|
ايها البيبيسيون .. افتقد تكُم!
|
من العادات اليومية التي لازمتني لاكثر من عشرين عاما ،الاستماع الى الاصوات الجهيرة التي تصاحبها موسيقى محببة وهي تقول" هنا لندن "القسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية ،لازمتني هذه العادة الجميلة مثل فنجان الصباح وصرت " اتقريف" لها وتصيبني اعراض اشبه بالمرض عندما افتقد هذه الاذاعة التي كانت تختصر لي مايدور في العالم قبل أن أنفض من عيوني النعاس. بدأت علاقتي" الادمانية" بالبي بي سي مع بواكير حرب الخليج الثانية وتداعيات غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين لدولة الكويت،وكان الراديو هو مصدر الاخبار الوحيد حيث لم تنتشر الفضائيات بشكل كبير ،وكنا نجد عناء كبيرا في الاستماع للاخبار طوال اليوم لكن في فترتي الصباح والمساء كان البث الاذاعي متوفرا الى أن جاءت حقبة موجة" الاف ام "والتي اتاحت خدمة البث النظيف في اربع مدن سودانية هي الخرطوم، الابيض وودمدني وبورتوسودان اضافة لمدينة جوبا التي لاتزال تستمتع بخدمة الاف ام حتى اليوم. ومنذ شهر اغطس الماضي لم يعد بامكاني الاستماع لمحطة" البي بي سي اف ام" التي تتمتع بنقاء الصوت وقلة التشويش بدرجة كبيرة جدا وذلك بعد أن رفضت حكومتنا تجديد رخصة البث لاسباب لم تكن مقتعة للكثيرين وبعد فترة وجيزة من إيقاف بث إذاعة البي بي سي الدولية ،قررت الحكومة إيقاف بث إذاعة مونت كارلو الدولية والتي تبث إرسالها باللغة العربية من باريس دون إبداء أية أسباب واضحة لاتخاذ مثل هذا القرار. بعكس التبرير الذي لازم ايقاف البي بي سي . واذا كنت على علاقة عاطفية بهيئة الاذاعة البريطانية ،فقد شهدت مولد موجة "الاف ام "لمونتي كارلو في بداية العقد الثاني من الالفية الثالثة عندما قدمت بثا مباشرا من داخل مباني المركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم وقضيت اياما جميلة مع المذيع المحبوب فائزمقديسي وكنت اساعده كثيرا في التعرف على الوان الطيف الابداعي والصدفة وحدها هي التي قادتني لذلك ،حيث كان المركز الثقافي الفرنسي يجاور مباني صحيفة " نجوم الرياضة التي كنت اعمل بها محررا فنيا،ورغم هذه العلاقة فأنني "بيببسيو الهوى والوجد" وهذه تدخل في باب الميل القلبي . ولقد حاولت كثيرا ان استعيض بتلفزيون البي بي سي لتغطية هذا الفقد لكن فشلت كل محاولاتي ،فالراديو له سحر لايقاوم ،واجد نفسي بعد هذا الفراق في اشد الشوق لصوت حسن معوض و"لكنة" علياء شرباتي اللذيذة وجدية عمر الطيب ومشاغبات سمير فرح وحيوية رشا كشان ،وافتقدت كثيرا الفواصل الموسيقية لهذه الاذاعة العريقة ،حتى الاستاذ كمال حامد المتوفر –هنا- بكميات تجارية، افتقدته!. حاولت أن أنسى ارتباطي بهذه المحطة الاذاعية ،بدلتها بالكثير من المحطات سواء على المستوى المحلي ام العالمي لكن " ما الحب الا للحبيب الاول"واعترف امام الجميع بأنها سحرتني رغم انني كنت انتقدها كثيرا لكنه نقد عن محبة كما يقول الكاتب الراحل واحد واضعي اسس نجاح البي بي سي نفسها، الاديب الطيب صالح..والان لااملك أكثر من التعبير عن هذا الحب.. ايها" البي بي سيون" اشتقت اليكم كثيرا فهل من عودة هل؟
|
|
|
|
|
|