توطئة: كان مما جرى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في دعوته إلى الله من البلاء والمحن ما هو فوق الوصف حتى مات في سجن القلعة في دمشق الشام سنة 728هـ وهذه الرسالة التي تفيض رقةً, وتقطر حناناً بعثها إلى والدته رحمها الله من داخل السجن.
من أحمد بن تيمية إلى الوالدة السعيدة، أقرّ اللهُ عَينَها بِنِعَمِهِ وأَسْبَغَ عليها جزيلَ كَرَمِهِ، وجعلها من خِيارِ إمائهِ وخَدمِهِ. سلامٌ عليكم، ورحمة الله وبركاته وبعد: فإنا نحمد اليكم اللهَ الذي لا إله إلا هو، وهو للحمد أهلٌ ، وهو على كل شيئ قدير. ونسأله أن يصلي على خاتم النبيين، وإمام المتقين محمدٍ عبدِه ورسولِه صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما. كتابي اليكم عن نعمٍ من اللهِ عظيمةٍ، ومِنَنٍ كريمةٍ وآلاءٍ جسيمةٍ، نشكرُ اللهَ عليها، ونسألُهُ المزيدَ من فضلِه ، ونِعَمُ اللهِ كُلَّما جاءت في نُمُوٍّ وازديادٍ، وأياديهِ جَلّت عن التَّعداد . وتعلمون أن مُقامَنا الساعةَ في هذه البلادِ، إنما هو لأمورٍ ضروريةٍ، متى أهملناها فسد علينا أمرُ الدينِ والدُّنيا، ولسنا والله مختارين للبُعدِ عنكم، ولو حملتنا الطيورُ لسِرْنا إليكم، ولكن الغائبَ عُذرُه مَعَه. وأنتم لو اطلعتم على باطنِ الأمور فإنكم- ولله الحمد- ما تختارون الساعةَ إلا ذلك، ولم نعزم على الإقامةِ والاستيطانِ شهرًا واحدًا، بل كلَّ يومٍ نستخيرُ اللهَ لنا ولكم، وادعوا لنا بالخيرة. فنسألُ اللهَ العظيم أن يخير لنا ولكم وللمسلمين ما فيه الخِيرَة في خيرٍ وعافيةٍ. ومع هذا فقد فتح اللهُ من أبوابِ الخيرِ والرحمةِ والهدايةِ والبركة، ما لم يكنْ يخطرُ بالبال ولا يدور في الخيال. ونحن في كل وقتٍ مهمومون بالسفرِ، مستخيرون الله سبحانه وتعالى،فلا يظن الظانُّ أنا نؤثر على قربكم شيئا من أمور الدنيا ، بل ولا نؤثر من أمور الدين ما يكون قربكم أرجح منه، ولكن ثَمّ أمورٌ كِبارٌ نخافُ الضّرر الخاص والعام من إهمالها ، والشاهدُ يرى مالا يرى الغائبُ. والمطلوب كثرة الدعاء بالخيرة، فإن الله يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، وهو علام الغيوب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: )من سعادة ابن آدم استخارته الله ورضاه بما يقسم الله له، ومن شقاوة ابن آدم ترك استخارته الله، ######طُهُ بما يُقْسمُ له). والتاجر يكون مسافرا فيخاف ضياع بعض ماله، فيحتاج أن يقيم حتى يستوفيه، وما نحن فيه أمر يجل عن الوصف، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثيرا كثيرا، وعلى سائر من في البيت من الكبار والصغار، وسائر الجيران والأهل و الأصحاب واحدا، واحدا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم تسليما) انتهى ********************** قلت: كنت قد كتبت في مقالةٍ لي سابقة (في هذا المنبر) شيئًا عن ترجمته وأقوال أهل العلم فيه...فراجعه-غير مأمور والمقالة بعنوان: (هل لقي الرحالة ابن بطوطة ابن تيمية؟؟).
وكتب: الفيرُ إليه تعالى العاجز عبد العزيز علي جامع كان الله له
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة