصديق وقت الضيق.. ونثبت ايضا ان الدكتورة بيان فقدها خسارة فادحة للمنبر.. قدمت ولم تستبقي شيئا.. انفقت مئات بل الالاف الساعات امام جهاز الكمبيوتر.. تعلق ..وترسم لنا القصص .. وغيرها من فنون الابداع..
الاستاذ صلاح ضرار تشكر لاستدعاءك القصة القصيرة.. التي رصعت -بتشديد الصاد- هذا البوست شكرا جزيلا ..
| |
|
|
|
|
|
|
|