الذات التي تحتويك.. دون أن تكون قادرا على احتوائها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 10:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-23-2010, 07:15 AM

عماد البليك
<aعماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الذات التي تحتويك.. دون أن تكون قادرا على احتوائها

    الذات التي تحتويك.. دون أن تكون قادرا على احتوائها

    عشرون عاما بالضبط مضت منذ أن كانت البداية التي غيّرت اتجاه تفكيري، لن أقول عكست.. أو بدلت.. فالتغيير عملية إيجابية تدفع الإنسان – باعتقادي – نحو الأمام. التغيير الصحيح أو الحقيقي.. وهو أمر نسبي في خلاصاته، يخضع لمعرفة الذات ومدى علاقتها مع العالم، كيف تتشكل وبأي طريقة.
    وقد يكون الحديث عن عشرين عاما في حد ذاته أمر مربك، إذ كيف بإمكان أي كائن "عاقل" أن يقدر متى بدأ شيء ما، فكرة ما، كيف بزغت ولأي سبب كان! فميلاد الأفكار والتغيرات واللحظات الجدلية والمحورية في تاريخ الذات أمر ليس من السهل تحديده أبدا. لهذا فإنني عندما أقول عشرين.. قد لا أكون دقيقا.. لكنني فقط أعمل على نسجٌ ذهني يحاول أن يقرّب صورة ذهنية اعتقد نوعا ما في صحتها، لا دقتها.
    كنت في الثامنة عشر من عمري، أو في حدود الاقتراب منها، وهذا يعني في لغة أهل الدين، البلوغ، أي القدرة على أن تكون مسؤولا عن الفرائض والواجبات وتحمل المسؤولية اتجاه نفسك. غير أنني وفي تلك الفترة لم أكن مشبعا أو قادرا على تلمس هذه التقديرات التي أفكر فيها الآن. ما الذي يعنيه البلوغ، أو القدرة، أو غيرها من مفردات تشير إلى أن الإنسان بدأ أن يكون مسؤولا عن نفسه وأن عليه الحساب كما عليه المحاسبة.
    كان هاجس الزمن عندي لم يولد بعد، في تلك الفترة، كان الزمن مفتوحا إلى أقصى الدرجات الممكنة، وكان غامضا ومريبا لم يتمسح بفيزياء الأحلام ولا ضروب الدهر المتنوعة من هواجس الانتماء والسؤال والتفكير والمعنى، أين أنت؟ من أنت؟ ماذا تريد؟ وغيرها من تلك الاستفهامات المريبة في حد ذاتها التي تجعل صيرورة الكائن غريبة، مربكة، وأحيانا تجعله شفافا ومعلقا بحبال من ضوء إلى فضاءات العدم.
    أو لعلي إن لم أكن كذلك، كنت غائصا في لذة الكون وإثارته، بمسحة طفل صغير، يقف عند الأشياء لمجرد أنها أشياء مثيرة ومسلية وسرعان ما ينسى قيمتها أو علاقته/علاقتها، بها/به، ليس ثمة فرق، ففي مثل تلك العوالم البدئية، تكون مركبات الوجود من الأشياء واللأشياء كلية واحدة يصعب فصلها أو نزع جزء عن الآخر، هذا إذا ما كانت هناك محددات للجزء والكل، وإذا ما كانت الذات حاضرة في حد ذاتها، وهو أمر مشكوك فيه بالنسبة لي الآن.
    إذن كيف أزعم أنني بدأت أغيّر اتجاه التفكير، أو أشكك فيه، أزحزح عناصره البدئية؟ فهذا القول مريب، وانتقائي، ومشوش. الدقة في القول تلتزمني أن أكون واضحا، فالبداية التي أعنيها هي أشبه بلحظات أسيرة في تاريخ كل كائن، كل شيء، ربما كل الكون. هي تلك اللحظات الموصوفة غيبا والغائبة في حضور أكيد، ساعة يعمل الكائن على تشغيل الذاكرة أو ما يظن أنه معرفة أحيانا ليفتح بوصلة تفكيره بنحو أن يؤسس قيمة، ووقتها سيتطلب منه الأمر أن يعلن عن تلك البداية، تخيلا كانت أم جوهرا مفاده حقيقية لا يمكن اثباتها.
    يزعم الرياضيون أن المعادلة الرياضية فيها طرفان.. ثلاثة.. أو أكثر.. ثمة توازن وميزان يجعل الضبط قائما، حيث ممكنا الحذف من كل الأطراف فلا يختل الميزان.. أو الإضافة لكل الأطراف فتكون القيمة نفسها لا تتغير حاضرة في كل طرف. لكنها بالنسبة لي أكذوبة، أنا الذي شغلت حيزي من تفكيري المبكر وهواجسي الطفولية بذلك العالم المثير. الرياضيات.. المعادلات.. المتباينات.. ووجدت أنني أحاكي كتاب الرياضيات المدرسي تأليفا، لا أدري هل لما كتبته قيمة أم لا. إنه كتابة في محاولة لتنظير بشكل ما في سياسة الرياضيات، أو بمعنى أكثر انفتاحا تأسيس رؤية للعالم بناء على مناظيرك أنت.. الذات التي تحتويك.. دون أن تكون قادرا على احتوائها بأي شكل كان.
    المعادلة مهمة لإثباتات لا غنى عنها ساعة يتعلق الموضوع بالموضوعية الواقعية التي يفرضها عالم نحن ننتمي له، ولا حجة لنا للفكاك منه. عالم يقيم الأشياء على فكرة التوازن، لابد من طرفين دائما، أو أكثر. ولابد من معادلة وثنائية تضبط الأشياء وإيقاعات الوجود. ولكي تفهم الأشياء وتقترب من العالم وجدواه، يجب أن تتعلم أولا الأرقام.. أو الحروف.. ليس مهما. أي أن تبدأ في تعريف العالم بوصفه رياضيا.. سواء كانت رياضية الحساب أو رياضية اللغة.
    ومن ثم سيكون أمامك.. الصحيح والخطأ.. الممنوع والمرغوب.. الأخلاقي وغير الأخلاقي.. الدين والكفر.. الجحيم والنار.. الأنثى والذكر.. المدينة والريف.. الشرق والغرب.. الليل والنهار.. ثنائيات لابد منها لكي تدخل في الإيقاع المزيف.. وأنت تصاغ في عالمك الجديد، الذي لابد لك ولكي تكون فيه عاقلا متعقلا، مفارقا للجنون واللعنة والترهات.. ولكي تنال الرضا.. أن تحافظ على أنس موازينه الباطلة، وهذا ما قد تكتشفه متأخرا جدا وربما لا.. وقد تظن أن الاكتشاف حقيقة.. لكن رويدا.. فكل حقيقة ما هي إلا حجاب لحقيقة أكبر.. لا ينفك طلسم إلا وراءه سر أعظم.
    ستتعلم التأويل والظنون بعد أن تدرك أن اللغة والحساب ليست بديهيات كافية للتعايش مع المعنى، المغزى الذي تنشده من الحياة وأنت تتعثر في أروقتها المسردبة. وستعتقد أن الظن/ التأويل سيفتح لك شرفة أخرى من شرف الرؤية، والاقتراب من الذات والله والضمير والأخلاق. ولكن سرعان ما ستجد أن الحياة قاسية جدا، مملة، لزجة، رطبة، فيها من كل صفات البشر دمثي الخلق وأيضا من صفات أناس لا يمكن وصفهم بغير سوء المزاج. وستمضي بك الاعتقادات من حيرة إلى أعظم منها، وبدلا من التريث والفطنة، ستجد أنك تدخل في غابة ملتوية الدروب، أشجارها تتلون وثمارها تتغير في لمح البشر أو أسرع من ذلك.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de