فتاةُ المِرآة !

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 10:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة شاذلى جعفر شقَّاق(shazaly gafar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-27-2013, 06:44 AM

shazaly gafar
<ashazaly gafar
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1604

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فتاةُ المِرآة !

    فتاةُ المِرآة !
    شاذلي جعفر شقَّاق
    [email protected]

    وقفتْ أمامي مباشرةً تُولي وجهَها المراةَ الصقيلةَ أمامنا ..التحمتْ الصورتان مثل ظِلَّين لأبجورةٍ ناعسةٍ على سطح منضدةٍ كاتمة شهادة في حضرة إضاءة خافتة تُغبِّش حقيقة اعْوِجاجِ العودِ واستقامةِ الظِلِّ ، وإلاَّ ما حنَثَ يمينُ الصورةِ المُنْتحِل صفةَ اليسار ! ولما اختلَّتْ المسافة بيني وبينها إنْ كانت هنالك ثمَّة مسافةٍ يُمكن أنْ يُضاف إليها تمييز ، ولما زوَّرت المرآة أبعاد صورتنا الحقيقية في تلك اللحظة الساكنة سكون الضوء المتآمر مع حركات العتمة المسلَّحة بخجلٍ مُفتَعَلٍ يمرِّر أجِنْدةً داخليَّةً مُتَّفَقاً عليها مُسبقاً في رأد الضُّحى !
    كان يلزمني أن اميل برأسي المُثقَلةِ قليلاً إلى اليسار لأُحدِّقَ في مدينتَيْ عيْنَيْها الساهمتين في نهرِ الامتنان ، الغارقتين في كرنفالٍ أسودَ مُذاب وبنفسجيٍّ مُبعثرٍ بفعلِ غزيرة الطبيعة الفوضويَّة و قُرْمُزيٍّ مُتفرِّقٍ دمُه بين قبائلَ رُحَّلِ السِّحْرِ الفتَّان وعكاظات الارتجال المُفوَّه صمتاً والمُختَزَل في بُحيْرتَيِّ غمَّازتين ولساناً وشفتين ..كادتْ أن تسقط قصيدتا صدرِها في لُجَّةِ أبحُرِ الخليل لولا أدركها شِعْراً مُرسَلاً مُخلَّلاً بالاعتراك ، مُشرَّباً بعبق الانعتاقِ منذ فطامه الاختياري من حلْمةِ القافية المحفوفة بهالة الشفق الداكن المسْتمسك بأفقه القديم على القُطْرِ ذاتِه ومركز دائرته عينه ! أزالتْ بأنامل تُخمتها خُصلةً لم تتمكَّن من طلب اللجوء لدى الهدْب الظليل حتى بانت نُدبةُ حاجبها الأيسر كعلامة تعجُّبٍ تنتصبُ عاريةً أمام براعة استخلاصها !
    امتلأ صدرُها بشهيقِ الارتياح ، دفعها ناحيتي أكثر ..تتبَّعتُ أثرها على صهوةِ الزفير ..مالتْ برأسها كفرسٍ فتيَّةٍ جهةَ اليمين قليلاً لاحتطاب غروبٍ شاحبٍ أو احتلاب هزيعٍ دامسٍ من قَرْيَتيْ وجهي المُمْعنتين في بداوة البوح المُلثَّم بالقصيد ..السادرتين عكس السيول الجارفةصوب الأنهار التي لن تأبى الزيادة ..المسكونتين بعفاريت الأشجار المعمِّرة من السنط والطُنْدُب والسيَّال والحراز والطلح .. الهائمتين في عزيفِ جنيَّات التلال و الرُّبا والقِفار .. المغروستين في شقوق الجروف الشبقات المتحرِّشات بالطَّمي مدَّاً والمعال جزرا !
    عندما أحسَّت بدُنُوِّ موْسمٍ جديدٍ ؛ افترَّت شفتاها عن كلمةٍ لا صوتيةٍ وهي تعلم وأعلمُ أنها قيلتْ قبلاً بأكثر من شَفَةٍ ولسان !ثم تنحْنحتْ استكانتها الخاشعة وقوفاً لتقول :
    - ليتكَ لم تجئ إذنْ لافترشتُ الترقُّبَ والتحفتُ الانتظار اللذيذ وأنا أتابع أشواقي المهتاجة ترتعُ وقوفاً وقعوداً وعلى جنوبها ! ليتكَ لم تجئ ؛ إذنْ لجهلتُ معنى الخوف من المجهول ..أكثر ما أخشاه – يا خدْن روحي – أن أردِّد مع الشاعر (أبداً تستردُّ ما تَهَبُ الدنيا ** فياليت جودها كان بُخلا ) !
    قلتُ وأنا أحاول أن أُديرَ وُجهةَ التمنِّي والخوف مِن أو على عن المرآة المعطوبة الذاكرة إلى صورةٍ حيَّةٍ ينفخ فيها القلمُ أو الريشةُ من روح الفِعل والتفاعل :
    - اللحظةُ ليستْ ربيبة الوقتْ ، بل وليُّة نعمته التي يستمدُّ منها وجوده ..فما الوفتُ إلاَّ بضع لحظات ..اللحظةُ ابنةٌ شرعيَّةٌ للعمر لا يستطيع أن يسلبها كائنٌ ما كان حقَّها في ميراث السعادة ..ليس في مقدور الخوف من المجهول أن يعصبَ عيْنيها عن الآني أو يعصبها في تِرْكةِ الفرح أو عشق الوجود .. الموتُ – يا عزيزتي – هو الركون إلى الحزن والاستكانة في حُضن الواقع المرير ..الموت الحقيقيُّ هو أن نمُدَّ أبصارَنا نحو ما ليس لنا به علم !
    قالت ضاحكةً في غُنجٍ جَبَّ كلَّ ما قبله من أوهامٍ ومخاوف :
    - هيَّا بنا إذنْ ،أرِني ما هو في حدود رؤيتنا !
    قلتُ متصنِّعاً :
    - أنَّى لي ذلك ، وأجملُ اللحظات التي تعيشها المرأة عندما تكون مُغمَضة العينين !
    - إنما ترى القلوبُ التي في الصدور يا نورَ عيني !
    قبل أن أفكِّرَ في طريقٍ تُخرجني من هذا الإفحامِ الإنثويِّ المعهود ؛ أخرجتْ – لا أدري من أين – هاتفها النقَّال ..صوَّبتْه نحوي ، نحوها ، نحو صورتَيْنا المرآة وقالتْ :
    - تجهَّم قليلاً يا هذا !
    قلتُ ضاحكاً :
    - أديري وجهك يساراً يا أنتِ ؛ تَبِنْ غمَّازتك اليُمنى عند الابتسام ، أمَّا اليُسرى فلا يُعثر لها من أثر إلاَّ عندما تعضدين على ناجز الإنفعال أو الغضب !
    وبلمسةٍ خفيفةٍ بطرَف إبهامها دونما تحسُّبٍ لحساسية المواقف وسوء المآلات على أيقونةِ لوحة الهاتف – الذي لم يحتمل كتمَ الشهادة وحمل السر الثقيل وتأمين الخصوصية ضدَّ تصاريف القدر – كُنَّا عُراةً على صفحاتِ اليوتيوب والواتساب وبعض أزِقَّة الأسافير العطنة مُستباحيْن - بما جنت يدانا وسائر جوارحنا – كسلعتين زهيدتين رائجتين بائرتين معروضتين للعالمين إلاَّ مَن أبَى !







    الوفاق – اليوم الخميس 27/5/2013م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de