|
لماذا هذا هو حال السودان وهو البلد الغني بموارده المتعددة؟ – دعوة للنقاش
|
إخواني وإخواتي الكرام، أود أن أدعوكم في هذه السانحة للتحاور والتشاور والنقاش بموضوعيةٍ وشفافيةٍ، ودون أيِّ تحيزٍ لأيِّ حزبٍ سياسي، أو عرقٍ، أو عقيدةٍ، أو ثقافةٍ بعينها، أريد أن أتناقش معكم كمواطنٍ سودانيٍ بسيط يتساءل عن أسباب الحالة التي آل إليها السودان، وأن أتناول معكم الأوضاع فيه منذ لحظة الإستقلال وحتى تاريخ اليوم ... حواراً جاداً .. بلا تعصبٍ لجهةٍ معينة، ولا مهاترة، ولا جدال ... حوار بين مجموعةٍ من السودانين الحادبين على مصلحة السودان الوطن الأم لنا جميعاً ... بحسٍ وطنيٍ بحت .. ولا شئ سواه ... ولنجعلها مناقشة في شكل "ندوةٍ إسفيريةٍ بشأن ماضي، وحاضر، ومستقبل السودان" ...
إن ما دعاني لطرح هذا الموضوع هو تساؤل ظلت أردده بيني وبين نفسي أولاً، ثم بعد ذلك، في كلٍ محفلٍ يدور فيه النقاش عن الشأن السوداني، وما آلت إليه الأوضاع في وطننا الحبيب ... وقد كان هذا التساؤل أيضاً أحد أهم أسباب حرصي على الإنضمام لجمعكم الكريم في هذا المنبر لعلمي التام بأن بالمنبر عددُ كبيرٌ .. وكبيرُ جداً من المحللين والخبراء السياسيين، والمثقفين الذين يمكن أن أجد عندهم الإجابة على تساؤلي الذي يؤرقني، وما زال ... وهو لماذا هذا حال السودان وهو الغني بموارده ؟
لقد حبانا الله عز وجلَّ بوطنٍ يعتبر من أكبر أقطار القارة الأفريقية مساحةً، وطنٌ تتنوع مناخاته وتتباين إبتداءاً من الصحراوي، وشبه الصحراوي، والبحر الأبيض المتوسط، والسافنا الفقيرة، والغنية، والمناخ الإستوائي، وشبه الإستوائي، وكل مناخٍ من هذه المناخات يسمح بزراعة محاصيل وفواكه متنوعة ... وطنُ يجري عبره أطول نهر في العالم ممتداً من جنوبه إلى شماله، ومن الشرق أيضاً، بروافده المتعددة، وطنُ مساحات أرضه الخصبة، والصالحة للزراعة، منبسطة على مدَّ البصر .. بشكلٍ أذهل الصينيين لدرجةٍ جعلت أحدهم يتساءل، متى قمتم بتمهيد هذه المساحات الشاسعة وتجهيزها للزراعة ... وكانت الإجابة هي ما أذهلتهم، إنها بهذا الشكل بطبيعتها، ولم تمسسها يد بشر ... ولم تستثمر بعد ... وتحسر الصينيون على هذه المساحات الشاسعة غير المستثمرة، وهم الذين يمهدون الأراضي في قمم الجبال وتحت سفوحها للقيام بزراعتها (وأنظر إليهم اليوم) ... وطن به كميات كبيرة من المعادن الثمينة .. فالذهب في الشرق، واليورانيوم في الغرب .. والنفط في كل بقعةٍ منه ...
لقد سمعت مراراً وتكراراً جملة "السودان سلة غذاء العالم" .. سمعتها وهي تتردد في أفواه الكثيرين من الأخوة العرب في الوطن العربي، سمعتها في مصر، وفي الإمارات .. فهي تدرَّس لنا ولهم في المناهج الدراسية، وهم عندما يرددونها لا يفعلون ذلك لتأكيدها، وإنما إستهجاناً منهم، وحيرة في حال السودان، والسودانيون وهم يروننا نتغرب ونهاجر ونبتعد عن وطننا .. ولسان حالهم يقول، لماذا نخرج من وطننا ونترك كل تلك الخيرات وراء ظهورنا، ولهم ألف حق في ذلك التساؤل ...
وأعود الآن بعد هذه المقدمة، لتساؤلي الأساسي، والغرض من طرح هذا الموضوع للنقاش:
لماذا هذا حال السودان وهو الغني بالموارد التي ذكرتها في المقدمة؟ ولماذا يعاني المواطن السوداني البسيط من شظف العيش ووطنه غني بكل تلك الموارد؟ لماذا لا، ولم يجد المواطن السوداني من الحكام والمسؤولين وأولي الأمر في السودان الرعاية الكافية التي تكفل له ولأسرته، ومن يقوم بإعالتهم، الحياة الكريمة، وتوفير الخدمات الأساسية له من تعليمٍ مجاني لأبنائه، ورعايةٍ صحيةٍ، وخدماتٍ إجتماعية مناسبة تكفيه شر، وحرج السؤال؟ ... ولا أعتقد بأن المواطن السوداني البسيط يطمح في أكثر من الحياة الكريمة في وطنه ...
(يتبع)
|
|
|
|
|
|