لم تتوخَّ المناسبة .. ولم تشحذْ هِمَّةَ المنافسة .. ولم تزيِّفْ خارطةَ وُجْهتِها أو تتكلَّفْ مِشيةَ حبْكتِها أو تتصنَّعْ لهجةَ مغزاها حتى تُثير فضولَ الطريق أو تستجدى عينَ الرقيبِ أو تتملَّقه بدعوةٍ لمقامِها الذى تنصبُ فيع خيمةَ ثيمتها ؛ إنَّما خرجتْ على سجيَّتِها من عُزلةِ الأدراج ومن غياهب الدفاتر تبتغى وجهَ الصباح .. خرجتْ وقد فسَحتْ لها أترابُها الطريق إيثاراً ..تنحَّيْن لها وقد كانت بهنَّ خصاصةً من رَهَقِ القعودِ والانتظارِ الطويل .. جمَّلْنَها دون كذب ..سرَّحن خُصلتيها الجامحتين .. أيقظن حاجبيَها المُلازمين للدهشةِ والتساؤلِ والانتباه ..لمعتْ شامتُها كشَرْطةٍ منقوطةٍ فى تفاصيل وجهها البليغ .. كحَّلن بصيرَتها النافذة .. ألقَتْ ظلالَ رموشِها على شَفَق الإيحاء الحصيف .. تربَّعتْ وجنتُها كعلامةِ تعجُّبٍ خلف تفعيلةٍ عذراء ! .. بين المتْنِ والحواشى تقرْفصتْ كثيرٌ من الحُلى والدُُّرر فى حضن قوس قُزح ..همهَمتْ إحداهُنَّ بالرُّقى والتعاويذ ..ثم أخذتْ تقرأ سِفْرَ الخروج للمشاركة فى كرنفالاتِ الجمال : - أن لا تسبح (جميلتُنا) فوق الأربعين ! شهقتْ إحداهنَّ : حاشا لله يا أنتِ .. لا زال بينها وبين ذلك بيدٌ دونها بيد ُ !! - أنْ لا تكون قد ضُبطتْ فى أحد الملفَّات الكثيرة الصادرة عن الظمأ .. أو سهرتْ فى أحد المنتديات المسائية ..أو تسكَّعتْ بين هاتيك الأسافير المنعتقة من قَلَمَىْ رقيبٍ وعتيد !! قفزتْ أُخرى وهى تضرب صدرَها بكفِّها : تَهْ ، تَهْ يا بنات أُمى ..إنَّها لا زالتْ فى مشيمةِ قُصاصتِها الأولى ! .. لم يَفُض عذريَّتَها نهارٌ قط ؛ وذلك غاية مُبتغاها ومبتغانا جميعاً !.. ثم ذابتْ ضحكاتُهنَّ فيما بينهنَّ شوقاً وتوْقاً للنهار ! - أنْ تخرجَ فى عُباءتِها الفُصحى أو ثوبها السودانى الأصيل . قالتْ قائلةٌ - بعد أنْ غمزتْ بعيْنِها - : فليطمئنَّ قلبُكِ مِن هذه الناحية .. فلسانُ (جميلتِنا) أينما ورَدَ ؛ صدرَ عن زلالٍ نمير ؛ أشطانُه لا تقصِّر ودِلائُه لا تخيب !! - أنْ لا يقِل حجمُها عن المتعة ولا يزيد عن روعة جنسها فيبعث بالملل !! وقفتْ الجميلةُ وهى تتأمَّل قوامَها الممشوقَ فى المرآةِ مركِّزةً على خصرها الضامر وما تحته فاندلقتْ ضحكةُ غنْجٍ بالجوار – وهى تصفع ذلك التأمُّل المترجرِج برفقٍ – قائلةٌ : (بسم الله ، ماشاء الله ..أشهى ما يطلبهُ الطلاَّب !!
جايى
02-28-2011, 05:48 AM
shazaly gafar
shazaly gafar
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1604
[green]- لا بدَّ أن تصل مضمارَ السِّباق فى صدر مايو ، حيث يُعلن عن الحصاد فى ذيلِِ يونيو !! نطقت صامتةٌ بعد دهرٍ : أى أُخيَّتى تمعَّنى أرجوك ؛ ربما كان المقصود هو يونيو من عام تسعين وألفين القادم !! انسلَّتْ الجميلةُ من صَخَبِ ضحكاتهنَّ ثم همَّتْ بالخروج فى سبيل النهار واثقةَ الخُطى معتدَّةً بنفسها وهُنَّ يخْلَعن عليها الدُّعاءَ وأُمنيات التوفيق .. انتبذتْ رُكناً قصيَّاً من المركبة العامَّة التى تتهادى فى طريقها الطويل الوعر المتعرِّج مثل مركب شراعى يستمدُّ دفعَه من هواءٍ شحيح ! .. السيارات تفيض عن الشوارع ، والشوارعُ تتصبَّب عرَقاً من الهجير ، تلهث من العطش ، تتلوَّى من الانقباض ..أنانيَّةُ التخطِّى المرورى تشكِّل حضوراً لا يُخطئه مَنْ كان فى عَيْنَيهِ حَوَلٌ ورَمَد !.. سُلحفائية خط السير تبعث بالتثاؤبِ والضَّجَر .. الحافلة تدبُّ دبيباً ، والجميلةُ تغمضُ عَيْنيها فى رُكنها القصىِّ إثرَ نُسَيْمةٍ يتيمةٍ ضلَّتْ طريقها فى ذلك النهار المايوىِّ الغائظ ! .. توقَّف المركب الشراعى الضَّخم تماماً فى عرْضِ البحر إذْ أنَّ مسيرَه رهينٌ بالرياح .. أهازيج (النوَّاته ) تشرب من صفاء البحر .. ضحكاتهم الثملى تُعبِّئُ من سكونه ، لا يأبهون ؛ هبَّتْ رياحٌ لدفْعِ حِراكِهم الأعرج للأمام أم تأبَّتْ !!.. قذف أحدهم بشَبَكةٍ (سِلْكيةٍ ) نزيهةٍ - لا تُغادر كبيرةً ولا صغيرةً إلاَّ وجلَبَتْها ، لذلك فهى محرَّمةٌ قانوناً فى لوائح الصيد - تجاه البحر الزاخر بالأسماك وبالأصداف وبالمُرْجان .. أعادها وهى حُبلى بالطيِّبات والغُثاء ، والنفيس والرخيص ، بالدَّرارى والجِيَف والزَّبَد .. تجمَّعوا حولها فانْتَقوا منها وانتخبوا بأعُينٍ بصيرةٍ وفَراسةٍ حكيمةٍ ودُرْبةٍ خبيرةٍ بأعماقِ البحار وكوامن الأسرار .. رتَّبوا الثمين من مُختاراتهم وفْقَ أهميَّته ثم أودعوه خزائنهم ثم انصرفوا إلى ما كانوا عليه , ولم يبقَ منهم إلاَّ مَن أراد أنْ يتسلَّى بالزمن تحت ذريعة الطبخ ؛ امتدَّتْ يدُه إلى بضع سمكات من (البلطى ) .. لا لا .. (خشْم البنات) .. لا لا .. (الدَّبَسْ ) .. لا لا ..(القرقور ) ؛ فحساءُه أطيب ! وبسرعة فائقةٍ حشره فى القِدْرِ بعد أنْ تخلَّص من أحشاءِه وشراشفه وبقيَّةِ حصيلة الشَّبَكة بقذفها مرَّةً أُخرى فى البحر ، ثمَّ سرَّح حُنْجُرتَه المشروخة بلحنٍ ضحْلٍ وكئيب ؛ ظلَّ يردِّده مثل ببغاء أرعن دونما ملَلٍ أو كلَل !! وبعد قليل أطلق صياحاً تجشَّأتْهُ الضفَّتان أنْ هيَّا إلى غداءِنا إنَّا قد بلغنا مِن إقامتِنا هذه نَصَبا ! وبدلاً من أنْ يُلبِّى هذه الدعوة المعنيّون بها ؛ فقد تجمَّعتْ أحشاءُ تلك الأسماك النافقة وشراشفها .. تكالبتْ .. تضخَّمتْ .. تطاولتْ حى تقزَّمالصارى) بجانبها .. تماسكتْ وزمْجرتْ ثم أحاطتْ بالمركب إحاطةَ السِّوارِبالمعصم .. بصقتْ إحداهنَّ على وجه الربَّان الذى انتفخ بدوره وتعمْلق حتى غطَّى سطح البحر عرْضاً وطولاً مدَّ البصر .. ثم انفجر انفجاراً مُدوِّياً تمخَّض عنه ثلاثة أشخاص اندفعوا جميعاً نحو (دَّفة ) المركب الذى بقى هادئاً كأنْ شيئاً لم يحدث !.. وبينما هُمْ يتنازعون مقبض (الدَّفة ) ؛ تفتح الجميلةُ عيْنيْها إثرَ طقطقة (الكُمسارى ) الذى يستحثها على الترجُّل عن متْنِ المركبة العامَّة .. ترجَّلتْ .. أصلحتْ من شأنِ ثوبها المُنحسر عن شَعْرِها وصدرها ..تقدَّمتْ ..تنحْنحتْ ..تدفَّقتْ ..تصدَّرتْ قائمةَ الحِسان – اللائى شربنَ جميعاً مِن بحر المعاناة ثمَّ صَبَبْنَ ما شرِبْنَ فى محيطِ الإبداع – بجدارة .. صفَّق لها الإعجاب ..شدَّ على يدها ..دسَّ فيهاورقةً خضراء ، قال: (غداً سنتوِّجُكِ أميرةً فى كرنفال الجمال ).. تقافزتْ نشوةً .. غنَّتْ مع الهادى آدم :(يا لشوقى واحتراقى فى انتظار الموعدِ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة