كُنفدرالية بين مصر والسودان !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-14-2010, 08:41 AM

omer osman
<aomer osman
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 15218

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كُنفدرالية بين مصر والسودان !

    رأيت فيما يرى النائم وفدا مصريا رفيع المستوى، يقوده وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط، ويضم مدير مخابراتها عمر سليمان وآخرين، رأيتهم في قاعة للاجتماعات، كأنها في القصر الجمهوري بالخرطوم، رأيت في الجانب السوداني السيد رئيس الجمهورية ونائبه ومسئولا ثالثا لم أتبين ملامحه.
    كان الاجتماع منعقدا لمناقشة مشروع كنفدرالية بين جنوب السودان وشماله تقدم به الوفد المصري. رأيت السيد عمر سليمان يشرح، في حزن ظاهر، تفاصيل لقائهم بحكومة جنوب السودان، وكيف أن الأخيرة قد قابلت مقترحهم بالرفض، وكان لآخرون ينصتون باهتمام بالغ، ثم سمعت الرجل الثالث في الجانب السوداني (والذي لم أستطع التعرّف عليه)، سمعته يقول بصوت جهوري للسيد عمر سليمان:هذا مشروع جيّد جودة لا شك فيها، ولكنكم ذهبتم به إلى العنوان الخاطئ، وتقدمتم به في الوقت غير مناسب، ولم يكن مستغربا أن يرفضه الأخوة في الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب، لأنهم يتوهمون أنكم ما جئتم إلا لعرقلة الاستفتاء على تقرير مصيرهم.
    وساد صمت في القاعة، ثم استأنف الرجل حديثه قائلا: والذي أراه أنكم إذا كنتم بالفعل تؤمنون بالكنفدرالية كإطار دستوري ناجح، فليتحول اجتماعنا هذا إلى مناقشة مشروع للكنفدرالية بين جنوب الوادي وشماله(مصر والسودان)، ثم قال بالانجليزية: (charity begins at home)، كأنه يشير بذلك إلى أن الوحدة تبدأ، مثلها في ذلك مثل الصدقة، في داخل الأسرة، ثم تنداح إلى الآخرين. ثم قال لهم: فلنبدأ نحن وأنتم بالكنفدراليه، ولنترك الأخوة الجنوبيين يكملون استفتاءهم، ويقررون مصيرهم وفقا لإرادتهم الحرّة، فإذا اختاروا الوحدة مع الشمال، فزيادة خير وبركة، وإذا اختاروا الانفصال، وتكوين دولة مستقلة بهم، فستجد دولتهم الوليدة الأبواب مفتحة أمامها يومئذ للانضمام ليس للسودان «القديم» الذي تكرهه الحركة الشعبية الآن، وإنما لكنفدرالية جديدة، تمتد من منطقة البحيرات الأفريقية جنوبا إلى البحر الأبيض المتوسط شمالا، ومن دار فور غربا إلى البحر الأحمر شرقا، وتضم نحوا من مائة مليون من البشر، يشربون من نيل واحد، ويلتقون في سوق واحدة، ويتبادلون عملة واحدة، تساوى في قيمتها «اليورو»، أو يزيد، ولكنها تسمى «النيلو».
    ثم قال لهم: إن الكنفدرالية، أو غيرها من الأشكال السياسية والدستورية،لا تقصد فى مثل حالتنا هذه لذاتها، وإنما تقصد من أجل السلام الاجتماعي، والتنمية الاقتصادية، والثقل الإقليمي والدولي. إذ يتحقق السلام الاجتماعي من خلال الاعتراف بتنوع الدوائر التي ينتمي إليها الأفراد، وبحرية الانتماء إليها، وبتوسيع الأطر التي تتحرك فيها الكيانات العرقية والدينية. أما التنمية الاقتصادية فتتحقق بتحرير الإرادة،والثقة بالنفس، وبتوحيد الخطط، وتنسيق الجهود، والقضاء على الفساد، فلا تتبدد الطاقات، أو تهدر الموارد، أو تُضيّع الفرص. ثم،ونتيجة لكل هذا سيتأتي الثقل الإقليمي والدولي؛ أي يكون لنا وزن بين الأمم حينما تتحول كنفدراليتنا من إطار دستوري فارغ إلى تكتل اقتصادي فعال، ومن رقعة جغرافية خاوية تتقاتل فيها القبائل، إلى فعاليات اجتماعية راشدة، ومراكز إشعاع ثقافي وعلمي تذخر بالنشاط والحيوية. حينئذ لن يحتاج وفدكم هذا للذهاب إلى جوبا للتبشير بالكنفدرالية أو غيرها، لأنه حينئذ، وحينئذ فقط، سيكون السيد سلفاكير ومن حوله قد اقتنعوا تماما بأن الوحدة قد صارت «جاذبة جدا»، وسيأتون إلى هنا، وسيتقدمون حينئذ بطلب للالتحاق بالسوق السودانية-المصرية المشتركة، تماما كما فعلت دول أوربا الشرقية السابقة، حينما حطمت سور برلين وهى تتسابق للانضمام إلى السوق الأوربية المشتركة، وإلى حلف النيتو.
    وهنا رأيت كأن السيد رئيس الجمهورية يضع عمامته على الطاولة، وكأن السيد نائبه يهز رأسه مرات عديدة، وكأن السيد أحمد أبو الغيط يشعل سيجارة، أخذ دخانها يتكاثر ويتعالى، ثم أخذت الصورة كلها تهتز أمام ناظري، وأخذت الأصوات تتداخل، فصحوت على صوت المؤذن ينادي: الصلاة خير من النوم...
    قلت لنفسي:لا يمكن أن يكون هذا المشهد كله وسوسة من عمل الشيطان، فان الشيطان يدعو للشقاق، ويعد بالفقر، ولا مصلحة له في وحدة الأشقاء. ولكن من الناحية الأخرى، وعلى افتراض أن هذا المشهد يصلح أن يمثل رؤية صادقة، فان المسافة جد بعيدة بينها وبين الواقع الذي نرى. سيقول قوم هنا إن الديمقراطية يجب أن تسبق الوحدة، أو أن الوحدة بين الشعبين الشقيقين حقيقة واقعة، ولا تحتاج إلى تدخلات سياسية. وسيقول قوم هناك إنه لا وحدة بين فقراء، أو إن مشاريع الوحدة العربية كلها قد فشلت في الماضي، وستفشل في المستقبل. وستتعالى أصوات من هنا، وأصوات من هناك، ثم ينخفض الضجيج، وتسدل الستارة، ولن يحدث شيء هنا أو هناك، فما العرب إلا ظاهرة «صوتية» كما قال أحدهم، ولن يتغير شيء سوى أننا-السودانيين والمصريين معا- المتدينون منا والعلمانيون، سنتحول تدريجيا إلى «فائض عمالة»، نبحث عن لقمة العيش، ونتزاحم ونتعارك من أجلها، ونتسابق من أجلها للعمل في أوطان أخرى، نخدم أهلها بالنهار، ونحرسهم بالليل، ولا نعود إلى وادي النيل إلا بعد أن نصبح أنصاف ميتين.
    ومع كل هذا الحديث الجالب للغم، يمكن في تقديري تقصير المسافة بين الرؤية والواقع، من خلال النقاط التالية:
    أولا: أن يجرى تعديل في ورقة أبو الغيط التي ذهب بها إلى جوبا، بحيث تكون مصر والسودان هما نواة للكنفدرالية المقترحة، ثم يترك البت في شأن جنوب السودان إلى حين ظهور نتيجة الاستفتاء على تقرير المصير،
    ثانيا: أن تعكف لجنة خبراء من المصريين والسودانيين على التدقيق في ورقة أبو الغيط وتعميقها وإعادة ترتيبها، بغرض تحويلها إلى اتفاق إطاري لشراكة كاملة بين البلدين، وعلى كافة الأصعدة السياسية والعلمية والاقتصادية والدفاعية (نعم الدفاعية، ولم لا؟) ثم تعرض على المجالس التشريعية في البلدين، فإذا تمت الموافقة عليها تستمر لمدة عشر سنوات، ثم تتحول، بعد المراجعة والتقويم، إلى شكل من أشكال الكونفدرالية يوافق عليه (أو لا يوافق) الشعب المصري والسوداني في استفتاء عام،
    ثالثا: أن يلقى الرئيس المصري المنتخب خطابا على الشعبين(من خلال البرلمان السوداني)، يؤمن فيه على مبادئ الشراكة المقترحة، ويعلن التزامه وحرصه على العمل الصادق من أجل السلام والتنمية لمصلحة الشعبين الشقيقين، ويخاطب الرئيس السوداني الشعبين( من خلال البرلمان المصري) بالمضمون ذاته، مؤكدا التزامه الصادق وحرصه الأكيد على العمل من أجل التنمية والسلام لمصلحة الشعبين الشقيقين.
    وسيقال أن هذا لن يعدو أن يكون مشروعا سياسيا فارغا كغيره من الفقاقيع التي جربت من قبل. ولكن المشاريع السياسية لا تولد مكتملة القوام، قوية الأسنان، وإنما تولد كما تولد الأحلام، ثم تدب فيها الروح من خلال القادة العظام والشعوب العظيمة. ثمّ إني أعتقد أن هذه المنطقة، من البحيرات جنوبا إلى المتوسط شمالا، تحتاج من الناحية النفسية المحضة، وفى هذا الوقت بالذات،إلى مشروع كبير، ينبع من الدّاخل. قد يكون تحقيق مثل هذا المشروع صعب المنال، ولكنه وعلى أقل تقدير، سينعش الأمل في شعوب المنطقة، ويفتح الآفاق المسدودة أمامها، ويطلق الطاقات المعطلة فيها، ويغير مناخ الإحباط واليأس والكآبة الذي يحيط بها من كل جانب. كما إن هذه المنطقة تحتاج، ومن ناحية سياسية محضة، لأن يولد فيها قادةٌ كبارٌ؛ كبارٌ في الأخلاق، فلا تقيّدهم الأغراض الشخصية، والأجندة العائلية؛ وكبارٌ في الفكر، فيدركون كيف يتحرك التاريخ، وفى أي اتجاه يسير، وكيف تُبنى الأمم، وكيف تُحوّل أزماتها إلى نقاطٍ جديدةٍ للانطلاق؛ وكبارٌ في الطموح، فيوقنون أن شبح البطالة والجوع والمرض يمكن أن يزال تماما عن هذه المنطقة، وأن ما صنعته «النمور الآسيوية» يمكن أن تصنعه شعوب وادي النيل.
    ومن البديهي أن «القادة الكبار» لا يصنعون في «الأنابيب» الخارجية، أو يولدون في وحل المشاكسات اليومية الصغيرة بين الأشقاء، وإنما يولدون من رحم التحديات الكبرى، ويقوى عودهم في زخم الاهتمامات الإنسانية العليا، ومعارك البناء الوطني.

    التجاني عبد القادر جامعة زايد (مركز دراسات العالم الإسلامي). http://www.alahdath.sd/details.php?articleid=9784
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de