|
دينا خالد تكتب عن الفيديو ..
|
Quote: أذكر جيداً وانا إبنة التسعة أعوام كيف كانت تغمرني السعادة عندما يخبروني بأننا سنقضي عطلة الخميس والجمعة مع خالتي ميسورة الحال في إحدى احياء الخرطوم الراقية .. ولعلها أجمل لحظات حياتي كانت تلك الفترة الزمنية ما بين سماعي للخبر ووصولي لدولابي الصغير .. دوماً كان خياري الأول عند الذهاب لخالتي هو الجيب شورت الجينز مع تي شيرت أبيض مرسومة عليه رسومات كرتونية وشخبطة إنجليزية كنت أجهل معانيها . كانت تلك سنوات الطفولة حيث لا رقيب ولا حسيب على ما أرتدي ويمها كانت المواصلات هي وسيلتنا فلا الأمجاد ولا الركشات موجودة فقط وفقط التاكسي إن كنت قد قررت أنك " مرطب ".. وبما أنني في طريقي لأحد أحياء الخرطوم لاراقية فالوضع كان يحتم علينا ان نذهب بالتاكسي ولكن حتى الوصول للتاكسي كان يحتم عليك أن تصل لشارع الظلط راجلاً .. كنت أسير وانا أكثر طمأنينة مع كم هائل من السعادة يغمرني يكاد يكون واضحاً في طريقة ركضي في الشارع يمنة ويسرى وانا أنطط دون رقيب.. كانت المسافة بين بيتنا وبيت خالتي تقدر بنصف ساعة حتى الوصول غير أنني كنت أحسبها طريق سفري أنام وأستيقظ والتاكسي في شارع الظلط ..اراقب وجوه المارة في الطريق ولا احفظ ملامحهم ..اقرأ اليافطات للمحلات ..اتساءل وانا اشاهد رجال المرور ماذا يفعل هؤلاء..بل واستغرب وانا اشاهد العسكر وهو يرتدي الزي الكاكي ويملأ الطرقات هل نحن في حالة حرب ؟؟فهكذا درسنا العسكر لحماية الوطن من الاعداء.. وصلنا بيت خالتي وعادت تلك الأسارير تتهلل لتنافس تلك اللحظات التي علمت فيها بخروجنا ..وكنت كالعادة الولى نزولاً حتى انال شرف ضرب الجرس فهو رفاهية ومتعة ليس بعدها متعة .. وتزداد الفرحة وانا أشم رائحة طبخ أعتادها فقط في البيوت الجميلة والشقق الراقية طبخ لا يشبه طبخنا رغماً عن أنك ربما تكتشف لاحقاً أنه نفس الغداء البامية ياها ..والمقادير ياها ..حتتتى الزيت ياهو ..غير أن البيت ما ياهو !!! بعد الفراغ من تفاصيل السلام والتعاليق والتي من بينها (يا بت انتي كبرتي لبس الرداء لزومو شنو ؟) كنت ابحث عن غرفتي المفضلة في بيت خالتي .. غرفة الفيديو ..!! نعم كل هذا الفرح وهذه السعادة لأنني اليوم سأشاهد الفيديو .. خميس وجمعة فيديو .. كان جهاز الفيديو بالنسبة لي قمة الإندهاش والمتعة ..رغماً عن تلك المشاحنات مع إبن خالتي الذي كان يصر على مشاهدة المصارعة إلا أن دعم خالتي كان كفيلاً بأن أشاهد عدداً مقدراً من الأفلام المصرية وقتها .. كان الفيديو وسيلة السهر للعائلة ..تجميع مجموعة من الشرائط ومشاهدتها حتى وقت متأخر من الليل ..وقتها كان الليل بالنسبة لي أن استيقظ حتى العاشرة مساء.. كم كانت جميلة مشاهدة الفيديو .. كم كانت الفرحة وهم يطلبون مني (جر الشريط) أو إرجاعه للخلف..وبسسسسسسس إستتتتوب هنا .. كم كنت أندهش لحركة دخول الشريط الأتوماتيكية وخروجه الأوتوماتيكي أيضاً .. كان الفيديو بالنسبة لي واحدة من عجائب الدنيا السبعة .. كانت واحدة من أسباب شهرة خالتي وسط العائلة (ياخ العندهم الفيديو ).. وكانت واحدة من عاشر المستحيلات أن يخرج هذا الفيديو خارج البيت وربما يكلفك كتابة تعهد لإرجاعه .. ما عاد الزمان نفس الزمان ..ما عادت الدنيا نفس الدنيا .. ما عادت الشوارع نفس الشوارع ..ولا بيت خالتي هو نفس البيت .. وظل السؤال معشعشاً في خاطري: ولكن ..أين الفيديو الأن ؟؟ |
|
|
|
|
|
|