|
بعد إنفصال الجنوب : دعوة للوحدة الإندماجية مع … موريتانيا ‼
|
نعم ، صدقوني ، هذه دعوة جادة وهذه هي أسبابي وهي أسباب مقنعة ووجيهة جدا بدأت تتشكل منذ أيام دراستي الجامعية في المملكة العربية السعودية في منتصف سبعينات القرن الماضي ( شوفو العبارة دي كبيرة كيف ، تقول الحرب العالمية) وذلك حين قدمت إلى جامعتنا بالأحساء مجموعة من الطلبة الموريتانيين ، وبدأت الوقوف معنا في صف المطعم. صار الجو طريفا والطلاب بمختلف جنسياتهم يتبادلون الحديث مع مجموعة الطلبة الموريتانيين باللغة العربية الفصحي وذلك لصعوبة التفاهم معهم بلهجتهم الموريتانية والتي علمنا لاحقا أنها تسمى اللهجة الحسانية. كان الطلاب يضحكون على أنفسهم من أنفسهم وهم يتذوقون غرابة الحديث باللغة العربية الفصحى مع القادمين الجدد ، ورويدا رويدا بدأت مجموعة الطلبة الموريتانيين تتعود على اللهجات السعودية والمصرية والسودانية وغيرها … وفي ذات يوم كنت أقف في صف المطعم وبعد أن تناولت وجبتي إلتفت لزميلي السوداني خلفي وكان ذلك الزميل هو من سيصير بعد 30 عاما فقط كاتبا مشهورا في الكتابة الساخرة بالصحافة السودانية وسيدعى سجيمان ، إلتفت إليه وأنا أقول : عادل …. أرح ! لم أتصور أن كلمة أرح هذه ستكون أول همزة وصل تربط بيننا وبين موريتانيا ، إذا سرعان ما رأيت أحد الزملاء الموريتانيين الجدد وكان واقفا بالصف بيني وبين عادل الصادق يمسك بيدي ويقول متحفزا : كمال … ماذا قلت ؟ أعد هذه الكلمة . ياتو كلمة ؟ قال : هذه الكلمة الأخيرة التي قلتها لعادل الصادق. قلت : أرح ‼ ، قال : نعم ، ماذ تقصد بها ، ماذا تعني لديكم ؟ قلت : تعني : يلا ، هيا بنا … قال : لا أصدق ، هذه كلمة من صميم لهجتنا الحسانية ولم أكن أتصور أنني سأجد أناسا يستخدمونها خارج موريتانيا . وكانت النتيجة أن ذلك الزميل الموريتاني نفذ الأمر أرح وراح مع عادل الصادق إلى نفس طاولتنا يتبادل معنا الأحاديث ، وقلت له : كمان لهجتكم إسمها اللهجة الحسانية ، يا خوي نحن عندنا قبيلة كاملة إسمها الحسانية …
طلاب في المحظرة الموريتانية ( خلوة تمتد الدرساة فيها لمدة 12 عاما ويتخرج الطالب بعدها عالما متفقها في العلوم الشرعية من قرآن وسنة ولغة العربية ) ومن يومها توالى سيل إكتشاف المتشابهات ، وذهب ذلك الزميل الموريتاني محمد ولد خطري إلى الحج وعاد يقص علي وهو يضحك قصته مع مجموعة من النسوة اللاتي إقترب منهم عارضا عليهن مساعدتهن بصفتهن موريتانيات ثم إكتشف أنهن سودانيات. موريتانيا تشبه شمال السودان كثيرا جدا ،
وبعد المسافات لم يعد مشكلة في عالم اليوم عالم السفر بالطائرات والتواصل باللاسلكيات ، كما أن موريتانيا مثلنا تعاني من مشكلة إثنية هي مشكلة السودان وهم هناك من أهلنا السنغاليين والذين يمكننا كسودانيين أن نكون منطقة وسطى بينهم وبين البيضان من أهل موريتانيا ، ويمكننا ذلك أيضا برصيدنا الوافر لدينا من السودانيين ذوي الأصول الغرب أفريقية والذين لا يعتبرون أجانب عندنا حتى لو أتى أحدهم بالأمس. موريتانيا أيضا أكتشف بها البترول بواسطة شركة CNPC الصينية وبها ثروات معدنية واعدة ، ولو قدر لأحدنا أن يسافر للعمل هناك فلن يشعر بالغربة ولن يجد نفسه في بيئة غريبة عنه ، سيجد بيوتا من الطين وشوارع تشبه شوارعنا ، ونساءا يلبسن مثل ثياب نسائنا
يمكنك حتى الإنضمام فورا للأحزاب السياسية الموريتانية إذا كان القانون الموريتاني يسمح بذلك ، أما إذا لم يكن يسمح فما عليك سوى لبس العباءة الرجالية الموريتانية وحضور الندوات السياسية ولن يشعر بك أحد . ستكون حسب لون بشرتك محسوبا على السودان
(لن تشعر بنفسك غريبا وسط هؤلاء) ، أو الحراطين (المرحلة الوسطى بين السودان والبيضان) ، أو البيضان إذا كانت بشرتك بيضاء نوعا ما ، ستكون على اية حال في بلد لن تشعر أنه ليس غريبا عنك. وفوق هذا وذاك فإن هذه الوحدة سيكون من السهل جدا فكها في أية يوم يشاء الشعبان أو فلنقل حكامهما ، لأنه لن تكون هناك حاجة لترسيم الحدود بينهما. لن تكون هناك حاجة لكل هذا الصداع
|
|
|
|
|
|