النزاع السوداني: السلم كوسيلة لإدامة الحرب@

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 07:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-27-2010, 09:20 PM

حسن كباشي
<aحسن كباشي
تاريخ التسجيل: 11-10-2010
مجموع المشاركات: 3

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النزاع السوداني: السلم كوسيلة لإدامة الحرب@

    بيان من
    الاتحاد السوداني الديمقراطي*

    بقلم
    حسن كباشي

    الجزء الأول
    - 1-
    وإن الحرب أولها سـلام!


    1- حكومة لا تمثل إراد السودانيين
    يقوم هذا البيان على ما أبداه المجتمع الدولي، ممثلا في عملية شريان الحياة للسودان، من رغبة في المساعدة على استرداد الديمقراطية وإقامة صرح السلم الحقيقي في السودان. بيد أن هذا الحل المتحضر للنزاع المدمر مرفوض من قبل النظام العسكري غير الشرعي القائم في شمال السودان، رغم أنه يحظى بتاييد الأغلبية العظمى من أهل الوطن أصحاب الأرض . فتصلب النظام هو السبب الأساسي في الفشل الذريع الذي منيت به كافة الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة من أجل تسوية هذا النزاع. وفي غضون ذلك بلغت معاناة أهل السودان حدا يستعصي على البيان. بل ان وجود السودانيين كأمة ذات سيادة صار هو في حد ذاته مهددا بخطر ماحق من جراء سياسات هوجاء تنتهجها حكومة لا تمثل الإرادة الحرة للسودانيين.
    والمفارقة الكبرى هي أن النظام العسكري الراهن، وهو صنيعة لكافة قوى التخلف في المنطقة، يعد بمثابة نفي تام لإمكانية كبيرة لإقامة صرح السلم والديمقراطية في السودان. فالماضي القريب للسودانيين يدل بوضوح على أن القوى الحاكمة في الشمال نزاعة إلي شن الحروب عن قصد وتدبير. فهي لا تجنح للسلم إلا كوسيلة لشن حرب أخرى. وليس أدل على ذلك من التجارب المأساوية للشعب السوداني ككل حينما وجهت آلة الموت والدمار ضد الجنوب "الزنجي" أولا (1955- 1972)، وبعد ذلك ضد قوى السلم والديمقراطية والسيادة الوطنية في الشمال "العربي" (1969-1983). وما أن أنجزت هذه المهمة بما يكفي حتى وجهت الآلة ذاتها ضد الجنوب مرة أخرى، مما أفضى إلى جولة الحرب الحالية . ومنذ سبتمبر عام 1993 ما فتيء نظام الترابيين يحاول إبرام صفقة سلام مع حركة "المتمردين" الجنوبيين للاستعانة بهم ضد قوى التغيير الحقيقي في الشمال "العربي"، تماما كما حدث حينما جرى تسخير المتمردين السابقين بقيادة جوزيف لاقو ضد نفس االقوى في عام 1972، باسم السلام أيضا. والاستنتاج الواضح هو أن أي حكومة عسكرية في الشمال "العربي" لا تمثل أهل البلد الأصليين في هذا الجزء من الوطن. والقول بخلاف ذلك قد يوقع الجهات الأجنبية التي تتعامل مع أي حكومة من هذا القبيل في ممارسات قد تكون لها عواقب وخيمة.
    2- فصل الشمال عن الجنوب بالمقلوب!
    ومن ذلك يتضح أن غاية الجهات المتبوعة من وراء تدبير انقلاب الترابيين هي تمكين قوى الإجرام باسم الإسلام من استغلال ما للبلاد من موارد بشرية ومادية هائلة في إرغام نظرائهم الجنوبيين على التراجع عن هدف وطني معلن، وهو تحقيق الوحدة الطوعية عن طريق الكفاح المسلح ضد اأي حكومة غير الشرعية تكون قائمة في شمال البلاد. فلقد أرغمت حركة/جيش تحرير شعب السودان بقوة السلاح على أن تحذف من برنامجها السياسي للتغيير الاجتماعي كافة القضايا التي يسهم حلها في إقامة صرح السلام والوئآم في البلاد. ولهذا لم تعد هذه الحركة تتحدث عن قضية الوحدة الوطنية على أساس المساواة العرقية والعدالة الاجتماعية والسلم والتقدم، ضمن إطار من التلاحم الإفريقي يكفل للسودانيين السيادة على وطنهم. وليس أدل على ذلك من انهيار الجولة الأخيرة من محادثات أبوجا للسلام المزعوم في عام 1993 بسبب خلاف حول مطلب إنهزامي ينادي بمنح الجنوب حق تقرير المصير.
    وكما هو واضح فإن المطالبة بفصل الجنوب عن الشمال لم تأتي من حركة/جيش تحرير شعب السودان وإنما من جانب حكومة الترابيين في عهد كبيرهم الذي علمهم تحريم السلام وتحليل الصدام. ومن الواضح أيضا أن الغاية ليست هي فصل الجنوب عن الشمال وإنما فصل الشمال عن الجنوب بالمقلوب! وهذه مسالة يمكن فهمها بسهولة من السياق العام لمخطط "الحل السوداني-السوداني" الذي جرى تدشينه في طرابلس، ليبيا في منتصف عام 1999. و يقوم هذا "الحل" على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي "تحرير" دارفور من الفور باسم الإسلام؛ والمرحلة الثانية هي "تحرير" دارفونج من الفونج باسم السلام؛ والمرحلة الثالثة هي "تحرير" الجنوب من الجنوبيين باسم الوطن والدين! و هذا هو "الحل النهائي" الذي كثيرا ما ترد الإشارة إليه من طرف خفي أثناء محادثات الدوحة للسلام المزعوم. والمعروف أن أهل النظام انسحبوا من هذه المحادثات لأسباب ليست لها صلة بالصالح العام وسوف يجري تناول هذه الأسباب في شريحة أخرى بعنوان: خيار الحل بالتي هي أحسن، والله المستعان. أما الآن فبلزم إن نعود إلي مسألة فصل الشمال عن الجنوب بالمقلوب، مما يعني أن الجهات المتبوعة لا تعترف بقيام أي دولة ذات سيادة في جنوب السودان. ولكن المناورة المطلوبة لإنجاز المرحلة المقبلة من مخطط "الحل السوداني-السوداني" تحتم عليها التظاهر بحسن النية تجاه بقية الإفريقيين ودق إسفين بين أهل البلد الأصليين في الشمال "العربي" والجنوب "الزنجي" بتمكين الانفصاليين الجنوبيين من ممارسة خيار "الاستقلال" عن "العرب الوحشين" في شمال البلاد. والغاية هي حرمان الشمال "العربي" من عمقه الإفريقي بهدف إنجاز مرحلة "تحرير" دارفونج من الفونج باسم السلام. وبعد ذلك يأتي الدور على جمهورية الانفصاليين الجنوبيين، خاصة إذا جرى توريطهم في جريمة "تحرير" بلاد النوبة من النوبيين باسم السلام. وعندئذٍ سوف يصبح من حق الجهات المتبوعة أن تقوم هي نفسها بتعقب الجنوبيين ككل لمعاقبتهم على الجريمة التي يراد لهم ارتكابها في حق سكان الشمال "العربي" بعد أن يصبحوا في عداد الهالكين!
    ومجمل القول هو أن الغاية من فصل الشمال عن الجنوب بالمقلوب هي إبعاد الجنوبيين عن المعركة المصيرية التي يجري الإعداد لها ضد أهل البلد الأصليين في الشمال "العربي"؛ تماما كما حدث حينما جرى فصل الشمال عن الجنوب إبان فترة الاحتلال التركي-المصري (1821-1885م) وفصل الجنوب عن الشمال إبان فترة الاحتلال الانكليزي-المصري (1898-1956م). وفي الحالتين معا كانت الغاية هي الانفراد بأهل البلد الأصليين في الجزء المعني لضربهم ضرب غرائب الإبل من أجل المحافظة على الوضع الراهن في الجزء الآخر من بلاد النوبة. فالمرحلة التي تلي تتطلب الانفراد بأهل البلد الأصليين في الشمال بعد أن يكون قد فقد عمقه الاستراتيجي. وبعد ذلك يأتي الدور على جمهورية الانفصاليين الجنوبيين بعد أن يكون الجنوب قد فقد عمقة الاستراتيجي، علما بأنه لا يوجد عرب في شمال البلاد. وخلاصة القول هي أن ممارسة الجنوبيين لحق تقرير المصير لا تعني سوى الانسحاب من معركة التصدي لقوى التوسع الاستيطاني وهي تقوم بإعداد العدة لإبادة أهل البلد الأصليين في الشمال "العربي" باسم السلام. وكل ما هو مطلوب في هذه المرحلة هو إبعاد الجنوب عن الصورة وتمكين قوى المعتدين العنصريين التي تنطلق من غربي البلاد من ابرام صفقة سلام مع نظام الترابيين المحسوبين على أهل البلد الأصليين في الشمال "العربي" بهدف "تحرير دارفونج من الفونج باسم الإسلام أو باسم السلام أو بالعقوبتين معا. وخلاصة القول هي أن الجهات المتبوعة تخطط لضرب الشمال "العربي" والجنوب "الزنجي" معا، أإنما كل على انفراد . أي بعد أن يكون كل منهما قد فقد عمقه الاستراتيجي. وهذه خدعة قديمة الغاية منها اصطياد ثلاثة عصافير بحجر واحد! ولابد أن يكون لقوى الوحدويين الإفريقيين رأي في ما يجري هنا، لا سيما وأن تطبيق مخطط "الحل السوداني-السوداني" حتى مرحلة "الحل النهائي" سوف تكون له عواقب وخيمة على جميع الإفريقيين داخل القارة وخارجها.
    والاستنتاج الواضح هو أن ممارسة الجنوبيين لحق الانفصال عن الشمال لا تخدم مفيدا للنوبيين الجنوبيين أي غرض مفيد، ناهيك عن نظرائهم الشماليين. فهذه ليست سوى مناورة مكشوفة تريد الجهات المتبوعة من ورائها تمزيق كيان السودان في حين أن طبيعة التحديات التي تواجه البلاد تقتضي لم الشمل الوطني من أجل التصدي الفعال للعدو اللدود لحضارة السود. وهو عدو معروف منذ أقدم الأزمان بممارسات دس السم في الدسم. وليس أدل على ذلك من أن الجهات المعنية هي التي قامت بشن الحرب على الجنوب حينما اختار الانفصال بقيادة جوزيف لاقو (1955-1972). وهي التي قامت بشن الحرب على نفس الجنوب حينما اختار الوحدة الطوعية بقيادة جون قرنق (1983-2005). ولهذا ولغير هذا فإن ممارسة الانفصاليين الجنوبيين لحق تقرير المصير ليست سوى ضرب من خداع النفس: فهي لن تحل للسودانيين في الجنوب أي مشكلة لكونها تصب في مصلحة قوى المعتدين العنصريين التي لم يعد يربطها بالإفريقيين إلا سواد البشرة: ففي هذا المنعرج الحاد لم تعد مؤسسة التبعية التخريبية والجهات التي تدعمها تملك ذريعة لمواصلة التطبيق العملي لاستراتيجية فرق تسد التي تقوم عليها هذه المؤسسة. ولهذا فهي بحاجة ماسة لأي ذريعة يمكن استغلالها في إشعال فتيلة حرب أهلية أخرى منعا للتلاحم المصيري بين أهل البلد الأصليين في الشمال "العربي" والجنوب "الزنجي"، مما ينذر باقتلاع هذه المؤسسة التخريبية من جذورها . لقد صار التلاحم في حيز الامكان بعد أن اتضح للعالم أجمع أنه لا يوجد عرب في شمال السودان وأنهم حتى لو وجدوا فإنه ليست لهم يد في الموبقات التي ترتكب في حق غيرهم من أهل الوطن أصحاب الأرض في ظل نظم الدكتاتورية العسكرية والدينمقراطية الصورية التي تأتي بها الجهات المعنية إلى دست الحكم.
    فلم يعد سرا أن الدولة المتبوعة الأولى هي التي تقوم بتوزيع الأدوار على المتلاعبين الكبار كلما صار من الضروري إشعال فتيلة حرب أهلية أخرى في بلاد "السوءدان"؛ تماما كما فعلت حينما قامت بتوزيع الأدوار على قوى اليسار المحتار وقوى اليمين المكار في أواخر عهد النميري العسكري؛ وحينما فعلت نفس الشيء قبيل مقتل تور كبير جون قرنق في سياق مناورة تحويل محور الحرب من الجنوب إلي الغرب حينما أوعزت إلي نظام الترابيين المجبورين على الطحين بإبعاد كبير المتجرين بالدين من النظام وبتمكين الزعيم الإمام من الهجرة إلي إريتريا في ظل نظامها الماركسي الراهن لإنجاز مهمة تفكيك تجمع المعارضين بدلا عن نظام الترابيين؛ وقد كان. وذلك في سياق تهيئة الأجواء اللازمة لإشعال فتيلة حرب الإجرام باسم الإسلام في غربي البلاد. ومنذ عهد قريب قامت نفس الجهات بإعادة توزيع الأدوار بين المتلاعبين المحليين من جديد بهدف تهيئة الأجواء اللازمة للحرب الأهلية المتوقعة بين قوى الوحدويين الشماليين وقوى الانفصاليين الجنوبيين. وفي سبيل ذلك أوعزت إلي أهل النظام بعدم محاسبة المتلاعبين الكبار المتورطين في حرب التقدم المقلوب القادم من الجنوب وبالسماح لهم بالعودة إلي البلاد للمشاركة في تهيئة الأجواء اللازمة للحرب القادمة، وقد كان. فما الغريب إ وهذا هو السر في عودة الصادق "المهدي" (2000) ومحمد عثمان الميرغني (2010) إلى "رجل إفريقيا المريض"، لا لمعالجة الرجل بالطبع وإنما لزيادته سقما على سقم باسم الشيء ونقيضه معا. والدليل على ذلك أنه بينما يقوم الصادق بالحض على تيسير منح الجنوب حق "الاستغلال" يستميت لميرغني في التحريض على شن قوى الانفصاليين بعد أن يكون الانفصال حقيقة واقعة. فالحرب على جمهورية الانفصاليين الجنوبيين آتية لا ريب فيها، قل باسم وحدة التراب (وليس الشعب) السوداني هذه المرة. بيد أن هذا لا يمنع من التكالب المألوف على السلطة السياسية وفقا لقواعد لعبة الكراسي المدنية والعسكرية التي ظل يجري تمثيلها على خشبة المسرح القومي منذ أن منح السودان حق "الاستغلال" في بداية عام 1956.
    3- مسكين تور كبير جون قرنق!
    ولكي تكون لدينا فكرة واضحة عما يجري في بلاد "السوءدان" باسم الشيء ونقيضه معا، يلزم أن يكون واضحا أن الجهات المتبوعة هي التي كانت تدعم حركة تور كبير جون قرنق ونظام غلاة الترابيين في آن معا. وذلك في سياق التطبيق العملي لاستراتيجية فرق تسد التي تقوم عليها مؤسسة التبعية التخريبية. ولقد تبين الآن أن الجهات المعنية لم تكن تراهن على أي من الطرفين المتحاربين وإنما على قوى الخليفة عبدالله "التعايشي" التي جرى استنفارها من منطقة جنوب دارفور (وبعض دول الجوار الإفريقي) لإنجاز المرحلة الأولى من مخطط "الحل السوداني-السوداني" وهي "تحرير" دارفور من الفور باسم الإسلام، وقد كان. ولقد تبين أيضا أن الجهات المتبوعة تعرف عن واقع السودان ما لا يعرفه أهل هذا البلد الشاسع الواسع. فهي تعرف مثلا أن جنوب دارفور هي منطقة الأدغال التي ظلت تختبء فيها قوى الخليفة عبدالله "التعايشي" منذ أن تسللت إلي بلادنا من الشمال الإفريقي عشية الغزو التركي-المصري (1821-1885م) للعمل في خدمة تجار الرقيق الأوروبيين فيما يتصل باصطياد "عرب" شمال السودان ومساعدة الأعراب التي قالت آمنا في إبادة أهل الوطن أصحاب الأرض بالملاييين لأغراض التوسع الاستيطاني تحت شعار الكهنوت جزاه الموت! ومعناه الموت لكهنة النبي موسى (النوبي البقاري). فلا غرو أنها كانت تمد حركة تور كبير جون قرنق بالمال والسلاح والتغطية الإعلامية والسياسية والدبلوماسة وتفعل نفس الشيء مع نظام غلاة الترابيين. ولقد كانت الجهات المعنية تسعى تور كبير بصفة شخصية سعي خروف العيد السعيد وهو لا يعلم أن النعمة لا تدوم. وكانت تدخره لإنجاز مهمة "تحرير" السودان من أهله الأصليين في الشمال "العربي" بالتعاون التام مع قوى الخليفة عبدالله "التعايشي" التي جرى استنفارها من منطقة جنوب دارفور على أساس معطيات "الكتاب الأسود". ولقد حذرنا تور كبير جون قرنق من عواقب ممارسات فرق تسد والسير في ركاب الجهات المتبوعة التي تدعم نظام الترابيين أيضا وأجزلنا له النصح المبين فلم يستبين النصح إلا في أحضان الجن والشياطين!
    مسكين تور كبير جون قرنق فلربما لا يزال يتقلب في قبره وهو يتساءل عمن قتله ولماذا! وما عساه أن يفعل الآن لو علم أن الجهات التي قامت بتدبير حادث سقوط الطائرة المشؤوم ليست هي "حكومة الخرطوم" وإنما نفس الجهات التي توفر له مستلزمات الصدام والموت الزؤآم. فهي نفس الجهات التي سبق لها أن عجلت برحيل غيره من الزعماء الجنوبيين الوحدويين من أمثال على عبداللطيف (1924) وويليام دينق (1968) وجوزيف قرنق (1971) وآخرين، ناهيك عن نظرائهم الشماليين. وكان تور كبير جون قرنق يعلم أن الاتحاد السوداني الديمقراطي هو صاحب فكرة تحرير السودان من التبعية الاستعمارية التي جاء بها في عام 1979. وربما كان يعلم أيضا أن هذه الفكرة اختطفت من قبل الدكتور منصور خالد بإيعاز من الجهات المتبوعة بهدف تطبيقها من الجنوب بالمقلوب، وقد كان، وحينما تبين أن زعيم حركة التقدم المقلوب القادم من الجنوب غض الطرف عن التوجهات الأولية التي خرجت بها حركة الأنيانيا الثانية إلى الغابة في عام 1983 وصار يدعو للتلاحم مع أهل البلد المهمشين في الشمال "العربي"، صار هذا الانقلاب المفاجيء بمثابة عقبة أمام المساعي التي كانت تقوم بها الجهات المعنية بهدف توسيع دائرة الصدام باسم السلام من أجل "تحرير" دارفونج من الفونج باسم السلام. وعند ذلك المنعرج الحاد صار التخلص من تور كبير جون قرنق من مستلزمات تطبيق "الحل السوداني-السوداني" في الشمال "العربي". وإذا كان العقيد الفقيد لا يزال بحاجة لمعرفة المزيد فما عساه أن يفعل لو علم أن هلال العيد السعيد هل يوم أن صرح بأنه يريد التلاحم، وليس التصادم، مع أهل البلد المهمشين في الشمال "العربي". وتلك هي لحظة الكف عن التسمين والشروع في سن السكين!
    والآن وقطار السلام والموت الزؤآم يكاد أن يدخل المحطة الوسطى وأهلها "نيام" فإن من الضروري أن يكون واضحا أن مهمة "تحرير" دارفونج من الفونج في أواسط البلاد أوكلت إلي حزبين إثنين لا ثالث لهما: حزب الأمة السوداني برعاية الزعيم الهارب الصادق الكاذب ، وامتداده الميداني هو حركة تحرير السودان بقيادة المدعو عبدالواحد محمد نور (ليبي)؛ وحزب المؤتمر الشعبي برعاية الزعيم المرابي حسن لترابي، وامتداده الميداني هو حركة العدل والمساواة بقيادة المدعو خليل ابراهيم (تشادي). ولقد سبق القول بأن حكومة الترابيين المحسوبين على أهل البلد الأصليين انسحبت من مائدة المتفاوضين المرابطين في الدوحة، ولكنها لم تنسحب (بعد) من موائد التبعية للجهات المعنية وهي تتربص الدوائر بأهل البلد الأصليين في الشمال "العربي" لنفس الأهداف الجاهلية التي دفعتها لضرب الطبول لقوى الغزو التركي-المصري (1821-1885م) الذي شن على أهل شمال السودان من أجل الذهب والعبيد. وكانت المحصلة النهائية هي أن فقد شمال السودان أكثر من 7 ملايين من "خيرة العرب المسلمين"، هم الذين تشكل سلالتهم الأغلبية الساحقة من السكان الافريقيين في الدنيا الجديدة، خاصة في أمريكا الشمالية وهايتي وجمايكا وهندوراس وبعض بلدان أمريكا اللاتينية وغيرها من الدول الجزرية الصغيرة المتناثرة في منطقتي البحر الكاريبي والمحيط الهادي. وفي ذلك الحين كان سكان شمال بلاد النوبة قد قاموا فعلا باعتناق إسلام الطرق الصوفية الذي يعتبر بمثابة صورة طبق الأصل للديانة المسيحية التي كان عليها أسلافهم؛ وباتخاذ اللغة العربية لغة رسمية البلاد بل بتبني الهوية العربية بحيث صاروا يعتدون بأنهم "نخبة عرب أجلة". ولكن كل هذا لم يمنع قوى البغي والعدوان من شن حرب الإبادة الجماعية على أهل السودان، لا بالأمس ولا اليوم ولا غدا. وبعد محرقة الغزو التركي-المصري تقلص العدد الكلي لسكان شمال السودان الحاليين من ثمانية ملايين ونصف المليون نسمة إلي مليون ونصف المليون فقط! ومع ذلك فإن هذا العدد الضئيل من الموتى الأحياء هو الذي أنجز معجزة الثورة المهدية في معركة شيكان الأسطورية (1883م). ولا يقولن قائل أن الثورة المهدية هي من إنجاز قوى الخليفة عبدالله "التعايشي" التي تسللت إلي بلادنا في خدمة تجار الرقيق وقوى الإجرام باسم الإسلام. وفيما بعد أوكلت الجهات المتبوعة إلى عصابة الخليفة ود تور شين مهمة التسلل إلى صفوف الثورة بهدف قلب فكرة المهدية على رؤوس المهديين، وقد كان. وهي لا تزال تتمادي في استغلال خدمات هذه القوى باسم الإسلام. والآن وقطار السلام والموت الزؤآم يكاد أن يدخل المحطة الوسطى وأهل البلد نيام، فإنه لا يوجد ما هو أنسب لإيقاظ النائمين مما جادت به قريحة شاعر الأمويين الذي وقف على حقيقة الحرب التي تبدأ بالكلام وتنتهي بالصدام فأنشد من توه يقول:

    أرى تحت الرماد وميض نار وأخشى أن يكون لها ضرام
    فإن النار "بالحزبين" تذكى وإن الحرب أولها "سـلام"
    فقلت من التعجب ليـت شعري، أأيقاظ أمية أم نيام؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de