|
Re: الحاج وراث يحطم (كبير) الأوثان في معابد الإنقاذيين (وكثير) من المعارضين : عوفيت علي !! (Re: فتحي البحيري)
|
صحيفة الصحافة .. اليوم 26 فبراير 2007
الكاتب الاستاذ الحاج وراق
عمود .. مسارب الضئ
* أعلن الأستاذ/ علي محمود حسنين: (... بدأنا بداية جيدة عندما أثرنا مواضيع عديدة كمؤتمر القمة الافريقية وعمارة الرباط والفساد الذي لازمها وكشفناه... ولكن ما أن استبان هذا للحكومة حتى كشروا عن أنيابهم ومنعوني من الحديث... استبان لي انه لم يعد لدينا مجال لممارسة دورنا الرقابي المعارض بالبرلمان، وأصبح وجودنا عبارة عن ديكور يجمل وجهاً قبيحاً، ولذلك وبعد أن أيقنت من استحالة الاستمرار... أعلنت في مؤتمر القاهرة انني لن أعود للبرلمان...) من مقابلة معه أجراها الاستاذ/ زين العابدين العجب (آخر لحظة 24 فبراير). * هذا موقف تاريخي، ليس بسبب الموقف في ذاته، فهو موقف سياسي جزئي، ومثل هذه المواقف قابلة للاجتهاد، وربما يرى آخرون من نواب الحركة أو التجمع بأن لا تزال تتوفر امكانية ما لممارسة بعض الدور الرقابي من داخل البرلمان، وبمقدار ما يحققون ذلك فان بقاءهم ايجابي، ولكن، وغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع الاستاذ/ علي محمود، فان موقفه يكتسب أهميته الفارقة من زاوية أخرى، غير الزاوية السياسية المباشرة، وأعنى من دلالاته الاخلاقية! * تتحدث الماركسية - كنظرية للتغيير الاجتماعي - عن ثلاثة اشكال للنضال - الفكري والسياسي والنقابي (الاقتصادي)، ولو شئنا الدقة العلمية لاضفنا لها اشكالا أخرى لا تقل عنها أهمية، كالنضال العسكري، اضافة الى ما أسميه شخصياً بالنضال الاخلاقي. ذلك ان قوى السيطرة لا تعتمد على القمع والتهميش الاقتصادي والتضليل الايديولوجي، وحسب، وانما كذلك على اشاعة انماط سلوك معينة تبرر سيطرتها أو تصورها كحالة (طبيعية)! ولأن الكائن الانساني كائن (أخلاقي) بالتعريف، فما من قوى تغيير تستطيع ان تنجز مشروعاً جديداً دون أن تقدم بديلاً أخلاقياً لأنماط السلوك التي تشيعها القوى المسيطرة، ومثل هذا البديل، ولكونه أخلاقياً، فلا يمكن طرحه على المستوى الفكري وحده، وانما لا بد من تجسيده على مستوى الممارسة، أي كممارسة أخلاقية . هذا اضافة إلى أن قوى التغيير، وبمقدار تعبيرها عن مشروع اجتماعي جديد، فلا بد أن تشكل محضناً للقيم الجديدة - القيم المحفزة والدافعة واللازمة له! * بل ان أشكال النضال الثلاثة الأخرى لا يمكن تصورها بدون انتظامها بعقد الكفاح الأخلاقي، فما الذي يلهم قائدا نقابيا أو سياسيا لعدم التضحية بمصالح المجموع لأجل مصالحه الذاتية؟ بل وما الذي يجعله يتقدم الى منصة الاعدام بثبات فداء للمجموع، أهي مجرد (المصلحة) السياسية أو (المصلحة) الاقتصادية، قطعاً لا، هذه لا تكفي لوضع الأرواح على الأكف، إذن فهي الدافعية الأخلاقية. ومن هذه الزاوية يمكن فهم مقولة أحد كبار الثوريين بأنه لا يمكن الانتصار على (العدو) إلا بعد الانتصار على النفس أولاً - أي بالمجاهدة الأخلاقية! وهذه ليست لازمة للانتصار على العدو وحسب، وانما كذلك للانتصار اللاحق لمشروع التغيير، وإلا فان التغيير يتحول من تغيير (اجتماعي) حقيقي الى مجرد تغيير للشخوص! وهذه الزاوية نفسها التي تمكننا من فهم الحديث النبوي الشريف من أن الجهاد الأكبر جهاد النفس. وهي الزاوية ذاتها التي تجعلنا نفهم كيف ان ثورة عميقة كالثورة المهدية، بدأت أول ما بدأت، باعتراض (أخلاقي) من الامام المهدي على بذخ شيخه في مناسبة اجتماعية! * واذا كان يحلو للانقاذ ترداد مقولتها عن (اعادة صياغة) الانسان السوداني - وهي مقولة شمولية خاطئة ابتداءً -، إلا انها في الممارسة العملية لم تعد صياغة الكثيرين عبر الوعظ في المساجد أو بحملات شرطة أمن المجتمع، لقد أعادت صياغتهم عبر اقتصاد السوق المتوحش، مما يجعل عبد الرحيم حمدي أهم من كل برامج (الدعوة الشاملة)! * وإذ تستند الانقاذ في بقائها كنظام استبدادي على قيم شتى، كالخوف وقبول المذلة والمنافقة، إلا انه فيما يتعلق بموضوعنا، فان أهم ما تتعلق به حياة الانقاذ انما تسليع القيم - أي أخذ المجتمع والثقافة والأخلاق والدين الى السوق، وتحويلها هناك الى سلع قابلة للبيع والشراء! وما يميز د. نافع علي نافع عن غيره من قادة الانقاذ انه لم (يسلك) بعد في (الدبلوماسية)، فيعلن ما يضمره الآخرون، وقد باح بالسر حين نادى: (الداير يبقى وزير يجي المؤتمر الوطني)! وعلى أساس هذا التصور فان السياسة ليست مجالاً لخدمة الآخرين وانما سوق لعلاقات (الاستنفاع)! أي سوق لشراء الذمم لقاء المناصب والامتيازات! * وحين ننتقد تسليع القيم، فإننا لا نستبطن أية تصورات ساذجة، كأن ندعى بأن المال بلا قيمة، أو ندعو للدروشة، ولكنا ننتقد تحول المال من كونه وسيلة الى غاية، وننتقد سمة المطففين (أو الطفيليين بالمصطلح الدارج) في حبه (حباً جماً) أو تصنيمه كمعبود تزيغ له الابصار وتتوجه نحوه القلوب! وغض النظر عن الادعاءات (الكبيرة) للانقاذ فان ممارستها العملية انما تجنح لتصنيم المال كمعبود (أكبر)! وفي المقابل، فان قوى التغيير الاجتماعي، لا يمكنها ان تتبلور لحاملة لمشروع بديل، إلا بتبلورها ضمن منظومة قيمية جديدة، فاذا استمرت القوى السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، لا تضع هذه ضمن اجندتها فابشر بطول سلامة يا مربع ! * والافتراض الضمني لسوق النخاسة السياسية ان كل شخص قابل للبيع، بالمال أو بالمنصب، ويتنزل هذا الافتراض في التخطيط السياسي في تصور أن يكتفي نواب التجمع الوطني بوضعية الديكور في البرلمان، في مقابل صرفهم مكافآتهم الشهرية المليونية واستمتاعهم بما تمنحه بطاقة العضوية من امتيازات! وربما لم تنجح هذه (المقايضة) في صورتها الصافية مع غالبية نواب الحركة والتجمع! ولكن لسوق السياسة، صيغاً أخرى أكثر تعقيداً، وأشق على الممانعة، كصيغة الاعتماد على العادة وعلى العطالة الذاتية، فيدفن النائب رأسه في الروتين اليومي، فيتحول الى تقني، يركز على المهمة، دون أن يرفع رأسه ليتأمل في القضايا الأخلاقية: كأسئلة المغزي والمعنى والجدوى! ومثل هذا النائب الذي لا يتأمل في طبيعة البناء ويظل ينقل المداميك، يتحول الى صامولة في الترس، أو سقالة في بناء لا يعلم هو نفسه أهو سجن أم مستشفى!! ** ولكن الأستاذ/ علي محمود حسنين لم يقبل المقايضة الفجة الظاهرة، ولم يقبل أن يدفن رأسه عن أسئلة المغزي والجدوى، رفع رأسه ليتأمل، وليعلن بأن هناك ما هو (أكبر) من المنصب و(أكبر) من الامتيازات، ومن هنا يكتسب موقفه طابعه المهم والتاريخي، لا لاعلانه سقوط (هبل) الانقاذ، وحسب، وانما كذلك لاعلانه المدوى (ليس كل شيء، ولا كل شخص في السودان برسم البيع)! بوركت علي !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحاج وراث يحطم (كبير) الأوثان في معابد الإنقاذيين (وكثير) من المعارضين : عوفيت علي !! (Re: Mustafa Mahmoud)
|
عزيزي فتحي عرفنا الأستاذ علي محمود حسنين رجلا شجاعا ومناضلا جسورا وتاجا على رؤوس المناضلين منذ أيام الإنقاذ الأولى حين ولى "بعض" السياسيين الأدبار، واعتكف بعضهم في البيوت. وعهدناه على الموقف ذاته طيلة السنوات حالكة السواد منتصف التسعينات. وعرفناه صلبا وهو في البرلمان الحالي. وهذا الموقف - الذي يضاف لسجله الناصع - ليس غريبا عليه ولا على أمثاله من الذين أوفوا هذا الوطن العظيم الذي لطالما جعلوه قلادة تطوّق أعناقهم الكريمة. أحني هامتي لأستاذي علي محمود حسنين.
| |
|
|
|
|
|
|
|