|
Re: مقالات الدكتور ناجي صادق شراب .. (Re: صلاح الفكي)
|
خيار حل السلطة/ناجي صادق شراب
Quote: صحيفة الخليج الاماراتية من السهل الحديث عن تعدد وتنوع الخيارات التي في يد السلطة الفلسطينية، وليس صعباً التلويح بأحدها أو كلها، فالخيار ليس مجرد قول، أو تصور، هو في البداية والنهاية قدرات وإمكانات متاحة وممكنة قادرة على تحويله إلى نتائج ملموسة على الأرض، والأمر الآخر المرتبط بأي خيار هو بيئة هذا الخيار ومحدداته الداخلية والإقليمية والدولية، والأمر الثالث ارتباط الخيار بالمصلحة الوطنية والهدف منه، في ضؤ ذلك يأتي الحديث عن خيار حل السلطة إلى جانب الخيارات الأخرى التي ينادي بها المفاوض الفلسطيني كرد فعل على فشل المفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية” . وقبل الحديث عن إمكانات خيار حل السلطة لا بد من الإشارة إلى أكثر من ملاحظة أو فرضية، الأولى أن الخيارات الفلسطينية لن تكون خيارات فلسطينية محضة، بمعنى كون القضية الفلسطينية قضية كلية ومركبة وتتحكم فيها الأبعاد الإقليمية والدولية، إضافة إلى المحدد “الإسرائيلي”، ثانياً، كون القضية الفلسطينية قضية كلية ومركبة يصعب الحديث عن خيار واحد في لحظة محددة، وننتظر نتائجه ثم نذهب للخيارات الأخرى، على العكس خيار حل السلطة يقود إلى الخيارات الأخرى مثل العودة إلى خيار المقاومة، وهنا ستثار قضية أي مقاومة نريد، وسيقود إلى خيار إمكان عودة الاحتلال أو عدم إمكان ذلك على إعتبار أن “إسرائيل” يمكن أن تكرر نموذج وخيار الانسحاب الأحادي في الضفة الغربية، وتعلن عدم مسؤوليتها المباشرة، وسيقود أيضاً إلى تعطيل خيار المسؤولية الدولية ودور مجلس الأمن في دعم قيام الدولة الفلسطينية، بسبب إمكان ممارسة الولايات المتحدة لحق النقض ضد أي إجراء أحادي من الجانب الفلسطيني . وإلى جانب هذه الفرضيات يمكن أن نضيف الملاحظات التالية الأولى أن مفهوم السلطة يرتبط بخيار قيام الدولة، حيث إن السلطة تعتبر ركناً أساسياً من أركان الدولة، وأن قيام مؤسسات السلطة يأتي في سياق النضال الفلسطيني الطويل من أجل بناء كينونة سياسية تمثل إطاراً مادياً وقانونياً وسياسياً لتنظيم العمل الفلسطيني وتأكيد الهوية الفلسطينية . والملاحظة الثانية، هناك من يقول إن البديل لمؤسسات السلطة هو بالعودة إلى مؤسسات المنظمة، والسؤال أين هي مؤسسات المنظمة التي تراجعت لحساب السلطة، زد على ذلك حاجة المنظمة إلى إعادة هيكلة وتطوير وتفعيل، وهو أمر مستبعد في ظل استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني . والملاحظة الثالثة أن ضعف الخيارات الفلسطينية بما فيها خيار المفاوضات يعزى إلى سوء أداء الفلسطينيين، وإنقساماتهم السياسية المتعددة التي أجهضت قدراتهم المادية والبشرية . وباستقراء بيئة الخيارات الفلسطينية باختصار شديد فإن بيئة هذه الخيارات لا تعمل لمصلحة أي من الخيارات الفلسطينية بشكل مطلق إلا مع تغيير محدداتها، وتفعيل عواملها بما يعمل للصالح الفلسطيني بعبارة أخرى تحتاج إلى تهيئة بيئة هذه الخيارات قبل القدوم على حل السلطة التي باتت قناة التواصل الإقليمي والدولي، وأصبح لها وجود دولي مهم في طريق إعلان الدولة . أولاً البيئة الفلسطينية وهي الأساس في أي خيار ضعيف، منقسمة على ذاتها وعلى فصائلها، وغير متفقة في رؤيتها الوطنية، فهناك من يريد حل السلطة، وقد يرى فيها مصلحة له كحركة حماس التي تعني عودة لخيار المقاومة الذي تمثله، وفي هذا الإطار الجدل واضح والانقسام أكثر وضوحاً حول أهمية هذا الخيار من عدمه، فالمؤيدون لحل خيار السلطة يرون أن قيام السلطة الفلسطينية الذي كان من نتائج اتفاقات أوسلو هو في مصلحة “إسرائيل”، وأنها شرعنت الاحتلال إلى حد كبير، وصورته على أنه مجرد خلاف بين سلطتين أو دولتين، وأن حل السلطة سيضع “إسرائيل” أمام مسؤولياتها كسلطة احتلال، وسيحملها عبئاً مالياً كبيراً، وأن من شأن حل السلطة أن يعري الوجه الاحتلالي والعنصري واللاديمقراطي للكيان، ومن شأن كل ذلك أن يعرض “إسرائيل” لضغوطات دولية كبيرة . وبالمقابل هناك من يرى أن من المصلحة بقاء السلطة والبحث عن خيارات أخرى، فليس من السهل ملء الفراغ الذي قد ينجم عن حلها في كل المجالات التي تقوم بها السلطة وخاصة المجال الأمني، وسيقود حل السلطة إلى فقدان كل الدعم المالي والاقتصادي، وأن حل السلطة مصلحة “إسرائيلية” ويؤكدون على حجتهم بقيام “إسرائيل” بضرب بنية السلطة في عهد الرئيس الراحل عرفات، وقلقها من المحاولات التي تقوم بها السلطة الآن لإعادة بناء المؤسسات على أسس ومعايير من الشفافية والنزاهة .
وإذا نظرنا إلى المحدد “الإسرائيلي”، سنجد أيضاً أكثر من رأي، لكن الرأي السائد هو أن مصلحة “إسرائيل” في قيام مؤسسات السلطة والحفاظ عليها، واحتوائها أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وأن قيام هذه السلطة بسلطات حكم ذاتي واسعة قد يكون بديلاً للدولة، وهناك من يرى في خيار حل السلطة كابوساً مخيفاً لأنه سيخلق مشكلات “للكيان هو في غنى عنها في ظل وجود السلطة، فهو يعني بقاء قوات الاحتلال “الإسرائيلية” . وتبدو هذه الحجج ليست قوية بعد نجاح خيار الانسحاب من غزة، والذي يمكن تطبيقه في الضفة الغربية، وتصوير “إسرائيل” على أنها قد انهت احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومما قد يساعدها على ذلك فرض حدود هذه السلطة في إطار الجدار الذي أقامته، وهو في الواقع حدود سياسية مقصودة .
وإذا انتقلنا إلى البيئتين العربية والدولية سنجد أن هناك مصلحة مشتركة في بقاء السلطة والمحافظة عليها، لأكثر من سبب، أولاً لعدم الاستعداد لتحمل أعباء ومسؤوليات القضية الفلسطينية، وثانياً لم تعد القضية الفلسطينية قضية أجندة أولى إقليمياً ودولياً، ورغبة في أن تكون هناك أداة فلسطينية واحدة يمكن التعامل معها .
وبقراءة محددات وبيئة خيار حل السلطة سنجد أن لا مصلحة في هذا الخيار، لكن المهم هل خيار حل السلطة مصلحة فلسطينية؟ في ظل المعطيات الفلسطينية ليس من المصلحة خيار حل السلطة، لكن يمكن الربط بين بقاء السلطة وخيار الذهاب إلى مجلس الأمن والعمل على تفعيل قرارات الشرعية الدولية، واستصدار قرار بقيام الدولة الفلسطينية، والعمل على تفعيل الخيارات الفلسطينية بتفعيل خيار المقاومة السلمية بكل أشكالها، وتفعيل المسؤولية العربية والدولية إزاء القضية الفلسطينية، والربط بين القضية الفلسطينية وقضايا الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً .
وبدلاً من التفكير في خيار حل السلطة، يجدر التفكير في كيفية تحسين أدائها، وقدراتها، والتأكيد على وحدانيتها، من خلال إنهاء الانقسام السياسي، والعمل على استعادة هيبتها من خلال تجديد شرعية السلطة الفلسطينية، والمحافظة على إنجازاتها، والبحث عن مرجعية سياسية جديدة لها تقوم على الإرادة الشعبية، وعلى الانتخابات . السلطة في حاجة إلى الفاعلية، وتجديد الشرعية، والوحدانية وليس التفكير المتعجل في حلها . فمحاولة إلغاء السلطة هو إلغاء لكل الإنجازات التي تمت في السنوات الأخيرة .
أستاذ العلوم السياسية - غزة |
| |
|
|
|
|