الزواج قبل الاستفتاء!! /فتح الرحمن شبارقة

Quote: الزواج قبل الاستفتاء!! /فتح الرحمن شبارقة Dec 13, 2010, 21:27 سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com ارسل الموضوع لصديق نسخة سهلة الطبع Share الزواج قبل الاستفتاء!! فتح الرحمن شبارقة لا أدري لماذا ضحكت من تعليق مازح كان أجدى أن يحملني على البكاء، إن لم يكن من غير باب شر البلية.. كان ذلك عندما سألني قبل أشهر قليلة أحد قيادات الحركة الشعبية الكبار بحكم علاقة إنسانية خاصة نُسجت بيننا بخيوط من الإحترام الذي لا يطال المهنية بحال، سألني فيما أذكر بينما كان يحاول الهروب من صيغة سؤال طرحته عليه.. (إنت ح تعرس متين)؟! لن اذكر اسم ذلك القيادي بالطبع لسببين.. أحدهما بسيط، وهو أنه من القيادات النادرة في الحركة التي لم تجاهر برغبتها في الإنفصال بعد. ولسبب آخر، هو طلبه بأن لا أنشر ما قال منسوباً إليه، فقد درج صاحبنا في الفترة الأخيرة على فصل اسمه مما يقول!!. ذلك القيادي، الذي يمسك بحكم موقعه المتقدم في الحركة بملفات عديدة كثيراً ما وجدت نفسي أسأله عن تطوراتها، كان يريد بسؤاله عن زواجي فيما يبدو، أن ألتفت قليلاً لهذا الأمر، وبالتالي أنشغل كثيراً حتى لا ألاحقه باتصالاتي المتكررة بحثاً عما يجدر بالنشر. أخبرته بأنه سيكون في الثاني والعشرين من شهر يناير المقبل، فرد بحسرة بائناً اصطناعها: (ليه يا خي.. ما كان تعرس قبل الإستفتاء عشان نحضرك). وقتها، تأكدت أكثر من حتمية الإنفصال حتى قبل أن ترجح كفته على هذا النحو غير القابل للتزحزح. فعندما يتم تداول كلمة استفتاء هذه الأيام حتى من أكثر الوحدويين تفاؤلاً، لا تعني غير شىء واحد، وهو الإنفصال. وعلى خلفية ذلك ربما كنت وأنا أتمم مراسم عقد قراني يوم الجمعة الماضي، من آخر (عرسان السودان الموحد). ربما يُخمن البعض، أن ذلك القيادي هو الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم خاصة وأني أجريت معه حواراً مطولاً في الأيام الفائتة. في الواقع ليس هو، لكنه ضحك بشدة من حديث صاحبه عندما قصصته عليه قبل أن يقول: (إذا عرسك بعد الاستفتاء ممكن نجيك بفيزا)!!. الشاهد في الأمر، ليس التواصل بين الصحفيين والسياسيين حكومة كانوا أو معارضة بالقدر الذي يسمح بمثل هذه الأحاديث الخاصة نوعاً ما، فتلك علاقات معهود بناؤها، ومحمود حسبما كان يقول لنا أستاذنا في كلية الآداب جامعة الخرطوم الدكتور الطيب حاج عطية. أو كما يقول أستاذي في الصحافة إلا قليلاً ضياء الدين بلال: (هي علاقات تقوم على الإحترام المتبادل وحفظ المسافات التي تؤمن للمهنية حقها من النزاهة والإستقلال، وللعلاقة الإنسانية مقتضى الود والتقدير، فالعلاقة هنا لا توجد فيها يد صاغرة، وأخرى مستعلية بالعطايا، ولا عصا تلزم بالطاعة والخضوع). الشاهد الذي قصدت الإشارة إليه، هو وجود حالة شبيهة بالهلع يقتسمها كثيرون في هذه المرحلة التي تسبق الاستفتاء، وشعور بأن الأمور بعده، لن تكون طبيعية بالقدر الذي يجعل الناس يمارسون حياتهم المعتادة. وبالتالي يصبح الحديث عن الزواج بعد الاستفتاء، ينطوى على قدر عالٍ من المخاطرة وربما كان فيه نوع من الترف نظراً لما يتوقعه المتشائمون من سيناريوهات فوضوية جعلت السؤال المكرر الذي يطرح عليّ هذه الأيام: (زواجك قبل الإستفتاء أم بعده؟)، فيما ينظر آخرون للزواج في الأجواء التي تعقب الإنفصال - بعد ضياع الوحدة - من جهة تلك المقولة غير المغسولة.. (حالة أحسن منها العرس). تلك السيناريوهات التي لا تحمل على التفاؤل، تعزز في داخلك وأنت ترى التصعيد اليومي بين الشريكين، ووضعهما للأمور كلها على فوهة بركان، قناعة بأن القادم أسوأ. وتترسخ تلك القناعة عندما تطالع حتى في الصحف الصديقة للحركة الشعبية انباءً من قبِيل (هروب خمسة آلاف من الجنوبيين إلى معسكرات اللاجئين في كينيا خوفاً من اندلاع عُنف مُتزامن مع قيام استفتاء الجنوب). لكن تلك القناعة، لا تصمد كثيراً عندما تتذكر أن سيناريوهات أسوأ، توقعها الكثيرون مع عملية الإنتخابات على غرار ما جرى في كينيا وزبمبابوي وإيران، فمرت بسلام نرجو ان يتكرر في عملية الاستفتاء. أنا متفائل، بان حالة الهلع التي لا يتقاسمها بعض مشروع المتزوجين قريباً فحسب، بل أغلب أصحاب المشاريع الأخرى تجارية كانت أو غير ذلك وتدفعهم إلى إرجاء مشاريعهم لمعرفة ما يفضي إليه الإستفتاء.. متفائل بأن تلك الحالة ستنتهي إلى لا شيئ. فالشريكان اللذان يلوحان بالحرب الآن، لا يملكان في الواقع لياقة لخوضها. فقد استنزفت لياقتهم الصراعات الجانبية حتى أنهما لم يعودا قادرين على مواصلة مباراة الوحدة حتى الشوط الأخير، فقبلوا بالنتيجة الأكثر خسارة عندما تحول تقدمهم في وطن واحد، إلى تراجع في دولتين.