فـزلـكـة قانونية عن الإستفتاء وحق تقرير المصير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-27-2010, 08:21 PM

صديق عبد الجبار
<aصديق عبد الجبار
تاريخ التسجيل: 03-07-2008
مجموع المشاركات: 9434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فـزلـكـة قانونية عن الإستفتاء وحق تقرير المصير

    Quote: إستفتاء شعب جنوب السودان في تقرير مصير جنوب السودان،

    ما بين:

    إهدار التاريخ النضالي المشترك .. و بناء مستقبل ديمقراطي سلمي مشترك

    ورقة أعدتها منظمة المحاميين البعثيين

    مقدمة:

    منذ توقيع إتفاقية السلام بين حكومة جمهورية السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان، في عام 2005، بعد مفاوضات سياسية متواصلة، مباشرة و غير مباشرة، إستمرت حوالي أربعة أعوام (من مايو 2002 و حتى ديسمبر 2004) في كل من كارن و مشاكوس و نيروبي و ناكورو و نانيوكي و نيفاشا في كينيا برعاية من الهيئة الحكومية المشتركة للتنمية (إيقاد)، والتي أثارت العديد من الموضوعات التي كانت تشكل محور النزاع بين الطرفين، على صعد، إقتسام الثروة و السلطة و الترتيبات الأمنية و إقتسام الثروة و السلطة و الأوضاع المتصلة بمناطق أبيي و جنوب كردفان (جبال النوبة) و جنوب النيل الأزرق،

    وقع الاطراف إتفاق نيفاشا في التاسع من يناير 2005، برعاية لصيقة من دولة كينيا و برعاية من دول الايقاد و الأمم المتحدة و الإتحاد الإفريقي و جامعة الدول العربية و عدد من مكونات المجتمع الدولي الأخرى و التي عرفت فيما بعد بإصدقاء الايقاد . معلنين نهاية الحرب و بداية فترة إنتقالية (ستة سنوات)، يتم فيها تنفيذ أحكام إتفاقية نيفاشا ، تحت إدارة حكومة مشتركة كما بينت ذلك إتفاقية إقتسام السلطة (26 مايو 2004).

    إتفاقية نيفاشا، الموقعة بين حكومة المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية، على الرغم من أنها كونت واقعاً سياسياً مغايراً عما كان سائداً قبلها، و أوقفت الصراع الدموي في الجنوب، تعد من المتغيرات الهامة في تاريخ السودان، إلا إنها إستطاعت في الإتجاه المعاكس أن تلعب دوراً حيوياً في تصعيد وتائر المطالبات الأقليمية، و إضعاف الحس القومي بتغذية روح الأنانية الأقليمية و الجهوية، إذ إنها حصرت عملية الحراك السياسي حول الصراع السياسي بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية بوصفهما المعنيان بإنفاذ إتفاق السلام، و بوصفهما المتنافسان الأوحدان على السلطة، في الوقت الذي تم فيه إقصاء كل الفاعلين في العملية السياسية سواء أن كانت أحزاب سياسية من جنوب السودان أو أحزاب سياسية من شماله، هذا الإقصاء جعل من كل الهموم التي تتناولها إتفاقية نيفاشا أو الدستور الإنتقالي، ليست مهام قوميه و كانها لا تعنى كل القوى السياسية، فصارت أكثر القضايا الحيوية، و أكثرها تعقيداً و مساساً بمستقبل السودان، تتم مناقشتها في إجتماعات مشتركة بين حزبي الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني. لذا ظل ما يعرف بأتفاق السلام، هو شأن ثنائي لا يعني سوى الأطراف الموقعة عليه، بحكم الألتزام الذي رتبه الطرفان على نفسيهما.

    وفقاً لأتفاق السلام، يتقاسم الطرفين الموقعين على الإتفاق، السلطة خلال فترة إنتقالية لمدة خمس سنوات تنتهي بإجراء تقرير المصير لجنوب السودان من خلال إستفتاء شعب جنوب السودان، و الذي ستنعقد إجراءاته في التاسع من شهر يناير 2011 (قبل ستة أشهر من إنتهاء الفترة الإنتقالية)، لتنتهي بذلك الفترة الإنتقالية التي ظل دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 هو الناظم القانوني لها.

    و مع قرب نهاية الفترة الإنتقالية، ما تزال أخطر القضايا وأشدها حساسيةً، عالقةً بين الشريكين تنتظر التنفيذ، في ظل أوضاع يلفها عدم الثقة و التوتر و غياب الرؤية. أهم تلك الموضوعات السياسية ذات الصلة بإنهاء الفترة الإنتقالية حسب إتفاقية نيفاشا 2005:

    1. الأستفتاء في جنوب السودان /وفي منطقة أبيي

    2. المشورة الشعبية لولايتي جنوب كردوفان و النيل الأزرق

    3. إنتخابات ولاية جنوب كردوفان

    4. رسم الحدود على طول الخط المحدد في 1 يناير 1956

    صدر قانون الإستفتاء لسنة 2009 في ظروف سياسية معقدة للغاية على صعيد العلاقة بين الطرفين الموقعين على إتفاقية السلام الشاملة (حكومة جمهورية السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان)، و برغم أهمية القانون و تأثيره المباشر على مستقبل السودان، لم يحظ هذا القانون بمناقشات كافية تجعل المواطنين على دراية بمضمونه، لا سيما المواطنين الذين لهم حق التصويت في الإستفتاء ( مواطني جنوب السودان )، كذلك أدت الأحداث السياسية المتسارعة الى الإنتباه الى الموضوعات العاجلة و تأجيل البحث و المناقشة في قانون الإستفتاء، في ظل الصراع السياسي بين الحكومة و المعارضة من أجل قانون الأمن الوطني و الترتيب للإنتخابات القومية، في أبريل 2010 تمت إجازة قانون الإستفتاء لسنة 2009.

    إن إجازة قانون الإستفتاء جاءت في سياق إنهاء جملة من القوانين اللآزمة لإنفاذ إتفاقية نيفاشا ، من بينها – بالإضافة لقانون الإستفتاء - قانون الأمن الوطني وقانون المشورة الشعبية.

    أولاً: الاطار القانوني للأستفتاء حول تقرير المصير

    أولاً : المواثيق الدولية:

    حق تقرير المصير حق عالمي، و هو مبدأ أساسي في القانون الدولي. نصت الفقرة الاولى من المادة الاولي من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، على إنه" لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".

    هذا المبدأ وجد طريقه للتشريع على الصعيد الدولي ليكون قاعدة قانونية تدفع بإستقلال الشعوب من قبضة الأستعمار الذي كان عند نهاية الحرب العالمية الثانية، يحتل جزءاً مقدراً من إفريقيا و أمريكا اللآتينية و آسيا و شبه الجزيرة الهندية، و تحفيز لتوسيع نطاق المبادئ و الأحكام التي إرتضها الشعوب في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لذا ، و على الرغم من القيمة العليا التي يضفيها الأعلان العالمي لحقوق الإنسان للحريات و الديمقراطية، إلا أن الشعوب التي تواثقت في ميثاق الأمم المتحدة، لم تكن وقتها ترغب في إستخدام تلك الأحكام كعامل لتفتيت الوحدة الوطنية لبلادهم، و إلا كانت عملت على تنظيمه بأحكام تفصيلية أكثر تعين في تطبيقه على أرض الواقع دون أن يكون سبباً في هدم الأستقرار و الأمن لبلادهم و الأقاليم التي تكون بلادهم جزءاً منها.

    لقد نبه حزبنا، حزب البعث العربي الإشتراكي، بقوة ، في بيانه المعنون "البعث و المخرج من الأزمة الوطنية الشاملة" في اغسطس1995 "الى عواقب الإندفاع في تبني شعار حق تقرير المصير، ذلك المبدأ الإنساني الذي جاء تلبيةً لنضالات الشعوب لتحقيق شخصيتها و ممارسة حقها في السيادة و الإستقلال و التحرر في مواجهة الأجنبي و الذي تفرضه الخصائص و المقومات القومية التامة للأمة المسلوبة السيادة في إختيار كياناتها و دولها المستقلة.

    ظهرت إتجاهات في أعقاب إنتهاء الحرب الباردة، تقول بإمكانية إعمال هذا الحق في بعض أقاليم للإنفصال عن الوطن الأم، و هذا ما دفع بعض الجماعات و القوى في ظل ظروف المرحلة الإنتقالية المسماة ب "النظام العالمي الجديد"، تحت مسوغ الدفاع عن حقوق الأنسان أو الأقليات التي تعاني نزاعات و صراعات مزمنة، الى المطالبة بحق تقرير المصير لها، دون أدنى مراعاة لحرمة سيادة الدول ووحدة ترابها كحقوق شرعية كفلتها المواثيق و المعاهدات الدولية، فضلاً على إنتهاك مبدأ راسخ في القانون الدولى العام ألا وهو مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة (كراسة "المشورة الشعبية" التي أعدتها تنظيمات حزب البعث العربي الإشتراكي في جنوب كردوفان و النيل ألأزرق، سبتمبر 2101 صفحة 7 ).

    ثانياً: أتفاقية السلام الشامل:

    و تعد هي الناظم الاساسي لاستفتاء جنوب السودان، والتي نصت في :

    برتوكول مشاكوس 2002، في المادة 2-5 على أنه"عند نهاية الفترة الانتقالية التي مدتها 6 سنوات، يكون هناك إستفتاء لشعب جنوب السودان تحت رقابة دولية، يتم تنظيمه بصورة مشتركة بواسطة حكومة السودان و الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان، لكي يؤكد وحدة السودان عن طريق التصويت لإعتماد نظام الحكم الذي تم وضعه بموجب إتفاقية السلام أو التصويت للإنفصال ".

    و حددت وثيقة "وسائل تنفيذ بروتكولي مشاكوس و اقتسام السلطة" الاجراءات و الوسائل المطلوبة لانجاز الاستفتاء، عبر تسلسل زمني متتابع.

    تتسلسل عمليات الاستفتاء كما حددتها وثيقة "وسائل التنفيذ"، وفقاً لما يلي:

    أ. إصدار قانون الاستفتاء

    ب. إنشاء مفوضية الاستفتاء

    ج . تسجيل الناخبين

    د. حملة تنويرية حول الاستفتاء

    هـ. التصويت

    ثالثاً: دستور السودان الانتقالي 2005:

    نصت المادة 222 على إنه"يجرى قبل سته أشهر من نهاية الفترة الانتقالية إستفتاء بأشراف دولي لمواطني الجنوب تنظمه مفوضية استفتاء جنوب السودان بالتعاون مع الحكومة القومية و حكومة جنوب السودان. يصوت مواطنو جنوب السودان أما (أ) لتأكيد الوحدة أو (ب) إختيار الانفصال".

    رابعاً: قانون الاستفتاء2009 :

    1. أقر حق تقرير المصير عبر الاستفتاء لشعب جنوب السودان،

    2. يكون في يوم 9 يناير 2011، (قبل ستة أشهر من إنتهاء الفترة الإنتقالية)

    3. في السودان أو أي مناطق أخرى (شمال السودان، كينيا، إثيوبيا، مصر، أوغندا، أستراليا، بريطانيا، أمريكا وكندا)،

    4. تقوم به مفوضية قومية مستقلة و بمراقبة دولية،

    ثانياً: تحديات إجراءات الإستفتاء

    نص قانون الأستفتاء لسنة 2009 على أن ينعقد الأستفتاء خلال سبعة أيام إبتدءاً من يوم 9 يناير 2011، و بشكل أساسي يواجه هذا الاستفتاء ثلاث مصاعب أساسية، نلخصها في:

    1. بطء إجراءات إستكمال إنشاء مفوضية الأستفتاء

    2. عدم إستكمال إجراءات رسم الحدود الجغرافية

    3. عدم ترتيب أوضاع ما بعد إنجاز الأستفتاء

    التوتر الأمني أكبر التحديات في الفترة ما بعد الإستفتاء:

    فضلاً على أن العامل الأمني ظل دائماً حاضراً في كل التحليلات التي تتناول الأوضاع المتصلة بالإستفتاء، و ظلت التحليلات الإستخباراتية و المتابعات الأمنية دائماً ما تؤشر المناطق التي تحمل عوامل إنفجار أمني، تأسيسياً على الظروف الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية (بما في ذلك علاقتها بطرفي إتفاق السلام) ، و لعل من أبرز المناطق التي تعيش مثل تلك الظروف و تجعلها عرضه لتدهور أمني كنتاج متلازم لعملية الإستفتاء و نتائجها، هي كما يلي:

    1. المنطقة الحدودية الواسعة بين الشمال و الجنوب، وكذلك كل من العاصمة في الجنوب (جوبا) و العاصمة في الشمال (الخرطوم).

    2. مواجهات عسكرية بين القوات المسلحة السودانية و الجيش الشعبي لتحرير السودان

    3. المنطقة التي تشهد تسليحاً عالياً حول أبيي و شرقها.

    4. منطقة ولاية النيل الأزرق و التي تشهد حضوراً سياسياً مميزاً للحركة الشعبية.

    5. المنطقة الواقعة بين جنوب كردوفان و شرق ولاية بحر الغزال، و التي تشهد تواجداً عسكرياً لطرفي إتفاقية السلام، و تمثل منطقة تداخل قبلي و إقليمي.

    6. منطقة جبال النوبة في ولاية جنوب كردوفان و التي من المتوقع أن تشهد تدخلاً عسكرياً و سياسياً من الحركة الشعبية تأسيساً على الشراكة التنظيمية القديمة المتصلة، فضلاً على التوافق الأيدولوجي و السياسي.

    7. مناطق التداخل القبلي على الحدود الجنوبية لولاية النيل الأبيض.

    ثالثاً: السيناريوهات المتوقعة

    السيناريو الأول: "سيناريو الوحدة" بدون إتفاق سياسي سلمي حول ترتيبات ما بعد الإستفتاء حول مسائل تأمين الحدود ، وقف إطلاق النار، هجرة القبائل الرعوية و المواطنة و الجنسية:

    هذا السيناريو له ظلاله المتمثلة فيما يلي:

    1. تأثر وضع تنظيم الحركة الشعبية في الجنوب، ووضعها القيادي في المجتمع، الأمر الذي قد ينجم عنه تمرد سياسي و عسكري تكون نتيجته إنسلاخ مجموعة من القيادات الميدانية/ العسكرية المتشددة و الداعمة لإتجاه الإنفصال داخل الحركة الشعبية، و بروز قيادات سياسية/مدنية جديد من خارج بنية الجيش الشعبي، تخلف القيادات الميدانية التي قادت العمل السياسي بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل.

    2. إعادة توزيع عائدات النفط بين الجنوب و الشمال، وفق أسس تتجاوز ما كانت قد أقرته إتفاقية السلام الشامل، تقرن حجم التنمية المطلوب في الجنوب بحجم العائدات الواجب تخصيصها لجنوب السودان.

    3. إحتمال تداخلات أمنية و عسكرية لبعض دول الجوار الأفريقي في أقاليم جنوب السودان.

    4. ظهور حالات نزاع و إشتباكات قبلية في جنوب السودان، مدعومة بعناصر (إنفصالية) عسكرية سابقة في الجيش الشعبي لتحرير السودان.

    5. حل و تفكيك الوحدات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة السودانية و الجيش الشعبي لتحرير السودان.

    السيناريو الثاني: "سيناريو الإنفصال بإتفاق سلمي" حول ترتيبات ما بعد الإستفتاء فيما يتصل بمسائل تأمين الحدود ، وقف إطلاق النار، هجرة القبائل الرعوية و المواطنة و الجنسية:

    لا ريب أن هذا السيناريو سيطلق عدد من التداعيات الجديدة ذات الطابع السياسي و الأداري، بتكوين الدولة الجديدة – الجارة الجنوبية الجديدة لدولة السودان - و تظل التحديات الأمنية و العسكرية قائمة بملامحها المعروفة.

    و لما كان الإتفاق السياسي السلمي قد سبق إجراءات الإستفتاء، فإن هذا السيناريو يتضمن إجراءات سلمية و تدابير متلاحقة ينجزها طرفي إتفاق السلام الشامل متى ما إقتضى الأمر ذلك، فأن هذا السيناريو أيضاً يظل الى حدٍ ما هو أحد السيناريوهات السلمية، إذ في إطاره يكون الطرفان قد وضعا قواعد مشتركة فيما يتصل بأكثر الموضوعات حساسية، ألا و هي موضوعات الحدود و الأمن و القبائل الرعوية و الجنسية والموارد و ديون و أصول الدولة، غيرها.

    و من بين أبرز النتائج و الآثآر التي يتضمنها هذا السيناريو:

    1. إذدياد نفوذ الحركة الشعبية في الجنوب بشكل مضطرد.

    2. من أكبر الأحتمالات أن يتضمن هذا السيناريو عدم التدخل السياسي- الأمني- اللوجستي في النزاع القائم في إقليم دارفور، إذ أن هذه النقطة، ستكون ضمن النقاط تم حسمها في الأتفاق السياسي بين الحزبين الشريكين.

    3. هجرة واسعة للقبائل، عابرةً للحدود المتفق عليها (من و الى)، حيث تختار بعض المجموعات القبلية الحدودية المناخ السياسي الذي تفضل أن تعيش في إطاره، مدفوعة بعوامل دينية، إثنية، إجتماعية أو إقتصادية.

    4. على الرغم من محدودية النزاعات بين القبائل الحدودية بين الشمال و الجنوب ، إلا أن الجيوب الأمنية و التوترات و النزاعات بين القبائل، و بين القبائل و الحكومة الأقليمية، سيتسع نطاقها في بعض أقاليم الجنوب.

    السيناريو الثالث: "سيناريو الإنفصال بدون إتفاق سلمي مسبق" حول ترتيبات ما بعد الإستفتاء فيما يتصل بمسائل تأمين الحدود ، وقف إطلاق النار، هجرة القبائل الرعوية و المواطنة و الجنسية و الديون و أصول الدولة:

    هذا السيناريو يحتمل إتساع نطاق دائرة الفوضي في بعض أنحاء البلاد، بما في ذلك الخرطوم و جوبا، وتكون منطقة أبيي أكثر المناطق احتمالاً للتأثر بأعمال عنف متبادلة.

    هذا السيناريو من أكثر السيناريوهات صعوبة على مستقبل العلاقة بين طرفي السودان، و ذو أمتدادات قاسية على أمن المواطنين الجنوبيين في شمال السودان، و الشماليين في جنوب السودان، أو في مناطق التماس.

    هذا السيناريو يحتمل أيضاً:

    1. أمنياً:

    · إحتدام الفوضي، و غياب الأستقرار و الأمن، لا سيما في منطقة أبيي، و مناطق أنتاج النفط. هذا الوضع الأمني بصورته السلبية، يتسع على نطاق جغرافي يمتد على طول الحدود الجغرافية بين طرفي السودان، مع تباين في حدة و تصاعد أعمال العنف من منطقة الى أخرى داخل ذلك الشريط.

    · تزايد خطر المواجهات المسلحة بين القوات المسلحة السودانية و الجيش الشعبي لتحرير السودان.

    · التدخل الأجنبي الدولى و الأقليمي بغرض فرض حماية للدولة الجديدة.

    · تحريك الشعب الجنوبي المساند للحركة الشعبية في الخرطوم، وحلفاء الحركة في ولايتي النيل الأزرق و جنوب كردوفان، يتوافق مع ردة فعل مقابلة توجهها أجهزة الأمن و الأستخبارات، تجعل الأمور دموية بشكل أشبه بأحداث الأحد الدامي في 1965 وبأحداث الأثنين المأساوية و التي أعقبت تسرب خبر مصرع جون قرنق في أغسطس 2005.

    · تعبئة و تحريك للعناصر الجنوبية المعارضة للحركة الشعبية في الشمال و في الجنوب.

    2. إقتصادياً: توقف الأنشطة الأقتصادية المشتركة، لا سيما أعمال التنقيب و تصدير النفط ، وإنعكاس ذلك على الأوضاع المعيشية و التنمية و الخدمات.

    3. النزوح:

    · إتساع نطاق تحركات النازحين و اللآجئين من والى جنوب السودان و إذدياد إعدادهم على النقاط الحدودية الآمنة، و تفاقم الأزمة الإنسانية.

    · التهجير القسري للجنوبيين من الشمال للضغط على الدولة الجديدة

    4. سياسياً:

    · إشتداد حالة البطش السياسي و مصادرة الحريات في شمال السودان و جنوب السودان.

    · في ظل هذا السيناريو يغيب أي دور سياسي للأحزاب السياسية في جنوب أو شمال السودان.

    · الدعم السياسي للحركات المسلحة في دارفور من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان.

    · ظهور تحالفات سياسية بين أحزاب جنوبية مع حزب المؤتمر الوطني

    · نمو إتجاهات إنفصالية داخل الحركات المسلحة الدارفورية، و تبدل أجندتها السياسية المعلنة، مما يعقد مسارات التفاوض السلمي بين الحركات و حكومة المؤتمر الوطني.

    السيناريو الرابع: "سيناريو الإتفاق السياسي بتمديد الفترة الإنتقالية" بين حزب المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية لتحرير السودان:

    هذا السيناريو يقتضي تمديد الفترة الإنتقالية ، و تمديد العمل بإتفاق نيفاشا لمدة زمنية جديدة، مع الإبقاء على حق جنوب السودان في تقرير المصير قائماً.

    من أبرز الملامح التي قد يتخذها هذا الإتفاق:

    1. إعادة توزيع الثروة على نحو يضمن فرصة أكبر للتنمية العاجلة في جنوب السودان.

    2. الأبقاء على الوضع الدستوري الكونفيدرالي لحكومة جنوب السودان.

    3. الإبقاء على الوضع الدستوري المتعلق بتكوين هيئة رئاسة الجمهورية، مع إحتمال خلق مقعد إضافي لنائب رئيس الجمهورية يخصص لإقليم دارفور.

    4. الإبقاء على نسب المشاركة في السلطة – في الجنوب و الشمال - بين طرفي الإتفاق.

    5. وضع قواعد ذات صلة بالترتيبات الأمنية الخاصة بقضايا المناطق الثلاثة ( أبيي، ولاية جنوب النيل الأزرق وولاية جنوب كردوفان)، مع تحديد آلية إدارة كل من المناطق الثلاثة خلال الفترة الإنتقالية الجديدة.

    6. تحديد وضع قانوني خاص بالعاصمة القومية، يراعي حقوق غير المسلمين فيها.

    هذا السيناريو يحتمل أيضاً التداعيات التالية:

    1. إتساع دائرة العمل السياسي لحزب المؤتمر الوطني، و ظهوره بمظهر المنتصر بخلق فرصة جديدة للوحدة الوطنية بين الشمال و الجنوب.

    2. أن يشهد البنيان التنظيمي للحركة الشعبية تصدعاً حاداً، قد ينجم عنه إنسلاخ قيادات سياسية و عسكرية مؤثرة، و تكوين جسد تنظيمي عسكري مناهض للإتفاق.

    3. توترات أمنية داخل إقليم جنوب السودان بين فصائل مسلحة تتخذ من المجموعات القبلية نقطة إنطلاق لها، و لن يكون لتلك الإنفلاتات الأمنية أي نظير أو إنعكاس على صعيد شمال السودان أو العاصمة (الخرطوم)، و لا حتى على صعيد المناطق الثلاثة.

    4. مثلما لن تشهد جبهة الحريات و الأنفراج السياسي أي تقدم، وتظل الأحزاب السياسية تلعب دوراً ديكورياً لا يؤثر في صياغة معطيات هذه الفترة الإنتقالية المقترحة.

    5. يتوقع إرتفاع في تصعيد العمل العسكري بين الحكومة و الفصائل المسلحة الدارفورية.

    رابعاً: الترتيبات الأولية التي تكتسب إلحاحاً قبل إجراء الإستفتاء

    )المادة 67 من قانون الإستفتاء(

    إن الأستفتاء، أصبح ، على الصعيدين السياسي و القانوني، أمراً يستلزم التعاطي معه وفق ما تستدعيه الحكمة الوطنية، و النظرة البعيدة لمستقبل السودان و شعبه في الجنوب و في الشمال، فالأمر يتطلب تفعيل إحساس الشراكة الوطنية، مثلما يتطلب التحرك بإتجاه صيانة الوحدة الوطنية بوصفها الغاية السامية، التي لو إستبعدنا الطموح السياسي لطرفي نيفاشا، ستظل هي الحل الأنجع لشعب السودان، و ستكون الترياق لكل المخاوف التي تحيط بمستقبل السودان.

    المرحلة المتبقية من عمر الفترة الإنتقالية، ومن تاريخ إنعقاد الأستفتاء، تظل قصيرة للغاية، و تستدعي الإسراع لإنجاز ما يمكن أن يساهم في صيانة التاريخ المشترك الطويل لشعبنا في الجنوب و الشمال، ضد الإستعمار و الديكتاتورية، بما فيها ديكتاتورية الجبهة القومية الأسلامية، و برنامجها الرجعي الذي – بجانب أمور أخرى- كان العامل الرئيسي في إشعال الحرب، وتغذيتها بالفتنة الدينية. المهام الوطنية في هذا الجانب يجب أن ترتقي الى مستوى المخاطر، وأن يشتمل الفعل في هذا الصدد الجوانب السياسية و القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية.

    الاحكام القانونية التي تحكم الترتيبات الاولية الواجب الاخذ بها قبل الشروع في إجراءات الاستفتاء، نصت عليها المادة 67 من قانون استفتاء شعب جنوب السودان، و الحكمة التي من المفترض أن يكون قد إبتغاها القانون، هي الوصول من خلال تلك الترتيبات الى خلق مناخ قانوني ، سياسي و إداري يجعل من الإجراءات تسير دونما أي تهديد و دونما أي إخلال من أي طرف من الأطراف. من الحكمة أن تذهب الأطراف جميعاً الى إنفاذ أحكام الفقرة الثانية من المادة 67 (سنتعرض لها لاحقاً) لترتيب الاوضاع الأولية تحسباً، في حالة أن شعب جنوب السودان إختار الأنفصال عن الدولة السودانية.

    لقد الزم قانون الإستفتاء في الفقرة 3 من المادة 67 طرفي إتفاقية السلام بأن يدخلا في مفاوضات تستهدف تحقيق إتفاق حول المسائل الجوهرية في مرحلة ما بعد الإستفتاء ، وأن تكون تلك المفاوضات في حضور كل المنظمات و الدول الموقعة على إتفاقية السلام.

    المسائل الجوهرية في مرحلة ما بعد الإستفتاء تم تحديدها في الفقرة 3 المشار اليها ،كما يلي بيانه:

    1. الجنسية و المواطنة

    2. العملة النقدية

    3. الخدمة المدنية

    4. وضعية الوحدات العسكرية المشتركة المدمجة

    5. الإتفاقيات و المعاهدات الدولية

    6. الأصول و الديون

    7. النفط ( حقول النفط ، إنتاج النفط ، ترحيل و نقل النفط و تصدير النفط)

    8. العقود والبيئة في حقول النفط

    9. المياه

    10. الثروة

    11. أي موضوعات أخرها يتفق الطرفين على مناقشتها.

    و بغض الطرف عن نتيجة الإستفتاء، فإن كل مقتضيات المادة 67 تظل مهمة للغاية و يجب على الأطراف أن يعملوا على تنفيذها قبل الشروع الفعلي في عمليات الإقتراع، بوصفها مسائل في غاية الأهمية و تحتل قائمة الأولويات في مرحلة ما قبل الإستفتاء.

    فيما يلي بعض الموضوعات التي تتصل بتنفيذ مقتضيات المادة 67:

    1. المسائل المتصلة بالجنسية السودانية و الملكية و الخدمة المدنية: تقضي المادة 67 من قانون الإستفتاء على الطرفين أن ينجزا ،على أعجل ما تمكن، إتفاقاً يهدف الى كفالة حقوق المواطنين دون أدنى تمييز على أرضية الإنتماء الأقليمي. و في ذلك يجب:

    تحديد الجنسية: تحديداً قانونياً دقيقاً، وبيان الخيارات المفضلة التي يمكن تبنيها في حالة الإنفصال، مثل خيار إذدواج الجنسية، وبيان الحقوق المتصلة بالمواطنين والحقوق المتصلة بغير المواطنين.

    الفئات ذات الأوضاع الخاصة: و من الجوانب المهمة التي يجب الإلتفات اليها في إطار تنفيذ موجهات المادة 67 من قانون الإستفتاء ، لا سيما في إطار تدارك النتائج السلبية على المواطنين في حالتي الإنفصال، هو ضرورة إتخاذ تدابير قانونية و إدارية و سياسية تتصل بحقوق المواطنين، لا سيما :

    1. الطلاب الجنوبيين الذين يدرسون في شمال السودان بغض الطرف عن المستوى الدراسي الذي فيه الطالب، و كذلك الحال بالنسبة للطلاب الشماليين الذين يدرسون في جنوب السودان، وهذا قد يشمل إعادة ترتيب اوضاعهم التعليمية في حال الإنفصال و الشهادات الأكاديمية و غيرها من موضوعات.

    2. المواطنين الذين تقتضي ظروفهم المعيشية عبور الحدود الإقليمية بين شمال السودان و جنوبه.

    3. الذين ينتمون الى مجموعات سكانية تنتمي الى منطقة تقع في الأقليمين (الجنوب و الشمال)

    4. الموظفين الشماليين في الدواوين الحكومية في جنوب السودان و الموظفين الحكوميين من جنوب السودان الذين يعملون في الديوان الحكومي في شمال السودان، و هذا الجانب يشمل وضعهم الوظيفي و حقوقهم الوظيفية من معاش او تأمين إجتماعي و غيرها

    الملكية الفردية: لابد أن يصل الطرفان الى إتفاق يقضي بحماية الملكية الفردية للأفراد سواء كانت أموالاً منقولة أو عقاراً ، سواء كانت في جنوب السودان أو في شماله سواء كانت مملوكة لمواطن من جنوب السودان أو من شمال السودان . هذه التدابير يجب أن تشمل الوضع القانوني للملكية و إقرار مبدأ التعويض المجزي عن أي مصادرة أو تلف تلحق بتلك الملكية.

    مبدأ عدم التمييز: التدابير التي وصت عليها المادة 67 تهدف الى العمل على إتخاذ إجراءات تشريعية، تؤكد على حقوق غير تمييزية للمواطنين في الجنوب و الشمال ، في حالتي الوحدة و الإنفصال ، وذلك كما يلي:

    1. عدم التمييز بين المواطنين على خلفية الإنتماء الأقليمي

    2. عدم فقدان الجنسية (بدون جنسية و بدون وطن)

    3. عدم التهجير القسري

    4. الحماية للاقليات


    2. المسائل المتصلة بالبترول و المياه: هذا الجانب من التدابير، يشمل التدابير الخاصة بحقول النفط و المصافي و خطوط أنابيب النفط، و الأنتاج، و العقود المبرمة، و البيئة ، و إدارة حقول النفط، و مصادر المياه. و التدابير المتصلة بهذا الجانب قد تشمل، ضمن أمور أخرى:

    في حالة الوحدة: ضمان توزيع عادل لعائدات البترول، و المساهمة المشتركة في إدارة أنتاجه و الأشراف عليه.

    في حالة الإنفصال: العمل للوصول الى إتفاق بخصوص التعاون المشترك بغرض الأستفادة من الموارد البترولية و عائداتها، و قد يتناول مثل هذا الأتفاق موضوعات هامة مثل:

    a. أنابيب البترول، إحتياطي النفط، الرسوم، التغييرات المحتملة في إدارة إنتاج و تجارة النفط.

    b. آلية فض النزاعات البترولية.

    c. الشركات الدولية أو الوطنية التي تربطها مع الحكومة السودانية عقود بشأن موضوعات متصلة بالنفط في السودان سواء كانت متصلة بإستخراج أو تجارة أو إدارة أو ترحيل النفط، و تحديد كيفية مراجعة عقود وإتفاقيات النفط .

    d. وضعية الشركات الحكومية أو المختلطة العاملة في مجال النفط.

    e. موضوعات البيئة المتصلة بإنتاج النفط.

    f. الكشف و بشفافية عن كل المعلومات المتصلة بالنفط بما فيها المعلومات الجيلوجية و محاولات التنقيب و دراسات الجدوى و تقارير بيوت الخبرة وغيرها.

    g. الكشف و بشفافية عن كل المعلومات المتصلة بالمياه بما فيها المعلومات الجيلوجية و دراسات الجدوى و تقارير بيوت الخبرة وغيرها.

    h. في حالة الانفصال وضع قواعد بخصوص الأستخدام المشترك لمياه النيل الأبيض.

    i. في حالة الانفصال وضع قواعد حول تقسيم حق السودان في استخدام مياه النيل وفقاً لإتفاقية مياه النيل لعام 1959 ، كأن يتم إعطاء حصة من مياه النيل (المخصصة للسودان في إتفاقية 1959) لجنوب السودان.

    j. المسائل المتصلة بالقوات المشتركة المدمجة و الأمن الوطني و الإستخبارات: تقتضي التدابير التي نصت عليها المادة 67 من قانون الإستفتاء أن يعمل طرفا إتفاقية السلام على ضمان تصفية سلمية لتلك القوات بدون أي إضرار بالموظفين العاملين و الضباط و المجندين العاملين في تلك القوات أو المؤسسات العسكرية أو شبه العسكرية، على أن تكون تلك التدابير متوفرة في الحالتين ، في حالة الوحدة أو حالة الإنفصال.

    k. الإتفاق بخصوص ترتيبات أمنية جديدة في حال كانت نتيجة الإستفتاء هي الوحدة.

    l. وضع خيارات جديدة حول تعاون القوات المتناظرة في الشئون الأمنية المشتركة، في حال كانت نتيجة الأستفتاء هي الإنفصال، ومن بين الأمور التي يتوقع أن يكون التعاون فيها مجدياً أمنياً، مسألة تأمين الحدود و التهريب و التسلح الغير قانوني، و غيرها.

    m. تحديد آلية حماية الحدود و الخيارات المتسقة مع الحالة السودانية، سواء في حالة الوحدة أو الإنفصال (تكوين قوة مشتركة لحماية الحدود، تكوين قوات مستقلة يتفق بخصوصها الأطراف، إستدعاء بعثة خاصة من الأمم المتحدة أو الأتحاد الأفريقي، أو بعثة هجين).

    3.المسائل المتصلة بالأتفاقيات و المعاهدات الدولية: هذا الجانب يكتسب أهمية في مرحلة ما بعد الإنفصال، إذا ما جاءت نتيجة الأستفتاء بالإنفصال، و من الضروري الإشارة بأن شمال السودان – في حالة الإنفصال – سيكون هو الوريث لتركة الإتفاقيات و المعاهدات الدولية التي أبرمها من قبل. في هذ الإطار من المهم الإتفاق حول المسائل بالجوانب التالية:

    a. تحديد وضع الإلتزامات الدولية التي إنخرط السودان فيها، على كافة الصعد الدولية و الإقليمية، سواء كانت بشكل جماعي أو بشكل ثنائي، و تحديد الوضع الذي عليه السودان إزاء تلك الإتفاقيات من حيث التحفظ على بعض البنود، أو من حيث التوقيع و المصادقة أو التجميد ... الخ.

    b. عمل تدابير مشتركة تؤطر العلاقة بين الطرفين في حالة الإنفصال، بخاصة في الأمور التي تشكل دوائر إهتمام مشتركة، مثل التعاون الفني في الشئون الخاصة بالتعليم و التبادل الثقافي/ العلمي و الشئون الإقتصادية و التجارة و الأمن و مسائل الهجرة و الجمارك و الدفاع المشترك و عدم العدوان و عدم التدخل في الشئون الداخلية و غيرها.

    4. الموضوعات المتصلة بالعملة والديون الخارجية و الأصول: هي من الموضوعات شديدة الإلتصاق بحالة الإنفصال. في شتى الأحوال يجب أن تتم الترتيبات المتعلقة بالأمور التالية:

    في حالة الإنفصال: سيكون من المهم جداً، الإتفاق حول إذا ما كان الطرفان يرغبات في إنشاء إتحاد إقتصادي يشمل العملة، أم أنهما لا يرغبان في إنشاء مثل ذلك الأتحاد الأقتصادي، و بالتالي يرغبان في إنشاء نظام إقتصادي مستقل و منفصل عن الآخر. أيضاً من التدابير اللازمة تحسباً لحالة الإنفصال، إعتماد كل التدابير التي تضمن ألإستقرار الأقتصادي للجانبين دون إحداث إضرار إقتصادية لا مبرر لها ، ووضع إتفاقية تعمل على توزيع الأحتياطي من العملة الأجنبية، و تقسيم الديون و الأصول بين الطرفين.

    في حالة الوحدة: وضع التدابير الخاصة بمراجعة مسالة الإذدواج البنكي و كافة الموضوعات المتصلة بالنظام البنكي، و المنهج الإقتصادي المتبع، وأيضاً من التدابير الواجب وضعها في حالة الوحدة، وضع تدابير خاصة بحل كافة المعضلات الموجودة بين الطرفين فيما يخص ملكية و طباعة و إنتاج العملة الوطنية، و الأحتياطي من العملة الصعبة،

    خامساً: التغييرات الدستورية التي يحدثها إنفصال جنوب السودان في تركيبة الدولة السودانية

    يخلق إنفصال جنوب السودان أوضاعاً دستورية جديدة، و ينهي فترة إتفاقية بين الحركة الشعبية لتحرير السودان و حكومة السودان و الذي كان قد شهدت توقيعه الختامي مدينة نيروبي في عام 2005 فيما أطلق عليه إتفاقية السلام الشامل. من بين أبرز التغيرات التي تحدثها نتيجة الاستفتاء في حالة كان التصويت من قبل المواطنيين الجنوبيين لصالح الانفصال عن الدولة السودانية، هي ما يلي من موضوعات دستورية:

    1. وضعية رئاسة الجمهورية

    2. وضعية البرلمان القومي (الهيئة التشريعية القومية)

    3. وضعية القوات / الوحدات العسكرية المشتركة / المدمجة، و مجلس الدفاع المشترك

    4. مصير الدستور الانتقالي

    بالطبع إن وضعية رئاسة الدولة من الامور السيادية و الجوهرية التي ترتبط إرتباطاً وثيقاً بسيادة الدولة، لذا كان من الحكمة تقرير وضعها في حالة إنفصال الجنوب، لا سيما أن رئاسة الجمهورية تتكون من أعضاء بالحركة الشعبية يمثلون جنوب السودان داخل البنية التنظيمية و الادارية لرئاسة الجمهورية . كان الدستور الانتقالي قد عالج هذه المسألة في مادته 69 الفقرة 1 منه.

    و كذلك وضعية الهيئة التشريعية القومية، و التي بها تمثيل للولايات الجنوبية و التي تدخل نطاق الحدود الجغرافية المعتمدة قبل الأول من يناير 1956، و هذا الوضع أيضاً عالجه الدستور الانتقالي لسنة2005 في مادته 118 بالنص على إنه في حال إختيار شعب جنوب السودان الإنفصال عن الدولة السودانية يتم إفراغ مقاعد البرلمان القومي من ممثلي الدوائر الإنتخابية في الولايات الجنوبية.

    أما الوحدات العسكرية المدمجة المشتركة، و هي قوات مكونة من أعداد متساوية من القوات المسلحة السودانية و الجيش الشعبي لتحرير السودان، و قد كان الدستور الإنتقالي قد نص عليها في المادة 145 منه، و قد حسم وضعيتها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة ،بحيث يكون وضعها بعد إجراءات الإستفتاء، و إذا كانت نتيجة التصويت في تقرير المصير لصالح الإنفصال ، بان تحل تلك الوحدات و أن تلحق العناصر المكونة لها بقواتها الأصلية.

    و قد تم وضع الدستور الإنتقالي لسنة 2005 بحيث ينظم العلاقة الدستورية بين طرفي الاتفاقية بين حكومة جمهورية السودان و الجيش/ الحركة الشعبية لتحرير السودان، فالدستور هو الإطار القانوني الداخلى المتفق عليه لإنفاذ الاتفاقية. لذا أشار الدستور في الفقرة 10 من المادة 226 على أنه إذا جاءت نتيجة الاستفتاء حول تقرير المصير لجنوب السودان لصالح الانفصال، فإن أبواب و فصول و مواد و فقرات و جداول الدستور الانتقالي لسنة 2005 ، التي تنص على مؤسسات جنوب السودان و تمثيله في الحكومة و المؤسسات القومية الفيدرالية و حقوقه و إلتزاماته تعتبر ملغاة من الدستور. و تفصيلاً لأحكام الفقرة 10 من المادة 226 من الدستور نجد أن بقية أحكام الدستور تظل باقية في شأن بقية شمال السودان الى حين إقرار دستور دائم للسودان أو تعديل الدستور الأنتقالي.

    وفقاً لأحكام الفقرة 10 من المادة 226 من الدستور ، بإلغاء الأحكام الدستورية ذات الصلة بمؤسسات إقليم جنوب السودان و تمثيله على المستوى القومي الفيدرالي، تكون الفترة الدستورية الإنتقالية، و التي كان ينظمها الدستور الإنتقالي لسنة 2005 قد إنتهت.

    الخاتمة

    إن التطور السياسي لقضية الجنوب في كل أحواله، منذ إعلان إستقلال السودان، كان يذهب دائماً في إتجاه الحرب، و التصعيد العنيف، كلما كانت الأوضاع السياسية على عموم السودان تلفها الديكتاتورية، فالديكتاتورية التي تتمترس في مواجهة العصيان و المقاومة بترسانة القوانين المقيدة و البطش السياسي و المصادرة على إطلاقها، تتخذ ملمحاً عسكرياً أكثر عنفاً في الجنوب حيث المطالب السياسية و الإقتصادية كانت دائما تكتسب إلحاحاً فائضاً عما هو في شمال القطر.

    و على ذات النسق، سارت ديكتاتورية الجبهة الإسلامية منذ الثلاثين من يونيو 1989، وأمعنت في إشعال الحرب في كل أركان السودان بقصد تدمير كل من يناهض أيدولوجيتها القمعية، الرأسمالية/ الطفيلية، الإرهابية المتزمتة، و لم تتواني و لو لمرة في التضحية بكل تاريخ البلاد من التسامح و التعايش على المستويات كافة، على رأسها المستويين السياسي و الإجتماعي، ولم تدخر من وسائل القمع أي شئ فجربت كل الفظائع على أبناء شعبنا حتى تضمن لذاتها ظروفاً للإستمرار على سدة الحكم، و كانت حربها الشعواء في جنوب السودان هي أحد الوسائل البكماء في تثبيت الديكتاتورية.

    لقد حدد حزب البعث العربي الإشتراكي، ومنذ، وقت مبكر من عمر إنقلاب يونيو 1989 ، في بيانه الصادر في أغسطس 1995، المشار اليه سابقاً، بأنه "كانت أهم تداعيات الإخفاق في معالجة أوضاع الجنوب و تأمين الحل السلمي و الديمقراطي له، التصعيد و التصعيد المضاد الموسعين ، هو إنتعاش النزعات الأنفصالية التي عبد النظام طريقها بسياساته المعزولة و منها الإعلان عن التطبيق الجغرافي لقوانين سبتمبر 1983 (القانون الجنائي 1991) بإسم الشريعة و تطبيق الفيدرالية بمحتواها البيروقراطي القبلي، التي أشاعت الإحباط و أساءت لمفاهيم المواطنة و أشاعت الإضطرابات في أجزاء متفرقة من البلاد".

    و لما دارت على الأنقلابيين الدائرة، واصبحت الحرب ليست هي الوسيلة الناجعة للبلوغ لغاياتها وقعت إتفاقاً تحت الضغوط الإقليمية و الدولية، رهنت فيه البلاد الى جملة غير محصورة من الإحكام القانونية، دونما أدنى إعتبار لرأي أبناء هذا الوطن في شماله أو في جنوبه، و بصورة إقصائية متكررة، و بإرادة منفردة وقعت إتفاقاً يقضي – ضمن أشياء أخرى- بإجراء إستفتاء يقرر من خلاله مواطنو جنوب السودان مصير جنوب السودان عبر الاستفتاء (بالبقاء في ظل السودان الموحد أو الإنفصال عنه و تكوين دولة مستقلة) في يوم 9 يناير 2010.

    هكذا إذن أعطت إتفاقات نيفاشا بعض مواطني السودان، بل لبعض مواطني جنوب السودان، حق تقرير مستقبل كل السودان، لأن الإنفصال وفق عرضنا السابق لا يتأثر به فقط جنوب السودان بل يمتد أثره ليشمل ليس شمال السودان فحسب بل يشمل بعض بلدان الجوار الافريقية، ليهدم بذلك التاريخ النضالي المشترك لأبناء السودان في شماله و جنوبه من أجل وحدة القطر و تنميته و إستقراره، و يطعن كذلك في الصميم ما توافق عليه زعماء إفريقيا في القمة الثانية لمنظمة الوحدة الأفريقية في القاهرة عام 1964، بخصوص الحفاظ على الحدود التي خلفها الإستعمار عند مغادرته القارة.

    و مع الإقرار أن الوضع في جنوب السودان، تعوذه التدابير الخاصة التي تضمن إستيعاب خصوصية قضيته ضمن القضية الوطنية و ليس بمعزل عنها، فإن ما تؤكده التجربة الإنسانية، إن الإنفصال و التشظي لم يكن خيار الشمال الكوني المتقدم، الذي بكل إمكانياته يمضي قدماً نحو مزيد من التوسع، و بالضرورة تشظي السودان بإنفصال جنوبه، - بوصفه جزءاً من الجنوب الكوني المتخلف- لن يزيده إلا تخلفاً.

    وفي الختام، نرى أن الإستراتيجية الوطنية، للتصدى لمحاولات التفتيت، التي يسعى الديكتاتوريون في الشمال و الجنوب إلى إعمالها تلبيةً لنذواتهم و تطلعاتهم السياسية، هي التأكيد على الرؤية التي اقرها حزبنا، في بيان أغسطس 1995 الذي دعى إلى "مد الجسور بين القوى المؤمنة بوحدة السودان و تقدمه في الشمال و الجنوب و بلورة القناعات بعيداً عن مغريات الوعود السهلة و المواقف المظهرية البخسة لأن أكبر الضربات التي لحقت بالعلاقات بين شقي الحركة السياسية – الجنوبية و الشمالية – هو عدم مصداقية الزعامات التقليدية و الأنظمة الشمولية في تعاملها مع الجنوب و قضيته على أسس مبدئية، ... ، إضافة الى إستعدادها لتغطية أخطاء بعض النخب الجنوبية التي ساهمت في إجهاض التجربة الإستقلالية و في تقييد مخاضاتها الديمقراطية، مما عرضها الى الفشل المتكرر و أفضى الى إبراز نزاعات التعصب العنصري و الديني التفريقية المنغلقة وسط فئات في الشمال و الجنوب التي ظلت تهدد تجسير علائق الإخاء الوطني و وتعمل على تفتيت البلاد و كبح دور السودان المتفاعل مع محيطه القومي العربي الطبيعي و إقامة علاقة حسن الجوار مع الدول الأفريقية المحيطة بالسودان" .
                  

09-27-2010, 08:39 PM

صديق عبد الجبار
<aصديق عبد الجبار
تاريخ التسجيل: 03-07-2008
مجموع المشاركات: 9434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فـزلـكـة قانونية عن الإستفتاء وحق تقرير المصير (Re: صديق عبد الجبار)

    ملحوظة هامة:-

    ** نقلنا لهذه الورقة لا يعني بالضرورة أننا نوافق على كل ما جاء فيها.

    ** ولكننا نعتقد بأنها ورقة هامة وتستحق القراءة والدراسة.

    مع تحياتي وتقديري

    أبوفواز
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de