|
Re: محجوب شريف وأحمد فؤا نجم...أعمام الوادى (Re: خالد خليل محمد بحر)
|
ما يجمع بين الشاعر السوداني محجوب شريف والشاعر المصري أحمد فؤاد نجم, أكثر من حالة كونهما من قراض الشعر جهيري الشهرة في الجغرافيا الموسومة بوادي النيل, ما يجمع بينهما لحد التناص هو تشابه مساراتهما الحياتية على مستوى المشروع الإبداعي شعرا، وتحديدا عبر بوابة الشعر الثوري المنظوم باللغة العامية الذي مثل سمة مائزة لمشروعيهما الشعريين وعَمدهُما أميرين للشعر العامي في فسيفساء وادي النيل. وتمضي حالة التشابه تلك على مستوى الانغماس في دهاليز العمل العام عبر بوابة اليسار، اليسار بكل مقولاته المنحازة لقيم العدالة الاجتماعية والباحثة عن تأسيس واقع مغاير تتقزم فيه مساحات التفاوتات الطبقية وتعلو فيه القيم الإنسانية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محجوب شريف وأحمد فؤا نجم...أعمام الوادى (Re: خالد خليل محمد بحر)
|
قلنا إن شاعرينا ولجا إلى العمل العام عبر بوابة اليسار، وتحديدا من خلال حزب (الطبقة العاملة)، الحزب الشيوعي هنا وهناك بطبيعة الحال، مؤخرا انضم أحمد فؤاد نجم لحزب الوفد المصري.. وهل انتهت حالة التشابه تلك عند هذا الحد...؟ الإجابة حاضرة بكثافة, يدلل على حضورها أن كلا الشاعرين ارتبطت مسيرته الشعرية بفنان يموسق قصائده ويضخ في أوردتها موسيقى وألحان تنضاف للموسيقى الداخلية للقصيدة عندياتهما, وترفد ذائقة المتلقي بقيم جمالية جديدة, لذا ارتبطت قصائد محجوب شريف باستمرار بالفنان محمد وردي الذي تغنى بالعديد من أشعار محجوب شريف ومنذ وقت مبكر جدا، وتظل قصيدة (يا شعبا لهبك ثوريتك) وقصيدة (مساجينك) هما أوضح ثمرات ذلك التعاون بين الشاعر محجوب شريف والفنان محمد وردي. أما أحمد فؤاد نجم فهو الآخر ارتبطت مسيرته الشعرية بفنان أضاف لقصائده بعدا آخر وأعاد تسكينها في ذائقة المتلقي المصري بأوضح ما يكون, لتستحيل في النهاية إلى أيقونات يستدعيها المواطن المصري ويرددها متى ما حاصرته الخطوب, ذلكم هو الفنان الشيخ إمام الذي برع في أداء قصائد أحمد فؤاد نجم أيما براعة، وأثمر التعاون بينهما عن تراث غنائي شكل إضافة للمشهد الثقافي المصري. وتتسع مساحة التشابهات بين محجوب شريف وأحمد فؤاد نجم لتستدعي تراثا من المنازلات التي لم تنته بين (أعمام الوادي) والعسف والاعتساف بكل أشكاله وتشكيلاته بكل نسخه واستنساخاته, والتي طبعت مدار تاريخيهما الطويل والمكتنز بكل أنواع المواجهة المباشرة مع الدكتاتوريات والأنظمة الشمولية, ليدفعا ثمن انحيازهما لقيم العدالة الاجتماعية والحق والحقيقة سنوات لا تُحصى في غياهب السجون وأقبية المعتقلات امتدت لما يقارب عقدين من الزمن, لم تنل من عزيمتهما على الإطلاق, وإنما شكلت أداة دفع لبلورة مشروعيهما الشعرى والإنسانى، وإشعال جذوته حينا بعد حين. كيف لا والمتأمل في مشروعيهما (في بعده الشعري) يلحظ أن أعظم قصائدهما كتبت (في ذات اعتقال) لتصبح (منفستوهات) تُلخص جُبن الظالم وشجاعة المظلوم، ولتكون مرجعيات صقلتها التجربة لكيفية هزيمة الذل والهوان بقصيدة, ولتغدو ملحميات يرددها الشارع في أزمان المِحن وسنوات الإحَن، ونظرة واحدة لقصيدة (يا والدة يا مريم) للشاعر محجوب شريف التي تمت حياكتها في سجن كوبر تكفي لتدلل على ذلك, وسياحة سريعة في قصيدة (بوتيكات) للشاعر أحمد فؤاد نجم، التي قُرضت في سجن الاستئناف في مصر تكفي لتأكيد فرضية أن أمثال الشاعرين محجوب شريف وأحمد فؤاد لديهم علاقة مودة لا تنتهي مع الاعتقال، لا لشيء سوى أنه يوفر لهما (مادة خام) لاستيلاد حالة إبداعية عالية الزخم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محجوب شريف وأحمد فؤا نجم...أعمام الوادى (Re: خالد خليل محمد بحر)
|
والمدهش أنه رغم أجواء المطاردات الأمنية التي ظلت تلاحقهما والتضييق الإعلامي من قبل الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة، إلا أنهما ظلا يشكلان حضورا أنيقا في وجدان المتلقي هنا وهناك، كيف لا وهما في الأساس يستمدان مشروعية مشروعيهما وديمومتهما من المواطن البسيط ، المغلوب على أمره, والذي يتعامل مع قصائدهما كـ(عرضحال) يلخص بؤس الراهن الاجتماعي والسياسي، ومصل واقٍ من التورط في حيل وأحابيل المؤسسة الرسمية التي تحاول عرض الواقع, عرضا رغبويا, يغالط الحقائق على الأرض, ويقدم تصورات لا تمت للواقع بصلة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محجوب شريف وأحمد فؤا نجم...أعمام الوادى (Re: خالد خليل محمد بحر)
|
إذن، بين محجوب شريف الذي ظل يكتب لكي يوقظ الضمير الإنساني كما وسمه الكاتب العراقي يحيى غازي الأميري, ومحمد فؤاد نجم الموسوم بالشاعر البندقية من قبل الدكتور علي الراعي تشكل مشروع شعري عالي الأُفق والآفاق الإنسانية المفتوحة على الهم الاجتماعي والسياسي في آن. وليس كغيره من المشاريع الأُخرى التي توقفت عند تخوم النقد والتبرُم مما هو كائن, ولكن من خلال البحث الدؤوب عن تأسيس فضاءات إنسانية مغايرة, من خلال الرهان على المفردة, المفردة البسيطة المحتوى العميقة المضمون, التي تفصح بجرأة عن مكنونات مواطني وادي النيل وتطلعاتهم المشروعة في العيش في كنف حياة آمنة وكريمة ومستقرة ومفعمة بالأمل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محجوب شريف وأحمد فؤا نجم...أعمام الوادى (Re: خالد خليل محمد بحر)
|
وما بين استخدام الشعر كأداة لإيقاظ الضمير الإنساني عند محجوب شريف، واستخدامه كوقود لمنازلة الظلم والعسف من قبل أحمد فؤاد نجم، تشكل المشروع الشعري الأبرز في وادي النيل، بين شاعرين تلاقت مساراتهما الحياتية والشعرية وقع الحافر بالحافر. وإن كان الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم قد توج تجربته الإنسانية باختياره سفيرا للفقراء في عام 2007 من قبل المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأمم المتحدة، بيد أن شاعرنا السوداني محجوب شريف ما زال ينتظر المجتمع المدني والثقافي لينشط في طرح مبادرات لاختيار محجوب شريف سفيرا للنوايا الحسنة, كنوع من رد الجميل لشخص قدم الكثير للمجتمع السوداني, وما زال يساهم في إثراء المشهد الثقافي.
| |
|
|
|
|
|
|
|