|
شِركات الاستخدام التعاقديَّة ..دَرَقة وسيف!
|
* شِركات الاستخدام التعاقديَّة ..دَرَقة وسيف! شاذلى جعفر شقَّاق
غَشِىَ جَدُّنا (دفع السيد ودَّ الفضيل)وهو فى طريقِه الطويل (شيخ البَنِيَّة) ..آنَسَه ومازَحه ما شاء له التداعى قافزاً فوق أسوار الوقار والهيبة المضروبة عُرْفاً حول مسيد الشيخ ، ثم طلب إليه أن يدعو له اللهَ مُيَسِّرَ كلَّ أمرٍ عسير ، وأنْ يفتح (الكتاب) الكبير – حمولة صبىٍّ شقىٍّ (مدَرْدَحْ) – ليُباركَ خطواتِه السادرة فى فجاج الصعيد البعيد . فعل (شيخ البَنِيَّة) كلَّ ذلك فى لحظات قليلة .. أطرق بُرْهةً ثم أرسل عينيْهِ إلى سماء المجهول الملبَّدة بالغيوب ثم صفق بكفَّيْه وسْط فرقعة حبَّات مسبحة اللالوب العتيقة ، مُشيراً لجَدِّنا (دفع السيد) بالتوكُّل على الله ومواصلة المسير .. إذاً جاء عليكَ الدَّور يا دفع السيد لدفع مستحقَّات (الشيخ) وتسديد فاتورة أتعابه وإنْ شئتَ قُل (البَياض) ..رفع الجَدُّ جلبابَه وادخل يدَه فى جيب (العراقى) .. أخرج حافظة نقود (جُزلان) كمخلاةِ الحمير عندما فرَغ مِن فَضِّ طيَّاتِها الكثيرة والمتداخلة ، ثم أخذ ينتقى وينتخب مِن قاعِها القصىِّ ما يُمكن أنْ يدسِّه فى يدِ الشيخ (غمْتة مُزيِّن) ، ليمضى – بعد ذلك – إلى حال سبيلِه .. فما فتئ الجَدُّ يتحسّس – داخل المحفظة- جُنيْهاً فيُزيحه جانباً ..يتلمَّس (طرَّادة) فيتجاوزها .. يقع بين يديه (الريال ابو جمَل) يدفعه بعيداً .. (شِلِنْ) ، (أم قرشين) ... وهكذا حتى سئم الشيخ مِن صنيع الجَدِّ هذا ، فقال ضاحكاً وهو يُخلِّل لحيتَه : - إنتَ يا ودَّ الفضيل الجنيه كتير عَلَىْ يعنى؟! ليقول جَدُّنا (دفع السيد ودَّ الفضيل) مُنتفضاً : - هوى آ (شيخ البَنِيَّة) بعد ده سَوَّلَكْ دَرَقة وسيف !! وللذين فاتهم المغزى إنَّه يُريد أن يقول له : إنْ كان ما تتقاضاه مقابل الزيارة والتبرُّك جُنيهاً كاملاً إذاً عليك بالسيف والدَرَقة لتُصبحَ قاطعَ طريقٍ (عديييييل كدى) ! ونحن نعيش أيام محاربة الفساد على مستوى رئاسة الجمهورية بتكوين مفوضيَّة مدجَّجة (بالدَرَقة والسيف) لإحقاق الحقِّ وإقامة العدْل ببتْرِ أعناق السُّحْتِ مِن منابِتها مهما طالتْ أو تطاولتْ .. لم يُعْيِنا النظرُ والانتظار لرؤية جذمورِ كلِّ يدٍ طُولى ، وسماع خوار أو ثُغاء أو أزيز كلِّ (ابن لُتْبيَّة) لم يجلس فى بيت أمِّه وأبيه حتى يُثرى!! ولكنَّ الذى أعيانا هو شركات الاستخدام التعاقديَّة التى تقتات عرَق الكادحين مِن أبناء هذه الأمَّة الصابرة ..كيف بالله يُمكن أنْ يتصوَّر عاقلٌ أنْ تأخذ شركةٌ مــا مِنْ راتبِ منسوبِها سبعين فى المائة مِن جُملة ما يدفعه المُستفيد مِن خدمة العامل ! .. لا لشئٍ ؛ فقط لأنَّ الشركة استخدمتْ هذا الأجير المغلوب على أمره الذى استجار بنارِ الاستخدام مِن نار العطالة !! والأدهى والأمَرُّ هو إهدارُ سِنين المُستخدَمين (بفتح الدال) فى خدمة جلالة هذه الشركات الطفيليَّة حيث ما يحصل عليه مِن فتات فوائد ما بعد الخدمة لا يعدو أنْ يكون دُريهمات لا يُقمن صلبَه أو (غمتة مُزِّيِّن) كالتى طفق ينشُدها (ودَّ الفضيل) ليدسَّها فى يد الشيخ و(يتْخارج) ! ..وذلك مردُّه إلى هزال الراتب الأساسى الضامر جوعاً والمنتفخ قليلاً – كبطن مصابٍ بالأنيميا- جرَّاء علاوات وبدلات تسقط عمْداً دون شكٍّ إذا ما تعلَّق الأمرُ بالحقوق أو فوائد ما بعد الخدمة !! ولا تظنَّنَّ – يا هداك الله- أنَّ هذه الشركة تكتفى بهذا القدْر ، بل لها (آذانٌ تسمع رنَّةَ قرْشٍ فى المرِّيخ) كما يقول شاعرُنا الكبير محمد المكِّى إبراهيم .. فكُلُّ (هَلَلَة) تخرج مِن (جُزلان) المستفيد – كمنحة أو نحوها- تبتغى عونَ العامل المسكين ؛ تكون لها الشركة بالمرصاد لتقضمَ مِن سراها وما جاور العظم فى طمأنينة تمساح يتشمّس على حواف الجُزُر المحميَّة إلاَّ مِن القضاء الربَّانى !! فيا أرباب الشركات المستخدِمة للعاملين لا نقول لكم كما قال ودَّ الفضيل :( بعد ده سوّوا ليكم دَرَقة وسيف ) ، فسيوفكم فضلُها سابق ! ولكن نقول لكم : اتَّقوا اللهَ فى منسوبيكم .. ويا أُولى الأمرِ مِنَّا أنصفوا رعاياكم .
نُشر بالوفاق
|
|
|
|
|
|