|
صِحافٌ فارغةٌ على خُوانٍ من ذهب !
|
صِحافٌ فارغةٌ على خُوانٍ من ذهب ! شاذلي جعفر شقَّاق [email protected]
تأمَّل الصورةَ جيِّداً قبل أن يقوم بعمليّةِ نشرها إلكترونيَّاً كما ينبغي لمُدانٍ خرج توَّاً من غيابت سجنه للشروع في بيع الآثار الوطنيَّة ! كانت القوائم الأربع في كامل صلابتها رُغْمِ تقادمِ العصور وتراكم السنون ..لم تَهُنْ في أعماق الأرض ولم تَنَلْ من صمودها تقلُّباتِ الجيولوجيا وتصاريف الزمن وتفاعل الأشياء بالأشياء ..بل زادتْها أشعّةُ الشمس الخارقة في تلك الأصقاع البعيدة بريقاً ولمعاناً ..لا يزال يذكر تلك الظهيرة الغائظة التي شهدت خروج الخُوان من رَحِمِ الأرضِ كَسِرٍّ عظيمٍ من خزئن الملوك الأوَّلين ..كجذرِ مجدٍ مؤثَّلٍ لبُناةِ العزِّ وروَّادِ التحضُّر في البرية قاطبة ..لا ..لا ..بل كَكَنْزٍ ثمينٍ طالما حلُمتْ به تلك الوجوهُ العابسةُ والجباهُ المتفصِّدةُ عرقاً والأكُفُّ المخْشوْشنةُ والأقدام اليابسة والأسمال المتطائرة جزعاً في خلاءٍ مكْفهرٍّ عقيمٍ ليس من بين أحياءِه نملة ولا طائر ! كرزقٍ ساقه اللهُ - هكذا – لحُفاةٍ عُراةٍ لم يجدوا بُدَّاً من نبشِ محتوياتِ أرضٍ صمَّاء أو فضِّ غشاءِ بكَّارتها بمعاول فاقتِهم الشبقة ومحاريث قتارهم الرعناء ! خلفيَّة المشهد لا تبعث على نقيض العدَم ..عذرية السهول استحالتْ بفِعْلِ فاعلين إلى نجاد منتصبة ، إلى وِهادِ أدغالٍ مخفوضة .. حُفر وتعرُّجات مثل أخاديد القواعد من الحيزبونات أو تجاعيد أولي الأربة ..أشلاءُ الخيام والأكواخ و ( الرواكيب ) المتناثرة كنتوءات النَّمَش والشامات على أديم أ[يضٍ هزمتْهُ حلكة الأحزان ووحشةُ الترمُّل ! فحيحُ الهجيرِ له ساقان ويدٌ ولسانان ..الآلُ يرسم أنْهُراً تركضُ خلفها ضحكاتٌ ذابلاتٌ تتمسّضك بأطراف ذيولها حكايا فارعاتٌ أو فارغاتٌ ..وأمنياتٌ شاحباتٌ ونِتَفٌ من أساطير الفراغ وعنْعناتِ التجمُّلِ بالتأسِّي ..وإرهاصاتِ الجنيَّاتِ الفاتنات الحارسات ،والعفاريت الذين ينصبون فخاخَهم للحظةِ (وجدتها) الأرخميديسيَّة ! في أعلى يسار الصورة ؛ يطأُ الرجلُ البدين ظلَّه مُرتدياً صداره المذهَّب الصدْر ، وعُمامته التوتال منمْنمة الحواشي غير أنَّه يقف – على سبيكةٍ ذهبيَّةٍكمصطبةٍ لبيتٍ جرفَه سيلٌ عارمٌ – بلا سروال ! يتنازعن ظلَّه المتقزِّمَ عارياتُ الصدور ، كاشفاتُ السوق من بنات الجنِّ ، الغنجات – كما تشي بذلك حركات جذوعهنَّ المتثنيَّة – بينما يقفن غير بعيداتٍ المتجلْبباتُ المتسرولات القاصراتُ الحظِّ كشُجيراتِ السلم الصحراوية العانسات وقوفَ الزمن العقيم على أبواب القيلولة اللاهثة ك###### الهجير ! ولكن ذوات الوسطيَّة يتسابقن في مضمار الرمال وكثبانها الآيلة للنهوض وهنَّ يحملن صنَّاراتهنَّ للصيد مُسْبتاتٍ في أنهُر الآل التي تعلو فوقها جِيَفُ العدم وأشواك الرحيل والهجرة غير الشرعية ..كُتَلُ موز الرجاءات المنتفخة كجثث غرقى ..زبَد الرغاء المُعْتبِط ، لا زهداً في الحياةِ أو حبَّاً للموت ولكن لتأكيد البقاء للأسوأ أو التوفيق حليف التلفيق ..والتنصيب لا عن طريق (اليا نصيب ) إنما عن طريق الصِّهرِ أوالمدْح والتطبيل والغزل والنسيب ! على ارتفاعِ بُرجٍ أو برجين في الهواء ؛ تجد رجالاً حمقى - لا تؤهلهم قاماتهم للقفز على صهوة نملة عرجاء - يسبحون في الهواء مُعلنين التحدِّي لنظرية تفَّاحة (نيوتن) التي سقطت على رأس البيروني أولاً ..يرفرفون بأجنحة سُحتهم ساخرين من عباس بن فرناس .. وعندما يستبدُّ بهم الترَف ؛ يبحلقون إلى أسفل ، فإذا بالنفوس لا تزال مستعصيةً على أجسادها ! هنـاك في قلب الخلاء والصيفُ يبسط نفوذه بلا هوادة ..تقرفص ثُلَّةُ من الآخرين- ذات قيلولة - داخل راكوبة تحتاج نفسها إلى ظلٍّ يقيها الاحتراق .. إلاَّ أن أحدهم همَّ بتلك الأرض المنبوشة والتي قضى بها وطراً كثيرٌ من الخلق .. بل تعاقبت عليها أفواجٌ عقبتها أفواج ..لم يكن صوت المعول يُبشِّر ب(قيدومة ) عُرسٍ شيطاني زاخر بالحُلي والحُلل .. ولا طبقاتُ الأرض كانت تلمِّح ب بلحظة ِ عناقٍ تأريخيٍّ بين ماضٍ مُتخمٍ وحاضرٍ يتضوَّر جوعاً ..ولكن رغم ذلك فقد انبلج الخُوان عن بريقٍ ساحر .. احتاجتْ عيناه أن تعيدا الكرَّة عدة مرَّات خاسئات حتى تبيَّن الواقع الحُلم أو الحلم الواقع ! في اللحظة التي انتقل فيها الآخرون إلى منجمٍ جديدٍ يتوسَّمون فيه العشم ..؛ كان الخوان الذهبي داخل الخيمة يجلس عليه صحن (عصيدة ) وقدح ماء أُفرغتْ محتوياتُهما داخل بطنٍ لا يبتغي شئياً مما بقي من متاعه في ذلك الصقيع ..! وما بين ذاك وذاك يجد نفسه مفترش اًقعر غرفةً عطنةٍ تفوح منها رائحةُ العرق والبول والخيبة وصورة واضحة المُحيَّا لحُلمٍ تحقَّق ثم تبدَّد !
الوفاق - اليوم الخميس 11/4/2013 م
|
|
|
|
|
|