|
رائحة المكان (2)
|
رائحة المكان...
أول الحكي...
يا شاعرُ قُمْ... فالذكرى لا تشبهُ إلاّ الذكرى... والشاربُ منها ظمآنْ... والخالدُ فيها مشدود’’ فى قوسِ النسيانْ.. سفر’’ منكَ إليكَ وناقوسُ المجدِ من الأزمانِ الأخرى للأزمانْ.. يتردّدُ فيكَ فقُمَ.. مصطفى سند
يا صديقي هذا الصباح متى أطل؟؟ أغمض عيني في اليقظة أشرد بخواطري بامتداد الظلال المنعكسة على الحائط مثل جنيات في حفلة راقصة وأحاول الحلم بصباح جديد لا يهرب الوقت منه..يلوح لي كجناح نورس يحلق بحرية ويأخذ عمري بعيدا.. تنقشع الغيوم فيه وتعود الشمس إلى الأرض بكل عطفها وحنانها ... أمام المرآة طالعني وجه غريب محتشد بعلامات استفهام عديدة وعيون شاردة النظرات... وكان مهبط النجوم....وجهها الذي أفاق بعد هجعة الكئوس والخواطر المدنسة (1) فالأمس كان مثقلا بكثير من الأحمال ومواسم شوق لا أعرف مواقيتها... والحب الذي كنت أنتظره لم يشتعل في مساءه فشحذ روحي كالنصل وشق قلبي نصفين..شعرت بأن الألوان اختلطت في حياتي بغير تناسق فقد تأخرت الفصول عن الحضور في وقتها المعهود في محاولة منها للتمرد على اعتيادية الأشياء فاختفت الرائحة المصاحبة لها...
مر وقت طويل لم أكتبك في العلن رغم تناثر قصاصات أوراقي وحروفي بين المدن والـ (USB).. إن كان للأوراق رائحة فعطر المتن من رئتيك سافر وانقضى (2) وحين ألح علي شيطانك محرضا على نفض (الانشغال..الخمول..الضجر واللامعقول)، جلست أمام (كيبوردي) كان وجهك يحتل شاشة عيني..يزاحم وجوه أخرى تكافح لاحتلال تفكيري..يشرق كشمس جديدة على حياتي مبدد سحب الماضي...أدركت بأن اليوم (عيدك) الذي تعطيه في كل عام اسما يشبه شيئا من أشياء روحك فاعترتني رغباتي الشريرة في إثارة الشغب والفوضى بداخلك هذه الليلة بإشعال حنين روحك وأرقص لك رقصة (سالومي) لتتشرب مجوني....وأنت في سكينتك ورضاك تفضل رقصة الدراويش في ليالي الصفاء الروحي يرافقك سرب عصافير يشبه حرس ملكة..علني أتوضأ بحنانك وأتدثر بصدق مشاعرك.. ألا تعرف يا صديقي بأن الشر بداخلنا مثل الألوان التي تتواطأ معنا وتمتزج فتخرج لوحة (جمالية) رائعة تبهرنا في أحيان كثيرة.. نمر عليه نراه مرة ونراه مراراً.. و في كل مرة نقف عنده واهمين أنفسنا بأننا قادرين على تبيان كل خطوط اللوحة... نقلب ذاكرتنا الخربة في محاولة لاستعادة اللون الحقيقي فنفشل ويزداد شرنا... يا صديقي يغريك الفضول لقلب مفتوح الأكوان ليس لديه ما يخفيه عنك .. وأنت روحه وأسراره ونقطة الرحيل والعودة إليه...فتتجول بحواسك حولي وتجعل الفراغ يمتلئ صخبا أمام كلماتي المنثورة مثل الاحتمالات والتي تخرج من عزلة السطر متمثلة أمامي بشرا سويا في صفحة ذاكرة بيضاء جديدة ككل تعرّش كالعنبة على جدران الصمت فتلقي بظلالها على دوارة البيت العتيق الذي بات موحشا لتنمو مفردات الشوق.. نعود بهدوء عند اشتعال الذكريات نحو من غادروا منذ زمن دون أن يستأذنوا أحد، فنخون عهودنا وبغواية الشر للبيت القديم نتلمس بأكفنا المكان ونهتك بعض مما مضى من حواجز الزمن، مستسلمين لجرعات الحنين رغم تعهدنا بعدم زيارته فمن الصعب الدخول لمكان كان مليء بالحب بعد فقداننا للطيبين وكيف أصبحت الحياة بدونهم... يا صديقي نحن مرتبطون ارتباطا وثيقا بذلك المكان الخارج من أحشاء الأرض مختلطين بترابه، ومنه ينبع سلامنا وسكن روحنا... لا شيء يرانا كما يرانا سكانه ولا شيء يدركنا كما تدركنا رائحته أينما كنا.. به من الحياة ما يكفى لملئ قلوبنا بالرضا .. هواه يبعثر قلوبنا على الحواف ثم يلملمها بلا موعد.. ومن قبل في مدينة الملح وبالقرب من سهلة البيت القديم تقف شجرة الدار العتيقة، عدت وأنا أحمل في داخلي الكثير من الرغبة فقدت كنت مهيأة لجعل الماضي حاضرا استجدى السماء أن ترسل لي حلماً بالحبل الذي سأمتطيه للأعلى.... بلور ضرعك يا عصير الريح سال على النوافذ والزجاج مطرا كدمع الشمع يغسل مدخل الكوخ العتيق من السياج إلى السياج (3).. أمر بصحبة أنفسنا وأرى فرح طفولتنا تلعب وتثير المكان البارد، أتنسم فيها مذاق ساكنيها الذين نفخوا في داخلنا من روحهم نارا ظلت متأججة ليومنا هذا..فأشعر بأنني لا أدخلها بل أغوص في أعماقي باحثة عن صورة ما في خيالي.. تطالعني وجوه من الماضي فأسرح مع الرائحة القادمة من الشباك وتذكرني بطعم القهوة التي يختلف مذاقها هنا في هذا المكان المقدس.. أتذكر أنامل جدتي العجوز وهي تعدها بالحبهان والزنجبيل لنرتشفها عندما أجالسها في مساءاتنا. قهوتي الحالية طغى عليها سكون المكان، رافقها الصدى بداخلي فتشبثت بحكايات الزمان القديمة أطوي في ملامحها الحروف والكلمات التي تحتمل كل الرغبات والأحلام وأبعث بها صوب الفضاء علها تجد بقايا إنسان بعد أن استبدت بي الرغبة في الحب...كيف سأقرأ بختك مع قهوتك الأمريكية هذه؟ يفاجئني الصوت والسؤال المستنكر عندما تباغتني جدتي وأنا أرتشفها سريعا فأجيبها ضاحكة أقرئيه في الرغوة... هيه يا صديقي... هذا المساء تعبت من ترحال الروح وقضاء الليالي أمرر لذاكرتي آخر ما تبقى من عبير روحهم أعبئ بها الأيام والسنوات..فعدت لواقعي أصل الحائط بالحائط بجسر واه كخيوط العنكبوت فتنقطع خطواته... وأنا التي ظننته قادراً على البقاء والتعمق لمسافات طويلة.. أصيلاً صابراً على المضي بين عثرات الهواء الخادعة ما بين برودة ودفء...
آخر الحكي..
كل عيد وأنت طيب يا صديق المكان والعطر...
الأشعار من دواوين مصطفى سند (1) ملامح من الوجه القديم (2) رجعنا مع البادرات إلى الاستواء (3) البحر القديم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رائحة المكان (2) (Re: اميمة مصطفى سند)
|
يا شاعرُ قُمْ... فالذكرى لا تشبهُ إلاّ الذكرى... والشاربُ منها ظمآنْ... والخالدُ فيها مشدود’’ فى قوسِ النسيانْ.. سفر’’ منكَ إليكَ وناقوسُ المجدِ من الأزمانِ الأخرى للأزمانْ.. يتردّدُ فيكَ فقُمَ..
هنا حيث يقبع الجمال اردت ان اكون ................
اميمه بت سلطان الحرف
سلام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رائحة المكان (2) (Re: كمال ادريس)
|
هي الشاعرية دوما تُرينا ما وراء الأماكن .. وما وراء رائحتها! فنحن كـ (عنقالة) ساي .. ما بنعرف عن الأماكن ودلالاتها وما ورائها إلا مهارة ترتيب الملاية بعد الصحية من النوم و(حدرة) أم البنيات!!
_ والله والله .. من أمس أشيل وأمسح!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رائحة المكان (2) (Re: محمد عبد الماجد الصايم)
|
Quote: هذا المساء تعبت من ترحال الروح وقضاء الليالي أمرر لذاكرتي آخر ما تبقى من عبير روحهم أعبئ بها الأيام والسنوات..فعدت لواقعي أصل الحائط بالحائط بجسر واه كخيوط العنكبوت فتنقطع خطواته... وأنا التي ظننته قادراً على البقاء والتعمق لمسافات طويلة.. أصيلاً صابراً على المضي بين عثرات الهواء الخادعة ما بين برودة ودفء...
|
وانا اظن ان المكان لا يشبه سوى صوت الخفافيش وهي تمص دمنا بمثقاب السيايسة ولكنك اشعلت ثقاب الادب فتوقد اليراع يا صديقتي تعلمين كم احبك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رائحة المكان (2) (Re: اميمة مصطفى سند)
|
الاستاذة / اميمة
وامسية معطرة برائحة سليل الفراديس
الراحل المقيم الذي عشقته منذ بواكيري
اتمني ان اراه موثقا هنا بقلم اقرب الناس اليه .
فلا تضني علينا بجمالياته التي شكلت وجدان الاجيال .
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رائحة المكان (2) (Re: حبيب نورة)
|
اميمة
الرائعة بنت الرائع المبدعة بنت المبدع المرهفة بنت المرهف
اخيرا..........
.................................... كنت عاوز اعمل بوست افتشك فيه بركة الجيتي براك تاني ما تعملي كده .. سمح
| |
|
|
|
|
|
|
|