|
هبوط غير اضطراري
|
كثر الحديث عن قضية الغناء الهابط، وفي الواقع ان الحديث عن هذا الموضوع لم ينقطع يوما ما، خاصة في الاوساط التي تزعم أنها تنشد اصلاح الشأن الثقافي، وهي قنوات الإعلام والمنتديات الادبية والثقافية. ولعل آخر هذا المساجلات، دارت عبر صحيفة فنون – وقد حاول بعض الموسيقيين والمغنيين، حاولوا، طوال الفترة الماضية ايهام الرأي العام بعدم وجود ما يعرف (بالاغنية الهابطة) لانه- وحسب زعمهم- لا توجد موسيقى هابطة. ومع عدم اقتناعي بهذا الزعم، لأن الموسيقى يمكن أن ترتقي بك الى عوالم روحية، وكذلك يمكن ان تهبط بك أسفل سافلين، وهذا امر معروف، فهنالك موسيقى تفتح لك آفاق التفكير والسمو، وبنفس القدر هنالك موسيقى لا تستطيع- معها- سوى ان تحرك أردافك. لكن اذا سلمنا جدلاً بأن الموسيقى لا يمكن ان تكون هابطة، نقول ان اهم ركن في الاغنية هو الكلمة الشعرية وهي الاساس الذي يبنى عليه اللحن ومن ثم الاداء، واذا كان هذا الاساس هابطاً ومبتذلاً من حيث الشكل والمضمون، فمن الطبيعي جدا ان ينسحب ذلك على كل البنيان. وما ادهشني ، هو ذلك الاعتراف (الفاحش) بالغناء الهابط، من بعض المطربين الذين ظهروا من خلاله وأفسدوا الساحة وأذواق الناشئة. فأحد هؤلاء يقول ان هذا الغناء هو الذي أوصله للجمهور وخلق له الشهرة والمجد وجعله يترك (الهندسة) من أجله، فكيف يطلب منه بعد ذلك ان يتركه. ومغنية أخرى اوضحت أن الغناء الهابط هو الطريق المعبد الى الجمهور، فهل يعني هذا ان الجمهور السوداني اصبح- برمته- هابطاً؟ وفي تقديري الخاص، ان التعامل مع موضوع (هبوط الاغنية) بهذه السطحية لن يقود إلا الى المزيد من الهبوط.! ان التعامل مع هذا الموضوع بمعزل عن كافة قضايا المجتمع السوداني، هو أول الاخطاء التي يتم ارتكابها، ومن الضرورة بمكان، ان نتعامل مع هذا الموضوع ضمن جملة القضايا والكوارث التي يعاني منها المجتمع السوداني وعلى رأسها الجهل والأمية.
|
|
|
|
|
|