لعل من الملائم استخدام كلمة فظاظة فى العنوان، فهى تعبر تماماً عن واقع بالغ التعقيد و نفوس أكثر تعقيداً. من ناحية، الكلمة تنضح بالقسوة و الجنوح إلى اضطهاد، قهر، وسحق الآخر إذا لزم الأمر؛ كذلك تنبعث منها روائح الغرور، التعالى و الاستصغار. و من ناحية أخرى الكلمة مضحكة توحى بالبدانة و الثقل المادى و المعنوى. حيث يعود بك الأخير إلى مربع القسوة المتزاوجة مع عدم الاحساس. و للحقيقة حجم الفظاظة زائد متزايد فى مجتمعنا و خاصة بين المسئولين و المنتفعين من حكم الانقاذ. هم فى سعيهم الحثيث لعزل أنفسهم من المجتمع، حتى أصبح السواد الأعظم منهم متنكرون لماضيهم، بعيدون كل البعد عن معاناة الشعب (out of touch).
11-25-2010, 02:44 AM
Abuzar Omer Abuzar Omer
تاريخ التسجيل: 07-26-2008
مجموع المشاركات: 2109
لعل من الملائم استخدام كلمة فظاظة فى العنوان، فهى تعبر تماماً عن واقع بالغ التعقيد و نفوس أكثر تعقيداً. من ناحية، الكلمة تنضح بالقسوة و الجنوح إلى اضطهاد، قهر، وسحق الآخر إذا لزم الأمر؛ كذلك تنبعث منها روائح الغرور، التعالى و الاستصغار. و من ناحية أخرى الكلمة مضحكة توحى بالبدانة و الثقل المادى و المعنوى. حيث يعود بك الأخير إلى مربع القسوة المتزاوجة مع عدم الاحساس. و للحقيقة حجم الفظاظة زائد متزايد فى مجتمعنا و خاصة بين المسئولين و المنتفعين من حكم الانقاذ. هم فى سعيهم الحثيث لعزل أنفسهم من المجتمع، حتى أصبح السواد الأعظم منهم متنكرون لماضيهم، بعيدون كل البعد عن معاناة الشعب (out of touch).
للأسف الشديد لا تكاد أسرة سودانية تخلو منهم، بيد أنهم لا ينتمون إلى أحد بل لذواتهم. لن تجد بينهم من يعمل لأجل الوطن الكبير أو الخير المطلق، فقط يحركهم الغرض الضيق.أما إبتعادهم عن معاناة الشعب فقد تم برغبتهم فى قهر الآخرين و عقاب الجميع على سنين معاناتهم فى الماضى. خرجت أفعالهم المدمرة للأمة بصورة مدروسة و ممنهجة بداية بالصالح العام و التمكين إلى جعل فلزات الأكباد وقوداً للحرب. و كانت فى كل لحظة تعبر عن حقد و كراهية لأهل هذا البلد و رغبة أكيدة فى دهسهم لعقود ستأتى.
ربما كانت العزلة الممنهجة تبدو للبعض عفوية أو نتاج لغيرها. لكن من الواضح أن الأمر يتعلق بخلق طبقتين بحيث ينعمون هم بالثروة و المناصب و التعليم الجيد لأبنائهم و يعمل بقية الشعب فى خدمتهم و التسبيح بحمدهم. مع مراعلة حرمان الآخرين من الأمل فى فكاك أو الترفيع إلى الطبقة الأخرى. لذلك كان لابد من عزل أنفسهم (فلا تتاح الفرصة لوخذات الضمير) و عزل أطفالهم (فلا تنمو الرحمة فى قادة المستقبل). و المتأمل لخريجى مرحلة (الولاء قبل الكفاءة) يجد أنهم حازوا المناصب الرفيعة (الخارجية، البترول، ... و غيرها) و تركوا لأوائل دفعاتهم الأمجاد و الركشة. الشئ الذى أدى إلى عزلهم من زملائهم. الشخص منهم لا يستطيع التبرير و لا الموساة (لا يمكن أن يُعزى الأمر إلى الحظ أو الصدفة). هكذا تبدأ العزلة، يهرب الذين فى نفوسهم القليل من الحياء و الإنسانية إلى حين التحول الشامل (القسوة التامة بلا تأنيب ضمير أو مجرد التفكير فى الآخرين) أما البعض الآخر فهو لايهتم و لا يكترث من البداية. لقد تم لهم سحق المتفوقين و وأد الرغبة فى التفوق فى جيل بأكمله لسان حال الجيل المذبوح (نقرا عشان نعمل شنو؟؟).
يبدو أن المحسوبية و الولاء لم تكن وحدها تكفى، لذلك اتجهت الأيدى الباطشة للتعليم. ماذا لو انهار التعليم؟ ماذا لو أصبح طلاب جامعة الخرطوم مفجرى الثورات أبناءنا؟ عندها تخمد الفتن و يكون الأبناء هم قادة المستقبل. من هنا اتخذ التعليم الخاص قاعدة انطلاقه، أما التعليم الحكومى فقد ذهب إلى الجحيم. التعليم الخاص لأبناء أهل الحظوة سيخلصهم من عقدة الوساطة و سيكون الطريق معبداً لقادة المستقبل و كذلك سيحقق العزلة بحيث لا يتعرفون على الآخرين خلال الدراسة و لا يشعرون بمعاناتهم فى المستقبل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Abuzar Omer
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست