كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: مجتمع على حافة الانتحار: طعم الياس هذه الايام .. بقلم: بروفيسور عوض محمد احمد (Re: عبداللطيف حسن علي)
|
تغيرات كثيرة طرات على الناس لا تخطئها اعين اى مراقب فى الاونة الاخيرةتسلل الياس الى حياة الناس, و سادت اللامبالاة و انتابهم شعور غريب بالعدمية, و وسم كل هذا مخالف سكنات السودانيين و حركاتهم. يغادر الفرد داره و هو مهمل الزى, اقرب الى الاتساخ, اشعث الشعر كانه قضى ليلته فى مطمورة غلال. ثم يمتطى وسائل مواصلات بطيئة الحركة و مظهرها و مخبرها ينتمى الى عهد عاد و ثمود. و يصل بعد زمن طويل الى مقر عمله الكالح البائس و يستقر الى مكتب مترب, وسط رفاق مكفهرى الوجوه, يقضون وقتهم فى عمل قليل العائد و زؤساء يفرغون فيهم قهر من هو اعلى منهم. و الويل كل الويل للمراجعين و ذوى الاغراض ان تصادف ان استقبالهم جزء من (روتين) هذا الموظف. و يغادر هذا الموظف بعد دوامه الى منزل فقير يفتقد معظم اساسيات الحياة الكريمة, يزيده (قرفا) زوجة مشاكسة (من غلبها) و اطفال نافرين, فينتظر قدوم اول المساء ليدخل فى سويعات نسيان مع اصحاب من شاكلته, اما فى لعب الورق او فى تعاطى شئ اخر يعاقب عليه قانون العقوبات السزدانى. و هذا الموظف على بؤسه اسعد حالا من مئات الالوف من خريجى جامعات التسعينات العاطلين عن العمل بغير اى افق لاى امل قريب بالحصول على وظيفة و لو ادنى بكثير من (تاهيلهم). شباب مثل (الورد) فى اوج شباب عمر العشرين العجيب, يملاؤن البيوت و (لساتك) الشوارع (بلا شغل و لا مشغلة), يهرعون كالجراد الصحراوى نحو اى جديد بلا روية عسى ان يكون فيه الفرج: حزب جديد, مسابقات الهاتف الاذاعية, شركات التسويق الشبكى الغامضة. بل و تحول الموبائل من وسيلة اتصال الى محور حياة (24 ساعة) للشباب العاطل عسى ان يكون مفرغا للطاقات التى كان يجب ان تفرغ فى مهن يؤهلها لهم تاهيلهم الذى (اكل) معظم شبابهم الاول. صار للموبايل موضات و الوان و اكسية و اكسسوارات و اسواق نافقة و ذات رواج عجيب. و زاد الامر ان اوجدت شركات الاتصالات (نسبا) لها مع الموقع الاجتماعى الاشهر فى الشبكة العنكبوتية و هو موقع (الفيسبوك), فيدخل الشباب فى (شات) لا ينقطع اناء الليل و اطراف النهار. و حتى ربات الخدور فى البيوت غشتهن غاشية الياس. اهملت نساء السودان زينتهن التى سارت بذكرها الركبان. و صرت ترى الواحدة منهن ملتفة فى اطنان مترية من الدلاقين داكنة الالوان تلفهن من الاخمص و حتى الهام. بل و يتم اهمال البيوت و متطلباتها, و صرن كالمنبت: فلا هن ربات بيوت, و لا هن اساسا يعملن فى مهن يمكن ات تفيد اسرهن بعض الفائدة و هناك الطلاب فى التعليم العام او العالى, و هم يقضون سحابة نهارهم فى مدارس كئيبة خالية من اى مظهر من مظاهر حيوية الشباب, لا ميادين, لا مختبرات, لا مكتبات, لا شئ سوى معلمين ينتهرون (فى الهينة و القاسية) او امتحانات سيئة الاعداد و لا تقيس سوى مهارات الحفظ و التلقين. هذا هو حال الاغلبية هذه الايام, و لذا شاعت روح الياس و اللامبالاة و العدمية بين الكثيرين فى مختلف الاعمار. و صرنا اشبه بمجتمع على حافة الانتحار. و انسحب الناس و انكفوا على ذواتهم. و هرب المقتدرون و اصحاب المواهب و انصاف المواهب الى خارج البلاد, و نضب معين الابداع الا من المدعين. ربما يقدم القليلون على تنفيذ الانتحار المادى, لكن الكثيرين يعيشون فى حالة انتحار خفى و بطئ و رفض للحياة تسلمهم لسلسلة من الامراض (السايكوسوماتية) تنشل الايام و السنين من اعمارهم و هم لا يشعرون من اعمارهم ترى ما الذى اوصلنا لهذه الحال؟1. الوضع السياسى الخانق المحتقن الغير قابل لاى تغيير الا بثورة شعبية او بانقلاب عسكرى لا يزيد الامور الا مزيدا من السؤ2. الاوضاع الاقتصادية السيئة و اقتصاد السوق غير الرحيم الذى لا يلقى بالا لمتطلبات العاطلين و لا لبذل ادنى جهد من الدولة لضمان انسياب و لو الحد الادنى من خدمات التعليم و الصحة.3. التغيرات التى اصابت افراد المجتمع التى بعضها طارئ, و بعضها متاصل فى الشخصية السودانية نتيجة لتشبع الكل (من ساكنى المنشية و الرياض, الى قاطنى مضارب البطانة و بوادى بروح البدوية و خواصها و متطلباتها). شاعت روح الانانية و الاثرة, و فقد الكل روح المبادرة و فقدنا الرغبة فى اى عمل جماعى. و صار اى فرد يطلب عائدا انيا و منفعة شخصية من اى تحرك او عمل عام. فانصرف الناس من احزاب المعارضة و تكالبوا نحو حزب الحكومة لعلمهم انه الاقدر على ترجيح منافعهم الشخصية. و لا يخامرنى ادنى شك, انه فى الانتخابات الاخيرة و رغم ما حدث فيها من تجاوزات الا ان عددا مقدرا من الناخبين دعموا حزب الحكومة من منطلق براجماتى يغلب المنفعة الذاتية.4. تدنى القيمة الاجتماعية للعمل مع تدنى العائد منها (بل و صارت بعض المهن التى كانت يوما رفيعة مثل التدريس مجلبة للسخرية), و شاعت ايضا النزعة للكسب السريع بادنى او حتى بدون مجهود). و تثير ارقام الدخول الفلكية لبعض المغنين و لاعبى كرة القدم روح الغيرة من جهة, و روح الياس و القنوط لدى الاغلبية التى تعمل معظم ساعات اليوم من غير ان تتحصل على ادنى شروط الحياة الكريمة, و بالطبع فان سبل الكسب السريع و الكبير لا تتاتى دائما و فى اى مجتمع الا لقلة او افراد قليلين محظوظين. فيقع الباقون فريسة للياس و الاحزان.5. الحروب المتصلة التى عاشها السودان منذ مائة و ثمانى و عشرون عاما (منذ تفجر الثورة المهدية فى عام 1882م), الامر الذى جعل من حروب بلادنا هى الاطول على الاطلاق منذ خلق الله الارض و من عليها, و لم تتخللها الا هدنة الحكم الاستعمارى. هذه الحروب بقتلاها و جرحاها و مشردوها ودمارها اضافة الى انها جعلت من بلادنا الافقر على مستوى العالم, فان للمجتمعات التى تعيش فى طل الحروب المستديمة سيكلوجيتها المميزة لها: فتنتعش روح الانانية و(الحلول الفردية) و تزيد معدلات الانتحار و الانسحاب الاجتماعى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مجتمع على حافة الانتحار: طعم الياس هذه الايام .. بقلم: بروفيسور عوض محمد احمد (Re: abubakr)
|
Quote: شاعت روح الانانية و الاثرة, و فقد الكل روح المبادرة و فقدنا الرغبة فى اى عمل جماعى. و صار اى فرد يطلب عائدا انيا و منفعة شخصية من اى تحرك او عمل عام. فانصرف الناس من احزاب المعارضة و تكالبوا نحو حزب الحكومة لعلمهم انه الاقدر على ترجيح منافعهم الشخصية. و لا يخامرنى ادنى شك, انه فى الانتخابات الاخيرة و رغم ما حدث فيها من تجاوزات الا ان عددا مقدرا من الناخبين دعموا حزب الحكومة من منطلق براجماتى يغلب المنفعة الذاتية |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مجتمع على حافة الانتحار: طعم الياس هذه الايام .. بقلم: بروفيسور عوض محمد احمد (Re: abubakr)
|
Quote: الحروب المتصلة التى عاشها السودان منذ مائة و ثمانى و عشرون عاما (منذ تفجر الثورة المهدية فى عام 1882م), الامر الذى جعل من حروب بلادنا هى الاطول على الاطلاق منذ خلق الله الارض و من عليها, و لم تتخللها الا هدنة الحكم الاستعمارى. هذه الحروب بقتلاها و جرحاها و مشردوها ودمارها اضافة الى انها جعلت من بلادنا الافقر على مستوى العالم, فان للمجتمعات التى تعيش فى طل الحروب المستديمة سيكلوجيتها المميزة لها: فتنتعش روح الانانية و(الحلول الفردية) و تزيد معدلات الانتحار و الانسحاب الاجتماعى |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مجتمع على حافة الانتحار: طعم الياس هذه الايام .. بقلم: بروفيسور عوض محمد احمد (Re: abubakr)
|
Quote: و انسحب الناس و انكفوا على ذواتهم. و هرب المقتدرون و اصحاب المواهب و انصاف المواهب الى خارج البلاد, و نضب معين الابداع الا من المدعين. ربما يقدم القليلون على تنفيذ الانتحار المادى, لكن الكثيرين يعيشون فى حالة انتحار خفى و بطئ و رفض للحياة تسلمهم لسلسلة من الامراض (السايكوسوماتية) تنشل الايام و السنين من اعمارهم و هم لا يشعرون من اعمارهم ترى ما الذى اوصلنا لهذه الحال؟1. الوضع السياسى الخانق المحتقن الغير قابل لاى تغيير الا بثورة شعبية او بانقلاب عسكرى لا يزيد الامور الا مزيدا من السؤ |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مجتمع على حافة الانتحار: طعم الياس هذه الايام .. بقلم: بروفيسور عوض محمد احمد (Re: abubakr)
|
Quote: نحن كركاب طائرة مختطفة فقد خاطفوها البوصلة والمقدرة علي التواصل مع الارض ومع سكان الارض .. |
ايام مسيرة الاثنين ومابعدها والتي مثلت اقصي شكل للتعبير عما يحدث
من قمع ، كانت الحركة في الاسواق والاحياء عادية ، بل الاغلبية لم تسمع
بمسيرات اصلا ..ومن سمع بها لم يبدي اي اهتمام او تعليق !!
طيب نقول المطالبة بقوانين للتحول الديمقراطي ترف وحسب ..اها غلاء المعيشة
دا يكون امتحان من الله علي فسق جماهير الشعب السوداني ولا شنو يعني ..
والاختطاف دا يا ابوبكر ح يستمر اكثر من ثلاثة اجيال
هل يعقل اختطاف شعب علي مدي اكثر من عقدين ، هل اصبحنا مخصيين ؟
| |
|
|
|
|
|
|
|