|
الوحدة الكاذبة
|
من السلبيات التي اشتهر بها الشعب السوداني – ولا زال – استسهال الأِشياء، أو ابتذالها، والاثنان سيان عندي، فالاستسهال يؤدي إلى الابتذال أو العكس تماماً، أقول هذا وقد بدأت أكبر عملية استسهال بالسودان، وهي مايعرف بجعل الوحدة جاذبة.. أو.. كما يقولون.! عقب إعلان نتيجة الانتخابات مباشرة، نشطت عدة جهات مدنية للدفاع عن وحدة السودان، ولم أتطرق – هنا – للجهات الرسمية لأنها انتهت من الموضوع بالفعل وتبقى المسألة – للحركة الشعبية والمؤتمر الوطني – مسألة وقت وإجراء استفتاء صوري، بنفس الكيفية التي تمت بها "الانتحابات" بالحاء وليس الخاء. الجهات التي نشطت في ابتذال موضوع الوحدة، ابتدرت نشاطها بذات العقلية القديمة، وآليتها المفضلة "الاستسهال"، وأذكر أن صحيفة أعلنت عن إيفاد كل محرريها إلى جنوب السودان من أجل الوحدة، والتي لن تكون بهذه الطريقة "جاذبة"، بل أنها سوف تكون - وفقاً للإعلان الذي شغل صفحة كاملة بها صور المحررين والجهات التي ينوون الذهاب إليها - سوف تكون وحدة "كاذبة".! صحيفة أخرى تناولت الموضوع من "زاوية حادة" وأفردت 90% من صفحاتها في أحد أيام الأسبوع للجنوبيين "بدون مناسبة كدة" سوى أنها، أي الصحيفة تريد أن تسهم في جعل الوحدة جاذبة ! وملأت الصحيفة صفحاتها بالنجوم الجنوبيين في مجالات السياسة والاقتصاد والفن والرياضة. وما حدث لم يكن أمراً غريباً أو شاذاً فالثابت هو أن أجهزة إعلامنا الإلكترونية "الإذاعة والتليفزيون" ظلت تدعو للوحدة الجاذبة منذ أن "تنافشت" الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في اتفاقية "النفش" العجيبة والتي لا تزال آثارها "الانتفاشية" ماثلة للعيان، وليس بالصور وحدها نمنع الانفصال، وهذا لا يعني أنني أقصد "بالصورة والصوت"... "وفيفيان ياخوانا جنوبية.. ضوت ليل الخرطوم ".! وأخيراً خرجت علينا مجموعة اسمها "عشان بلدنا" وتهدف المجموعة التي تضم أبرز المبدعين في مجال الشعر والموسيقى والفنون الأخرى، تهدف لجعل الوحدة جاذبة، وذلك بالسفر إلى جنوب السودان، وإقامة الأفراح والليالي الملاح والسهر حتى الساعات الأولى من الصباح وبذلك - حسب عملية الاستسهال الكبرى – فإن الجنوبيين سوف يصوتون لصالح الوحدة.. أو كما قالوا لنا.! وللأسف الشديد فإن كل الجماعات التي تمتلك - فقط - حسن النية، لم توضح للرأي العام.. ماذا يعني انفصال الجنوب؟ بمعنى آخر لم تقم حتى الآن دراسات جادة - في الشمال أو الجنوب – توضح بالأرقام المكاسب والخسائر للطرفين من عمليتي الوحدة أو الانفصال. إن الرقص والغناء في مدن الجنوب الحبيب لن يجعل الجنوبيين يصوتون لصالح الوحدة، كما أن تحميل الشماليين – كلهم - مسئولية الوحدة الجاذبة فيه نوع سخيف من الابتذال.. والأسوأ من كل هذا.. الابتزاز الذي يمارسه قادة الحركة الشعبية والذي بسببه ضحوا بالفرصة التاريخية لإعادة إنتاج القيم الوطنية.. وينطبق هذا القول على "صقور" المؤتمر الوطني، خاصة وأنّ قيادة هذا الحزب كانت تغض الطرف عن أسوأ أنواع العنصرية والتي كانت تقوم بها صحيفة "مؤتمرية وطنية" هدفها الوحيد هو فصل الجنوب ولم توقف الصحيفة الا بعد ان هاجمت العقيد القذافي!
|
|
|
|
|
|