|
وعـــودُ المُنتخَبين العُرْقوبيَّة
|
وعـــودُ المُنتخَبين العُرْقوبيَّة
(1) كلَّما سقطت فى عينَيَّ كلمة (انتخابات)؛رفعتُ قدمَىَّ سريعاً من رمضاء ذلك اليوم لاستبدالها بالأخرى
، وأزحتُ غمامةَ العرَق عن عينَىَّ ولهثتُ وأشهرتُ عقيرتى فى
وجهِ ذلك الصيف القائظ وجريتُ مع الصغار الآخرين خلف العربات والعجاج والسراب وهتفنا جميعنا :
عطشانين بابو القاسـم
جيب المويه يابو القاسم
عبر صيفُنا ذاك وكلُّ صيفٍ بعده ولكنَّ ابا القاسم لم يسقِنا !
(2)
كلَّما نفذت (انتحال) هذه إلى أذنى ؛ نفذ قُرُّ ذلك اليوم إلى عظامى ونحن (أبناء الابتدائية )نرصف
الحجارة (المجيَّرة ) كممرٍّ تشريفىٍّ من المحطة (التِّحِتْ ) إلى ساحة المولد ثم نفرشها بالرمال ثم نرشها
بالمياه (البئر ، الدِّلاء، الجوز ) والبردُ قارس..
فكم هتفنا باسم تلك الدكتورة فى حضورها العابر :
ثقة ثقة الدكتورة ثقة
ثقة ثقة منو الـ بِغْلِبا
وكم رقصنا ونفزنا و (ردحنا) وسط خُرَّدِها الحسان :
الفوز فوزنا ونحن اهلو بِنِسْتاهلو
الفوز فوزن ونحن اهلو بِنِستاهلو
وكم لهجنا باسمها على رمل وعدها الوثير وغيابها الطويل داخل غرفة تخدير (أحلامنا ) لإنشاءِ شفخانة
للقرية !
ذهب شتاؤنا ذاك وكلُّ شتاءٍ بعده بيدأنَّ الدكتورة لم تشْفِنا !
(3)
جاءنا الأستاذ ليُخرجنا من الظلمات إلى النور ، ومن الوحل إلى الصراط المستقيم ، ومن المحل إلى
البُحبوحة والعيش الرغيد ..أو كما قال ..ومن التفرُّق والشتات – اللذين لم يكن لهما وجوداً- إلى
الحبل المتين ، فاعتصمنا جميعاً وردَّدنا معه :
الكف الكف وحَّدنا الصف
الكف الكف وحَّدنا الصف
ولكنَّ قريتنا الصغيرة – فى عهده – أصابتها لعنةُ الشِّقاق ، كيف لا ؟ (والشغلانة خربانه من كُبارا ) ،
فانشقَّت قريتنا - حتى الآن – إلى نصفين فقط !
ولَّى ذلك الخريفُ وكُلُّ خريفٍ بعده ، غير أنَّ الأستاذ لم ينوِّر بيوتنا !
(4)
لا ندرِ فى أىِّ موسمٍ جاء ذلك المُنتَخَب العجيب ! بل لا ندرِ مَن هو ؟ ومن أين أتى ؟ وماذا يحملُ فى جٌعْبتِه
؟ولكنَّه (تحكَّر ) على دائرتنا واضعاً رجلاً على الاخرى ..فتصايحنا معه (مجبورة خادم الفكى على
الصلاة ) فاشعلنا الفضاءَ بالهتاف والأكُفِّ واللافتات ملوِّحين لركبه الميمون متناغمين مع مسيرته الهادرة
على متون البصات واللوارى وهى تهتف :
شلَّعتْ ..كَمْبَلَتْ .. صَرْفَجَتْ ..!!!
سألنا كثيراً عنه ولكنَّا لم نعرفْه ولم يعرفْنا !!
(5)
جماعاتٌ من الكلمات يتواردن زخَّاتٍ زخَّات ..ليُدلين بدلائِهن فى بئر الانتخابات العتيقة ، يتهامسن خلف
الكواليس ، يتبادلن أثوابهنَّ قيما بينهنَّ حتى يُزِحْن الستارة مثنى وثُلاث ورُباع والمعنى سميعٌ بصيرٌ وهو
مجرَّد موظَّفٍ فى على قارعة الطريق ؛ وتلك الكلمات مواعينُه السخيَّة !.. أىُّ طريقٍ وعْرةٍ هذه والحكمةُ بئرٌ
والعقولُ أشطانُها ، وأهلُ البصيرةِ هم الواردون .
التصارع على المنابعِ قديمٌ متجدِّد وكذلك (الحشَّاش والشَّبَكة) قديمان متجدِّدان ..الفكرة هادية المُنْتَخَب
والمُنتَخَب صوتُ الشعب .. والشعب صاحبُ الحق ,وإن كلُّ علاقةٍ سليمةٍ بين الناخب والمنتخَب علاقة أخذٍ وعطاء
ومنهاجٌ جلىٌ وطريقٌ قويم يتوخَّى خيرَ بلادنا أجمع والفلاح ..أخذٌ وعطاء يحكمه صوتُ الضمير لا (خُذ وهات )
الذاتيتين أو (حَنْدَكة ) الناخب بما للناخب!
وأن يطابق الفعلُ القول ؛ وهل هو إلاَّ بيتُ القصيد المتجدِّد وروح السيناريو المتجدِّد ؟لأنَّ أفعالكم
الماضية – يا أهل يسوس – بُنيت على وعدِ عُرقوب ، وأُكِّدت بالتكرار المُمل الذى يعلِّم (الشُّطَّار ) ! ..هذا
وحتى لا يقول قائلٌ على طريقة (علوق الشَّدْ ) :
شنو يعنى لو بديت بيَّارة أو خطَّطت ليك فصل فصلين ما ح نكتسح الدايرة كلَّها ! من دقنو وفتِّلِّو يا شيخ !
|
|
|
|
|
|
|
|
|