|
|
 ظهرت لي صورة عطبرة ..... قرشي عوض
|
ظهرت لي صورة عطبرة
قرشي عوض
من صفحة مواقف سياسيه ..... أجراس الحريه
انفصال جزء عزيز من أرض الوطن هو بلا شك مدعاة للحزن والألم بالنسبة لنا نحن فقراء الشمال. الأمر متعلق بالخسارة الإنسانية المتمثلة في فقدان أصدقاء عزيزين لا يمكن أن نتصور الحياة بدونهم؛ لكن "الله غالب" وبالطبع ليست لنا استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات نبكي عليها.. والعلاقة بيننا وبين الجنوبيين هي "لمة ناس في خير أو ساعة حزن" لكن الأمر لا يجب النظر إليه كدعوة للبكاء على الأطلال.. يجب أن نستشعر المسئولية الملقاة على عاتقنا: وهي إعادة بناء الحركة الاجتماعية الديمقراطية بعيداً عن الأماني والاوهام، بامكانية تجاوز الواقع الحالي بضربة حظ.
وعلينا أن نوطن أنفسنا على أننا نواجه خصما شديد المراس، وأساليبه ماكرة ومتنوعة؛ لكن انفصال الجنوب لا يعني تصفية القوى الاجتماعية الديمقراطية في الشمال؛ كما يخيل للبعض من الذين يعتقدون أن مشكلتنا مع النظام هي الشريعة الإسلامية. ولهؤلاء نقول: أن القوانين الإسلامية إذا جاءت وفق دستور يختاره الشعب، دون التأثير على إرادته، سواء أكان ذلك عبر استفتاء نزيه وشفاف أو أجازه برلمان منتخب. وطبقت تلك القوانين في إطار دولة القانون القائمة على الفصل بين السلطات، وفق ممارسة شفافة وواضحة، وفي إطار من حرية التعبير؛ فإن الطابع الاسلامي لتلك القوانين لا يصلح لوصفها بأنها غير ديمقراطية.
وهذا هو أساس معارضتنا للنظام في المستقبل من الناحية السياسية. الطابع الإسلامي للقانون الجنائي لن يقوم مقام الإطار الدستوري الذي ذكرناه، ولن يحول دون مشروعية الصراع من أجل ذلك الإطار أو يجردها، وستظل تلك دعوة لن تجد منا أذنا صاغية، كما لن تصوخ أقدامنا وستظل وقفتنا بخط النار رائعة طويلة، نعتمد فيها على شواربنا وخنجرنا الفولاذي اللامع. "كما قال الشاعر بوشكين" وسنعبئ كفاحنا من أجل ماء الشاي ودرهم الأجر والسلطة في الدولة. ولن نختلف مع النظام في فارغة ومشتغلة. ولا يعنينا كثيراً منعت الدولة تجارة الخمور أم لا؛ فلسنا من دعاة تخمير العاصمة أو تفجيرها، إننا أصحاب اتجاه أصيل في تجربة الشعب السوداني. وليس لنا أرض نذهب اليها غير هذه الأرض الحبيبة.. ولن نعطي عظامنا لغيرها..
فحين يذهب الجنوب بنفطه، الذي استقوت به الانقاذ كاقتصاد ريعي يجعلها في غنى عن الانتاج؛ "مما يعني تصفية الأساس المادي للقوى الاجتماعية الديمقراطية" ستعود الإنقاذ للبحث عن الإمكانات الذاتية لدعم الاقتصاد، وتسيير دولاب الدولة. ولن يكون ذلك بغير إعادة الاعتبار للإنتاج والإنتاجية، الشيء الذي لن يكون بغير عودة القوى الحية لصدارة الأحداث من جديد. مثل تلك القوى التي رفضت المجلس الاستشاري لشمال السودان، والجمعية التشريعية، وتمتلك إرثا ثراً في مقاومة تزييف الوعي، رغم حريق الوثائق، في محاولات يائسة لمحو ذاكرة الحركة المطلبية في السودان.
قطعاً..هذه القوى لن تقبل بنقابة المنشأة؛ "لأن العبوب لن يكون عجلاً، فاقع لونه يسر الناظرين" العبوب سيبقى عبوبا كما يقول الشهيد الأستاذ / الخاتم عدلان، والذي وأن حرمنا ظله فلن نحرم من روحه التي تحلق فوق سماوات المليون ميل مربع. ولن نتدافع مع الطامعين حول الشاة والغنم. ويكفينا أن نعود برسول الله في رحالنا.. ولله ورسوله المثل الأعلى!! من فوق هذا الإرث الموغل في تجربة أهل السودان من أجل العدالة والديمقراطية نجيب على الذين جاء بهم الطريق ووجدوا المكان "شجرة ضرية" ممن ظلوا يطلقون الاسئلة ال########ة: من على شاكلة أين سنذهب؟ في تحريض ظاهرعلينا.. نقول لهم: سوف نبقى مثل نجم السعد. نحيا في الدواخل. ولن نلتفت لتحريضهم للسلطات علينا؛ لسبب بسيط: وهو أن الحكومة أصلاً "كايسة لينا" ولا تحتاج لمن يحرضها علينا.. والمقام مقام صمود "أو انفداسة"..
ونقول للديمقراطيين والعلمانيين الذين انضافوا مجاناً إلى جوقة المحرضين على دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان: "الله يخيب الخوة إن بقت مي خالصة.. والله يخيب الراجل أب كلمة ناقصة.. ونحن بنسند الهاكعة في زمن الدروب العاكسة".
وستعود عما قريب أسماء المدن الشمالية التي لمعت في سماوات الوطن، تغض مضاجع الطغاة، ونغني مع عقد الجلاد:
لما القطار صفر وقف ظهرت لي صورة عطبرة
هي محطة الوطن الكبير كانت تضج متحضرة
وستظل.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست