هلْ أحْرَقَ المُسْلمون الفاتحون الكُتُبَ؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 11:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-02-2010, 03:03 PM

عبد العزيز جامع
<aعبد العزيز جامع
تاريخ التسجيل: 09-20-2010
مجموع المشاركات: 88

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هلْ أحْرَقَ المُسْلمون الفاتحون الكُتُبَ؟؟!!

    هل أحرق المسلمون الفاتحون الكتب؟؟



    عندما سقطت دولة بني العباس على يد التتار في سنة 656هـ كانت مصيبةً ما سُمع بمثلها قط..واستمع إلى نفثة مصدور عاصر الحدث..قال ابن الأثير رحمه الله في (الكامل في التاريخ):
    "لقد بقيت عدة سنين معرضًا عن ذكر هذه الحادثة استعظامًا لها، كارهًا لذكرها، فأنا أقدم إليها رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا، إلا أنه حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعًا، فنقول: هذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها.. عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يُبتلوا بمثلها لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها..".
    وكانت المصيبة أيضاً بفقد تراث أهل العلم من الكتب والمخطوطات فوق الوصف
    ولك أن تمر سريعاً على بعض أقوال المؤرخين في ذلك:
    يقول ابن تَغْري بردِي في (النجوم الزاهرة 7/84) : "وخربت بغداد الخراب العظيم، وأُحرِقت كتب العلم التي كانت بها من سائر العلوم والفنون التي ما كانت في الدنيا؛ قيل: إنّهم بنوا بها جسراً من الطين والماء عوضاً عن الآجُر،
    وقيل غير ذلك".
    ويقول القلقشندي في (صبح الأعشى في صناعة الإنشا 1/466 )
    "يُقال أنّ أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث خزائن، إحداها خزانة الخلفاء العباسيين ببغداد،كان فيها من الكتب ما لا يُحصى كثرة ولا يقوم عليها نفاسة، ولم تزل على ذلك إلى أن دهمت التتار بغداد، وقتل ملكهم هولاكو المستعصم آخر خلفائهم ببغداد،فذهبت خزانة الكتب فيما ذهب، وذهبت معالمها وأعفيت آثارها".اهـ
    وذكر شيخُ الاسلامِ ابنُ تيمية :
    "لمّا استولى التتار على بغداد، وكان الطوسي منجّماً لهولاكو، استولى على كتب الناس الوقف والملك، فكان كتب الإسلام مثل التفسير والحديث والفقه والرقائق يعدمها، وأخذ كتب الطب والنجوم والفلسفة والعربية، فهذه عنده هي الكتب المعظمة".( مجموع الفتاوى 13/111/ط . دار الوفاء )
    أقول: فانظر إلى دور عدو الله الخاسر ابن العلقمي الرافضي مبعوث هولاكو التتري على المسلمين..كيف حفر للأمة قليباً, فأوقع في قريباً, وذاق الهوان, مات غبناً وغمًّا, لا رحم الله فيه مغرز إبرة!! (انظر-سير إعلام النبلاء-للذهبي(23ج/362ص). فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ! كم ضاع من تراث الإسلام ببغداد - بل بالمشرق الإسلامي - بأيدي هؤلاء المجرمين الحاقدين ! اللهم أَجِرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها.
    وحصل مثل ذلك إبان تساقط الممالك والدول في القرون المتعاقبة من تاريخ الإسلام..
    والنكبة بفقد العلم وإحراق الكتب وإتلافها تكرر..
    حتى أن الأمير يعقوب بن إبراهيم المريني-افتدى ثلاث ألف ألف مخطوطة بإخلاء اشبيلية للفونسو!! لاستنقاذ تراث السلمين-رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة

    ولمعرفة حجم الفادحة التي ألمت بالكتب في الأندلس بعد السقوط انظر-(دولة الاسلام في الأندلس) للمؤرخ العلامة محمد عبد الله عنان سقى الله ثراه.
    وهذه الكتب هي رأس مال المسلمين وعزهم, كانت محل عناية الخلفاء على مر تاريخ المسلمين..
    وقد نقل المقريزي رحمه الله في (الخطط) وصفاً دقيقاً لافتتاح دار الحكمة (395هـ) بالقاهرة وحجم الكتب, وتنظيمها ووقفها وجميع نفقاتها واختلاف ذلك بفصول العام..فراجعه فإنه مهم.

    ولكن هل فعل المسلمون مثل ذلك أيام الفتح؟؟ (فتح مصر على يد عمرو بن العاص وما فعل بالكتب!! وصلاح الدين الأيوبي وما فعل بخزانة الاسكندرية!!)
    من بين كل تلك المقالات للمؤرخين في تصوير هذه الفاجعة استوقفتني كلمةٌ العلامة ابن خَلدون إذ يقول: "وأُلقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعاً في دجلة، وكانت شيئاً لا يعبّر عنه، مقابلةً في زعمهم بما فعله المسلمون الأوائل في كتب الفرس وعلومهم".اهـ
    (العِبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر 7/48)
    أثار المستشرقون نقعاً من ذلك..وتلقفها بعض بني قومي رحمهم الله!!..

    ولكن الذي يظهر أن اتهام المسلمين الفاتحين بإحراق كُتب من غزوهم وفتحوا ديارهم هي تُهمةٌ قديمة كانت قبل قرون وإلا فمن أين أتى ابن خلدون (ت804هـ) بهذه الحكاية عنهم؟؟
    ذكر حافظ الدين بن محمد الكردي (ت827هـ) ووفاته بعد ابن خلدون: حكايةً في ذلك وهي أن عمرو بن العاص لما فتح الاسكندرية وجيئ بخزانة كتب الحكمة-وهي كتب النصارىاستشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأفتاه بحرقها.. وانظر (عيون الأنباء) لابن أبي أصيبعة. ومثل هذا النقل يحتاج إلى سندٍ متصل, فإن بين الكردي وفتح مصر أكثر من سبعة قرون!!

    وقد حاولت -جهد المقل-وأنا بعد في طراءة الطلب أن أتتبع مصدر ذلك وصحته فلم أظفر منه بطائل..
    وحسبي لأن أورد هنا من شهادة أحد أكابر المستشرقين في تفنيد مزاعم بني جنسه ما يكون –شاهد ملك!!- مبطلاً لتلك المزاعم ألا وهو العلامة جوزف ماك كيب.
    يقول العلامة محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله عن هذا العالم الغربي" و قد بجله الأمريكيون حتى جعلوه أكبر عالم في الدنيا. وهو يحسن عشر لغات. و قد كتبوا كثيرا في التنويه به. يقول أحد الكتاب البارعين أن مواجهة جوزيف ماك كيب مثل الصدمة الكهربائية"
    و قال عنه أيضا "هو العالم الشهير, المصنف الكبير الطائر الصيت في الدنيا كلها جوزف ماك كيب. ولد سنة 1867م"من مقدمة تقي الدين الهلالي رحمه الله لترجمته لكتاب "مدنية المسلمين في إسبانيا" ص19و20.

    قال جوزيف ماكيب في الجزء السادس من كتاب "الأخلاق" بصدد البحث في تاريخ المسلمين في مصر(نقلا من ترجمة العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله لكتاب "ّمدنية المسلمين بإسبانيا" ص23.." و بعد بضع سنين من فتح المحمديين للإسكندرية ثار أهلها و شقوا عصا الطاعة. فاضطر العرب إلى هدم جانب من تلك البلدة الجميلة و لكن حتى مؤرخو النصارى الحاضرون يعترفون بأنهم لم يقصدوا بذلك تخريبا و انتقاما و إنما ألجأهم إليه المحافظة على البلدة. أما الرواية القائلة بأن العرب وجدوا من بقايا خزانة الإسكندرية كتبا كثيرة فأخذوا يوقدون بها أتاتين الحمامات مدة ستة أشهر فالمؤرخون اليوم يرون ذلك حديث خرافة. و لم توجد هذه الرواية في كلام أي مؤرخ إلا بعد مضي ستة قرون من فتح العرب مصر. و قد بحث أ.ج.بتلر بحثا دقيقا في هذه المسألة في كتابه"فتح العرب مصر... و ختم كلامه بأن هذه الرواية أسطورة حقيرة. و ليس لها أساس تاريخي البثة. قد ذكر استانلي بول هذا الكلام نفسه في الجزء السادس من كتاب "تاريخ مصر تأليف فليندرس بتري :و ليس هناك بينة على أنه كانت بالإسكندرية خزانة كتب عمومية في ذلك الزمان. و الظاهر أن النصارى كانوا قد أحرقوا جميع الكتب و أتلفوا ما بقي منها تدريجيا في مدة طويلة قبل ذلك بزمان".

    أقول: لا شك أن الأمر يحتاج إلى تفصيل. فقد كان إتلاف الكتب بالحرق والغسل ونحو ذلك شائعاً في عصور المتقدِّمين. بعضه بحق, وبعضه بعدوان.
    فبعض العلماء كان يرجع عن مسائل تراءى له غيرها, فيتلف ما كان صنفه في ذلك, ومن أشهر هؤلاء السيوطي رحمه الله.. وفي (سير النبلاء 11/397:) للذهبي في ترجمة أبي كريب..أنه وبعض السلف أوصوا بدفن كتبهم معهم!! خوفاً من أن يظفر بها قليل الدين فيغير فيها..وهذا للتورع. وقد كان بعضهم يرى فيما صُنِّف كفاية وغُنية.
    وقديماً ذكر صديق حسن خان في (الحِطة في ذكر الصحاح الستة)ص/60, و المرتَضِي الزَّبِيدي في (شرح إحياء علوم الدين) 1/3, والنهروالي في (الإعلام بأعلام بيت الله الحرام) ص/456 أن القاضي الفاضل البيساني (ت596هـ) كتب إلى العماد الأصفهاني:
    "..إنني رأيت أنه لايكتب إنسانٌ كتاباً في يومه, إلا قال في غده: لو غير هذا المكان لكان أحسن, لو زيد هذا لكان يُستحسن, ولو قُدِّم هذا لكان أفضل, ولو تُرِك هذا لكان أجمل, وهذا من أعظم العِبر, وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر" اهـ
    وهذا الورع هو الذي حمل أولئك العلماء من ترك مؤلفاتهم خوفاً من أن يلحقها من الفهم ما يخرج من قصدهم.
    ولا شك أن طائلة التحريف والتصحيف بفعل الناسخين الماسخين لها اليد الطولى في تحريف الكتب, وقد صاح العلماء باستنقاذ الكتب من التصحيف, فالكتاب يؤلفه صاحبه فتتناوله أيدي النساخ ويتعاوره الخطاط فما يزال كذلك حتى يصير متقادم الميلاد, دُهريّ الصنعة كما شكى الجاحظ رحمه الله.
    ولا تحسبنّ أننا في عصر الحاسب في مأمنٍ من عبث النسخ!! كلا ثم كلا..
    وانظر مبحثاً ماتعاً للأخ الدراكة البحاثة د.خالد محمد فرح-سفير السودان الآن لدى السنغال- وهو يشكو ما لحق بأعمال الأديب الطيب صالح من تصحيف..وفي مؤلفات الطناحي وعبد السلام هارون ومحمود شاكر في آخرين من الثلة المباركة ما فيه غنية للباحث عن التحريف والتصحيف. وهذا بابٌ يطول فيه الكلام وليس من مضامين المقال أصالةً.
    ومن أحوال إتلاف الكتب بعُدوان: ما فعله النساء بأزواجهن العلماء, فما من شيئٍ يبغِض المرأة في بعلها مثل انشغاله بالكتاب. فقد ذكرت زوجة الإمام الزهري رحمه الله (محمد بن مسلم بن شهاب): والله لكُتُبُه أشدُّ علي من ثلاث ضرائر" اهـ
    فأتلفن بسبب ذلك جملةً من كتب أزواجهن العلماء!! كما وقع مع الإمام سيبويه شيخ العربية برَّد الله مضجعه.
    وقد يقع العدوان في إتلاف الكتب بسبب العصبية المذهبية والهوى كما في ترجمة (بَقِيّ بن مخلد) رحمه الله من (سير أعلام النبلاء): قال ابن حزم: وكان محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس مُحبِّا للعلوم عارفاً, فلمّا دخل بقِي الأندلس بـ(مُصَنَّف أبي بكر بن أبي شَيبة, وقُرِئ عليه, أنكر جماعةٌ من أهل الرأي ما فيه من الخلاف, واستبشعوه, ونشّطوا العامّة عليه, ومنعوه من قراءته, فاستحضره صاحب الأندلس محمد وإياهم, وتصفّح الكتاب كُله جُزءاً جُزْءاً, حتى أتى على آخره, ثُم قال لخازن الكتب: هذا كتابٌ لا تستغني خِزانتنا عنه, فانظُر في نُسخةٍ لنا, ثم قال لِبَقي: انشر علمك, واروِ ما عندك, ونهاهم أن يتعرّضوا له" اهـ من (سِيَر أعلام النبلاء) المجلد الثالث عشر
    فهذا لولا مِنْعةُ السلطان لم نقرأ له (المسند) المشهور رحمه الله
    ووقع مثل ذلك للإمام أبي محمد ابن حزمٍ الظاهري رحمه الله لما ألف (المحلَّى) فزين خصومه للسلطان فأمر بإحراق كتبه! فأملاها من صدره أحسن ما يكون.
    ووقع من الفاطميين في مصر من ذلك الشيئ الكثير من إتلاف كتب السنة كالموطأ وغيره, وكان الفاطميون من غلاة الرافضة. وفي "تاريخ بغداد" للخطيب, و"معجم البلدان" لياقوت الحموي حوادث لما جنته العصبية.
    وقد يكون إتلاف الكتاب محموداً وحسناً إذا كانت مضرة ما فيه أبلغ من منفعته..
    فقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بيد الفاروق عمر رضي الله عنه صحيفةً من التوراة وأمره بإتلافها وقال: "لقد جئتكم بها بيضاء نقية. والله لو كان موسى حيّاً, ما وسعه إلا اتباعي" اهـ والحديث ثابت في مسند الإمام أحمد والبيهقي وغيره.
    ومنه أخذ الفقهاء رحمهم الله أحكام النظر في الكتب المشتملة على التحريف والشرك وكل ما يفسِدُ عقائد المسلمين وأحوالهم.. وأن بيع تلك الكتب محرّم كسبه.
    فقد حكى الحافظ ابن عبد البر القرطبي في (جامع بيان العلم وفضله)2/117 مذهب مالك رحمه الله في ذلك.
    وقال الونشريسي (وهو من أئمة المالكية وصاحب أعظم موسوعة في المذهب): " وسُئل بعضهم عن كتب السخفاء والتواريخ المعلوم كذبها....(المعيار) (6/70) وفي فتاوى ابن رُشد: (2/922-923): تحريم بيع الكتاب كثير اللحن!!
    وذلك لأن اللحن يُفسد أذواق الناس, غير ما فيه من جناية على العربية..ولطالما شكى الأئمة مغبة ذلك..كما تجد في كلام ابن فارس في (معج مقاييس اللغة) و (الصاحبي). وانظر تفسير القرطبي:(1/337)
    والسبكي في (معيد النعم ومبيد النقم)ص/131: ذكر تحريم نسخ كتب الضلالة وحكاه عن مذهب الشافعية.
    وحكاه ابن مفلح مذهباً للإمام أحمد في (الآداب الشرعية والمنح المرعية): 2/122و انظر مبحث (تحريم النظر في علم الكلام) لابن قدامة من(لمعة الاعتقاد).
    وللأمام ابن القيم في "زاد المعاد" (5/761)- مبحث في البيوع المحرّمة قال: (وكذلك الكتب المشتملة على الشرك وعبادة غيرالله, فهذه كلها يجب أزالتها وإعدامها, وبيعها ذريعةٌ إلى اقتنائها واتخاذها, فهو أولى بتحريم البيع من كل من عداها, فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها في نفسها"اهـ
    ويلحق بذلك كتب الدجل والشعوذة وتحضير الأرواح..!! قال الإمام ابن بطة العُكبري :ومن البدع النظر في كتب العزائم والعمل بها, وادعاء كلام الجن واستخدامهم وقتل بعضهم..) (الشرح والإبانة) ص/361
    قلت: وما أحرى كتب (شمس المعارف الكبرى) –سحرٌ محض, (الرحمة في الطب والحكمة) المنسوب كذباُ للسيوطي, ونحوها من مؤلفات يطول ذكرها, أقول ما أحراها أن تلحق بما حذر منه العلماء.
    وتظهرحرمة بيع الكتب في غاية الحكمة وذلك أنها عدوانٌ على الدين وهو من آكد الضرورات للحفظ والصيانة.
    قال أبو علي السكوني في (لحن العوام) ص/149: بعد ذكره أشعاراً مخالفة للشريعة: (وهذا كله وأشباهه حرامٌ إطلاقه وإقراره, وإحراقه واجب, ولا يحلُّ بيعه في الأسواق" اهـ
    وعن حرمة النظر في كتب الملل الآخرى إلا لمن يعرف ما فيها من شر للتحذير: انظر (الإفادات والانشادات) للشاطبي ص/44 , وفتوى السيد رشيد رضا رحمه الله: 1/136-137في ذلك.
    وكانت كتب التاريخ حافلةً بتسجيل ذلك:
    أورد الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية)11/69: في حوادث سنة 279هـ قال: (وفيها نودي بأن لاتُباع كتب الفلاسفة والجدل بين الناس وذلك بهمة أبي العباس المعتضد سلطان الإسلام)اهـ
    ونالت كتب الحسين بن منصور الحلاج الذي صلبه المقتدر بالله العباسي رِدّةً, ومصنفات محيي الدين بن عربي الطائي من ذلك أوفر نصيب من الإتلاف والحرق.
    في (تاريخ بغداد) للخطيب 8/141: ذكر في آخر ترجمة الحلاج: بعد سرده قصة قتله: أن جماعةً من الوراقين أخذوا وأحلفوا على أن لا يبيعوا شيئاً من كتب الحلاج ولا يشتروها.) اهـ
    وأورد المؤرخ المؤيد اسماعيل أبو الفداء في (أخبار البشر)4/79: في حوادث سنة 744هـ: وفيها مزّقنا كتاب (فصوص الحكم) بالمدرسة العصفورية بحلب, عقب الدرس وغسلناه, وهو من تصانيف محي الدين ابن عربي, تنبيهاً على تحريم قنيته ومطالعته, وقلت فيه:
    هذه فصوصٌ لم تكن**بنفيسةٍ في نفسها
    أنا قد قرأت نقوشها**فثوابها في عكسها )اهـ
    وانظر: حاشية ابن عابدين الحنفي على (الدر المختار شرح تنوير الأبصار) (4/238) (أن ما في الفصوص من المخالفات الشرعية مدسوسٌ عليه –دسه اليهود-.وأنه صدر أمرٌ سلطاني بالاجتناب عن مطالعتها.)
    والشوكاني في (الصوارم الحداد)ص/68: نقل ذلك عن جماعةٍ من العلماء كـ(البلقيني, ابن حجر, محمد ابن عرفة وابن خلدون) ثم قال: "حُكمُ هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة وما يوجد بأيدي الناس اليوم مثل: (الفصوص),و(الفتوحات) لابن عربي, و(البد) لابن سبعين, و(خلع النعلين) لابن قسي, ...وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب, وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض, فالحكم في هذه الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالحريق بالنار والغسل بالماء.." اهـ
    قلت: وليس الغرض هنا ذكر الكلام على ابن عربي أو الحلاج وما جرى لهما من حوادث التاريخ..فقد فرغت من سلسلةٍ من المقالات في ذلك, وربما تُنشر قريباً.
    وإنما المقصود أن علماء المسلمين رحمهم الله كانوا حِراصاً على محض النصيحة في التحذير من الكتب الضارة حتى لا يقع في شراكها الغر الجاهل!
    لأن ليس كل من قرأ أفلح!! لرُبَّما ضل
    يَظُنُّ الْغُمْرُ أَنَّ الْكُتْبَ تَهْدِي **أَخَـا فَـــهْمٍ لإدراكِ الْعُلُــومِ
    وَمَا يَدْرِي الْجَهُولُ بأنَّ فِيْها **غوامضَ حَيَّرَتْ عَقْل الْفَهِيْمِ
    إذَا رُمْتَ الْعُلْومَ بِغَيْرِ شَيْخٍ **ضَلَلْتَ عَنِ الْصِّراطِ الْمُسْتَقِيْمِ
    وَتَلْتَبِسُ الأمورُ عَلَيْكَ حَتَّى **تَكونَ أَضَّلَ مِنْ تُوْمَا الْحَكِيْمِ
    قاله أبو حيان الأندلسي كما في (الآداب الشرعية والمنح المرعية) لابن مفلح
    فائدة: في ترجمة (توما الحكيم) ذكروا أنه كان طبيبا، ولكن تطببه كان من الكتب،و قد وقع التصحيف في بعض كتبه فكان يقرأ الحية السوداء شفاء من كل داء ." تصحفت كلمة " حبة " إلى حية." فمات بسبب تطببه خلق كثير!!وانظر "الدرر الكامنة" (2/63) لابن حجر.
    فائدةٌ أخرى: رأيتُ في (مختارات العلامة أحمد تيمور باشا) أن أبيات أبي حيان الغرناطي الآنفة قالها يتعرض بها بابن مالك –إمام النحو وصاحب الألفية-!! وأظنه عزاه لشيخه محمد محمود بن التلاميد التركزي الشنقيطي..وعلى أية حال فقد كان أبو حيان شديد الوقيعة في ابن مالك يتعقبه في الدقيق والجليل ومن نظر في (شرح التسهيل) و(ارتشاف الضرب) عرف ذلك وكان أيضًا متحاملاً على الإمام الزمخشري كما في (البحر المحيط)..ومثل هذا يُطْوى ولا يُروى!!
    فالقراءة على كل حالٍ محمودة والمداومة عليها أحمد, وهذا إن كان في الكتب النافعة في الدين والدنيا فالعقِ العسل ولا تسل, وإما إن كان في كتب الغواية والعبث, فالسلامةَ السلامةَ لدينك وعقلك, والله الموعدُ غداً.


    وكتب
    د.عبد العزيز علي جامع
    عضو ندوة العلامة عبد الله الطيب
    سقى الله ثراه.
    ذو الحجة 1429هـ
    [email protected]

    (عدل بواسطة عبد العزيز جامع on 10-02-2010, 03:09 PM)

                  

10-27-2010, 05:22 PM

عبد العزيز جامع
<aعبد العزيز جامع
تاريخ التسجيل: 09-20-2010
مجموع المشاركات: 88

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هلْ أحْرَقَ المُسْلمون الفاتحون الكُتُبَ؟؟!! (Re: عبد العزيز جامع)

    هذه المقالة لعلها تكون سانحةً في بسط القول في مسآلة الحريات...وهل يجب آن تكون الحرية بلا ضابط!! يقول من شاء ما شاء؟؟ آم آن لها نظماً..
    وكذلك في الكتب الضارة وتحديدها والحكم عليها؟؟؟
    عسى آن يجد الآمر من القراء مجالاً رحباً للنقاش
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de