|
|
 هاشم وعملية توسيع الهامش
|
نجحت الأجهزة الاعلامية الثلاثة ، الاذاعة وقناة النيل الازرق في جذب الاستاذ هاشم صديق الكاتب والناقد الدرامي والشاعر والاكاديمي المعروف ليطل ويقدم محتلف اشكال العمل الاعلامي ، وكان هاشم قد امتنع عن المشاركة عبر الاجهزة الاعلامية الحكومية لسنوات عديدة ، رغم أنه بادر بالمشاركة عبر برنامج دراما (90) في عز موجة المقاطعة الشاملة التي بدأت منذ انقلاب الانقاذ في الثلاثين من مايو ، وترحيبي بمشاركة هاشم صديق لايعني طعنا ً في الذين امتنعوا عن المشاركة ، بالعكس فقد احترمت جدا ً رأيهم ورغبتهم ، وبالطبع فإن اختلاف الاراء لايفسد للود قضية ..
وكان هاشم واضحا ً وصريحا ً في عودته والتي نشرتها معظم الصحف اذ "اكد سعادته بالعودة للعمل بالتلفزيون القومي بعد سبعة عشر عاما من الغياب ، مؤكدا ً ان هذه الاجهزة الاعلامية القومية ملك للشعب السوداني ومفتوحة لكل المبدعين "
وقبل ان يعلن هاشم عن عودته للعمل بالتلفزيون والتعاون في اعداد وتقديم البرامج ، اعلن عن عودته للاذاعة والتي تربطه بها صلات قوية ، وكذلك عبر عن عدم مقاطعته لقناة النيل الازرق ، وبالفعل طل من خلال هذه القناة عبر برنامج "العودة الى النهر " والذي قدمته الزميلة نسرين النمر ، وقد وجدت هذه الحلقة صدى كبيرا عبر مختلف الوسائط الاعلامية .
اعلم تماما ً أن عودة هاشم صديق للاطلالة عبر الاجهزة الاعلامية الرسمية لن تعجب الكثيرين وقد يعتبرها البعض نجاحا ً للإسلاميين وضربة قاضية للديمقراطية ، وكسرا ً لطوق العزلة الذى ضربه الكثيرون على مختلف الاجهزة التي يديرها منسوبو حزب المؤتمر الوطني في السودان .
لكن الثابت أن هذه الاجهزة – كما قال هاشم صديق – ملك للشعب السوداني ، ويضاف الى ذلك انها متاحة لملايين الغلابة من الذين لايملكون خيارات "الريموت كنترول " ، ويبقى الرهان على الكيفية التي يظهر بها هاشم صديق أو غيره من المبدعين ، ومدى هامش الحرية الموجود في هذه الاجهزة وكيفية توسيع هذا الهامش ، من خلال الموضوعية والإنضباط المهني ووالقدرة على العمل وسط القوانين "الحساسة " والأجواء "الوسواسة " التي يعيش فيها العاملون في ههذ الاجهزة والتي جعلت البعض ملكيا ً اكثر من "الملك " المزعوم نفسه !
إن كافة المبدعين السودانيين مطالبون بالاطلالة عبر الاجهزة القومية دون ان يقدمو تنازلات في مواقفهم وثوابتهم ، لكن يجب – ايضا ً – ألا ّ يطلعوا عبر هذه الاجهزة بلغة وطريقة اركان النقاش في جامعات مابعد الإنقاذ .
وفي تقديري أن المبدع الحقيقي يستطيع توصيل افكاره وابداعاته مهما كانت قسوة مقص الرقيب ، والدليل على ذلك ان المبدعين المصريين ظلوا يقدمون ابداعاهم ويظهرون على كافة الوسائط الاعلامية المصرية قرابة نصف قرن من حكم الطوارئ المستدام ..
القاعدة في الاعلام هي أن الفراغ الإعلامي يتم ملؤه بأي شيئ ومن الافضل لنا أن نحصل على 40% من افكار امثال هاشم صديق ، بدلا ً من يمتلئ الفضاء "100%" بالرجرجة والدهماء وأنصاف المتخلفين وتشكيل الرأي العام لا ينتظر أحدا.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست