|
جنوب كردفان والعصا الغليظة !
|
انتخابات جنوب كردفان والعصا الغليظة شاذلى جعفر شقَّاق
تحت شجرة السيَّال الوارفة وعلى مقرُبة مِن ميدان المعركة المرتَقبة وشيكاً بين الفريقين المُتنازعَين على ملكيَّة هذه الأرض الخصبة الشاسعة ؛ جلس (البلولة ) ليحتسى الشاى على يد صديقه (الحسين) وعدُوِّه اللدود فى الوقت ذاتِه ؛ صديقه باعتبار ما بينهما منذ الأزل وعدوه باعتبار ما بين فريقيهما مِن خلاف ! كان (الحسين) وهو ينفخُ النار يراقب مراحل الاشتجار واشتعال الكلام وإشهار الأصابع ، بينما يُولى (البلولة ) كلَّ تلك المعمعة ظَهْرَه مُمنِّياً نفسَه بكوب شاى يُرسى دعائمَ مزاجه ويُرخى أعصابَه المشدودة .. وما بين غليان الماء وغليان صدور الرجال ، وبين تصاعد أدخنة الحطب والغضب ؛ تشتبك العِصِى بالعِصى .. تتهاوى الهامات .. يرصد رادار (الحسين) ذلك .. يلعق شاربَه ويقول بطريقته العجيبة فى مضْغِ ومطِّ الكلمات : - البلولو .. الناس انْكَتَلَتْ !! ثم يرفع عصاه الغليظة فيهوِى بها على أُمِّ رأسِ (البلولة) !! تقف ولاية جنوب كردفان على أمشاط رجلَيْها مشرئبِّةً نحو نتائج الانتخابات الوشيكة .. كلٌّ أعَدَّ عُدَّتَه ، ######َّر كلَّ إمكاناتِه ؛ المشروعة منها وغير المشروعة لاكتساحِ الولاية ، هذا على المستو ى السياسى ، أمَّا على الصعيد الاجتماعى فالأمر مختلفٌ جداً إنْ أنت تأمَّلته فانِّك واجدٌ لا محالة – وأنت تتجوَّل فى سوق الدلنج أو كادوقلى - القوات الحكومية والحركة الشعبية من أبناء المنطقة وهى تتشاطر المعاش كما ينبغى لأهل وعشيرة .. وهى تتساقى ماء الحياة بنكهة الزنجبيل والقهوة والجراك ، وربما تكرَّمت بفضل الظهر فيما بينها .. بل داخل الأُسْرة الواحدة تجد النقيضين !! ولكن رغم ذلك لا تندهش إن سمعتْ أُذناك مِن هؤلاء قولهم : (يا هارون ، يا القيامة تقوم) .. أو أسمعوك أولئك قولهم : (أمَّا النجمة ، أمَّا الهجمة ) ..ولا (تنهجم) إذا جاء التصريح على لسان السيد رئيس الجمهورية فى زيارته للولاية : (إنْ ولَّعتْ ، الجلاليب بتروح وبيرجع الكاكى ) .. وبغضِّ النظر عن السَّجع وضرورة الوعيد ، فسطوة يسوس قادرةٌ على ترويض الشفاه ولكنها - قطعاً – لا تستطيع ترويض القلوب .. والحكمة - يا رعاكم الله – تقتضى أنْ تتركوا قُصواءَ الناخبين لحالها أنَّى بركَتْ ؛ باركتم ذلك ! فإذا كان التاريخ قد حدَّثنا عن أبطالٍ نَفَذوا مِن وراء القضبان وسجَّلوا أسماءَهم بأحرفٍ من نورٍ ونار ؛ فإنَّه قد حدَّثنا أيضاً بأنَّ تزييف الإرادة ولَى أعناق الأصوات بالتحيُّز والنكاية والتفريق بين أحلام الخصوم فى المضاجع والتنحِّى عن سنام الحكمة فى زمن العمالة والمساومات الرخيصة ؛ خسرانٌ مبين يعود وبالُه على كلِّ الجهات .. غير أنَّ الخاسرَ الأكبر – إذا ما نجح سِحْر الساسة – هو شعب جنوب كردفان الذى هو فى (البير ويقع فوقو الفيل ) ! ليس فى مصلحة طائرة الإنقاذ التى تصارع مطبَّاتها الهوائية المزيد من المشاكل .. كما ليس فى مصلحة الجنوب الذى يمدُّ يداً طولى لــ (يخْمِشْ) بها وجه الشمال بينما إبْطه يقطر قيحاً وصديداً ودماً ..أليس حرِيَّاً به أنْ يهدهد طفلَ انفصاله الذى قفز من رحم الغفلة غامزاً عيناً وضاغطاً بالسبَّابة على (التِّتِكْ) !!! افسدوا – يا شعب جنوب كردفان- مفعول السحر السياسى وفوِّتوا الفرصة على هؤلاء وأولئك حتى لا تصبح ولايتكم ذريعةً لاندلاع حربٍ جديد .. افسدوا مفعول السِّحْر حتى لا يهْويَنَّ أحدُكم بعصاه الغليظة على أُمِّ رأسِ أخيه وهو يمنِّى النَّفْسَ برشفة أُنْسٍ مع أخيه !!!
|
|
|
|
|
|