دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان
|
قضى معنا الصديق محمد محمد خير أياما لاتنسى في الإمارات، تونسنا وطعمنا وسهرنا معه حتى الفجر، تبادلنا الأحاديث والنجوى وسمعنا منه حكايات جديدة عن رحلته الكندية، واستعدنا قصصا قديمة منه لا نمل سماعها، وهددني أكثر من مرة بحرماني من لقب راوية أحاديثه وشعره إن تخلفت عن مجالسه الكثر رغم إرهاق وزحمة العمل. ثم غادرنا إلى الدوحة التي سيغادرها يوم الخميس إلى السودان بعد غياب دام 11 عاما. وقد رأيت ان أن أنقل لكم آخر مقال كتبه اليوم الثلاثاء بجريدة الصحافة ------------------------------------------- من أقاصي الدنيا هذا لا يحدث إلا في السودان محمد محمد خير
أنا ما شي راجع لي بيوت تفتحلي دق أو ما أدق من غير تقول الزول منو ولا حتى عل الداعي خير لا مالك الجابك شنو بيوت بجيهن أي يوم ان جيت ليل ان جيت دغش طوالي ادفر الباب اخش «محمد الحسن سالم ـ حميد» في أخريات نوفمبر عام 1991 قررت مغادرة السودان سرا، كانت أيام سربلت جسدي بالتنميل وزادتني توالعا، لا مكان للسرية في حياتي، أنا كتاب ينفتح غلافه علي خاتمته ولا غموض بين السطور، أرهقتني ايام تلك السرية. في اليوم الأخير كانت معي زوجتي، وابني احمد، وكنا في طريقنا للفتيحاب لإلقاء آخر نظرة علي ذلك البيت العامر جدا، كنا جوعى وكان الوقت وقت غداء، تناولت كيس سجق من بقالة ببانت وطلبت من سائق التاكسي ان يعرج بنا لسوق "لفة" الفتيحاب مع بانت، سوق شعبي يفرش باعته الخضار علي جوالات الخيش السوداء ويجلسون علي الأرض في عز شمس لا تعرف إلا العرق.. طلبت من بائع الخضار ان يزن لي كيلو طماطم فوضع بضع حبات علي الميزان من ناحيته اليسرى ثم وضع «طوبة» علي الجانب الأيمن، اندهشت وسألته عن أتمر الطوبة فقال لي «علي الطلاق كيلو»، صدقته لأنني طالعت الصدق في عينيه وكدت ان الغي السفر، عفوية شعب، إذا اكتال استوفى ولو بالطوب، هذا لا يحدث الا في السودان. ومرة كنت في طريقي للكلاكلة بعد منتصف الليل ركبت «تاكسي طلب» من محطة أبو حمامة كان سائقو التاكسي يتوجسون من الكلاكلة لبعدها وعدم ضمان الرجعة بزبون آخر، ورغم عن ذلك وافق صاحب التاكسي وانطلقنا، كان طوال الرحل يتغني مع جهاز تسجيله، هناك أشرطة يستطيبها سائقو التاكسي والبكاسي في تلك الفترة، إيقاع سريع وجيتار ومندلين، وصوت عبد الوهاب الصادق أو محمود علي الحاج أو أولاد «القنا»، ضجة آلات موسيقية وبنقز و.. «نور عينيك بريق الماس» يقابله طرب متواله لا ينبعث إلا من «الدركسون». كان أولئك المغنين نغموا آهاتهم خصيصا لسائقي البكاسي والتاكسي طرب رخيم، وتعابير جزلى و«جن يافردة». لما بلغنا المنزل شكي السائق من طول المشوار، وانقسام الليل، وبعد مسافته من الكلاكلة للدروشاب حيث يسكن وطلب مني السماح له بالمبيت، فرحبت بذلك وأدخلته المنزل وأخرجت السرير والمرتبة وفردة شندي والمنضدة والماء البارد. وفي الصباح سقيته الشاي وقهوجته وعندما هم بالذهاب طالبني «بحق المشوار»! ..... احبك أيها الشعب الجميل فهذا لا يحدث الا في السودان. وصديقي عوض الله إبراهيم رجل نضر من عرب أم دوم عرفنا محمد طه القدال ببعضنا بمنزلي بالفتيحاب، لا ادري لماذا داهمتني رغبة في ان اذبح له حملا من أول نظرة، ذهبت للزريبة وأحضرت الحمل وذبحته فتعمدت علاقتنا بالنحير والدم، لم أناقش مع عوض الله طوال مدة صداقتنا العامرة منذ منتصف الثمانينات حتى الآن أية قضية بخلاف اللحم، كانت الأزمات السياسية في أواخر أيام الديمقراطية علي اشدها، وكنت أرأس الإدارة السياسية بتلفزيون السودان، ورغم ثقل تلك القضايا، ومصيريتها، وانشغال الناس بها، كان عوض الله يذكرني بلسان أكلناه في تمبول، باعتبار ان ذلك اللسان يقع فوق تلك القضايا بوصفه مخزونا استراتيجيا وذا رسالة خالدة، شوقي لك يا عوض الله وموعدنا مع «الجقجق» قد أزف الآن. قررت الرجعة للسودان، ... أنا الآن علي بعد همسات منه في الخليج العربي، لا شئ يحيط بي إلا هو، قلبي مليون ميل مربع وجسدي شجر هشاب صامغ، .... قررت العودة ليسلم لسان احمد، وينتجع للشرف الرفيع لتجري حروف لغة العرب علي لسانه مثلما تستقر بقلبي، ليعرف سر «ن» ونون والقلم وما يسطرون وألف لام ميم، وجمال الغبار ورائحة روث البهائم من حيطان الفقراء وبسطة نهر عظيم يسمونه النيل، ويصلي بمسجد الإمام عبد الرحمن متزينا «بالعلا الله» ومتوكلا علي الله خلف سيدي الصادق المهدي رواب الذات السودانية ونور أم درمان. أعود ليهنا احمد «بالحنين ألبي ليه ما قدرو» فتخرج من لسانه أغاني الفرنجة علي بخور أغاني الحقيبة التي تطرد اركلي وبوف دادي طردة «يا عين يا نية يا كافرة يا نصرانية» أعود لا استهدف مالا، ولا أتصبى سلطة ولا أتصيد مغنما، .. أعود لنقاش عوض الله الجاد حول لسان تمبول، ولعفوية سائق التاكسي ولمهام الوطن النبيلة، وللطوبة التي تزن كيلو. المطلوب من أعدائي مراعاة هذا الحنين ومن الحكومة تقدير هذا الموقف «عشان خاطر الطوبة» والمطلوب من أعدائي ومن الحكومة معا تركي لحالي ولحبري ولمن احبهم. ستكون حلقة أقاصي الدنيا القادمة ليست من أقاصي الدنيا ستكون من قلب الدنيا ومن قلب أفريقيا ومن قلوب الفقراء، ستكون من قلبي. أنا الآن ارتعش ومأمون العجيمي يدثرني.. اسأل الله مددا للانتصار علي الرعشة كي اتئد وادخل السودان مثل الضوء... ان الضوء لا يحتاج تأشيرة لعبور الجمال.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان (Re: Faisal Salih)
|
قرأت ومازلت اقراء للأستاذ محمد محمد خير والتقيت به في مناسبة وللأسف لم تسمح لي الظروف بطرح السؤال الذي ما زال يؤرقني ناحيته فقد ذكر بأنه طُرد من السودان وحجر قلمه وقد عانى ما عانى من حكومة الإنقاذ مما كان قراره بالهجرة مجبرا وسؤالي للأستاذ الذي هو عائد بعد 11 سنه هل تغير النظام في السودان ؟ أم ماذا جد؟ ويقيني أن الذي جد هو الجواز الكندي فهل هناك إضافة ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان (Re: Faisal Salih)
|
شكرا ياطارق وريما يقرأ محمد خير سؤالك ويجيب عليه ولكن اسمح لي بإجابة ، لا أضعها على لسانه وأنا لم أفهم استنكارك، هل تعتقد إن خروجه كان خطأ أم إن عودته هي الخطأ؟ ولا اعلم هل تحاول إنكار أن أعداد كبيرة من أبناء الشعب السوداني تعرضت لأشكال بشعة من التعامل شملت الاعتقالات والفصل التعسفي والتعذيب البشع والملاحقات؟ لقد كان الشعب السوداني كله شاهدا على ما حدث وأنا - ربما بحكم علاقتي الخاصة مع محمد خير - مثل كثيرين أعرف حجم ماتعرض له من ملاحقات واعتقالات وتعذيب وكنت شاهدا على جزء من ما تعرض له محمدخير وعشرات آخرين من أنبل أبناء الشعب السوداني في بيوت الأشباح خلال مزاملتي له ولهم في سجن كوبر ربما لم يكن استنكارك لهذا لكنك تستنكر العودة طالما أن النظام لم يتغير....,هذا نقاش طويل يا صديقي وقد تعرضت له عندما عدنا مع جريدة الخرطوم من القاهرة العام قبل الماضي إذا قلت أن النظام لم يتغير أكون كاذبا هناك مساحة تغيير ، هناك مساحة ما من الضوء نضالات الشعب السوداني لم تذهب سدى ، والتضحيات العظيمة لم تذهب مع الريح ومساحة الحركة التي اتيحت ، رغم صغرها، دفع الشعب السوداني ثمنها عاليا ، ومن حقه أن يقتحمها ويملأها ويسعى لتوسيعهاومن حق محمد خير والآلاف من أبناء الشعب السوداني ، بل من واجبهم أن يعودوا متى ما وجدوا لذلك سبيلا، ولا بأس إن تسلحوا بالجواز الأمريكي والكندي والأسترالي والهولندي وغيرهن فقد دفعوا ثمن ذلك غاليا من شبابهم ومن عمرهم لا يعيبهم ذلك يا صديقي ، وإن كنا نتمنى عودتهم كلهم مرة واحدة ، لكنا نلتمس العذر لمن لم يستطيع ، ومن مآثرهم الكبيرة أيضا يا صديقي أن هناك بيوتا كثيرة في السودان تعتمد عليهم . يحرقون سنوات شبابهم في الجليد ويطفحون الدم ليدرس إخوانهم وإخواتهم بالجامعات ، ليأكلون ويشربون ويلبسون فاين الخطأ فيصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان (Re: moniem2002)
|
سلام جميعا الشكر الجزيل للاخ فيصل على ايراد هذا المقال للاخ محمد محمد خير، و لاذي يمتاز باسلوب سلس و رائع حقا في الكتابة كان عندي تساؤل و هو اني سمعت انو الاستاذا محمد شاعر و شاعر مجيد ايضا لكني لم اقراء له قصيدة واحدة على الرغم اني قرأت له العديد من المواضيع و كتاب هل من الممكن ان ترسل لنا عبر هذا المنبر او هذا البوست جزء من اشعاره، اود ان اعلق على انو الرجوع صار ضرورة في هذه الفترة اولا لانه المعرضة في الخارج اثبتت فشلها ، ايضا و هذه كانت دعوة من الاستاذ حيدر ابراهيم انو المثقفين و المتعلمين السودانيين يقعون تحت ضغوط الحوجة في الغربة مما يجعل الكثيرين يفقدون حياديتهم لانه يمكن اي يترموا في الشارع ، كما كان الحال في مصر و معاناتها التي طبقت الافاق
اتمنى ان تؤدي عودة الكثيرين الى تطور ايجابي في السودان تحية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان (Re: Faisal Salih)
|
أولا التحية لمحمد محمد خير
ولك يا فيصل
وقد أعجبني ردك على تساؤل طارق
وأقول له:
إن الجواز الكندي أو غيره ليس حصانة لصاحبه من مكر الجبهة وغدرها ولكنه فقط بوابة للخروج مرة أخرى إذا نجا حامله من التصفية الجسدية الماكرة ..
ربنا يحفظ كل العائدين ويرد عنهم كيد الكائدين الماكرين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان (Re: Faisal Salih)
|
اشكرك استاذى فيصل فقد كنت من ضمن الدفعه التى تلقت العلم على يديك فى كيفية التعامل مع الخبر فى الكورس الذى اقامته نقابة الصحفيين السودانيين بالقاهره فلك تحياتى و شكري وانت من الصحفيين النادرين الذين يمتازوا بالرصانه و الاقدام والتحليل العميق الواعي حديثك عن بلدياتى ود حمد خير حديث العارف بما تعرض له هذا الانسان الرائع من تعذيب وظلم وهو الذى لا تفارق الضكه العاليه شفاهه حتى فى احلك اللحظات ولعل ما يؤلم فى الموضوع احي فيصل ليس فقط ما ناله من سجن و تعذيب وتشريد على ايدى الحاكمين فقد كان كل هذا مقبول و معروف من نظام يحكم يقدم الولاء على الكفاءه وقد نشر محمد خير موضوعا رائعا حينما قابل رئيس الدائره السياسيه فى تلفزيون السودان متجولا في شوارع القاهره .اسماه سارق وظيفتى اتمنى اخى فيصل ان تنشره لنا هنا اذا كنت تحتفظ به المؤلم هو ما تلقاه هذا الانسان من ظلم ذوى القربى اطراف المعارضه الخارجيه من اتهامات و تلفيقات و محاوله لطمسه و ارهابه خاصة من جانب حزب الامه ولكنه ما هان ولا استكانولا لان ولا اهتزت عريكته انما زادته هذه المؤامرات قوه وايمان بقدرة الشعب السودانى على الصمود لقد كان فى امكان محمد خير الرجوع للسودان من غير الجواز فقد قدمت له دعوات و اغراءات كثيره من قبل النظام الحاكم هكذا هو كان فى القاهره غريبا وسافر الى كندا غريبا فلنتركه يستريح قليلا عله يساهم مع الكثيرين فى الاستفاده من الهامش ا لضيق جدا المتاح الان لتوسيعه و احسب انه من القادرين على ذلك فهو من ابناء هذا الشعب القادرين علي الكثير ما اجملك يا فيصل هكذا يكون الوفاء لك معزتى و احتراماتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد محمد خير..من أقاصي الدنيا إلى قلب السودان (Re: sari_alail)
|
اخي فيصل
هذه هي المرة الثانية التي تدمع فيها عيني
فمساحة الصدق التي نقلتها لنا عن الرائع محمد خير
هي امنيات مشروعة لكل اقطاب المنافي والشتات
امنياتي لكل محمد عودا حميدا مستطاب
ولا زال خلف الغبار وميزان الطوب من عظماء صابرين
فمحمد هو انعاش لذاكرة وقيم وطن حدادي مدادي
| |
|
|
|
|
|
|
|