دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة بقلم / آدم جمال أحمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-05-2010, 11:42 PM

منبر جبال النوبة الديمقرطى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة بقلم / آدم جمال أحمد

    nuba12.gif Hosting at Sudaneseonline.com



    دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة

    بقلم / آدم جمال أحمد - أستراليا

    المحتويات:

    - توطئة
    - تعريف المشورة الشعبية
    - مفهوم المشورة الشعبية ودلالاتها
    - الهدف من المشورة الشعبية
    - أهمية المشورة الشعبية
    - إجراءات ممارسة المشورة الشعبية
    - الجهات الى تراقب إجراءات المشورة الشعبية
    - متى تبدأ إجراءات ممارسة المشورة الشعبية
    - التوعية الخاصة بالمشورة الشعبية
    - بعض النماذج لتجارب المشورة الشعبية التي طبقت في العالم
    - ملاحظات عامة عن المشورة الشعبية وآليات تنفيذها
    - أراء وأقوال بعض القيادات والمسئوليين المختلفة حول المشورة الشعبية
    - الخاتمة
    - المراجع والمصادر

    توطئة:

    تهدف هذه الورقة الى تقديم دراسة نقدية لمفهوم قانون المشورة الشعبية ، ومعرفة قواعد تطبيقها فى ظل الجدل الدائر فى عدم وضوح الرؤية حول المشورة الشعبية بالنسبة للقواعد بولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وذلك نتيجة لعدم وجود تفاصيل كافية في نصوص إتفاق السلام أو قواعد تنفيذه لجلاء كل ما يحتاجه التطبيق على أرض الواقع أدى ذلك إلى بروز مبادرتي والي ولاية جنوب كردفان ووالي ولاية النيل الأزرق إقتراح رحلات علمية للتعرف على التجارب الأخرى للحصول على ما يحتاجه التطبيق من معرفة وقواعد ، بإعتبار أن المشورة الشعبية فى بروتوكول جنوب كردفان والنيل الأزرق لم تقم على منهج واضح فى تسلسل لمواد بنودها المنصوص عليها ، ومن خلال ملاحظاتنا نجدها تفتقر الى الموضوعية والعلمية فى وضع منهجية واضحة فى كيفية معالجة عملية القصور والاهمال والتهميش التى كانت من دواعى أسباب تسلسل الصراعات تباعاً والتى قادت فى نهاية المطاف الى إنفجار الحرب بالاقليم مما أدى الى التحاق أبناء جبال النوبة والأنقسنا بصفوف الحركة الشعبية لاسترداد حقوقهم المسلوبة وتحقيق تطلعات شعب الاقليم والتى تتمثل فى تجلياتها الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية والاجتماعية ،
    نجد أن قانون المشورة الشعبية إتبنى على منهج وصفى تحليلى فضفاض دون ذكر أى معالجات أو حلول جذرية فى نصوص واضحة وجلية لذلك ، خاصةً فى ظل التطورات السياسية الجارية الآن في السودان ومدى تأثيرها سلباً أوإيجاباً على مستقبل إقليم جبال النوبة ، ولا سيما الولاية مقبلة على عملية إنتخابات لمنصب الوالى والجنوب مقبل على حق تقرير المصير وعملية الإستفتاء ، والتى ستجرى بالبلاد فى يناير 2011 ، ولا شك بأنها سوف تساهم بقدر كبير فى تغيير الخارطة السياسية فى السودان ويتبعه إنتخاب مجلس تشريعى بالولاية يترتب عليه تكوين مفوضية برلمانية لتقوم بالتوعية والمراقبة حتى يتمكن مواطنو منطقة جبال النوبة من الإدلاء برأيهم في إتفاقية السلام عن طريق ممارستهم للمشورة الشعبية بعد تكوين الحكومة الجديدة ويعقب ذلك أيضاً استفتاء لسكان منطقة أبيي ثم جنوب السودان لتقرير المصير ، فلذا لا بد من ترسيم أبعاد هذه المشورة الشعبية والتى تحتاج منا جمعياً لوقفة صلبة وتضافر كل الجهود فى هذا الظرف الحرج الذى يمر به شعب اقليم جبال النوبة والمأزق التاريخى التى وضعتهم فيها الحركة الشعبية حينما ساومت بقضيتهم بعد تفويضهم لها فى سابقة هى الأولى من تاريخ العمل السياسى ، والتى كانت مسمار النعش للقضية النوبية بعد أن قدمت الحركة الشعبية أرتال من التنازلات لحكومة المؤتمر الوطنى فى مفاوضات سرية بينهما لتحقيق مصالحها فى الجنوب ، بل وغضت الطرف عن تطلعات وحقوق منطقتى جبال النوبة والنيل الأزرق.

    تعريف المشورة الشعبية:

    المشورة الشعبية عبارة عن آلية ليمارس به حقاً ديمقراطياً لتأكيد وجهة نظر شعبى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق كل على حدة بشأن اتفاقية السلام الشامل بخصوص أى من الولايتين وإرساء السلام وتصحيح أى قصور بخصوص الترتيبات الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية المستعملة بهيكل ونوع ومستوى الحكم اللامركزى والمؤسسات والصلاحيات والعلاقة بين المركز والصلاحيات التنفيذية والتشريعية ونصيب كل من الولايتين فى الثروة والسلطة القومية المضمنة فى اتفاقية السلام الشامل ، فهى سلسلة من الإجراءات السياسية والقانونية يتم عبرها إشراك الشعب فى معالجة المشكلات التى يعانى منها. وهى تعتبر إحدى المفاتيح الإجرائية لقياس إتجاهات وميولات الرأى العام فى منطقة ما فى شأن من الشئون العامة.

    مفهوم المشورة الشعبية ودلالاتها:

    أ- علي المستوي السياسي: تعرف المشورة فى المصادر الأجنبية بأنها فعل التشاور والتحاور بين في
    المصادر الأجنبية بأنها: " فعل التشاور والتحاور بين شخصين أو أكثر علي أمر ما ، بغية اتخاذ قرار بشأنه وفي تعريف آخر "هو تشاور لجنة أو استشارية من الأخصائيين الطبيين مثلا ، للنظر والبت في شأن حالة خاصة ، أو مجموعة من القضاة للتداول في حيثيات قضية معينة" ، أما علي مستوي القانون الدستوري فتعرف بأنها " المداولات العامة من قبل الشعب بشأن الهيئة الانتخابية أو التشريعية".

    ب- علي المستوي التاريخي: مورست " المشورة الشعبية " عند اليونان والرومان ، بل وعند أهل سبأ ، ولقد اختلفت فيها الوظائف والمسميات وحتى الأهداف باختلاف الحقب والمعتقدات. ففى اليونان كان هناك
    مجلسا للشيوخ منبثق من الشعب "boule deliberation "
    ومارس الرومان الحكم عبر لجان التشريع الشعبية " comitia eliberati"

    ج- المشورة الشعبية علي مستوي السياسة الدولية الحديثة:
    حالات الانتخابات والاقتراع "elections and ballots".
    قرارات المبادرات الشعبية citizen’s initiative decision"
    قرار الالتماس الشعبي للحكومة "petition decision".
    الاستفتاء الشعبي " plebiscite decision".
    طلب سحب الثقة من عضو منتخب "recall referendum".
    الإجماع علي رأي أو اقتراح محدد ومسبق "referendum decision"
    المشورة الشعبية "popular consultation"

    د- المشورة الشعبية علي المستوي العقدي: أما المشورة الشعبية علي المستوي العقدي فنرها في حالة بلقيس ملكة سبأ وهي تشاور أهلها في أمر دعوة النبي سليمان عليه السلام ونراها بعد ظهور الإسلام في
    صورة أكثر وضوحا وشفافية في تطبيق مبدأ الشورى ، مع توفر شواهدها الكثيرة في الكتاب والسنة ولكن إذا ما حاولنا أن نسترشد بكل هذه الظروف السياسية والتاريخية والعقدية ونقارنها بتلك الورش التي بدأت تعقد بولاية النيل الأزرق ، سنجد بعض المفارقات العجيبة ، منها علي سبيل المثال أن أغلب الذين سيطلب
    منهم تفعيل أو المشاركة في "المشورة الشعبية" من المسلمين ، وربما ، سيتبادر إلي أذهانهم ، وهذا الحال ، شكل من أشكال الخلط بين " الشورى" و " المشورة الشعبية" ، خاصة وأن الورشة الأولي عقدت برعاية مجلس الكنائس السودانية . إذن هل كلمة المشورة الشعبية المقصودة في اتفاقية السلام الشامل هي
    نفس ما تعنيه كلمة " الشورى" الواردة في القرآن الكريم "وشاورهم في الأمر" آل عمران159" و " وأمرهم شوري بينهم" الشورى 38 ؟ ، أم أنهما معنيان مختلفان في المظهر والجوهر ؟ وللاقتراب من معرفة الإجابة ، وان كانت واضحة لابد أن نوضح الآتي:

    1- عرفت اتفاقية السلام الشامل " المشورة الشعبية" بأنها حق ديموقراطي وإذا تحدثنا عن الديموقراطية ، في هذا السياق ، فيجب أن نتحدث عن حكم الشعب أو سلطة الشعب ،وفي حالة ورشتنا هذه سنجد أن الذين سيطلب منهم إبداء مطالبهم وآراءهم في المشورة الشعبية- حسب نص الاتفاقية- لا يملكون حكما ولا سلطة في قضاء الأمور ، وتغيير المسارات ، خاصة بعد ما انتخبوا نوابهم في المجالس التشريعية وفوضوهم لتولي زمام أمورهم بجلب المنافع والحقوق من الدولة. وعليه، وحسب قانون المشورة الشعبية لعام 2009 ، المؤسس علي اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 ، سيكون هذا الأمر منوطاً برمته إلي المفوضية المعنية بهذا الشأن والمنبثقة من المجلس التشريعي المنتخب ومن ثم ، سيكون عقد مثل هذه الورش لمجرد استطلاع الآراء فقط ، والتي يمكن أن تكون أيضا غير ملزمة لأصحاب القرار.

    2- أما المشورة لفظياً إنها تعنى في لسان العرب الشورى ، والمشورة بضم الشين مفعُله ولا تكون مفعولة لأنها مصدر مثلاً تقول: شاورته في الأمر أى بمعنى إستشرته ، وكذلك فلان خير شير أى يصلح للمشاورة وشاوره مشاورة وشواراً ، وأيضاً تعنى إستشارة أى طلب منه المشورة.
    وأما المشورة إصطلاحاً تعنى: ( عرض أمر ما من الأمور التي تهم الفرد أو المجتمع على ذوى الرأي والخبرة لدراسته وإبداء الآراء في شأنه ، مع بيان الحجج لاستخراج الرأي الراجح من تلك الآراء ).

    الهدف من المشورة الشعبية:

    تهدف المشورة الشعبية إلى تحقيق الشفافية وإشراك المواطنين في المشروعات الكبيرة ووضع القوانين والسياسات عبر تبادل المعلومات والأفكار وتحمل المسئولية كجماعة ، وذلك من خلال الآتى:
    1- تأكيد وجهة نظر شعبي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بشأن إتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين وعن مدى تحقيقها لتطلعاتهم.
    2- تسوية نهائية للنزاع السياسي في أي من الولايتين و إرساء السلام .
    3- تصحيح أي قصور في الترتيبات الدستورية والسياسية والإدارية والإقتصادية في إطار إتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين.

    واضح أن ما يطلبه قانون "المشورة الشعبية" ويسعى إليه هو عمل وقرار سياسي بالدرجة الأولي والدور الشعبي فيه محدود للغاية ، ذلك أن الاتفاقية أبرمت منذ البداية بين طرفين لوقف النزاع بينهما ، وحددت أطراً لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع ، بل وتمادت مقسمة السلطة والثروة بينهما ، ضاربة بعرض الحائط الإرادة الشعبية ، ولقد إستمر العمل بهذه الإتفاقية لمدة خمس سنوات استنزفت في المناورات والشد والجذب بين الشريكين ، ولا يعقل أن نأتي بعد هذه المدة ونطلب من الشعب أن يقيم أداء تنفيذ الاتفاقية بينما هناك جهات مراقبة دولية علي رأسها بعثة الأمم المتحدة التي تتابع مجريات الأحداث منذ البداية ، وعن كثب ، وترصد كل صغيرة وكبيرة ، كما إن للشريكين مراقبين مهمتهم إجراء التقييم الدوري حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل !!. هؤلاء جميعا لديهم كل الإجابات دون الحاجة إلي " المشورة الشعبية" ، ولا سيما الجميع يأمل أن تمر تجربة " المشورة الشعبية " بنجاح في كل من ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، ونأمل من الحكومة المنتخبة أن تولي كل إهتمامها لهاتين الولايتين ، خاصة في المرحلة القادمة وأن تركز علي الجوانب التنموية ، وتحقق كل المطالب المشروعة لشعب الولايتين وخاصة فيما يتعلق بإعادة توزيع السلطة والثروة بشكل عادل يرضي الجميع .

    أهمية المشورة الشعبية:

    وتتمثل أهمية المشورة الشعبية فى أنها تقلل من إحتمالات العنف والتنازع الذي يمكن أن ينشأ بين الحكومة والمواطنين حول قضايا الحكم ، بالإضافة إلى جانب أنها توفر المعلومات المتاحة بغرض تحليلها وتصنيفها وتقدير التوقعات المحتملة ، وسوف يساعد ذلك على صناعة القرار الصحيح ، علاوة على أنها تزيد من معدلات الشفافية مما تساعد على إكتشاف ذوي النظرة الثاقبة والأفكار البديلة لأولئك المتأثرين مباشرة بالأحداث ، أما من حيث التطبيقات والوسائل فإن للمشورة الشعبية أنماط وصيغ كثيرة متنوعة ومتعددة أى بمعنى أن لها أشكالاً مختلفة بإختلاف الموضوع والهدف وتتمثل فى الآتى:
    1- الإخطارNotification :
    يعنى به التعريف المسبق لأصحاب القضية بالموضوع المعنى بالمشورة حتى يهيؤا أنفسهم لعملية المشورة ، وذلك من خلال نقل المعلومات الرسمية للعامة وتمليكهم الحقائق وتهيئة البيئة للحوار.
    2- المشورةConsultation :
    تعنى الأخذ بآراء الجماعات الفاعلة والمؤثرة وتدفق المعلومات منها وإليها ، وهي تتم في كل المراحل بدءاً من مرحلة تحديد المشكلة وتشخيصها ثم إلى مرحلة التقييم والتدخل السياسي والقانوني، وقد تنتهي هذه العملية في مرحلة واحدة أو قد تكون حواراً مستمراً بحسب تطور المشكلة وإستمراريتها.
    3- المشاركةParticipation :
    هي عملية تقتضي وجود أصحاب القضية في مراحل صياغة السياسات والقوانين والمطالب والمعالجات ومراحل صياغة النصوص الممهدة للإجراءات.
    من خلال هذا العرض نلاحظ أن المشورة الشعبية هي وليدة الظروف المحلية لأنها تنبع من واقع المجتمعات وحاجاتها وظروف تطورها ، فهى بالنسبة للغرب تبحث عن نواقص لإستكمالها بإعتبارها قد تقطع شوطاً بعيداً فى بناء الدولة ومؤسساتها فى الإستقرار والتحضر ، بينما في دول عالم الثالث فإن مهمتها ربما تكون أكبر وأصعب من مجرد تطوير للقوانين وقياس للرأي العام لتتعداها إلي إرساء قواعد للسلام وبناء الوحدة الوطنية وتحقيق الإندماج المجتمعى والتعايش الخلاق وتقنين الحقوق التي تضمن المشاركة الواسعة ، لأن المشورة في جوهرها هى نظم للحوار المباشر والوصول مع الجماهير إلي إتفاق بشأن قضية ما أو معالجة مشكلة ما علي مستوي الأقاليم أو علي مستوي الدولة, بتوسيع دائرة المشاركة من أجل صناعة القرار الإيجابي بصيغ مرنة تقترن بشئ رسمي, وتقنين موصوف, وآليات محددة. وبهذا ربما تكون هناك دورات عديدة للمشورة إذا كان في وجودها منفعة فعلية فى حل المشاكل والخلافات.

    ومن خلال إطلاعنا على مسودة نص قانون المشورة الشعبية لولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق والتصفح عبر فقرات بنودها ومواد فصولها والتى جاءت من (18) مادة على أربع صفحات مقارنةً بنص قانون إستفتاء منطقة أبيى والتى تعتبر جزءاً من جنوب كردفان وتم إلحاقها بالجنوب إدارياً والتى لا تعادل خمس مساحة محافظة من محافظات جنوب كردفان ، تتكون من (47 ) مادة على خمسة عشر صفحة ، فهذه أولى المفارقات .. فقانون المشورة الشعبية والذى تم إجازته من قبل المجلس الوطنى ووقع عليه رئيس الجمهورية والذى بموجبه يحدد النظام الادارى الدائم للولايتين ، اللتين تخضعان حالياً لإدارتين مؤقتين خلال الفترة الانتقالية التى تنتهى بإجراء انتخابات عامة ، نجده لا يلبى ويحقق طموحات وتطلعات شعبى الولايتين ، بل هو مشروع فضفاض كل ما يدعو اليه هذا القانون هو تنظيم وتفعيل حق شعبى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر مجلسيهما التشريعيين المنتخبين ديمقراطياً تحقيقاً لتطلعات شعبيهما الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية المضمنة فى اتفاقية السلام الشامل والتى أصلاً فشلت فى حسم النزاع السياسى فى الولايتين وتحقيق التنمية والأمن والاستقرار ، دون أن يذكر صراحة ما هو نوع الحكم وكيفية إدارة هاتين الولايتين هل تدار عبر حكم ذاتى .. أم حكم لامركزى .. بواسطة أبناء الولايتين .. وهل هناك إستفتاء لأبناء الولايتين بأن يحددوا مصير اقليمهم الى أى جهة تتبع إدارياً .. وما حجم نصيب كل ولاية من الثروة القومية وخاصة البترول هل تبقى بنسبة (2%) و كيفية التعامل مع الثروات الأخرى التى تكتشف فى الولايتين ، وعلاقتهما بالمركز ونصيب كل ولاية فى الحقب الوزارية والسيادية وترسيم الحدود وتفاصيل الترتيبات الأمنية ووضع جيش الولايتين وخاصة هناك اكثر من عشرة الف (10 ألف ) جندى من أبناء النوبة ما زالوا بالجنوب لم يتضمنوا حتى فى اتفاقية السلام فى الترتيبات الأمنية والذين لم يتحدث عنهم حتى الآن قيادات أبناء النوبة بالحركة الشعبية وهو ما يثير تساؤلات كثيرة ، لماذا يصر الجنوبيين بالاحتفاظ بهؤلاء فى مناطق غرب الاستوائية بدلاً عن جبال النوبة هل لخلق توازنات فى حال الانفصال لحسم أى تمرد أو صراعات قبلية قد تحدث كما حدث فى الناصر حينما إنفصل لام أكول وريك مشار ، أم تخشى قيادات الحركة الشعبية من الجنوبين فى حال إنفصال الجنوب عن الشمال بأن أبناء النوبة قد يقودون تمرداً ضد دولتهم مما يهدد بقاؤها مستقرة نتيجة للحقن والغبن الذى أصاب النوبة من جراء التفريط والمساومة فى قضيتهم ، فلذلك يحاولون الحفاظ والتمسك بهذا الجيش الأحمر الذى يعتبر بمثابة قوات خاصة أى ( المارينز الأحمر ) ، أم قيادات الحركة بالجنوب لا يثقون فى الجنوبيين أم محاولة ذكية منهم لتذويب هذا الجيش الأحمر كما حدث لأبناء النوبة الذين إستخدمهم الانجليز فى فتوحاته لبعض الدول مثل يوغندا وما زالوا الآن بها و إستعان بهم عيدى أمين عندما إستولى على السلطة ، فهناك العديد من المسائل المعلقة بمنطقتى جبال النوبة والنيل الأزرق والتى لم تحسمها بعض اتفاقية نيفاشا للسلام فكيف تكون الاتفاقية مرجعية للمشورة الشعبية.
    إجراءات ممارسة المشورة الشعبية:

    إن إجراء عملية المشورة السياسية يتطلب ذلك إنشاء مفوضية برلمانية من كل مجلس تشريعى فى أى من الولايتين ، وتتكون المفوضية من سبعة أعضاء من ضمنهم الرئيس والمقرر والبقية أعضاء بموجب قرار من المجلس التشريعى ، ويكون مقر المفوضية عاصمة الولاية المعنية ومن شروط الأعضاء السبعة أن يكونوا منتخبين فى المجلس التشريعى وتنتهى عملها بانتهاء عملية المشورة السياسية ، ولكن تكمن خطورة المسودة فى المادة 12 المصادر المالية للمفوضية والمادة 14 التوعية الخاصة بالمشورة الشعبية والمادة 15خيارات وإجراءات ممارسة المشورة الشعبية والمادة 17 نتيجة المشورة الشعبية ، والتى سوف نقوم بتناول بعض بنود هذه المواد والعمل على تحليلها حتى يقف القراء على حقيقة ما يجرى ويخطط له مسبقاً.
    فىالمادة 12 تتكون المصادر المالية للمفوضية من الميزانية التى تخصصها الولاية المعنية للمفوضية والمنح من الأشخاص أو المؤسسات غير الحكومية أو من المنظمات الوطنية والأجنبية والمامحين والأصدقاء وأى مصادر أخرى ، كما جاءت فى البنود من (أ) الى (ھ ) ولكن بشرط أن توافق عليها الحكومة أو المجلس أو بطلب من رئيس المفوضية ، لأن الذى يتحكم عى عملية التمويل والدعم المالى يستطيع أن يفرض سيطرته الكلية على المفوضية وتوجيه عمل مهامها وإجراءات سير المشورة الشعبية بالولاية ، والتى مهمتها أن تقوم بالتوعية ومراقبة إجراءات المشورة الشعبية بالاضافة الى القوى السياسية وبعض الأطراف.أما فى البند (1) من المادة 14 ينص على الآتى ( يجب على الحكومة وحكومة كل ولاية ضمان توفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوى السياسية المختلفة للتعبير عن الآراء المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية .. والبند (2) يحظر تقييد حق التعبير أو إساءة استعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك .. للأسف لا توجد أى ضمانات بأن تنقض الحكومة عهودها فى كل مرة وهل يستطيع الحزب الحاكم أن يسمح باستخدام أجهزة اعلام الدولة المملوكة له وهو يسيطر على مجلس وحكومة الولاية بالأغلبية المى منحها أياه إتفاقية السلام وحل يسمح بالأراء الأخرى المخالفة له وبأن تصبح ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق بعيدة عن ما رسم وخطط له داخل أروقة الحكومة وخاصة فى ظل قانون الأمن الوطنى ، ولو فرضنا جدلا كان ذلك صحيحاً كما تدعى فلماذا تمسكت بهما وناكفت فى المفاوضات بأن لا تكون جزءاً من الجنوب أو حتى منحهما الحكم الذاتى أو الاستفتاء أثناء مفاوضات نيفاشا .. فما هذه إلا مناورات سياسية وتكتيكات تقوم بها الحكومة لإخفاء حقيقة نواياها وما تسعى وتطمح له تجاه هاتين الولايتين والذى لا يمكن بكل المقاييس أن تفرط فى شبراً واحداً منهما.

    فلذلك تكون إجراءات ممارسة المشورة الشعبية علي النحو التالي:

    (أ) فور إنتخاب أعضاء المجلس التشريعي لكل ولاية، ينشئ المجلس التشريعي المعني مفوضية برلمانية للتقويم والتقدير لإتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين من خلال التقارير التي تُقدم إليه وحكومة الولاية المعنية مع إستصحاب آراء مواطنى الولاية والفعاليات السياسية والمجتمع المدني بالولاية المعنية عبر لقاءات أو مؤتمرات.
    (ب) إذا قرر أي من المجلسين التشريعيين عند النظر في تقارير المفوضية أن الإتفاقية حققت تطلعات شعب تلك الولاية تًعتبر الإتفاقية تسوية نهائية وشاملة للنزاع السياسي في تلك الولاية.
    (ج) إذا قرر أي من المجلسين التشريعيين أن الإتفاقية لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية, يدخل هذا المجلس في مداولات لتحديد أوجه ذلك القصور بشكل مفصل, ومن ثم تدخل حكومة تلك الولاية في التفاوض مع الحكومة المركزية بغرض تصحيح أوجه القصور في إطار الإتفاقية, وذلك خلال شهر من تاريخ قرار المجلس .
    (د) في حالة عدم التوصل الي إتفاق بين الولاية المعنية أو الولايتين معا والحكومة حول تقدير تلك التطلعات, أو أي منها خلال ستين يوما من تاريخ بدء التفاوض, تًحال المسائل الخلافية إلي مجلس الولايات للوساطة أو التوفيق. ويكون المجلس لجنة لهذا الغرض خلال أسبوع من تاريخ الإستلام.
    (هـ) تتكون لجنة المجلس من سبعة أعضاء ويختار كل طرف ثلاثة أعضاء من بين أعضاء المجلس علي أن لا يكونوا من الولايات المعنية, ويتفق الأعضاء الستة علي رئيس للجنة من داخل المجلس, وفي حالة عدم الإتفاق يقوم المجلس بإنتخاب رئيس المجلس من بين أعضائه.
    (و) في حالة فشل مجلس الولايات في الوساطة والتوفيق حول المسائل الخلافية خلال ثلاثين يوما يلجأ الطرفان إلي جهة تحكيم يتفقان عليها. ؟!!!!
    (ز) تنتهي إجراءات المشورة الشعبية قبل نهاية الفترة الإنتقالية في الثامن من يونيو 2011م.

    ما هى الجهات الى تراقب إجراءات المشورة الشعبية:
    الجهات التى يحق لها أن تراقب إجراءات المشورة الشعبية هى كل القوى السياسية المختلفة ، فى كلاً من الولايتين بدعوة المذكورين أدناهم لمراقبة عملية المشورة الشعبية ونتائجها:
    أ- منظمات المجتمع المدني ( المحلية – الاقليمية – الدولية),
    ب- منظمة اللأُمم المتحدة
    ج- الإتحاد الافريقي
    د- منظمة الإيقاد
    هـ- شركاء الإيقاد
    و- جامعة الدول العربية
    ز- الإتحاد الأوربي.

    متى تبدأ إجراءات ممارسة المشورة الشعبية:

    تبدأ عملية إجراءات ممارسة المشورة الشعبية فور إنتخاب أعضاء المجلس التشريعى لكل ولاية ويقوم المجلس بإنشاء المفوضية لتعمل على تقويم وتقدير اتفاقية السلام الشامل من خلال التقارير التى تقدم اليه ومنها الى حكومة الولاية مع استصحاب أراء شعب الولاية والفعاليات السياسية والمجتمع المدنى بالولاية المعنية وذلك عبر لقاءات أو مؤتمرات ، ثم ترفع هذه التقارير الى مجلس الولاية للنظر فيها ، فإذا قرر المجلس أن الاتفاقية حققت تطلعات شعب تلك الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية وشاملة للنزاع السياسى فى تلك الولاية ، أما إذا أقر المجلس ان الاتفاقية لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية ، تدخل حكومة تلك الولاية فى التفاوض مع الحكومة بغرض تصحيح أوجه القصور فى إطار الاتفاقية لتلبية تطلعات شعب الولاية المعنية وذلك خلال شهر واحد ، وفى حالة عدم التوصل الى اتفاق تحال المسائل الخلافية الى مجلس الولايات للوساطة والتوفيق ، فى حالة الفشل يلجأ الطرفان الى جهة تحكيم يتفقان عليها ، وفى حالة اعتماد المجلس التشريعى الولائى اتفاقية السلام الشامل بإعتبارها تلبى تطلعات شعب الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية للنزاع السياسى فى الولاية المعنية وتحيل حكومة الولاية الأمر الى رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهورى بهذا الشأن أما إذا لم تلبى تطلعات شعب الولاية المعنية تدخل تلك الولاية فى التفاوض مع الحكومة من أجل تضمين وإقرار تلك التطلعات فى الاتفاقية وذلك بمرسوم جمهورى ، كما نصت عليهما البندين (1 ) و (2) فى المادة 17.
    التوعية الخاصة بالمشورة الشعبية:

    تنص المادة (14) من قانون المشورة على أنه:

    1- يجب علي الحكومة وحكومة كل ولاية ضمان وتوفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوي السياسية المختلفة للتعبير عن الآراء المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية.
    2- يُحظر تقييد حق التعبير أو إساءة إستعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك.
    3- تقوم أجهزة الإعلام المملوكة للدولة أو الولاية بتقديم خدمات إعلامية مجانية ومنح فرص ومدة زمنية متساوية للجميع في حملة المشورة الشعبية.
    4- يكون لممثلي أجهزة الإعلام المحلية والأجنبية الحق في الحصول علي جميع المعلومات المتعلقة بإجراءات حق المشورة الشعبية.

    بعض النماذج لتجارب المشورة الشعبية التي طبقت في العالم:

    وجدت مبادرة والي ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق الدعم اللازم من كبار المانحين وبالتحديد من المعونة الامريكية ، والتي مولت ورش العمل بالخرطوم وسفر الوفود إلى اندونيسيا وتكاليف الخبراء والمصادر وكافة المطلوبات اللوجستية ، بدعم من المعونة الأمريكية وما زالت تدعم بقية متطلبات الرحلة العلمية وملتزمة في المرحلة المقبلة بالمساهمة حسب خطة العمل المستقبلية ، في نهاية عام 2009 أوفدت الجهات المسئولة عن تنفيذ اتفاقية السلام الشامل مندوبين من ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان للإطلاع علي التجربة التيمورية فيما يتعلق بـ "المشورة الشعبية" والاستفادة منها في التجربة السودانية .
    في أثناء انعقاد ورشة "المشورة الشعبية" الأولي بمدينة الدمازين ، برعاية مجلس الكنائس السوداني ، طلب بعض الحضور التعرف علي التجربة التيمورية ، فتفضل أحد منسوبي المؤتمر الوطني من المبتعثين إلي تيمور، مقدماً عرضا عاماً لم يكن فيه أي تفصيل يمكن أن يستفيد منها الحضور من التجربة التيمورية ، وبدأ أن الخوض في موضوع كهذه التجربة فيه تحفظ شديد ، ربما كان مبرراً ، ( لأن نتيجة المشورة الشعبية التيمورية إنتهت بالإنفصال).
    لم يوضح لنا من ذهبوا إلي تيمور والي " محافظة أنشى" تحديداً أن هذا الجسم المستقطع من أندونيسيا يعد من أكثر دول العالم فقراً وتخلفاً ، ويعيش علي معونات المانحين بينما ترتع فيه إدارة الأمم المتحدة بميزانية سنوية تقدر ب700 مليون دولار سنوياً لدرجة أنها شاركت في بناء فندقاً استثمارياً فخما لإستقبال ضيوفها أجرة الليلة الواحدة فيه 160 دولارا(المرجع: إسلام أون لاين- تيمور الشرقية .. دفع خدمة الاستقلال.)


    والمشورة هنا تشبه مشورة الهوسا في إقليمهم بنيجيريا حول المحاكم الشريعة الإسلامية ، اي الوضعية القانونية والثقافية ، ليس الخيار بين الإنضمام لتلك الدولة أو البقاء كدولة مستقلة ، حسب النصوص الواردة.


    وحسب المصادرفيما يتعلق بشأن التجربة التيمورية ، لقد تم ذلك بموجب إتفاق وقع في 30/3/1999 بين الحكومة الأندونيسية والمستعمر البرتغالي ، نفذت تجربة " المشورة الشعبية" لسكان تيمور الشرقية ( البالغ عدد سكانها في ذلك الوقت 450.000 نسمة بالإضافة إلي 13.000 آخرين كانوا يعيشون خارج البلاد) بشأن منحها حق تقرير المصير من خلال خيارين محددين هما:

    1- إما الموافقة علي عرض منح تيمور حكما ذاتياً من خلال جمهورية أندونيسيا الموحدة.

    2- أو رفض عرض منح الحكم الذاتي واإتجاه الى الانفصال كلياً عن جمهورية أندونيسيا.
    3- لقد صوت 21% من جملة السكان علي القبول بالحكم الذاتي بينما صوت 78.5% علي الانفصال.
    4- في 19/10/1999 وافقت حكومة أندونسيا عي إلغاء كل القوانين المتعلقة بتبعية تيمور لأندونسيا.
    5- في مايو 2002 مرر مجلس الأمن قرارا بتكوين إدارة إنتقالية تمهيداً لعملية إنفصال تيمور الشرقية عن أندونيسيا.
    6- بفضل " المشورة الشعبية" إستقلت تيمور الشعبية عن أندونيسيا وتنعم بالحرية الآن ولكن..تحت ظل الفقر.

    هنالك أوجه شبه كثيرة بين آشي وولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق تتمثل فى الآتى:

    1- وجود مظالم ومطالبات قاعدية للحصول على حقوق إقتصادية وساسية وإجتماعية وثقافية.
    2- تجربة الصراع المسلح.
    3- وجود إتفاق بين الحكومة المركزية وممثلي المحافظة.

    أما أوجه الإختلاف فأهمها:

    1- أن الإتفاق في (آشي) هو مذكرة تفاهم لكنه بروتوكول متكامل إستوعب في الدستور القومي والولائي.
    2- نجد أن درجة الوعي ونسبة التعليم واإلماح بالحقوق مرتفقة في محافظة (آشي) ، أما فى الولايتين منخفضة.
    3- هناك درجة عالية من التركيز على ما هو إستراتيجي من كل الطرفين حركة محافظة أشى والحكومة المركزية في تجربة (آشي) وكثرة التكتيكات والأهداف المرحلية المتباينة ، أما الولايتين هناك غموض وتباين مفاهيم ونتائج غير مأمونة العواقب وعدم مرجعية تستند عليه المشورة الشعبية فلذلك أصبحت قابلة للتأويل وكل طرف يفسرها على حسب هواه.
                  

10-06-2010, 00:36 AM

على عجب

تاريخ التسجيل: 06-23-2005
مجموع المشاركات: 3881

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة بقلم / آدم جمال أح (Re: منبر جبال النوبة الديمقرطى)

    .
                  

10-06-2010, 08:58 AM

آدم جمال أحمد
<aآدم جمال أحمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2010
مجموع المشاركات: 2015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة بقلم / آدم جمال أح (Re: على عجب)

    شكراً الأخ عامر جابر مثير على هذا البوست
    والى الامام
                  

10-06-2010, 09:01 AM

آدم جمال أحمد
<aآدم جمال أحمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2010
مجموع المشاركات: 2015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة بقلم / آدم جمال أح (Re: آدم جمال أحمد)

    دراسة نقدية لمفهوم المشورة الشعبية وتأثيرها على مستقبل إقليم جبال النوبة

    بقلم / آدم جمال أحمد - أستراليا

    المحتويات:

    - توطئة
    - تعريف المشورة الشعبية
    - مفهوم المشورة الشعبية ودلالاتها
    - الهدف من المشورة الشعبية
    - أهمية المشورة الشعبية
    - إجراءات ممارسة المشورة الشعبية
    - الجهات الى تراقب إجراءات المشورة الشعبية
    - متى تبدأ إجراءات ممارسة المشورة الشعبية
    - التوعية الخاصة بالمشورة الشعبية
    - بعض النماذج لتجارب المشورة الشعبية التي طبقت في العالم
    - ملاحظات عامة عن المشورة الشعبية وآليات تنفيذها
    - أراء وأقوال بعض القيادات والمسئوليين المختلفة حول المشورة الشعبية
    - الخاتمة
    - المراجع والمصادر

    توطئة:

    تهدف هذه الورقة الى تقديم دراسة نقدية لمفهوم قانون المشورة الشعبية ، ومعرفة قواعد تطبيقها فى ظل الجدل الدائر فى عدم وضوح الرؤية حول المشورة الشعبية بالنسبة للقواعد بولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وذلك نتيجة لعدم وجود تفاصيل كافية في نصوص إتفاق السلام أو قواعد تنفيذه لجلاء كل ما يحتاجه التطبيق على أرض الواقع أدى ذلك إلى بروز مبادرتي والي ولاية جنوب كردفان ووالي ولاية النيل الأزرق إقتراح رحلات علمية للتعرف على التجارب الأخرى للحصول على ما يحتاجه التطبيق من معرفة وقواعد ، بإعتبار أن المشورة الشعبية فى بروتوكول جنوب كردفان والنيل الأزرق لم تقم على منهج واضح فى تسلسل لمواد بنودها المنصوص عليها ، ومن خلال ملاحظاتنا نجدها تفتقر الى الموضوعية والعلمية فى وضع منهجية واضحة فى كيفية معالجة عملية القصور والاهمال والتهميش التى كانت من دواعى أسباب تسلسل الصراعات تباعاً والتى قادت فى نهاية المطاف الى إنفجار الحرب بالاقليم مما أدى الى التحاق أبناء جبال النوبة والأنقسنا بصفوف الحركة الشعبية لاسترداد حقوقهم المسلوبة وتحقيق تطلعات شعب الاقليم والتى تتمثل فى تجلياتها الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية والاجتماعية ،
    نجد أن قانون المشورة الشعبية إتبنى على منهج وصفى تحليلى فضفاض دون ذكر أى معالجات أو حلول جذرية فى نصوص واضحة وجلية لذلك ، خاصةً فى ظل التطورات السياسية الجارية الآن في السودان ومدى تأثيرها سلباً أوإيجاباً على مستقبل إقليم جبال النوبة ، ولا سيما الولاية مقبلة على عملية إنتخابات لمنصب الوالى والجنوب مقبل على حق تقرير المصير وعملية الإستفتاء ، والتى ستجرى بالبلاد فى يناير 2011 ، ولا شك بأنها سوف تساهم بقدر كبير فى تغيير الخارطة السياسية فى السودان ويتبعه إنتخاب مجلس تشريعى بالولاية يترتب عليه تكوين مفوضية برلمانية لتقوم بالتوعية والمراقبة حتى يتمكن مواطنو منطقة جبال النوبة من الإدلاء برأيهم في إتفاقية السلام عن طريق ممارستهم للمشورة الشعبية بعد تكوين الحكومة الجديدة ويعقب ذلك أيضاً استفتاء لسكان منطقة أبيي ثم جنوب السودان لتقرير المصير ، فلذا لا بد من ترسيم أبعاد هذه المشورة الشعبية والتى تحتاج منا جمعياً لوقفة صلبة وتضافر كل الجهود فى هذا الظرف الحرج الذى يمر به شعب اقليم جبال النوبة والمأزق التاريخى التى وضعتهم فيها الحركة الشعبية حينما ساومت بقضيتهم بعد تفويضهم لها فى سابقة هى الأولى من تاريخ العمل السياسى ، والتى كانت مسمار النعش للقضية النوبية بعد أن قدمت الحركة الشعبية أرتال من التنازلات لحكومة المؤتمر الوطنى فى مفاوضات سرية بينهما لتحقيق مصالحها فى الجنوب ، بل وغضت الطرف عن تطلعات وحقوق منطقتى جبال النوبة والنيل الأزرق.

    تعريف المشورة الشعبية:

    المشورة الشعبية عبارة عن آلية ليمارس به حقاً ديمقراطياً لتأكيد وجهة نظر شعبى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق كل على حدة بشأن اتفاقية السلام الشامل بخصوص أى من الولايتين وإرساء السلام وتصحيح أى قصور بخصوص الترتيبات الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية المستعملة بهيكل ونوع ومستوى الحكم اللامركزى والمؤسسات والصلاحيات والعلاقة بين المركز والصلاحيات التنفيذية والتشريعية ونصيب كل من الولايتين فى الثروة والسلطة القومية المضمنة فى اتفاقية السلام الشامل ، فهى سلسلة من الإجراءات السياسية والقانونية يتم عبرها إشراك الشعب فى معالجة المشكلات التى يعانى منها. وهى تعتبر إحدى المفاتيح الإجرائية لقياس إتجاهات وميولات الرأى العام فى منطقة ما فى شأن من الشئون العامة.

    مفهوم المشورة الشعبية ودلالاتها:

    أ- علي المستوي السياسي: تعرف المشورة فى المصادر الأجنبية بأنها فعل التشاور والتحاور بين في
    المصادر الأجنبية بأنها: " فعل التشاور والتحاور بين شخصين أو أكثر علي أمر ما ، بغية اتخاذ قرار بشأنه وفي تعريف آخر "هو تشاور لجنة أو استشارية من الأخصائيين الطبيين مثلا ، للنظر والبت في شأن حالة خاصة ، أو مجموعة من القضاة للتداول في حيثيات قضية معينة" ، أما علي مستوي القانون الدستوري فتعرف بأنها " المداولات العامة من قبل الشعب بشأن الهيئة الانتخابية أو التشريعية".

    ب- علي المستوي التاريخي: مورست " المشورة الشعبية " عند اليونان والرومان ، بل وعند أهل سبأ ، ولقد اختلفت فيها الوظائف والمسميات وحتى الأهداف باختلاف الحقب والمعتقدات. ففى اليونان كان هناك
    مجلسا للشيوخ منبثق من الشعب "boule deliberation "
    ومارس الرومان الحكم عبر لجان التشريع الشعبية " comitia eliberati"

    ج- المشورة الشعبية علي مستوي السياسة الدولية الحديثة:
    حالات الانتخابات والاقتراع "elections and ballots".
    قرارات المبادرات الشعبية citizen’s initiative decision"
    قرار الالتماس الشعبي للحكومة "petition decision".
    الاستفتاء الشعبي " plebiscite decision".
    طلب سحب الثقة من عضو منتخب "recall referendum".
    الإجماع علي رأي أو اقتراح محدد ومسبق "referendum decision"
    المشورة الشعبية "popular consultation"

    د- المشورة الشعبية علي المستوي العقدي: أما المشورة الشعبية علي المستوي العقدي فنرها في حالة بلقيس ملكة سبأ وهي تشاور أهلها في أمر دعوة النبي سليمان عليه السلام ونراها بعد ظهور الإسلام في
    صورة أكثر وضوحا وشفافية في تطبيق مبدأ الشورى ، مع توفر شواهدها الكثيرة في الكتاب والسنة ولكن إذا ما حاولنا أن نسترشد بكل هذه الظروف السياسية والتاريخية والعقدية ونقارنها بتلك الورش التي بدأت تعقد بولاية النيل الأزرق ، سنجد بعض المفارقات العجيبة ، منها علي سبيل المثال أن أغلب الذين سيطلب
    منهم تفعيل أو المشاركة في "المشورة الشعبية" من المسلمين ، وربما ، سيتبادر إلي أذهانهم ، وهذا الحال ، شكل من أشكال الخلط بين " الشورى" و " المشورة الشعبية" ، خاصة وأن الورشة الأولي عقدت برعاية مجلس الكنائس السودانية . إذن هل كلمة المشورة الشعبية المقصودة في اتفاقية السلام الشامل هي
    نفس ما تعنيه كلمة " الشورى" الواردة في القرآن الكريم "وشاورهم في الأمر" آل عمران159" و " وأمرهم شوري بينهم" الشورى 38 ؟ ، أم أنهما معنيان مختلفان في المظهر والجوهر ؟ وللاقتراب من معرفة الإجابة ، وان كانت واضحة لابد أن نوضح الآتي:

    1- عرفت اتفاقية السلام الشامل " المشورة الشعبية" بأنها حق ديموقراطي وإذا تحدثنا عن الديموقراطية ، في هذا السياق ، فيجب أن نتحدث عن حكم الشعب أو سلطة الشعب ،وفي حالة ورشتنا هذه سنجد أن الذين سيطلب منهم إبداء مطالبهم وآراءهم في المشورة الشعبية- حسب نص الاتفاقية- لا يملكون حكما ولا سلطة في قضاء الأمور ، وتغيير المسارات ، خاصة بعد ما انتخبوا نوابهم في المجالس التشريعية وفوضوهم لتولي زمام أمورهم بجلب المنافع والحقوق من الدولة. وعليه، وحسب قانون المشورة الشعبية لعام 2009 ، المؤسس علي اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 ، سيكون هذا الأمر منوطاً برمته إلي المفوضية المعنية بهذا الشأن والمنبثقة من المجلس التشريعي المنتخب ومن ثم ، سيكون عقد مثل هذه الورش لمجرد استطلاع الآراء فقط ، والتي يمكن أن تكون أيضا غير ملزمة لأصحاب القرار.

    2- أما المشورة لفظياً إنها تعنى في لسان العرب الشورى ، والمشورة بضم الشين مفعُله ولا تكون مفعولة لأنها مصدر مثلاً تقول: شاورته في الأمر أى بمعنى إستشرته ، وكذلك فلان خير شير أى يصلح للمشاورة وشاوره مشاورة وشواراً ، وأيضاً تعنى إستشارة أى طلب منه المشورة.
    وأما المشورة إصطلاحاً تعنى: ( عرض أمر ما من الأمور التي تهم الفرد أو المجتمع على ذوى الرأي والخبرة لدراسته وإبداء الآراء في شأنه ، مع بيان الحجج لاستخراج الرأي الراجح من تلك الآراء ).

    الهدف من المشورة الشعبية:

    تهدف المشورة الشعبية إلى تحقيق الشفافية وإشراك المواطنين في المشروعات الكبيرة ووضع القوانين والسياسات عبر تبادل المعلومات والأفكار وتحمل المسئولية كجماعة ، وذلك من خلال الآتى:
    1- تأكيد وجهة نظر شعبي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بشأن إتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين وعن مدى تحقيقها لتطلعاتهم.
    2- تسوية نهائية للنزاع السياسي في أي من الولايتين و إرساء السلام .
    3- تصحيح أي قصور في الترتيبات الدستورية والسياسية والإدارية والإقتصادية في إطار إتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين.

    واضح أن ما يطلبه قانون "المشورة الشعبية" ويسعى إليه هو عمل وقرار سياسي بالدرجة الأولي والدور الشعبي فيه محدود للغاية ، ذلك أن الاتفاقية أبرمت منذ البداية بين طرفين لوقف النزاع بينهما ، وحددت أطراً لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع ، بل وتمادت مقسمة السلطة والثروة بينهما ، ضاربة بعرض الحائط الإرادة الشعبية ، ولقد إستمر العمل بهذه الإتفاقية لمدة خمس سنوات استنزفت في المناورات والشد والجذب بين الشريكين ، ولا يعقل أن نأتي بعد هذه المدة ونطلب من الشعب أن يقيم أداء تنفيذ الاتفاقية بينما هناك جهات مراقبة دولية علي رأسها بعثة الأمم المتحدة التي تتابع مجريات الأحداث منذ البداية ، وعن كثب ، وترصد كل صغيرة وكبيرة ، كما إن للشريكين مراقبين مهمتهم إجراء التقييم الدوري حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل !!. هؤلاء جميعا لديهم كل الإجابات دون الحاجة إلي " المشورة الشعبية" ، ولا سيما الجميع يأمل أن تمر تجربة " المشورة الشعبية " بنجاح في كل من ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، ونأمل من الحكومة المنتخبة أن تولي كل إهتمامها لهاتين الولايتين ، خاصة في المرحلة القادمة وأن تركز علي الجوانب التنموية ، وتحقق كل المطالب المشروعة لشعب الولايتين وخاصة فيما يتعلق بإعادة توزيع السلطة والثروة بشكل عادل يرضي الجميع .

    أهمية المشورة الشعبية:

    وتتمثل أهمية المشورة الشعبية فى أنها تقلل من إحتمالات العنف والتنازع الذي يمكن أن ينشأ بين الحكومة والمواطنين حول قضايا الحكم ، بالإضافة إلى جانب أنها توفر المعلومات المتاحة بغرض تحليلها وتصنيفها وتقدير التوقعات المحتملة ، وسوف يساعد ذلك على صناعة القرار الصحيح ، علاوة على أنها تزيد من معدلات الشفافية مما تساعد على إكتشاف ذوي النظرة الثاقبة والأفكار البديلة لأولئك المتأثرين مباشرة بالأحداث ، أما من حيث التطبيقات والوسائل فإن للمشورة الشعبية أنماط وصيغ كثيرة متنوعة ومتعددة أى بمعنى أن لها أشكالاً مختلفة بإختلاف الموضوع والهدف وتتمثل فى الآتى:
    1- الإخطارNotification :
    يعنى به التعريف المسبق لأصحاب القضية بالموضوع المعنى بالمشورة حتى يهيؤا أنفسهم لعملية المشورة ، وذلك من خلال نقل المعلومات الرسمية للعامة وتمليكهم الحقائق وتهيئة البيئة للحوار.
    2- المشورةConsultation :
    تعنى الأخذ بآراء الجماعات الفاعلة والمؤثرة وتدفق المعلومات منها وإليها ، وهي تتم في كل المراحل بدءاً من مرحلة تحديد المشكلة وتشخيصها ثم إلى مرحلة التقييم والتدخل السياسي والقانوني، وقد تنتهي هذه العملية في مرحلة واحدة أو قد تكون حواراً مستمراً بحسب تطور المشكلة وإستمراريتها.
    3- المشاركةParticipation :
    هي عملية تقتضي وجود أصحاب القضية في مراحل صياغة السياسات والقوانين والمطالب والمعالجات ومراحل صياغة النصوص الممهدة للإجراءات.
    من خلال هذا العرض نلاحظ أن المشورة الشعبية هي وليدة الظروف المحلية لأنها تنبع من واقع المجتمعات وحاجاتها وظروف تطورها ، فهى بالنسبة للغرب تبحث عن نواقص لإستكمالها بإعتبارها قد تقطع شوطاً بعيداً فى بناء الدولة ومؤسساتها فى الإستقرار والتحضر ، بينما في دول عالم الثالث فإن مهمتها ربما تكون أكبر وأصعب من مجرد تطوير للقوانين وقياس للرأي العام لتتعداها إلي إرساء قواعد للسلام وبناء الوحدة الوطنية وتحقيق الإندماج المجتمعى والتعايش الخلاق وتقنين الحقوق التي تضمن المشاركة الواسعة ، لأن المشورة في جوهرها هى نظم للحوار المباشر والوصول مع الجماهير إلي إتفاق بشأن قضية ما أو معالجة مشكلة ما علي مستوي الأقاليم أو علي مستوي الدولة, بتوسيع دائرة المشاركة من أجل صناعة القرار الإيجابي بصيغ مرنة تقترن بشئ رسمي, وتقنين موصوف, وآليات محددة. وبهذا ربما تكون هناك دورات عديدة للمشورة إذا كان في وجودها منفعة فعلية فى حل المشاكل والخلافات.

    ومن خلال إطلاعنا على مسودة نص قانون المشورة الشعبية لولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق والتصفح عبر فقرات بنودها ومواد فصولها والتى جاءت من (18) مادة على أربع صفحات مقارنةً بنص قانون إستفتاء منطقة أبيى والتى تعتبر جزءاً من جنوب كردفان وتم إلحاقها بالجنوب إدارياً والتى لا تعادل خمس مساحة محافظة من محافظات جنوب كردفان ، تتكون من (47 ) مادة على خمسة عشر صفحة ، فهذه أولى المفارقات .. فقانون المشورة الشعبية والذى تم إجازته من قبل المجلس الوطنى ووقع عليه رئيس الجمهورية والذى بموجبه يحدد النظام الادارى الدائم للولايتين ، اللتين تخضعان حالياً لإدارتين مؤقتين خلال الفترة الانتقالية التى تنتهى بإجراء انتخابات عامة ، نجده لا يلبى ويحقق طموحات وتطلعات شعبى الولايتين ، بل هو مشروع فضفاض كل ما يدعو اليه هذا القانون هو تنظيم وتفعيل حق شعبى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر مجلسيهما التشريعيين المنتخبين ديمقراطياً تحقيقاً لتطلعات شعبيهما الدستورية والسياسية والادارية والاقتصادية المضمنة فى اتفاقية السلام الشامل والتى أصلاً فشلت فى حسم النزاع السياسى فى الولايتين وتحقيق التنمية والأمن والاستقرار ، دون أن يذكر صراحة ما هو نوع الحكم وكيفية إدارة هاتين الولايتين هل تدار عبر حكم ذاتى .. أم حكم لامركزى .. بواسطة أبناء الولايتين .. وهل هناك إستفتاء لأبناء الولايتين بأن يحددوا مصير اقليمهم الى أى جهة تتبع إدارياً .. وما حجم نصيب كل ولاية من الثروة القومية وخاصة البترول هل تبقى بنسبة (2%) و كيفية التعامل مع الثروات الأخرى التى تكتشف فى الولايتين ، وعلاقتهما بالمركز ونصيب كل ولاية فى الحقب الوزارية والسيادية وترسيم الحدود وتفاصيل الترتيبات الأمنية ووضع جيش الولايتين وخاصة هناك اكثر من عشرة الف (10 ألف ) جندى من أبناء النوبة ما زالوا بالجنوب لم يتضمنوا حتى فى اتفاقية السلام فى الترتيبات الأمنية والذين لم يتحدث عنهم حتى الآن قيادات أبناء النوبة بالحركة الشعبية وهو ما يثير تساؤلات كثيرة ، لماذا يصر الجنوبيين بالاحتفاظ بهؤلاء فى مناطق غرب الاستوائية بدلاً عن جبال النوبة هل لخلق توازنات فى حال الانفصال لحسم أى تمرد أو صراعات قبلية قد تحدث كما حدث فى الناصر حينما إنفصل لام أكول وريك مشار ، أم تخشى قيادات الحركة الشعبية من الجنوبين فى حال إنفصال الجنوب عن الشمال بأن أبناء النوبة قد يقودون تمرداً ضد دولتهم مما يهدد بقاؤها مستقرة نتيجة للحقن والغبن الذى أصاب النوبة من جراء التفريط والمساومة فى قضيتهم ، فلذلك يحاولون الحفاظ والتمسك بهذا الجيش الأحمر الذى يعتبر بمثابة قوات خاصة أى ( المارينز الأحمر ) ، أم قيادات الحركة بالجنوب لا يثقون فى الجنوبيين أم محاولة ذكية منهم لتذويب هذا الجيش الأحمر كما حدث لأبناء النوبة الذين إستخدمهم الانجليز فى فتوحاته لبعض الدول مثل يوغندا وما زالوا الآن بها و إستعان بهم عيدى أمين عندما إستولى على السلطة ، فهناك العديد من المسائل المعلقة بمنطقتى جبال النوبة والنيل الأزرق والتى لم تحسمها بعض اتفاقية نيفاشا للسلام فكيف تكون الاتفاقية مرجعية للمشورة الشعبية.
    إجراءات ممارسة المشورة الشعبية:

    إن إجراء عملية المشورة السياسية يتطلب ذلك إنشاء مفوضية برلمانية من كل مجلس تشريعى فى أى من الولايتين ، وتتكون المفوضية من سبعة أعضاء من ضمنهم الرئيس والمقرر والبقية أعضاء بموجب قرار من المجلس التشريعى ، ويكون مقر المفوضية عاصمة الولاية المعنية ومن شروط الأعضاء السبعة أن يكونوا منتخبين فى المجلس التشريعى وتنتهى عملها بانتهاء عملية المشورة السياسية ، ولكن تكمن خطورة المسودة فى المادة 12 المصادر المالية للمفوضية والمادة 14 التوعية الخاصة بالمشورة الشعبية والمادة 15خيارات وإجراءات ممارسة المشورة الشعبية والمادة 17 نتيجة المشورة الشعبية ، والتى سوف نقوم بتناول بعض بنود هذه المواد والعمل على تحليلها حتى يقف القراء على حقيقة ما يجرى ويخطط له مسبقاً.
    فىالمادة 12 تتكون المصادر المالية للمفوضية من الميزانية التى تخصصها الولاية المعنية للمفوضية والمنح من الأشخاص أو المؤسسات غير الحكومية أو من المنظمات الوطنية والأجنبية والمامحين والأصدقاء وأى مصادر أخرى ، كما جاءت فى البنود من (أ) الى (ھ ) ولكن بشرط أن توافق عليها الحكومة أو المجلس أو بطلب من رئيس المفوضية ، لأن الذى يتحكم عى عملية التمويل والدعم المالى يستطيع أن يفرض سيطرته الكلية على المفوضية وتوجيه عمل مهامها وإجراءات سير المشورة الشعبية بالولاية ، والتى مهمتها أن تقوم بالتوعية ومراقبة إجراءات المشورة الشعبية بالاضافة الى القوى السياسية وبعض الأطراف.أما فى البند (1) من المادة 14 ينص على الآتى ( يجب على الحكومة وحكومة كل ولاية ضمان توفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوى السياسية المختلفة للتعبير عن الآراء المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية .. والبند (2) يحظر تقييد حق التعبير أو إساءة استعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك .. للأسف لا توجد أى ضمانات بأن تنقض الحكومة عهودها فى كل مرة وهل يستطيع الحزب الحاكم أن يسمح باستخدام أجهزة اعلام الدولة المملوكة له وهو يسيطر على مجلس وحكومة الولاية بالأغلبية المى منحها أياه إتفاقية السلام وحل يسمح بالأراء الأخرى المخالفة له وبأن تصبح ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق بعيدة عن ما رسم وخطط له داخل أروقة الحكومة وخاصة فى ظل قانون الأمن الوطنى ، ولو فرضنا جدلا كان ذلك صحيحاً كما تدعى فلماذا تمسكت بهما وناكفت فى المفاوضات بأن لا تكون جزءاً من الجنوب أو حتى منحهما الحكم الذاتى أو الاستفتاء أثناء مفاوضات نيفاشا .. فما هذه إلا مناورات سياسية وتكتيكات تقوم بها الحكومة لإخفاء حقيقة نواياها وما تسعى وتطمح له تجاه هاتين الولايتين والذى لا يمكن بكل المقاييس أن تفرط فى شبراً واحداً منهما.

    فلذلك تكون إجراءات ممارسة المشورة الشعبية علي النحو التالي:

    (أ) فور إنتخاب أعضاء المجلس التشريعي لكل ولاية، ينشئ المجلس التشريعي المعني مفوضية برلمانية للتقويم والتقدير لإتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين من خلال التقارير التي تُقدم إليه وحكومة الولاية المعنية مع إستصحاب آراء مواطنى الولاية والفعاليات السياسية والمجتمع المدني بالولاية المعنية عبر لقاءات أو مؤتمرات.
    (ب) إذا قرر أي من المجلسين التشريعيين عند النظر في تقارير المفوضية أن الإتفاقية حققت تطلعات شعب تلك الولاية تًعتبر الإتفاقية تسوية نهائية وشاملة للنزاع السياسي في تلك الولاية.
    (ج) إذا قرر أي من المجلسين التشريعيين أن الإتفاقية لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية, يدخل هذا المجلس في مداولات لتحديد أوجه ذلك القصور بشكل مفصل, ومن ثم تدخل حكومة تلك الولاية في التفاوض مع الحكومة المركزية بغرض تصحيح أوجه القصور في إطار الإتفاقية, وذلك خلال شهر من تاريخ قرار المجلس .
    (د) في حالة عدم التوصل الي إتفاق بين الولاية المعنية أو الولايتين معا والحكومة حول تقدير تلك التطلعات, أو أي منها خلال ستين يوما من تاريخ بدء التفاوض, تًحال المسائل الخلافية إلي مجلس الولايات للوساطة أو التوفيق. ويكون المجلس لجنة لهذا الغرض خلال أسبوع من تاريخ الإستلام.
    (هـ) تتكون لجنة المجلس من سبعة أعضاء ويختار كل طرف ثلاثة أعضاء من بين أعضاء المجلس علي أن لا يكونوا من الولايات المعنية, ويتفق الأعضاء الستة علي رئيس للجنة من داخل المجلس, وفي حالة عدم الإتفاق يقوم المجلس بإنتخاب رئيس المجلس من بين أعضائه.
    (و) في حالة فشل مجلس الولايات في الوساطة والتوفيق حول المسائل الخلافية خلال ثلاثين يوما يلجأ الطرفان إلي جهة تحكيم يتفقان عليها. ؟!!!!
    (ز) تنتهي إجراءات المشورة الشعبية قبل نهاية الفترة الإنتقالية في الثامن من يونيو 2011م.

    ما هى الجهات الى تراقب إجراءات المشورة الشعبية:
    الجهات التى يحق لها أن تراقب إجراءات المشورة الشعبية هى كل القوى السياسية المختلفة ، فى كلاً من الولايتين بدعوة المذكورين أدناهم لمراقبة عملية المشورة الشعبية ونتائجها:
    أ- منظمات المجتمع المدني ( المحلية – الاقليمية – الدولية),
    ب- منظمة اللأُمم المتحدة
    ج- الإتحاد الافريقي
    د- منظمة الإيقاد
    هـ- شركاء الإيقاد
    و- جامعة الدول العربية
    ز- الإتحاد الأوربي.

    متى تبدأ إجراءات ممارسة المشورة الشعبية:

    تبدأ عملية إجراءات ممارسة المشورة الشعبية فور إنتخاب أعضاء المجلس التشريعى لكل ولاية ويقوم المجلس بإنشاء المفوضية لتعمل على تقويم وتقدير اتفاقية السلام الشامل من خلال التقارير التى تقدم اليه ومنها الى حكومة الولاية مع استصحاب أراء شعب الولاية والفعاليات السياسية والمجتمع المدنى بالولاية المعنية وذلك عبر لقاءات أو مؤتمرات ، ثم ترفع هذه التقارير الى مجلس الولاية للنظر فيها ، فإذا قرر المجلس أن الاتفاقية حققت تطلعات شعب تلك الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية وشاملة للنزاع السياسى فى تلك الولاية ، أما إذا أقر المجلس ان الاتفاقية لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية ، تدخل حكومة تلك الولاية فى التفاوض مع الحكومة بغرض تصحيح أوجه القصور فى إطار الاتفاقية لتلبية تطلعات شعب الولاية المعنية وذلك خلال شهر واحد ، وفى حالة عدم التوصل الى اتفاق تحال المسائل الخلافية الى مجلس الولايات للوساطة والتوفيق ، فى حالة الفشل يلجأ الطرفان الى جهة تحكيم يتفقان عليها ، وفى حالة اعتماد المجلس التشريعى الولائى اتفاقية السلام الشامل بإعتبارها تلبى تطلعات شعب الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية للنزاع السياسى فى الولاية المعنية وتحيل حكومة الولاية الأمر الى رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهورى بهذا الشأن أما إذا لم تلبى تطلعات شعب الولاية المعنية تدخل تلك الولاية فى التفاوض مع الحكومة من أجل تضمين وإقرار تلك التطلعات فى الاتفاقية وذلك بمرسوم جمهورى ، كما نصت عليهما البندين (1 ) و (2) فى المادة 17.
    التوعية الخاصة بالمشورة الشعبية:

    تنص المادة (14) من قانون المشورة على أنه:

    1- يجب علي الحكومة وحكومة كل ولاية ضمان وتوفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوي السياسية المختلفة للتعبير عن الآراء المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية.
    2- يُحظر تقييد حق التعبير أو إساءة إستعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك.
    3- تقوم أجهزة الإعلام المملوكة للدولة أو الولاية بتقديم خدمات إعلامية مجانية ومنح فرص ومدة زمنية متساوية للجميع في حملة المشورة الشعبية.
    4- يكون لممثلي أجهزة الإعلام المحلية والأجنبية الحق في الحصول علي جميع المعلومات المتعلقة بإجراءات حق المشورة الشعبية.

    بعض النماذج لتجارب المشورة الشعبية التي طبقت في العالم:

    وجدت مبادرة والي ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق الدعم اللازم من كبار المانحين وبالتحديد من المعونة الامريكية ، والتي مولت ورش العمل بالخرطوم وسفر الوفود إلى اندونيسيا وتكاليف الخبراء والمصادر وكافة المطلوبات اللوجستية ، بدعم من المعونة الأمريكية وما زالت تدعم بقية متطلبات الرحلة العلمية وملتزمة في المرحلة المقبلة بالمساهمة حسب خطة العمل المستقبلية ، في نهاية عام 2009 أوفدت الجهات المسئولة عن تنفيذ اتفاقية السلام الشامل مندوبين من ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان للإطلاع علي التجربة التيمورية فيما يتعلق بـ "المشورة الشعبية" والاستفادة منها في التجربة السودانية .
    في أثناء انعقاد ورشة "المشورة الشعبية" الأولي بمدينة الدمازين ، برعاية مجلس الكنائس السوداني ، طلب بعض الحضور التعرف علي التجربة التيمورية ، فتفضل أحد منسوبي المؤتمر الوطني من المبتعثين إلي تيمور، مقدماً عرضا عاماً لم يكن فيه أي تفصيل يمكن أن يستفيد منها الحضور من التجربة التيمورية ، وبدأ أن الخوض في موضوع كهذه التجربة فيه تحفظ شديد ، ربما كان مبرراً ، ( لأن نتيجة المشورة الشعبية التيمورية إنتهت بالإنفصال).
    لم يوضح لنا من ذهبوا إلي تيمور والي " محافظة أنشى" تحديداً أن هذا الجسم المستقطع من أندونيسيا يعد من أكثر دول العالم فقراً وتخلفاً ، ويعيش علي معونات المانحين بينما ترتع فيه إدارة الأمم المتحدة بميزانية سنوية تقدر ب700 مليون دولار سنوياً لدرجة أنها شاركت في بناء فندقاً استثمارياً فخما لإستقبال ضيوفها أجرة الليلة الواحدة فيه 160 دولارا(المرجع: إسلام أون لاين- تيمور الشرقية .. دفع خدمة الاستقلال.)


    والمشورة هنا تشبه مشورة الهوسا في إقليمهم بنيجيريا حول المحاكم الشريعة الإسلامية ، اي الوضعية القانونية والثقافية ، ليس الخيار بين الإنضمام لتلك الدولة أو البقاء كدولة مستقلة ، حسب النصوص الواردة.


    وحسب المصادرفيما يتعلق بشأن التجربة التيمورية ، لقد تم ذلك بموجب إتفاق وقع في 30/3/1999 بين الحكومة الأندونيسية والمستعمر البرتغالي ، نفذت تجربة " المشورة الشعبية" لسكان تيمور الشرقية ( البالغ عدد سكانها في ذلك الوقت 450.000 نسمة بالإضافة إلي 13.000 آخرين كانوا يعيشون خارج البلاد) بشأن منحها حق تقرير المصير من خلال خيارين محددين هما:

    1- إما الموافقة علي عرض منح تيمور حكما ذاتياً من خلال جمهورية أندونيسيا الموحدة.

    2- أو رفض عرض منح الحكم الذاتي واإتجاه الى الانفصال كلياً عن جمهورية أندونيسيا.
    3- لقد صوت 21% من جملة السكان علي القبول بالحكم الذاتي بينما صوت 78.5% علي الانفصال.
    4- في 19/10/1999 وافقت حكومة أندونسيا عي إلغاء كل القوانين المتعلقة بتبعية تيمور لأندونسيا.
    5- في مايو 2002 مرر مجلس الأمن قرارا بتكوين إدارة إنتقالية تمهيداً لعملية إنفصال تيمور الشرقية عن أندونيسيا.
    6- بفضل " المشورة الشعبية" إستقلت تيمور الشعبية عن أندونيسيا وتنعم بالحرية الآن ولكن..تحت ظل الفقر.

    هنالك أوجه شبه كثيرة بين آشي وولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق تتمثل فى الآتى:

    1- وجود مظالم ومطالبات قاعدية للحصول على حقوق إقتصادية وساسية وإجتماعية وثقافية.
    2- تجربة الصراع المسلح.
    3- وجود إتفاق بين الحكومة المركزية وممثلي المحافظة.

    أما أوجه الإختلاف فأهمها:

    1- أن الإتفاق في (آشي) هو مذكرة تفاهم لكنه بروتوكول متكامل إستوعب في الدستور القومي والولائي.
    2- نجد أن درجة الوعي ونسبة التعليم واإلماح بالحقوق مرتفقة في محافظة (آشي) ، أما فى الولايتين منخفضة.
    3- هناك درجة عالية من التركيز على ما هو إستراتيجي من كل الطرفين حركة محافظة أشى والحكومة المركزية في تجربة (آشي) وكثرة التكتيكات والأهداف المرحلية المتباينة ، أما الولايتين هناك غموض وتباين مفاهيم ونتائج غير مأمونة العواقب وعدم مرجعية تستند عليه المشورة الشعبية فلذلك أصبحت قابلة للتأويل وكل طرف يفسرها على حسب هواه.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de