|
أبو كرْشولا وأبْيَيْ !
|
أبو كرْشولا وأبْيَيْ ! شاذلي جعفر شقَّاق [email protected]
لمَّا كانت المآلاتُ دوماً أبناءَ شرعيين للأفعال ؛ ناقِصها وتامِّها ، لازمِها ومُتعدِّيها ؛ فقد كُتبتْ جُملتان مبتورتان على سبّورةِ الوطن الحالكة السواد إلاَّ أنَّها كثيرة الحُفر والنتوءات ! جُملتان لا محلَّ لهما من الإعرابِ وإنْ أعرب المُلقِّنُ والمُتلقِّي عن بالغ أسَفِهما لفشلهما الذريع في صياغة مثال صحيحٍ يستبينُ به سُبُلُ الخلاص من الدِّماء والدمار نحو قاعدةٍ سليمةٍ تلخِّص درس السلام ! الحربُ مُذ أن عرفها الإنسان وثقفها أو اختلقها لم تكُنْ – ولن – سوي آلةِ هدمٍ وخراب ..فروعةُ مدينة أبو كرشولا من علِ – عبر قوقل- في خريطة المسح الجويِّ ،وشوارعها التي تقطُر خُضرةً ونضرة ً صبَّحتْها قواتُ الجبهة الثورية أرملةً ثكلى تتَّشح الدُخان فجيعةً وهلَعاً ونزوحاً لمَن استطاع إليه سبيلاً ..وتنشق البارود والدم من فوهات البنادق ، بل تشهد بأمِّ عينها ذبحَ بعلِها الذي ام تُحسنْه شفراتُ المُدى والسوانكي ، وأكوام الأوصال على طرابيز التشفِّي (الكيري) والحقد الأ‘مى والوِتْر الدفين الذي سوف لن تُطفئَ نارَه هوجةُ الغلبة الحاليَّة ولا حتى الوصول إلى سدَّة الحُكم مُستقبَلاً فما يفعلونه الآن وه متمرِّدون ؛ يُمكن أن يفعله ذووا الجراح الغائرة الذين اندغمتْ الفاشيَّةُ في حدقاتِ أعينهم وانطبعتْ في أإوار ذواتهم هذه البشاعات التي لن يمحوها رماد السنين أو يطمسها تطاول العهود .. تُرى ، على أيِّ فهمٍ بُني هذا الفعل الدميم لتصفية الحساب مع الآخَر وإنْ كان عدوٌّ في الوطنِ مُبين ! أما أولو الأمر منَّا الغارقون في العسل وأياديهم في الماء لا يزالون يُمارسون غيَّهم القديم بتفريطهم في أمن الوطن والمواطنين رُغم أنهم يلهجون بذلك آناء الليل وأطراف النهار ، ثم بعد أنْ يقع الفأس على الرأس ؛ يشحذون ألسنتهم على عتبات قولهم المحفوظ في الصدور بأنَّهم الراصدون لحركات المتربِّصين أعداء الوطن والدين ، ليبشِّرونا بعد ذلك بالنصر الآتي القريب أو يحتفلون باسترداد ما تبقَّى من الحقِّ السليب !! لذلك انطلقت التساؤلات المشروعة في الأيام الماضية من إعلامنا المقروء والمُشاهَد والمسموع ومن شفاه الطُرُقات والمجالس والبرلمان أنْ أين كانت قوات شعبنا المسلَّحة ؟ سيَّما والشواهد في هذا المقام كثيرةٌ من اجتياح أمدرمان وهجليج وأم روابة وقذف كادقلي وأم برينبيطة والله وحده يعلم (ما) و (متى) تكون التالية ؟! أثارت انتباهي عبارةٌ قالها قي برنامج (في الواجهة) التلفزيوني الناطق الرسمي باسم القوات المسلَّحة العقيد الصوارمي عندما سأله أحد المواطنين عبر بريد البرنامج : هل اجتياح أم روابة وأبو كرشولا نتاج تقصير من القوات المسلَّحة ؟ حيث قال السيد العقيد في ختام إجابته : _حقّو الناس تسأل نفسها ، ليه الجيش مقصّر) !!! تُرى ماذا يقصد بقوله (الناس) ؟ هل يقصد القادة العسكريين أم السياسيين أم عامَّة الشعب ؟أم هذا إقرار ضمني بحاجة الجيش لتحسين أوضاعه المالية - شأنه في ذلك شأن السواد الأعظم من الشعب الفضل الذي يرزح تحت خط الفقر – كما أشار إلى ذلك السيد وزير الدفاع في مناسبة أُخرى ، وهل مشروع التمويل الأصغر للقوات المسلحة الذي أطلقه السيد رئيس الجمهوريَّة حاجةٌ ملِّحةٌ اقتضاها واقع الحال كمعالجة على طريقة أن تأتي متأخِّراً خيرٌ من ألاَّ تأتي ؟ أم أنَّ الناطق الرسمي يقد شئياً آخراً بقوله : (حقّو الناس تسأل نفسها )؟! مهما يكن من أمرٍ فترتيب الأولويَّات أو إعادة ترتيبها ضرورةٌ لا ينبغي أن نُلبسها لبوس (علوق الشَّدْ) هذا من جانب ومن جانبٍ آخر إذا ما تعلَّق الأمر بالأمن لا بُدَّ من أخذ سائر المهدِّدات مأخذ الجدِّ بعيداً عن استهوان الخصم وتحقيره بدافع المُكابرة ،وبدلاً من إزالة مُسبِّبات الفشل المتكرِّر محاولة تعليق الأخطاء على شفاه المعارضة – التي يرى بعضُها أنَّ ما يحدث مجزَّأً هو نتاجٌ طبيعيٌّ لأفعال الحكومة إجمالاً - لعدم إدانتها الهجوم وكلِّ هجوم في سبيل تجريمها وابتزازها ونعتها بالعمالة استدراراً لعطف المواطنين الذين سيلتفّون حتماً حول الوطن لا النظام ..فالنتائج على أرض الواقع – يا هداكم الله - تقول إنَّ الجبهة الثورية وميثاق الفجر الجديد لم يكن زوبعةً في فنجان أو ناموسة في أضان فيل كما كان يظن البعض أو يتوهَّم الواهمون ..وأن هجومهم لم يكن بائساً بمقاييس المكاسب العسكرية والسياسية - لم نقل الأخلاقية - بل سبَّب البؤس واليتم والكآبة للأرض وإنسانها ! أمَّا ( أبيي ) قنبلة نيفاشا الموقوتة فقد أبتْ نفسُها إلاَّ أن تسجِّل حضوراً رغم قتامة الأوضاع على تلك السبّورة الحالكة السواد الكثيرة الحُفر والنتوءات ..رغم التوقيع على لتفاقية التعاون المشترك بين السودان ودولة جنوب السودان والتي على ضوءها تُفتح الحدود بين البلدين واستئناف تصدير يترول جنوب السودان عبر خطوط ومنشآت السودان ..ففي ظلِّ هذه الأجواء يُقتَل سلطان دينكا نقوك كوال دينق مجوك أثناء تغلغله شمالاً داخل الحدود السودانية ورهط من أبناء هذا البلد المنكوب ،إثر مُشادات ونقاش بينه وسكَّان المنطقة ..وبذلك لا شك أنَّ مثلث الحريق قد اكتمل في منطقةٍ طالما شربتْ من دماء بنيها والتهمت أجسادهم ويتَّمتْ أبناءهم ..فخطورةُ الأمر تكمن في قُدسيَّة الإدارة الأهلية لكلا الطرفين (مسيريَّة – دينكا نقوك ) ولذلك لو لم تتوفَّر أرادة قوية جداً بين الطرفين ؛ يكون من العسير تجاوز مثل هذه الأمور .. فإذا اشتعلت الضغينة والوتر والوتر المضاد بالطبع – قدَّر الله – في أبيي ؛ سوف لن تتوقَّف عند ذلك الحد ..فلك الله يا وطناً (كلَّما ابتسم حطَّ على شفتيه الذباب ) !
الوفاق – اليوم الخميس 9/5/2013م
|
|
|
|
|
|