|
الخدمة الوطنية وغياب الوطنية (تجربة شخصية)
|
فى العام 1998م باحدى معسكرات الخدمة الوطنية فى السودان كنت مجندا هناك معنا الالاف من دفعتنا اتو للتدريب وقضا الخدمة الوطنية التى هى دين فى عنق كل سودانى فى تلك المعسكرات يجب ان لا يستثنى اى واحد مهما كان وظيفة ابيه فى الحكومة
واليكم قصتى مع هذه المؤسسة التى من دورها ان نحس اننا فى الوطن سواسية وان خدمة الوطن ليس حكرا على احد وعلى الباقين (لحس قروش الوطن) فى اول يوم تم اختيارى حكمدار عاما للسرية وكانت سريتنا السرية الرابعة كان لى مميزات كثيرة وعلى ان اقوم بالتمام على حكمدارات الفصائل الاخرى والسرية تتكون من اربعة فصائل فى كل فصيلة 33 شخص وعلى ان اقوم برفع التمام لحكمدار السرية (برتبة شاويش) وحصر الغياب واخراجهم من الطابور لاخذ الجزاء ومن واجباتى ايضا ان اقوم باخذ نصيب السرية من الاعاشة وتوزيعها لحكمدارات الفصائل الاخرى واهم شئ هو اختيار المناوبين فى العنبر لحراستها ونظافتها وهذا طبعا كل مجند يتمنى ان يكون مناوب حتى يحظى بالراحة ومن الجكة وتمام الساعة 9
كان معنا احد المجندين وفى ايامنا الاولى كان يتعب اكثر من الاخرين ويسقط مرارا فى تمام الساعة 9 فحن قلبى له وفى صباح احد الايام قمت باختياره مناوبا مستديما مع المناوبين الاربعة (رغم ان المقرر 3 فقط) لان النظام ان اقوم باختيار مناوب من كل فصيلة بالترتيب
شكرنى كثيرا واصبحنا نتلاقى احيانا
بعد ان ذهبنا لضرب النار وتم تجهيزنا لطابور التخريج وبروفاتها
فى اواخر تلك الايام كان قد تم تحسين نوعية الطعام الذى كنا ناكله فى المعسكر وتم تخفيف الضغط علينا وتقليل العمل العسكرى وتكثيف المحاضرات (وشيوخنا ما قصروا) طبعا كلهم حثونا على الجهاد ضد الخوارج
قبل التخرج بثلاثة ايام حرص المجندون على عدم الغياب فى تلك الايام وفى تلك الليلة بعد انتهاء محاضرة الساعة 10 التى استمر حتى الثانيةعشر قاموا باطلاق صافرة فى الساعة الواحدة والنصف صباحا
وعندما استفسرنا قالوا اذهبوا لقاعة المحاضرات هناك تنوير هام جدا
هرعنا لها
وبعد ان تاكد لهم ان كل المجندين قد خرجوا واصبحوا فى القاعة المزعومة
فجاة طوقنا مجموعات من الشرطة العسكرية باسلحتهم مما جعل الكثيرين يهرجون ويستفسرون ماذا يحدث
كان قائد المنطقة حاضرا وقرابة الثلاثة شيوخ لا اعرف اسمائهم طبعا بدا الشيوخ اولا بتلاوة القران والقاء بعض الخطب الحماسية ثم وقف شخص فى ملابس ملكية وكان يحمل لستة فى جيبه ثم بداء يقراءئ بعض الاسماء من المجندين كل شخص يذكر اسمه يخرج للامام
كنا 25 مجندا وانا من ضمنهم
حينها تحدث قائد المنطقة وقال ان هذه الكتائب الاربعة قد تم اختيارهم لقضا الخدمة الوطنية فى منطقة غرب النوير لتامين البترول
وسريعا تم اقتياد المجندين خمسة خمسة للامام يعطونك مستلزماتك العسكرية من نمرة جديدة (مشمع) وبطانية وكاكى جديد وبوت ثم يتم اقتيادك تحت حراسة اثنين من الشرطة العسكرية الى عنبرك لتحمل (صندوقك) ويتم رفع الشنطة فى جرارات والشخص داخل دفار مثل الدفارات التى كانت تستعمل لقبض المواطنين فى الشوارع لقضا (الخدمة الالزامية)
تم الانتهاء من تحميل الكل قرابة الساعة الخامسة صباحا وكان يوم اربعاء وطبعا يوم الخميس اجازة
كنا لا نزال نقف فى اماكننا تلك وتم تركنا ولم نركب مع الاخرين وكان من بيننا طبعا المجند الذى كنت قد عينته مناوبا مستديما
قاموا بادخالنا الى ميس الضباط واحضروا لنا شاى الصباح وفى اثناء تناولنا للشاى وانا فى حيرى من امرى لماذا تم استبعادى مع الاخرين كان ابتسامة الاخ المجند يراقبنى وذكر لى انه وراء استبعادى من العمليات
لانى كنت قد تصرفت معه تصرف اولاد (ناس)
عند الساعة العاشرة صباحا حضر رتل من السيارات الفاخرة ومعهم مصور من التلفزيون واتضح لى اخيرا ان الشخص هو محافظ تلك المنطقة على ما اذكر
قاموا باجلاسنا كما كنا نجلس فى المحاضرة وكان كاميرا التلفزيون تتجول فى وجوهنا واحد واحد وقام الشخص المسئول هذا بمخاطبتنا مخاطبة حلوة
وذكرا الاتى
ابنائى المجندين انكم حماة هذا الوطن وانكم سند لهذا الامة وان الشباب هم الذين يحمون الاوطان وانه متاكد اننا اخذنا جرعات تجعلنا نكون قدر المسئولية مستقبلا واننا واننا واننا واننا
حينها ادركت ان الخدمة الوطنية فى السودان (غريب) انحنا يزوغونا ويجى واحد يقول انحنا حماة هذا الوطن امال الفاتو غرب النوير ديل حماة شنو يا ربى رغم انى فرحت لانى قد تم استبعادى من العمليات الا مفهومى للخدمة الوطنية تغير تماما
|
|
|
|
|
|