|
|
 تميزوا دون الثلاثين
|
هشام محمود سليمان
[email protected]
كثيرا مانسمع انه رجل ذو تجربه اوانها امراه ذات تجربه ثره وغنيه رجل عركته الحياة وعركها فيرتبط الامر في اذهاننا بان عمق التجربه وثرائها انما يتاتي من طول الفتره التي عاشها الانسان وعاصر خلالها الكثير من الاحداث وشاهد الكثير من المواقف شارك في صنعها و تفاعل وانفعل وتاثر بمجريتها هكذا يتم التقيم( انه انسان صاحب تجربه عريضه ثره وغنيه )
وفي اعتقادي انه مجرد تقيم تقليدي لفلسفة التجربه وماهيتها اغفل اهم مصادر التجربه واحد اهم المناهل التي تكونها الاوهو الاطلاع هكذا دون معاصره او معايشه وذلك ان الانتاج الفكري والابداعي لكاتب ما في نهاية العقد الثامن او السابع من عمره انما يمثل خلاصة وعصارة تجاربه في الحياة يقدمها علي طبق من ذهب للمتلقي وبقدر ما كان المطلع حصيفا وواسع الاطلاع بقدرما استطاع ان يستفيد وان يهضم تجربة الكاتب او المبدع ويضيفها الي تجربته الشخصيه وبذلك يرتفع سقف معارفه ويزداد عمر تجربته ليصبح عمره تجربته تسعين عاما( سبعين عاما) عمر التجربه المضافه الي عمره اذا افترضنا ان عمره كان عشرون عاما هكذا في اعتقادي تتكون التجارب ويرتفع سقف المعارف ولكنها تجارب تحتاج الي تجريب الي احتكاك حقيقي لانها تظل تجارب ومعارف نظريه حتي تنضج تحت لهيب او حلاوة هذه المواقف والتاريخ يقص علينا كيف ان هناك كثيرا من المفكرين والمبدعين ذاع صيتهم واصبحوا منارات سامقه في الفكر الانساني السياسي والاقتصادي والاجتماعي والادبي والفني واصبحت سيرهم وتجاربهم مضربا للامثال ونماذج تحتذي لما لها من تاثير كبير علي المستوي المحلي والاقليمي والعالمي ولم تتجاوز اعمارهم الثلاثين فمن اين ياتري تحصلوا علي هذه المعارف وكيف تكونت لديهم هذه التجارب ان لم تكن نتجية الاطلاع ومن ثم المشاهده والاحتكاك ومن التجارب التي يمكن ان نسوقها لتعضيد وجهة نظرنا هذه ان معرفة الانسان ومقدار وعيه وفهمه تسهم في طريقة حياته واهدافه وتطلعاته فالذي لا يعرف الاحدود قريته لن تكون له تطلعات ومن ثم لن تكون له اهداف عاليه اما الذي يفهم الحياة وينظر اليها بمنظار كوني ويفهم التاريخ وينظر اليه نظره بعيده فان تطلعاته ستكون بحجم فهمه هذا والعرب كانوا من النوع الاول حينما هبطت عليهم رسالة الله ودفعتهم الي معرفة الكون وفهم التاريخ ومن خلال طرح القران لقضايا كبيره مثل قضية الارض وكيف تم خلقها وقضية التاريخ وصراعاته في غابر الازمان وقضية الانسان وما يتنازعه تفتحت وتوسعت مداركهم ومن هنا فان الاسلام فتح افاقا واسعه امامهم فاصبح الرجل الذي لم تكن حدود تفكيره تتعدي حدود بلدته علي اكثر التقادير يفكر في الكون والانسان وفي الناس في عوامل السعاده والشقاء في التاريخ في الحرب في السلم في الايمان في المسؤليه هكذا اوجد القراءن الكريم ماده ثره وغنيه تناولت قضايا شتي فالقراءن يتحدث عن اخبار الامم السابقه والحروب التي دارت رحاها في التاريخ وعن اسباب النصر والهزيمه ويتحدث في مواقع اخري عن العلاقات الانسانيه والدوليه وعن قضايا الاقتصاد والسياسه وعن مظاهر الطبيعه وعن الاخلاق وبمطالعة المسلمين لهذه القضايا والتجارب اضافوا الي تجربتهم الخاصه تجارب الامم السابقه وتفتحت عيونهم علي كثير من القضايا التي لم تطرق اذانهم من قبل وكان منهم من لم يتجاوز عمره الثلاثين بل ان منهم من هو اقل من الثلاثين بكثير مثل الامام علي بن ابي طالب الذي قال فيه المصطفي صلي الله عليه وسلم ( انا مدينة العلم وعلي بابها ) لانه كان من اكثر الصحابه اطلاعا ومعرفة نيجة احتكاكه المباشر بالرسول الكريم هذا ما كان في سالف الازمنه اما من الذين اثروا التجربه الانسانيه بالكثير المثير في العصر الحديث ولم تتجاوز اعمارهم الثلاثين الكاتب الكبير ذو الانتاج الثر الغزير كلون ولسون صاحب كتاب اللامنتمي وسقوط الحضاره وقد ظل هذا الكاتب في حالة تأهب وتحفز دائم للانتاج الفكري الغني الي ان وافته المنيه في الخامس والعشرين من عمره وكذلك الشاعر المجيد ابو القاسم الشابي الذي اثري المكتبه العربيه بانتاج ابداعي غايه في الروعه وتناول انتاجه الشعري والنثري الكثير من القضايا الفلسفيه وقضايا العلاقات الانسانيه والغريب في الامر انه فارق الحياة وهو في سن الخامسه والعشرين من عمره وفي السودان نجد ان الشاعر التجاني يوسف بشير والذي ما زال انتاجه يلهم الكثير من الباحثين بالجديد المبتكر توفي ولم يتجاوز عمره الخامسه والعشرون وايضا الكاتب الفذ ابن الهاشماب معاويه محمد نور والذي جمعت كتاباته في في سفر عظيم لاغني لاي كاتب او باحث من الاطلاع عليه توفي ولم يتجاوز عمره الخامسه والعشرون وهناك الكثير من النمازج والامثله لكتاب انتجوا انتاجا غزيرا ساهم في ثراء التجربه الانساتيه ولازالت كتاباته محل البحث والتنقيب من قبل الباحثين والدارسين مثل الشيخ عبد الكريم الجيلي صاحب كتاب الانسان الكامل والذي توفي هو ايضا ولم يتجاوز عمره الثالثه والثلاثين وايضا من الامثله التي لايمكن تجاوزها الشيخ محي الدين ابن عربي والذي تجاوزت مؤلفاته الخمسمائة مؤلف وبدا انتاجه وهو في العشرين من عمره ولولا الخوف من الاطاله لذكرنا العديد من رجال اسهموا اسهاما كبيرا في مسيرة الانسانيه ولم يتجاوز اعمارهم الثلاثين لذلك نكتفي بهذا القدر وفيه كفايه لما اردنا ان نثبته من ان التجربه وعمقها وثرائها لا يعتمد علي طول الفتره التي يعيشها الانسان بقدر ما يعتمد علي مدي اطلاع الانسان علي تجارب الاخرين وهضمها جيدا واضافتها لتجربته الشخصيه
لتصبح قوة دفع رباعيه له في تقيمه للمواقف والقضايا والاحداث التي تدور حوله
هشام محمود سليمان
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست