|
|
 حقوق الانسان بين الوحدة والانفصال.. بقلم /الامير عبد المحمود ابو
|
حقوق الانسان بين الوحدة والانفصال
بقلم: عبدالمحمود أبو
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين إلتزام العدل في حالتي الغضب والرضا ، والقرآن الكريم أكد هذا المعنى في سورة المائدة في قوله تعالى" ولايجرمنكم شنئان قوم على ألاتعدلو اعدلوا هو أقرب للتقوى" استفتح هذا المقال بالحديث الشريف والآية الكريمة تذكيرا للمسئولين في الحكومة بأن لا ينساقوا وراء العاطفة وهم يتناولون قضية الوحدة والانفصال، فالعلاقة بين المواطنين في الشمال والجنوب علاقة أزلية يؤكدها التاريخ والواقع والمصالح المشتركة، صحيح هذه العلاقة شابتها منغصات بسبب الصراع بين الشمال والجنوب جعلت العيش المشترك في ظل دولة واحدة متعذرا ولذلك وافق المتفاوضون على تقريرالمصير بعد فترة انتقالية كان من المأمول أن تمتص مرارات الصراع ويزول فيها الاحتقان وتقدم فيها سياسات وبرامج تقنع الجنوبيين بتفضيل الوحدة على الانفصال، ولكن الواقع أن العلاقة بين الطرفين ظلت طيلة الفترة الانتقالية قائمة على المشاكسة وفقدان الثقة أدت في النهاية إلى تعبئة عامة في الجنوب ترجح خيار الانفصال، ولايغيرمن هذا الخيار تطمينات قادة المؤتمرالوطني بأن معلوماتهم تؤكد خيار الوحدة إذا جرى الاستفتاء في ظل مناخ تتوافرفيه الحرية، فهم يتهمون الحركة الشعبية بممارسة القمع وإجبارالجنوبيين على التصويت للانفصال بل يقولون الاستقلال كأن الجنوب مستعمرمن الشماليين. هذه المشاكسة والاتهامات المتبادلة سممت الأجواء وسرت في أوساط الرأي العام حالة من التوجس والتخوف من نتائج الاستفتاء في الحالتين وزاد الطين بلة تصريحات بعض المسئولين التي تنذر الجنوبيين بشرمستطير إذا صوتوا للانفصال! بل قال أحد المسئولين صراحة إن حقوق الجنوبيين المقيمين في الشمال ستسقط إذا صوتوا للانفصال بما في ذلك حقهم في العلاج والتعليم والنشاط الاقتصادي ... الخ ويبدو أن هذا التصريح جاء في مناخ ردود الأفعال علي نتائج اجتماعات نيويورك وتصريحات قادة الحركة الشعبية ، ومهما يكن من أمرفلابد من إدراك الحقائق الآتية:-
أولا:أن الجنوبيين ظلوا يطالبون بالتميز حتى قبل الاستقلال وذلك بمناداتهم بالفدرالية وشعورهم بالفوارق الدينية والثقافية بينهم وبين الشماليين. وأستشهد هنا بكلام السيد بنجامين لوكي رئيس مؤتمرجوبا الثاني الذي انعقد في أكتوبر1954 بدعوة من حزب الأحرار فبعد انفضاض المؤتمر بعث بنجامين لوكي برسالة إلى وزيري خارجية بريطانيا ومصروإلى الحاكم العام وإلى رئيس وزراء السودان يبلغهم بأن المؤتمر قد صوت لصالح قيام اتحاد فدرالي بين جنوب السودان وشماله. دعا بنجامين لوكي في رسالته الشماليين للاعتراف بالفوارق الاثنية والثقافية والدينية بين الشمال والجنوب. وقال إن على الشماليين أن يدركوا أن هذه الفوارق الطبيعية والجوهرية لاتفضي إلا إلى واحد من أمرين: قيام اتحاد فدرالي بين الشمال والجنوب ، وإذا لم يكن ذلك مقبولا للشماليين يقسم السودان إلى دولتين مستقلتين تماما عن بعضهما البعض مثلما انشطرت باكستان عن الهند..." راجع كتاب الدكتورفيصل عبدالرحمن على طه " السودان على مشارف الاستقلال الثاني" إصدارمركزعبدالكريم ميرغني2010م
ثانيا: لم يستطع الشماليون والجنوبيون أن يعيشوا بسلام واستقرارفي ظل دولة واحدة منذ استقلال السودان فمعظم الفترة بعد الاستقلال كان طابعها الحروب وسفك الدماء مع اتهام من الجنوبيين للشماليين بالتمادي في نقض العهود والمواثيق مما جعل التطلع للانفصال عقيدة جنوبية لايقبلون أي حديث يناقضها وأي حديث من الشماليين عن الوحده يعتبره الجنوبيون استعلاء ثقافيا ودعوة للاستعمار، وجاءت السياسات الحكومية - خاصة في فترة التسعينات- موسعة للشقة ومشجعة على المطالبة بحق تقريرالمصير! ومعلوم أن اتفاقية السلام حققت نجاحا كبيرا بإيقاف الحرب وإن شابتها عيوب الثنائية والتناقض الآيدولوجي بين موقعيها مما يجعل فقدان الثقة بين طرفيها كبيرا وتنفيذ بنودها تعترضه معيقات كثيرة .
ثالثا: إن اتفاقية السلام محروسة بالدستوروبرعاية إقليمية ومراقبة دولية لامجال للالتفاف عليها أو التقاعس في تنفيذ بنودها،صحيح أن الاتفاقية دعت الطرفين للعمل من أجل جعل الوحدة خيارا له الأفضلية ولكن الفترة الانتقالية أثبتت بما لايدع مجالا للشك تعذر التعايش المشترك بين الطرفين، وتصريحات كبارالمسئولين في الحركة ابتداءا من رئيسها سلفاكيركلها تصب في تحريض الجنوبيين أن يصوتوا للانفصال حتى لايكونوا مواطنين من الدرجة الثانية ! والملاحظ أن الحديث عن الوحدة جله من الشماليين إن لم يكن كله! وهم في الواقع يخاطبون أنفسهم ولايخاطبون الجنوبيين! ولم أسمع تصريحا للجنوبيين يدعو للوحدة اللهم إلا أولئك المنفصلين عن الحركة الشعبية وهؤلاء متهمون بأنهم صنيعة للمؤتمرالوطني، وهنالك أفراد منهم يتحدثون عن الوحدة باستحياء. إن معظم الشماليين يقفون مع الوحدة ويدركون مخاطرالانفصال ولو تم إشراك القوى السياسية الشمالية في مفاوضات نيفاشا لجاءت الاتفاقية مسنودة بتأييد شمالي واسع ولعمل الجميع على جعل الوحدة جاذبة ولكن الانفراد والاقصاء والاحتكار دائما نتائجه مؤلمة.
رابعا:هنالك عدة أمور معلقة لم تحسم حتى الآن ويبدو أنها لن تحسم قبل الاستفتاء مثل ترسيم الحدود والدين الخارجي والخدمة المدنية والقوات النظامية والمرافق العامة ووضع الجنوبيين في الشمال ووضع الشماليين في الجنوب وغيرها من القضايا التي ستكون بؤرا للتوترخاصة إذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للإنفصال وهو الأرجح، وهنا يبرز التساؤل الجوهري المشروع ماهو وضع الجنوبيين في الشمال ووضع الشماليين في الجنوب إذا صوت الجنوب للانفصال؟ الإجابة نستشفها من تصريحات المسئولين هنا وهناك، ولم أقف على تصريحات المسئولين الجنوبيين ولكن تصريحات بعض المسئولين الشماليين كانت واضحة آخرها حديث وزيرالاعلام للاذاعة يوم السبت 25 سبتمبر جاء فيه " أن الجنوبيين لن يتمتعوا بحقوق المواطنة الوظائف والامتيازات لن يسمح لهم بالبيع والشراء في الأسواق لن يعالجوا في المستشفيات" هذا الحديث يبدو أنه رد فعل لما جرى في نيويورك وهو حديث باعثه الغضب ولانستطيع أن نؤكد أو ننفي أنه الموقف الرسمي للحكومة بالرغم من أن قائله هو الناطق الرسمي للحكومة. والموقف الصحيح في رأيي يتمثل في الفقرة الآتية.
خامسا:يجب أن يعامل الجنوبيون في الشمال والشماليون في الجنوب إذا حدث الانفصال معاملة كريمة خلاصتها كالآتي:-
أن يعاملوا وفق نصوص القانون الدولي والميثاق العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني
أن يعاملوا كمواطنين في البلد الذين يقيمون فيه إلا اذا اختاروا بإرادتهم التخلي عن الجنسية السودانية بالنسبة للمقيمين في الشمال وامتناع المقيمين في الجنوب حمل جنسية البلد الجديد وفي هذه الحالة يطبق عليهم قانون الهجرة بعد إعطائهم فرصة كافية لتوفيق أوضاعهم.
بالنسبة للجنوبيين المقيمين في الشمال ينبغي أن يعاملوا معاملة كريمة وتعالج كل مشاكلهم وتوفر ضروراتهم المعيشية والتعليمية والعلاجية ويكرموا لاختيارهم البقاء في الشمال ليكونوا رسل سلام وتشجيع لإخوتهم في الجنوب للعمل من أجل الوحدة مستقبلا بعد تجاوز مرحلة المرارات الحالية فقد توحدت ألمانيا بعد أكثرمن أربعة عقود من التجزئة.
المحافظة علي ممتلكاتهم وتشجيع نشاطهم الاقتصادي خاصة وأن هنالك مصالح مشتركة بين الشماليين والجنوبيين لايجوز تجاهلها.
معاملة خاصة لقبائل التماس التي تحترف الرعي مهنة أساسية في معيشتها ومعظم أوقاتهم يقضونها تنقلا بين الشمال والجنوب.
المطلوب مما رسة نشاط إعلامي وثقافي تقوده أقلام واعية وعقول مدركة لتوضيح أن الانفصال ليس هو نهاية المطاف وأن مصيرالشمال والجنوب هو العيش في ظل دولة واحدة مهما فرقت بينهم الظروف الاستثنائية.
اللهم هيئ لبلادنا من أمرها رشدا وخذ بيد أهلها لما تحب وترضى.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حقوق الانسان بين الوحدة والانفصال.. بقلم /الامير عبد المحمود ابو (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
|
ومهما يكن من أمرفلابد من إدراك الحقائق الآتية:-
أولا:أن الجنوبيين ظلوا يطالبون بالتميز حتى قبل الاستقلال وذلك بمناداتهم بالفدرالية وشعورهم بالفوارق الدينية والثقافية بينهم وبين الشماليين. وأستشهد هنا بكلام السيد بنجامين لوكي رئيس مؤتمرجوبا الثاني الذي انعقد في أكتوبر1954 بدعوة من حزب الأحرار فبعد انفضاض المؤتمر بعث بنجامين لوكي برسالة إلى وزيري خارجية بريطانيا ومصروإلى الحاكم العام وإلى رئيس وزراء السودان يبلغهم بأن المؤتمر قد صوت لصالح قيام اتحاد فدرالي بين جنوب السودان وشماله. دعا بنجامين لوكي في رسالته الشماليين للاعتراف بالفوارق الاثنية والثقافية والدينية بين الشمال والجنوب. وقال إن على الشماليين أن يدركوا أن هذه الفوارق الطبيعية والجوهرية لاتفضي إلا إلى واحد من أمرين: قيام اتحاد فدرالي بين الشمال والجنوب ، وإذا لم يكن ذلك مقبولا للشماليين يقسم السودان إلى دولتين مستقلتين تماما عن بعضهما البعض مثلما انشطرت باكستان عن الهند..." راجع كتاب الدكتورفيصل عبدالرحمن على طه " السودان على مشارف الاستقلال الثاني" إصدارمركزعبدالكريم ميرغني2010م
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عمر عبد الله فضل المولى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست