ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!!

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 12:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-02-2010, 10:54 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!!

    * 77% من الميزانية السنوية للأجهزة الأمنية.
    * سوء إدارة الأموال العامة وصرفها خارج الميزانية.
    * تفكيك القطاع العام لصالح الرأسمالية الطفيلية.
    * الاعتداء الأكبر على أموال المجتمع في البنوك يزيد عن 30 مليار جنيه.
    * عدم تضمين مبلغ 26.9 مليار دينار إلى حساب القروض المسحوبة لوحدة تنفيذ السدود.


    بقلم : اللجنة الاقتصادية

    على الرغم من إدعاءات الطهر والأمانة… والقوي الأمين .. هي لله لا للسلطة ولا للجاه.. والشعارات الأخرى فممارسات الإنقاذ تجيء عكس ذلك تماماً.. فانتهاك المصلحة العامة أصبح ديدنهم فالفساد أضحى الآلية الأكثر استخداماً لمراكمة الأموال والثروات واكتناز الذهب وبناء العمارات الشاهقة وامتلاك السيارات الفاخرة، استيراد واستهلاك السلع الاستفزازية إلى حد السفه.. في الوقت الذي يرزح أكثر من 90% من الشعب السوداني تحت خط الفقر ويحرم 50% من أطفال السودان في سن التعليم من الالتحاق بالمدرسة ويموت الأطفال والأمهات بسبب ضعف الخدمات الطبية وسؤها بسبب ضعف التمويل الذي تقدمه حكومة الإنقاذ للصحة والتعليم في الوقت الذي تنفق ما يزيد عن 77% من موارد ميزانيتها على الأجهزة الأمنية.. ودون خجل يعلنها مرشح الحزب الحاكم لرئاسة الجمهورية بإكتفاء السودان ذاتياً من السلاح وهو البعيد جداً عن الاكتفاء ذاتياً من الغذاء حيث تخيم المجاعة على أجزاء واسعة من البلاد.
    السودان في طليعة الدول الفاسدة :
    تنوعت وتعددت أشكال الفساد في عهد الإنقاذ وتداخلت في بعض الحالات مع الجريمة. بدءاً من الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية والولايات والنظام المصرفي، مروراً بتفكيك قطاع الدولة من أجل منسوبي المؤتمر الوطني والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية، وتمويل شركات ومنظمات حزبية وأمنية من موارد الميزانية دون أن تساهم تلك الشركات والمنظمات بجنيه واحد في إيرادات الخزينة العامة، سوء إدارة أموال الدولة وتجنيبها بعيداً من الحساب الرئيسي للحكومة وصرفها خارج الميزانية، التفريط في أصول الدولة وتركها عرضة للسرقة وتوظيفها لخدمة المصالح الخاصة، استيراد السلع الفاسدة من أطعمة وحلويات وشاش وأدوية مغشوشة وأسمنت فاسد وبروميد البوتاسيوم وهو مادة مسرطنة لإدخالها في صناعة الخبز…الخ.
    * الفساد الذي تعكسه تقارير المراجعة العامة على ضخامته لا يعكس حجم الفساد في السودان الذي أصبح في عداد الدول الخمس الأكثر فساداً في العالم. ما يجيء في تقارير المراجع العام يوضح جانباً من الفساد وتركز تلك التقارير على الفساد الصغير أي الفساد الذي يمارسه الحكام والبيروقراطيون والحزبيون الكبار ورموز الرأسمالية الطفيلية ومن خلال واجهات متعددة من بينها الأقارب والأجانب وبخاصة المنتمين لجماعات الإسلام السياسي.. فعلى سبيل المثال يتم إخفاء الفساد في النظام المصرفي فالاعتداء على المال العام في المصارف الذي تكشفه المراجعة العامة أمرٌ غير مسموح بتداوله حتى بين أعضاء السلطة التشريعية ولا يرشح عنه إلا القليل.
    * تزايد حجم الاعتداء على المال العام على الرغم من تأرجحه صعوداً وهبوطاً من عام لآخر، إلا أن الاتجاه العام هو ازدياد وتوسيع نطاقه في الأجهزة القومية والولايات فخلال الفترة من 1/9/2008 حتى 31/8/2009م بلغ حجم الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية 5440430 جنيه، أما في الولايات فكان 6088800 جنيه زاد الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية بنسبة 127% مقارنة مع الفترة 1/9/2007 – 31/8/2008م، أما في الولايات فقد زادت بنسبة 279%. احتلت ولاية الخرطوم المرتبة الأولى بين الولايات في الاعتداء على المال العام حيث تم الاعتداء على 3947200 جنيه في عام 2008 أي بنسبة 65% من جملة الاعتداء على المال العام في الولايات . وتشير تقارير المراجعة العامة الي أن الاعتداء علي المال العام في ولاية الخرطوم في عام 2008 يعادل 8 أضعاف ما كان عليه في عام 2007 .
    الفساد في البنوك :
    الاعتداء علي المال العام في البنوك يشكل أحد أشكال فساد الكبار الذي يتداخل ويتكامل مع فساد الصغار. الاعتداء على المال العام في النظام المصرفي يتكون من :
    1. الاختلاسات التي يقوم بها الموظفون، هذه الاختلاسات وفقاً لمصادر مصرفية بلغت حتى نهاية عام 2008 ثلاثة أضعاف التجاوزات خارج النظام المصرفي والأجهزة القومية وتقدر هذه الاختلاسات بـ 17.4 مليون جنيه أي حوالي 8 ملايين دولار وهي تعادل 1.5 مرة الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية والولايات (علماً بأن الاختلاسات في النظام المصرفي المذكورة تشمل الاختلاسات حتى نهاية 2008). الأمر الذي يشير إلى ضخامة الاختلاسات في البنوك.
    2. الاعتداء الأكبر على أموال المجتمع في البنوك يتم من جانب رموز الرأسمالية الطفيلية الذين تربطهم وشائج قوية مع الحكام والنافذين في السلطة والحزب الحاكم، هذه الاعتداءات وصلت إلى أرقام فلكية تزيد عن الـ 30 مليار جنيه (نحو 15 مليار دولار) الأمر الذي أوصل نسبة التعثر إلى 29% بينما يفترض ألا تتجاوز الـ 15%. هذه الأموال اقترضها 237 من كبار المستثمرين ورجال المال والأعمال 85% منها اقترضتها مجموعة تتكون من 37 شخصاً فقط.
    أموال البنوك والمودعين أصبحت في متناول يد المحتالين من الطفيليين السودانيين والأجانب من أمثال صقر قريش .ولا تزال مجالس الخرطوم وصحافتها تتحدث عن حالة النصب والاحتيال الكبيرة التي نفذها شخص تربطه وشائج قربى بأحد المسؤولين واستولى من خلالها على 38 مليون جنيه (أكثر من 15 مليون دولار) بعد أن قدم ضمانات اتضح وبعد هروبه من البلاد أنها مضروبة.
    توسع دائرة الفساد :
    * يزداد حجم الاعتداء على المال العام وتتوسع دائرة الفساد. فبالإضافة إلى الأموال التي يتم الاستيلاء عليها دون وجه حق من خلال خيانة الأمانة والتزوير، التبديد والنهب ليشمل قسماً من أموال تؤخذ بطرق تبدو في ظاهرها مشروعة إلا أنها في حقيقة الأمر نوع من الاحتيال والنصب حيث يقول المراجع العام (يتم اعتماد تعويضات العاملين ببعض الأجهزة بناء على الوظائف المصدقة وليس الوظائف المشغولة فعلاً مما يترتب عليه فائض نقدي عند التمويل قد يتم استغلاله بصورة تخالف النظم واللوائح والقوانين). ولا يتوقف هذا الأمر على ميزانية الحكومة الاتحادية فحسب إنما يشمل الولايات أيضاً.
    إذ تراوحت نسبة الصرف على الفصل الأول في الولايات بين 77% و 105% حيث يتجاوز الصرف على الفصل الأول في ولاية الخرطوم وحدها نسبة الـ100% أما بقية الولايات جميعها كانت هذه النسبة دون الـ 100%، أما في عام 2008 فكان الصرف على الفصل الأول في كل الولايات دون الـ 100% وتراوح بين 73% و 93%، يذهب الفائض في هذا الفصل كما في فصول أخرى لتمويل بنود أخرى لا علاقة لها بالإعتمادات حيث تصرف على المكافآت والحوافز وبنود أخرى لا يتم الإفصاح عنها. وفي ذات السياق يتم غض النظر عن ملء الوظائف الشاغرة في جهاز الدولة وذلك بغرض الاستفادة من مخصصاتها وتبديدها في أوجه صرف أخرى كما كشفت المراجعة عن الاستمرار في استخراج أجور عاملين تركوا الحكومة، وعدم استرداد الصرف الخطأ والمتكرر. ولا تنشط الحكومة في ملء الوظائف الشاغرة ولا تعلن عنها على الرغم من وجودها حيث أكد وزير الدولة للعمل وجود 45 ألف وظيفة شاغرة تشمل 250 ألف وظيفة في وزارة الصحة و 200 ألف وظيفة في وزارة التعليم العالي.

    الميدان


    *****
    شرفاء المؤتمر الوطنى يسرقون بيت مال المسلمين ...
    بقلم: الفاضل الهاشمى
    حكومة المؤتمر الوطنى تستلم كتاب فسادها من وراء ظهرها أومن جهة يسارها ومن يستلم كتابه من وراء ظهره فؤلئك هم الخائبون. هكذا توقعنا تقرير المراجع العام أبو بكر عبد الله مارن الذى يطل علينا كل عام بلسان حال واحد يقول لقيادة المؤتمر الوطنى: كل عام تُرذلون. (انظر خطابه أمام البرلمان – جريدة الصحافة اكتوبر 2009 وسودانايل)
    وهذه لعمرى هى دعاية حزب المؤتمر الوطنى الإنتخابية الحقيقية وفشل دولته وصيغها الإسلامية فليقدم وزير المالية استقالته.
    يقول التقرير ان حالات الاعتداء علي المال العام في مؤسسات الدولة (الاسلامية) قد ارتفعت "لتصل الأموال المعتدي عليها الى 5,4 مليون جنيه، خلال الفترة من أول سبتمبر العام الماضي وحتي نهاية أغسطس الفائت، مقارنة بمبلغ 2,4 مليون جنيه، للفترة السابقة"
    وقد "طالت المخالفات وزارة المالية" مما اعتبره ديوان المراجع العام اعراضا عن أهدافه ونقضا للقواعد اللائحية وتجاهلا للقرارات المتعلقة بصون المال العام كما "بلغت جملة المال المعتدي عليه بالولايات الشمالية خلال العام المالي السابق، 6089 ألف جنيه، مقارنة بمبلغ 2184 الف جنيه للعام السابق له، بزيادة 179% "
    وقد شملت مؤسسات الحكومة الفاسدة الرقابة البيئية وديوان الزكاة وأداء هيئة مياه الخرطوم وهيئة الحج والعمرة وصندوق رعاية الطلاب. وأوضح التقرير ان:
    31% من الإعتداءات على المال العام فى نطاق الشركات والهيئات الحكومية.
    69% من الإعتداءات على المال العام فى الأجهزة القومية.
    وشكّلت خيانة الامانة 90% من المبلغ المعتدي عليه.



    يعزى التقرير سوءة وهشيم حصاد المشروع الحضارى الذى يطل علينا سنويا بحشفه الى "ضعف الاشراف والرقابة الداخلية" . ان حرّاس بيت مال المسلمين الشرفاء قد نهبو نفائسه وقد تطاير مشروع "القوى الأمين" الإسلامى كالعهن المنفوش تماما كما اصبحت الرقابة الذاتية الداخلية التى تنطلق من إيمان المؤمن بربه كالفراش المبثوث فضعف إنفاذ الرقابة المالية . لقد عملوا على "تجاهل الالتزام بالقواعد والموجهات والقرارات الحاكمة في هذا الشأن" تماما كما عملوا على تجاهل الإلتزام بالقواعد والموجهات الربانية وتقواها فكتب عليهم الفجور.
    ومثلما أرهقوا المواطنين والعاملين المستضعفين بالضرائب لم ينسوا أن ينهبوا تعويضاتهم فقد أكّد المراجع العام "وجود مخالفات داخل وزارة المالية تتعلق ببعض البدلات خصما على الاعتماد المخصص لتعويضات العاملين في موازنة 2008م" وتمكّن الدراكوليون المسلمون من مص دماء المسلمين المستضعفين وأصبحوا أئمة وارثين.
    بعد كل هذا التوثيق هل سيطل علينا وزير المالية ثانيا متشدّقاً بعزمه بمقاضاة غلوبل ويتنس Global Witness على تقريرها الموّثق "تأجيج مشاعر الريبة: الحاجة الى الشفافية فى صناعة النفط فى السودان ، سبتمبر 2009" بصفحاته الإثنين وستين!! ؟؟ فى حين لايرد على إتهامات ديوان المراجع العام وينقض قواعده ولوائح الديوان ويتجاهل قراراته الصادرة ويعرض عن أهدافه !!
    فشلت منذ بداية القرن العشرين صيغ التمويل الإسلامية ولم تستر عُريها اللغة الكاذبة كمسميات "الشهامة" وهى عين الجبن فى أكل السُحت حيث ان رصيدها (رصيد شهادات المشاركة الحكومية "شهامة") المتضخّم ( 3.3 مليار !!!) يتم "تمديده سنويا دون ان يكون هناك ضخ فعلي للسيولة تستفيد منه الوزارة" وتذهب هذه السيولة الى جيوب كوادر ونخب المؤتمر الوطنى ومحسوبيه.
    ان موازنة لا يعرف أحد عجزها الفعلى بسبب "تأخر تسوية المصروفات وعدم اضافتها للعام الذي حدثت فيه" والتى بلغت 807 مليار جنيه قد أصبحت بقرة دولة اللبرالية الجديدة الإسلامية المتطفّلة الحلوب.
    اذا كان "العائد من الاستثمارات الحكومية خلال العام 2008م، بلغ 129 مليون جنيه، تقل من الربط بنسبة 43% " كما ذكر التقرير فهل ياترى ستكون هذه المعلومات ذريعة لتصفية ماتبقى من القطاع العام وتشكّل جوهر الدعاية الإنتخابية لحزب المؤتمرالوطنى؟؟؟
    وتبقى حقيقة ان نواب البرلمان المعيّنين ينامون فى عسل أوهامهم وغفلتهم حين سمّوا مخالفات وزارة المالية والاعتداء على المال العام "صدمة" والأحرى تسميتها الصدمة السنوية وعليهم المطالبة بإستقالة وزير المالية وفكره ومنطقه وأيدلوجيته وليس فقط انهاء "التعامل بشهادات شهامة" كأحد الصيغ الإسلامية المصمّة للّغف والثراء الحرام.


    تجاوزات بأكثر من مليار جنيه في مشروع تشجير ود مدني
    تاج السر ود الخير

    كشفت تحريات (التيّار) من مصادر خاصة عن تجاوزات مالية خطيرة في التعاقدات التي أبرمتها ولاية الجزيرة والشركات الخاصة إذ وقعت وزارة الماليه وأعمال النفرة الخضراء عقداً بالأمر المباشر عبر مدير الوزارة السابق بقيمة تتجاوز المليار وثلاثمائة مليون جنيه لتشجير وتجميل المدينة.
    ونتيجة لفشل الشركة في المضي قدماً في العمل ضمرت الأزهار الموسمية التي تمت زراعتها بالمدينة مّما اعتبره المختصون أول إخفاق لها في اختيار نوعية الأزهار والذي جاء نتيجة لعدم وجود متابعة من أيّ جهة حسب نص العقد المعيب والذي لم يحدد أية جهة لمتابعة أعمال الشركة. يذكر أنّ الشركه وجدت دعماً ومساعدة من أحد وزراء التخطيط العمراني السابقين -راعي العقد- الذي قام بإحضار الشركة من الخرطوم وخاطب الوالي لكي توقع المالية بالأمر المباشر في عقد الشركة، كما قام الوزير بفتح منزله ليصبح مشتلاً للشركة وأجرى كثيراً من الاتصالات بمنسقيه الخدمة الوطنية للاستعانة بمجنديها للعمل مع الشركة والمشتل. مصدر مسؤول بالوزارة انتقد اللامبالاة وضياع أموال الولاية في كثير من العقودات التي أصبحت المصلحة الشخصية هي السمة الغالبة لها .

    (الإفساد) و ليس (الفساد)..!!

    عثمان ميرغني
    الخبر الذي نشرته صحيفة "التيار" أمس في صدر صفحتها الأولى يحتاج لوقفة مفعمة بالدهشة.. الخبر يقول إنّ ولاية الجزيرة رصدت لتشجير مدينة ود مدني مليار وثلاثمائة ألف جنيه (بالقديم لزوم تقريب الأرقام لذهن القارئ).. بعد كدٍّ وجهد و(خراج روح) اتضح أن ما نُفِّذ من المشروع لا تتعدى قيمته الـ(300) مليون جنيه فقط.. بل وأكثر من ذلك.. التنفيذ كان محشوّاً بالأخطاء القاسية.. التي تجعل من عملية التشجير مجرد أوهام خضراء.. خطورة الخبر ليست في قيمة المال المسكوب على الأرض (وتحت الأرض أيضاً) بلا مقابل فحسب.. بل في الطريقة التي يُدار بها المال العام.. فالواضح أنّ الدولة ثرية وغنية.. وتنفق باليمين مالا تعلم به الشمال.. لكنّ الأوضح أنّ هذا المال (سايب) لا يحتاج إلى بطل لإتلافه وإخراجه من مساره.. وأذكر أنني لاحظت أنّ إحدى الجهات الحكومية طفرت بصورة مذهلة .. أصلحت من مقارها ووفرت لها بيئة عمل أثرت تماماً على مستوى الأداء.. فسألت المسؤول عن السر في هذه النهضة ومن أين حصلوا على المال.. كان رده مدهشاً.. ( نحن نُرشِّد المال العام ولا ننفقه إلاَّ على العمل الحقيقي المتصل بطبيعة نشاطنا ومهامنا..) إجابته جعلتني أنظر حولي في كل مكان (حكومي!).. تدهشك الأموال التي تُصرف على الحواشي دون المتون.. كمثل الجهة الحكومية التي اشترت سيارة جديدة للمدير بحوالى مائة مليون جنيه.. لكنّ اللجنة الخاصة التي كُوِّنت لاستلام السيارة والتي عقدت سبعة اجتماعات نالت حوالى (34) مليون جنيه حوافز نظير استلامها للسيارة.. نفس هذه الجهة أحد موظفيها أصابه مرض مُجهد للجيب.. وبعد طول إلحاح جادت عليه المؤسسة بحوالي (500) ألف جنيه (بالقديم) .. هناك ما يشبه التواطؤ في حلقات (الموظفين في الأرض).. وسمعت كثيراً أنّ أفضل طريقة لصرف الحوافز أن يُكتب اسم المدير في صدر القائمة.. فيصبح المدير دائماً هو العامل المشترك في كل قوائم الحوافز التي تصرف في الحكومة.. صحيحٌ، النفس الإنسانية جُبلت على حب الشهوات.. شهوات الفساد الإداري والمالي.. وليس شذوذاً عن الطبيعة أن يكون هناك مدير أو وزير أو سفير أو خفير فاسد.. فالنفس أمّارة بالسوء .. لكنّ المصيبة أن يسمح (السيستم) بالفساد.. هنا لا يصبح اسمه (الفساد) بل (الفساد المؤسسي) وذلك مّما حذَّر منه القرآن الكريم ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ، كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة : 78-79 وقال سيّد قطب في تفسير هذه الآية في كتابه (في ظلال القرآن): (إنّ العصيان والعدوان قد يقعان في كل مجتمع من الشريرين، المفسدين، المنحرفين. فالأرض لا تخلو من الشر، والمجتمع لا يخلو من الشذوذ، ولكن طبيعة المجتمع الصالح لا تسمح للشر والمنكر أن يصبحا عرفاً مصطلحاً عليه، وأن يصبحا سهلاً يجترئ عليه كل من يهم به.)




    الفســــاد!! (1) ....
    بقلم: د. عمر القراي
    (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)
    صدق الله العظيم

    بدأ برلمان الحكومة الجديدة، يناقش تحديات المرحلة القادمة، ووردت الإشارة إلى الاستفتاء، ومطالب المواطنين الحياتية في بعض الأقاليم.. وطرح أعضاء المؤتمر الشعبي، قضية اعتقال د. الترابي دون تقديمه للمحاكمة، وتعارض ذلك مع المبادئ الديمقراطية، ومبادئ حقوق الإنسان، وما جاء في خطاب السيد رئيس الجمهورية المنتخب لدى تنصيبه، وأشاروا إلى أن افتتاح العهد الجديد، باعتقال الصحفيين لا يبشر بمستقبل واعد، أو حلول لما ينتظر الوطن من مشاكل مستعصية. ولم ترد فيما أوردت الصحف إجابة على مطالبات أعضاء المؤتمر الشعبي، بل رفع بعض أعضاء المؤتمر الوطني أيديهم يريدون نقاط نظام، ليرفضوا الحديث عن هذا الموضوع، أو يصرفوا المجلس إلى غيره من المسائل..
    على انه بالإضافة إلى قضية الاستفتاء، وقضية دارفور، وقضية الحريات، فإن من اكبر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، قضية الفساد.. خاصة وان المعلومات عن هذا الفساد المستشري، ليست اتهامات من خصومها، وإنما هي حصيلة تقارير المراجع العام، التي تنشر كل عام، والتي أشار في بعضها إلى انه لم يتمكن من مراجعة كل المرافق الحكومية، وإن التي راجعها وجد فيها فساد، وأكل للمال العام.
    وسوء الفساد المالي، ليس هو مجرد ضياع أموال الشعب، بيد قلة، وتبديدها لمصالح ذاتية، بينما الناس في أمس الحاجة إليها.. وإنما هو إلى ذلك، مرض في جسد الأمة، تحميه مؤسسات، وتتشابك فيه مصالح، ويضحى في سبيله بالناس، وتتسع بسببه الشقة بين الفقراء الشرفاء الكادحين، والمفسدين المتخمين، الذي خلقوا طبقة جديدة في المجتمع، تنشر الرذيلة، وتستنكف أن تتعامل مع بقية خلق الله.. والذي ينظر إلى الخرطوم، يجد العمارات الشاهقة تبنى كل يوم، ويحتار من أين أتى أصحابها بالمال الذي بنوها به؟! فلو كانت العمارة مكونة من 4 أو 5 طوابق، في حي راق في الخرطوم، فإن تكلفتها لا تقل عن 600 مليون جنيه.. فكيف كون صاحبها هذا المبلغ من مرتبه، إذا كان مسئولاً كبيراً في الدولة؟ فإذا افترضنا أن مرتبه الشهري 10 ألف جنيه، فإن مرتبه السنوي 120 ألف جنيه، ولو كان يوفر مرتبه كله لاحتاج إلى 5 ألف سنة، حتى يجمع مبلغ العمارة!! فهل هنالك شك في أمر الفساد الذي قام به هذا العمران المذهل في العاصمة، والناس على أطرافها، يموتون بالجوع، والمرض وفقدان الدواء، والمأوى؟!
    على أن الحكومة لن تتمكن من محاربة الفساد، إلا إذا اعترفت به، وسنت القوانين التي تعاقب عليه، وحصرت الأموال الخاصة بالوزراء، والولاة، والمعتمدين، منذ توليهم مناصبهم، وفق قواعد براءة الذمة، وأعادت قانون الثراء الحرام، بصيغة جديدة، أكثر تحديداً، وقدمت ما كشف من فساد للمحاكم، وعزلت من دل التحقيق على تورطه، ولو كان من أعضاء الحزب الحاكم المقربين، وأذاعت كل ذلك للشعب في شفافية تامة. والذي نراه الآن هو أن الحكومة لا تريد أن تعترف بوجود الفساد، فقد جاء أن السيد رئيس الجمهورية (تحدى جميع الأحزاب أو أي جهة خارجية أن تثبت وجود فساد مؤسسي في السودان) (الإنتباهة 11 مارس 2010م). ومعلوم أن الفساد المؤسسي، هو الذي تقوم به مؤسسات الدولة.. ولكن ماذا نعني بالفساد نفسه؟! عرفت منظمة الشفافية الدولية- التي اعتبرت في تقريرها لعام 2008م السودان من أكثر الدول فساداً- الفساد بأنه (استغلال السلطة للمنفعة الخاصة).. وأوضح البنك الدولي، أن من ضمن الأنشطة التي تعتبر عالمياً صوراً من الفساد (استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص.. فالفساد يحدث عندما يقوم موظف بعمل يكسب منه لشخصه على حساب دافع الضرائب كأن يقوم بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة كما تتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات محلية أو أجنبية أو أعمال خاصة رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية كما يمكن للفساد ان يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتحوير السياسات واللوائح أو تجاوزها لتعيين أو ترقية الأقارب أو سرقة أموال الدولة) (البنك الدولي: شباب من أجل الحكم الصالح - مقدمة عن الفساد).
    فمن ضمن صور الفساد المالي الظاهر، ما ورد كثيراً في الصحف، من تقارير المراجع العام، والتي لم نسمع بأن احد المسئولين قد أوقف بسببها، أو عرض للمحاكمة، لأنه كان في وقت ما، الشخص المسئول عن هذه المؤسسة، التي أشارت التقارير إلى أنها نهبت.. كما لم نسمع نفياً من الحكومة أو رداً على ما جاء في الصحف.. ومن ذلك مثلاً نقرأ (نهب الأموال العامة بكافة المسميات بلغت 12 مليار جنيه "بالجديد" من جملة 18 مليار جنيه " بالجديد" هي حصيلة الإيرادات الذاتية للدولة لعام 2008م وذلك اعتمادا على تقرير المراجع العام!. وأدناه جدول يوضح تقديراً أولياً لمجموع المال "المنهوب" من 1995 إلى العام 2009م ) (الميدان 25/3/2010م – من أجل صورة كاملة للجدول أرجع للميدان)
    هذه الأموال الطائلة من الذي سرقها؟! ولماذا لم يحاسب؟! وهل يمكن أن يفسر التستر عليه بأي شيء غير الفساد؟! وهل يمكن أن يسامح المفسد والمتستر عليه، ويعذران، لأنهما من أعضاء الحركة الإسلامية أو الحزب الحاكم، وإن فضحهما، ومعاقبتهما، ستضر بالحركة الإسلامية، أو ستفقد الحزب كوادره وتضعفه أمام خصومه؟! أم أن سبب التستر هو خشية المزيد من الفضائح، لو وقع الخلاف بين أعضاء التنظيم؟!
    عندما وقع الخلاف بين الإسلاميين عام 1999م، وانقسموا إلى مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي، أثيرت قضية (طريق الإنقاذ الغربي)، الذي لم ينفذ لأن أمواله نهبت.. وقد قدر الأستاذ أمين بناني وهو من قيادات الإسلاميين البارزة هذه الأموال بأنها 40 مليار جنيه (الأيام 16/11/2001م).. أما السيد رئيس الجمهورية فقد قال: (اللجنة الشعبية السابقة تعهدت بإنشاء القطاع خلال عامين بكلفة 34 مليون دولار، وفي وقت كلف القطاع الآن 27 مليون دولار.. أين ذهبت بقية الأموال؟)(الصحافة 12/7/2002م). ولقد أتهم المؤتمر الوطني الدكتور علي الحاج، الذي أصبح من ابرز وجوه المؤتمر الشعبي، بسرقة هذه الأموال، فقال قولته المشهورة (خلوها مستورة).. والتي تناولتها الصحف في وقتها، ولقد فهم الناس أنها تنطوي على تهديد للمؤتمر الوطني، بأنه لو أثار قضية (طريق الإنقاذ الغربي)، فإن علي الحاج لديه معلومات أخطر من هذه، يمكن أن يذيعها فيتضرر منها المؤتمر الوطني!! ولدهشة المواطنين، فإن تهديد علي الحاج، قد كان مؤثراً!! إذ قال السيد رئيس الجمهورية، أمام حشد كبير من المواطنين، في احتفال افتتاح المرحلة الأولى من الطريق، في 20/7/2002م (الذين نهبوا أموال اليتامى والمساكين خليناهم لي الله )!! ومعلوم بطبيعة الحال، إن مثل هذا القول لا تزينه فضيلة العفو عند المقدرة، لأن المتهم طليق ولم يقبض عليه.. كما أن المساكين واليتامى، هم الذين يجب أن يعفوا، ما دامت الأموال تخصهم، لا أن يعفو باسمهم الحاكم، الذي لم يستطع أن يرد لهم حقهم من الذين نهبوه..

    ومن صور الفساد، التي أظهرها خلاف الإسلاميين أيضاً، ما كتبه الصحفي الأستاذ الهندي عزالدين في صحيفة " الأهرام اليوم"، في عموده اليومي "شهادتي لله"، فقد قال (والفضيحة المالية المعروفة لدى أعضاء وقواعد المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بالثورة وسط الفضيحة التي وثقتها محاضر التحقيق وحددتها بمبلغ "100 مليون جنيه" تكفي وحدها لتأكيد فداحة الفساد السياسي بمحلية كرري!! لماذا سكت "المؤتمر الوطني" بالولاية والمحلية على هذه الفضيحة، لماذا لملمها وغطى أطرافها، وتجاوز عنها، وترك المتهمين على مقاعد قيادة العمل السياسي بالمحلية وقدمهم ليكونوا "واجهة" لحزب مشروعه الإسلام ورئيسه " البشير"؟! ) (الأهرام اليوم 11/3/2010م). وبالإضافة إلى أسئلة الأستاذ الهندي عز الدين، فإن من حقنا أن نسأل لماذا سكت الهندي نفسه عن توضيح تفاصيل هذه الجريمة، التي ألمح إليها ولم يذكر تفاصيلها؟! ألا يرى إن عدم توضيح ما يعرف من تفاصيل، كتمان للشهادة، يستوجب مقت الله وعقابه؟! ثم ما موقفه من حزب المؤتمر الوطني، بعد أن قال انه يقدم غير المؤهلين، ويتستر على الفساد ويزعم ان مشروعه هو الإسلام؟! وفي الحق إن المشكلة الحقيقية، هي في إدعاء الدين، والتمسح به، وممارسة ما يتنافى معه من الأخلاق، مما يعد من النفاق، والنفاق هو أسوأ خصال الرجال. فلو كانت كل هذه الممارسات، لا تتم باسم الدين، لكان من السهل كشفها، وتعرية مرتكبيها.. ولكن التضليل بالدين، وسط شعب محب للدين، هو ما جعل كثير من المواطنين، لا يعرفون، ولا يقبلون، نقد حركة الإسلام السياسي، التي أضرت بهذه البلاد.
    ومن أسوأ أنواع الفساد، ألا يطبق القانون على الجميع بمساواة تامة.. فقد دهش المواطنون، حين انهارت جامعة الرباط، وأشارت أصابع الاتهام للفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الداخلية آنذاك، حتى أجبر للاستقالة من منصبه، انتظارا للمساءلة القانونية، التي يقتضيها الحال.. ولكنه بدلاً من أن يساءل، ويعرف سبب انهيار المبنى، ومدى صلاحية التصميم، والمواد، ذكر السيد رئيس الجمهورية أن استقالته، إنما هي استراحة محارب، ثم أعيد بترقية، إذ أصبح وزيراً للدفاع مكافأة له على فعلته!! فهل كان يمكن أن يخطئ مواطن عادي، لا علاقة له بالمؤتمر الوطني، مثل هذا الخطأ، ثم يفلت من المحاسبة عليه؟! جاء في الحديث الشريف (إنما اهلك من كان قبلكم إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). هذا هو نهج المعصوم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهو صمام الأمان ضد الفساد، بكل أشكاله، وأنواعه، وطرقه.. وهو ما يجب ان تعكف الحكومة الجديدة على دراسته، ووضع الوسائل التي تعينها على اجتثاثه، فإنه تحدي لا يقل عن الاستفتاء، والتحول الديمقراطي، وإحلال السلام في دارفور.

    --------------
    هذه الملفات مجمعة من عدة مصادر منبينها الصحافة السودانية وموقع الراكوبة بوستات للاخ (بكري سوكناب)
                  

12-02-2010, 10:58 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!! (Re: khalid abuahmed)

    الفساد الحضاري ينخر جسد السودان..تجاوزات مالية وإدارية كبيرة بنهر النيل


    كشفت مكاتبات رسمية تحصلت عليها (الحقيقة) بين معتمد شندي السابق جعفر بانقا ووالي نهر النيل السابق أحمد المجذوب عن تجاوزات مالية كبيرة، وقضايا فساد إداري بمحلية شندي. وتشير ذات الوثائق الى اختلاسات وتجاوزات تمت فى مناقصات المحلية تجاوزت الأربعة مليارات وخمسمائة مليون جنيه، وقد تم اثباتها فى تقرير المراجع العام وأثارها المجلس التشريعي بالولاية، ورغم كل المحاولات التى تمت لتوقيف المتورطين إلا أن الأمر لم ينجح، ووصل الأمر حد اختفاء مراجع المحلية فى ظروف غامضة.
    من جهة اخرى قالت ذات المكاتبات إن ثمة تلاعب كبير فى ممتلكات المحلية حيث تمتلك المحلية 741 محلاً تجارياً، إلا ان الأوراق الرسمية تشير إلى أنها (300) فقط، علاوة على أنها جميعها فاسدة التعاقد من حيث جهة التوقيع او تجاوز الفترة الزمنية فضلاً عن تغيير الغرض او الرهن او الإيجار من الباطن لآخر (20 او 60 ألف جنيه من المحلية ومن الباطن لآخر من 300 الى مليون جنيه)، وهو ما يعني فقد المحلية فعلياً (372) مليون جنيه.
    وفى ذات السياق كشفت وثائق عن تجاوزات إدارية كبيرة لمدير المراجعة الداخلية بالمحلية متجاوزاً كل اللوائح والقنوات الرسمية، وفي ذات الوقت أشارت وثائق عن تورط ثلاثة ضباط إداريين في فساد مالي. وحذر المعتمد من حدوث تمرد وتصدع لاحق بصفوف المؤتمر الوطني على خلفية تدخلات الوالي أحمد المجذوب في انتخابات المؤتمر العام للحزب، واعتبر المعتمد صراحة ان تدخل المجذوب أجج الخلافات وأدى لتفاقم الوضع.
    وتشير (الحقيقة) الى ان المكاتبات ضمت ما مجموعه عشرين قضية فساد وقعت فى المحلية، دون ان يتم حسم معظمها قضائياً.

    صحيفة الحقيقة


    تعريف الفساد
    د. حيدر ابراهيم علي
    يمكن تعريف الفساد بأنه شكل من اشكال الاستعمار الداخلي حيث تقوم المجموعة الحاكمة بنهب موارد القطر متجاوزة كل القوانين والنظم الادارية وحتى القيم الاخلاقية السائدة. وتسقط السلطة السياسية في هذه الحالة الحدود بين المال كحق عام ترعاه الدولة أو ملكية خاصة يتصرف فيه الحاكم ومؤيدوه وبطانته. ويبدأ الفساد مع غياب احكام رادعة ضد التغول على المال العام أو استغلال المنصب او قبول الرشوة او سيادة المحسوبية. وحسب هذا التعريف، فقد اصبح الفساد في السودان ظاهرة عادية بالمعنى الاجتماعي وجدت الانتشار والقبول وكأنها ليست خروجاً على المعايير السائدة. فالدولة لا تتصدى للمعتدين والجماهير تتعامل مع تجليات وحالات الفساد وكأنها مجرد قصص أو مسلسلات في الواقع وليس على الشاشة. والأهم من ذلك هو ان الفاسدين والمفسدين هم طليعة المجتمع ولا يحسون بالخجل والندم.
    حين جاءت السلطة الحالية الى الحكم ورفعت شعارات الدين والاخلاق، ظن الكثيرون ان هذا هو آخر عهد السودان بالفساد، خاصة وقد اجريت في الايام الاولى محاكمات لمسؤولين من العهد «البائد»! وحين اعدم مجدي وجرجس بتهمة تجارة العملة، كما اقيل حاكم احدى ولايات شرق السودان بسبب استغلال منصبه. ولكن بعد فترة وجيزة من ذلك الحماس والطهر الديني، «تذوق الاسلامويون طعم السلطة» حسب تعبير شيخ حسن، واصبح الفساد وهو ذهب المعز في التاريخ الاسلامي وسيلة لكسب التأييد ولتثبيت وتقوية نفوذ الحاكمين. ومن هنا كانت بداية استباحة مال الشعب والدولة. لأننا ليس امام نظام عادي بشري يمكن محاسبته ومساءلته بل هو نظام ديني مقدس يحكم باسم حق إلهي خاصة وانه سوف يطبق شرع الله على هذه الارض. وهذه خطورة الدولة الدينية - مما يدعو الى فصل الدين عن الدولة - فهي لا تعترف بحق الامة او الشعب في اختيارها وبالتالي محاسبتها. فالنظام الذي استولى على السلطة في 30 يونيو 1989 هو حسب اسمه انقاذ سماوي للسودان! وصفة انقاذ ليست بريئة ومثقلة بالمعاني والدلالات ومن يتابع بعض الخطب السياسية والكتابات يصل الى هذه الحقيقة.
    من البداية اعتبر حكام السودان الانقاذيون هذا البلد ملكية خاصة: الارض ظاهرها وباطنها وكذلك البشر. فقد حكمت الانقاذ بقوانين استثنائية اعطتها الحق في سجن وتعذيب واستدعاء المواطنين كما تشاء. وفي نفس الوقت يمكن ان تصادر الممتلكات وتجمد الاموال وان تبيع القطاع العام والاراضي لمن تريد. وهذه طبيعة النظام الشمولي حيث ترفع القوانين او تصمم لمصلحته والاهم من ذلك غياب فصل السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية، بالذات خلال السنوات الاولى. ثم بدأ التراجع نتيجة الضغط المستمر. ولكن السودان شهد هيمنة وسيطرة الحزب الواحد بامتياز، فقد استحوذ الحزب الحاكم على كل الوظائف التي تمكنه من ادارة البلاد بصورة مطلقة. وهذه وضعية شاذة للادارة والحكم حيث يتم استبعاد واقصاء غير المؤيدين او المتعاطفين او المتواطئين او الانتهازيين ولأن اغلب السودانيين مخدمهم الرئيسي هو القطاع العام أو الحكومة فقد جعلت الانقاذ من هذا البلد ضيعة وادخلت الخوف والحذر لدى الكثيرين ولم يعد أي موظف عادي - إن وجد - قادر على مواجهة التجاوزات والفساد في مجال عمله. وهذا ما قصدته بتحول الفساد الى ظاهرة سودانية لأن البعض يمارسه دون تأنيب ضمير والبعض الآخر يصمت أو يغمض عينه أو يعيد دور الممثل المصري عادل امام في مسرحيته الشهيرة. وهكذا استشرى الفسادولا يقف امامه أي فرد أو مؤسسة أو منظمة مدنية.
    قضت الانقاذ على ما تبقى من الخدمة المدنية في السودان ذات السمعة العالية والنظيفة وللمفارقة ان يحكم البريطانيون الكفار بعدالة وان يتساهل اصحاب الدولة الاسلامية والمشروع الحضاري. كنت اتوقع ان يهتم الاسلامويون حين وصلوا الى السلطة بموضوع اقرارات الذمة عند تقلد المنصب العام أي ان يبرز المسؤول ما يملك عند تولي المنصب وحين يغادر المنصب - لو حدث! - يظهر وضعيته المالية بعد سنوات وجوده في المنصب. وانني لأتذكر عندما طرح هذا الامر على المجلس الوطني، كيف تهرب المسؤولون وحين وافق المجلس، لم يتم تنفيذ القرار ولم تسلم معلومات إلا من عدد قليل. هذا تناقض غريب لدى من يدعي انه يحكم بشرع الله، فهل تختزل الشريعة الى مجرد الحدود وملابس البنات فأين عدل العمرين وزهد النبي ورفاقه؟ هذا بالنسبة لهم مجرد كلام مثالي، فالشريعة عند الكثيرين منهم ألا تنسى نصيبك وحظك من الدنيا. وهذا افضل ما يعرفونه ويمارسونه في الدين لذلك تباروا في البنيان العالي والسيارات الفخمة المظللة والارصدة التي لا تأكلها النار وظهر الترف والنعمة الجديدة على اشكالهم وفي افراحهم واستهلاكهم. وهذا سؤال يؤرقني بعيداً عن أي سياسة ومجاولات عقيمة: لماذا رفض المسؤولون الاسلامويون (أو تهربوا) عن اقرارات الذمة؟
    الشكل الثاني لاستباحة ضيعة السودان هو طريقة جمع الاموال وصرفها. انتشر نظام الجباية وتحول الحكم الفدرالي من وسيلة لبسط ظل السلطة - كما يقول - لكي لا يكون قصيراً ويقتصر الى المركز، الى وسيلة لتعدد مصادر الاموال. كذلك الى بسط ظل الفساد لكي يدخل في النهب اكبر عدد ممكن وبالتالي تصمت افواه اكثر. ولم يعد السودان يعرف الاورنيك المالي (15) الذي يسجل الاموال التي تدخل الى الخزينة العامة. ولم يعد المواطنون قادرون على طلب الايصالات وإلا تعرضوا الى التخويف والملاحقة. ورغم ان تقارير المراجع العام في أحيان كثيرة تكشف مخالفات خطيرة ولكن لا توجد أي ملاحقة او محاسبة وسرعان ما ينسى الناس هذه التقارير لأنها صارت مجرد خطب. وحتى النواب في المجلس الوطني لا يواصلون نقدهم لهذه الوضعية واظن ان مصير السيد مكي بلايل قد يخيف البعض. ولم نسمع عن فتح بلاغات بعد صدور تقارير المراجع العام. وهذا ايضاً ما قصدته بتحول الفساد الى ظاهرة سودانية عادية.
    ومن اخطر مظاهر التعود على الفساد ان يتحدث الناس عن الفاسدين باعتبارهم شطار وهذا مفهوم بديل عن العصامية في عصر الفساد. ولم يعد المواطن العادي يجرؤ على مواجهة فاسد خاصة إذا اصبح الاخير «رجل البر والاحسان» وهذا خلل في القيم الاجتماعية سببه تناقض الفقر والترف، فالفاسد يسكت الألسن بتبرعات ########ة من مال لم يأته بأي جهد ولم يضربه فيه حجر الدغش أو الصباح - كما نقول. كيف نحمي اطفالنا من الاعجاب بتلك النماذج خاصة وان التعليم لم يعد هو السلم الاجتماعي الذي يصعد من خلاله الى طبقات وفئات اعلى كما كان يحدث في السابق؟ فالتعليم والوظيفة في الماضي لهما قيمة اجتماعية تعطي صاحبها مكانة اجتماعية ايضاً حتى لو كان افندياً ضغيراً. لذلك من الطبيعي ان يغادر الصغار المدارس بالذات في الارياف ويفضلون بيع العملة مثلاً على اضاعة سنوات مملة في المدرسة وبعد سنوات يتم تعطيلهم لينضموا لجيوش البطالة.
    تقودني النقطة السابقة الى الفساد الاكاديمي ايضاً او ما يمكن تسميته بالفهلوة الاكاديمية. يعّرف الاستاذ حامد عمار في كتابه الموسوم: في بناء البشر، الفهلوة بأنها الوصول الى اقصى النتائج بأقل مجهود. وهذا ما يتكرر في مجال الاكاديمي إذ صار التساهل في منح الشهادات فوق الجامعية سمة ظاهرة. فقد تابعت عدداً من الرسائل الاكاديمية لنيل الدكتوراة والماجستير وهي خالية تماماً من شروط العمل الاكاديمي الدنيا مثل اثبات المراجع أو الاستشهاد. كما ان مضمون كثير من هذه الرسائل ضعيف ولا يصلح كمقالات في صحف سيارة. وهذه دائرة شريرة في العلم تضاهي دائرة السياسة، إذ يحمل الكثيرون شهادات عليا ثم يحتلون مواقع في الجامعات ويقومون بمنح آخرين شهادات ويعيدون انتاج جهلهم وركاكتهم وهكذا تدور ساقية الظلام.
    هذا طوفان من الفساد يحيط بالسودان دون مقاومة حقيقية. كنت اتوقع ان يساهم - من يسمون بالاسلاميين المعتدلين او المستنيرين بالتصدي لهذه الظاهرة بطريقة منهجية ومستمرة ابراء للحركة الاسلاموية ودفع التهمة واثبات ان الفساد غريب عن الحكم الاسلامي. هذا واجب ديني واخلاقي لم يقم به بعض الاسلامويين ولم يتحمسوا له كما تحمسوا للديمقراطية او الشورى. اتمنى ان يعطوا الفساد اهتماماً قليلاً ليس بالضرورة مثل اهتمامهم بالاستراتيجية والنظام العالمي الجديد وحوار الاديان. ولكن الاخطر من ذلك صمت منظمات المجتمع المدني والتي كنت اتمنى ايضاً ان تعطي محاربة الفساد جزءً ضئيلاً يماثل اهتمامهم بموضوع ختان الاناث واكرر دائماً ان ختان الفقر وختان الفساد يساعد كثيراً في محاربة تلك العادة الضارة. ورغم تأسيس فرع وطني لمنظمة الشفافية في اغسطس من العام الماضي إلا انني لم اسمع عن نشاط عام منذ ذلك الوقت. وكنت على المستوى الشخصي وحسب اهتمامات مركز الدراسات السودانية الذي اطلق دعوة للجنة محاربة الفساد بالقاهرة عام 1995م، التنسيق والتعاون مع هذه المجموعة. ولكن الطريقة السودانية في العمل العام القائمة على الاستلطاف والشللية حرمتني هذا الحق. ومع ذلك، اعتبر هذا المقال دعوة لتنشيط كل المهتمين بمحاربة الفساد والعمل معاً بانكار ذات وتضحية وشعور وطني حقيقي ومستقبلي قبل ان نموت تحت انقاض عمارة ما او نغرق في مجرى مفتوح أو يباع البيت الذي نسكن فيه والجامع الذي نصلي فيه أو المستشفى التي نتعالج فيها.


    أمهلته أسبوعاً واحدًا
    «البحرية »تطالب مديرها السابق بإعادة (470) مليون جنيه

    وجهت الإدارة القانونية بشركة الخطوط البحرية السودانية، انذارا قانونيا للمدير العام السابق للشركة لاعادة 47.202.859 (سبعة واربعون مليون ومئتان وأثنان الف وثمانمائة تسعة وخمسون دينار)، وذلك استنادا الي تقرير المراجع العام.
    واشارت الوثيقة التي حصلت (الصحافة) علي نسخة منها الى أن المدير العام السابق للشركة الدكتور مصطفي نوارى، معرض للأتهام تحت المواد 177 و178 من القانون الجنائى والمادة (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه.
    وقد امهلت الادارة القانونية د. نوارى اسبوعا لرد المبلغ اعلاه للخزينة العامة، والا ستضطر لاتخاذ الاجراءات القانونية.
    وتشير (الصحافة) الى أن الانذار صادر بتاريخ 4 سبتمبر 2005 وموجه لدكتور نوارى عبر السفارة السودانية في لندن محل اقامة الدكتور نوارى.
    وكشف تحقيق صحفى تجريه (الصحافة) ان النائب العام وجه بفتح بلاغ جنائى ضد د. مصطفى نوارى تحت المواد 177، 178 من القانون الجنائى. والمادة (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه بموجب اخطار بالنمرة وع/م ت/بتاريخ 23/11/ 2004م.
    وكان المراجع العام قد أصدر تقريرا من 17 صفحة كشف فيه حصول المدير العام السابق على المبلغ، وطالب ديوان المراجع العام باسترداد المبلغ.
    نقلا" عن جريدة الصحافة السودانية


    أخيرا .. سندس يتنفس الصعداء

    ** ما حدث أخيرا يستدعي إعادة ما حدث سابقا .. أي ، قبل عشرين سنة أو أقل قليلا ، تلقت صحيفتنا دعوة من إدارة مشروع سندس الزراعي ، وذلك لتغطية حفل إنجاز ما تم إنجازه هناك ، فاختارتني الصحيفة لتغطية حفل الإنجاز ، فذهبت ، ولكن ظلت الدهشة ترافقني في الطريق حتى وصلت أرض المشروع .. والدهشة مردها أن إنجازات الحكومة كانت تغطى في ذاك العهد بواسطة كبار الصحفيين الإسلاميين ، أي بما يسمونهم بالبدريين ، وأنا كنت محض محرر تحت التدريب وحديث عهد بالحياة الطلابية ، ولذلك كنت حائرا عن هذا الاختيار الذي لم يصادف أهله ، وان إنجازا أنجزه الشيخ الصافي جعفر يجب أن يغطيه رئيس التحرير شخصيا وليس صحفي تحت التدريب ، أوهكذا كنت أحدث نفسي في طريق الخرطوم - جبل أولياء...!!
    ** ولكن عندما ترجلت من البص مع بعض الشيوخ والسادة المترجلين ، تبخرت دهشتي واختفت حيرتي ، حيث عرفت لماذا اختارتني الصحيفة ولم يأت رئيس تحريرها شخصيا لهذا الإنجاز المحتفى به .. فالإنجاز كان مجرد « حفرة كبيرة » .. لا أدري بكم عامل تم حفرها ولا في كم يوم تم تعميقها ، ولكنها كانت قاب قوسين أو أدنى من الشاطئ ، وعلى حافتها لافتة خضراء حروفها تشير بأنها « بيارة المشروع » .. وكانت هناك على الناحية الشمالية منها « راكوبة » .. الراكوبة كانت في مواجهة الحفرة تماما ، فجلسنا تحتها ثم احتفلنا واحتفينا وهللنا وكبرنا وصلينا صلاة الشكر بمناسبة تلك : « الحفرة » .. عفوا ، لكي لا أنسى ، كان البعض يبكي في مشهد مؤثر جدا .. لم أكن أدري لماذا يبكون ، حيث كنت صغيرا ، ولكن فيما بعد ، أي بعد عقد ونصف ونيف ، اكتشفت سر ذاك البكاء .. حيث كانت دموعهم عهدئذ بمثابة « بكاء مقدم » ، على وزن « دفع مقدم » .. أي ، أدمعت أعينهم - قبل كمتاشر سنة - على ما سيصيب حال مشروعهم لاحقا ، إلي يومنا هذا .. ولم تكن في أمر دموعهم نبوءة أو علم الغيب ، ولكنها فراسة البدريين .. وبمناسبة البكاء ، كتب أحد الملاك بسندس قائلا : شيخ الصافي أبكاني مرتين ، مرة في المنابر وأخرى في سندس ..لقد صدق ، علما بأن البكاء الثاني هو : البكاء المر الذي لم يتوقف حتى موسمنا هذا .. كل الملاك يبكون حال مشروعهم ، والحمد لله على كل حال .. وهكذا حال الدنيا حين تؤسس مشاريعها بلا دراسة وبلا تخطيط ، أو حين يتولى أمور مشاريعها غير أهلها .. !!
    ** المهم .. كل تلك الخواطر والذكريات صالت وجالت في خاطري وأنا اقرأ خبرا صغيرا ببعض صحف الأسبوع الفائت يخبر الناس بأن الحكومة أعفت الشيخ الصافي جعفر عن إدارة مشروع سندس بعد عشرين عاما من التهليل والتكبير وصلاة الشكر على أرض مشروع لم ينتج بعد غير التجارب والوعود ، رغم أنه لا يبعد عن النيل إلا بمقدار بعد سواد العين عن بياضها .. أعفوه لأن المشروع لم ينتج غير الوعود ..عفوا ، لم يعفوه عن إدارة سندس ، بل نقلوه إلي المجلس الأعلى للذكر والذاكرين أمينا .. نقل وليس إعفاء ، فالشيوخ لايعفون عن مناصبهم حين يفشلون عن اداء واجبهم ، بل ينقلون إلي مناصب آخرى لتتحف الناس بتجارب أخرى تعلمهم « قيمة الصبر » .. ولو كان بالصبر وحده يدخل المسلم الجنة ، لبشرنا ملاك سندس بالفردوس الأعلى ، ولكن ليس بالصبر وحده يدخلونها ، بطاعة الله ثم برحمته الواسعة .. سبحان الله ، « كمتاشر سنة » عمر المشروع الذي يتوسد شاطئ النيل ، ومع ذلك لم يساهم في سوق الخضار بجبل أولياء إلا بالوعود والتجارب وزيارات المسؤولين .. على كل حال ، خيرا فعلت الحكومة بإعفاء الصافي جعفر ، أقصد بنقله إلي أمانة الذكر والذاكرين ، ولكن ما كان يجب أن يتم الإعفاء - النقل - بهذا الهدوء .. لقد ضيعت الحكومة على نفسها فرصة ذهبية كان يجب استغلالها برنامجا انتخابيا .. نقل شيخ الصافي من سندس لايقل إنجازا - عند ملاك أراضي سندس - عن إنجازات أخرى من شاكلة : سد مروي والبترول وسلام الجنوب .. ومع ذلك ، أجد العذر للحكومة لعدم قطعها المسلسل اليومي لبث بيان مهم يوضح الإعفاء أو النقل بصوت عمر الجزلي ، فالحكومة لم تفعل ذلك ربما خشية من أن يموت بعض الملاك فرحا ، خاصة أن البعض مات ..« كمدا » ...!!
    الطاهر ساتي..
    اليكم ..الصحافة-العدد 6001


    إدارة عموم الزير!!زهير السراج
    للذكرى ( ترعتى كنانة والرهد )

    * للكاتب المصري الساخر علي سالم مجموعة قصصية قديمة باسم العنوان أعلاه.. ومنها قصة تحمل نفس الاسم..
    * وهي باختصار تتحدث عن أمير طيب القلب عطوف على شعبه «وهو أمر نادر الحدوث بالطبع ـ والتعليق من عندي». وللأمير وزير على العكس تماماً منه، وتتجسد فيه كل الصفات السيئة لبطانة السوء، مثل الكذب والنفاق والمحسوبية والاعتداء على المال العام، والفظاظة والقسوة على الرعية... الخ.
    * بلغ الأمير ذات يوم أن بعض رعاياه في حاجة إلى «زير» يشربون منه الماء، فأمر لهم بزير، وبشخص يملأه وينظفه ويحرسه. وأعطى توجيهاته للوزير لمتابعة التنفيذ. ثم مرَّ على الموضوع بضعة أعوام، ودخل إلى عالم النسيان إلى أن تذكره الامير في أحد الأيام، وسأل عنه الوزير، فأجابه بأن كل شيء على ما يرام، وأن الناس يثنون على سموه، ويشكرونه صباح مساء على هذا المشروع الكبير.. فتساءل الأمير في حيرة «أي مشروع؟».. فقال له الوزير ان الناس تزاحموا على الشرب من الزير، فكان لابد من تعيين مجموعة من العاملين لحمايته، وانشاء مبنى لاقامتهم، ومبنى آخر لسكنهم، ومبنى للزير نفسه.. وكان لابد أن يتبع ذلك انشاء جهاز اداري للزير، وآخر مالي، لأن الدولة أصبح لها مبان وأثاثات و«عهدة» وعاملون... الخ.
    * وهكذا تمضي القصة.. حتى تصل إلى انشاء «إدارة قائمة بذاتها للزير» أطلق عليها الكاتب اسم «ادارة عموم الزير»، تضم بداخلها مجموعة من الادارات المتخصصة مثل ادارة الفخار وهي مختصة بشؤون الزير نفسه، وادارة الحديد وهي مختصة بحمَّالة الزير، وإدارة الخشب وهي مختصة بالغطاء، وإدارة الصفيح وهي المسؤولة عن الكوز!
    * وبالطبع فان لكل إدارة كادراًَ من العمال والموظفين والخبراء، وميزانية مكوَّنة من فصل أول، وفصل ثانٍ، وفصل ثالث وعربات لكبار الموظفين... الخ!
    * وبما أن إدارة عموم الزير ـ هكذا يقول الوزير للأمير الذي يستمع اليه باندهاش ـ على اتصال دائم بدواوين الدولة الاخرى، فكان لابد من انشاء إدارة للتنسيق والعلاقات العامة، مهمتها التنسيق مع وزارات الاشغال، والمالية والاقتصاد، والداخلية والخارجية!!
    * ويتساءل الامير.. «الخارجية؟!.. ما شأن ادارة عموم الزير بوزارة الخارجية؟».
    فيجيب الوزير.. «المؤتمرات يا سيدنا، المؤتمرات.. لقد أصبح لادارة عموم الزير شهرة عالمية، ومديرها يحضر كل سنة عدة مؤتمرات في باريس ولندن ونيويورك.. وفي المؤتمر الأخير الذي عُقد في طوكيو.. ألقى خطاباً أعجب كل الحاضرين.. لدرجة اننا اضطررنا الى طبعه وتوزيعه على الدول..».
    ويسأله الأمير: «وهل في هذه الدول كلها ادارات عموم للازيار؟».
    فيرد الوزير بفخر: «لا يا سيدنا.. اننا نفخر على دول العالم اجمع بأن تجربتنا هي الرائدة.. ولكن تلك الدول التي تديرها العقليات التقليدية، فليس لديها سوى محطات ومؤسسات ومعاهد للمياه وللدراسات المائية!!».
    * المهم.. فان الامير يقوم بزيارة ادارة عموم الزير، فيجد كل شئ كما رواه الوزير، ما عدا الزير الذي ليس له وجود.. ويكتشف الامير ان الناس يموتون بالعطش منذ سنوات في ذلك الجزء من إمارته، فيأمر بحل الإدارة واحضار زير يشرب منه الناس ويعاقب الوزير!!
    * تُرى.. كم «إدارة عموم زير» في بلادنا؟!
    * سأذكر لكم واحدة ..
    * هل تذكرون طيب الذكر المرحوم.. «مشروع ترعتي كنانة والرهد» الذي مات وشبع موتاً؟!
    * هذا المرحوم الغالي.. لا تزال لديه هيئة اسمها «هيئة تنفيذ ترعتي كنانة والرهد».. لها مبنى مستأجر وموظفون وعربات ومرتبات وميزانية.. الخ!!
    * من يصدّق ذلك؟!!
    * اللهم لا نسألك حلّ الهيئات.. ولكن نسألك اللطف ببلادنا، منها!!


    مشروع سندس الزراعي: فوضى الادارة، وزراعة الفساد
    مشروع سندس الزراعي هو أحد عجائب "ثورة الإنقاذ الوطني"، فقد افتتح بمهرجانات عديدة متكررة، و ذرف القائمون على أمره الدمع فرحاً بقيامه مراراً وتكراراً، دون أن ترى أي ثمرة من ثماره النور. وفي افتتاحه الأخير أعلن رئيس الجمهورية تنازل الحكومة عن نصيبها فيه لصالح تحوله لشركة مساهمة عامة. نحاول فيما يلي إضاءة بعض ما خفي عن الجماهير حول سندس.
    نشأة المشروع :
    نشأ مشروع سندس الزراعي في مايو 1992م بموجب قانون الشركات لسنة 1925م ، ويعمل على اساس انه شركة مساهمة عامة برأس مال ابتدائي 60 مليون دينار تساهم فيه حكومة السودان بمبلغ عشرة مليون دينار بنسبة 17% سددت بالكامل .
    دفعت حكومة السودان في سنة 1999م مبلغ 50 مليون دينار اضافية على ان يحسب المبلغ كمساهمة بالنسبة للحكومة في رأس المال على ان تقوم الشركة بعمل كافة الاجراءت القانونية المتعلقة بدفع رأس المال ولم تتخذ الشركة أي اجراء حيال ذلك الامر حتي الان .
    احتاج المشروع الي مبيدات مستوردة مما دفع الشركة لتوقيع عقد مع شركة صينية لتوفير قرض تجاري لتمويل الطلمبات وملحقاتها ومحطتين تحويليتين للكهرباء ومعدات خطوط الضغط العالي التي تغذي المشروع ومرافقه بالكهرباء من محطة المجروس بالخرطوم .
    وقع العقد في 12/8/1999م وكان اصل القرض مبلغ 15.5 مليون دولار من موارد الشركة وتم دفع 10% من قيمة القرض كمقدم (1.5) مليون دولار من موارد الشركة الذاتية في 13/9/1999م . فترة سداد القرض 7 سنوات تشمل سنتين كفترة سماح .
    خلال الفترة من 99 حتي مارس 2005م تم دفع مبلغ 9.7 مليار دينار من حكومة السودان للمشروع .
    سندس ظلم الاهالي مستنداً على نفوذ الدولة :
    من اهم القضايا التي تستوقفك عند مراجعة ملف مشروع سندس الزراعي ، غموض الوضع المالي والمحاسبي للمشروع ، حيث ان إدارته لم تقدم أي حسابات لديوان المراجع العام منذ تأسيسه في عام 1992م وحتي العام المالي 1999م والعام 2003م ولم تستجب لمطالبة البرلمان بتمليكها هذه المعلومات .
    الاستيلاء على المشاريع القائمة بالمنطقة دون تعويض ملاكها ببيع بعض المشاريع المستثمرة اصلا والمملوكة للاهالي لمستثمرين اخرين، والسماح لمستثمرين بحفر ابار داخل حيازات المشروع الشئ الذي يتعارض مع الضوابط التي أعلنت عنها ادارة المشروع. عزم هذه الإدارة تحويل المشروع لشركة خاصة مما ينتهك حقوق الملاك الذين نزعت اراضيهم، عدم اصدار قانون خاص بالمشروع اسوة بالمشاريع القومية بالبلاد مما ادي الي خلل اداري كبير والي عدم وضوح علاقات الانتاج .
    تلك النقاط تمثل بعض المخالفات القانونية والادارية وغياب الشفافية في مشروع سندس الزراعي والذي انقضت 13 عاماً منذ قرار انشائه في العام 1991م ابتلع خلالها مائة مليون دولار وفرت منها الدولة سبعين مليون دولار واقيمت له العديد من الاحتفالات معلنة عند بدء افتتاحه، كان اخرها في 12/7/2005 دون ان يحتفل الملاك والمزارعون بخطوات تشير ببداية الانتاج .
    التهم المشروع مشروعات زراعية قائمة اهمها مشروع لبرا الزراعي الذي تم نزعه لصالح مشروع سندس وهذه المشروعات مصدقة من وزارة الزراعة .
    اما الوضع القانوني فهو غير واضح هل المشروع شركة محدودة ام قطاع حكومي. وقد اشتكي من ذلك الامر المهندس فيصل ابراهيم وزير الزراعة بولاية الخرطوم امام برلمان ولاية الخرطوم ولم يقم البرلمان بواجبه ولم يقدم حلاً لهذه المشكلة .
    كذلك اشتكى من ذلك محافظ محافظة جبل اولياء والذي تقع حوالي اكثر من 60% من ارض المشروع في محافظته ، غير ان المشروع عطل التنمية في محافظته لاكثر من 13 عاماً وكان يمكن زراعة الاراضي بواسطة المواطنين بالطريقة العادية ولكانت استثمرت آلاف الافدنة بتشغيل آلاف المزارعين بهذه المحافظة و لعادت بمليارات الدينارات وبالتالي عطل المشروع التنمية في ولاية الخرطوم لانه كان يمكن انتاج الخضر للعاصمة، ولكن اصبحت الاراضي بوراً .
    ينافي المشروع الاغراض التي من اجلها نزعت اراضي الاخرين فقد تحول المشروع فجاة من نص القرار الجمهوري الذي انشئ به والذي سماه تنمية جبل اولياء فحول من مشروع زراعي ( زراعة وانتاج حيواني ) الى تمليك حيازات بغرض انشاء مصانع ، والاعلان عن ترويج مشاريع سياحية وسكنية وتجارية واستثمارية اخرى وهذا ينافي تماماً الاغراض التي نص عليها القرار الجمهوري.
    اما من ناحية التمويل فلم يجد مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني طريقة لتمويل المشروع، فبدأت عبقريات الادارة في ايجاد تمويل للمشروع تتجلى ، فمرة تتحدث الادارة عن تمويل ذاتي من الارض التي سيملكها الناس، ومرة اخرى تستنجد بالحكومة ووزراء ماليتها المتعاقبين للتمويل فكان ان دفعت الحكومة حتي 1996م اكثر من 600 مليون جنيه باسعار تلك الفترة ، وبدأ اخذها من 1992- 1996 م ، ودفع بعض المغتربين قيمة الحيازات 5 فدان بسعر احد عشر ألف دولار، وذهب عضو مجلس الادارة المنتدب الي الخليج اكثر من 9 مرات لما يسميه بالترويج، والمعلومات عن التمويل ما زالت سرية. وزير المالية الحالي دفع في اول شهر لتسلمه الوزارة مبلغ 7 مليون دولار لتقوم ادارة المشروع بدفعها في الاعمال المدنية المتعلقة بالبيارات وتمت ترسية العمل بلا عطاءات شفافة لشركة دانفوديو بحوالي 13 مليار دينار .
    وعن توفير الطلمبات للمشروع فبعد جولة لعضو مجلس الادارة المنتدب شملت هولندا وروسيا وباكستان وماليزيا وايطاليا على مدى فترة امتدت لعشر سنوات فشل في توفير طلمبات وفشل في توفير تمويل للمشروع حاليا ولجأ اخيرا للصين في الاعوام 2000- 2001م وطالبهم بتصنيع طلمبات بضمانة حكومة السودان ( تيكو السودان ) رغم القدرات الفنية الضعيفة في تصنيع طلمبات من هذا النوع.
    اما عن توزيع الحيازات فحتى الان لم تسلم ادارة المشروع الحيازات التي تم شراؤها بواسطة المواطنين داخل وخارج السودان ما عدا حيازة واحدة وزعت لاحد المواطنين داخل مشروع لبرا الزراعي في فبراير 2005م بدون اخطار صاحب المشروع، واختاروا مكاناً شمل منشآت دواجن وبوابة رئيسية وسمحوال بحفر بئر بلدية في الوقت الذي تمنع فيه ادارة المشروع حفر أي بئر من هذا النوع منافية بذلك قراراتها السابقة . وادارة مشروع لبرا الزراعي ما زالت تقاضي ادارة مشروع سندس في الاعتداء الذي تم على حيازتها دون اخطارهم .
    اعتدى المشروع على اراضٍ مسجلة باسم الشيخ الياقوت ليستصلحها حتي تفيد سكان المنطقة، باعها مدير سندس الصافي جعفر للمغتربين واشتكى اصحاب هذه الاراضي الي عبدالباسط سبدرات وزير العدل ايامها ثم خاطبوا على عثمان النائب الاول ولم يجدوا رداً على هذه المظالم ووعدوهم بالمتابعة معهم ، وجلسوا مع المدير نفسه اكثر من 10 مرات ووجدوا منه المماطلة وهو صاحب سلطة وهم اصحاب الحق ويستند في حجته على ان هذا القرار صادر من رئاسة الجمهورية .
    هذا المشروع تضررت منه القرى اولاً وذلك باخذ حرم هذه القرى وضمها للمشروع وثانياً والاهم ان الترع التي قامت ادارة المشروع بحفرها في فترة الخريف تضر بالمنازل وهدمت اغلبها . ورغم ذلك ما زالت الحكومة تحتفل!!


    جانب من قصص غسيل الأموال َوكـَيِّها في السودان

    من أغرب المخالفات التي ضربت عالم المال وحار في أمرها رجال الأعمال هذه الأيام ظهور ما يعرف بـظاهرة ( الجوكية أو الفـُقـَرَة ) من الأميين ، حملة مائات الملايين من الدولارات وآكلة أموال الأمراء والملوك بالباطل وذلك باستغلال بله وإيمان الأسر الحاكمة في بعض بلدان الخليج بالكهانة والخرافة وعبثها بعوائد ثروات الشعوب النفطية على هذا النحو الماجن.
    طالعتنا الصحف في الأسبوع المنصرم بالأخبار والتحليلات عن سابقة نهب لم يشهدها تاريخ السودان القديم ولا الحديث ، إذ فاقت الأموال المنهوبة هذه المرة المائتى مليون دولار أمريكي وكان اللصوص من أفضل أبناء السودان وخيِّريه بشهادة الدولة !!.
    عدة سيناريوهات يتداولها بعض المسؤولين وتعج بها مجالس المدينة عن كيفية نهب ودخول الكوتة الأولى من هذه الأموال إلى السودان ، فقائل أن طائرة صغيرة هبطت في 1996 م بمطار الخرطوم تحمل أموالا منهوبة من دولة خليجية متعاونة أمركيا وعرض من بها على حكومتنا إدخال المبالغ ( 42 مليون دولار ) للبلاد ، وإلا فالبديل هو التزود بالوقود والاتجاه إلى دولة أفريقية معروفة بمثل هذا الضرب من الأنشطة الإقتصادية ومفتوحة الأبواب على طول الخط ، فوافق مسؤول عسكري رفيع المستوى وقتها بالسماح لهذه الأموال بالدخول وحماية أصحابها ، علها تسهم في تحريك الإقتصاد الوطني وتكسر جموده وتخفف وطأة الحصار الغربي على البلاد.
    كما يروى أن السيد وزير الداخلية الحالي قد لعب دورا كبيرا جدا في مساعدة المجموعة في تهريب الكوتة الثانية من الأموال المسروقة ( 207 مليون دولار ) إلى داخل السودان ( فالشرطة يد أمينة وعين ساهرة ) ومن ثم تدشين هؤلاء الأبطال لسوق المال والأعمال والسياسة عبر الأوسمة والأنواط والنياشين وإظهارهم مع رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين في الدولة في افتتاح منشآت رجل البر والإحسان هذا ، وابن السودان البار ذاك ، ثم يتلوه اغراق الصحف بتهاني هولاء النفر الكريم للرئيس بمناسبة وبلا مناسبة عبر أعلانات تغطي الصفحات الكاملة بصورة للمجرم فلان بن فلان من الجهة اليمنى في صفحات الوسط تقابلها مباشرة صورة الرئيس محلاة بالورود ، بل أصبح من المعروف أن وزير الداخلية سبق أن منح المرحوم ( ا . م أ. إ ) الطائرة الرئاسية الخاصة ، فأقلته والمجموعة هذي إلي قريته بدارفور للعزاء في وفاة والدته !!. الأمر الذي نخشىأن يحرك كوامن قرنق وغيرته ، فهو الشريك الجديد في قصر الرئاسة ويغيظ كثيرا شعب السودان العظيم من هوان رئاسة بلاده على رئيسه باستقبال اللصوص في بلاطه وتكريمهم والثناء عليهم في خطبه ، وتوسيطهم أخيرا لحل مشكلة دار فور!!. كل هذا يحدث دون أدنى اعتبار لمكان الحاكم أومكانة حكمه في قومه بكل ما يرمزان إليه من عزة وكرامة لأمة قوامها ثمانية وثلاثون مليون نسمة يفيض عليها وطن المليون ميل مربع بشساعته فتتطلع للمزيد من السكان ، لأن الرجال موضع التكريم المتوالي هؤلاء مجهولو مصادر الثروة في السابق وهذا على أقل تقدير، ومحتالون رسميون ودجاجلة بمعلومات اليوم الشرطية ، خاصة بعد البلاغ الجنائي الذي فتحته الشيخة ( ف ) حرم الشيخ ( ز) " حفظه الله " ، في قسم الخرطوم شمال ( وإنه لشرف عظيم لهذا القسم ) بنهب مبلغ 207 مليون دولار منها بواسطة نفر من أبناء السودان الأوفياء ورجال بره وإحسانه وهم ( ص.آ.ع. و ) وسيدة الأعمال ( إ.ا ) والسيد ( ع . ج ) والشيخ ( س.أ ) والمرحوم( ا . م أ. إ ) ، فأثارت سخرية القدر حفيظة الكاتب عثمان ميرغني فقال فيهم وفي الدولة من ورائهم وبملء الفيه ما لم يقله مالك في الخمر !!.
    رواية أكثر تفصيلا تقول إن مبلغ الـ 207 مليون دولار دخل عبر البحر الأحمر بعشرة عربات لانكروزر استيشن ورفض وزير الداخلية جمركتها في بورتسودان وأصر على إجراء اللازم في جمارك الحاويات سوبا ، فاصطدم بسلطات الجمارك بحجة أن أجهزة أمنية عالية الحساسية والسرية داخل هذه العربات لا يسمح باطلاع كائنا من كان عليها ، فانتصر لرأيه وأرسل طائرة صغيرة لاستلام المبالغ في منتصف الطريق ، ثم غرمت جملة العربات مبلغ 250,000 دينار مقابل فتح الشمع الأحمر قبل الكشف الجمركي كإجراء روتيني .
    ثم تواترت القصص والروايات السابقة واللاحقة للواقعة الأخيرة للمجرمين المحتفى بهم ، فقد سبق لهم أن قاموا بنهب مبلغ 42 مليون دولار في 1996 م من أمير خليجي أدت لسجن ( ص.آ.ع . و ) عامين في القاهرة والذي لم يتجاوز حظه في تلك الصفقة المليوني دولار باعتبار أنها كانت التجربة الأولى له في الاحتيال الدولي ، كما أدت العملية لتصفية المرحوم ( ا . م أ. إ ) الحائز على نصيب الأسد في دولة إفريقية مجاورة بواسطة المافيا الدولية بعد أن نُسِجَ له سيناريو راح ضحيته شباب برآء لا ناقة لهم فيما حدث ولا جمل واختطف على أثر ذلك ( ود الـ ... ) من دولة عربية يدخلها السودانيون بغير تأشيرات دون علم بمصيره إلى الآن.

    لكن الطريف في الأمر أن هذه التجارب فتحت لهم بصائر الاحتراف بعد حادثتي الأمير القطري والشيخة( ف ) ، فقاموا بالسفر في العام قبل الماضي إلى باريس والنزول بجوار فندق ( ريدس ) الذي يقيم فيه الشيخ خليفة آل ثاني أمير دولة قطر المخلوع للنصب عليه بعرض قدرتهم على إعادته للحكم في بلاده إلا أن الترتيبات الأمنية الفرنسية لحمايته حالت دون تمكنهم من مجرد الالتقاء به والنظر إليه، فعادوا أدراجهم يجرون أذيال الخيبة والهزيمة ، لكن بلغ بهم التتخصص في الاحتيال والقدرة على اختراق الدولة السودانية بما يمكن أن يغريهم بالتقدم لمقابلة الرئيس بوش واقناعه بسهولة إنجاز مشروع الشرق الأوسط الكبير بأسرع مما يتصور إن عهد لهم به ودفع ربع ما أنفقه في العراق ( .. وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك .. )
    إن تحريك الملف بعد عدة سنوات جاء في سياق الفعل ورد الفعل السُمْعَوي بين مجموعة الرئيس وحواري علي عثمان فيما يتلعق باستغلال المال العام والمناصب العليا للدولة من قبل أسر المتنفذين ، فقد سبق أن اشتكى الرئيس نفسه من كثرة الشنشة المحومة حول استثمارات أشقائه وأهله والاشتباه في مصادرها ، فوجد في قصص غسيل الأموال الجديدة تكأة بعد أن علم باستلام الأستاذ علي عثمان محمد طه رغم ما عرف به من طهارة اليد واللسان مبلغ ثلاثمائة وستون ألف دولار عبارة عن مقدم ثلاثة سنوات لإيجار منزله بالرياض ( الرياض الحي بالخرطوم عزيزي القارئ وليست العاصمة السعودية ) بواقع عشرة آلاف دولار للشهر الواحد من أكبر المتهمين الخمسة ( ص. آ .ع . و ) ، ليقيم فيه مكتب لإحدى شركاته . وعلي عثمان المحامي والقاضي والسياسي والحاكم المخضرم المعروف يفترض فيه وفي أمثاله التشكك والاشتباه في شرعية وقانونية مصدر ثروة هذا الرجل ، هذا إن لم يكن على علم يقيني بها عبر معلومات جهاز الأمن الاقتصادي فيتفادى تقاضي أموال الغسيل ، حتى ولو غسلت في البحر سبعة مرات آخرها بالتراب وكواها وزير داخليته بأعلى درجات الحرارة !!. لكن ربما كان عالما بهذا ومنح عن طواعية - وهو المفاوض السهل في نيفاشا - خصومه فرصة تسديد هدف نظيف في شباكه . فانتفخ الرئيس وهاج وماج بعد تلقيه خبر نائبه وخبر وزير داخليتة وأخبار آخرين من سماسرة السوق والسياسة ، وكلف فورا وزير العدل بمتابعة الملف بنفسه ، فكلف هذا الأخير بدوره وكيل نيابة الخرطوم ووكيل نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة بالتوجه لتلك الدولة العربية والتحقق من صحة ما جرى داخل الديوان الملكي هناك ، فوجدا أن صراعا داخليا مثل الذي عندنا تماما يقوده ولي العهد الحالي يقف خلف تحريك الملف ويفضح والدة الأمير الشاكية والباحثة له عن ولاية عهد أبيه بالكهانة والسحر ببياض الـ 207 مليون دولار التي استلمها أربعة من الفقرة وخامستهم سيدة طليقة تزوجت بعد الصفقة مباشرة بالفنان أ . د واشترت لبناتها العربات اللكزز التي بها يجبن شوارع الخرطوم هذه الأيام .
    كما كلف رئيس الجمهورية رئيس المحكمة الدستورية وهى أداة جيدة لإخراج الأحكام القضائية بالوزنة المطلوبة للسلطة بحماية الإجراءات ضد هذه المجموعة لتأخذ مداها دون أن يشير إلى مصير وسام ابن السودان البار الذي فقد القيمة والمعنى ، وما إذا كان سيودع معروضات الشرطة أم يدفن خلف جداران السجن العتيقة لاستحقاقه ذلك بجدارة !!.

    نموذج فساد طازج
    الطاهر ساتي

    ** الوثائق التي نشرتها الحقيقة - أول البارحة - بمثابة دعوة لنيابة الأموال العامة والأمن الاقتصادي والمراجع العام إلى زيارة الهيئة العامة للطيران المدني عاجلا غير آجل .. نعم تلك الهيئة غارقة في بحر الفساد ، المالي منه والإداري .. ولقد اجتهدت العلاقات العامة بالهيئة في نفي تهمة الفساد ، وذلك بعدد البارحة ، ولكنها لم ولن تفلح .. فالوثائق التي أحيلت إلى إدارة التحقيقات تضج بكل ما هو مخالف للوائح المال العام ، وأبطالها بعض بني جلدتنا النافذين بالهيئة وبالتنسيق والتعاون مع بعض اللبنانيين ..سأترقب ، مع القراء الكرام ، تحقيقا وافيا يكشف إهدار مال العامة بالطيران المدني .. !!
    ** لن استرجع وثائق أول البارحة ، وهي العقودات الموقعة مع لبنانيين ، بمئات الآلاف من الدولارات ، لأداء مهام إدارية وصفتها الهيئة ب( إعداد الهيكل التنظيمي والإداري للطيران المدني ) .. فتأمل هذا البؤس ياصديق .. لبنانيون يعدون الهياكل الإدارية لمرافقنا العامة ، وكأن الرؤوس السودانية لم تعد تصلح لغير العمامة والطواقي .. ثم بعيدا عن هؤلاء الذين يهلكون إدارة الطيران المدني ، هناك أيضا لبنانيون يستنزفون خزائن الدولة كمستثمرين وليسوا كخبراء إداريين ، والوثائق هي التي تتحدث .. وإليكم - أدناه - نموذج فساد ثنائي طازج جدا ، أي (لبناني سوداني ) .. !!
    ** ملابس العاملين بالهيئة ومطاراتها ، كانت تستورد - قبل 15 مارس الفائت - باتباع لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية المعروفة في أوساط خدمتنا المدنية ، وهي اللائحة التي تلزم الهيئة بفتح باب العطاءات لتتنافس الشركات بالجودة والسعر ، لتختار لجنة المشتروات العطاء الأفضل .. هكذا كان يتم استيراد احتياجات الهيئات والمرافق الحكومية ، تحت سمع وبصر اللوائح الجديرة بالاحترام .. ولكن ، يوم 15 مارس الفائت ، جاءت الهيئة بشركة لبنانية ، اسمها شركة رستم ، لتستورد ملابس العاملين بمطار الخرطوم ، ووقعت معها عقد الاستيراد ، بلا عطاء وبلا منافسة وبلا يحزنون .. قيمة العطاء (249.318.34 دولار ) .. مئتان وتسعة وأربعون الف وثلاثمائة وثمانية عشر دولارا وخمسة وثلاثون بنسا .. يعني بالبلدي كدة : ربع مليون دولار إلا قليلا ..!!
    ** عند صرف المبلغ ، رفضت المراجعة الداخلية تمرير (الصفقة ) ..وقالت بالنص ، حسب الوثيقة التي بطرف الصحيفة ما يلي : السيد المدير العام ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، العقد الموقع بين الهيئة وشركة رستم عبارة عن توريد زي العاملين بمطار الخرطوم ، فأرجو أن أوضح الآتي : هذا العطاء كبير وكان يجب أن يطرح في عطاء عام للتنافس عليه ، الأسعار المقدمة من الشركة عالية جدا إذ لايعقل أن يكون سعر القميص وارد الصين بمبلغ (30.50 دولار ) ، أي مايعادل سبعون جنيها سودانيا ، وذلك تسليم ميناء بورتسودان بدون إضافة قيمة الجمارك والترحيل وأي مصاريف أخرى .. هكذا قالت المراجعة كلمتها بصدق ونزاهة ، ولكن - كسر رقبة - تم تنفيذ العطاء .. تخيل ، قميص بسبعين جنيه ، ثم أضف على السبعين قيمة جماركها وترحيلها .. وهذا يعني أن قيمة القميص الذي يرتديه العامل بمطار الخرطوم تساوي - تقريبا - مائة جنيه ونيف .. القميص فقط .. ربما يكون حريرا ونحن لانعلم ، وكذلك الذين يرتدونه ..!!
    ** والعطاء هذا لم يتوقف عند حد القميص ، بل البنطال أيضا ، وكذلك الحذاء .. قيمة البنطال – بدون جمارك وترحيل - ( 19.50 دولار ) .. أي ، ( 45 جنيه) .. أما قيمة الحذاء ، بدون جمارك وترحيل ، تساوي ( 25.0 دولار ) .. أي ، ( 57 جنيه ) .. إذا ضفت لتلك الأرقام جماركها وترحيلها ، يصبح العامل بمطار الخرطوم مرتديا بنطالا بقيمة ( تسعين جنيه تقريبا ) ، وحذاء قيمته ( مائة جنيه تقريبا ) .. وعليه ، أجمع كل الأرقام أعلاه لتعرف بأن هندام العامل بالمطار يكلف الدولة – حسب أسعار التاجر اللبناني – مبلغا قيمته تقريبا (300 جنيها ) .. هكذا حال المال العام بالهيئة ، ولذلك لم يعد مدهشا أن تبدي المراجعة الداخلية دهشتها من تلك الأسعار الفلكية التي لم تخض غمار المنافسة الشريفة .. دهشتها ليست مدهشة ..فلننتظر دهشة نيابة الأموال العامة والمراجع العام والأمن الاقتصادي ، إن كانوا يندهشون.. !!

    يشفع بعضهم لبعض ، بالباطل
    الطاهر ساتي

    ** نوار ، زوجة الشاعر الفرزدق ، لم تكن تحب زوجها ، وهربت منه ذات يوم .. ولكي لا يسترجعها الفرزدق بأمر الخليفة يزيد بن معاوية ، استجارت بصديقتها زوجة الخليفة وطلبت منها أن تأمر زوجها الخليفة بألا يعيدها إلى الفرزدق ، واستجابت زوجة الخليفة الحسناء اللادنة لطلب صديقتها وأمرت الخليفة بذاك الطلب ، ولذلك عندما جاء الفرذدق شاكيا لم يسمع الخليفة شكواه ، بل طرده من مجلسه .. فعلم الفرزدق فيما بعد أن زوجة الخليفة الحسناء لعبت دورا أساسيا في عدم استماع الخليفة لشكواه ، فأنشد معاتبا الخليفة : ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزرا ، مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا .. وهكذا لسان حال السلطة الرابعة في بلادي ، كما حال الفرزدق .. !!
    ** فلندع ما تحت الدواهي ، ونعرض نماذجا مما على السطح .. صدرت الحقيقة ذات صباح بخبر يفيد بأن المدير العام للصندوق القومي للتأمين الاجتماعي تخطى رقاب لوائح المال العام ونصوص قانون الخدمة العامة ، وباع عقارا يمتلكه سيادته للصندوق الذي سيادته مديره العام بمبلغ تجاوز ملياري جنيه ، ثم استأجر عقارا آخر يمتلكه سيادته أيضا لذات الصندوق الذي سيادته مديره العام أيضا .. ولم يلتزم عند البيع والإيجار بتلك اللوائح والنصوص ، بل تم البيع والإيجار بنهج ( زيتنا في بيتنا ) .. وقالت الحقيقة ، فيما قالت ، إن بعض معاوني المدير شاركوا في تلكما الصفقتين الفاسدتين ، منهم نائبه ومدير مكتبه وكذلك مدير إحدى إداراته ثم موظف .. فالأربع ، خامسهم المدير العام ، هم الذين أفسدوا ، هكذا قالت الحقيقة.. فانتبهت نيابة الأموال العامة لما حدث للأموال العامة المؤتمن عليها بالصندوق ، ثم تحرت وتأكدت من صدق الحدث ، وحبست المدير ومعاونيه يوما وآخر ، ثم أطلقت سراحهم بكفالة مقدارها ( مبلغ البيع ) .. وإلى هنا كادت العدالة أن تأخذ مجراها .. ولكن - فجأة كدة - حدث ما لم يكن في حسبان العدالة ، حيث المدير ذاته لايزال هو المدير في ذات الصندوق ، ولايزال يعاونه في الإدارة كل الذين تعاونوا معه في ذاك الفساد .. قانون الخدمة يأمر بإيقاف الموظف عن العمل حين تحوم حوله شبهة الفساد ، فما بال قانون الخدمة لا يأمر بهذا في من سجلوا اعترافا نيابيا وردوا المبلغ - على داير المليم - في خزينة نيابة الأموال العامة ..؟.. السؤال للوزيرة سامية أحمد محمد ، وزيرة الرعاية الاجتماعية المناط بها مهام حفظ أموال العامة المؤتمن عليها بطرف الصندوق ..!!
    ** ثم صدرت الحقيقة ذات يوم بخبر آخر يفيد بأن عميد كلية ودمدني التقنية اختلس مبلغا يقدر بمليار، أو كما قال تقرير المراجع العام نصا .. فانتبهت نيابة الأموال العامة بالجزيرة ، وتحرت من صدق الحدث ، فحبست العميد لتقديمه إلى القضاء ، أوهكذا مجرى العدالة .. ولكن - فجأة كدة - حدث ما لم يكن بحسبان العدالة ، حيث تفاجأت ود مدني يوم الأربعاء الفائت بزيارة وفد رفيع المستوى بقيادة الدكتور عبد الله عيسى رئيس هيئة التعليم التقني ومستشاره الشيخ محمد علي المجذوب .. وتم إطلاق سراح العميد بعد ساعة من وصول الوفد إلى أرض الحدث .. وبالمناسبة ، هيئة التعليم التقني التي ذهبت إلى مدني - شافعة - هي الجهة الاتحادية المناط بها إدارة الكليات التقنية ، وحماية أموال العامة التي في خزائنها .. وبالمناسبة أيضا ، القانون الذي يحمي المال العام - ما لم يكن حبرا على الورق فقط - يمنع الضمان الشخصي ، مهما كان وزن الشخص الضامن ، بل يجب على المعترف أن يورد المبلغ كاملا ، كما فعل مدير الصندوق .. دي ثقافة قانونية ساي .. وليس بعيدا عنها ، نسأل ولاة أمر التعليم العالي بالوزارة وهيئة التعليم التقني: أين أنتم من تلك الثقافة القانونية ؟ .. وإن كنتم كذلك ، فكيف يأتمنكم أهل الجزيرة - بل كل أهل السودان - على أموالهم العامة ..؟ .. و..و..هكذا حال الصحافة في بلدي ، كما حال الفرزدق ، بحيث تقدم الأدلة والوثائق مؤتزرا لمن يهمهم أمر المال العام ، ولكنهم لا يستمعون إليها ، تأثرا بمن يأتيها عريانا .. ولذلك ننصح : بالله عليكم ، لايشفع بعضكم لبعض في قضايا المال العام بالباطل ، فإن فيها حق معلوم ، للمواطن المحروم .. !!
                  

12-02-2010, 11:05 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!! (Re: khalid abuahmed)

    المراجع الداخلي لشركة الصمغ العربي يكشف أسرارا مذهلة..
    د. بشرى إلياس: إستشري الفساد بصورة كبيرة


    من يصدق أن شركة الصمغ العربي المحدودة ذات السمعة العالمية المشهورة يكون هذا مصيرها... من يصدق أن شركة الصمغ العربي التي كانت بمثابة المحلول الوريدي لشرايين الإقتصاد السوداني، ولحكومة الإنقاذ الوطني أيام العسرة أن تركل ولا يلتفت إليها أحد... نعم حديث كثير ومثير قيل ويقال عن هذه الشركة، إلا أن محدثنا في هذه المرة هو من المؤتمنين على أسرار هذه الشركة ومن قدامى موظفيها، نال درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال بموجب أطروحة بعنوان الإستراتيجية التسويقية في إدارة المنشآت: دراسة تطبيقية على شركة الصمغ. ألا وهو الدكتور إدريس إلياس محمود مدير الشركة المكلف السابق، ومدير إدارة المراجعة الداخلية بالشركة. فإلى ما قاله عن هذه الشركة التي تخضع الآن للتصفية على حسب قوله.

    د. بشرى.. كثر الحديث عن هذه الشركة وعن الفساد الذي فيها بصورة واسعة.. فإلى أي مدى تلك الصورة صحيحة، وأنت الذي تراجع أنشطتها؟
    وصل الآن الفساد إلى مراحل متقدمة خاصة في عهد د. منصور خالد رئيساً لمجلس الإدارة. وما أثير عن قضية نيفاشا لا يساوي قطرة مما يحدث الآن في الشركة... وهذا الفساد تمثل في مظاهر كثيرة، أولها أن معظم العقود التي ابرمتها الشركة تكلف الشركة مبالغ طائلة، وإصلاح هذه العقود نفسها يكلف الشركة المليارات.. ثانياً أن الإدارة التي تعمل الآن (الإدارة المكلفة) أول ما بدأت جمدت اللوائح، والإدارات نفسها، وتعديل الهيكل دون الرجوع إلى مجلس الإدارة. بدأت إجراءات التصفية
    *منذ متى بدأ هذا التجميد؟
    قبل ثلاث سنوات أو أربع سنوات.. بدأت إجراءات تصفية الشركة منذ الآن حيث تم بيع بعض السيارات، ولم يصرف الموظفون مرتباتهم لمدة ثلاثة شهور، وهم الآن يتعرضون لمضايقات لا حدود لها.. بل تفشت العنصرية والقبلية بصورة منتنة.. بل أن الإدارة المالية رهنت الشركة كلها لشركة واحدة تتحكم فيها.. وتحولت بذلك الشركة من رائدة في مجال الصادر إلى شركة سمسار.
    *ما هي هذه الشركة؟
    أنا أحتفظ بإسم الشركة ولكن هذا ما هو واقع.. ومن بين صور الفساد أيضاً إبتعاث موظفين حديثي العهد بالشركة للتحضير بإسم الشركة بالخارج بينما هناك من لهم عشرات السنوات ولم يحصلوا على ذلك.. وكذلك إستيراد جوالات بإسم الشركة بمبالغ طائلة، وشراء عربات من غير إستشارة الإدارات بالشركة وغيرها. المخالفات الكبيرة بهذه الشركة التي تحتاج إلى مراجعة وتصحيح.
    *إلى ماذا تعزو هذا الإنفلات الإداري؟
    أعتقد أن المدير الحالي إذا لم يجد سندا من رئيس مجلس الإدارة، لما تصرف هذا التصرف..رجل بلا خبرة
    *من هو المدير الحالي الذي تقصده؟
    نفس المدير العام المكلف.. فالحكاية ترجع لواحد من أمرين إما أنه وجد سنداً من رئيس مجلس الإدارة د. منصور خالد أو أن رئيس مجلس الإدارة لا يعرف هذا الرجل، تم تعيينه مجاملة.. فهو رجل لا خبرة له حيث كان موظفاً صغيراً بشركة سكر كنانة، ووضع في موضع أكبر من إمكانياته، بالتالي لا يستطيع أن يخرج بالشركة إلى بر الأمان... فحتى العقود التي عقدت ببانكوك، أو تايلند جميعها تنقصها الدراسة.. فلا يمكن أن يسافر شخص واحد ليبرم عقودا تكلف الشركة المليارات... فمثلاً الجوالات التي إشترتها الشركة بمبلغ (550) ألف دولار وهو مبلغ كبير فقد سبق أن تم عرضها للشركة رفضتها، وهي جوالات بلاستيك قابلة للتلف مع سخانة بورتسودان المعروفة، وللأسف عربة ماركة 2008م، 2009م
    *كم الكمية التي تم إستخدامها حتى الآن؟
    إستخدمت نسبة ضئيلة منها لا تتجاوز الـ (5%) من جملة مليوني جوال تقريباً.. كان يمكن إستيرادها على دفعات وحسب الحاجة بدلاً عن دفعة واحدة..
    لكن كما قلت فإن الرجل ليست لديه خبرة ولا دراية وأفقد البلاد عشرات الآلاف من الدولارات..
    لجان تحقيق متبقية
    د. بشرى وأنت من موقعك كمراجع داخلي ماذا فعلت لإيقاف هذا الفساد حسب وضعك؟
    الغريب في الأمر أن هذه الصفقة عندما عرضت علينا، كنت حينها مديراً لإدارة الإستثمار في الشركة ورفضتها لأسباب موضوعية.. وبدون أن تمر على أوراق هذه الصفقة أو إلى الإدارات الأخرى تم إستيراد الجوالات للأسف.. وهذا فيه مخالفات كثيرة منها العملة الصعبة التي صرفناها، وقابلية هذه الجوالات للتلف ولمصلحة من هذا..
    وأنا من هنا أناشد بأن تتشكل لجنة من قبل الجمعية العمومية للتحقيق في كل هذه المحخالفات وليس من قبل مجلس الإدارة الحالي... يجب التحقيق مع المدير وكل من ساهم في هذه المخالفات.
    *ماذا تم بشأن تقارير لجان التحقيق السابقة حتى تدعو لتشكيل لجان أخرى؟
    أهم التقارير كان تقرير نيفاشا الذي كلف الشركة ملايين الجنيهات، ولم يطلع عليه أحد في الشركة حتى الآن، حيث تم رفعه لرئيس مجلس الإدارة لكنه لم ير النور.. ونحن نسأل أين ذهب هذا التقرير. عقد بنك النيلين والجزيرة
    *وماذا عن تقرير محاسبة المدير العام ونائبه؟
    حتى الآن لم نسمع عنه أي شئ، فقط هناك إعلان للتحقيق مع المدير ونائبه وإستقال المدير العام ثم لم نسمع عنها شيئا.. وكان سبب ذلك هي عقود بنك النيلين والجزيرة التي وقعها نائب المدير العام متوكل بكري والتي تصل إلى الملايين ولم تستشر فيها المستشار القانوني للشركة.. والإتفاقية مدتها عام واحد ولكن مضت أعوام ولا نعرف عنها شيئا حتى الآن.
    *أنتم كمديري إدارات بالشركة ما دوركم؟
    لا توجد إدارات كما ذكرت لك فقد تم تجميد الإدارات منذ اربع سنوات تحول السادة مديرو الإدارات إلى رؤساء أقسام لا مهام لهم.. كل المهام والسلطات في يد السيد المدير العام المكلف وهو المسئول عن ما يحدث في الشركة.. قبل شهور فقط تم إعادة السادة مدراء الإدارات. إلى رئيس مجلس الإدارة
    *إلى أية جهة تحملون هذه الإخفاقات؟
    أحمل كل هذه الإخفاقات للسيد د. منصور خالد رئيس مجلس الادارة شخصياً، والمدير العام المكلف متوكل بكري.
    *لماذا لا تواجهون السيد رئيس مجلس الإدارة بهذه الحقائق؟
    لقد ذكرت له أنا شخصياً في إجتماع معنا وقلت له أن الشركة بها كثير من الفساد الذي ينبغي أن يعالج.. ولكن الفساد إزداد في عهده.
    *إذا طلبنا منك أن تصف لنا وضع الشركة الآن؟
    بدأت تصفية الشركة بالفعل، وتم بيع السيارات لبعض الأشخاص دون أن يسأل أحد من حقوق الموظفين. في حين أن كثيرا من التجار ضمنوا حقوقهم سواء كان بالضغط على المدير العام المكلف بوضعه في الحراسة أو بعقود وتنازلات من سيارات.
    *لكن حتى الآن لم نسمع عن هذه التصفية؟
    بماذا تفسر أن تباع سيارات الشركة لشخص واحد بدون الملاك الآخرين وبدون الموظفين أنفسهم.. ألا يعتبر ذلك تصفية؟
    *نقلت الصحف أن المدير الجديد د. الدسوقي أستلم مهامه بالشركة؟.
    حسب علمي لم يمارس نشاطاً بالشركة..؟
    في ظل هذه الإدارة خسرنا عملاءنا في الداخل والخارج لعدم مصداقيتها، ومن هنا أناشد المساهمين أصحاب الوجعة أن يتحركوا لإنقاذ شركتهم فهم أولى بها بأموالهم.مجلس الصمغ لا يفعل شيئاً
    *أنت جزء من هذه الشركة وإداري فيها ألا يمثل هذا إدانة لك؟
    نحن لن نسكت لأننا أخطرنا مجلس الإدارة مراراً وتكراراً، وأتصلت بالسيد منصور خالد مرات عديدة ولم يرد عليّ وإتصلت بسكرتيره عبد الملك، والسيد ناجي ووعدني بتحديد موعد مع د. منصور ولكن مع الأسف لم نصل إليه، وعليه نحن لن نسكت.. ونحن كمراجعين أبدينا رأينا في كثير من الأشياء ولم يأخذ بأيدينا (لم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد)، بل أعطينا الكثير للسادة أعضاء المجلس.
    ومن هذا المنطلق أناشد السيد رئيس الجمهورية أن يتدخل.. وأقول له أن الوضع الآن صار إلى ما قبل العام 1969م قبل إنشاء الشركة عندما كان يتحكم في هذه السلعة خمس شركات الآن تتحكم أكثر من 40 شركة والخاسر هو حزام الصمغ العربي الممتد من دارفور إلى القضارف.
    *وماذا أنت قائل عن مجلس الصمغ العربي؟
    كنت اتصور أن يعلن رئيس المجلس لوظائف المجلس عبر الجريدة الرسمية وعليه وحسب وجهة نظري أن المجلس لا يستطيع فعل شئ بل العكس والصمغ تدهور سعره حتى وصل إلى (500) دولار من (25) ألف دولار وخير مثال مجلس الحبوب الزيتية

    حوار: أنور شمبال
    السوداني

    لمحة من شراسة فساد الحكومة بالارقام
    في دولة الفساد هناك شواهد لا حصر لها يمكن أن تشكل حدوداً هلامية لشكل هذه الدولة.. الرشوة والإختلاس والسرقة والبغاء والسمسرة والكسب الحرام حالات شائعة.. ظاهرة الرشوة لدى صغار الموظفين طريقة تساعد في توفير لقمة إضافية.. المقاولات المهمة وعقود الإستيراد الكبيرة لا تتم إلا بعد دفع الرشاوى الكبيرة جداً، وفي معظمها لأشخاص معدودين مرتبطين بالنظام بدرجة كبيرة.. انخفاض رواتب الموظفين والمتقاعدين، وإزدياد البطالة، وتدني المستوى المعيشي العام، وانتهاء الطبقة المتوسطة، وإنحلال سيطرة الدولة في جميع الأمور.
    وفي احدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية في العام 2007م احتلت الدول الأفريقية ومن بينها السودان مراكز متقدمة في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم وابرز التقرير عدداً من مظاهر الفساد منها فساد النظام القضائي والذي حصرته في التدخلات السياسية في انظمة القضاء كأن يتم تعيين القضاة من قبل السلطة السياسية وتعطيل الأخيرة للأحكام القضائية الصادرة فضلاً عن شيوع الرشاوى في النظام القضائي واستشراء الفساد بكل أنواعه دلالة على غياب حكم القانون ومبدأ الشفافية والمحاسبة الذي يكفله النظام القضائي.. من هنا رأت المنظمة ان مظاهر الفساد هذه تقلب موازين العدالة، ويتمتع بموجب ذلك المذنبون بالحصانة ويكتم صوت الابرياء.
    ما سبق يجعلنا نتساءل عن ماهية الفساد؟ وكيف يكون النظام فاسداً؟ ماذا عن الفساد المالي والاداري داخل أروقة الحكم وعجز العدالة عن الوصول إليه؟ وماذا عن ادارة الثراء الحرام ومدى فعاليتها في مراقبة الفساد الحكومي؟ واقرارات الذمة مدى التزام المسؤولين بها؟
    كل ما سبق كانت أسئلة مشروعة حاولنا أن نجد لها إجابات حتى نحدد مكمن الداء وكيفية استئصاله.
    ولعل اقرب تصوير لما يعنية الفساد السياسي تلك القصة التي تناقلتها الكثير من الوسائط عن سؤال الولد لابيه عن معنى الفساد السياسي؟ فأجابه: لن أخبرك يا بني لأنه صعب عليك في هذا السن، لكن دعني أقرّب لك الموضوع فقال: أنا أصرف على البيت لذلك فلنطلق عليّ اسم الرأسمالية، وأمك تنظّم شؤون البيت لذلك سنطلق عليها اسم الحكومة، وأنت تحت تصرفها لذلك فسنطلق عليك اسم الشعب، واخوك الصغير هو أملنا فسنطلق عليه اسم المستقبل، أما الخادمة التي عندنا فهي تعيش من ورائنا فسنطلق عليها اسم القوى الكادحة، ثم قال له: اذهب يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة وفي الليل لم يستطع الطفل ان ينام، فنهض من نومه قلقاً فسمع صوت أخيه الصغير فوجده بل «حفاضته»، ذهب ليخبر امه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ، وتعجب أن والده ليس نائماً بجوارها، فذهب باحثاً عن أبيه فنظر من ثقب الباب الى غرفة الخادمة فوجد أبوه معها وفي اليوم التالي، قال الولد لابيه: لقد عرفت يا أبي معنى الفساد السياسي، فقال الوالد: وماذا عرفت؟ فقال الولد: عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة وتكون الحكومة نائمة في سبات عميق فيصبح الشعب قلقاً تائهاً مهملاً تماماً ويصبح المستقبل غارقاً في القذارة.. وعلى ذلك يمكن أن نقيس الفساد في الجوانب الأخرى فكما هو معروف أن للفساد أنواعاً عديدة مثل الفساد الإداري والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والفساد الديني والإعلامي والغذائي والدوائي.
    من هنا يمكن القول إن الفساد ينتج من السلوك غير المسؤول للمسؤولين وسوء إدارة ميزانية الدولة بجانب ضعف الأجور وفي السودان تعد الأسباب معقدة ومتداخلة ومتجزّرة في سياسة الدولة ونظامها الاجرائي وتطورها السياسي وتاريخها الاجتماعي هذا ما قاله اللواء عادل عبد العزيز من جهاز الأمن والمخابرات في ورقته التي قدمها عن الرؤى الاستراتيجية لمكافحة الفساد في السودان في ندوه علمية عن: «مكافحة الفساد من أجل التنمية» نظمها معهد الدراسات والبحوث الجنائية والاجتماعية بجامعة الرباط الوطني
    إذا قلنا إن للفساد بدولة السودان جذوراً تاريخية متجذرة في سياسة الدولة ونظامها الاجرائي فإننا لا بد وأن نرجع لتاريخنا السياسي القريب من خلال افادات ذاكرة الملف «صحيفة الرأي العام» والتي أتت بشواهد تعكس نتائج مخالفة للتعميمات السابقة وذلك من خلال مقارنة عقدها الكاتب بين أوضاع وزراء بدايات الحكم الوطني 1955م المادية والعقارية ووزراء الحكم الوطني 2005 ويذهب الكاتب إلى القول إن الفروقات ستكون كبيرة ومثيرة ويتسطرد في سرد دفوعاته ويبدأ بأول حكومة وطنية وهي حكومة الأزهري 1954-1956، لم يكن وزراؤها كما قال يمتلكون مخصصات مالية أو امتيازات وكانوا يأتون لمقار اعمالهم بسياراتهم الخاصة أو عن طريق سيارات الأصدقاء أو الأجرة ويرجعون الى منازلهم عن طريق العربات الحكومية التي لا تقف دقيقة واحدة أمام منازلهم كما هو محرم استخدامها لاي اعمال خارج الدوام اليومي الا بإذن من رئيس الوزراء شخصياً وكيف وجدت اللجنة التى كونها نميري بعد انقلابه في 1969 لحصر ارصدة الازهري وممتلكاته والتي كما قال وجدت ان رصيده في البنك لا يتعدى الجنيهات وان منزله كان مرهوناً للبنك العقاري لسداد ما عليه من ديون ويذهب إلى طلب الفريق عبود سلفية لتشييد منزل يستقر فيه وأسرته بعد ان ابعد عن السلطة بعد ثورة اكتوبر ومنحته الثورة المبلغ نظير ما قدمه. ويرى الكاتب أن وزراء الحكومات الوطنية في فترتي الخمسينيات والستينيات كانوا يعيشون على مرتباتهم المحدودة وأحياناً يأتيهم الدعم من اصدقائهم وأقاربهم لمواجهة متطلبات الضيافة حيث بيوتهم مفتوحة على مدار اليوم والساعة، ولقد رحل العديدون منهم الى رحاب ربهم من منازل ايجار منهم السيد حسن عوض الله نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية من منزل ايجار بام درمان، لأن منزل الأسرة البعيد الذي امتلكه باعه لصالح دعم الحزب الاتحادي في الانتخابات العامة عام 1965م والسيد يحيى الفضلي وزير المواصلات حمل نعشه من منزل ايجار للأوقاف بالخرطوم وكذلك الوزير السيد نصر الدين السيد بالخرطوم بحري والوزير السيد محمد نور الدين من المساكن الشعبية بالخرطوم بحري.
    لكن ماذا عن وزراء ما قبل عام 2005 حتى اليوم قبل للإجابة على هذا السؤال يمكننا أن نقف فقط على تقرير المراجع العام حول ميزانية العام 2005 لنقف على حجم الفساد فيه.
    أعلن المراجع العام السوداني أن اجمالي مبالغ الاعتداء على المال العام في الأجهزة الحكومية الاتحادية باستثناء قطاع المصارف في الفترة من الأول من سبتمبر 2004 وحتى نهاية أغسطس 2005 قد بلغ (542.5) مليون دينار مقارنة بـ(396) مليون دينار من نفس الفترة للعام الذي سبقه بزيادة بلغت (146.5) مليون دينار.
    وقال في خطاب له أمام البرلمان: إن الحسابات الختامية للموازنة العامة في ذات الفترة حققت عجزا بلغ (102.7) مليار دينار، بنسبة بلغت (9%) من اجمالي الانفاق العام الفعلي.
    وأكد أن الانفاق الحكومي قد أظهر تجاوزاً بلغت نسبته (17%) مما يمثل مخالفة لقانون الاعتمادات المالية
    وقال المراجع العام إن هناك (217) وحدة حكومية خاضعة لرقابته تمت مراجعة (112) منها للعام المالي 2004 وأعوام أخرى، داعياً المؤسسات الحكومية إلى الالتزام بتنفيذ أحكام قانون ديوان المراجعة العامة وقفل الحسابات والقوائم المالية ورفعها للديوان في مدى لا يتجاوز ستة أشهر من نهاية كل سنة مالية.

    وجاء التقرير وثيقة اتهام كاملة متكاملة سواء النص صراحة أو تلميحاً وذلك بالرغم من أن المراجعة شملت عدد (116) وحدة فقط من مجموع (204) وحدات وبالرغم من عدم تمكنه من مراجعة وحدات الجهاز المصرفي وما يعرف بالشركات والهيئات المحصنة والتي تحاشى التقرير ذكرها صراحة وكذا عدد (64) وحدة لم تقدم حساباتها للمراجعة إذ هناك وحدات غير خاضعة لرقابة ديوان المراجعة القومية. والسؤال هنا ماهو عدد الوحدات التي لا تقع تحت مسؤولية المراجع العام؟ ولمن تتبع؟ ولماذا لا تصلها فرق المراجعة كل هذا يؤكد أن المبالغ المعتدى عليها اكثر بكثير مما جاء به التقرير اذ تمثل فقط قمة جبل جليد الفساد.
    ان أبرز ما توصل اليه التقرير هو تأكيده في عدة مواضع عدة منه ان الادارة المالية للبلاد بمستوياتها المختلفة قد خالفت الدستور والقوانين واللوائح مما يستوجب مساءلتها قانونياً وفي شأن عجز الموازنة وتجاوز تقديرات الانفاق أظهرت الموازنة عجزاً بلغ (127.2) مليار دينار مقابل العجز المجاز وقدره (10) مليارات اي بنسبة عجز بلغت (9%) من اجمالي الانفاق العام مقابل النسبة المقدرة بـ(.07%) سبعة من مائة في المائة، أي تضاعف العجز (12) مرة فقد اظهر الانفاق العام على الفصل الثاني تجاوزاً قدره (6.6) مليارات دينار بنسبة (2%) وهذا يخالف قانون الاعتماد المالي لسنة 2004م في بنده5/2 وكذلك المادة 91/ 3 من دستور عام 1998م- وكذلك تجاوز الانفاق الفصل الرابع بمبلغ (69.1) مليار دينار اي بنسبة (2%) وهو بدوره مخالفة للدستور والقانون وهذا ما أورده خطاب المراجع في الصفحة 8. في شأن ولاية وزارة المالية على المال العام.
    ان مبدأ ولاية وزارة المالية على المال العام قد فرق كثيراً ومن عدد من الوحدات اذ جاء في الجزء الثالث من الصفحة 8 من تقرير الحسابات الختامية ما يلي (يتم في بعض الوحدات تجنيب كامل أو جزئي للإيرادات وعدم توريدها في الحساب الرسمي للحكومة بما يخالف المادة 13/7 من لائحة الاجراءات المالية والمحاسبية ومنشورات وزارة المالية).
    كما تقوم بعض الوحدات بفرض رسوم لم تتم اجازتها من السلطة المختصة ولا ربط لها بالموازنة بحيث يتم تجنيبها والصرف منها (صفحة 9 نفس المصدر).
    لائحة الخدمة العامة تحظر الجمع بين وظيفتين إلا أن بعض الوحدات يخالف ذلك بصورة فاضحة واورد وكالة السودان للانباء مثال (صفحة رقم 12).
    يتم دفع حوافز متعددة للشخص الواحد فقد تم على سبيل المثال في ادارة الطب العلاجي بوزارة الصحة الاتحادية دفع عدد 34 حافزاً لشخص واحد في ديسمبر من عام 2005م (الصفحة 16و17) هذه كلها مخالفات تستدعي المساءلة القانونية في شأن الفساد.
    والأسباب الواردة في التقرير بشأن الاعتداء على المال العام تتكرر سنوياً ويأتي على رأسها انعدام الرقابة والصرف خارج الموازنة وعدم الالتزام بقواعد الشراء والتعاقد وعدم الدقة في اعداد الميزانية وعدم ارسال نسخ من العقود المبرمة ومقاولات الانشاءات الجديدة كل هذا يؤكد اهمية الدور الذي كانت تقوم به الوحدات الحكومية المركزية التي تراقب هذه القضايا والتي تمثّلت قبل تصفيتها في وحدات المخازن والمهمات والاشغال العامة والنقل الميكانيكي والتي كانت تتمتع بسمعة طيبة في المحافظة على الأموال العامة وكانت تعتبرها جريمة في حق الوطن.
    المبالغ التي تم نهبها في الوحدات الحكومية القومية والولائية وغيرها حسب التقرير بلغت (904.3) مليار دينار بزيادة قدرها (66.7) مليار دينار عن المال المنهوب في عام 2004م وهذه قطرة من بحر نتيجة ما سبق أن ذكرناها من المراجعة كانت قاصرة على بعض الوحدات وليس كلها.
    جاء الاعتداء على المال العام بأشكال وأساليب مختلفة تختلف في دفع مبالغ لجهات مباشرة دون توسيط حساب الحكومة وفي تضارب بعض ارقام الايرادات والمصروفات لبعض الجهات الحكومية، نذكر على سبيل المثال:
    أظهر الحساب الختامي ان العائد من استثمارات الحكومة يعادل (37.1) مليار دينار فيما أثبتت المراجعة أن العائد الذي دخل حساب الدولة فعلاً بلغ (14.1) مليار دينار فقط.
    وفي جانب عائدات البترول أظهر الحساب الختامي أن نصيب الحكومة من خام البترول بلغ (541.9) مليار دينار بينما أظهرت المراجعة أن هذا العائد في الحقيقة بلغ (681.6) مليارا اي بفارق (140) مليارا أي ما يعادل (700) مليون دولار لا يعرف المراجع أين ذهبت وأين نصيب الجنوب فيه وأين نصيب الولايات الشمالية والجنوبية المنتجة للبترول من هذا الفرق؟

    وفي التقرير لا يقتصر امر البترول على الاموال الطائرة من فوق الخزينة العامة بل يتعداه إلى عمليات تقطيع اوصال عائدات البترول وتقليلهافعائدات الخام المستخدم محلياً للعام 2005م والبالغة (192.4) مليار دينار تحولت ببساطة إلى (55.5) مليار حيث جرى خصم مبلغ (136.9) بحجة عمل تسوية؟
    كما أن هناك مبلغ (6) ملايين دينار لم يجد المراجع العام ما يفيد بتحويلها لحساب الحكومة. كذلك وجد المراجع العام مبلغ (44) مليار دينار من حساب البترول الاحتياطي قد حولت لما سمى بالحساب الخاص (السندات) تم تحويل مبلغ (65) مليار دينار من عائدات البترول لجهات وزارة الدفاع -شركة جياد- مجمع إبراهيم شمس الدين وذلك دون أن تمر بحساب الحكومة من وزارة المالية وخلافه.تم خصم مبلغ (41.874) مليون من عائدات الخام المستخدم محلياً كعمولة للمؤسسة السودانية للنفط بمعدل (5%) من صافي نصيب الحكومة من الخام السوداني ولم تحسب ضمن عائدات البترول (هذا قليل من كثير أتى به التقرير ولكن الورق لا يسع كل هذا في الصفحات 30و31).

    في شأن القروض والمنح
    لم يكن الاختلال المالي قاصراً على الموارد الذاتية بل تعداه للقروض الاجنبية اذ جاء في صفحة 35 من تقرير الحساب الختامي للحكومة، أن ما قيمته (26.9) مليارا من القروض قد سحب بواسطة وحدة تنفيذ السدود ولم تتحقق المراجعة من صحة هذه المبالغ لعدم وجود اي مستندات تثبت ذلك، كذلك جاء في صفحة 36 من التقرير (ان تقديرات المصادر الأخرى في موازنة عام 2005م) شهادات شهامة وصكوك الاستمثار المختلفة لم تدرج ضمن ايرادات الموازنة علماً بأن التقرير ذهب إلى ان التقدير لايرادات هذه المصادر يبلغ 71 مليار دينار.
    في شأن الخصخصة لم تظهر في الحساب الختامي اي عائدات للخصخصة كما كان الحال في عام 2004م هذا بالرغم من ان عائدات الخصخصة الفعلية لعام 2005م قد بلغت مبلغ 132.8 مليون دينار، فقد اتضح انها لم تورد لحساب الحكومة الرئيسي لوزارة المالية (صفحة 38).
    واذا كانت عائدات الخصخصة (132.8) ولم تورد في خزينة الحكومة فإن الادهى من ذلك أن التقرير قد اثبت ان المصروفات المدفوعة لاتمام عملية الخصخصة بلغت (618.8) مليار دينار، وهنا لا تعليق في شأن الانفاق العام حتى المصروفات القومية الممركزة التي تتولى وزارة المالية بنفسها ودون غيرها الصرف عليها لم تسلم من فوضى الانفاق العام، فقد بلغ اجمالي الصرف عليها مبلغ (276.985) مليون دينار من اجمالي الاعتماد البالغ (247.00) مليون دينار.
    بما يظهر تجاوزاً في الصرف بنسبة 12% من الاعتماد بالمخالفة لأحكام المادة 91/3 من دستور السودان للعام 1998م صفحة رقم 48. كما أن الصرف على الضيافة الرسمية تجاوز الاعتمادات المالية بالضعف إذ تم اعتماد مبلغ 5 مليارات دينار للصرف على الضيافة الرسمية بينما بلغ الصرف الفعلي مبلغ (10.3) مليار دينار.
    كما زاد الصرف على احتياطي الطوارئ إذ بلغ (113) مليار دينار في حين ان الاعتمادات المالية كانت فقط مبلغ (80) مليار دينار (ص 58).

    هذا قليل من كثير مما جاء في تقارير المراجع العام والتي تمثل صحيفة اتهام للحكومة عموماً وللتنفيذيين المسؤولين عن الإدارة المالية في البلاد ومن ثم يأتي السؤال المباشر عن إقرارات الذمة لهؤلاء المسؤولين التي تعني توضيح ما يملكه «المقر» سواء كان نقداً او منقولاً او ثابتاً ويشمل ذلك دخله الدوري او الطارئ مع بيان سببه ومصدره وما صرّح به في وقت سابق مدير ادارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، الهادي محجوب مكاوي، في حوار أجرته معه (الصحافة) يفيد: أن ادارته لم تستلم منذ عام 1989م أية اقرارات للذمة، مؤكدا ان القانون يلزم الاشخاص الخاضعين لاقرارات الذمة بتقديمها، وفي حالة الرفض تتم معاقبتهم بالسجن ستة أشهر أو الغرامة أو العقوبتين معاً.
    وأكد ان الادارة ليست لديها آلية لمتابعة الشخصيات الخاضعة لاقرارات الذمة وهي لشاغلي المناصب الدستورية والقيادية بالدولة وهم «رئيس الجمهورية ونوابه ومساعدوه والمستشارون والوزراء الاتحاديون ووزراء الدولة والولاة والوزراء الولائيون والمعتمدون، إلى جانب رئيس القضاء والمراجع العام والقضاة والمستشارين القانونيين بوزارة العدل، والموظفين بديوان المراجع العام وضباط قوات الشعب المسلحة والشرطة والأمن وشاغلي المناصب القيادية بالخدمة العامة»، ودعا الى ضرورة انشاء آلية برئاسة الجمهورية لاتخاذ اجراءات ضد أي مسؤول يرفض تقديم اقرارات الذمة برفع الحصانة عنه، مشيراً الى أنه لم يتم تكوين اللجنة الخاصة بفحص اقرارات الذمة التي يرأسها وزير العدل حتى الآن، وكشف أن وزارة العدل تعد حالياً مشروع قانون لمحاربة الفساد، وأن إدارته قدمت مقترحاً للوزارة لضم كافة النيابات المعنية بالمال العام والفساد وغسيل الأموال والدجل والشعوذة تحت مظلة إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه.
    وعلمت «الصحافة» بعد ذلك أن إدارة الثراء الحرام استلمت هذا العام إقرارات ذمة من بعض المسؤولين ونحن الآن في انتظار رد الإدارة على أسئلتنا بعد حصولنا على موافقة وزارة العدل في ما يتعلّق بهذه الاقرارات وعدد المسؤولين الذين تقدّموا بها والسبب وراء امتناع الآخرين عن التقديم.. وماذا عن تطبيق العقوبة المدرجة في حالة الرفض واجراءات رفع الحصانة وهل كونت اللجنة المختصة لفحص الاقرارات المقدّمة وما هي الأدوار الأخرى التي تقوم بها.. إلى غيرها من الأسئلة المتعلّقة بالاقرارات.
    -------
    الصحافة

    منقول من صحيفة الراى العام - الاحد25سبتمبر2005

    تفاصيل تجاوزات ومخالفات كبرى للمال العام بأحد المستشفيات الحكومية بالخرطوم!!(1)
    التهام غذاءات المرضى بمستندات مزورة!
    تحقيق / التاج عثمان
    المخالفات والتجاوزات التي نوردها من خلال هذا التحقيق كثيرة ومتنوعة وللأسف انها شملت حتى إلتهام المبالغ المخصصة لغذاءات المرضى طريحي الفراش بتلك المستشفى!! بجانب الهواتف السيارة، وإيجارات المنازل والسيارات، وأعمال الصيانة والدفعيات التي تتم بدون تصديق، وعدم إرفاق كشوفات الصرف.. وشملت أيضاً نثريات تسيير المكاتب، والحوافز، والمكافآت.. «كوم» من الإختلاسات للمال العام، وتجاوزات مالية عديدة.. وإليكم تفاصيل أكبر عملية تزوير ونهب للمال العام جرت وقائعها المؤسفة بأحد المستشفيات الحكومية بالعاصمة الخرطوم.

    غذاءات المرضى
    للأسف، فإن أول ضحايا عملية التزوير والاختلاسات كانوا المرضى الذين أجبرتهم ظروفهم المرضية لزوم أسرة تلك المستشفى، ومعظمهم، وإن لم يكن أغلبهم من المرضى الفقراء.. ولذلك خصصت لهم الدولة غذاءات، كما هو متبع، ولكن البعض التهم غذاءاتهم دون وجه حق!!.. فدفعيات غذاءات المرضى الشهرية التي تسدد لمتعهد غذاءات تلك المستشفى فيها «ازدواجية»، حيث يتم سداد المطالبة الشهرية للغذاءات مرتين: مرة بموجب شيكات، ثم مرة أخرى تستخرج نفس المطالبة بأذونات صرف نقدية خصماً على الخزينة، ولكن بمستندات مزورة!!.. وبلغت دفعيات متعهد الغذاءات لشهور: «فبراير، ومارس، وأبريل» مبلغ «58500 و1075» تفاصيلها كالآتي:
    * الشيك رقم «1038» بتاريخ 13/3/2005م، بمبلغ «36429450» ديناراً، عبارة عن مطالبة شهر فبراير.
    * الشيك رقم «1086» بتاريخ: 13/4/2005م بمبلغ «39571800» دينار مطالبة شهر مارس.
    * الشيك رقم «1127» بتاريخ 20/5/2005م بمبلغ «31557250» ديناراً مطالبة شهر أبريل وجميع الشيكات الثلاثة باسم المستفيد وهو المتعهد، والشيكات لا غبار عليها، فهي صحيحة استناداً الى مستندات الدفعيات، ودفاتر لجنة الغذاءات، ودفاتر احصاءات المرضى.. ولكن «اللعبة تمت من خلال مستندات مزورة» بواسطتها تم استخراج مبالغ نقدية لغذاءات المرضى مرة ثانية، وذلك بأذونات صرف نقدية بمستندات مزورة، باسم متعهد الغذاءات بمبلغ«991204» دينارات، تفاصيلها كالآتي:
    * إذن صرف رقم «411919» بتاريخ 10/4/2004م، بمبلغ «2799135» دينارات مطالبة غذاءات شهر فبراير 2005م.
    * إذن صرف رقم «411937» بتاريخ 13/4/2005م بمبلغ «395718» ديناراً، عبارة عن مطالبة شهر مارس 2005م.
    * إذن صرف رقم «412137» بتاريخ 1/6/2005م بمبلغ «3155725» دينارات مطالبة قيمة غذاءات أبريل 2005م.
    مستندات مزورة!!
    بتفحص دفعيات الغذاءات السابقة يمكن استخلاص الآتي:
    * تم دفع استحقاقات الغذاءات عن فبراير ومارس وأبريل مرتين، مرة بشيكات صحيحة، ومرة نقداً بموجب مستندات «مزورة»، ويتضح أن هنالك مبلغاً وقدره «991204» دينارات «تسعمائة واحد وتسعين ألفاً ومائتين وأربعة دينارات» صرفت دون وجه حق!!!.
    * متعهد الغذاءات أثبت بأن جميع مستحقاته سددت بموجب شيكات صحيحة، وأنه لم يستلم أي مبالغ نقدية في الفترة من يناير وحتى يونيو 2005م.
    * مطالبة غذاءات شهر مارس 2005م تم استخراجها مرتين، مرة بشيك، ومرة اخرى بإذن صرف، في نفس يوم الشيك، وبنفس المبلغ، ونفس المستندات، مما يؤكد سبق الإصرار على «لهف» المال العام!!!
    * جميع مستندات أذونات الصرف المزورة عليها تصديق واعتماد بعض مسؤولي المستشفى، وعليها ختم الصراف، بما يفيد صحة الدفع!!.



    إيجار المنازل

    معروف في الخدمة المدنية أن مخصصات إيجارات المنازل لموظفي الدولة لا تمنح لكل من هب ودب، بل أنها تعتبر شروط خدمة، تحدد بواسطة مجلس الوزراء، وبتصديق من وزارة المالية، مع اشتراط وجود اعتماد في الميزانية المصدقة لإيجارات المنازل، وأن يكون مخصص إيجار المنزل منصوص عليه في شروط خدمة الموظف..
    ورغماً عن انتفاء كل الشروط المذكورة السابقة، إلا أن هنالك مبالغ ظلت تخرج من خزينة المستشفى شهرياً باسم إيجارات منازل عدد من كبار موظفي تلك المستشفى لشهور «فبراير، ومارس، وأبريل، ومايو، ويونيو 2005م» بواسطة «8» أذونات صرف تحمل الأرقام: «411672»، و«411717»، و«411787». و«411901»، و«412036»، و«412253»، و«411820»، و«412273»، بواقع «60000» دينار إيجار شهري للمنزل الواحد، وبعضها مساهمة في إيجار، أي سداد جزء من إيجار المنزل، وبلغت جملة المبالغ التي خرجت من خزينة المستشفى لايجار منازل مسؤولي المستشفي خلال هذا العام «1435000» دينار «مليون واربعمائة خمسة وثلاثين ألف دينار»!!.


    مطالبات الموبايلات
    لوائح الخدمة المدنية تنص صراحة على عدم سداد مطالبات الهواتف السيارة لموظفي الدولة، مهما بلغت درجاتهم الوظيفية، إلا بعد الحصول على تصديق من مجلس الوزراء الموقر، وهناك منشور صادر من المجلس يحدد ضوابط استعمال الهواتف السيارة داخل دواوين الدولة، إلا أنه تم صرف مبالغ نقدية لسداد مطالبات الهاتف السيار لإثنين من قياديي تلك المستشفى دون تصديق من مجلس الوزراء، بلغت في مجملها «100000» دينار «مائة ألف دينار»، بواقع «10000» دينار «عشرة آلاف دينار»، لشهور «فبراير، ومارس، وأبريل، ومايو، ويونيو» 2005م، خرجت من خزينة المستشفى بأذونات صرف تحمل الأرقام:

    «411754» بتاريخ 27/2/2005م، «412270» بتاريخ 26/6/2005م، «412085» بتاريخ 23/5/2005م، «411821» بتاريخ 14/3/2005م، «411192» بتاريخ10/4/2005م، «411673» بتاريخ 2/2/2005م، «411740» بتاريخ 22/2/2005م.



    اللص الشريف!!

    زهير السراج
    * ذكرت أمس بعض نماذج المخالفات المالية والادارية الكثيرة التي حدثت داخل المركز القومي لطب وجراحة العيون التابع لوزارة الصحة الاتحادية، والاستيلاء على المال العام بطرق متنوعة، مثل دفع ايجارات لمنازل وعربات وفواتير الهاتف السيار لمسؤولين كبار في المركز، وحصولهم على حوافز مالية ضخمة، وتلاعبهم في اعمال الصيانة، وارتكابهم لمخالفات اخرى بدون وجود تصديقات بذلك من السلطات المختصة، او اعتمادات في الميزانية المصدقة لمقابلة هذه المصروفات، أو عقود موثقة بواسطة المستشار القانوني لوزارة الصحة. لا شئ البتة.. بل أموال تنهب من الخزينة تحت مسميات مختلفة بدون وازع من ضمير او اخلاق، لتُصرف على ملذات القائمين على امر المركز، حتى غذاءات المرضى لم تسلم من الجشع والنهب.. حيث كانت دفعيات متعهد الغذاءات تُدفع مرتين لنفس المطالبة.. مرة بشيك يذهب للمتعهد، ومرة اخرى بإذن صرف مزور تذهب بموجبه الأموال المنهوبة لجيوب آخرين.
    * ومما يؤسف له أن اعتمادات وتوقيعات كبار المسؤولين بالمركز، توجد على هذه المستندات المزورة كدليل دامغ لا يقبل الانكار.. على مدى الجشع والطمع والاصرار على الاستيلاء على المال العام.. حتى لو كان هذا المال مخصصاً لإطعام المرضى.. وممن يحدث هذا؟! من الاشخاص المسؤولين عن حياة هؤلاء المرضى!! ماذا يمكن أن نسمي هذا؟! هل تكفي كلمات مثل الطمع والجشع والأنانية واللصوصية والسرقة لاختيار الاوصاف المناسبة لتنطبق على هذا الذي حدث في المركز القومي لطب وجراحة العيون أو أى مكان آخر، حدثت أو تحدث فيه جرائم مشابهة؟!!
    * ولم تقتصر الجرائم على نهب المال العام بدون حياء او خجل أو وازع من ضمير، أو خشية من عذاب يوم القيامة، وبعض المتورطين في تلك الجرائم ممن يدعون انهم من اهل الدين والطهر والنقاء، وظلوا يحركون ألسنتهم بالوعظ والنصح والارشاد للعاملين بالمركز كلما وجدوا لذلك سبيلاً. واعتقد العاملون البسطاء ان (القبة تحتها فكي).. ثم ظهر لهم ان الفكي ليس إلا لصاً متنكرا في ثياب الواعظين لينهب ويسرق بدون ان يجرؤ أحد على ان ينظر اليه مجرد نظرة شك، دعك من ان يشير اليه باصبع الاتهام أو يقول له انت لص، وإلا فُقئت العين، وقُطع الاصبع واللسان من خلاف جزاءاً وفاقاً على اتهام الانقياء الاطهار، اصحاب العفة والفضيلة، والايمان الذي لا يتسرب اليه الباطل من بين يديه.. بينما الباطل لم يكن يتسرب فقط من بين اليدين.. بل أن اليدين هى التي كانت تمتد لتعُب من الباطل، وتنهب أموال المرضى والفقراء!!
    * أقول .. لم تقتصر الجرائم على نهب المال العام فقط، بل تنوعت وتعددت لتشمل التزوير، والعبث في الدفاتر الرسمية، وتجاوز الاجراءات المنصوص عليها في القوانين واللوائح، والاستهانة بالنظم الادارية والمالية والمحاسبية.. وغير ذلك مما بينه وفصله تقرير لجنة المراجعة.
    * باختصار شديد.. كانوا يفعلون ما يشاءون، و قتما ما يشاءون وكيفما يشاءون.. في غياب أو تغييب كامل للدولة والقوانين والأخلاق، وكأن هذه المؤسسة الطبية ضيعة خاصة يتصرفون فيها بما يحلو لهم.. ثم يرددون كلما سنحت لهم الفرصة.. ( هي لله.. هي لله). إن الله برئ مما تفعلون!!
    * لقد كنت اتوقع أن توصي لجنة المراجعة التي رصدت كل هذه الجرائم والمخالفات.. وابرزتها بشكل لا يقبل الجدل أو النكران في تقرير مفصَّل اكثر وضوحاً من الشمس في رابعة النهار كما يقولون- ان توصي بتعديل القوانين لانزال الاعدام بالمتورطين في هذه الجرائم، فالذي يسرق مال المرضى، لا يستحق غير هذه العقوبة.. أو على الاقل أن تكون توصيتها بتقديمهم للعدالة لتقتص منهم حسب القوانين الموجودة.. ولكنها كانت رحيمة بهم.. فاوصت باسترداد المبالغ المنهوبة منهم، والا اُتخذت الاجراءات القانونية في مواجهتهم، وقد صارت مثل هذه التوصية للأسف الشديد، هى السائدة في دواوين الدولة التي تُكتشف فيها حالات الفساد.. مما كان له الأثر الكبير في تشجيع الفاسدين على الاستيلاء على المال العام، فاذا لم يتم اكتشافهم.. كان ذلك (خيراً وبركة)، واذا اكتُشفوا اعادوا المال المسروق بدون ان يعرف احد، او يضاروا في سمعتهم او مالهم أو انفسهم.. وكان ذلك ايضاً (خيراً وبركة)، وهو المدخل لفساد الأمم وهلاكها.. مما حذَّر منه الرسول الكريم محمد «ص» حين قال: (إنما أهلك الذين من قبلكم، انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه، واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد.. فوالله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها). فأين نحن من هذا الدين الحنيف، والعدل الذي ليس بعده أو قبله عدل؟!!
    منقول من صحيفة الصحافة


    حديث المدينة
    عثمان ميرغني

    سقوط وزير ..!
    عمارة في جارن سيتي بالخرطوم تملكها وزارة الداخلية من أربعة طوابق كاملة التشييد وتحتها معدات طبية باهظة التكاليف سقطت ليلة أمس الأول.. انهارت فوق بعضها ركاما كقطعة بسكويت غمست في ماء..
    سقوط العمارة سيشيد برجاُ من التحليلات حول اسباب الكارثة التي أحرقت حوالى (12) مليار جنيه هي قيمة المبنى والأجهزة الحديثة التي قضى عليها تحته.. وقبل ذلك ارتالا من علامات الاستفهام حول المسلك الذي يتبعه وزير الداخلية اللواء عبد الرحيم محمد حسين في ادارة هذه الوزارة التي صارت تبنى في كل يوم عمارة في الوقت الذي يكابد فيه رجال الشرطة أسوأ أوضاع وظيفية بمرتبات مهينة وواجبات مهولة.
    وفي ذات اللحظة التي انهارت فيها الطوابق الأربعة الضخمة (مساحة الطابق 1750 مترا مربعا) تقف بقربها وبجوار دار الشرطة ببري عمارات أخرى سامقة بعضها هياكل والآخر آهل بالسكان يطالها الخوف غير البريء من احتمالات أن تجثو على ركبتيها طاما انها تشترك في نفس الوزارة بنفس المقاول بنفس الجهة الاستشارية التي تشرف عليها.
    صحيح أن الأسباب الحقيقية لانهيار العمارة ستظل معلقة على ذمة الخبراء الذين يناط بهم التحقيق في الأمر ..لكن الذي لا يحتاج الى تحقيق هو منهج ادارة العمل العام عموما ووزارة الداخلية خاصة.. عندما تترك الأقدار كلها بيد رجل واحد او عصبة ممن حوله يتصرفون بلا كابح أو رقيب وكأنما مؤسسات الدولة ملك لمن يولي أمرها ... لقد لطف الله بأقداره أن أبعد أرواح الناس عن كارثة العمارة لكن الحادث فضح كيف تكون المصائر اذا علقت في رقاب الأفراد وابعدت المؤسسات..
    ولئن سقطت العمارة لأنها كائن يرى بالعين المجردة فإن كثيرا آخر مما لا يرى بالعين المجردة قد سقط او كاد لكن بعيدا عن الابصار .. كم تملك وزارة الداخلية وغيرها من الجهات الحكومية من الشركات ؟؟ وماهو الوضع المالي والاداري لهذه الشركات ؟ ومن يقف وراء تأسيس جامعة الرباط التي لا هي حكومية ولا خاصة.. وتتبع لوزارة الداخلية ولا تتبع ؟؟ من هم الخبراء الفنيون المعنيون بأمر كل امبراطورية المباني التي تقيمها وزارة الداخلية ؟؟ هل هناك مستشارون أكفاء يوصون باتخاذ القرار ؟؟
    هل تحصل وزارة الداخلية على ترخيص من وزارة التخطيط العمراني المباني التي تقيمها؟؟ أم انها سلطة فوق سلطة القانون الذي يلزم أى جهة مهما كانت أن تحصل على هذا الترخيص.. صدقوني المعلومات التي تجمعت لدي.. رغم أنف القانون تجعل المأمور الوحيد به المواطن المغلوب على أمره الذي ربما ينفق كل ماله ووقته للحصول على ترخيص بناء لمنزل من حجرة واحدة .. ويدفع غرامة فورية اذا مر فريق التخيط العمراني على منزله ولم يجد التصريح والخارطة في أى لحظة تمر بها فرق التفتيش..
    في أى بئر عميق توزع هذه المقاولات ؟؟ لماذا لا يتنافس السودانيون كلهم في الحصول على هذه العطاءات ؟؟ ليس في وزارة الداخلية فحسب بل في كل سيول المشاريع التي تكل بأعناقها في صمت مريب..
    سقوط العمارة يجب أن يسقط معه منهج عمل مجحف يجعل مؤسسات العمل العامن ملكا للأفراد يديرونها كما يديرون ممتلكاتهم الخاصة ..وحان الوقت للتفتيش والبحث عن مكمن هذا الخلل .. التفتيش في العقلية التي تدار بها الدولة في كل أركانها ..
    تظنون أن العمارة وحدها التي سقطتت ؟؟ سأقدم لكم قصة سقوط أكثر فجاعة.. الاسبوع القادم باذن الله .. حينها ستكتشفون أن العمارة مجرد "حادث صغير" بريء .. لم نخسر بسبب الا بضعة عشر من مليارات الجنيهات .. من حر مال شعب فقير ..
    سيدي وزير الداخلية.. هل ستنتظر مثلنا قرار لجنة التحقيق؟؟
    .
                  

12-02-2010, 11:09 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!! (Re: khalid abuahmed)

    ثورة البرلمان ضد الفساد ... للحقيقة أم للوداع؟!
    من هم لصوص المال العام ... سؤال لم يجد إجابة حتى الآن

    تقرير : إسماعيل حسابو:
    أخيراً اجاز المجلس الوطني الاسبوع الماضي تقرير المراجع العام عن حسابات الدولة باستثناء قطاع المصارف للعام المالي المنتهي في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2003م، الذي اثار جدلا كثيفا بعد ان ارجأ مناقشته عدة اسابيع بسبب تغيب الوزراء والتنفيذين وكان النواب قد اعلنوا ثورة قوية وحذروا من تنامي عمليات الفساد والاعتداء على المال العام حيث بلغت جملة المبالغ المعتدى عليها في التقرير «396» مليون دينار مقارنة بـ«168» مليون دينار للعام السابق.
    وباجازة التقرير في حضور بعض الوزراء وطاقم ديوان المراجع العام هدأت عاصفة الثورة وانتهى الامر كسابقاتها الى توصيات وتمنيات من النواب بالقضاء على عمليات الفساد والاعتداء على المال العام في المرحلة القادمة بحسبانها مرحلة ستشهد انفتاحاً اقتصادياً اكبر واقبالاً استثمارياً غير مسبوق وهو الامر الذي شدد عليه النواب في مداخلاتهم ولكنهم خلال الاستطلاعات التي اجرتها معهم « الصحافة» توقعوا ان يستمر الحال على حاله.
    ضبط وشفافية للمرحلة المقبلة
    وزير المالية والاقتصاد الوطني، الزبير احمد الحسن رأى ان حالات الاعتداء على المال العام لم تكن ظاهرة جديدة ولكنها ترجع الى العام 1956م حيث نال السودان استقلاله ولكنه اعلن ان وزارته بصدد اتخاذ اجراءات كثيرة للمرحلة المقبلة فيما يلي ضبط المال العام ومسألة الشفافية والمحاسبة. وقال الوزير امام البرلمان «نريد اجراءات وتعديلات كثيرة للحد من حالات الاعتداء على المال العام خاصة واننا مقبلون على مرحلة انفتاح واستثمارات» ودعا المجلس الى تشكيل لجنة لمتابعة انفاذ توصيات المراجع العام واعلن في الوقت ذاته ان وزارة الماليةكونت لجنة برئاسة وزير الدولة احمد المجذوب لحصر الشركات الحكومية «التي تزيد اسهم الحكومة فيها عن 20%» وقال إن اللجنة تمكنت من حصر «400» شركة بينما هناك شركات قد اوقفت واخرى تحتضر على حد تعبير الوزير. ولم يجد وزير المالية بداً من الإقرار بأن حالات الاعتداء على المال العام كبيرة ولابد من معالجتها. وعضد وزير الاستثمار مقترح وزير المالية بتكوين لجنة من المجلس الوطني لمتابعة تقرير المراجع العام.
    ولخص المراجع العام أبوبكر عبد الله مارن الموقف الراهن بان «75» مؤسسة وشركة حكومية قدمت حساباتها من جملة «94» حواها التقرير وهذه الـ«75» شركة من بينها «16» شركة إما موقوفة أو تحت التصفية ودعا رؤساء الوحدات الى الرد العاجل على الملاحظات التي ترد في التقرير واشار الى ثلاث شركات قال إنها اساسية هي شركة سكر كنانة، سوداتل والشركة العربية للزيوت باعتبارها شركات حكومية لا تقدم حساباتها الى المراجع العام وانما تتم المراجعة عبر مراجعيين خاصين ورأى رئيس اللجنة الاقتصادية ان الاعتداء على المال العام في الوزارات الاتحادية قليلٌ قياساً بالشركات.

    صلاة الجنازة على الشركات
    وعضد د. بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني مقولة وزير الإرشاد والأوقاف د. عصام احمد البشير الذي قال إن صلاة الجنازة قد اقيمت على احدى شركات الاوقاف التابعة لوزارته ودعا د. بابكر الى اقامة صلاة الجنازة على كافة الشركات الحكومية حتى يتم ضبط النظام الاقتصادي ودعا لتكوين لجنة لمعرفة الاسباب التي تدفع بعض هذه الشركات لعدم تقديم حساباتها.
    وشدّد وزير الأوقاف على معرفة أسباب الاعتداء على المال العام وايجاد العلاج المناسب لها وقال إنه لا بد من معرفة الشركات والمؤسسات التي لم تقدم حساباتها واضاف «اذا لم يتم ذلك نكون قد اخلينا بمبدأ العدالة».
    ودافعت وزيرة الرعاية الاجتماعية، سامية احمد عن شركة «زكو» التابعة لديوان الزكاة حيث اوضحت للمجلس انه تم تكوين لجنتين لتصفية الشركة وقد اصدرت توصياتها واخطرت المراجع منذ عام 2003م واعتبر ان الشركة الآن في مرحلة اجراءات التصفية ولكن تقرير المراجع العام امام البرلمان قال إن شركة زكو تمت تصفيتها دون اخطار ديوان المراجع العام وقد تم الاتصال بالمسؤولين لتقديم حساباتها قبل وبعد التصفية إلا ان ذلك لم يتم حتى تاريخ التقرير.
    على الرغم من ارجاء اجازة التقرير لمدة اسابيع الا ان اجازته تمت في هدوء وبالاجماع، ربما لانه قد عرض في الجلسة قبل الاخيرة من رفع البرلمان لجلساته، وفي استطلاع مع عدد من النواب خارج قبة البرلمان حول الخطورة والتحذيرات التي اشاروا اليها بشأن تقرير المراجع العام وعما اذا كانت تلك الثورة التي حركوها حقيقية أم أنها لزوم انتهاء اعمال المجلس، وكانت المفاجأة ان عدداً منهم بينهم ثلاثة من رؤساء اللجان الدائمة اعتذروا عن الحديث في الامر وتعللوا إما بغيابهم أو عدم المامهم بالتفاصيل، بينما ابدى نائب آخر رفض ذكر اسمه شكوكه حول تقرير المراجع العام نفسه، واعتبر ان ما يعرضه هو جزء من الكثير المثير.

    ثورة ... حقيقية ولكن..!!

    أجمع النواب الذين استطلعتهم على ان ثورتهم ضد الفساد والاعتداء على المال العام حقيقية وليس لزوم «قفلة» لاعمال دورة المجلس ولكنهم توقعوا تنامي عمليات الفساد.
    وقال كمال موسى الحاج يوسف ان ثورة النواب حقيقية وان رأيهم حول ما يرد بتقرير المراجع العام لكل سنة رأي ثابت ولكن نتائج التوصيات التي ترفع تكون مربوطة بأداء الجهاز التنفيذي حيث قال إن هناك ضعف في مسائلة ومحاسبة الجهازين التنفيذي فيما يلي الالتزام بما يرد من توصيات وارجع كمال الحاج ذلك الى سبب ان البرلمان يضم في عضويته نواباً غالبيتهم من حزب واحد هو المؤتمر الوطني حيث تكون المساءلة غير كافية أو أنه يشوبها الكثير من المجاملات بل قال إن البعض في الحزب يرون ان محاسبة مسؤول او وزير تكون خصماً على الحزب. ورأى الحاج يوسف انه يفترض ان تتوفر في الحزب اجهزة للرقابة ومحاسبة التنفيذيين «وهذا غير موجود في المؤتمر الوطني وهذا واحد من عيوبه»
    بل ذهب كمال وهو عضو ناشط باللجنة الاقتصادية الى ان بعض المؤسسات مستأسدة في الدولة وانها ترفض الانصياع لقرارات وتوصيات المجلس وانها تمارس عمليات تجنيب الايرادات وتحصيل الرسوم بدون سند قانوني وفتح حسابات خاصة فضلاً عن عدم التزامها باللوائح المالية.
    ورأى عبد الله بابكر ان ثورة النواب حقيقية وغير مفتعلة ولكنه اشار الى ان اسلوب بعض الشركات والمسؤولين في اخفاء الحسابات او التهرب من ديوان المراجع العام يجب ان يكون محل وقفة للبرلمان والدولة. ورأى ان المال العام يجب ان يصان.

    من هم اللصوص؟
    وبسؤالي المباشر حول من هم لصوص المال العام، وجدت ان العديد من النواب يتفادون الاجابة بصورة من الصور، ولكن اغلبهم يرون انها مؤسسات تتمثل في اشخاص او العكس فكمال الحاج يوسف وصفها بالجهات المستأسدة في الدولة ترفض الانصياع للقرارات حتى ان كانت تتناسق مع توجه الدولة وقال إنها تقوم بممارسات كثيرة سببها عدم المحاسبة والكثير من المجاملة، وضرب مثلاً بأن بعض الشخصيات تكون ممارساتها سالبة في بعض المواقع فيتم نقلها الى مواقع اخرى فقط او يتم ترقيتهم الى مواقع احسن واشار الى اسماء معروفة قد نبه اليها المجلس والى اخطائها على حد تعبيره. واكتفى عبد الله بابكرب بالقول إن المجلس سيوجه بان يجد كل مفسد عقابه الصارم وان يكون للقضاء دوره الواضح والشجاع في ذلك وذكر حسن العبيد انهم اشخاص لا احد يتابعهم او يراجعهم أو يسألهم.
    وعلى الرغم من ان المجلس الوطني اجاز تقرير المراجع العام بتوصيات حول ضرورة صون المال العام ومحاسبة
    المعتدين عليه يبقى السؤال مفتوحاً متى سيتم ذلك؟؟
    ما ظهر من فساد.. قمة جبل الثلج !!
    * الخبراء والسياسيون ارجعوا اسباب تنامي الاعتداء على المال العام الى النظام السياسي القائم وآحاديته التي تغيب معها المساءلة والمحاسبة ولكنهم - ا يضا - عجزوا عن تسمية لصوص المال العام الذين اعتبرهم الدكتور عبدالرحمن الغالي، نائب الأمين لحزب الأمة القومي (المعارض) اشخاص ومؤسسات تقف وراءها مراكز قوة.وأجمع الغالي ومحمد علي محسن المراجع العام الاسبق وعلي محجوب عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض، على ان الارقام التي يعكسها تقرير المراجع العام لا تمثل الارقام الفعلية للإعتداء على المال العام. وقال محسي لـ (الصحافة) ان الخلل والاعتداء على المال العام كبير وسينمو طالما ليس هناك نهج ديمقراطي مفتوح يتيح المساءلة والمحاسبة ويحول دون تراكم هذه الاعتداءات بتراكمها يشعر المعتدون بالاطمئنان والتمادي.

    وربط محسي ما يحدث بالوضع السياسي القائم وآحادية الحكم حيث تغيب رقابة الشعب على المال العام مشيرا الى ان الحزب الواحد في الحكم يدافع عن مسؤوليه ويغض الطرف عن محاسبتهم، ويرى انه لا حل دون الديمقراطية التي مهما تكون علاتها فهي تفتح الباب لمراقبة المال العام ومحاسبة المتلاعبين به.
    من جهته لم يذهب د. الغالي بعيدا حيث ربط ما يحدث من فساد مالي بالبيئة السياسية وارجع الاسباب الى ما اسماه غياب الحكم الرشيد الذي تغيب فيه الشفافية والمساءلة والمحاسبة واعتبر الاعتداء على المال العام ابن شرعي لذلك، وانه لا يمثل الا قمة جبل جليد الفساد مشيرا ان تقرير المراجع العام لا يعكس الا جزءا قليلا ورأى الغالي ان لصوص المال العام مؤسسات اشخاص ورائهم مراكز قوة وقال دكتور الغالي إن نسبة الفساد بالسودان تصل الى 79% بما يضعه في المرتبة الثانية بين الدول العربية بعد دولة العراق التي تحتل المركز الاول على حد قوله.

    وفضل علي محجوب عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي المعارض ابتدار حديثه بسؤال حول ما يمنع المراجع العام من فتح بلاغات ضد هؤلاء المفسدين .. واضاف هل يمتنع المراجع عن ذلك بنفسه ام ان انتماءه للحزب الحاكم يمنعه؟؟ . ورأى ان المال المعتدى عليه اكبر بكثير ووصف ما يعكسه تقرير المراجع العام بالمبالغ ال########ة معتبرا ان جهات اخرى كثيرة لن تطالها يد المراجع العام. وقال محجوب اننا لم نسمع بالتسويات في اختلاس المال العام الا في الانقاذ حيث يقوم البعض بأخذ الاموال واستثمارها ثم اعادتها مجزأة..!!
    الصحافة
    العدد رقم: 5297

    ويسألونك عن مشروع سندس الزراعي
    ... بقلم: هاشم بانقا الريح
    الوصول إلى منطقة جبل أولياء، حيث تسجيلات أراضي مشروع سندس الزراعي، ليس سهلاً خاصة لمن كان مثلي يأتيها من أم درمان و"يمتطي" المواصلات العامة ذات التعرفة الرخيصة، والحركة السلحفائية، والتوقف المستمر الممل، لكن على أية حال كان لابد من الوصول إلى مجمع محاكم جبل أولياء حيث يقبع قسم التسجيلات الذي منه يمكن الحصول على شهادة البحث الخاصة بقطع أراضي مشروع سندس الزراعي، هذا المشروع الذي كاد أن يبلغ العشرين عاماً من عمره ، وما تزال أحلام مالكيه تراوح مكانها رغم ذهاب إدارة المهندس الصافي جعفر واستبشار المالكين بأن العهد الجديد سيحمل لهم مفاجآت لاسيما بعد أن رأوا على شاشات التلفزيون الرسمي ما قيل أنه "بشريات" المشروع، وربما قرأوا أن الفرج آتيهم وأن السنين العجاف التي قضوها ستعقبها أعوام فيها يغاثون ويعصرون، لكن يبدو أن أمام مالكي أرضي مشروع سندس الكثير قبل أن يزرعوا سنين دأبا، وقبل أن يفكروا في تسويق ما يحصدون.
    نسيت أن أقول لكم أنه قبل هذه الزيارة لتسجيلات أرضي جبل أولياء كان لابد من القيام بزيارة لإدارة المشروع للوقوف على آخر المستجدات. والحق يقال أن الإخوة في إدارة الإعلام وكذلك المستشار القانوني كانوا لطيفين في التعامل رغم أنهم لا يملكون معلومات كافية عن تطورات المشروع وكان حري بهم أن يكونوا ملمين بكل صغيرة وكبيرة، وألا يكتفوا فقط باحالتك إلى الموظف المختص في موقع المشروع.
    بعد مضي ما يقارب العشرين عاماً بعد قيام أول دفعة من مخضرمي مشروع سندس الزراعي من دفع ثمن أراضيهم بالدولار الأمريكي، بعد مضي هذه المدة الطويلة، ربما تتوقع هذه الفئة أن يكون تعامل الإدارة معها مختلف، ولكن الأمر ليس كذلك أبداً أبداً.
    داخل قسم تسجيلات أرضي جبل أولياء والساعة قد تجاوزت الثانية عشر من ظهر يوم الأحد الحادي عشر من شهر يوليو 2010م، كنت الوحيد وكنت أعرف أن عليّ أن أدفع رسوم قال لي موظف بإدارة المشروع قبل نحو أسبوعين أنها سبعين دولاراً أو ما يعادلها.. نعم سبعين دولاراً.. ليست ديناراً ولا جنيهاً سودانياً..

    فتأمّلوا!!
    ذهبت إلى هناك وأنا أفكر في كيفية حساب ما يعادل هذه السبعين دولاراً بالعملة المحلية التي سأدفع بها، هل سأدفع بسعر صرف بنك السودان، أم بالسعر السائد في السوق التي لم تعد تسمى سوداء بعد أن تم تقنينها بوجود الصرافات المنتشرة بصورة واسعة والتي يزيد سعر صرفها عن السعر الرسمي.
    فاجأني موظف تسجيلات الأراضي بأن طلب مني الذهاب إلى السوق وإحضار جريدة ليعرفوا سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني حتى يتم تحديد المبلغ الذي سأدفعه مقابل تسجيل قطعة الأرض وبالتالي استلام شهادة البحث. لا أخفي عليكم أنني غضبت غضبة مضرية وصحت في الموظف: (أجيب جريدة أنا ليه؟ إنتو إدارة حكومية المفروض إكون عنكم جرايد، ليست المشكلة سعر الجريدة ممكن أدفع سعر أكثر من جريدة، لكن المشكلة عدم وجود نظام.. أنا لا أدافع عن نفسي ولكن عن كل الذين سيطلب منهم ذلك.) وطلبت مقابلة رئيس المكتب، ولكن لم تتم الاستجابة لطلبي، وطلبوا مني أن أنتظر على كرسي.. وقالوا لي (نحن حا نجيب الجريدة ولكن إنت حا تتأخر)، فقلت لهم ما مشكلة. المهم بعد فترة طلبوا مني أن أذهب للمحاسب ودفع الرسوم التي كانت 171 جنيه (أي 171 ألف بالقديم الذي ما يزال يستخدم على نطاق واسع).
    أخيراً استلمت شهادة البحث التي كُتب عليها في الجزء الأيمن العلوي: (أورنيك تسجيل الأراضي نمرة 18) ، وفي المنتصف: (شهادة بحث – قانون تسوية الأراضي وتسجيلها لعام 1925م)، وفي الجزء الأيسر العلوي تحمل شهادة البحث شعار القضاء السوداني، ومختومة مرتين بختم مكتب تسجيلات أراضي جبل أولياء. لكن المشوار المثير لم ينته بعد أيها القارئ الكريم وبينكم – لاشك- ممن يهمه أمر مشروع سندس الزراعي. بعد استلامي لهذه الشهادة مباشرة اتصلت بالسيد عبدالحفيظ الذي لا أعرفه شخصياً ولكن إدارة المشروع عندما زرتها قبل أسبوعين زودوني باسمه وتلفونه وقالوا لي أنه متواجد في موقع المشروع للتسليم على الطبيعة وتوفير المعلومات عن موعد الزراعة. اتصلت بهذا الأخ الذي طلب مني الاتصال برقم موبايل آخر خاص بشخص آخر اسمه (هيثم) على ما أظن، ولا أدري إن كان موظف في المشروع أم في جهة أخؤى، فكل شيئ هنا جائز. اتصلت بهذا الهيثمبه، وبعد أن طلب رقم القطعة، قال لي: (ما حا يكون في زراعة في الخريف دا لكن ممكن في الشتاء.) قلت له شهر كم يعني، قال شهر حداشر. وطلب مني أن أحضر قبل ذلك أي حوالي شهر عشرة للتأكد من ذلك ودفع رسوم الاستلام التي حددها بخمسمائة جنيه ( أي خمسمائة ألف جنيه). فوجئت تماماً وربما يكون بعض المالكين قد فوجئوا مثلي من كثرة هذه الجبايات التي لا تتوقف، وهي لم تعد مستغربة من جهات تطلب منك شراء الجريدة لمعرفة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه حتى تدفع لهم بناءً على ذلك.
    تأمّلت الجباية الجديدة المتمثلة في نصف المليون جنيه، التي تنتظر من يودون استلام، ولم أقل استغلال، أراضيهم في مشروع سندس، إذ ربما تظهر المزيد من الرسوم التي لم تكن مطروحة من قبل، وهي رسوم وقتيه تفرضها الإدارة بمزاج غريب وحسب الظروف. إذ كيف يُعقل أن يظل من دفع آلاف الدولارات قبل ما يقارب العقدين من الزمان يجهل أي معلومة عن هذا المشروع، ويظل غير مستفيد مما دفعه طوال هذه المدة، وبدلاً عن الاعتذار له والتعامل معه بطريقة تمسح بعض ما لحقه من حيف وجور، نجد غياب تام للمعلومة، وتسويف ونكث بالوعود، ومع ذلك المزيد من الجبايات!!

    لقد أمنت إدارة المشروع أي تحرك من جانب المالكين، ولذا تمادت في عدم الوفاء بوعودها، وهي وعود ظلت تتكرر منذ ما يقارب العقدين من الزمان. ولا أظن أن المالكين في وضع يمكنهم من التحرك الجماعي لانتزاع حقوقهم، ولذا يظل أي شيئ يقدم لهم يستقبلونه بالكثير من الرضاء والغبطة وكأنه هبة جاءتهم من السماء، و"مكرمة" تفضلت بها عليهم إدارة المشروع، ونسوا، بل تناسوا، أنهم دفعوا من حر مالهم شقاء السنين ومدخرات أولادهم على أمل أن ينعموا بشيء من الاستقرار في وطنهم .
                  

12-02-2010, 11:26 AM

عادل نجيلة

تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 2832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!! (Re: khalid abuahmed)


    أبوخالد ..

    عليهم الفساد و علينا المحاكمات و المصادرات ..
    والذي رفع السماء بغير عمد سيرجع كل قرش منهوب لخزينة الشعب
    فدوام الحال من المحال وإلا لدامت لفرعون و هامان ..! ودمت
                  

12-02-2010, 11:32 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!! (Re: khalid abuahmed)

    المُراجع العام في السودان أشار إلى وجود صرف مبالغ دون وجه حق
    كشف المُراجع العام في السودان أبو بكر عبد الله مارن أن بعض المصالح الحكومية لم تُمكّن ديوانَ المُراجع العام من مراجعة حساباتها. وأوضح خلال تقديمه تقريره السنوي إلى البرلمان السوداني أن ذلك الأمر يشمل بعض وحدات وزارة الداخلية والجهاز القضائي بولاية نهر النيل. وأكد المسؤول السوداني عدم وجود تنسيق بين الوحدات والإدارات مما يؤدي إلى صرف مبالغ دون وجه حق. "حجم الفساد بالسودان زاد إلى حد أنه أصبح يهدد أمن الدولة وثقة المواطنين في وجود توزيع عادل للثروة في ظل نظام حكم لا يسمح بالشفافية والرقابة والمحاسبة"
    وتعليقا على تصريحات المراجع العام قال الخبير الاقتصادي السوداني حسن ساتي للجزيرة إن حجم الفساد أكبر بكثير مما يراه الناس، مشيرا إلى أن ما كشف عنه المراجع العام لا يتجاوز 10% من الواقع لأنه يختار نسبة معينة للمراجعة ولا يستطيع مراجعة الكل كما ذكر هو نفسه.
    وحذر ساتي من أن حجم الفساد زاد إلى درجة أصبح معها يهدد أمن الدولة وثقة المواطنين في وجود توزيع عادل للثروة، في ظل نظام حكم لا يسمح بالشفافية والرقابة والمحاسبة في المؤسسات.
    وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذا الوضع هو الذي جعل السودان حاليا يصنّف السادسَ في سلم الدول التي ينتشر فيها الفساد، حسب تقرير منظمة الشفافية العالمية.
    يشار إلى أن جملة الاعتداءات على المال العام في الأجهزة القومية السودانية عدا المصارف والولايات الشمالية بلغت عام 2006 نحو 4.6 ملايين دولار.

    المصدر:الجزيرة


    تجاوزات مالية و إدارية بالهيئة العامة للطيران

    تحقيق:حنان كشة
    خيط رفيع تتبعناه فقادنا لمستندات موثوقة كشفت معلومات خطيرة عن تعاملات مشبوهة للهيئة العامة للطيران المدني و التي تعتبر واحدة من المؤسسات السيادية ذات الحساسية العالية والمعلومات الموثوقة التي وضعنا ايدينا عليها تدين عدد من القائمين علي أمرها تورطوا في معاملات مشبوهة تتصل بتجاوزات مالية و إدارية مواقعهم وسلطاتهم.
    وفي المساحة التالية نسلط الضوء على هذه القضية الخطيرة بسلسلة من التحقيقات.
    عود علي بدء
    في عددنا الصادر يوم الثلاثاء الموافق السادس من يوليو الجاري تصدر صحيفتنا خبر حمل عنوان (بالمستندات تورط نافذين بالطيران المدني في معاملات مشبوهة) جاء في متنه (كشفت مستندات رسمية تحصلت عليها الصحيفة عن تورط نافذين بالهيئة العامة للطيران المدني في توقيع عقودات تنص علي إتفاقيات بين الهيئة و أفراد لبنانيين و سودانيين دون حاجة ماسة للبنود التي إشتملت عليها حيثيات الإتفاقيات.
    وفي السياق تحصلت الصحيفة علي عقد مبرم بين الهيئة ممثلة في مديرها العام المهندس محمد عبد العزيز و لبناني يدعي (عماد مجاعص) تم توقيعه في يونيو من العام الماضي بمسمي تفعيل الموارد البشرية بما قيمته (332.500) دولار مع نفقات الإقامة بفندق السلام روتانا و الوجبات و الترحيل واجبة السداد علي الهيئة و يلزم الطرف الثاني بالحفاظ علي سرية المعلومات الواردة في الإتفاق خلال فترة تنفيذ العقد فيما أشار عقد آخر تم توقيعه مع وليد حداد اللبناني الجنسية في فبراير من العام الماضي تحت مسمي إعادة الهيكلة قضي بتسديد الأولي ما قيمته (235) ألف دولار ووفقا للشروط الموضحة في العقد بجانب إلزامها بسداد المبلغ المحدد منذ تاريخه في حالة تقريرها عدم الإستمرار فيه لأي سبب.
    في منحي متصل كشف مستند آخر عن موافقة الهيئة علي عرض إحتياجات أجهزة الإتصالات الذي تم تقديمه من المدير العام لشركة ساهل للحلول السهلة المحدودة السودانية بتاريخ 2 سبتمبر من العام الماضي بقيمة (120) ألف جنيه بجانب عقد آخر لذات الشركة قضي بإستيراد ملابس واقية لرجال الإطفاء بقيمة (288) ألف دولار.
    يذكر أن مجموعة المستندات سالفة الذكر أثارت لغطا بالدوائر الإقتصادية التابعة للهيئة العامة للطيران المدني لكون تنفيذ المعاملات الواردة في الإتفاقيات المذكورة لم يراع فيها لوائح الخدمة المدنية المتعارف عليها و لم يتخذ عبر الطرق القانونية المتبعة في مثل تلك الظروف من جهة و لعدم وجود حاجة ماسة لتنفيذها حسبما أكدت مصادر موثوقة (فضلت حجب هويتها) إنطلاقا من المادة 25 المضمنة في لائحة الخدمة المدنية للعام 2007م و التي تنص علي : (أنه مع مراعاة أحكام المادة 27 من قانون الخدمة المدنية و قانون العمل لعام 1997م أو أي قانون آخر يحل محله يتم التعاقد مع الأجانب بقرار من مجلس الوزراء بناء علي ترشيح الوزير المختص و توصية الوزير ووزير المالية و الإقتصاد الوطني لأداء مهام محددة لفترة أو فترات زمنية) ذلك كان خيط كما ذكرنا في المقدمة تابعناه فوجدنا حقائق يشيب لها الولدان.

    قصة بنك الشامل..

    عند مقدمه لتولي منصب المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني أصر على نقل كافة التعاملات المصرفية للهيئة لبنك الشامل البحريني بسبب تعامله السابق في المؤسسة التي كان يعمل بها قبل مقدمه للهيئة و بالفعل كان له ما أراد و حسبما يقول محدثنا الذي فضل عدم الكشف عن هويته أن أول ما يلفت النظر أن الشبهات كانت سمة تميز تعامل الهيئة مع البنك و بين ذلك تعامله مع شركة أردنية تدعي مفاز للتجارة تعمل وكيلا لألعاب الأطفال تم توقيع عقد معها لتقوم بتنفيذ تأهيل الإضاءة المدرجية لمطار دنقلا و تم تسديد المبالغ المطلوبة للشركة بنسبة 100% بتاريخ 19 أغسطس 2009م بالرغم من أنه كان يفترض أن تقوم شركة يويونق الكورية لكن لأسباب غير معلومة تم العدول عن الأمر و أوكل لشركة رعبوبة العالمية لخدمات الطيران و المطارات المحدودة و التي أنشئت بشكل درامي مثير للريبة في الأول من أبريل عام 2009م وأوكل لها أمر تأهيل إضاءة مطار دنقلا كما ذكرنا آنفا بالرغم من تسجيلها في ذات الوقت الامر الذي يعني أن لا سابق خبرة لها في المجال و الأدهي من ذلك و الأمر أمر تسجيل الشركة و ما جعلها تحظو بذلك أن صاحبها (م.أ.م) صهر المدير العام لشركة ساهل للحلول السهلة و التي سنسلط عليها الأضواء لاحقا في هذا التحقيق و قد تم تسجيل شركة رعبوبة بعقد ينشر الأسي في النفس بتكوينها من ثلاثة أشخاص صاحبها (م .أ.م) و زوجته و إبنه القاصر و لكونها مسجلة في المسجل العام التجاري بوزارة العدل حسب قانون الشركات للعام 1925م و بعد تسجيلها تم صبغها بصبغة العمل في مجال الطيران كان ذلك تمهيدا لعمل آخر
    رعبوبة الحبوبة..

    بتوثيق من محامي يقر بصحة ما جاء في عقد شركة رعبوبة الذي أورد تناقضات عديدة أهمها أنها مكونة من ثلاثة أشخاص يمثلون أسرة واحدة بينهم طفل قاصر و لم يثبت لنا رغم البحث ان بها عاملين أو موظفين أو لها مقر أصلا كما ذكرنا آنفا و بجانب ذلك فإن العقد نفسه كشف عن تناقضات عديدة و هو ينص علي أن اللوائح الواردة في (أ) من الجدول الأول من قانون الشركات لسنة 1925م لا تنطبق علي الشركة بالرغم من تسجيلها في وزارة العدل تحت طائلة ذلك القانون و لكنه بإتجاه آخر إحتوي علي أن الشركة شركة خاصة حسب قانون الشركات للعام 1925م و طبقا لذلك بني العقد شروطا ثلاث تمثلت في أن يكون حق الأسهم المنصوص عليها مقيدا بالطريقة المنصوص عليها فيما بعد و أن لا يتعدي عدد أفراد الشركة الخمسين عضوا و في حالة وجود شخصان أو أكثر يحملان سهما من الأسهم يعاملان كشخص واحد لأغراض النظام و الشرط الثالث و الأكثر غرابة يقول محتواه أنه لا يجوز دعوة الجمهور للإكتتاب في أي سهم من أسهم الشركة و مضي العقد ليعلن حصر الأسهم في مؤسسي الشركة فقط و هو ينص في بند الأسهم علي (فيما عدا ما ينص عليه صراحة بخلاف ذلك فإن الأسهم سواء الأساسية أو الإضافية توضع تحت تصرف مجلس الإدارة الذي يحق له أن يخصصها لأشخاص و يتصرف فيها و بحسب الإشتراطات التي يراها مناسبة) و هنا أعيدت الكرة للملعب ليتحكم الثلاثة في أمر الشركة كيفما شاءوا و ذلك تمهيدا لممارسات عديدة تمت بعد ذلك بين الشركة و الهيئة العامة للطيران المدني و بين الشروط الواردة في بند الأسهم كذلك أن الشركة لا تعترف لغير صاحب السهم المسجل الذي له الحق المطلق فيه بأن يحتفظ بسهم من أسهمها لديه كوديعة أو أمانة كما لا تعترف له بأية منفعة بالنسبة لأي سهم يتحول عن طريق العدالة أو لمصلحة طارئة أو منتظرة مستقبلا إلا إذا نص عليه بوضوح في نظام الإدارة .
    ومن بين البنود التي تثير الريبة في العقد والشركة أنه يجوز لمجلس الإدارة كلما رأي ذلك مناسبا أن يدعو لعقد إجتماع فوق العادة و ينبغي حسبما جاء في العقد أن تصدر الدعوة لإجتماع فوق العادة بطلب و في حالة عدم إجابة هذا الطلب يكون لمقدمه الحق في إرسال الدعوة وفقا لمقتضيات المادة (71) من قانون الشركات لسنة 1925م إذا لم يتوفر في أي وقت من الأوقات العدد القانوني لإنعقاد الجلسة و يجوز لأي مدير أو لأي عضوين في الشركة أن يدعوا لعقد إجتماع عمومي فوق العادة علي أن يتبعا بقدر الإمكان الطرق التي يتبعها مجلس الإدارة في الدعوة لإنعقاد الإجتماعات.

    شركة الأحلام..
    عقد تأسيس شركة رعبوبة عرج ليغرق في أحلام لا واقع لها إطلاقا و هو ينص علي أنه يجب أن لا يقل مجلس الإدارة عن اثنين و لا يزيد عن سبعة بما في ذلك رئيس مجلس الإدارة إلا إذا قرر مجلس الإدارة خلاف ذلك و يتم التعيين بواسطة الأعضاء المؤسسين للشركة (أي الأسرة المكونة من الأفراد الثلاثة) و أوضح العقد كذلك أنه يجوز لمجلس الإدارة أن ينتخب من وقت لآخر واحد أو أكثر من أعضائه عضوا منتدبا بالشروط التي يراها مناسبة و له الحق في إقالته أو إقالتهم و تعيين غيرهم علي أن يكافأ عضو مجلس الإدارة المنتدب نظير أعماله التي يؤديها للشركة إما بمرتب أو بعمولة أو بحصة من الأرباح كما أنه لا يجوز أن يعين عضو مجلس الإدارة في أي وظيفة أو أن يشغل مركزا بالشركة يعود بفائدة عليه ما عدا تلك الوظائف التي يراها الإجتماع العام للشركة تخصيصها ليملأها عضوا أو أكثر من أعضاء الشركة بمرتب أو أرباح كما نص العقد علي أنه يجوز لكل عضو بمجلس الإدارة السلطة أن يعين شخص توافق عليه أغلبية مجلس الإدارة الآخرين ليعمل عضوا مناوبا بدلا عنه كما يجوز للمدير أن يتقلد أي منصب للشركة عدا منصب المراجع بالشروط و المكافآت أو خلافه التي يتفق عليها مجلس الإدارة و جاء في العقد في بند حصص الأرباح الإحتياطية أنه يجوز للشركة أن تقرر في إجتماع عام حصصا علي أنه لا يجوز أن تزيد تلك الحصص علي المقدار الذي وضع بواسطة مجلس الإدارة و يجوز لمجلس إدارة الشركة من وقت لآخر أن يصرف للمساهمين ما يري صرفه من الحصص المؤقتة بالنسبة إلي أرباح الشركة و أردف في هذه الجزئية بشرط فحواه يجوز لمجلس الإدارة قبل أن يوصي بدفع أي حصة أن يخصص من أرباح الشركة مبلغا إحتياطيا أو مبالغ إحتياطية حسب ما يراه مناسبا أو يترك لمجلس الإدارة حرية التصرف في إستعمال هذه المبالغ تلك الشروط و غيرها ضمنت في عقد التأسيس الذي تم علي ضوئه التصديق للشركة بممارسة العمل وفقا لقانون الشركات للعام 1925م كما ذكرنا آنفا لينفتح الباب أمامها لتقوم بما تريد علي أرض الواقع و قد كان لها ما أرادت.

    مهازل رسمية..

    من بين المهازل الرسمية التي تدور سيناريوهاتها داخل الهيئة العامة للطيران المدني تعاملها مع شركات غريبة التكوين تشعر بأنها أسست لتنفذ مشاريع الهيئة خصيصا بينها شركة رعبوبة حيث تم توقيع عقد معها بتاريخ السادس من يوليو 2009م وقعت الهيئة العامة للطيران المدني ممثلة في مديرها العام محمد عبد العزيز عقد مع شركة رعبوبة ممثلة في مديرها العام (م.أ.م) يلزم الأولي بسداد ما قيمته (462.760) يورو بموجب خطاب إعتماد مصرفي معزز و مبلغ (883.500) جنيه سوداني تدفع بنحو تم تفصيله بالعقد بحيث سدد نسبة 30% من القيمة الكلية مقدما بعد التوقيع علي العقد مقابل خطاب ضمان مصرفي ساري لحين تنفيذ العقد أو شيك معتمد فيما تسدد 35% من القيمة الكلية للعقد بعد إستلام مستندات الشحن الأصلية و يتم تسديد الـ(35%) المتبقية بعد التركيب و الإستلام النهائي للعمل محل العقد بموجب شهادة إنجاز صادرة من المهندس المشرف و معتمدة من مدير إدارة هندسة المطارات و من بين إلتزامات الطرف الأول تعيين لجنة مختصة لفحص البضاعة محل العقد و إستلامها مع ترحيل البضاعة محل العقد من ميناء بورتسودان إلي مخازن الطرف الأول بمطار دنقلا فيما تمثل إلتزم الطرف الثاني في شركة رعبوبة بتوريد مواد إضاءة مدرجية لمطار دنقلا التابع للطرف الأول الـ(c &f) مطار بورتسودان حسب مواصفات تم الإتفاق عليها من 1ـ1/أ و 1ـ1/ب من العقد كذلك من بين إلتزامات الطرف الثاني أن تكون المواد محل العقد جديدة و مطابقة للمواصفات و خالية من العيوب و تفي بالغرض المطلوب من صناعتها و تم التوقيع علي العقد بحيث يسري من تاريخ التوقيع عليه في السادس من يوليو 2009م.
    حقائق عديدة بالمستندات تحصلت عليها الحقيقة هذه مجرد جرعات قليلة لكن ما سيرد في الحلقات القامة أكثر إثارة و دهشة فقط تابعونا في سلسلة التحقيقات هذه..

    من متن المستندات
    المستندات التي بحوزة الصحيفة تقول أن تجاوزات كثيرة تدور تحت أجنحة الهيئة ابرزها عقودات مريبة كتلك التي ابرمت مع لبنانيين أثنين بما يفوق النصف مليون دولار لتفعيل الموارد البشرية واعادة الهيكلة المقارنة بين المبالغ الكبيرة هذه والمهمة تبدو ضربا من المستحيل هذا ان كان تفعيل الموارد البشرية واعادة الهيكلة أصلا من القضايا ذات الاولوية والسؤال ايضا يفرض نفسه ما هي نتائج هذه العقودات الملاريارية هل أوجدت على ارض الواقع جديد وان كانت هذه العقودات مهمة وعاجلة هل كان الامر يتطلب استجلاب منفذين من خارج الحدود بهذه الارقام الفلكية أم أن وراء الاكمة ما وراءها.
    ومن المعلومات المثيرة للشكوك التي حملتها المستندات قصة استيراد ملابس واقية لرجال الإطفاء بقيمة (288) ألف دولار!!! وهي قصة سنتوقف عندها لاحقا ورعبوبة و الشركة وكيلة العاب الاطفال التي اصبحت بقدرة قادر تعمل في الاضاءة المدرجية للمطارات!!!
    اضواء على الهيئة
    نشأت سلطة الطيران المدني في عام 1936م وكانت تتمثل في مكتب يتبع للسكرتير الإداري وكان نشاطه مقتصرا على تصريفات العبور والهبوط للطائرات استقلال السودان عام 1956م .
    وتمت سودنة الهيئة وتبدل نظام العمل من نظام الشركات إلى قطاع حكومي فأنشئت مصلحة الطيران المدني تحت أشراف وزارة النقل والمواصلات والسياحة ، وانضمت في نفس العام لمنظمة الطيران المدني الدولية (ICAO)
    وفى عام 1960 صدر قانون الطيران المدني السودان واللوائح الصادرة بموجبه لتنظيم حركة النقل الجوى بأجواء البلاد على المستوى الداخلي والعالمي
    وفى أكتوبر عام 1985م صدر قرار جمهوري بتحويل مصلحة الطيران إلى هيئة باسم الهيئة العامة للطيران المدني
    ومن مهام الهيئة العامة للطيران المدني توفير السلامة للطائرات وتشييد المطارات وتقديم أفضل الخدمات في مجال النقل الجوى ، وتلتزم الهيئة بكل ما سبق ذكره وفق قانون الطيران المدني الذي تم تجديده وإجازته عام 1999م مع التزامها بما صدر من منظمة الطيران المدني ( ICAO ) .


    تحقيق:حنان كشة
    تجاوزات مالية وادارية بالهيئة العامة للطيران المدني (2)
    تحقيق:حنان كشة
    مستندات عديدة بدأت بخيط رفيع جعلنا نجره حتي تكشفت لنا معلومات خطيرة عن تعاملات مشبوهة للهيئة العامة للطيران المدني و التي تمثل ذراع بلادنا الذي يفترض أن يكون أمينا في كل شئ لما للمجال من حساسية فعثرنا علي معلومات موثوقة تدين عدد من القائمين علي أمرها في تعاملات مشبوهة متخذين من كونهم نافذين فيها سبة لذلك بجانب ضلوعهم في توقيعهم علي عقود وهمية و ثالثة لا أساس لها من الصحة قانونا و ها نحن نسلط عليها الضوء في هذا التحقيق أملا في أن ينصلح الحال و أن تطال أيدي العدالة الجميع..
    هول المفاجأة..

    تم التوقيع علي العقد كما ذكرنا لكن لأسباب تم التكتم عليها بشدة تم تعديله في عقد آخر وقع عليه الطرفان في الخامس عشر من يوليو عام 2009م و من بين المؤشرات التي تلفت الإنتباه أن قيمة العقد حيث أن العقد الجديد ألزم الطرف الأول بسداد مبلغ قدره 178.428يورو للمبلغ القديم المحدد في العقد الأول الذي تبلغ قيمته 462.760 يورو لتصبح الجملة 641.188 يورو تدفع بذات الكيفية المحددة في العقد الأول و لم تتم أي إضافة أخري سوي تعديل قيمة العقد و تم التوقيع علي العقد المعدل بتاريخ الرابع من أغسطس من ذات العام بتوثيق من مدير الإدارة القانونية بالهيئة العامة للطيران المدني .
    معاملات ملتوية و أساليب متعرجة تلك التي دارت خلف غياهب الزمان و ذلك ما يؤكده مستند تحصلت الصحيفة علي نسخة منه يفيد أنه تم فرز عطاء فني لإختيار شركة يرسو عليها العطاء و من ثم تقوم بإجراءات تأهيل إضاءة مدارج دنقلا و الغريب في الأمر أن شركة رعبوبة التي رسي عليها العطاء لم تكن بين قائمة الشركات التي تقدمت للعطاء و كانت تمني نفسها بما حصلت عليه شركة رعبوبة لكن شاءت تدابير القائمين علي الأمر إستبعادهم و تفضيل شركة لم تتقدم أصلا للعطاء و ذلك ما أكده خطاب مدير المشتريات الذي خاطب فيه مدير الإدارة العام للشئون المالية و الحسابية و الإمداد بتاريخ السابع عشر من يونيو من عام 2009م و هو يخطره أنه لم يتم إختيار أي من العروض المقدمة من الشركات التي تقدمت للعطاء بطلب رسمي بقوله(تم طرح الموضوع في مناقصة عامة و لم تتم إجازة أي من العروض المقدمة في العطاء و تم التصديق للمدير العام لشركة رعبوبة العالمية لخدمات الطيران و قد قمنا بمخاطبة الشركة لكي تمدنا بتأمين قدره 10% من العرض المقدم و لكن لا يوجد ما يفيد قبوله أو إجازته من ناحية المواصفات الفنية).

    حقائق داوية..

    تم إختيار شركة رعبوبة لتقوم بخدمات تأهيل الإضاءة المدرجية لمطار دنقلا بالرغم من أن التقرير الفني أوصي بعد معاينة العروض المقدمة من شركات لها خبرة في المجال أنه من الأفضل أن يرسو العطاء علي شركة لوسبت الألمانية بإعتبارها الأفضل فنيا لحصولها علي 74.16% من مجمل النسبة التي تم تخصيصها للأداء الفني و البالغة في مجملها 80% بعد أن تم تخصيص الـ20% المتبقية للسعر و حازت شركة لوسبت الألمانية علي نسبة 11.16% ليصبح مجموع درجاتها مجتمعة 85.32% و هي النسبة الأعلي حسبما جاء في التقرير الفني الذي تمتلك الصحيفة نسخة منه بجانب ذلك فإن الشركة قدمت محفزات زادت إحتمال إختيارها من بين الشركات المتقدمة بينها تغطية جميع البنود المطلوبة بتفاصيلها كاملة و كافية مما يقلل من معوقات تنفيذ المشروع،الجودة العالية جدا لجميع البنود مما يجعل الكلفة التشغيلية الأقل و الكفاءة التشغيلية الأعلي بجانب ذلك كله تضمن العرض مقطورة كهربائية حديثة متخصصة لسحب و توصيل الكوابل للإضاءة المدرجية كما تضمن العرض كشف إسبيرات لسنتين شامل و يغطي الإحتياجات المتوقعة لتلك الفترة و أوصي التقرير الفني بأن النقاط الأخيرة هي الأهم في البحث عن الأفضل من بين العروض المقدمة.

    صفقات المصالح..
    يقول المصدر الذي فضل حجب إسمه و هو يشير لقيمة العقد الذي تم توقيعه مع شركة رعبوبة بقيمة (462.760) يورو أن حجم العمل الذي تم التوقيع عليه في ذلك العقد لا يتوزاي مع تلك القيمة المادية المكلفة و سحب قوله فإن إنجاز العمل لا يتخطي الـمائتا ألف دولار و بالرغم من تسديد المبلغ كاملا لشركة مفاز إلا أنه تم إشراك شركة رعبوبة في الأمر و مضي ليضيف إلي أسباب تعديل العقد الذي ذكرناه في الحلقة الأولي سببا آخر تمثل في أنهم حاولوا تلافي عدد من الثغرات بينها عدم وجود كادر عامل في الشركة و أنها تفتقر الدعم الفني و كان من الممكن أن يتم التعاقد بين الهيئة العامة للطيران المدني و شركة يويانق الكورية مباشرة لكن لأسباب يعلمها القائمون بالأمر تم التعاقد مع رعبوبة التي تعاقدت مع مفاز لتتعاقد مع يويانق و تقول المستندات أن المدير العام لشركة رعبوبة بتاريخ 9 يونيو 2009م خاطب المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني يملكه فيه قيمة التكلفة المحلية و الخارجية لإعادة تأهيل مطار دنقلا لكن و بالرغم من توقيع العقد مع شركة رعبوبة بتاريخ السادس من يوليو إلا أن مكتوبا صدر عن رئيس قسم الكهرباء و التوليد بالهيئة بتاريخ 30 يونيو 2009م أي قبل توقيع العقد مع شركة رعبوبة خاطب فيه مدير إدارة المشتريات نوه لنقاط فنية عديدة و أشار لمواطن خلل فني جاء فيه : (بالإشارة لخطابكم بالنمرة هطم /7/ش م بتاريخ 23 يونيو 2009م و المستلم بتاريخ 30 يونيو 2009م أرجو إفادتكم بالآتي :
    1/تمت دراسة العرض المقدمة من شركة رعبوبة لإضاءة مطار دنقلا .
    2/لا مانع من تقديم معدات شركة يويانق الكورية بعد الوقوف عليها و هي مستوفية كمعدات إضاءة مدرجية للمواصفات و و المتطلبات للإضاءة المدرجية.
    3/ما تم تقديمه من الشركة في الكميات يحتاج لمراجعة و هي أجهزة التحكم في ثبات التيار (CCR) إضافة إلي أعمدة الـ(APPROACH) إذ أن الشركة قدمت أطوال فقط 1,5مترا و لم يتم المسح المطلوب لتحديد الأطوال من الموقع كما أن القياس للمرشد الدائري و ال (consol) للتحكم من البعد لم يتم التأكد من موافقته للعمل مع الأجهزة الكورية المقدمة من شركة رعبوبة .
    كما أن العرض المقدم بالتنفيذ المحلي لا يوجد به تفصيل للتأكد من إستيفائه تماما لإكمال تنفيذ الإضاءة بالصورة المطلوبة) .
    تبرئة ذمة..
    تلك حقائق أودعها رئيس قسم الكهرباء و التوليد بالهيئة العامة للطيران المدني ذمة المسئولين هناك و برأ إثرها ذمته هو و إمعانا في ذلك عاد بتاريخ 8 يوليو من ذات العام ليسجل حقائق أخري و ليبدي ملاحظات إنطلاقا من واجبه المهني حينما وجه خطابا للمدير العام للهيئة و هو يورد(أفيد سيادتكم بأن قسم الكهرباء و التوليد قد أعد إحتياجات الإضاءة المدرجية بالمطارات المختلفة و التي سنقوم برفعها لسيادتكم بعد ترتيب الأولويات و التكلفة علي أن تنفذ من بند التحسينات للعام 2009م،بند الإضاءة المدرجية بعد عرضها علي الشركات ذات التخصص و ذلك لأن أجهزة الإضاءة المدرجية ذات مواصفات و تكلفة عالية يتنافس علي توريدها و تركيبها شركات لها علاقة بهذا العمل مع إشراك جهات الإختصاص في دراسة العروض المقدمة من الشركات تبعا للملاحق الفنية لمنظمة الطيران المدني الدولية (Annex14) و مضي ليزيد من بوابة مهنته و ما يمليه علي ضميره (أود أن أشير إلي الإضاءة المدرجية لمطار دنقلا و الذي تقدمت بتنفيذه شركة رعبوبة و الذي تبين تبعا لإفادة المختصين بالإدارة أن ما تم تقديمه من الشركة في الكميات يحتاج إلي مراجعة إذ لم تتم مراجعة الإختبارات المطلوبة لأجهزة التحكم الرئيسية للإضاءة و هي أجهزة التحكم في ثبات التيار (CCR) Constant) Current Regulator ) إضافة إلي أطوال أعمدة الـ(Approach) إذ قدمت الشركة أطوال أقل و لم يتم المسح المطلوب لتحديد الأطوال من الموقع كما أن القياس للمرشد الدائري و جهاز التحكم من البعد لم يتم التأكد من موافقته للعمل مع الأجهزة الكورية المقدمة إضافة إلي أن العرض المقدم بالتنفيذ المحلي لا يوجد به تفصيل للتأكد من إستيفائه تماما لإكمال تنفيذ الإضاءة بالصورة المطلوبة ) و مضي ليلخص رأيه في توقيع العقد مع الشركة بقوله أن ما حدث في العرض كان نتاج عدم التنسيق بين الشركة و ذوي الإختصاص من الإدارة إذ لم يكن هنالك إخطار لممثلي هندسة المطارات من قسم الكهرباء للتواجد بالمطار حين زيارة الشركة لتحديد الإحتياجات الحقيقية و متطلبات التشغيل الأمثل حتي لا يحدث نقص و تساءل رئيس قسم الكهرباء و التوليد في إفادته تلك بقوله (هل تم إلغاء العطاء السابق لمطار دنقلا و الذي تقدمت له عدد من الشركات) ذلك هو ما إشتمل عليه الخطاب الموجه للمدير العام للهيئة العامة للطيران المدني و الذي بعث بنسخة منه لمدير إدارة هندسة المطارات.

    يقول محدثي أن المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني عادة ما يروج بأن الشركات التي تتعامل مع الهيئة سابقا كانت تحكمه المصلحة الشخصية للقائمين علي الأمر في الهيئة قبل مقدمه مديرا عاما لها و بذلك كان يجد مبررا لدخوله في شراكات جديدة مع شركات كان يختارها لأسباب يراها منطقية و ذلك هو ما إنطبق عليه حيث أن أي أمر يستدعي دخول شركة تتعامل مع الهيئة يتم بناء علي صلة قرابة أو صداقة مع القائمين علي أمر الشركة دون مراعاة للمصلحة العامة نهائيا.

    صرف بزخي..

    مجموعة الفواتير التي تحصلنا عليها بفندق السلام روتانا تحكي العجب العجاب في الصرف البزخي علي الأجانب الذين يزرون البلاد لتعاملات مع الهيئة العامة للطيران المدني حيث أنه في العاشر من شهر أبريل عام 2009م تم تسديد مبلغ (8,522,50) جنيه سوداني عن فاتورة تحمل الرقم (014829) و بتاريخ 3 مايو 2010م سددت الهيئة مبلغ (3,652,50) جنيه سوداني و بتاريخ الثامن من مايو من العام الحالي سددت الهيئة مبلغ يفوق كل التخيلات مقابل إقامة إثنا عشر شخصا يصل في مجمله إلي (43,117,19) جنيه سوداني بجانب ذلك سددت الهيئة العامة للطيران المدني فاتورة لفندق السلام روتانا لفترة ثلاث و عشرين يوما في الفترة من 21 أبريل حتي 13 مايو من العام الجاري ووصل المبلغ في جملته (135,000)جنيه عن تلك الفترة القصيرة مقارنة بالمبلغ فيما سددت الهيئة بتاريخ 14 مايو من العام الحالي فاتورة وصل إجمالي مطالبتها (9,807,72) جنيه سوداني نظير إقامة شخص واحد و في يوم 14 مايو من ذات العام سددت الهيئة مبلغ (6,661,34) جنيه نظير إقامة شخصين يذكر أن خطاب الهيئة العامة للطيران المدني الصادر عن مدير إدارة الإعلام فيها كان يؤمن علي إدارة الفندق بإرسال الفاتورة للسداد علي أن لا تشمل الغسيل الجاف و المكالمات العالمية.
    ما سقناه عاليا مجرد نماذج لما يدور في ردهات الهيئة من الصرف علي ضيوف المدير العام و قد كان الوصف الذي يلازم أولئك الأشخاص في الخطاب الرسمي الذي يحمل ختم الهيئة العامة للطيران المدني و توقيع مدير العلاقات العامة فيها هو أن أولئك هم ضيوف السيد المدير العام حسبما جاء في عدد من الخطابات التي تحصلنا عليها.
    بدا محدثي الذي كشف عن تلك الحقيقة الموثقة بالمستندات و الذي فضل حجب إسمه أيضا مندهشا و هو يورد تساؤلا مفاده ياتري كم تبلغ تكلفة فواتير الفندق منذ الخامس عشر من نوفمبر من العام 2008م التاريخ الذي تولي فيه المدير العام منصبه ذاك في الهيئة و لفت هنا إلي أن للهيئة تعاملات مع فنادق أخري بينها فندق الفاتح من سبتمبر تساؤلات عديدة صدرت عن عدد من الخبراء العاملين في مجال الطيران مفادها هل يحتاج الطيران المدني إستجلاب خبراء للإستعانة بوجهات نظرهم بالرغم من أنه بدأ كمصلحة عامة منذ العام 1936م و بالرغم من تراكم عدد كبير من الخبراء المتخصصين في المجالات المختلفة.

    عقود مريبة..

    مثلما صرفت الهيئة علي أشخاص نعتتهم بالمستشارين و المتخصصين من خارج البلاد مبالغ طائلة لتقديم النصح و الإفادة كانت طرفا في توقيع عقود بمبالغ خرافية بمسميات تثير الدهشة حيث أنها وقعت بتاريخ 22 فبراير من العام الجاري عدد من العقود أطلقت علي أولاها عقد إنجاز مشروع هندرة إدارة التطوير الإداري بقيمة (85,000) جنيه (بالعملة الجديدة) بجانب آخر أطلقت عليه مشروع أنظمة العمل بمبلغ وصل في جملته إلي (140,000) جنيه و ثالث وصلت كلفته (119,000) جنيه أطلقت عليه عقد مشروع إثراء الفكر الإداري ثقافة العمل بجانب آخر أطلقت عليه الهيئة مسمي عقد تنفيذ توصيات التقرير الإستشاري حول الإدارة العامة بقيمة (80,750) جنيه يقول في ذلك محدث ثالث آثرنا عدم الإفصاح عن هويته و هو يورد جملة من الملاحظات بينها أن الإنسان يحتاج لإستخدام قاموس للتفريق بين معاني تلك العقود بجانب كونها وقعت في يوم واحد كما اشرنا لذلك سابقا و لم تراع تلك العقود أساسيات عديدة أبرزها أن هيئة الطيران المدني حسب توصيات المنظمة العالمية للطيران منذ نوفمبر من العام 2006م تم فصلها إلي قسمين قسم السلطة و هو الذي يضع المقاييس و المعايير للطيران بالبلاد و قسم الخدمات و هو الذي أوكل له القيام بتنفيذ كافة متطلبات قسم السلطة علي الواقع حرصا علي تحقيق السلامة الجوية و يفترض أن يكون هذا الفصل ضمن الخطة التصحيحية التي كان من المفترض أن تكون أولوية كل المدراء منذ نوفمبر عام 2006م وصولا للمدير العام الحالي و لم يجد ذلك مجالا للتطبيق علي أرض الواقع مما أدي لحظر الطيران السوداني من قبل الطيران الأوروبي.


    لن تنحني الحقيقة
    الخرطوم: حنان كشة
    ونحن على أعتاب مرحلة الدراسة الجامعية استقبلنا أساتذتنا الأجلاء بكلية الإعلام في جامعة أمدرمان الإسلامية وهم ينثرون على آذاننا مفاتيح جوهرية تعين في العمل الإعلامي ككل والعمل الصحفي الذي آثرت أن أتخصص فيه لأمضي في طريق صاحبة الجلالة التي تجد الاحترام والتقدير في كافة بقاع الدنيا إلا بلادنا التي نضعها في حدقات العيون آنذاك كان أساتذتنا يسوقون إلينا معان عظيمة وقواعد راسخة في كيفية التناول الصحفي والطرق علي المعلومات وكانوا يسردون قصصا يقربون بها تلك المعاني إلينا وبين القضايا المؤثرة التي أوصونا بها ونحن نقع ضمن البلدان التي يطلق عليها دول العالم الثالث؛ الفساد الذي عمت شرهته في الآفاق وارتبط مثلما تثبت كل البراهين وكافة معطيات الواقع الذي يصر على إرسال مفاهيم اليأس والإحباط ليتمدد الأسى في نفوس الصحافيين العاملين في بلاط صاحبة الجلالة وينتقل بمرور الأمد لقرائنا الأعزاء الذين يبادلوننا التواصل بإبداء النصح والإرشاد والنقد مثلما يبادلوننا الإشادة في تناول القضايا. إذن هم معنا قلبا وقالبا في كل الميادين.

    لكن يبدو أن الزمن قد تخطى تلك التوصيات ليشرع في بناء مفاهيم جديدة بينها أن تداهن مثلما يداهن الآخرون وأن تمتنع عن فتح ملف فساد ولو قبضت بكل أطرافه وأن تتغاضى إذا كانت الجهة المتورطة سيادية و إن كان الشخص النافذ فيها والمتورط بالمستندات والوثائق مسنودا بالمجلس الذي يفترض أن يكون ساندا للصحفيين ومحققا لرغباتهم ودافعا لتطويرهم وتنمية مقدراتهم وأنا هنا لا أستطيع أن أضع وصايا أساتذتنا الأجلاء في أضابير الرفوف أو ألقي بها بعيدا عن أرض الواقع الذي يواجهنا في كل يوم جديد بمأساة مفجعة تتلظى لها المشاعر وتتقاصر عندها القامات فمنذ أن بدأنا العمل في صحيفة الحقيقة كانت وجهتنا معروفة بالسير في طريق المهنية فقط لا التكسب من عرق أقلامنا لنتاجر بها في زمن أضحت فيه الماديات هي المسيطرة لكن ذلك لا يعنينا كثيرا فنحن نحمل هموم أبناء هذا الوطن في كافة طبقاتهم على مختلف سحناتهم لكن أحوال أولئك الذي لا يجدون ما يقتاتون عليه يفرض علينا فرضا أن نتقفى آثار الفساد أنى كان وكيفما وقع إن وجدنا دليلا دامغا لذلك فلسنا نهدف للجري وراء الأعراض لفضحها دون برهان وذلك ما استلهمناه منذ أيام دراستنا الباكرة لكن الواقع يؤكد أن الضغوط والتلميحات لا توجه إلا لمن اتخذ من التنقيب عن الفساد حقلا له ليس ذلك فحسب بل إن جهات بعينها جعلت ترسل إشارات هنا وهناك وتوصمنا نحن صحفيو الحقيقة أننا تسلمنا مبالغ مالية مقابل نشرنا قضية الفساد الشهيرة بالهيئة العامة للطيران المدني ونحن هنا نؤكد أننا لم و لن نتسلم أي مما ذهبوا إليه وأن ما ذهبوا إليه هي حجة فاقد المنطق والصواب وإذا لم يكن كذلك لماذا لا يقارعونا الحجة بالحجة بدلا من السعي وراء الأمور غير المجدية وإن لم يفعلوا ولن يفعلوا وتأكيدنا نابع من واقع المستندات المتوافرة لدينا والتي تكفي بالإطاحة بأي مسئول في أي من الدول التي تقدر الصحافة وتجعلها مرجعا معتمدا تمضي إثره والآن و قد أضحى الأمر بائنا بعدما كان يتم بين طيات الظلام نرسل إفادة واضحة و صريحة لكل القراء بأن الحقيقة هي منبرهم الذي إن لم يكتبوا فيه كتبنا نحن بلسانهم ونقلنا معاناتهم وتتبعناها إلا أن تزاح و نظل نطرق عليها وإن لم يستجاب لها لن تنام لنا عين ولن يرتاح لنا بال ونؤكد كذلك أننا لن نذعن لأي من الضغوط و سنواصل العمل وسط الأعاصير و كما يقولون فإن الحق يعلو و لا يعلى عليه و هو الغالب و إن طال الزمن.


    عمر البشير وإثبات الفساد المؤسسي في الدولة

    أشارت صحيفة الانتباهة في عددها الصادر بتاريخ الخميس 11 مارس 2010 إلى أن المشير عمر البشير رئيس الجمهورية تحدى( جميع الأحزاب أو أي جهة خارجية، أن تثبت وجود فساد مؤسسي في السودان).

    في البدء نود أن نشير إلى أن قضايا السودان متشعبة ومتداخلة وتحتاج إلى جهود كافة السودانيين بمختلف قواهم الاجتماعية والسياسية للمشاركة والمساهمة الفعالة من أجل البحث عن أفضل السبل والحلول الناجعة لإنقاذ بلادنا من الذي يحاصر خاصرتها من بلاوي وإحن ومحن، اكتوى بنيرانها كافة أبناء السودان وأصبحت مهدداً حقيقياً لبقاء السودان نفسه!، وبذا كنا نود لو أن سيادة المشير عمر البشير قد إستصحب هذا المعنى بأن يدعو مثلاً – وهو في نهاية (ولايته) – كافة القوى السياسية أن تعينه في الإشارة لمواقع الخلل والسلبيات التي لازمت عمر الفترة الممتدة لأكثر من عشرين عاماً، ويستنفر الجميع في المشاركة بإيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه!، كان هذا هو المأمول والأفضل، بدلاً عن استخدام تعابير سالبة من شاكلة (التحدي) و(المطالعة)!.

    نحن هنا لا نستجيب لـ (تحديه) من مواقع (الفتونة) إنما نواصل من مواقع – المسئولية وحقوق المواطنة- مساهماتنا في إنقاذ بلادنا من وهدة ما ينتظرها من مصائر مجهولة إن لم يستبن الناس النصح في الساعة الخامسة والعشرين!، باعتبارنا ضمن الأحزاب التي انشغلت طويلاً – بحكم مهام حزبنا السياسية – بقضايا الجماهير ورد الحقوق لأهلها، وعملت صحيفتنا الميدان بكل ما تيسر لها من أجل وضع القارئ والرأي العام في صورة الحقائق، مساهمة منها في معالجة القصور بالشفافية وإحقاق الحق، وما زلنا نرى أن معالجة قضايا تتعلق بالفساد المؤسسي في السودان هي المدخل السليم لحلول صادقة – ضمن معالجات أخرى تنتظر البت – لكي يأخذ القانون مجراه لاسترداد كافة الأموال المنهوبة ومحاسبة المفسدين الذين مشوا في الأرض فساداً واستحواذاً دون وجه حق، وسيادة المشير رئيس الجمهورية أول العالمين ببواطن الأمور حول هذا الملف تحديداً، وبوجود فساد مؤسسي كبير في كل مفاصل الدولة وسياساتها الاقتصادية والمالية، ولا نحسب أن هذه الحقيقة يمكن أن يختلف حولها اثنان، أو يتناطح بشأنها عنزان، حيث أن ملفات الفساد منذ انقلاب الانقاذ عام 1989 تعد أحد أشهر ملفات التجاوزات في عهد الانقاذ، والتي اعترف بوجود بعضها عدد من أبرز رموز وقادة الانقاذ أنفسهم، فضلاً عن تقارير عديدة لمؤسسات لا نظن أن نظام الانقاذ نفسه يشكك في صدقيتها، ليس آخرهم ديوان المراجع العام! .. وليس آخراً إقرار سيادة المشير رئيس الجمهورية بنفسه، الذي أعلن وأعترف بوجود مثل هذا الفساد المؤسسي والذي سنبرز أهم ملامحه في عدد من الإثباتات، فما الداعي لجرجرة الناس في مغالطات حول المعلوم بالضرورة من فساد الرأسمالية الطفيلية باسم الإسلام إذن؟!.

    في السياق دعا الأستاذ محمد إبراهيم نقد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي ومرشحه لرئاسة الجمهورية خلال كلمته الثانية بالتلفزيون القومي إلى أهمية استرداد كافة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، مطالباً بضرورة تعزيز دور القطاع العام في المجالات الإستراتيجية وإتباع السياسات اللازمة للحفاظ على البيئة ومحاربة الجفاف والتصحر وتنمية الريف والمناطق المهمشة.

    وبدءاً فقد عرًفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه ” استغلال السلطة للمنفعة الخاصة”، وقد فصل البنك الدولي تعريفه للأنشطة التي يمكن أن تندرج تحت تعريف الفساد بالآتي:- ” إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة، كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات محلية أو أجنبية، أو أعمال خاصة رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة، للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية، كما يمكن للفساد أن يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة، وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة”.

    وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2008، وهي منظمة معنية بمراقبة ممارسات الفساد والحث على مكافحته وتطويقه، فإن السودان يدخل ضمن أكثر دول العالم فساداً، والتي تضم كل من الصومال، العراق، بورما، هايتي، وأفغانستان أيضاً!.

    والآن دعونا نثبت ما نقول بوجود فساد مؤسسي بالسودان بعدد من الإثباتات:-

    هاكم الإثبات الأول:

    نهب الأموال العامة بكافة المسميات بلغت 12 مليار جنيه (بالجديد) وذلك من جملة 18 مليار جنيه (بالجديد) هي حصيلة الإيرادات الذاتية للدولة لعام 2008، وذلك إعتماداً على تقرير المراجع العام!. وأدناه جدول يوضح تقديراً أولياً لمجموع المال العام (المنهوب) من 1995 إلى العام 2009:-

    السنة
    المبلغ
    مرجع – ملحوظة

    2000
    4.4 مليار دينار
    جملة المال المختلس – المراجع العام

    2001
    5.9 مليار دينار
    جملة المال المختلس – المراجع العام

    2002
    6 مليار دينار
    جملة المال المختلس – المراجع العام

    2003
    32.2 مليار دينار
    جملة المال المختلس – المراجع العام

    2004
    1.3 مليار دولار
    الفرق بين قيمة البترول المصدرة 3.1 مليار دولار و قيمته الظاهرة في الميزانية 1.8

    2004
    3 مليار دولار
    عائدات الاستهلاك المحلي من البترول

    2005
    1.9 مليار دولار
    الفرق بين قيمة البترول المصدرة 4.2 مليار دولار و قيمته الظاهرة في الميزانية 2.3

    2005
    3 مليار دولار
    عائدات الاستهلاك المحلي من البترول

    2006
    2.962 مليار دولار
    عائدات البترول الغير مضمنه في الميزانية

    2004
    154 مليار دينار
    عائدات المزادات الحكوميه – غير مورده في الميزانية

    2004
    13 مليار دينار
    عائدات الخصخصة – مختفية

    2004
    70 مليار دينار
    نهب للمال العام + فساد مالي ولائي

    2004
    11 مليار دينار
    فساد الجهاز المصرفي

    2004
    9 مليار دينار
    تغييب أرباح الدولة


    120 مليار دينار
    قضية بنك نيما

    2009
    200 مليار جنيه
    اختلاس بنك النيلين – فرعي الخرطوم الرياض و غرب السودان

    2008
    23 مليار جنيه
    مخالفات الجهاز المصرفي

    1998
    374 مليون دينار
    نهب للمال العام –تقرير الاستراتيجي الحكومي

    1999
    756 مليون دينار
    نهب للمال العام- تقرير الاستراتيجي الحكومي

    1995-2009
    700 مليون دولار
    عائدات الذهب

    2006-2009
    12 مليار دولار
    عائدات الاستهلاك المحلي من البترول للأعوام 2006-2009

    المجموع
    25.162 مليار دولار + 428 مليار دينار +223 مليار جنيه (جديد)


    علماً بأن هذا النهب للمال العام شاركت فيه مؤسسات وصفت بـ ( الإسلامية) ويقودها من وُصفوا بأنهم ( إسلاميين)!.

    الإثبات الثاني:

    ضمن (نبيشة) التيارين المنقسمين ( وطني – شعبي ) لبعضهما البعض، فقد تم كشف أحد أكبر قضايا الفساد في السودان عندما أُثيرت قضية( طريق الإنقاذ الغربي) حيث قدرها السيد أمين بناني بنحو 40 مليار جنيه حسب صحيفة الأيام في 16/ 11/2001م، بينما قدرها السيد رئيس الجمهورية عمر البشير (بنفسه) قائلاً:- ” اللجنة الشعبية السابقة تعهدت بإنشاء القطاع خلال عامين بكلفة 34 مليون دولار، وفي وقت كلف القطاع الآن 27 مليون دولار.. أين ذهبت بقية الأموال” وذلك حسب صحيفة الصحافة 12يوليو 2002م!. (وننبه إلى أن الحديث هنا بالدولار!)

    الإثبات الثالث:

    يأتي هذه المرة من (حوش الإنقاذ) نفسه! .. حيث كتب الأستاذ الصحفي الهندي عز الدين في صحيفة (الأهرام اليوم) في عموده اليومي بعنوان ( شهادتي لله.. وقد أُعذر من أُنذر ) بتاريخ الخميس، 11 مارس 2010 ما يلي:- ” والفضيحة (المالية) المعروفة لدى أعضاء وقواعد المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية بالثورة وسط، الفضيحة التي وثقتها محاضر التحقيق، وحددتها بمبلغ (مئة مليون جنيه) تكفي وحدها لتأكيد فداحة الفساد السياسي بمحلية كرري!!، لماذا سكت ( المؤتمر الوطني ) بالولاية والمحلية على هذه الفضيحة، لماذا لملمها وغطى أطرافها، وتجاوز عنها، وترك المتهمين على مقاعد قيادة العمل السياسي بالمحلية وقدمهم ليكونوا ( واجهة ) لحزب مشروعه الإسلام ورئيسه (البشير)؟!”.

    الإثبات الرابع:-

    وهو عبارة عن واقعة شهيرة طبعت جميع السودانيين بالحيرة وهم يضربون كفاً بكف، وذلك في حادثة انهيار جامعة الرباط الشهيرة، والتي وبعد انهيارها ووفاة أحد المواطنين إضافة لتلف معدات تقدر بأثمان عالية نتيجة ذلك، أُجبر الفريق عبد الرحيم محمد حسين لتقديم استقالته من منصبه كوزير للداخلية، وحينها قال البشير قولته الشهيرة التي أشار فيها لاستقالة وزير الداخلية بأنها لا تعدو سوى أن تكون استراحة محارب!، وبالفعل أُعيد (المحارب) وزيراً للدفاع، بعيد فترة بسيطة من تقديمه لاستقالته!.

    وهاكم الخامس:-

    حول تهم الفساد التي طالت طريق الإنقاذ الغربي، يبدو أن سيادة رئيس الجمهورية قد رضخ لتهديد الدكتور علي الحاج المسؤول السابق عن ملف إنشاء الطريق والذي وجهت له تهماً تتعلق بالفساد بعد المفاصلة، بمقولته الشهيرة (خلوا الطابق مستور) وذلك عندما أعلن رئيس الجمهورية في خطبة أمام حشد من الجماهير بمناسبة افتتاح المرحلة الأولى لطريق الانقاذ الغربي في 20\ يوليو 2002 قائلاً:-” الذين نهبوا أموال اليتامى والمساكين خليناهم لي الله”!.



    جريدة الميدان


    فساد نظام الإنقاذ في السودان وفساد البلاد ؟؟!بقلم / شريف آل ذهب
    توطئة :
    كلمة ( التوكل ) في اللغة تعني ( الاعتماد على الغير دونما عمل ) فتقول أوكلت أمري لله ، وأوكلت مهام عملي لفلان وهكذا …، وفي الاصطلاح العام تعني انجاز العمل ثم انتظار النتيجة من الله ، فالمزارع يزرع ثم يتوكل ، والمسافر يتوخى الرفقة ثم يتوكل وينطلق ، وصاحب المتجر يغلق متجره ليلاً ثم يتوكل وهكذا …، وهناك عبارات مشتقة منها مثل ( التواكل ) و(الوكالة ) ، الأولى تعنى انتظار الرجاء دونما عمل ، فتنطبق عليها المفهوم اللغوي لكلمة التوكل ، بينما الثانية ( الوكالة ) تعني العمل لصالح الغير بعد الإسناد ..
    وباسم التوكل وبفعل التواكل والوكالة ظل ساسة نظام الإنقاذ يديرون دفة الحكم في البلاد بالمقلوب ، فقد ظلوا يزرعون الشر في كل مكان ثم ينتظرون أن يحصدوا مكانه خيراً متناسين أن الجزاء من جنس العمل ، فهم وكلاء الله في الأرض وأولياءه لذلك فيجب أن تأتيهم النتيجة معجزة أو كرامة من الله يقلب الشر خيراً ؟! ، فقد رأيناهم يقومون بتسريح كافة كوادر الخدمة المدنية الكفوئة المدربة في البلاد باسم الصالح العام ويحلون محلهم عناصرهم الفاسدة ، بينما يرسلون الشباب المتدين المتحمس إلي محرقة الحرب في جنوب البلاد باسم الجهاد والحقيقة أنهم يودون التخلص
    منهم لسببين الأول يتعلق بالمتاجرة بأرواحهم من خلال تعبئة إعلامية رخيصة تستثمر موتهم هناك لاستقطاب مزيد من الدعم والتعاطف باسم الدين وإرسال مزيد من الشباب إلي محارق الموت بين أبناء الوطن الواحد ، والسبب الثاني يكمن في الخوف من أن يتحولوا بعد عودتهم من مسارح الجهاد المزعوم في الجنوب ، إلي تنظيم( العائدون من الجنوب ) على نسق الأفغان العرب في دول أخرى ، فالدولة الإسلامية المُدّعاة لا وجود لها على الواقع سوى من خلال الاستحواذ على أموال الشعب بكافة الوسائل باسم الدين ، فتحّول كافة عناصر الشعب إلي فقراء معوزون وتحوّل عناصرهم إلي أغنياء متخمون .
    ثم نراهم يشعلون الحرب في دارفور ويحرقون الأخضر واليابس ويمارسون كافة الموبقات ثم يكيلون الشتائم ويلقون باللوم على منظمات الغوث والعون الإنساني التي هبت لتقديم الخدمات الإنسانية لضحاياهم هناك ، بحجة أنها كانت السبب في إبراز معالم الجرم الكبير الذي كانوا يمارسونها في دارفور ويتسترون عليها ، فجاءت تلك المنظمات لتبرزها للعالم الخارجي بدواعي إنسانية بحتة حتى يهب كل من له ضمير حي لنجدة أولئك الضحايا المستضعفين في دارفور ، فتحولوا بذلك السبب إلي خصوم دائمين للنظام انتهى بطرهم الانتقامي من البلاد .
    ونراهم يتهربون عن دفع استحقاقات السلام العادل في دارفور ثم يكيلون اللوم على المجتمع الدولي بداعي عدم إجبار الحركات الرافضة لمشروع التصفية لقضيتهم كي يذعنوا مكرهين لمخططاتهم الهدامة … بينما العيب كل العيب في صاحب العمامة لأنه لا يدري طريقة لفها وليس في العمامة المسكينة حتى تتعرض للحرق ؟؟! …
    ووفق ما سبق ، فالمتتبع لسياسات النظام السوداني منذ أن سطت على السلطة في الدولة في العام 89م إلي يومنا هذا يلحظ تخطباَ شديداَ في السياسات الداخلية والخارجية وإهداراً كبيراً لفرص كثيرة كانت كفيلة بأن تحمل هذا النظام إلي بر الأمان وتخرجها عن دائرة الدول المشاكسة فيما لو كان النظام قد تصرف بمنطلقات الواقع ودوافع الوطنية وليست الأجندات الحزبية المشخصنة . فقد قدم النظام السوداني في بداية عهده عسكرياً صرفاً في رداءه الخارجي معلوم التوجه الحزبي في شخوصه وفق خلفياتهم الحزبية ، ورغماً عن ذلك لزم الشعب الصمت حيالهم ولم يتحرك للدفاع عن الديمقراطية المغتالة لأنه لم يجد مسوقاً لذلك وفق ما كان يمتثل أمامه من واقع مذري يمكن أن نصفه بالتفريط ، لذلك لزم الصمت أملاً في أن يكون القادم أفضل . ولكن الذي حدث أن القادمين الجدد كانوا قد قرءوا في ذلك الصمت تأييداً مبطناً لهم أو لنقل لا مبالاة فطفقوا يمارسون مخططهم الممنهج بتغيير جينات الشعب حتى يتحكموا في مصيره المستقبلي من خلال قفل كافة المنافذ التي تحرك الثورات ، وكان أهمها الخدمة المدنية بداعي الإصلاح بينما كان الأمر في الواقع إحلالاً ممنهجاَ لعدة أسباب ، نلخصها في ثلاثة دوافع رئيسية أولها يتعلق بنهب البلاد الممنهج ،
    والثاني يرمي إلي إفراغ الخدمة المدنية من كافة العناصر غير الموالية للنظام بغض الطرف عن تحزبهم أواستقلاليتهم ، والثالث يُعنى بطمس الوثائق وإفراغ ذاكرة مؤسسات الدولة العريقة من خلال إتلاف الأرشيف القديم وبداية تدوينه بعهدهم حتى تصعب عملية المحاسبة لكل قادم جديد يريد الإصلاح ، ولعل أسوأ ما بلغ إليه الأمر في ذلك ، تمثل في إبعاد وكلاء الوزارات القدامى الذين ظلوا يمثلون الأرشيف البشري والعماد الدائم للخدمة المدنية في البلاد بما لديهم من خبرات تراكمية صقلوها بالعلم والتجربة والتدرج عبر السلم الوظيفي حتى بلغوا بها تلك المراتب ، وإحلال محلهم وزراء الدولة من أنصاف السياسيين الذين لا يجيدون سوى الإفساد والفساد ، فأفسدوا كل شيء حيثما حلوا ، ولعله من الغريب كذلك أن نسمع في السودان لأول مرة بظاهرة إحراق مكاتب إدارات البنوك فيما يعني حرق الوثائق وعلى ذلك سر حيث لا نهاية ، فأصبح الوطن بأكمله بؤرة للفساد يؤمه المفسدون ويهرعون إليه من كل حدبٍ وصوب حتى أصبح الحديث عن وجود شخص مخلص نظيف طاهر اليد واللسان كحديث خرافة الحضرمي .
    ثم في جانب آخر تحّرك أهل النظام إلي حيث كانت تتشكل الغلبة النيابية في البرلمان للأحزاب التقليدية ، فتلمسوها في الأطراف شرقاً وغرباً ، فهم الآن قد استولوا على كافة مفاصل الدولة بفعلتهم التي فعلوها في الخدمة المدنية وقد فاضت حساباتهم المصرفية في بنوك سويسرا وماليزيا وكبرت مؤسساتهم المالية تحت رعاية الدولة حتى نضحت نفطاً لذلك فقد آن أوان تعديل الجلسة عبر عملية ديمقراطية زائفة مفصلة على مقاس حزبهم فقط ، ولكن فلتكن التجربة بالإغراء أولاً لرموز الأحزاب التقليدية ، فرأينا لقاء جنيف ونداء الوطن ثم لقاءآت مكة والقاهرة ، هذا في توازٍ تام مع عمليات قضم مدروسة لأطراف تلك الأحزاب من هنا وهناك لخلق أجسام حزبية كرتونية موالية باسم التوالي السياسي ، وعندما رأوا عدم جدوى كل ذلك لجئوا إلي أم الدسائس متمثلاً في قطع الشرايين الرئيسية المغذية لتلك الأحزاب من أطراف البلاد ، وكانت دارفور المسرح الأساس لذلك فهي قد ظلت حصناً دائماً للأميين ولا سبيل لاقتحامه إلا من خلال التفتيت الداخلي ، لذلك فلا بد من إشعال الفتنة الداخلية ومن ثم تقديم الدعم للأغلبية الإثنية وفق الإحصاء السكاني لمكونات الإقليم ، فكانت ما كانت من فتن قبلية مورست حروب الوكالة فيها بأبشع صورها ، وتحول الأصدقاء والجيران والأشقاء إلي خصوم يضربون رؤوس بعضهم البعض ، والنقاطة تنقط وإبليس وجنوده يصفقون ويشجعون ويقهقهون ، فقد بدأ القوم يرتحلون أفواجاً إلي صفوف المؤتمر ؟؟؟ أجل : لقد نجحت الخطة وتفرق شمل أهل دارفور وضاعت أحلامهم سدىً نحو إقليم قوي ينعم بالأمن والاستقرار والتنمية المستدامة ، بينما في الجانب الآخر نجح المؤتمر وخاب الخصوم من الأميين والاتحاديين وغيرهم من المستهدفين على حين غفلة منهم بل وبمساعدة منهم في أحايين كثيرة .
    أما عن مستقبل دارفور فحدث ولا حرج ، فالقرى باتت محرقة جميعها والمواطنين العزل من النساء والشيوخ والولدان غدوا جميعهم في المعسكرات ينتظرهم الموت البطيء في كل مكان وفي كل شيء ، في القيم والتقاليد الموروثة ، قبل استلاب الأرواح ، والنسيج الاجتماعي بات مهتكاً بما يصعب إصلاحه في المنظور القريب ، والشباب الذي يشكل عماد الحياة بات مشتتاً في كافة أصقاع المعمورة ما بين مكافح في الخارج يريد الإصلاح ، ومقاتل في الميدان يقاتل لأجل القتال دونما موجه حقيقي سوى بعضاً من الآمال السراب التي يعدهم بها بعض أنصاف الساسة شاخصي الأبصار نحو ما تبقت من فتات الجيفة المتعفنة في الخرطوم المسماة بكرسي السلطة ، وآخرين هناك يطوفون حولها عن قربٍ في الخرطوم علهم يظفرون ببقايا من عصارة الأمعاء الملفوظة ، فيما الأجسام والكيانات المسماة أحزاب وبقية القطيع المسمى بالشعب يتحلق حول النوبة ويرقص مع الراقص الكبير في انتظار صواني الفتة الكبيرة ، فالزعيم الكبير التقِيّ الورع قد تم الافتراء عليه وحيكت ضده المكائد من محاكم الاستكبار الدولي ؟! فهو لم يقتل بحسب اعترافه سوى عشرة آلاف فقط من النمل الأسود والأحمر في دارفور فلماذا هذا الجور عليه والمطالبة بالمحاكمة ؟؟ ، بينما يُغض الطرف عن رصفائه من قادة إسرائيل الذين قتلوا نحو ألفاً وثلاثمائة فلسطيني في إمارة غزة الحمساوية الإسلامية مابين مدني ومقاتل قد لا يساوون بالمقارنة حتى عدد قتلى قرية حمادة في جنوب دارفور؟! إنه منطق غريب في عالم عجيب !! ، إنها سخرية القدر التي تجعل من المجرم ضحية والعكس ؟!، بفعل آلة الإعلام الحكومية المدعومة بأموال الشعب ووفق مخطط مدروس بعناية جيدة تريد أن تغزو بالباطل كافة فضائيات العالم وتروضها وتدجنها لتخدم أغراضها الخاصة كما هو حال أعلامها الداخلي ، أجل: إنها سخرية القدر أن يتحول رموز الأحزاب التقليدية بفعل الترهيب والترغيب من أجهزة قمع النظام إلي أدوات دعائية للنظام ؟؟ وفي ظل هذا الخداع الزائف والخضوع المخل لا نملك سوى أن نحي كل من صمد ضد هذا الدجل والصلف ألمؤتمري وأعوانه ، وقد يتراءى للبعض أن شمس الحرية في السودان قد أفلت إلي غير رجعة وأن الاستقرار في دارفور وعودة الحقوق إلي أهلها قد بات من سابع المستحيلات ، ولكننا تعودنا دوماً أنه من بعد الليل الحالك والظلام الدامس يبلج الفجر المشرق ومعه كل الآمال لمن لهم همة للعمل لليوم الجديد ، فلتكن همتنا الثريا حتى ننالها ظافرين أو نهوي دونها إلى باطن الثرى ساكنين ، فالموت أفضل من حياة البائسين.
                  

12-02-2010, 11:42 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملفات فساد السلطة..للمطالعة فقط..!! (Re: khalid abuahmed)

    Quote: أبوخالد ..

    عليهم الفساد و علينا المحاكمات و المصادرات ..
    والذي رفع السماء بغير عمد سيرجع كل قرش منهوب لخزينة الشعب
    فدوام الحال من المحال وإلا لدامت لفرعون و هامان ..! ودمت
    .

    اخي الكريم عادل..
    تحياتي وتقديري..
    لكن القوم لا يعتبرون ولا يتصورون أبداً أنهم سيذهبوا لمزابل التاريخ كما ذهب من كان أقوى منهم..مهما طال ظلام الليل لا بد للصبح أن يسفر..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de