|
Re: حياة السر مديح (Re: فتحي البحيري)
|
مرقاة حب لا تنام 1 وقال لي مالك ، والليل في دمي مثلما بدا له رغمنا حالك : أين أنت أيها المدعي الهالك ، النار أوقدها الغياب ، والناس أعجلها انسراب الوقت ، حينا من المقت ، على قيعة اللهفات والكبت قلت : حدد ! قال : سرك لا يعجبني عام خرطومه قط . قلت : سر مديح البلاد يضيء رغمي ورغمك ي العالمين سنينه طرا ، هكذا قد خبرتني رؤيتي ، لكن مثلك لا يطيق مع الرؤية صبرا ، وهو دون الآخرين الذي سيأوي اغتراب الآخرين وغربتي ، سنة وعمرين ودهرا قال : هل ذقت الياسمين وطعمه قلت : لا ، شممته ، يمكنً قال : فُتُّك يا أخي عافية
2 قلت لخير الله بن جمال الدين : وجئت أبا ليلى إذن . قال : قل لي : سر بلاد الطيبين بعافية ؟ قلت : جئته للتو أقوى ما يكون وأنصح فقال خير الله لي : ليته ليته وأسبل عينيه على لمعة لم أع قوتها قبل نعي حبيب قلبي سر بلاد الطيبين إلي
3 رحمة الله على سر مديح البلاد الفقيد ، المكتوب بحب الله أرجو في العالمين شهيد ، ليتنا لا أخص ضجيع الكتابة فينا بعكس الرحمة ، هذا الذي يقتل ميتاً بأسوأ مما قضى ، وينجز الوقت فينا باقسى من الوجه الذي به قد مضى
4 كنت أزعجه بأشيائي التي تختلف ، بكوني لا أحب سماع الأغنيات التي يصنع ، بجلسة غبراء يوم شككت أن له في أم تاياي أرب . كنت أوذيه ، ولا بد ، من حيث أدري ولا أدري ، ليته يغفر لي ، ليته
5 قميصه الثاوي بأقمصتي يعذبني ، لم يشأ أن أعيد ما لبست منه ، رغم شدة حوجته له ، وغالب ظني أنه لم يكن يعلم أنه سوف يمضي للا- كون قبلي . وإلا لما اختار هذا الحزن لي .
6 مات سر مديح البلاد إذن ، مات ولم ينتهي لما أحب الوطن ، يارب لا نستدرك شيئاً عليك ولا ننكر
7 - لا تقل هكذا قالت الرؤية البشوشة لي . سر مديحك منته ٍ من كل شيء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: فتحي البحيري)
|
قصاصةمن نجاة الممحين
1 يغلط صاحبي ، يقرأ قصتي نفسه ، لم أرد ذلك مطلقاً ، تفيهقت – أعرف – ربما في اللغة ، تقندفت اعترفت له مرة في اقتراحات التشابك واشتباكات الحرائق والنساء . القضايا التي أهاجته أصابتني بالعيا واليأس حيناً من انكبابي على كتبي وذاتي ، لكنني ما انجرحت بها جرحه ، سر مديح البلاد الغريبة يضغط في اتجاه النجاة كأنه نفس الجميع ، وأنا أريد النجاة ، وأطفو فوق جسم الجميع ، من الجميع الفظيع . سر مديحي يحبني ، يظنني مثله أحبه ، لا أستطيع مصارحته بأني لا أستطيع ، حياتي ليست الواقع المكب على الهزائم والجراح ، حياتي خارج هذا ، وخارج قصتي التي يدخل ، حياتي أنا حياة النجاة نجاة الحياة بلاد الكتابة . عندما جاءني في الليل ، مرة فذة لقيته في الليل ، كل معرفتي به سنينها السبع كانت في الظهيرة ، ما كان يوم رأيت فيه سرهم والشمس عند ضحاها ، وما كان قط لقاء لي بالفتى والليل إذا يغشاها ، سر مديح البلاد عندي كائن ظهري ، ولما جاءني في الليل وقال شعرا وغنا ، لم أكن واثقاً أنني عنده . مع ذلك أنتج قصتي لحظة واحدة . تراءت القصة لي كلها في محض ساعة وثلث . 2 أن ترى ما تعودت رؤيته في الظهيرة ثلث الليل الأوسط فجأة . أن تفتح خلسة غيبك ذاك المهول . تعرف ما لم يكن لك معرفة ... ( ما يقال أب ما يكون ، ليس ابنه ) من قال هذا ؟؟ ، سر مديح البلاد ؟؟؟ أظن وأخشى . عبد جبار المدينة ؟؟؟ لا يستطيع . ( ما يقال أب ما يكون ، ليس ابنه ) هل قالها ليلتي تلكمو ؟ فها أنذا أقول الذي سيكون يوما . أشحذ همتي السالبة . ابتني عزة الآتين في القصة . أرجع للغد . أفر إلى مأمني . اختلي بالحياة، أتزوج فكرتي وحدها ، وأزني بها ، أتسرّى هذه الفتاة البغي اللغة . أنجب ما يريد الله لي من بلاد غير هذي . استريح واتكي في قفار الانتباه المرير . 3 للانتباه بحلقي طعم القي يا سلمى غريمي الكريه ، للانتباه بخاطري وخز لا أسر بذكره أبدا ، كما لم أقل لابن أنثى بتاتاً أن لي وليدين لا يتسميان بي . أأبناء الإناث ألا تفهمون كيف يعيش بينكمو (القطيع) . متمزقا في الليل إذا أتى ألفاً ، وبالنهار مثالها ويزيد . وأنا القطيع فليس لي بعد اجتناء بنين . وابناي يجترئ الغريب يضيفهما الغداة لنفسه وقفاه . للانتباه بحلقي طعم القي يا سلمى غريمي الكريه ، للانتباه بغربتي ملامح من نجاة الممحين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: serenader)
|
البحيري
اراني اعتصرا عذرا لاني لم اتشرف بهذه الاحرف الا اليوم
البحيري
ساتيك خالعا نعليا في هذا الوادي عساني احلق خلفك الي سدرة الحرف المنتهى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: فتحي البحيري)
|
نا يا عزيز هنا منذ زمن.. غطتك عني "العلالة الرابطة" في المنبر والعكاكيز التي يمتشقها كل أكتع وأشتر.. اكمل ما بدات.. واغسل عنا هذا الغبار الأسود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: فتحي البحيري)
|
يا بحيري
النص جميل جدا وبخليني اسرح سرحان برضو جميل ...
انتا الكاتب الكلام ده ولا منقول عن زول تاني ...
من ناحية تانية .. ممكن ياخي تساعدني في ايجاد قصة كتبت هنا عن الواثق صباح الخير ؟؟
لك الشكر وخالص الود ان قدرتا تساعدني ولو ما قدرتا برضو ..فمثلك لا يبخل ..
ما عارف.. جاني احساس بعد قريت نصك ده اني محتاج اقرا الكلام الكتبو على المك عن الواثق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: DKEEN)
|
صديقي؟؟؟
Quote: انتا الكاتب الكلام ده ولا منقول عن زول تاني ... |
إن وجدت فيه روعة فمن كتابتك أنت القرائية له وحد علمي - شديد التواضع - بوالدته أن هذا النص/الفكرة يعاودني كضرس لئيم منذ 1998م وأنا في غيابة صحراء بالسعودية إلى أن أموت بكاملي أو يولد هو كيفما اتفق ... ربما
Quote: من ناحية تانية .. ممكن ياخي تساعدني في ايجاد قصة كتبت هنا عن الواثق صباح الخير ؟؟
|
حسنا فأنا أيضا
Quote: جاني احساس بعد قريت نصك ده اني محتاج اقرا الكلام الكتبو على المك عن الواثق |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: DKEEN)
|
Quote:
وثيقـــة علي المــك في أزمنة الرعب … هل سنواصل الغناء؟ أجل .. وسنغنى أغانى الرعب. هكذا قال يرتولد بريخت .. وهكذا ولدت الفكرة .. أن نصوغ عملاً سينمائياً .. حول ذلك الزمان .. مبوتقاً في سيرة الواثق وعدت أنا الي لندن وبقى هو في "مدينة التراب" وكانت رسائله والتى كانت تأتينى كل حين وآخر وعلي مدى عام، هى الركيزة التى تجسدت حولها الرواية السينمائية الواثق صباح الخير.. لم يكتمل المشروع بعد … ثم غاب علي… أهكذا حال الدنيا ..؟ حسين شريف القاهرة 25/2/1993
الوصول الي ديار المشنوق المصلوب ..
هذا شأن العمران ودأبه في مدن السودان، بيوت البوليس والسجانة كانت تلفظها المدن إلي أطرافها البعيدة، تظن أن العمران لن يبلغ تلك المجاهل النائيات.
وبعد عهد ليس بطويل تحيط بها البيوت من كل جانب ويتغير تبعاً لذلك موضع القلب من المدينة وكذلك سائر الأعضاء. وهذا ايضاً حال الأحياء الشعبية. و"شعبية" بحري بعضها اختفت الآن معالمها القديمه شيئاً، قل: درست فحين انشئت أول مرة كانت كماً مهملاً علي أطراف بحري بيوت من "بلوكات" الأسمنت، ممسكا بعضها برقاب بعض، شكل واحد هيئة واحدة، ليس هناك ما يميز بيتاً عن آخر، المهم إلا إذا غرس أهله في حوشه الضيق شجرة نيم أو بان، أوشيئاً من نبات سريع النمو نسميه (العوير) لا ادرى لماذا ولا نسأل. أسقف البيوت دونما استثناء من "الزنك". وأهل البيوت من الحرفيين والعمال والصناع – علي العموم: المساكين .. ومن بعد أن انتفخت أوداج المدينة علي مر السنين، صارت بيوت الشعبية قريباً من مكان القلب، فطمع فيها أصحاب القصور وأصحاب الفلوس فجاءوها من كل صوب من الخرطوم ومن الفاشر وبورتسودان ثم من ودراوه وشرق النيل ومن بحري نفسها جاءوا . ضاع إذن طابعها المميز فصارت وكأنها لا ترى، أحاطت بها العمائر السامقات والبيوت الأنيقة وهوائيات التلفزيون الملون .. وتأكلت. هناك كوشة في طرف ميدان الكرة غربه تُفضى الكوشة إلي زقاق بالشعبية به بيت حسن ابوعنجة وعلي طرف الميدان الجنوبى بيت الواثق صباح الخير كلاهما ينظر إلي صاحبه جدار البيت من الطوب يختلف من نمط بيوت الشعبية .. قال عبدالمنعم صباح الخير: هذه ليست الشعبية أنها تعويضات شمبات كان القوم من اهل شمبات نفس النظرية تنزع الحكومة ارضهم وتوزعها للموسرين بحجة التخطيط وجمال المدن وهلم جرا .. وتعوضهم ثم تنزع وتعوض .. حلقه مفرغه.
نقدم لكم عبد الكريم محمد خير وزوجته فاطمة صباح الخير. جلسنا في البرندة التى تفتح صدرها للهواء الجنوبى العذب، ذلك الذى يلثم الوجوه آن الصيف.. سقفها جريد، جدرانها الطين السميك .. تحمى من الشمس حجرة نوم، تختلس العين منها طرفاً دولاب وسرير كبير، وبعض ارض من الرمل مرشوشه رطيبه.
عبدالكريم محمد خير يعمل بناء عمره ثلاثون سنة زوج فاطمة صباح الخير أخت الواثق، تكبر الواثق بعام او يزيد قليلاً - طريدة الواثق .. تزوجا في مارس عام 1984. والخلاصة طفل يحبو، يقع ويقيف .. عبدالكريم من أهالى الشعبية أيضاً .. يروى: كنت أعرف الواثق من بعيد، انا أكبر منو، لكن أخوه عبدالمنعم الكبير ودفعتى في المدرسة بعد ما عرفت الأسرة. وخطبت فاطمة أخته عرفتو اكثر .. إنسان كويس .. ودود .. بعد زواجي بي زى شهر كده جا في البيت عدد من بوليس ام درمان .. الدنيا صباح كانت.. أنا نايم .. قالوا قوم قوم قوم يا الواثق .. قوم يللا معانا .. عريس جديد أنا وأمشى معاهم؟ يا ناس أنا ما الواثق .. أنا نسيبه .. مافيش فايدة قوم أمشي معانا. عرفت أن الجماعة ديل قاصدين الواثق عديل.. شالوني معاهم للقسم الأوسط أم درمان . وكان معاى 9 أنفار سألونى ماشفت الجماعه ديل في حياتى . الشاهد قعدنا في الحراسة من دقش الرحمن لحدى الساعة 9 مساء أو بعدها شوية .. غايتو جناب القاضي جا في حوالى المعاد ده. وسال أنتو بتعرفوا الواثق؟ قلنا لا . قال للبوليس (فِكُوهْم) .. البوليس تحس إنو قاصدو قاصدو عايز يقبض عليه بأى ثمن. يوم تاني بعد زواج الواثق، كنا برضو الصباح بنفطر في البيت، الواثق وأنا.. جه واحد دق الباب ... انت منو؟ سألنا قبل ما نفتح قال: أنا ما عندى اسم .. قلنا ليه لما تعرف إسمك نفتح ليك رجعنا نأكل .. قلبي أكلنى .. بعد دقائق طلع الواثق شاف زول قاعد بعيد جنب عمود الكهرباء .. لابس ملكى .. لما الراجل شاف الواثق طلع مسدس.. رفعوا في ايدو .. زى العايز يورينا هو منو .. وبعدين دساهو في جيبو ومشى .. وكتير البوليس ضدنا..
نقدم عبدالمنعم صباح الخير..
الواثق كتلوه علي 22 سنة بس .. دخل المدرسة وقرأ فيها لحد سنة تالته ابتدائي، طلع اشتغل مراسله في مصلحة الوابورات الوالد نفسه شغال في المصلحة دي .. طلع من هناك اتجند في الجيش في مدرسة المشاة في كررى، اشتغل سنتين عمل مشكلة مع واحد عسكرى رفتوه .. طلع من الجيش ابتدأ يشتغل أعمال حرة، البوليس ما خلاهو يرتاح ولا يشتغل كل مرة داخلين علينا البيت عايزنو في تهمة .. حداشر أو اتناشر تهمة يرموه في الحراسة تطلع براءة مافيش حاجة.. كانوا دائما لما يجو في البيت ينطوا الحيطه طوالى, يصحونى من النوم .. يسألوا عنه أقول ليهم ما في يوم أنا راقد نايم جوا بلورى كومر Commer كبير. طلعت ليهم أختى قالت ليهم وكانوا ابتدوا ينطوا الحيطة وقفتهم قالت ليهم: الواثق مافي قالوا طيب في منو؟ قالت ليهم في أخوى عبدالمنعم قالوا ليها ناديه جات صحتني من النوم قالت في عساكر عايزنك .. سمعونى أقول ليها أنا ما ماشي ليهم جوا طوالى داخلين ببنادقهم الاتوماتيكية (قوم،قوم،قوم) (الضابط بره عايزك) مشيت معاهم الدنيا ليل شديد في الشارع نزل الضابط من الكومر ووقفونى قدام العربية وولعوا فوقى النور الشديد .. العساكر البره قالوا: لا لا ده ما الواثق.. يوم تانى في الصباح كنت ماشي ومعاى واحد صاحبى في بحرى .. الصدفة جابتنا المحكمة وده شئ طبيعي، تعرف لانو المحكمة والبوليس، وبوليس الحركة كلهم تقريباً جوه السوق. خلق كتيره جداً جداً .. فجأة ظهر قدامنا واحد من ناس المباحث زي الشيطان طوالى قال لي: الضابط عايزك ! عايزنى أنا ؟ استغربت جداً.. مشيت معاه دخلنا علي الضابط سأل :الواثق وين؟ قلت : لا أعرف بعد كده الضابط شال برنيطته وفات دون أى كلمة زياد، خلاني ليك مع عساكر المباحث، ديل ابتدوا يتكلموا معاى لازم توريا محل الواثق – ضروري جداً – ده علي منو؟ أنت عارف إلخ.. أصريت قلت ليهم: أنا ما عارف محله لما زهجوا منى واحد لازم كبير قال : دخلوه الحراسة، ضيفوا لي بلاغ سرقة مسجل العربية والراديو. دخلونى طوالى أغرب حاجة في الحراسة لقيت واحد اتذكرت أنى شفته الصباح في ميدان الكورة جنب البيت.. وكنت شكيت فيه وسألته في نفس الوقت :يازول أنت بتعمل شنو هنا؟ قال لي: والله أنا منظر واحد شغال معاه عشان نمشي الشغل .. مشيت خليتو ، لما لقيته في الحراسة إستغربت جداً جداً .. ولما لاحظ قال لي: بعد ما أنت سألتنى ومشيت جوا عساكر وسألونى: يازول الواثق وين؟ قلت ليهم : والله ما سمعت بالأسم دا قبل كده، وأنا منتظر زميلى عشان نمشي الشغل سوا. طبعا ما صدقوا ساقونى معاهم، ولما جيت الحراسة قال واحد كبير منهم ضيفوه لي سرقه مسجل العربية !! وستطرد عبدالمنعم تانى يوم ونحن لسه في الحراسة ساقو الراجل ذاتو لحراسة بحرى، وفي اليوم الخامس طلعونا سوا ساقونا لفسحة مركز بحري وقفونا في الفسحه أنا والشاب ذاتو ومعانا ناس تانى . وقفونا طابور وقالوا: امشوا مشينا زي خمسة أمتار، بعد شوية جابوا قصاص الأثر.. ابتدأ يمشي ويجي ويعاين بعدين رفع رأسه وقال ( الزول هنا مافى) أطلقوا سراحنا طوالى .. الواثق دى أخوى الصغير يعني أنت عارف .. صلتى بيه حميمه ... كنا بنلعب كورة سوا، زمالة الرياضة شئ جميل وشئ عظيم، مرة كان عندنا مهرجان رياضي في ميدان (الجهاد)في الشعبية، بعد نهاية المهرجان كنا قاعدين نرتاح ونتونس .. ظهر تاكسي، وراه طوالى عربيه ثان وقفوا جنبنا، نزل منهم ناس شايلين مسدسات قالوا : كلكم قوموا فوق .. يلا قوموا فوق ... منا فوق عاينو فينا كده أخذوا الواثق معاهم وكما اتنينزملا تانين واحد اسمه محمد والثانى ميسرة .. عاينوا لي بحزم وقالوا ممكن تجنب لهم غيار في مركز بحرى.. الجماعة طبعاً كانوا بي لبس الكورة.. ميسرة بس ما كان لاعب ولابس عادي.. العربية طلعت طويل ... رحت البيت شلت غيار للواثق ولصاحبنا محمد .. مالقيتهم في مركز بحري وطيب؟ قالوا نقلوهم نقطه كوبر .. بالسرعة دي؟ في نقطه بوليس كوبر أول حاجة تضرب عينيك الحراسة، يازول أول ما دخلت كده اشوف ليك محمد رابطين ايدينو بالكلباش مع حديد الباب طوالى جسمه كلو جارى دم .. سالت بسرعه: الواثق وين؟ قالوا ودوه نقطه كوكو .. بالسرعة دي؟ دخلت لقيت واحد لابس جلابيه بضرب الواثق بالعكاز ويقول ليهو أنت قايل نفسك وين؟ دى حلة كوكو، يضرب يضرب والواثق ثابت وفي شوية عساكر بوليس لابسي رسمي واقفين يتفرجوا ... لحظة زي البرق الواثق قبض من أبو جلابية العكاز، ودور فيهم كلهم ضرب
رحمه رابح الأم
ويكتفوا لحدي ما يهدأ ويقول ليه عشان ما تكشف حالنا مع الجيران زمان ما عندنا عناقريب كفايه يجي يلقاني راقده في الواطه .. لما يشوفني كده طوالى يبكى(عمري ما متأكده منو) قالت سوداء نبيلة السواد، طويله وجسدها يبدو قوياً، ولا توحي بالبدانه شلوخها مطارق، ليست شلوخاً عميقه ولكنها تستوقف العين قبل الخدين جاءت في ثوب بسيط أبيض زهيد الثمن.. لا أظن أنها تجاوزت الخمسين ... جميله. قال: الواثق كان أبوى وأخوى وأمى (اجهشت ببكاء حار جداً إستمر دقائق) بعد أن تماسكت قالت كل تصرفاته معاى من صغير احد ما كبر والله ما غلط علي بكلمه .. اشتغل في البابورات ما قصر، اشتغل في الجيش ما قصر .. قليل كتير كله للبيت ولي أخوانه لما كان في المدرسة يقش لي البيت، ويغسل العده ويساعدني وكمان يدق لي الشطه والبهارات ويختها في العلب .. هو فرق واخوانه فرق، ارسلو أي مكان يمشي ولو طلع يتعشي مع اصحابوه ما بنساني يجي شايل لي عشاي بكره الخمره .. أبوه بشرب كتير.. كان يشرب ويعمل مشاكل في البيت .. الواثق كان يزعل جداً من الحكاية دي .. طوالي يمسكو .. ويتنازل عن عنقريبه وينوم في الواطه .. كل حكايه دي سمعناها عند الناس بس .. لما مرقوه من السجن وعملنا ليه كرامه قال إلا يعرس .. كان خاطب، اتحنن وسار تاني يوم طوالى .. السبت كان دخلته، قال يا أمي الأحد عرس أختي، أختو فاطمة دي كانت مخطوبة قلت ليه يا ولدي أخرو شويه اصر علي رايو .. وتم عرس فاطمه كمان الواثق في امانه الله اتزوج، وسافر ، بعد ما سافر وجا عندو أخت مخطوبة ناداها قال ليها عرسك متين قالت : لسه قال تعرفي يا أمى أنا عايز أجهز لأخواتي كلهن عشان بالي يكون فاضي...
صباح الخير دراج العمر 70 سنة يعمل في النقل النهري باشبحار.. الميلاد: الصبابي بالخرطوم بحري.. التعليم الخلوة..
صفته أسود سواده بعض نبيل قصير القامة نوعا خفيف الحركة .. صحة جيده فيما تبدو ذلك الصباح قال: الولد ده الله يرحمه ويحسن اليه مما قام ما غلط علي، البلقاها كلها بناولها أمه ما بشرب سجاير ولا خمرة ولا سعوط .. لما يلقاني شارب وعامل دوشه يكتفني ويخلني في الأوضه عشان الجيران ما يسمعوا شئ .. أنا بشرب من المغصه محمول عندي في ضهري ده 6 بنات غير الماتو ما هيتي كلها مايه كام وعشرين.. وشغال في البابورات دي من سنة 42ّّ تصور وما اتقدمت في الشغل، تعرف الناس الكانوا بعوسوا لي الكسره في البابور حسي دي يقوا ريسين( من ريس الوابور) والحد حسي ماهيتو تحصل 400 أو 500 جنيه أنا ما زادت حاجه من 42 بس من بحار لي باشبحار ما بعرف اشتكي ولا اكتب طلب، مستني رب العالمين .. الخمره البشربها دي قروشه ما منى – من الأخوان يجي ماري واحد بالشارع من الجماعه المرتاحين البعرفهم اقوم اشتموا وأنا شبعان ( يعني سكران جداً) بكره يجي يناولني ويقول يا صباح الخير لو اديتك هسع بتشتمنى تاني؟ أقول ليه: لا .. اقبض منه أمشي الحله طوالى ويجي تاني اشتمه نعرف أنا زهجت من شغل البابورات ده أحسن يدوني حقوقي أعمل لي دكان أربي أولادي .. عندي الأعصاب، يودوني المصحه 15 يوم شهر شهر ونص وارجع الشغل تاني .. وتزيد علي لما اتذكر الولد الكتلوه ده قبال ده كان في الحراسة في المديريه رسل قال داير ضمانه., مشيت اضمنه القاضي سال ده ولدك؟ ورددها 3 مرات وقال: تحلف القسم .. اقسمت علي المصحف وبعد ده كله رفض ضمانتي قمت قلت ليه انت العملك قاضي منه؟ لأنك بليد والعملك قاضي أبلد منك ... عشان القانون ما بيخليك تحلفني علي الولد خاله، عشان الجنا بحلف عليه خاله أخو أمه، ويقول ده ود أختى، برضه ما نفع الكلام مولانا اباه ما قبل الضمانه ( لاحظ الشبه بين رأى صباح الخير في القاضي ورأي ابنه عبدالمنعم في وكيل العريف)
البوليس كان ورا الواثق طوالي أهم حاجه إنه كانه يكره كعامله البوليس للمواطنين في الحراسة ويقول ليهم خلوني أنا بدخل ليكم المتهمين بالذوق. وما بيسمعوا كلامه والحال في حاله ضرب ونهر وزجر إلخ .. قبال ده ودوه للقاضي وجابو اوراق القضية القاضي سأل البوليس ون المعروضات المسروقه؟ ماعندهم معروضات القاضي أمر: أمشي يا واثق خلاص مافي حاجه لكن الجماعه وراهو.
تعرف الطوارئ بتاعتم دي أنا ما سلمت منها .. قبضوني شارب مبسوط جلدوني,, ودي الحكايه ,, مره بالليل بشرب براي قدام البيت أيام الطوارئ ديك... شرابي كمل ... الليل سرح والرأس إتملا اتهيأ لي أنو طيارة الصباح جات .. ودي بتمر فوق راسي كل دقش واصحى بيها أن كنت نايم واشوفها ... أتارى الساعه كانت اتنين بس .. قمت مشيت بيت الدينكا .. صحيت مديرة البيت شايل الفاضي في ايدي ما كضبت عبت لي قزازتي لي عيبنه طلعت اقدل في الشارع قزازتي في إيدي بس في السكه لاقوني اتنين من الجيش شايلين سلاحهم .. واحد قال بالحرف: تعال يا عمو المسأله باظت، ما قاومت ابداً، عندي قلق شديد يجيني طوالي وزهج انا محمول يا زول الجماعه ساقوني ودوني علي المركز الجماعه في مركز بحري بعرفوني إعتزرو لي وقالوا: تعرف يا عم صباح الخير لو القبضوك ديل كانوا بوليس كنا اطلقنا سراحك لكن الجيش ده صعب نار اللحظه ديك يا دوب النباه في جامع السيد علي علي ابتدأ ينبه قالوا تمشي الدكتور للكشف مشيت.. زولك مما شافني بدون كشف قال سكران، جابوني الحراسة .. استلموا القروش المعاى فضل لي بس ريالين .. دخلتي الحراسه قفلو الباب نطوا فوقى المحتجزين، واحد يخنق وواحد يدافر وواحد يلكز .. كله ده عايزين القروش العندي .. ما لقوا حاجة فكونى بعد شوية شبكونى (يا أبو الواثق ما عندك سفه؟) قلت ليهم لما انتو عارفيني أبو الواثق عايزين تضربوني ليه.. إعتزروا إعتزار شديد.
القاضى سألني قلت ليهو أنا ما شربان لكن شايل دا اشربوا لأنى أبو بنات ومحمول .. ولازم أشرب ... القاضي حكم قال: عشان سنك حكمنا عليك بــ40 جلده و10 جنيه غرامه يعني يا صاحبي سخره وخم تراب الزازه بــ10 جنيه والغرامة 10 جنية غاظونى العساكر يدفقوا في العرقى في الأرض ويقولوا (والله عرقى شديد يا أبو الواثق) وما تنسي 40 جلدة .. أها ده ما بيجيب المغصة. وحكاية ثانية فيها قاضي كمان ده كان أيام الدنيا سمحه قبل البسموها الشريعه دي الدنيا نهار حار رسلت البت تجيب بن من الدكان، تعرف رأسي كان فار وعايز قهوة .. البت إتاخرت، طلعت حفيان بلباسي ودارع القميص في كتفي ومشيت أفتش ليها .. الرماضه حرقتنى شديد جات عربية اشرت ليها وقفت كان سايقها قاضى ساكن قدام في الحلة وابوه صاحبى والله وبعدين؟ يازول اتوكلت ونسيت البن والقهوة وأي حاجة ، يا زول ركبت حفيان ، ولبست العراقى جوه عربية مولانا، كان زول ظريف خلاص، سألني بي أدب (علي وين؟) قلت ليه... أمشي الله بفتح عليك، طوالى علي بيت كيدان الحبشية يا زول عندها كلوميت ومرايس تدوش الرأس .. والله مولانا ما سالني وكان ممكن يوديني السجن، نزلني وفات ... الحبضية لما فات صرخت وقالت: ويجيبك القاضي كمان اللحظة الأخيرة في "الشعبية" ترويها رحمة رابح (أم الواثق)
يوم في الصباح ..بدري دق الباب دق زي وقت الفطور كده .. قلت ده منو؟ قال عايز الداسق (بالدال والسين)، قلت (وقد شعرت باللعبة):الرسلك منو؟ قال: حسن أبو عنجه قلت ليهو : ما ممكن خسن مقطوع ايد وكراع وراقد مستشفي. الراجل قام مشى .. طوالي مشيت للواثق ومعاه عبدالكريم وقلت ليهم: دا واحد يسأل منك ورديت عليه واظنه بوليس .. الواثق ضحك وقال: عرفته بوليس كيف؟ ولكنه طلع يشوف مالقى زول ... أتاريه إختفى عند المكوجي وعبدالكريم لما طلع اكتشف الحكاية والراجل لما شعر مشي وغاب في الشارع واحده من بنات الجيران جايه علينا لقت الواثق بتحضر عشان يمرق قالت للواثق أوعى تمرق أنا لاقيت زول بتلفت بطريقه مريبه ويمكن يقبضك قال ليها الواثق:أنا ما عندي مشكله مع زول وعلاً طلعة الواثق البوليس ظهر تقول من تحت الواطه، ومشى علي الواثق ، الواثق حاول يرجع البيت، البوليس كورك ليه: أقيف أقيف .. لما سمعوا الكلام فاطمه بتي وصاحبتها جروا الواثق جوه البيت .. وهتفت للعسكري: الواثق اهو لو عايزو خشي ليه العسكري فات الواثق طلع تاني وقال لي: يمه الليله أنا عايز كسره بي ملاح أم رقيقه ... عشان أنا وأخواني نأكل ... عملت الملاح اليوم داك والكسرة .. لكن لا نحنا اكلنا ولا هو اكل ...
البوليس جه تاني كيف؟ كنت أغسل العدة . بايت لي ثوب في المويه ما عارف كان حاصل لي شنو .. دخلت علي الواثق لقا ودعمته في البيت قال ليه: قوم اكوى لي جلابية أطلع بيها . سمعنا في اللحظات ديك عربية الجيران دورت بسرعة وطلعت بسرعه .. زي الشايله ليها خير .. دقائق بعد كده الباب دق قمت علي الباب قلت - الزول دمنو؟ - ما يفتح لي زول ما يعرفه . أخير تقول إسمك - انا البوليس
فتحت الباب الواثق كان قاعد بي بنطلون وفنله .. البوليس دخل براحه ماشي علي الواثق، الواثق كمان ماشفه، مشي طوالى رأس بيت الجيران رفعت رأسي لقيت روسين البيوت الجنبنا كلها بوليس .. جات فاطمة بتي جارية لي اخوها وقالت إتخارج البوليس طوق البيت ... ما كان في فرصه .. طلع ليهم ... ضابط بوليس قبضو بعنف من اكتافه. الواثق نهره قال ليه: أنا ما بمشي معاك بالنف بالحسنه بمشي .. الضابط فكاه .. الشارع كله الميدان الكبير ده كله اتهيأ لينا مليان بوليس وكان عدد كبير منهم عشرات بعضهم شايلين مسدسات وفيهم الشايل بندق .. وسلاح كتير ... عربات كتيره والمحل اتملا ناس ... طلعوا المسدسات في وشه .. قال مهما كان ما بطلع إلا أغير هدومى، أنا ارتكبت جريمه ..؟ طلب الجلابية ديك ، فاطمة ناولته ليه بالحيطه .. أخته الصغيرة بدت تبكي بكاء شديد واحد ضابط قال ارفعوها في العربية ، الواثق نهره وقال بشده: أي واحد يهبش واحده من أخواتي ما حيحصل معاه طيب ... بعدين ركب في البوكس ورا وقال بعد ما ركب يا ضباط .. يا عساكر .. أنتو يا شعب أن بقيت حى في الدنيا دي بنتلاقى .. وأن مت خلاص).
بعد ما ساقوه البوليس رجع البيت تاني فتش في كل ركن فيه وحفروا الأرض واحد فيهم دخل ايده في زير المويه وقال إنو في سلاح جوه الزير دخلوا الأوضه شالوا تلفزيون وجهاز ستريو .. فتطمة بتي حصلتهم ومعاها فواتير الشراء خجلوا رجعوا التلفزيون والاستريو .. لسه الجمهور مالى الساحة خلق كتيركتير كتير ابتدأ البوليس يفرق فيهم بعنف، أعتقل بعضهم ولكن فكوهم طوالى .. هددوهم وقالوا: لو لقينا فيكم واحد في اي زمن جنب البيت ده ما حنسيبوا.
شالوا الواثق مركز بحري، ناس بحري قالوا مافي جريمة تحاكموا هنا ودوه أم درمان القسم الأوسط في المحكمة عرضوت قضية السوق الحر ما اتعرف عليه مشتري المسروقات، لكن أتعرف علي جماعه تانين وحاكموهم.
2/1 كلمة من فاطمه صباح الخير
أنا كنت بودي ليه الأكل في كل مرة يتسجن فيها وكان دايما يقول لي ويوصيني يافاطمة أوعى تتشاكلي في البيت مهما كان
الطريق إلي النهاية: رواية عبالكريم محمد خير
ختوه محبوس في القسم الأوسط أم درمان 2 يوم، قدم بعدها للمحكمة .. طلب محامي .. المحامي أيام الطوارئ السودا ما بتكلم ممنوع بس ينصح المتهم والمتهم هو البتكلم .. جابوا الشهود سته عساكر من بحري، والقضية في أم درمان تصور لكن كانوا مجهزين، حلفوا اسم الله بالزور، بعرف واحد اسمه صالح حسين وواحد تاني اسمه عليش .. بدون مستندات .. قالوا كان بضربنا .. نفس بوليس بحري الجبان ده ضربوا بالرصاص في العشش وكان نايم.. المكاشفي ما اداهو فرصه يدافع عن نفسه، كلما يطلب كلمه يتجاهلو ويدي الفرصه للعساكر، وفي الآخر قال ليهو: بكره نديك فرصه تدافع عن نفسك .. بعدين رفع الجلسه ورجع بعد دقائق وفاجأة بالحكم القاسي بعد الحيثيات إياها.. بعدها نطق بالحكم الواثق قال ليه: شكراً .. رحنا انتظرنا في كوبر وجبنا محامي يعمل استرحام عند عمر محمد الطيب .. النميري الله لا رحمه كان مسافر قابلنا الواثق في مكتب السجن سلمنا عليه، كان يضحك ويقول: القاضي ده مجنون أنا لم اقتل أحد .. قلنا ليه: إن شاء الله ما تحصل عوجه .. وبدينا نطارد الاسترحام مشينا نفتش عمر الطيب مشينا القصر، قالوا اللواء في القيادة العامة، فضلنا نفتش عليه من هنا يقولوا هنا .. وهنا وهنا لحد الساعة 2 صباح (أتذكر طائرة الصباح وسكره صباح الخير) .. قلنا نبدأ تاني يوم فجر .. كان يوم الجمعه ... مشينا السجن .. الواثق رفض يقابلنا قعدنا في الشارع .. الشمس طلعت فينا وكبرت.. ده يوم إعدامه .. أعدموه ونحنا بره سمعنا الخبر ... بكينا شديد ... جوا الناس قال: هوى الزول ده مات راجل قلنا: كيف؟ قالوا: لما ودوه المشنقه الشاويش أمر العسكري عشان يعلق الحبل الواثق قال ليه: تعال علقوا بي نفسك عشان تخلي للظلم ده الدنيا كلها
شيعه الوف من الناس .. وبكوه ... وقليلون من التقوا به واقل من عرفه
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حياة السر مديح (Re: فتحي البحيري)
|
فربما كنت ، يا حبيب ، تعني الآتية ، للحبيب خالد عويس Quote: قدح القهوة يبرد تدريجيا على مرأى من الأوراق المتناثرة هنا وهناك . خاصية الحبر تستحيل الى فوضي ، وتنسج فوق الأوراق مهاميز تنكش رواق القلب . والليل كائن أبدي يتسكع فى طرقاتي . يا هذه الحمي التي تستريح على مواعيدي . مجبر أنا على الرحيل المرّ ... عنك الى كل الأوبئة ، أعبيء صدري بالتبغ ، والتشرّد . المنافي تقصف أعمارنا ، وتهدينا الوهم . توسعنا تمزقا ، وتسلبنا فحولة التحليق . تشدّنا الى الأرض بمسامير ، وتجردنا من أغطية نومنا . تلك البلاد ، منحتنا جوازات "السلاحف" ، وعلمّتنا القريض . حرمتنا "فضيلة" الحرية ، وصادرت حبيباتنا القابعات خلف نهرها الجميل . نقشت وشمها على جلودنا وبعثت بنا الى بورصات الهجن . تمتمت على ماء غسلنا وعلّقت صلواتنا فوق نوافذ العدم . علمتنا الصهيل . أغرتنا بممارسة الحلم ، ثم غفت فوق صدورنا . تتأرجح زوارقنا الباحثة عن مرفأ يقبلنا . كل المرافيء أوصدت بحارها . وأطلقتنا للريح . قبضنا على رمل الأيام ، وسكبنا قصائدنا فى مرمي الرصاص . أطلقنا سيقاننا للدود . وحين شرقنا بالبكاء ، عاقبتنا بـــ"المنفي الانفرادي" !! غبار الأيام يدك حصوني . يلقمني ثدي أمي تارة أخري ، ويرضعني الدم . ينتشي بي الدخان ، ويستثنيني من معاودة النزيف . يتمشي الفراغ فى روحي . يجرحني صوت أمي وعينا حبيبتي . أفرّ من الجحيم الى الجحيم . تلتبس الأوقات المنسية . وأعثر على جثة مغني فى حنجرتي الخاوية . هل أمارس بعض الهتاف ؟ كـــــــن عونا لى يا رفيقي . كن يا صديقي جارحا كفاية لتنبئني أنني تائه ، ووحيد ، وحزين . كن يا صديقي واضحا حد القتل . بامكانك أن تشرح لى معني خفوتي ، واضمحلال نفوذي على الورق الملفوف حول جسدي . أخنق هذا الهتاف الكريه فى رئتي . أرسم بحبري جدولا للعبور . أو خذ دمي زيتا للقناديل . خذني الى مجري الدم . اصنع لى شلالات من نور الفجر . أغمض هذا الليل على جفنيّ . أعصب عيني هذي العتمة . وأمنحني راحة أن أموت على حافة حرف داو . أختصريني يا هذي البلاد فى عينيك . قولي للراحلين ... مهلا . قولي لهم وداعا ... حتي . أبكي عليهم قليلا . مقدور أن نتسوّل "وطن" . مقدور أن يشاد على لحمنا وعظمنا . مقدور أن يوشّي بالقصب ، ويقتات بالدمع ، ويمتص الحلوق . مقدور أن يقصّب بالوشاة ، ويكون بحجم فوهة "مدفع" . و.... يبكون عليك . فى كلّ المدن الملعونة يبكون عليك . المدن التي لا تجيد تفاصيلها وتزرع لعنتها فينا . "ساعدني كي أرحل عنك ... ساعدني كي أشفي منك " . ماذا ، اذا لم تكن ؟ وماذا اذا لم أكن ؟ "أخاف الطريق اللى ما يودي ليك " و" أعاف الصديق الما يهمبيك" . وهل تصلح الصبايا اللائي نصنعهّن من دخان السجائر يا صديقي الرضي كي يخففن عنا ، عناء البحث عن سمراء تحفظ لنا "ثقب الأوزون" و"توازن الأرض" و" رائحة البرسيم" ؟؟ مصرفك لم يمنحنا سوي "شيكات مرتدة" ، ولم يطعمنا غير خبز الغربة . أفرانك انطفأت ، وشعراؤك هاموا فى المدن الوسخة . المدن التى أرجعتهم "توابيت" . أطفالك غنّوا للحرب والهلاك . خوذاتهم اللامعة ، تتشفي من قلبي . وتطارد حقول الحنطة . جفّ اللوز الأبيض ، وأنسرح الهواء النتن . اصنع لى مراجيح من القهوة ، وعلمني أن اصطاد الشمس . علمني أن أبقي . الى أين يسافر الوطن ؟ وكيف ستبقي أمي دون وطن ؟ والى أين سيروح قبر أبي ؟ وحبيبتي .... كيف أحبها فى زرقة سماء لا تشبه سماءه ، وفى اطار "خطة وجدانية" لا تتسع لصباحاته ؟ هاتوا لى وطني . كيف أحيا دون ساقين ؟ وكيف أتنفس هواء غير عبيره ؟ عزيزي يحيي _ ها قد أتينا الى التفاصيل _ لا تقل لى أن أتاوا تشبه الى هذا الحد كادوقلي ، وأن أطفالها يتفننون فى مناداة القمر . أو أنهم يسرجون خيولهم فى مدارات الاستواء . لا تقل لى أن كيبيك تطابق سهول البطانة وحداءات رعاتها . كيف أنت يا صديقي ؟ هل راق لك سجائر غير "البرنجي" ، أو كسرة خالية من الذرة ؟ كيف تستطعمون "العصيدة" هناك ، وهل تمشون فى الجنازات ؟ كيف هو شكل الطريق ، وسحنات الناس ؟ أدرك أنك تفتقد غبار الخرطوم ، وبصات "الثورة" ، وعبور الجسر الى "بحري" ، واللواري التي تقطع الفيافي باتجاه الغرب . ادرك أنك فى حاجة لسيجارة توقدها بعود ثقاب وتدهس بقاياها على تراب "نظيف" . خيبات متراكمة يا صديقي حطت رحالها فوق ظهورنا . أجبرتنا على التمهل أمام يافطات الغربة ، وقطارات "تحت الأرض" . هل ابتلعت تلك البلاد "زرنيخ" ؟ ما أسعد أولئك الفلاحين الذين اكتفوا من الدنيا بشربة من حافة الجدول ، و"غداء للأبقار" و"بستلة" لبن آخر النهار . هل بدا لك أن تتأمل وجوه العابرين ذات صباح "هناك" ، لتكتب على وقع خطاهم قصة ما ؟ بدا لى فى لحظة طيش أن أكتب كلاما باللغة السرية . بدا لى ، أن العن هذا الظرف الطاحن ، والبوابات !! خذ يا رفيقي نفسا عميقا ، وحاول أن تتمدد تحت الشمس . أو تحت سقوف الليل ، وتعريشات الحزن الممتد . هل يبدو ذلك ناجحا فى صناعة وطن بديل . ستحصل على وطن "بليد" لا يشبه ما تتمدد تحت شمسه الدافئة ، وتغتسل فى أحزانه . لا عليك ، فحفنة من ترابه ، ستجعلك قادرا على الاحتفاظ بسلامة عقلك حين تدنيها وتشمّها وتشعر بالحنين يهطل فى اتجاه آخر . حفنة من ترابه ستخفف وقع الغربة ، وتجعل الأغنيات ممكنة . غنّي يا صديقي ، فليس لنا الا الغناء . |
| |
|
|
|
|
|
|
|